شبكة قحطان - مجالس قحطان - منتديات قحطان - لماذا يبتسم الإماراتي وينتحب السعودي

لماذا يبتسم الإماراتي وينتحب السعودي؟

موضوع جميل وحبيت ان أنقله لكم من جريدة الوطن للكاتب المميز
* كاتب سعودي عبدالله المغلوث*
http://www.alwatan.com.sa/daily/2007-01-12

يصل خالد إلى مقر عمله في منفذ البطحاء الحدودي مع دولة الإمارات العربية المتحدة متأخرا. وهو يجرجر قدميه ببطء شديد كأنه يحمل سيارته على ظهره. في حين تتدلى رقبته، ويكاد يسقط رأسه.
يؤدي عمله برتابة شديدة وحزن بالغ يعكسه وجهه الملطخ بالحزن والصدأ إثر الدموع المالحة التي يذرفها جراء افتقاده لأمه المريضة، وعائلته التي ترفض الإقامة معه في المدينة السكنية الخاصة بالمنفذ الحدودي.
هناك عشرات المواطنين الذين يشبهون خالد، ويعيشون حياة خالية من الفرح في منفذ البطحاء، الذي يبعد 280 كلم عن الأحساء، (شرق السعودية).
فالمنفذ الذي يستقبل نحو ألف شاحنة يوميا. ويقطنه نحو 2000 موظف يفتقر إلى المرافق، والخدمات الأساسية، والمساندة.
فالكثير من العوائل والأطفال الذي يقطنون المدينة السكنية في المنفذ يواجهون ظروفا صعبة ألقت بظلالها على وجوههم التي يخيم عليها الظلام والأرق.
فلا يوجد في المنفذ مركز صحي متكامل، ولا حديقة تتنفس فيها الورود و الأطفال. لا توجد أسواق، وبنوك، ومكتبات. لا توجد سوى الدعوات التي تطلقها الأمهات الصالحات في هزيع الليل، ومطلع النهار.
عندما تزور البطحاء، ستحسبك في سرادق عزاء شاسع. الحزن تسكبه العيون والحناجر بسخاء.
يخبرني أحد الموظفين بأن زميله يواجه صراعا موسميا مع زوجته أثناء العودة إلى مدينة البطحاء بعد كل زيارة يقوم بها لمسقط رأسه الدمام. فهي تعتقد أنها ستلقى حتفها إما في الطريق (ذي المسار الواحد) المؤدي إلى المنفذ، أو في المدينة الفارغة من الأطباء.
موظف آخر يخشى على مستقبل أبنائه، فهو لا يستطيع أن يجعلهم يترعرعون بعيدا عنه، ولا يستطيع أن يسلمهم للفراغ الكبير في البطحاء.
الفراغ الكبير. اسم يتردد كثيراً في البطحاء. يخشى الجميع أن يهاجمهم على حين غرة. فهو يتربص بهم ريب المنون. ويخطف فلذات أكبادهم على مرأى منهم دون أن يحركوا ساكنا.
فالعديد من أبناء موظفي منفذ البطحاء تعثروا دراسيا، وعاشوا سنوات عصيبة بسبب غياب أولياء أمورهم إثر ظروفهم العملية، أو بسبب عدم توفر المناخ الصحي في المدينة السكنية.
وما يزيد شعور السعوديين بالألم أيضا، هو ما يتوفر لأشقائهم الإماراتيين من عناية، وخدمات عديدة في منفذ الغويفات، المقابل لمنفذهم،(يبعد نحو 18 كلم عن البطحاء). حيث يتوفر في المدينة السكنية للمنفذ مستشفى يتسع لأربعين سريرا، فضلا عن وجود جميع الخدمات الأساسية، والمساندة، والترفيهية. فأطفال الغويفات يركضون في حديقة غناء، وأمهاتهم يتسوقون في مراكز متخصصة تتوافر في أحشائها سلالات الأطعمة والبضائع. أما رجالهم فيرفلون في سعادة أنجبت ابتسامات على شفاهم وأياديهم.
في الغويفات أيضا، جامع، ومسلخ، وفروع للوزارات الخدمية. كما تتوافر في المنفذ الإماراتي حافلات تنقل الركاب من الغويفات إلى أبوظبي والعكس مجهزة بأحدث سبل الراحة.
ولن أضيف جديدا عندما أتحدث عن تصميم الوحدات السكنية في الغويفات والتي تمنح السكان الخصوصية والبهجة. في المقابل يتذمر سكان البطحاء من انعدام الخصوصية والحس المعماري الجمالي في وحداتهم السكنية.
منفذ البطحاء تعبر منه آلاف المركبات. ويشكل نحو 60 % من الحركة التجارية بين دول مجلس التعاون الخليجي. ومن المفترض أن يعكس واقع واقتصاد هذا الوطن وثقافته.
فمن غير المقبول إطلاقا، أن نهمل هذه البوابة وأهلها. وندعمهم يقترفون الحزن دون أن ننبس ببنت شفة ونتحرك نحوهم، ونضمهم، ونحتضنهم، وندعمهم.
زيارتي للمدينتين السكنيتين في البطحاء والغويفات، جعلتني أدرك جيداً لماذا يبتسم الإماراتي، وينتحب شقيقه السعودي؟
فقبل أن نطالب أبناء جلدنا بابتسامة، علينا أن نوفر لهم وقود هذه الابتسامة من خلال اهتمام ودعم يليق بتضحياتهم، وعشقهم، وولائهم لتراب هذا الوطن.

ملصقات الأسماء

ستيكر شيت ورقي

طباعة ستيكرات - ستيكر

ستيكر دائري

ستيكر قص على الحدود