(أسرار قتل الأطفال الرضع في غزة )جزء من خطبة الجمعة
 

(أسرار قتل الأطفال الرضع في غزة )



أيها المسلمون : وبعد حرب دامت أكثر من عشرين يوما من قبل اليهود على المسلمين في غزة ، قتل فيها أكثر من 1300 مسلما ، في حين زاد عدد الجرحى عن 5400 جريحا ..

وقال مسعفون شاركوا في انتشال الجثامين ، إنهم رأوا مشاهد تقشعر لها الأبدان ، وأن غالبية الجثامين بدت مقطعة إلى أشلاء ، وتظهر عليها بداية علامات التحلل ، وتنبعث من تلك المناطق روائح كريهة ، مشيرين إلى أن غالبية الجثامين التي عثر عليها كانت لأطفال ونساء مكثوا في بيوتهم مع بداية القصف.

أيها الإخوة في الله :

لقد كشفت حرب اليهود على المسلمين في غزة للعالم بأسره .. عدة أمور مهمة ، على كل مسلم أن يستوعبها استيعابا جيدا للعمل على ضوئها في مستقبل حياته ..

وفي هذا اليوم المبارك ، سيدور الحديث عن بعض الحقائق التي كشفت عنها الحرب في غزة .

أهم حقيقة كشفتها الحرب : هي أن الهجوم اليهودي على أهل غزة ، ليس حربا على منظمة حماس ، بل هو في الحقيقة رمز للهجوم على الإسلام الحق الذي يرفع راية الجهاد للدفاع عن دينه وعرضه ووطنه..

وما حصل في غزة مشهد يتكرر في جميع أنحاء العالم ، حيث نجد الهجوم الصليبي على المجاهدين في أفغانستان والعراق والصومال والسودان والشيشان والفلبين واريتريا وغيرها من بلاد المسلمين ، واستخدامهم لنفس آلية الحرب وأدواتها .

أما المسلمين الخائفين المتخاذلين فلا قيمة لهم عند الأعداء ، ولا يحسبون لهم أي حساب ، اللهم عند استخدامهم لتنفيذ خططهم عند الحاجة . فهم كالنعال أكرمك الله تستخدم للدوس عليها عند المشي ، وفي النهاية ترمى في مكان الأحذية ، ثم تستخدم مرة أخرى عند الحاجة وهكذا .. وعند عدم الاستفادة منها ترمى في أماكن الزبالة ولا كرامة ، ولم يُفكر في الخدمات التي قدمت لأصحابها .. والتاريخ القريب يشهد بهذا ويثبته .

وهذا الحدث مؤشر إلى أن الحرب اليهودية والصليبية حرب دينية ، وتنطلق من معتقدات دينية راسخة في عقول أولئك الأوغاد ..يسيرون عليها في سلمهم وحربهم ..

وفي هذا رد على المتخاذلين من المسلمين ، الذين خدعهم الكفار بادعاء التخلص من الدين ، والعمل على نشر العلمانية في بلدانهم والبلدان التي يحتلونها .. وكما فيه رد أيضا على من يتبنَّى الخط الرسمي لبعض الحكومات فيما يخص الصراع الإسلامي الصهيوني والقضية الفلسطينية ، وينفي أيِّ بعدٍ دينيٍّ للصراع والقضية.

وهولاء يقال لهم : إن من الجهل ، وأحيانا من العمالة والخيانة استبعاد الجانب الديني في حرب اليهود والنصارى على المسلمين . بل الجانب الديني أساس في تلك المعركة الشرسة .

ومن تتبع الصحف لوجد أن الحرب على المسلمين بشكل عام حرب دينية بحته .. وفي الحرب على غزة واضحة كل الوضوح ..ومما يثبت ذلك ..ما يلي :

أولا: ظهور صور الجنود والضباطٍ الصهاينة في الصحف وبعض المحطات ، وهم يقرؤون التَّوراة ، أو يصلون على دباباتهم وبجوار ذخيرة مدافعهم ..

ثانيا : صدور الفتاوى اليهودية لقتل كل أهل غزة بدون استثناء حتى حيواناتهم ، وهدم منشآتهم ومنازلهم حتى مساجدهم .

ومن تلك الفتاوى ما يلي :

نقلت صحيفة (المعاريف) اليهودية في عددها الصادر في 7 يناير 2009م عن إيلي يشاي زعيم حزب شاس الصهيوني الديني النص الآتي: "هناك حاجة ماسة من قِبَلِ "إسرائيل" لنشر حالة من الرعب والفزع في غزة.. يجب تسوية القطاع بالأرض وسحقه عن بكرة أبيه؛ حتى لا يجدوا سبيلاً لشغل أنفسهم بنا بعد ذلك".

ونشرت صحيفة (الهاآرتس) اليهودية يوم الاثنين 12 يناير الحالي فتوى لحاخامات صهاينة قالوا فيها إنَّه "يتوجب على اليهود تطبيق حكم التوراة الذي نزل في قوم عملاق (أحد الأقوام التي ورد في التوراة أنها حاربت اليهود) على الفلسطينيين، وهو الحكم الذي ينص على قتل الرجال والأطفال وحتى الرضع والنساء والعجائز منهن، وسحق البهائم".

نشرت صحيفة (اليديعوت أحرونوت) يوم الاثنين 19 يناير فتوى للحاخام شموئيل إلياهو رد فيها على سؤال مفاده: "هل يجوز قتال النساء والأطفال في الحرب؟!"،
وقال إلياهو حرفيًّا: " في حال ما يكون هؤلاء الأطفال والنساء وسط الرجال من أعداء "إسرائيل"؛ فإنه من المباح أن يقوم الجيش بما قام به البطل التوراتي اليهودي "شمشون" من هدم المعبد فوق رأس الجميع بلا تمييزٍ".

وأخيرا فهذا الحاخام يسرائيل روزين رئيس معهد تسوميت أحد أهم مرجعيات الإفتاء لدى اليهود قد أصدر فتوى مماثلةً في 26 مارس 2008م الماضي، عقب بعض الهجمات التي تعرَّض لها قطعان المغتصبين الصهاينة في القدس المحتلة، وقال فيها: "يتوجب تطبيق حكم عملاق على كل من تعتمل كراهية "إسرائيل" في نفسه". وتلا روزين الحكم الذي يقول- بحسب توراتهم-: "اقضوا على عملاق من البداية حتى النهاية.. اقتلوهم وجرِّدوهم من ممتلكاتهم، لا تأخذكم بهم رأفة، فليكن القتل متواصلاً.. شخص يتبعه شخص، لا تتركوا طفلاً، لا تتركوا زرعًا أو شجرًا، اقتلوا بهائمهم من الجمل حتى الحمار".

أيها الأخوة : يبدو أن هذه النقولات الحديثة : تثبت أن الحرب على المسلمين حرب دينية .. وهنا تجد الإشارة إلى أمرين :

الأمر الأول هو : أن فيما سبق رد على العلمانيين والجهلة الذي ينتقدون منظمة حماس لتحويلها الصراع مع اليهود إلى حرب دينية .. فهذا قول ساقط وجاهل ، إن لم يكن قول عميل وخائن .

ثم إن فيها ضرورة الاستعداد للمواجهة مع العدو القادم سواء كان يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا ..

لابد أن نهتم بالجانب الديني في حياتنا اليومية ..الوقت وقت جد أيها الإخوة ، والأيام القادمة قد تطول وقد تقصر تحمل في ثناياها الشيء الكثير ، خصوصا بعد الحرب الأخيرة ..

فذلك الهجوم على المسلمين في غزة ، وذلك الانتصار للمسلمين ، سوف يغير مجرى التاريخ والعلم عند الله ، كما غيرت أحداث الحادي عشر من سبتمبر أحداث التاريخ ، وربما أكثر بكثير ..

فلابد من عودة الجميع بشكل جاد إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم قراءة وحفظا وتطبيقا في المشاعر والسلوك .

ولا من النشاط الجاد في الدعوة إلى الله تعالى بكل الوسائل الممكنة ، سواء للناس في الداخل أو في الخارج.

فالرجوع إلى الدين هو المخرج الوحيد لرفع الذل الحالي عن الأمة ، والذي تمثل في بقاء ملايين المسلمين مكتوفي الأيدي ، وهم يشاهدون إخوانهم تدك عليهم بيوتُهم ، ويقتلون أبشع أنواع القتل ، ومع ذلك لا يستطيع أحد من المسلمين نجدتهم

ومما يثبت ذلك ما رواه ابن عمر –رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ولفظه: "إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع ، وتركتم الجهاد ؛ سلط الله عليكم ذلا ، لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم". رواه أحمد، وأبو داود..

إخواني : ديننا هو حياتنا ..هو نجاتنا .. هو منقذنا في الدنيا والآخرة .. وهو موجود لدينا والحمد لله .. ومع ذلك فالتقصير حاصل من الجميع ، وذلك بسبب الطبيعة البشرية ، ولوجود الشيطان وجنوده ، وبسبب الرفاهية التي نعيشها ، والدنيا التي فتحت علينا ..

فلا بد من وقفة جادة مع النفس ، والعمل على تقوية الوازع الديني في نفوسنا ونفوس أبنائنا ، بكل الطرق الممكنة ..سواء كان ذلك بترك المعاصي وتطهير البيوت من المنكرات ، أو بتعلم العلم الشرعي بالطرق المختلفة ، ثم بتطبيقه في حياتنا ، وبذلك ننجو ونفوز في الدنيا والآخرة ..تماما كما فعل الصحابة الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم .

وأهم شيء الشعور بالتقصير في جنب الله تعالى دائما ، والحرص على بلوغ أعلى الدرجات في الدين .. وعدم الغرور بركعات نؤديها ، أو بدريهمات ننفقها ..

أيها الفضلاء :

أما الأمر الثاني : الذي ينبغي التفطن له بعد أن تأكدنا أن الحرب على غزة حرب دينية ..هو أنه لا يمكن أن يوقف اليهود عن عدوانهم وتسلطهم على المسلمين إلا الجهاد .. والجهاد الذي يدعو إلى أن تكون كملة الله هي العليا..كما فعل المسلمين في فلسطين ..

الجهاد هو الحل الوحيد لوقف طغيان العدو الصليبي واليهودي ، وهو الوحيد الذي يجعلهم يحترمون الإسلام والمسلمين .. وهذا هو السر في حرب أمريكا على المجاهدين في العالم ، ووصفهم بالإرهابيين .

الأمر الثالث الذي ينبغي التفطن له بعد ما علمنا أن الحرب على المسلمين في فلسطين حر بدينية .. هو التأكيد على فشل كل المعاهدات والمبادرات والحوارات والمؤتمرات التي تنادي بالصلح مع اليهود ن وتدعوا إلى التعايش بين الشعبين.

بل تعتبر كل تلك المعاهدات والمحاورات تخديرا للأمة ، وتأخير لها عن طريق النصر .. وتمكينا للعدو أكثر مدة ممكنة في بلاد المسلمين ..

أيها الإخوة : لقد بين ربنا سبحانه وتعالى طبيعة المفاوض الكافر فقال { كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً ، يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ {8} وقال تعالى مبينا نقضهم الدائم للعهود { أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْداً نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ }البقرة100

وعليه فلا ننشغل بكل تلك المعاهدات والمؤتمرات ، ولا نظن بها خيرا ، بل نعتبرها مؤآمرة على القضية الإسلامية ، والشعب المسلم ، والقدس الشريف ..

بارك الله لي ولكم في الكتاب والسنة ، ونفعنا بما فيهما من العلم والحكمة ..وجعلنا من عباده الصالحين المصلحين .. وغفر الله لنا ولوالدينا إنه سميع مجيب


جزء من خطبة الجمعة لفضيلة الشيخ مشبب بن فهد القحطاني

رد : (أسرار قتل الأطفال الرضع في غزة )جزء من خطبة الجمعة