![]() |
( أخـيراً ....... آنَ لـي أنْ أقـولَ ... وداعـــــــــاً ...)
( أخـيراً ....... آنَ لـي أنْ أقـولَ ... وداعـــــــــاً ...) قـال الـراوي : سـنواتٌ تتوالـى ، ويطـاردُ خـلالها الـليلُ النهـارَ ، ولا يسـبق الشـمس القـمر ، وأنا أتقـلب فـي عـذاب ، ثم أكتشـف في النهـاية أنـي كـنت أتعلـقُ بسـراب !! سـنواتٌ وعـيني عـلى هـذا قـد يمـد لـي يداً ، أو ذاك أن يقـفَ إلـى جـانبي ، لأخـلص ممـا أنا فـيه ممـا يثقـل كاهـلي ، وينـؤ به حملـي .. سنـواتٌ كـثيرة وأنا أشـبه ما أكـونُ بإنسـانٍ يصـارعُ أمـواجَ البحـر، في جهـد جهـيد ، ويوشـك علـى الغـرق فـي كـل لـحظة ، ويخـبط في كـل اتجـاه في جـزع المـفزوع ، الـذي يتراءى لـه شبـح المـوت قـريبا منه ..!! وتبقـى عـينه تتلـفت تبحث عـن مـغيث ، وكلـما رأى خشـبةً تلوحُ ، ظلـت عينه عليها ، ويخـبط بيديه ورجلـيه إليها ، ويجـهد للوصـول نحوها ، فـإذا وصلها ، اكـتشف أنها أوهـى من خيوط الـعنكبوت ، سرعـان من تذوب بين يديه ، ويشـرب مـلْ فـمه من ماء الـبحر الـمالح !! ويعـود ليخبط من جـديد ، في جـهد جهيد ، يئن ويتوجـع ويصيح ، وعيـنه لا تزال تبحـث هنا وهـناك ، فـإذا لاحـت خـشبةٌ أخرى قـال : هـذه أكبر !! هذه هـي لا غيرها ..!! وتبقـى عينه معـلقة بها ، خشية أن يفقـدها ، ويخبـط إليها في ضـراوة ، ويصـارع أمـواج البحر في شـراسة ، حـتى إذا وصـلها ، واتكأ عـليها لم يجـدها شيئاً ، سـرعان ما تنهـار تحـت يده ، وتذوب بين يديـه كـما تذوي قطعـة سكر أسقطتـها في الـماء !! فيجـد نفسـه قـد غاص ، وأخـذ يشرب من مـاء البحـر المـالح من جديد !! سنـوات والوضـع على ما هو عـليه ، والصـراع على اشـده ، فلا هـو كف عن متابعـة تلك الأخـشاب التي كـلما لاحـت صـاح : هـذه أقوى ، هذه أكـبر ، هذه هي منـقذتي !! يجدهـا تنهار كـأخواتها ..!! لا هـو كـف عن هذا التعـلق بخـيوط العـنكبوت ، التي تظهـر له في صـورة أخشـاب قوية !! ولا مـا يعـاني منه خـفت وطـأته على نفـسه ..! قــــــــــال الـراوي : ذات يوم خلـوت بنفـسي أفكر في حـالي ووضعي ومـأساتي ، وأنا أرى الأيام تكـر ، والليـالي تتوالـى ، ولا أكـاد أقـرب من حـل لهـذه المعـضلة .. وبينمـا كـنت أدير الفكـر لمدة ساعـة تقريبا ، وفجـأة سمعـتُ هاتفـاً ، لا أدري هـل كنت سـاعتها قد نمـت ، أم أنها غفـوة وأنا في حـال صحـو ، لكـن الهاتف كـان واضحـا ، ونبراته مـؤثرة ، وقـوية ، قـال الـهاتف : اذبحْ حـنجرةَ الطمـع ، بسكـينِ اليأس .. !! وكـررها وأعـادها : اذبحْ حـنجرةَ الطـمع بسكينِ الـيأس ..!! وانتبهـتُ لها ، ووجـدتُ نفسي أردد تلك الـجملة ، بل وجـدت لها صـدى قـويا في قـلبي ، وكـأني بها تتردد عشـرات المـرات في صـدري ، بل كـأني أسمع صـدى ذلك الصوت ، يتردد في كـل زاوية من المكـان الـذي كنت أخـلو فيـه !! اذبـح حـنجرة الطمـع ، بسكين الـيأس ..! وشعـرت بانتشـاء ، وقلـت : الآن حـصحـصَ الحـق ..! ولـما خـرجت بادرت أرفـع عـيني إلى السمـاء ، فـكأنما رأيت تلك العـبارة بعينـها مكتـوبة في كبـد السـماء ، بخـطٍ من نـور : اذبح حنجـرة الطـمع ، بسكين اليـأس ..!! قــال الـراوي : ويشـاء الله سبحـانه أن ألـتقي بأخـي الأثير إلى نفـسي ، الذي أعــتبره شيخـي ومعلـمي ، رغـم أن فـارق الـسن ليس كـبيرا بيني وبينـه ، لكـن الله قسـم له علمـا وحكمـة ومنطقـا .. فهـو يتلألأ إذا تحـدث ، كـأنما يغـرف من السمـاء مـباشرة !! حـدثته عن قـصتي من أولهـا إلى آخـرها ، حتـى وصـلت به إلى تلك العـبارة ، فتهلل وجـهه وهو يسمعهـا ، وأعـادها مـرتين أو ثلاثاً .. ثم قـال : يريد الله بك الخـير في جميـع حـالاتك .. حـين أوقعـك في هذه الحـالة من الـشدة .. فقـد أراد بك الخـير .. وحـين مـنع عنك تلك الأسـباب ولم ينفعـك مـنها شيء ، وخـذلتك أحـوج ما تكـون إليها ، فـهذه رحـمة مـن الله ، حـق لك أن تشكـر الله عـليها .. وهـالني ما سمـعت .. وطلـبت التوضيـح .. فقـال : يتبع.................. |
التكملة وأسف جداً على طول المقال تحملونا بارك الله فيكم وأحتسبوا الأجر من الله ... أما خـذلان الأسـباب لك ، فحـتى لا يتعـلق قلـبك بها دون الله ، فـقد قـالوا : إذا أردت أن تستعبـد إنسـاناً فـأحسن إليـه ... وربك لا يريد أن يستعـبد قـلبك أحـد سـواه ..!!قـال الشاعـر : أحـسنْ إلى الـناسِ تستعـبد قلـوبهمُ ** فطـالما استعـبدَ الإنسـانَ إحساـنُ نعم ما استعـبد الإنسـان شـيءٌ مـثل الإحسـان .. ولعـل الله علـم أنك ممن يستعبدهـم إحـسان الناس إليهم ويأسـرهم ، فأراد أن يعـافيك من هذا الـبلاء ، فـصرف عـنك فـكر وهمة تلك الأسـباب .. وفي المـقابل ضيق عـليك ما أنت فـيه ، وشدد الخنـاق .. ! أتدري لـماذا ؟ بادرت اقـول : لأجرب التعلـق بأسباب أخـرى جديدة ، لـعل وعسـى .. فضـحك صـاحبي وقال : قد اتفقـنا أنهـا أشبه بخيـوط العنكـبوت ، لا تحـمي نفسها فـضلا عن أن تحمـي غـيرها .. بل صـرف عنك تلك الأسـباب رغم تعـلقك بها ، وضـيق عليك ، ليحـوشك بهذه وهـذه إليه وحـده ...!! فـلا تجد لك مـلجأ إلا كـنفه ، ولا ترى لك مهـربا إلا إليـه ، ولا يتعـلق قـلبك قلـيلا أو كـثيراً إلا به وحـده .. وهـذا هو سر مـا ابتلاك به .. أعـني حـين أوقعك في هـذه الشدة بأقـداره التي لا يد بك فـيها .. فـاعرف فـضل الله عليك .. أحـسب أن الله يريد أن يستخـلصك له وحـده ، وتأبى أنت إلا أن تتعلـق بالظـل الزائل ، وتتمسـك بأخشـاب هي بنفسهـا تحـتاج من يسنـدها ..!! وجـه وجهة قـلبك نحو الله وحـده ، لا تلتفت بقلـبك إلى شـيء دونه ، فـإن صـدقت الله فـي هذا ، فثق أن تلك الأخـشاب بعينها ، سوف يسـوقها موج الـقدر إلـيك حيـثما كنت وهـي راغمة !! ألـم يعدك الله وعـدا حـاسما قـاطعا واضحـا حين قال : ( وَمـَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجـْعَلْ لَهُ مَخْـرَجاً) ( وَمَـنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَـلْ لَـهُ مِنْ أَمـْرِهِ يُسْـراً) والآيات كـثيرة .. فـاتق الله عـز وجـل ولا تعلق قـلبك بسواه ، وأبشـر بكل خـير ..فقد جـاءك الـفرج من حيـث لا تحـتسب .. فالخـطبُ ما زادَ إلا وهـو منتقـصٌ ** والأمـرُ ما ضـاقَ إلا وهو منفـرجُ فـرّوحِ النفسَ بالتعـليل ترضَ به ** عـسى من ساعـةٍ إلى سـاعةٍ فـرجُ ثم اعـلم أنه قـد ورد في الحـديث الشريف : أن انتظـار الـفرج عـبادة .. ! فـأنت في عبادة متصلـة ، فـكن مـوصول القـلب بالله ، ولا تصـرف قـلبك إلى شـيء دونه ..! قــــــال الـراوي : شكـرت أخـي وانصـرفت ، وأنا لا تسعـني سـماء ولا أرض !! ورأيتني كأنمـا خرجت فجـأة من قلب الـبحر الـمتلاطم ، فـإذا بي على الشـاطئ ، تداعب وجـهي نسائم البحـر اللطـيفة ، وتغـسلني أضواء الـسماء المنعكسـة على صفحة المـاء ، وإذا بي أتنفس الصـعداء ، وعـيني تتابع تلك الأخـشاب الطـافية هـنا وهناك ، يحـسبها الظمـآن ماء حـتى إذا جاـءها لم يجدهـا شـيئا .. !! أخـذتُ هذه المـرة أتبعها بنظـري في استعـلاء ، وقد نفضـت يدي منها بالكـلية ، وعلـقت قلبي بمـولاه وسـيده ، ووجـدت نفـسي أقـول لها في انتشـاء وبصـوت عالٍ جداً : وأخـيراً .. آنَ لـي أن أقـول .. وداعـاً ..وداعـاً ... وداعـاً أيتها الأخـشاب ! ثم أدرت ظـهري للبحـر ، غـير أني رأيت عجـباً ..!! لـم اسر في الاتجاه المعـاكس للبحـر ، بل رأيتنـي أسـير نحـو السماء صـعداً !! وكلمـا صعدت خـطوة ، شعـرت بانتشاء أكـبر ، وطـمأنينة أعـمق ، وراحة أوسـع .. كـنت أواصـل الصعـود ، بلسـان لا يفتر عن ذكـر الله سبحـانه ، ولما نظـرت بعيني إلـى الأسفـل ، رأيت تلك الأخشـاب تصـغر وتصغـر ولا تزال تصـغر حـتى تلاشـت ، ثم رأيت البـحر نفسه يضـيق ويضيق ، ولا يزال يضـيق حتى اخـتفى هو الآخـر ، ثـم رأيت الأرض كـلها بمن عـليها تتضـاءل وتتضـاءل ، ولا تزال تتضـاءل حتى لـم أعد أراهـا بالكلـية !! وابتسـمت في فـرح غـامر ، أحـسبه لـو نثرته على هـذا العالـم لغـطاه من أقصـاه إلى أقـصاه !! وأخـذت ألهـج بالحـمد والشكر لله الواحـد الأحـد ، الـذي بيده مقـاليد كل شـيء ، أحمـده على ما سـاق إلـيّ من بلاء , وأحـمده على أن قـطع عـني تلك الأسـباب فلـم أنتفع مـنها بشيء .. وأحمـده أن سخـر لـي ذلك الأخ ، وأحـمده على أن متـعني بهذه النعـمة التي تهـز قلـبي في هذه اللحـظة .. ثم أخـذت أتضـرع إليه أن يرزقـني الـثبات حتـى الممـات ، لألقـاه يوم ألـقاه وهـو راضٍ عنـي .. المعذرة على الإطالة .. والله ولي التوفيق .. |
جزاك الله كل خير اخوي سعد وبارك الله فيك
والف شكر لك ولقلمك الذي لايصوغ الا الدرر والجواهر الثمينة . وتقبل مني اعذب وارق تحية ويعطيك العافية . |
أخي الحبيب الغالي . . سعد بن حسين ..
بالفعل احترت معك .. لا أدر ي أي مواضيعك أفضل من أخيه .. إنه من المعلوم دوما ً أن الأشياء تتفاضل و تتفاوت ... وإنه من الرائع فعلا ً أن تتسابق مواضيعك على القمة تزاحم بعضها بعضا ً. .. أخي الحبيب .. شكرا ً لله تعالى ... ومن ثم الشكر له مرة أخرى على الأقدار الرائعة الطيبة التي أتت بك يا غالي لتكون ممن يشاركون في الخير و نشر الأمل و نشر المودة بين الناس ... أخي الحبيب .. لا أخفي عليك لقد تعجبت كثيرا ً بل و خفت كثيرا ً من عنوانك .... !!!!!!!! سبحان الله .. من ذا الذي يقول لنا وداعا ً.. !!! من ذا الذي سيغادر ساحتنا .. !!! من ذا الذي سيعز عليه فراقنا .. !!! من ... من هو .... سعد بن حسين ..... !!!!!!!!! فدعوت الله ألا يكون يقصد ما يقول .... ولله الحمد .. حقق ربي لي رجاءي ببقائك بيننا ... و الحمد لله أنك كنت تودع تلك " الأخشاب " .. و أنا أقول معك .. وداعا ً أيتها الأخشاب .. وداعا ً ... و من ثم أقول ... لا حرمنا الله تعالى من تواجدك الطيب بيننا أخي الحبيب سعد ... و أسأل الله تعالى أن يجعلك ذخرا ً لنا و للمنتدى .. وفقك ربي و رعاك .. و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .... |
أخي الحبيب الفاضل/ابو ملاك......... رعـاك الله وحفظـك حـيثما كـنت أسـأل الله سبحانه كما مـلأ وجه هـذا الـنهار بالضـياء والإشـراق أن يمـلأ قـلبك كـله بنور معرفتـه ونور محـبته سبحانه حتـى يتوهـج قـلبك بمحـبته جل جـلاله ... فـلا يلتفـت إلا إليـه سبـحانه .. ولا يتعـلق إلا به وحـده .. اللهـم آمين شكـر الله لك هـذه المتابعـة الواعـية الرائعـة ..وعلى دعواتك الطيبة وكثرمنها .. وأسـأل الله الكـريم أن ينفـعك بما تقـرأ ، لتنفع غيـرك كـذلك لا تنسى أخوك من دعـواتك الطـيبة المـباركة .. لعـل الله ينفعـني بها ... |
أستغفر الله العظيم .. أخي الحبيب الفاضل قدوتنا/ هاني صقر السلفي.... أعلــى الله مــقامك في الـدارين ابتداء .. اسـأل الله أن يغمـر هذا القلـب الممـلوء طـيبة بالنـور .. حـتى يذوق هذا القلـب حـلاوة الأنس بالله ولـذة الإقـبال على الطـاعة أخـي الكـريم الحـبيب .. شكـر الله حسـن متابعـتك .. ثم نسأل الله أن يرزقنا وياك الإخلاص في القول والعمل .. ويجنبنا الرياء والنفاق ..وأستغفر الله العظيم .. فحسـبي أنني اجتهـدت .. وحـسبي أنني أردت الخـير ما استطـعت .. حسبـي أننـي نويت .. ولكـن ما يخيـفني أن تكـون النـية في واد ،والفـعل نفسـه في واد آخـر ..نسأل الله القبول .. أخي الفاضل /هاني. ومهما نسجت من تعابير لن أستطيع أن أوضح لك عن مدى سعادتي لأن الله رزقني بأخ مثلك .. وإن شاء الله نكن في هذا المنتدى أخوه متحابين في الله ونفيد بعضنا بعض ونسأل الله أن يجمعنا على خير .. وجــزاك الله خـير الجـزاء على كلمـاتك الطـيبة المعـطرة أسـأل الله أن أكـون خـيرا مما تظـنون ، وأن يغـفر لي ما لا تعـلمون وأن لا يؤاخـذني بما تقولـون .. تقـبل تحيتـي المعـطرة ، وخـالص دعـواتي .. ولا تنساني من دعـائك يا أخي الـحبيب |
كلامك والله ذهب سبحان من أعطاك هذا الأسلوب اللهم لاحسد ..
أحمد الله في ذلك يالحبيب سعد وأعلم أن لك متابعين فلا تتوقف .. وأنا أولهم يشهد الله في ذلك تحياتي وأشواقي الحاره |
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الحبيب سعد ماشاء الله علي هذا الكلمات الرائعه التي تدل علي أن كاتبها من الطراز النادر في طرحه للمواضيع . الله يعطيك العافيه . أخوك ابومصعب |
الساعة الآن 04:19 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
جميع الحقوق الأدبيه والفكرية محفوظة لشبكة قحطان وعلى من يقتبس من الموقع الأشارة الى المصدر
وجميع المواضيع والمشاركات المطروحه في المجالس لاتمثل على وجه الأساس رأي ووجهة نظر الموقع أو أفراد قبيلة قحطان إنما تمثل وجهة نظر كاتبها .
Copyright ©2003 - 2011, www.qahtaan.com