مشرف مجلس التربية والتعليم
تاريخ التسجيل: Jul 2006
الدولة: نجد
المشاركات: 8,288

رد : أخبار الأحد الأقتصادية 04-02-2007
صحيفة اليوم
الفساد الإداري . . ظاهرة مرضية
عبدالله بن عبدالواحد الجبري
يعد الفساد الإداري ظاهرة مرضية خطيرة تهدد كيان المجتمعات. وهو وان استشرى بوضوح في الدول النامية، فقد لحق الدول المتقدمة نصيبها منه. وقد ورد ذكر الفساد في القرآن الكريم في عدة مواطن منها قوله تعالى: (ولا تفسدوا في الارض بعد اصلاحها) . . ويعبر الفساد الاداري عن سلوك مخالف للواجب الرسمي تحقيقا للمصلحة الشخصية دون اعطاء عنصري الامانة والمسؤولية اية اعتبار.
ان ظهور الفساد الاداري بمختلف اشكاله في اي مجتمع يعني انعدام القيم وانحطاط الاخلاق فيه، فالمجتمع الذي يسود منظماته الوازع الديني والاحساس بالمسؤولية والوعي باهمية العدالة لا نكاد نجد فيه مثل هذه الظاهرة وان وجدت فهي بنسبة متدنية.
ان الفساد الاداري بشكل عام هو سلوك اداري بحت، افرزته مؤثرات اجتماعية وشجعته فئات من المجتمع واعتبرته قيما اجتماعية لم تعد تستغرب، بل اصبحت تشجع عليه من قبل غالبية المجتمع. وما يقوم به بعض المديرين - هداهم الله - ممن حملوا امانة العمل ومسؤولية الواجب من اساليب تؤدي الى انخفاض مستوى الاداء والروح المعنوية بين مرؤوسيهم وتدني مستوى الانتاج ناتج عن تفشي مثل هذه الظاهرة في بيئات اعمالهم وانعدام الحس الوطني لديهم، فنجد بعض هؤلاء المديرين يسخر خبراته وقدراته وصلاحياته لتحقيق نزواته واشباع رغباته، فهو ان كان ذا خبرة واسعة فانه سيبتكر اساليب يصعب اكتشافها لتغطية مظاهر افساده، ويسخر خبراته في الانفراد باتخاذ قراراته، وان كانت لديه قدرة اقناعية سيميل الى توظيفها في الاقناع المغلوط، حيث سيقنع مرؤوسيه او الجمهور بان تحقيق مصالحهم لن يأتي الا من خلال ما يرتئيه لهم والذي قد يكون على حساب مصلحة العمل او العاملين على حد سواء. فبعض المديرين يقبل الرشوة ويحاول الغدر بالمال العام والاستهانة بالملكية العامة والبعض الآخر يتخذ من العنصرية والحزبية والتحيز والتمييز غير العادل بين مرؤوسية (فرق تسد) شعارا له.
ولاشك ان تلك الاساليب وغيرها الصادرة من بعض المديرين والناتجة عن نقص المهارات السلوكية والانسانية لديهم تجعل العاملين ينصرفون عن القيام باداء واجباتهم سواء جزئيا او كليا مع عدم بذل المجهود المتوقع منهم مما يؤدي الى عدم انتظام العمل و من ثم تدني مستويات الاداء والكفاءة.
ان ظاهرة الفساد الاداري ليست مشكلة في حد ذاتها بل سلوكا تولد ونشأ في ظل بيئة بيروقراطية سمحت له وبكل اشكاله وصورة من التفشي وتهيئة الفرصة لانتشار هذا الوباء الاداري من خلال الروتين المعقد والاجراءات الطويلة، واصلاح هذه البيئة يعد بمثابة الدرع الواقية لدرء هذا المرض .
الاداري المفسد شخص ليس لديه وازع من ضمير يردعه، فلو راقب الله في اقواله وافعاله لما اقدم على اي مخالفة لاتجيزها الانظمة والتعليمات ولاتتفق مع المثل والاخلاق الحميدة لذا فهذه الظاهرة تعد قضية اخلاقية ادارية تعبر عن مخالفة صريحة للانظمة والقوانين والاعراف والقيم الانسانية يستحق اطرافها العقاب، . هذه القضية المتهم فيها المدير المفسد ومن على شاكلته من مرؤوسيه،. والمدعي هو كل ضحية سلب حقها، والشهود فيها هم الضعفاء المتفرجون مكتوفو الايدي ممن لاناقة لهم ولا جمل، والقاضي هو من وضع ثقته في الاداري المفسد دون علمه المسبق بافساده. ولعدم ايصال حقائق ذلك الافساد له عبر القنوات الرسمية او غير الرسمية فان القاضي (المدير العام) لن يستطيع البت في هذه القضية ومن ثم لن يتم اصدار الحكم - الاداري - على المتهم، لذلك نجد ان اكثر قضايا الفساد الاداري في مجتمعنا هي قضايا ضد مجهول اوراق معاملاتها جعلت حبيسة الادراج تنتظر من يفرج عنها. اما الحكم الشرعي في حق هذا الاداري المفسد فينبغي تطبيقه عليه دون هوادة اجتثاثا للشر واحقاقا للحق والعدل وردعا لامثاله ممن تسول له نفسه الاقدام على مثل ذلك.