عرض مشاركة واحدة
قديم 01-06-2007, 10:18 PM
  #1
صابر الأديب
عضو نشيط
تاريخ التسجيل: Apr 2007
المشاركات: 279
صابر الأديب is just really niceصابر الأديب is just really niceصابر الأديب is just really niceصابر الأديب is just really niceصابر الأديب is just really nice
افتراضي من مظاهر الحياة في الجنوب موضوع رقم 4

كانت مسؤولية المرأة حينذاك جسيمة ، حيث يتعذر العيش في منزل من غير امرأة ويطلق عليها دائما عمود البيت ( قيّمة البيت ) ، فالمرأة تتولى عملية طحن الحبوب بنفسها ، حيث تقوم بإدارة رحى الطحن ، وعادة ما تقوم بتلك المهمة بعد منتصف الليل . وكانت المرأة حينما تقوم بطحن الحبوب تطلق أهازيج وأناشيد بصوت عال يطرب لها الإنسان ، وهي أحيانا تعبيرات عن معاناة المرأة ، وقد يسمعها معظم أهالي القرية، فلا يقطع سكون الليل إلا تلك الأصوات المنبعثة من هنا وهناك . وكانت المرأة أيضا، تتولى مسؤولية إحضار الحطب من الأماكن البعيدة ، عندما ترى أن هناك حاجة للحطب اليابس ، تقوم بتقليم أغصان شجر الطلح ذات الأشواك الجارحة ، ثم تصفّ الأغصان وتربطها بحبل يسمى ( النسعة ) وهو مصنوع من جلود البقر ، ثم تحمل حزمة الحطب التي قد يصل وزنها إلى 70 كجم على ظهرها ، أمّا منظر الحزمة فيكون أشبه بحجم سيارة صغيرة .
حينما تعلو الحزمة ظهر المرأة المسكينة ، تمشي منحنية الظهر حتى تقطع مسافة محدودة ثم تضع الحزمة على شفير حفرة وتأخذ نفسا ، بعد ذلك تواصل السير وهكذا حتى تصل إلى البيت ، وقد تصل مسافة حمل الحزمة إلى ما يزيد عن 2 كم تقريبا . تضع المرأة الحزمة في مكان خاص يطلق عليه ( المحطابة ) وتكون المحطابة مصفوفة بطريقة يستشف الناظر إليها أهمية وقوة المرأة قبل رؤيتها .

ومن الأعمال الشاقة ، أن تقوم المرأة بإطعام البقر بيديها لقمة لقمة ، وزمن ذلك عادة وقت السحر قبل صلاة الفجر ، وتقوم كذلك باستخراج الجص من بعض الأماكن المعروفة لتنوير البيوت خاصة المداخل والنوافذ والسطوح باللون الأبيض . ومن المهام الأساسية لها ، إحضار طعام البقر والحمير والغنم ، إمّا بحش كمّ من البرسيم بوساطة المحش ( الشريم أو المكدّة ) وإمّا بذهابها إلى أماكن بعيدة لحش بعض الأعشاب ( الحشائش المعروفة لدينا والخاصة بالبهائم ) وتسمى هذه العملية بـ ( العراب ) .

تتولى المرأة مسؤولية تنظيف أماكن الحيوانات وتنظيف البيت والملابس وأدوات الطبخ البسيطة ، إلى جانب رعاية الأبناء ومساعدة الزوج في حراثة الأرض وسقياها .

لله درك أيتها المرأة الفاعلة ! ما أثقل مهمّاتك وما أجلّها ! لهذه الأسباب بدت المرأة كعمود البيت ، بل قيّمة البيت ... ! مع أن غذاء المرأة ليس سوى العصيدة أو خبز ( الميفا ) التنور ، أو خبز الرماد ( المرمودة ) أو العريكة مضافًا إليها السمن واللبن ، أمّا اللحم فلا يأكلونه إلا في عيد النحر ، أو أحيانا وقت العقائق ( الحفاد ) ومناسبات الزواج والختان . وقد يأكلون اللحم حينما توشك شاة أو بقرة أو عنز على النفوق ، فقبل موتها يذبحونها ويأكلون لحمها مع ما يصاحبهم من حزن وأسى شديدين لفقد تلك الواحدة من الماشية .
عندما ينفق الثور، تحلّ بالأسرة كارثة باعتبار الثور هو عصب الحياة وهو المعول الذي تعلق عليه الآمال بعد الله ، في الزراعة وإعداد الغذاء للأسرة .
صابر الأديب غير متواجد حالياً