شبكة قحطان - مجالس قحطان - منتديات قحطان

شبكة قحطان - مجالس قحطان - منتديات قحطان (https://www.qahtaan.com/vb/index.php)
-   ملتقى الكتاب والمؤلفين (https://www.qahtaan.com/vb/forumdisplay.php?f=40)
-   -   مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية (https://www.qahtaan.com/vb/showthread.php?t=59937)

نديم الهوى 09-05-2010 07:02 AM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
شكراً أخوي مشاري على الإهتمام المستمر والخاص

عملت حوالي خمسين مشاركة لأجد رسائل جميلة تستحق العنية من أخواني أعضاء المنتدى المتابعين للمذكرات، وقد قمت بالرد عليها جميعاً وأرجو أن تصلهم لأرى إجابتهم عليها

شكرا مرة أخرى

ابن عياف 09-05-2010 07:52 AM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
وكالعادة متأخر في القراءة

من الرابعه وحتى التاسعه

مفارقات كثيرة وجميلة

وهذا بسبب سعه فكر الكاتب

وتنوع ثقافته واطلاعه

وعندي احساس بانه من المؤلفين الكبار

والذي جاء ليثري ملتقانا

والذي ازدان به وبقلمه

فحياه الله

وتقبل التحية

مشاري بن نملان الحبابي 10-05-2010 11:05 AM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
أخ نديم ..

شركة قطر للإستثمار اشترت هارودز حقت الفايد ..

http://www.alarabiya.net/articles/20...08/108056.html

نديم الهوى 12-05-2010 06:54 PM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
مشاري بن نملان،،،، أنا مدين لك لوقوفك قلبا وقالباً مع المذكرات وكأنها مذكراتك،،، أنا أشعر بذلك،،،،فلك التحية والتقدير من أعماق قلبي،،، وعلى فكرة سوف أفرد حلقة في القريب عن هارودز وعن بيعة لأني مستغرب جداً من السعر البخس الذي بيع به،،، فسعر الاسم وحده يصل نحو 2000 مليون جنيه استرليني وسعر البضاعة 800 مليون جنية استرليني،، الوليد بن طلال طلبه بأكثر من 2 مليار جنيه استرليني ولم يستطيع شرائه،،، لنرى ما سأصل إليه من نتائج قريباً،،،،،،،،،،،،،،،عوض العبيدي،،، مرحباً فيك والقادم أحلى إن شاء الله،،،،،،،،،منصور العبد الله،،، شكراً لك أخي العزيز وأرجو أن تعجبك هذه الحلقة كذلك،،،،،،،،،ابن عياف،،، شكراً على كلماتك المعبرة،، ووالله إنها تعني لي الكثير،،، فقد تأملتها وخجلت من نفسي أن تعطيني تلك الأوصاف،،، لكن عسى أن أكون عند حسن ظنك وأقدم كل ما لدي من قصص ومغامرات ومصائب:confused: لندنية


الحلقة الثالثة عشر


دفعت عربة أخي خارج الهايدبارك واتجهت به نحو المستشفى في شارع هارلي ستريت وبدأ حينها تساقط قطاف الثلج بتؤدة علينا، وما لبث أن تسارع تساقطها حتى غطت أطراف أكمامي ويدي وقبعة أخي والملاية التي تغطي نصفه السفلي وأصبحت أحتاج لجهد أكبر بعد أن غاصت دواليب العربة وسط الثلوج المتجمعة على الأرض، لكني واصلت بعزم طريقنا وسط شارع اكسفورد ستريت. كانت جميع المحلات في تلك الأيام الغابرة تقفل رسميا أيام الآحاد من كل أسبوع، فبدى الشارع خاويا لا حياة فيه البتة سوى صرير الرياح الذي لا ينقطع فتهتز منه زينات أعياد الكريسماس المعلقة في الشارع، فتصدح كرات شجرة الكريسماس الملونة بألوانها الخضراء والحمراء القانية والجذابة والأجراس الذهبية بأنغام تثير شعورا غريبا لا يعرفه إلا من جربه. ويظهر على واجهات محلات نيكست وسي آند إي، وسلفردجز وتوب مان وتوب شوب وماركس آند سبنسر تماثيل بابا نويل يحمل أكياس هدايا عيد الميلاد بجوارب حمراء مزركشة وهو يقف فوق الزلاجة الطائرة التي تجرها ستة غزلان بنية اللون. لكني لم أصادف طوال الطريق آدميا واحداً يمشي في ذلك اليوم الغريب، فلو أن حيا صاح في الشارع بأعلى صوت لرجع له صداه كما لو كان يستغيث في وادي سحيق، فأحسست وأنا أدفعه أمامي بأنا وحيدين في هذه الدنيا وقد تقطعت بنا السبل كما لو أنا تائهين في غياهب القطب الشمالي وسط الثلوج والصقيع بعيدا عن الوطن والأهل دون عزوة أو أمان. نظرت إليه من فوقه لأجد دموعه الغالية تنهمر وتختلط بقطاف الثلج وهو يحاول أن يزيلها دون أن يبدي ذلك لي، هزني انكساره وقلة حيلته وهوانه على الناس، فقلت في نفسي وآسفاه عليك يا أخي لكم عانيت من المرض ومن خذلان أولئك الأوباش وهأنت عاجزا حتى عن السير على قدميك، ولكني تظاهرت برباطة الجأش لكي أشد من أزره، فقلت له ما أجمل الثلوج يا أخي وهي تتنزل علينا كغزل البنات، إنها تداعبنا بنعومتها عندما تلامس أجسادنا. وأردفت، ألا ترى يا أخي أن الشارع أصبح ملكا لنا لوحدنا، فلا يوجد أحد فيه سوانا!!!!، لم يرد علي سوى بتنهيدة طويلة أخرجت من أعماقه دخان أبيض كثيف اخترق الثلوج المتساقطة وكأنه يدخن الأرجيلة. وصلنا إلى متجر دبنهامز فانحرفنا ناحية اليسار باتجاه هارلي ستريت كلينك، وعند بوابة المستشفى قابلتنا الممرضة الحبوبة دبي وقد انتهت لتوها من نوبة عملها، لكنها عندما رأت حالة أخي التي يرثى لها ورأتني اندهشت مما شاهدت، لأنها تعودت أن ترانا دائما مبتسمين وضحكاتنا ترد الروح كما كانت تقول لنا دوما، فعادت معنا إلى غرفة أخي وعندما نام أخي جلست معي خارج الغرفة وتحدثت معها بايجاز عن سبب حزنه الكاسر، واحساسة بالصدمة من أصحابه، وأحمد الله أني تحدثت معها، فهذه البنت الإنجليزية، كمعظم الإنجليز، لديها حكمة في النظر للأمور من زوايا قد تخفى علينا نحن كعرب عاربة أو مستعربة، فقد قالت لي بعد أن فهمت المشكلة "أفضل حل هو أن يقوم بزيارته أحد من أصدقائه القدامى من بلدكم وحبذا لو تأتي أمه وأبيه لزيارته في هذه الظروف العصيبة، فالعلاج النفسي مهم لأي مريض وهو مهم لارتفاع المناعة الضرورية في مرضه". وفعلاً دخلت الغرفة واتصلت بأبي وأمي وأخي الكبير وطلبت منهم القدوم بأسرع وقت وطلبت من أخي أن يحاول أن يدعوا أحدا من أصدقائه في الجامعة وتوفير التذاكر والمصاريف لهم إن كان ذلك ضروريا. اتصل أخي لاحقا بسليمان البابطين وخالد أبو سمرة، اللذين رفضا فكرة توفير التذاكر لهم أو أية مساندة من أخي وفي خلال أسبوع كانا في لندن وقد سبقهما والداي في الوصول.


أخبرتكم في حلقة سابقة بالتفصيل عن حياة أبي، وسوف أحدثكم بسرعة عن والدتي ولن أطيل عليكم، فوالدتي كانت بالنسبة لنا إمرأة بأمة كاملة، أغدقت علينا من حنانها وعطفها وعوضتنا كثيرا عن غياب أبي المتواصل عنا أثناء انشغالة في أعماله التجارية وخاصة عندما كان يعيش في لبنان لمدة ثلاثة أشهر ويعود ليبقى معنا لمدة أسبوع أو عشرة أيام فقط، ثم يعاود السفر مرة أخرى. في بداية حياتها إلى أن دخلت أنا إلى الصف الأول الابتدائي في مدرسة محمد بن القاسم الإبتدائية في الطايف، وأمي ما زالت أمية لا تقرأ ولا تكتب كبقية أقرانها من جيلها، لكنها كانت بالرغم من ذلك تحفظ أشعارا وقصائد بدوية جميلة ومعبرة وتحب أن تشدو بها في كل حادثة غريبة تمر بنا لتعبر بها عما يجول بخاطرها أو عن رأيها. كانت تنشد أبياتا طويلة دون تأتأة أو همهمه، فنستغرب منها كيف حفظتها عن ظهر قلب بطريق السماع فقط، وما سر تلك الذاكرة القادرة على تخزين كل تلك القصائد والملاحم. وفي بداية السبعينات الميلادية ظهرت حملة اسمها "محو الأمية" "كنا ونحن أطفال نحسب اسمها نحو الأمية" فدرست مع نصف نساء الحارة في المدرسة الموجودة بجانب قصر الأميرة سارة بنت عبد العزيز خلف الجبل الذي يقع في حارة الريان في مدينة الطايف، فأتقنت القراءة والكتابة بشكل مذهل. أذكر في يوم من الأيام أن أحد أخوالي حصل له حادث شنيع هو وأسرته فإنتظرنا خروج الحريم الذين يدرسون في المساء "محو الأمية" تحت الجبل أنا وأبناء خالي الأخرين وكانت أعمارنا بين السابعة أو الثامنة. عندما خرجن النساء من المدرسة انطلقنا ونحن نسابق الريح كلن يحاول أن يسبق الآخر، وعندما وصلنا لأمي قلنا لها "نبشرك.....خالي صار له حادث خطير " خخخخخ، نحسب كلمة نبشرك تركب هنا في هذه الجملة.


كنا عند مرض أخي قد أخفينا عنها سر المرض وأخبرناها أنه فقر دم شديد اسمه لوكيميا وعلاجه لا يوجد إلا في لندن، ولكنها في يوم من الأيام كانت تقرأ صحيفة الشرق الأوسط ، بعد أن أتقنت القرأة، وسقطت عينها على اسم المرض "اللوكيميا، سرطان الدم" فطفقت تبكي ابنها عندما عرفت أن معنى لوكيميا هو سرطان الدم ولم تعد تتحدث مع أحد لمدة طويلة، وكل ما واساها أبي أو أقربائي لا ترد وتكتفي بالقول " انما اشكو بثي وحزني الى الله"، وتوافق معرفتها بمرض أخي الوقت الذي خذله فيه الناس وأصبح أخي محتاج لها كما هي محتاجة له، وكان أخي كما عرفنا فيما بعد يردد في نفس الوقت الآية الكريمة " إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون "، وكلاهما آيتان متتاليتان من سورة يوسف ، فهل كان هنالك توارد خوطر بين الأم وابنها رغم بعدهما عن بعضهما.

بعد أن استقبلت والداي في المطار وأثناء السير في الطريق من مطار هيثرو ونحن متجهون نحو لندن في السيارة المرسيدس الخاصة بالمحلقية العسكرية كانت أمي تقول بأنها تشم رائحة أخي داخل السيارة، سبحان الله، هل كانت تتوهم، أو أن ذلك كان صحيحا، فأخي قد ركب معي قبل أكثر من شهرين في نفس السيارة، الله وحده أعلم. وعندما دخلت معهما المستشفى كانت سميرة توفيق في بهو الفندق فأبتسمت لنا وحييناه بسرعة دون أن نكترث بها نظرا للظروف الصعبة التي نمر بها مما جعلها تأخذ على خاطرها كما سأخبركم في حلقة قادمة. ونحن ننتظر المصعد في المستشفى، قالت أمي أنها تحس بأنه سيغمى عليها عند اللقاء، فدقات قلبها تزداد حتى أنها تكاد أن تحصيها، وعندما دخلنا على أخي الغرفة أقبلت أمي على أخي العليل وضمته نحوها وقبلت رأسه ويديه هي تبكي بحرقة وحزن ولها نشيج يقطع نياط القلوب وبقيت أنا وأبي نرقب عاطفة الأمومة الجياشة التي أودعها الله سبحانه وتعالى فيها لنحو خمس دقائق حتى أجلستها وأفسحت الطريق لأبي الذي كان مسيطرا بعض الشيء على أعصابة للسلام عليه.

في يوم لاحق وصل سليمان البابطين وخالد أبو سمرة من السعودية، واقتصرت السماح بالزيارة لهما فقط بالاضافة لشخص آخر اسمه الدكتور عبد الله الخاطر، وهو من أصدقائه السابقين في مدينة الدمام وكان يحضر الدراسات العليا في الطب النفسي في لندن في نفس الفترة التي كنا فيه في لندن. وقد رد لي الأشخاص الثلاثة الثقة في الشاب السعودي الملتزم بعد أن هزها من جذورها ومن ثنايا ضلوعي ذلك الخليط المجنون من الأفاكين والسفاحين والانتهازيين. وتحسنت بذلك نفسية أخي كثيرا فعادت له الابتسامة واشرق وجه لاطمئنانه بوجود والداي وأصدقائه المقربين، فقسمنا اليوم بيننا لزيارته، فخالد وسليمان يعودانه من الصباح حتى الظهيرة، وأنا ووالداي من بعد الظهيرة حتى المساء.

بعد أن هدأ روع والدتي، أحببت أن أسري عنها وأنتشلها من الحزن الطويل الذي أنهكها فقررت أن أشتري لها هدية من محلات لندن الجميلة خاصة وأنه قد تجمع لدي في الشقة تحت البطانية إلي إنتم عارفينها أكثر من عشرين ألف باوند لا أعلم ماذا أفعل بها، لذلك أخذت والدتي معي نحو محل راقي اسمه قراف دايموندز Graff Diamonds، يقع في نيو بوند ستريت، وكانت والدتي تتسربل بالغطاء الأسود من أعلى رأسها حتى أخمص قدميها، وعند مدخل المحل الراقي والذي يقف أمامه شخصان طويلان وسيمان يرتديان بدلتان سوداوين من تصميم فالنتينو ونظارات سوداء كذلك، أتذكر بأنا الحاجبان أوجسا منا خيفة وتفاجأوا بأنا نقصد محلهما كزبائن لأن في تلك الأيام لم ينتشر العرب في كل ركن وزاوية مثل ما هو حاصل الآن، كما أن الغاطاء الأسود الكامل لم يكن منتشرا بكثرة. دلفنا نحو المحل الأنيق واخترت لها خاتم ألماس جميل وناعم على شكل ماسة تاج الملكة اليزبث الذي يزين تاج عرشها اسمه "crown diamond ring" قيمته 9999 باوند، أي حوالي 45 ألف بسعر تلك الأيام وحوالي 60 ألف بسعر الصرف الآن ، ولكن سعر الخاتم قد يصل هذه الايام أكثر من مئة ألف بعد ارتفاع أسعار الألماس، ولكن للأسف لم يعجب أمي الخاتم أبداً ولم تحفل به بالمرة وكأني كنت سأشتري لها شمعة أو براية أقلام رصاص، وتفركشت المفاجأة، فقلت لها "لا ترديني يا أمي الله يرحم والديك، يجب أن أشتري لك هدية قيمة ترجعين فيها السعودية معاك، وتتفاخرين بها قدام أم عبد الله وأم سعود وأم سلطان". فكرت بعض الشيء ونحن نجلس على المقاعد الوثيرة في متجر قراف وبجانبنا مسشارة المبيعات الجميلة كأنها مرسومة رسما بأبعاد رباعية، فقالت "أريد أن أشتري قدور وصحون وتباسي، يمدحون قدور لندن " ضحكت من طلبها الغريب وقلت تتركين الألماس من أرقى محلات لندن وتبين بداله قدور ومواعين، أمري لله، فخرجنا من بوند ستريت واتجهنا لسلفردجز لتختار الأطقم التي تريد، ولكن لم يعجبها شيء أبداً مرة أخرى، وقالت لي "يا ابني طول عمرنا في السعودية نشتري من المحلات الشعبية، نفحص البضاعة ونقلبها ونطرق عليها ونفاصل في قيمتها، لكني لا أستطيع أن أشتري من هذه المحلات، أحس أنه تبذير ماله داعي والله لن يرضى أن أدفع 1500 ريال ثمن قدر". عندها طرأت لي فكرة الذهاب لشارع "بريك لاين" الذي يقع في منطقة شعبية شرق لندن ويقطنه الكثير من الجاليات البنغالية والهندية واليهود الاشكناز، ويقام فيه سوق الأحد الذي يشبه تماما سوق الخميس في مدينة القطيف. وهنالك اشترت ما تريد وعبينا السيارة قدور وفنجايل وملاعق وحتى أننا ويا لطرافة هذا السوق، وجدنا "كمر" وهو الحزام الذي يربطه الحاج في وسطه لحفظ الأموال والأوراق المهمة فأضفناه لبضاعة لندن المتميزه التي ستجلبها أمي معها للسعودية!!!، ولم تكلفنا البضاعة كلها على بعضها مع غداء "فش آند شبس" أكثر من 80 باوند، وبكذا تكون أمي وفرت لي من ال 20 ألف الي كنت أنوي أن أهديها لها 19920 باوند، ولكن والدتي كانت سعيدة جدا بقدورها أكثر من سعادتها عندما كانت في محل قراف دايموندز الراقي للمجوهرات، فـأكدت لي بتصرفها هذا أن السعادة شيء نسبي وكل انسان يستشعرها بطريقته الخاصة وأن سر السعادة هو القناعة في الحياة والبساطة وتقدير الأشياء التي يرزقنا الله بها، فالقدور والطناجر والفناجيل وخراطة الملوخية ومقوار الكوسة، من الممكن أن تعني للانسان أكثر من الألماس والذهب واللؤلؤ وساعات معوض والدهام، وخواتم وعقود وحلقان محلات إرم.


بعد مرور أكثر من عشرة أيام على تواجد والداي وبالرغم من اطمئنان أخي لقربهما منه بالإضافة إلى أصدقائه المقربين، إلا أن صحته وعلى عكس ما توقعنا وتمنينا بدأت بالتدهور بشكل سريع، وهذه المرة بسبب تقلبات المرض ورفض جسمه للنخاع الذي تبرع به أخي الصغير له، فعمل له الأطباء، بالإضافة إلى المغذي من الوريد، فتحة من جهة القلب تتصل بكيس معلق شبيه بالمغذي لإعطائه الأدوية الأخرى عن طريقه، وقد جربوا، كما أذكر، علاجا جديداً يستخدم لأول مرة على انسان وهو يجعله حرارته تنخفظ بشكل كبير فيبدأ بالارتعاش وكأنه وسط ثلاجة، وقد وقعنا على بعض الأوراق للموافقة على استخدامه بعد استشارة الملحق الطبي دون فائدة تذكر، بل أن أخي مع مرور الوقت بدأ يفقد التركيز حتى أصبح لا يعي ما يدور حوله ولا يستطيع التعرف على الأشخاص، وبدأ بفقدان الذاكرة بالتدريج بسبب تلك الأدوية وكأن جسمه أصبح حقل تجارب لتلك الأدوية حتى دخل أخيراً في غيبوبة كاملة.


في أحد الأيام أتى لنا الدكتور قولدمان وأخبرنا بالخبر الحزين بأنه قد فقد الأمل بتحسن حالة أخي تماما وأنه يتوقع أن يتوفاه الله، حسب المعطيات الطبية، خلال أربعة أيام، بل أنه حدد ساعات معينة لوفاته. صدمنا بالخبر المفجع وبدأت أمي تبكي حتى أبيضت عيناه من الحزن على ابنها الذي بدأ كهيكل عظمي شاحبا وجسمه مسجى بلا روح فوق سرير المسشفى. وبدأ الدكتور عبد الله الخاطر، الطبيب النفسي الطيب والخلوق، بتهدئة والدتي وتهيئتها لتقبل المصيبة وتذكيرها بما لها من أجر يوم القيامة إن هي صبرت واحتسبت وأن الله لن يحرمها الأجر وهي المرأة المؤمنة، وأن الله هو الذي وهبنا أخي، وهو سبحانه الذي سيأخذه منا، وأن تحمد الله وأن لا تحزن على فراقه فهو رجل ملتزم بتعاليم الدين وكان يؤم المصلين رغم صغر سنة في مدينة العمال في الدمام. وفعلا، كان لاسلوبه الإيماني ولتخصصه كطبيب نفسي سحرا كالبلسم الشافي لوالدتي فبدت مؤمنة صابرة جاهزة لاستقبال المفاجأة وكأنها سوف تودعه كما قال لها في المطار وستلقاه بإذن الله، يوم القيامة في أبهى الحلل في جنات النعيم.


اختلىى الدكتور عبد الله الخاطر بوالدي وبي في الصالة الخارجية وبدأ يحدثنا عما يجب علينا أن نفعله للتعامل مع مراسيم الصلاة عليه في مسجد لندن ومن ثم موارة جسده الثرى في مقبرة المسلمين في بروك وود في لندن لأن الجثة لو نقلت بواسطة الطائرة فيجب أولاً استئصال بعض الأعضاء مثل الكبد وغيرها، وإلا فلن يسمح بنقله بواسطة الطائرة من قبل شركات الطيران، وأوضح أن المقبرة الموجودة في بروك وود في لندن خصصت للمسلمين بعد أن تم دفن نحو 24 مقاتل مسلم في الحرب العالمية الأولى والثانية ومعظمهم كان من الهند حاربوا مساندة للبريطانيين وعندما أصيبوا في الحروب نقلوا للعلاج في بريطانيا ثم توفوا فدفنوا في قسم خصص للمسلمين ومن ثم اتسعت المقبرة مع الوقت بسبب تكاثر المسلمين، فهي إذن الخيار الأفضل لدفنه. دخل علينا في تلك اللحظة أحد زوار أخي وهو تاجر من الرياض اسمه "سليمان العيسى" (اسم حقيقي، وهو ليس المذيع المعروف) ولم أكن اعرفه جيدا ولا أعرفه إلى هذه اللحظة وهل هو حي أم لا، ولكن الذي أعرفه جيدا نبل هذا الرجل الذي عرض علينا نقل الجثة بطائرة خاصة على حسابه حتى لا يتم استئصال أي جزء من جسمه لأنه يعتبره أخ مسلم عزيز عليه، لكن في النهاية آثرنا دفنه في مقابر المسلمين في لندن حسب نصيحة الدكتور عبد الله الخاطر.


في اليوم العصيب الذي حدده له الدكتور قولد مان بناء على نتئائجه الطبية، أتى الدكتور على عجل وفتح المغذي بعد أن حقنه ببعض الأدوية لأقصى نسبة كخيار أخير، وأخبرنا بكل وضوح أن ليس لديه حل وأن علينا الدعاء لأخي فقط ولن تفيده الأدوية التي أعطاها إياه شيئاً، إنما هي محاولة أخيرة لعل وعسى. كان متواجدا حوله في لحظات احتضاره الأخيرة، أبي وأمي وأنا وسليمان البابطين وخالد أبو سمرة والدكتور عبد الله الخاطر، وبدأ الدكتور عبد الله الخاطر يقرأ عليه القرآن وهو يغالب دموعة ويمسح على رأسه ويلقنه الشهادة وهو في غيبوبة تامة ولا يشعر بشيء ونزل مستوى الأوكسجين إلى أن أصبح تنفسه كأنه همساً والأجهزة الأخرى تشير لإنخفاض ضغطه رويداً رويداً، ودقات قلبه تتباطء حتى تكاد أن تتوقف، وفجأة دوت أجهزة الإنذار الموصلة به معلنة اقتراب الموت منه قاب قوسين أو أدنى واستدال الستار عن حياته القصيرة، فما هي إلا لحظات ويغادر بعدها الدنيا التي عاش فيها 22 عاماً فقط كعابر سبيل نحو حياة البرزخ السرمدية تحت التراب وحده في اللحد إلى أن تقوم الساعة، فطفق الدكتور عبدالله الخاطر بحزن شديد والدموع تنهمر منه بتلقين أخي الشهادة: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله........ أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله........اللهم إرحمه يا رب، إنك رؤوف رحيم، اللهم إني أسألك أن تكتبه عندك من الصالحين والصديقين والشهداء ،،،،،،،،........الله المستعان..


وفي يوم الأحد الموافق 3 جمادى الآخرة 1410، بعد نحو ست سنوات، قام أخي المريض بيديه بدفن الدكتور عبدالله بن مبارك بن يوسف الخاطر رحمه الله في مقبرة غرب الدمام، عندما أصيب الدكتور بنوبة ربو حادة أثناء صلاة الفجر، رحمه الله............ مات الدكتور، وعاش أخي،،،،، وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس باي ارض تموت ان الله عليم خبير".
يتبع

علي آل جبعان 14-05-2010 01:43 PM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
بِسْم الْلَّه الْرَّحْمَن الْرَّحِيْم
لَا غَرَابَة فِي حَس هَذِه الْأُم الَّتِي أَنْحَت عَلَى تَرْبِيَة أَوْلَادِهَا حِيْن غِيَاب رَب هَذِه الْأُسْرَة
فِي طَلَب الْرِّزْق لِهَذِه الْأَسِرَّة الْكَرِيْمَة , وَلَا غَرَابَة أَيْضا فِي حُزْنِهَا حِيْنَمَا عَرَفْت مَرَض فِلْذَة كَبِدِهَا ,
وَلَا غَرَابَة هَذَا الْحَزَن الَّذِي خَيَّم عَلَيْهَا حِيْن رُؤْيَة أُبَنَّهَا بِالمَشْفِى وَمُفَارَقَتُه لِلْحَيَاة ؛
هَذَا الْشُّعُوْر سَرَى لَنَا نَحْن الْقُرَّاء وَخَاصَّة مَن عَاش مَرَض قَرِيْب لَه وَصَارَع فَتْرَة مِّن الْزَّمَن
بَيْن رَدَهَات هَذِه الْمُسْتَشْفَيَات الَّتِي أَحْيَانا تَقْف عَاجِز عَن فِعْل شَيْء ..
؛؛؛
حَكَمْت الْلَّه وَقُدْرَتِه وَسُنَّة كَوْنِيَّة مَاضِيَة عَلَى كُل الْبَشَر , فَمَا بَالُك بِمَن امْتِلَاء قَلْبِه أَيْمَانا وَصِدْقَا
بِأَن الْحَيَاة لَابُد لَهَا مِن نِهَايَة فَنَسْأَل الْلَّه حُسْن الْخِتَام ..
؛؛؛
مِن هُنَا وَبَعْد طُول زَمَن أَحْسَن الْلَّه عَزَاؤُكُم فِي فَقِيْدِكُم وَأَلْهِمَكُم الْصَّبْر وَالْسَّلْوَان ,
وَإِنَّا لِلَّه وَإِنَّا إِلَيْه رَاجِعُوْن ..
؛؛؛؛
كَم أَعْجَبَنِي هَذَا الْرَّبْط وَهَذَا الْسَّرْد الَّذِي لَا يُجِيْدُه إِلَا نَدِيْم الْهَوَى ؛
فَبَارَك الْلَّه فِي فِكْرِك وَقَلَمُك وَصِحَّتَك كَمَا سَحَبَتِنا إِلَى عَالَمِك بِهَذِه الْرِّوَايَة
الَّتِي بِحَق تَحْتَاج مَن كَاتِبُهَا جُهْد وَعَنَاء شَدِيْدَيْن لَربَط الْأَفْكَار وَالسِّيَر فِي خَط يَجْذِب الْقَارِيِّء الْكَرِيْم
لَيُتَابَع وَيَسْتَمْتِع بِرَوّعَة هَذَا الْحُبُك ..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
لَقَد كَسَرْت حَاجِز الْصَمْت بِهَدِيَّر حَرَّوْفِك وَجَعَلْتَنَا نَنْتَظِرْهَا بَيْن الْفَيَّنة
وَالْأُخْرَى لِنُسَبِّح مَعَك فِي رَحَلَاتِك المَكُّوكِيّة وَكَأَنَّنَا مَعَك نَنْظُر بِعَيْنِك وَنِسْمَع بِسَمْعِك وَنُفَكِّر بِفِكْرِك
وَنِدَوِّن بِقَلَمِك وَأَنَامِلِك الْذَّهَبِيَّة ..
أَنَا أَعْتَقِد بِأَن الْحَلَقَات الْقَادِمَة سَتَكُوْن مُدْهِشَة وَمُثِير لِأَن مَرْحَلَة نَزِيْف الْحُزْن سَتُقَل بِفِرَاق
بَطَل هَذِه الْقَصَص وَهُو أَخُوْك رَحِمَه الْلَّه وَأَسْكَنَه فَسِيْح جَنَّاتِه وَثَبِّتْه وَجَبَر مُصَابَكُم ..
؛؛؛؛؛؛
أَخِي الْغَالِي
نَدِيْم الْحَرْف بَل نَدِيْم الْهَوَى
أَسْتَمِر وَنَحْن نَتَلَذَّذ بِهَذَا الْطَرِح الَرَاقِي وَالَّذِي يَنْقُلُنَا مِن مَنَاخ إِلَى أَخَّر ؛
سجَّلَنِي مِمَّن رَاق لَه هَذَا الْطَرْح ..

وَدُمْتُم بِوُدّ




مشاري بن نملان الحبابي 14-05-2010 07:24 PM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
أرحب يا أخ نديم مرة اخرى ..

هذه الحلقة مؤثرة جدًا ..

ولكن هل مات أخوك أم عاش ..

لأنك تقول بأنه قد دفن الدكتور بعد ست سنوات ..

نديم الهوى 14-05-2010 07:49 PM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
لمي يمت أخي


الذي مات هو الدكتور عبد الله الخاطر الذي كان يلقنه الشهادة،،،،،

نديم الهوى 18-05-2010 06:58 PM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
الحلقة الرابعة عشر


صور لندنية قديمة وبعض الصور التي تخص بعض فصول الرحلة





هذه صورة الصخرة الموجودة في الهدا في الطايف والتي كان يجلس عليها أبي وعمره 9 سنوات وهويبكي قبل نحو 75 سنة، عندما يشتد عليه التعب ويقوم عمي بضربة ليستأنف السير مع القافلة المتجهة إلى مكة المكرمة.





فريق كرة قدم كوناه من خليط من كل الجنسيات، والرجل الثالث من اليسار وقوفا اسمه "شيية عرعر ا" وهو صاحب فنقد بجوار فندق لانكستر قيت، وقد نظم مسابقة ملكة جمال العرب لأكثر من مرة في لندن، وقد أتحدث عنه في حلقة قادمة





النافورة الإيطالية في الهايدبارك خلال فصل الربيع




هذه الصورة أخذت لي ثاني يوم وصلت في لندن، كانت يدي مكسورة،"كنت ألعب تايكوندو في نادي الأتفاق، ولعبنا مباراة مع القادسية، وكسر يدي لاعب القادسية عادل الحواج"، يبدو في الصورة ملابسي التي شريتها من بسطة فوق سيارة عراوي بجانب سوق القطيف، خخخخخ




رحلة مدرسية للطلاب المسلمين بمناسبة عيد الأضحى لحديقة ريتشموند بارك، ويبدو زميلي مرزوق العتيبي الرابع وقوفاً من اليمين وسوف أتحدث عنه في حلقة قادمة




الشتاء في الهايدبارك




رجل البوليس الإنجليزي الأنيق، ويبدو طوله الفارع بالرغم من أن طولي 174 سم




باص لندن القديم رقم 23 المتجه من البايزوتر أمام حديقة كنجنستون بارك إلى شارع أكسفورد ستريت



بعض شبابك البانكس، موضة منتصف السبعينات وحتى نهاية الثمانينات الميلادية، الآن لن تجدهم في شوارع لندن بالمرة

http://travel.maktoob.com/photo/data/500/Punks.jpg

يتبع

مشاري بن نملان الحبابي 19-05-2010 10:47 PM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
مرحبا يا نديم ..

نشكرك على هذه الصور الرائعة ..

وما زلنا في انتظار المزيد ..

نادر العبيدي 19-05-2010 10:55 PM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
اشكرك جزيل الشكر


الساعة الآن 05:43 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق الأدبيه والفكرية محفوظة لشبكة قحطان وعلى من يقتبس من الموقع الأشارة الى المصدر
وجميع المواضيع والمشاركات المطروحه في المجالس لاتمثل على وجه الأساس رأي ووجهة نظر الموقع أو أفراد قبيلة قحطان إنما تمثل وجهة نظر كاتبها .

Copyright ©2003 - 2011, www.qahtaan.com

ملصقات الأسماء

ستيكر شيت ورقي

طباعة ستيكرات - ستيكر

ستيكر دائري

ستيكر قص على الحدود