المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من مقالات الدكتور / عبدالله الوهابي


عبدالله الوهابي
09-03-2006, 09:32 PM
وجوب التثبت في الأخبار ، وعدم نقل الشائعات والأكاذيب
من المعلوم أنَّ زمان الفتن زمان خطير يكثر فيه القيل والقال ، ويحمَل الكلام فيه على غير محاملِه ، ويكثر الجدال ، ويحرص فيه على نقل الأخبار ، وإشاعة الأقوال ، ويتصدر مَنْ حقُّهم التأخر ، وتنطق فيه الرويبضة ، وفي زمان هذا حاله ينبغي للمسلم العاقل أن يلتزم أوامر الله -سبحانه وتعالى- بكل قوَّةٍ ودقة ، ولا يجاوزها ، ففي لزومها النجاة ، وفي مفارقتها الهلَكَة.
ومن ذلك وجوب التثبت عند سماع الأخبار والأقوال ، وعدم العجلة في الحكم على الأخبار حتى يتبين له ثبوتها ، ثم بعد ذلك يقوم فيها بما أمر الله –سبحانه وتعالى- ، وهذا أمر واجبٌ على المسلم في حياته كلها ؛ في رخائه وشدته ، لكنه في وقت الفتنة آكد لما يترتب على ذلك من أمور عظام.
قال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بِنَبأ فتبَيَّنُوا أن تُصِيبوا قَوماً بِجَهالةِ فَتُصبحوا على ما فعلتم نادمين }.
قال ابن كثير - رحمه الله- : "يأمر تعالى بالتثبت في خبرِ الفاسق ليحتاط له ، لئلا يحكم بقوله فيكون في نفس الأمر كاذباً أو مخطئاً ، فيكون الحاكم بقوله قد اقتفى وراءه . وقد نهى الله عن اتباع سبيل المفسدين".
وقد جعل العلماء - رحمه الله- هذه الآية وما جاء في معناها قاعدةً ، وبُنِيَ عليها علمُ الرجال والجرح والتعديل ؛ الذي حفظ الله به دينه ، وسنة نبيه  ، والذي اختصت به الأمة الإسلامية من بين الأمم التي أضاعت ما أوحاه الله لأنبيائه ، وحرَّفته ، وبدّلَته ، وأدخلت فيه ما ليس منه ، بقصد أو بدون قصد ، حتى لم يبق في أيديهم شيء يوثقُ به مما أوحاه الله لأنبيائه –عليهم السلام-.
وهذا دليل على أهمية التثبت والتبيُّن عند سماع الأخبار والروايات ولا سيَّما وقت الفتن ، وكم سبَّبَ عدم التثبت من فتنٍ ومصائب على الأمةِ لا زالت تعاني منها حتى يومنا هذا .
وقال تعالى: {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً}.
قال ابن كثير - رحمه الله- :" في هذه الآية إنكارٌ على من يبادر إلى الأمور قبل تحقُّقِها فيخبر بها ، ويفشيها ، وينشرها ، وقد لا يكون لها صحة".
فهذه الآية توجبُ التثبُّتَ والتبيُّنَ عند سماعِ الأخبار ، وتُنكِر – كما ذكر ابن كثير- على من بَادَرُ وسارَعَ في نقلها ونشرها قبل أن يتحققَ من صحتها ، وأرشدت كذلك إلى أمر آخر مهم ؛ وهو أن الأخبار إنما تنقل إلى أولي الأمر من العلماءِ والأمراءِ ، ولا تنقَلُ إلى عامَّةِ الناس لأن النقلَ إلى عامة الناس لا فائدة فيه ، وإنما الفائدة في نقله إلى أهل الحلِّ والعقدِ الذين يحسنون فهم الأمور ،واستنباط المصالح منها ، ولديهم القدرة على درء المفاسد.
وقد ذ كر ابن كثير - رحمه الله- عدَّةَ رواياتٍ تحذِّرُ من العجلةِ وعدم التثبت منها: حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي  قال: " كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكلِّ ما سمع "
وعن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه- : أنَّ رسول الله  نهى عن قيل وقال. قال ابن كثير -رحمه الله- : "أي الذي يكثر من الحديث عمَّا يقول الناسُ من غيرِ تثبُّتٍ ، ولا تدبُّرٍ ، ولا تبيُّنٍ.
ثم ذكـر ابن كثير - رحمه الله- قوله  : " بئس مطية الرجل زعموا "
قال ابن كثير - رحمه الله- : "ويُذكَر هاهنا حديث عمر -رضي الله عنه- المتفَقِ عليه حين بلغه أنّ رسول الله  طلَّقَ نساءه ، فجاء من منْزله حتى دخل المسجد فوجد الناسَ يقولون ذلك فلم يصبِر حتى استأذن على رسول الله  فاستفهمه : أطلقت نساءك؟ قال: (لا) فقلت: الله أكبر ...الحديث .
وعند مسلم: فقلت : أطلَّقتهنَّ؟ فقال: (لا). فقمتُ على باب المسجد فناديتُ بأعلى صوتي : لم يطلِّق رسول الله  نساءه . ونزلت الآية.
قال عمر -رضي الله عنه-: أنا استنبطت ذلك الأمر.
وقال السعدي -رحمه الله- : "هذا تأديب من الله لعباده عن فعلهم هذا غير اللائق ، وأنَّه ينبغي لهم إذا جاءهم أمر من الأمورِ المهمَّة ،والمصالح العامة ما يتعلَّقُ بالأمن ، وسرور المؤمنين ، أو بالخوف الذي فيه مصيبةٌ عليهم ؛ أن يتثبَّتوا ، ولا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر.
بل يردونه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم ؛ أهل الرأي ، والعلم ، والنصح ، والعقل ، والرزانة ؛ الذين يعرفون الأمور ، ويعرفون المصالِحَ وضدَّها.
فإذا رأوا في إذاعته مصلحة ونشاطاً للمؤمنين ، وسروراً لهم ، وتَحَرُّزاً من أعدائهم ؛ فعلوا ذلك .
وإن رأوا أنه ليس فيه مصلحة ، أو فيه مصلحة ولكن مضرَّته تزيد على مصلحته لم يذيعوه ولهذا قال: {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ} أي: يستخرجونه بفكرهم وآرائهم السديدة ،وعلومهم الرشيدة.
وفي هذا دليل لقاعدة أدبية وهي: أنه إذا حصل بحث في أمرٍ من الأمور ، ينبغي أن يولَّى من هو أهل لذلك ، ويجعل إلى أهله ، ولا يتقدم بين أيديهم ، فإنه أقرب إلى الصواب وأحرى للسلامة من الخطأ .
وفيه النهي عن العجلة والتسَرُّع لنشر الأمور من حين سماعها ، والأمر بالتأمل قبل الكلام ، والنظر فيه ، هل هو مصلحة فيقدم عليه الإنسان؟ أم لا ، فيحجم عنه؟".
فانظر – رعاك الله وحماك من الفتن ما ظهر منها وما بطن- هذا العلاج الرباني وقتَ وقوع الفتن ، وذلك بالصبر ، والتثبتِ ، وعدم العجلةِ ، فإن في ذلك السلامةَ من الفتنِ ، كما في النصوصِ السابقة.
وانظر إلى فهم عمر - رضي الله عنه- ، وتثبته ، وكيف سلَّمَه الله من هذه الفتنة بسبب التثبت في الأخبارِ.
وقد ابتليت الأمة الإسلامية اليوم بأقوام لا همَّ لهم إلا البحثَ عن الأخبارِ ؛ صحيحها وسقيمها ، ونشرَ هذه الأخبار على الأمة ؛ مسلِمِها وكافرها ، دون رَوِيَّةٍ ، وتثبتٍ ، ودون النظرِ في عواقب الأمور ، ودون معرفةٍ للمصالح والمفاسد المترتبة على نشر هذه الأخبار بل يظنونَ – للأسف الشديد - أنهم بنشرِهم لهذه الأخبارِ الظنِّيَّةِ ؛ يرفعون من علوم الأمة ، وثقافتِها ، وفقهها بواقعِها! ، وما دروا أنَّ في نشر هذه الأخبار تثبيطاً للأمةِ ، وزرعاً للشكِّ واليأسِ في قلوب الناشئةِ ، وعوام الأمة ، واستهانةً بأولياء أمور الأمة ، وعلمائها .
فالواجب بعد هذا الحرصُ الشديد في نقل الأخبارِ ، وأن لا تنقلَ هذه الأخبارُ إلا لأولياء الأمور ، وأهل الحلِّ والعقد والعلمِ ، والتثبُّتُ في ذلك ، وعدمُ تحميلِ الخبر ما لا يحتمله ، وعدمُ إشغال الناشئة وعوام المسلمين بما لا فائدة لهم به ، ولا قدرة لهم على تحمُّلِه ومعالجته.
ومن عجيب حال الأمة اليومَ أنَّ هؤلاء النقلةِ للأخبار ، المبادِرِين في نشرها ؛ لا يميِّزون بين ناقلي الأخبار ، فتراهم يروون خبراً عن مجلَّةٍ كافرةٍ ، أو إذاعةٍ في دولة كافرة ؛ يهودية أو نصرانية ، ويجعلون هذا الخبرَ يقينياً ، ويبنون عليه مسائل خطيرةٍ ، تتعلَّق بمصالح الأمة ، وما دروا أنَّ الكافر لا يصلحُ أنْ يكونَ مصدراً للأخبار الصحيحةِ ، وأنَّ هؤلاء الكفَّارَ إنما نشروا مثل هذه الأخبارِ لضربِ الأمةِ بعضها ببعضٍ ، ولإشاعة الوهَنِ والخوفِ والشكِّ في الأمة .
فلا يجوز بعد هذا قبول الأخبار إلا من الثقات العدولِ ، ثم بعد هذا ينظرُ في نشره حسب المصالحِ والمفاسدِ ، بعد الرجوع إلى أولياء الأمور ، وعلماء الأمة ، وأهل الحل والعقد فيها.
ومن أعظم الشواهد على تطبيق السلفِ - رحمهم الله - لهذه القاعدةِ العظيمة وقتَ الفتن :
ما رواه البخاري - رحمه الله - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كنت أقرئ رجالاً من المهاجرين منهم عبد الرحمن بن عوف فبينما أنا في منْزلِهِ بِمِنى ، وهو عند عمر بن الخطاب في آخر حجة حجها ، إذ رجع إلي عبد الرحمن فقال : لو رأيت رجلاً أتى أميرَ المؤمنين اليوم فقال: يا أمير المؤمنين هل لك في فلان يقول: لو قد مات عمر لقد بايعت فلاناً؟ فوالله ما كانت بيعة أبي بكر إلا فلتة ، فتمَّتْ ، فغضب عمرُ ، ثم قال: إني - إن شاء الله - لقائم العشيةَ في الناس ، فمحذرهم هؤلاء الذين يريدون أن يغصبوهم أمورهم ، قال عبد الرحمن: فقلت: يا أمير المؤمنين ، لا تفعل ، فإنَّ الموسمَ يجمع رَعاعَ الناس وغوغاءَهم ، فإنهم هم الذين يغلبون على قربك حين تقوم في الناس ، وأنا أخشى أن تقوم فتقول مقالةً يطيُّرها عنك كل مطيِّر ، وأن لا يعوها ، وأن لا يضعوها على مواضعها ، فأمهِل حتى تقدم المدينة ، فإنها دار الهجرة والسنة ، فتخلص بأهل الفقه وأشراف الناس ، فتقول ما قلتَ متمكناً ، فيعي أهلُ العلم مقالتَك ، ويضعونها على مواضعها.
فقال عمر - رضي الله عنه - : والله - إن شاء الله - لأَقُومنَّ بذلك أوَّلَ مقامٍ أقومُه بالمدينة...الحديث.
ففي هذه القصة العظيمة بيانُ فقهِ الصحابة - رضي الله عنهم - ، وحرصُهم على سلامة الأمة من الفتن ، وذلك بحفظ الأمور العظام عن العوام والرَّعاعِ ؛ لأنهم لا قدرةَ لهم على حلِّها ، ولا فهمها ، بل ربَّما أدى علمهم بها إلى الفتن .
ولذلك أشار عبد الرحمن بن عوفٍ - رضي الله عنه - على عمرَ - رضي الله عنه - أن يحفظَ ما يريد قولَهُ عن عامة الناسِ ، ويخصَّ به أهل الفقه والشرف حتى يعوا مقالته ويضعوها على مواضعها ، واستيعاب عمر - رضي الله عنه - لذلك ، فلمَّا رجعَ المدينة ذكر ما أراده للناسِ .
وبهذا الفقه العظيم صار الصحابةُ - رضي الله عنهم- أماناً للأمة من الفتن ، فلمَّا ماتوا أصاب الأمة ما أصابهم.
والملاحظ الآن عكس هذا تماماً ، فإن كثيراً ممن يزعم الإصلاح في هذا الزمان يتكلَّمُ بكل شيء في كلِّ مكانٍ دونَ تمييزٍ ، ودون نظرٍ لعواقب الأمور، فما يكاد أحدهم يسمع خبراً ولا سيَّما الأخبارَ المتعلقةَ بمصالح الأمةِ ، وأحوالِ أولياء الأمور إلا وطار به ، ينشره في كل مجالٍ متاحٍ عن طريق الإنترنت ، وعن طريق الإذاعة أو عن طريق القنوات الفضائية ، وحتى عن طريق المجالس ، ففي أيِّ مكانٍ يهذي به ، دون أدنى تثبُّتٍ ، أو نظرٍ ، وما درى كم يفسد هذا الخبر على الأمةِ من أمورٍ! -ولا سيَّما إذا عرفتَ أن أعداء الأمة يتربصون بها الدوائر ، ويفرحون بمثل هذه الأخبارِ- حتى أوقعوا الناس في الحيرة والدهشةِ واليأس والقنوط ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
وبهذا تعرف أهميَّة التثبتِ ، وحفظِ الأخبار ، ونقلِها إلى أهل الحلِّ والعقد دون سائر الناس ، بعد التأكدِ من صحتها . وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 000

عبدالله الوهابي
13-03-2006, 02:32 PM
لعبة خطيرة لم ندرك معناها ؟! طاق طاق طاقية..تعتقدون ....
من الذي يعرف سرها..؟؟ تعتقدونها انشودة زمان كنا نحب ننشدها عندما نكون نجلس على شكل دائرة ثم يدور أحد منا حولنا ويمسك بطاقية ثم ينشد ( طاق طاق طاقية رين رين ياجارس محمد راكب عالفارس ، والدبه طاحت في البير وصاحبها واحد خنزير من هوه هو...؟؟؟ ) وتوضع الطاقية حول أحدنا وعندما نلتفت من تكون وراه الطاقية يلحق به ثم يعود لتكرار السابق وهكذا لعبة جميلة في أيام الطفولة ولكن السؤال من يعرف سر معنى هذه الأنشودة؟
القصد من طاق طاق طاقية ...

هي طاقية اليهودي التي يلبسها على رأسه أكيد تعرفوها ورين رين ياجارس هو ما يقصد به أجراسهم التي يدقوها عند الذهاب لكنائسهم محمد راكب عالفارس : وهو الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وانه يحاربهم وهو يركب الخيل .
الدبه : يقصد بها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وحماها وشرفها من قول كل منافق ( لعنة الله عليهم )
طاحت في البير: ويقصد بها حادثة الإفك التي وقع بها أم المومنين عائشة رضي الله عنها
وصحبها واحد خنزير: ويقصد بها من اتهم مع عائشة رضي الله عنها في حادثة الإفك صحابي جليل رضي الله عنه قاتلهم الله ولعنهم الله وشلت يمينه من ألفها ومن قالها ومن رددها وهو يعلم معناها ...

عبدالله الوهابي
14-03-2006, 09:30 PM
الأهواء في صراع دائم مع النفس والغرائز البشرية ما هي إلا حقن منشطة تعمل على دفع الصراع واحتدام المواجهة ما لم يتصف المرء بمعايير خاصة تعينه على تقنين هواه وعدم فرط الإسراف على النفس …
حيث يتغلب الإنسان المجبول على حب الخير والناس على أهوائه ونوازعه لمغالبة هلعه وتهذيب نزعاته بالمسلك الواعي الذي يحدد من شطط النفوس ، وهو كفيل بتلبية احتياجات الإنسان الجسدية والروحية 0
والعوامل المؤثرة المحيطة تعمل على إثارة الرغبات المتأصلة فيه ويكبح العقل في الغالب جماح سيئها ، إما مخافة العقاب أو المسألة وما يرافقها من حرج بالغ مهما كانت الحجج والبراهين قائمة لإدراكه لطبائع * الأمور 0
واستحضار المنهج الرباني وحضور الوازع الديني يساند العقل في تصحيح سلوكه مخافة سوء العاقبة ، وهذا الأرجح* في استقامة أمره ، فما هي أوجه وحقيقته ذلكم الصراع وكيف يتسن للمرء مقاومته والانتصار على غالبيته وكيف يجد المؤمن لذة في البعد عن المعاصي ، بل يصبر ويصابر نفسه على الأذى والمكاره ، دون الوقع فريسة للشهوات حيث كان السجن أحب ليوسف – عليه السلام – عندما دعينه النسوة إليه 0
فالناس في صراعهم مع أهواء النفس ثلاثة

الأنموذج*الأول مقيدة غرائزهم بسلاسل من تقوى ومصونة في صندوق من يقين مفتاحه ما أحلَّ الله لهم
والنموذج الثاني يحكم محض عقله متجاهلاً الوازع الديني الرادع عن كل هوى ومزلق ، فهؤلاء قد يتعرضون في لحظات الضعف البشري للاستسلام ويوقعون معاهدة مع الرذيلة ولمرة يقعون في فخاخ التردي
والصنف الأخير مثله كمن غارق في الشهوات منقادوا وراء هواه دون وازع من دين ، أو رادع من عقل ، غير عابئ بمصير ، جهلة جلهم من الشباب والمراهقين ممن أستحوذ عليهم الشيطان واجتمعت عليهم مشكلات الفراغ والسطحية واللامبالاة ،
وهذا الصنف بمواصفات العبث تِلْكَ نادر بمن الله في مجتمعات الإسلام ، لكنهم يمضون عبر مداخل الشيطان من باب الإطراء والمديح الذي يستهوي الفتاة التي يصادف أنها لا تتمسك بحواجز المنعة تلك 0
مثال ذلك : من تستهون وتبل محادثة الفارس الدعي على سبيل التسلية وقتل الوقت أملاً في إنبراء قسوة وانحسار ذلك الواقع ، وتكون تحت تحذير*تأثير الإهمال الأسري ، ويناوشها الكبت والإحباط ، فترغب في إحياء شخصيتها وإحياء بواعث المحاولة عند مخرج لضائقتها تبحص عن ذاتها المفتقدة ، لتخفف عنها الضغوط النفسية وربما كان الأمر على سبيل التقليد والمحاكاة إلى أن يوهم ذلك الجبان ضحيته بحبه الزائف ، وإخلاصه الموهوم ، وعازم في سريرته على افتراسها وخوض غمار هوايته المحببة إليه وبعد محاولات مضنية أساليب ملتوية يختلي ذلك الذئب الشرس بالمسكينة فيوقعها في شباك التهاون ، وشراك المعصية* حيث لا ينفع ندم ، وأمثال ذلك ألئك الشباب المريض لا شك أن زمام أمرهم فلت من أيدي أسرهم بل ومجتمعاتهم ، ولذلك لابد من وقفة حازمة مع أسباب مرضه ، وتشخيص علته ، حيث تصبح الصحافة المقرؤة بأحداث أليمة ، وفواجع عظيمة ، فذاك شاب يحرق أباه ، وآخر يدهسه عمداً ، وآخر يطلق عياراً … فلماذا افرز المجتمع مثل هذه النوعية من البشر … ؟ والعالم الذي نعيش فيه ونشهد فيه ما نشهد بعد أن لم يعد سراً التعدي على الحقوق العامة والخاصة ، حيث ترتفع معدلات الانتحار ويزداد أعداد المنحرفين في تيار العولمة المفروضة علينا بحكم الواقع وتعدد السلوكيات الخاطئة لنماذج مشينة وكأنهم لصوص محترفون انخرطوا في مدارس علم الإجرام وضلعوا في تصدير أفلام الرعب والحب الرخيص …. والجنس والأغراء الفاضح ، واعتبروا هذه السلوكيات إفرازات طبيعية ، في حين وجب اعتبارها انعكاسات خطيرة يجب العمل على استدراك واستئصال منابتها ،
واخطر جوانب تلك العروض ما كان إيماء ، فالنتيجة سواء كانت البطلة إحدى نجوم هوليود وحسناواته المرقعات بالرموش والمساحيق ، أو كان البطل احد خفافيش الظلام محترفي هذا الفن ، أو ذلك أو ممثلاً لأحد أفراد البوليس الفيدرالي (إف0بي0أي) ( F . B . I ) أو حتى ( قود قايز ) أو لاعب (باسكت) مثل ( مايكل جوردون) حيث هناك العديد أمثال ( سلفسترا ستالوني) بطل رامبو ، وارنولد شوارزنجر (ARNOLDSCHW ARZENEGGER ) صاحب عبارة (يستا لافيستا) الشهيرة … وغيرهم فذاك ( جاك شان ) وذلك من قال : (قال فلان ومرض علان) و(روبن ويليامز ) فلن يتردد البعض في تقليده ومحاكاتهم وإن لبسوا زي النساء ، كما فعل الأخير في أحد أفلامه
وسميت العطور التي يتحلى بها النساء على أسماء هؤلاء الحثالة ، ولست أتحامل على العطور فهناك أسماء الأزهار ، وأطيار ، وبدائل ، وأغيار ، تغنى عن هلام الواقع
وأنقل لكم مشهداً تلفزيونياً يبدو خالياً من الفحش في ظاهرة حين يصور لنا فتاة خلعت سترتها لتضعها أمام (الكاميرا) جانباً واختفت الصورة عن يديها لتنقل لنا جانباً من البحيرة لنسمع فقط صوت الماء خرير الماء وكأنها تغتسل فيها وتصادف مرور أحد رجال (الكاوبوي) وأخذ يتلفت ثم شده مصدر الصوت ونظر بخبث ثم نفث في فوهة مسدسه زهواً واعجاباً بما شاهده … وهذا يعنى الكثير لخيال الشباب فرفقاً بهم ، وهو من يعول عليهم رُقِّي الغد ..
ومشهد آخر لأحد رعاة البقر أيضاً يقتل خمسة رجال بمسدسه دفعة واحدة ثم يمضي بجواده بطلاً يمخر الريح ويخرق الصحراء .. مرعداً بعدما عصف ..

أسئلة تلوح على الذهن كيف نحمي جيل اليوم وما هو الحال الذي سيكون عليه جيل الغد .. والمطلوب فقط الإجابة عليها وبالسرعة الممكنة ليتدارك بإذن الله ما يحمد عقباه 0

عبدالله الوهابي
15-03-2006, 11:27 PM
لا تستغرب أو تستعجب العنوان أيها القاري العزيز ، وأرجو ألا تستنكف من هذا الحوار !! فليس غريباً في هذا الزمن ، ونحن نتفاوض مع " خنـزير نتن " أن نتحاور وحمار ... ذلك إذا تنازل الحمار وقبل بحوارنا ... !
فمن منا لم يمر بتجربة حوار " الأشياء " أو حوار الكائنات غير العاقلة ، كتلك التي تقتسم معنا الهواء والماء ... وربما الغذاء !! من منا لم يمر بالتجربة ؟! من منا لم يفقد صوابه في وقت من الأوقات وتحاور من قبل مع الجماد ! ؟ أو على الأقل تحدث إليه !! قل لي أيها القاري : كم من مرة تنبهت أو أفقت لتجد نفسك وأنت تكلم سيارتك وتلعنها وربما ترفسها بقدمك عندما تعاندك وترفض " الخدمة " والانصياع !!
وكم مرة وجدت في نفسك تثني عليها مبتسماً سعيداً بها لأنها أنجزت وأظهرت أصالتها وشهامتها ، ورفعت رأسك في يوم ماطر موحل وسط البحيرات والمستنقعات ؟! أعرف كثيراً من الناس – وخاصة من يقومون بالتعامل مع الأجهزة والمعدات أو يمتهنون إصلاحها وصيانتها – بينهم وبين الجماد الذي يعايشونه حوارات مستمرة ومفيدة انهم يحاورون حتى الأجهزة الخربة المعطلة الراقدة أمامهم مستسلمة لمفكاتهم وشواكيشهم ولأدوات الإصلاح ونيران الصهر واللحام !!
ولا شك في أنكم تتذكرون تلك العبارة الغاضبة التي دائماً ما نصرخ بها في ألم مخاطبين السكين في يدنا بعد أن يجرحنا ويسيل دماءنا أثناء استعماله !
وإذا كان الأمر كذلك : فلماذا نتعالى على كائنات حية تشاركنا الحياة ، وتقوم على خدمتنا وحمل أثقالنا ؟ أليس الحمار أولى بالحوار من الأشياء والموجودات الأخرى الجامدة الصامتة … غير الحية ؟!ما المانع من محاورة " أخ " في الحياة !! ما المانع من محاورة كائن حي وان كان " حماراً " ونحن نسوق الدنيا ونتسول العالم شرقه وغربه حتى " نشف ريقنا " ليقبل " وحش صهيوني " حوارنا والاستماع إلينا ؟!!
لقد قرأنا فيما مضى حوارات بين الحيوانات وبعضها مثلما جاء في " كليلة ودمنة " وقد استخلصنا من هذه القراءة عظيم العبر وجلي العظات ، فلكل حيوان طبائع وصفات جبل عليها وفطر ، ومن الحيوان الفطري تمثلت لنا الخصال والصفات الواضحة الخالصة ، بلا تزييف أو مواربة أو أقنعة … وقد تعلمنا جميعاً أن الوفاء للكلب ، واللؤم للحية والثعلب ، والشراسة للنمر ، والخسة للضبع ، والغدر للقط ، والقذارة للخنـزير ، وقوة الذاكرة والذكاء للفيل ، والصبر والتحمل للجمل ، والسرعة وخفة الحركة للغزال ، والقدرة على التقليد والمحاكاة للقردة والنانيس ، وتقليد الأصوات والكلام للبغباء !!
أما ضيف اليوم ... الحمار ... فأعتقد بعد حواري الجريء الصريح معه أعتقد بأنا قد ظلمناه برغم ما له من صفات عديدة بعضها حميد وبعضها الآخر نختلف عليه وننقسم بين مستنكر ومستحسن – بعيداً عن صوته – وقد تأكدت بأنه موصوم ظلماً وتجنياً بالغباء !! وجدته غير ذلك بل وأتصوره حكيماً ، فيلسوفاً بصمته واستكانته وصبره وقناعته ورضاه !!
أرى بأن تميزه بهذه الصفات وانحيازه إلى هذا السلوك يعود إلى درجة عالية من الفطنة والاستيعاب للواقع الذي يعيشه نوع من التأقلم للمواءمة الوظيفية في الحياة ولتقبل ظروف وجوده وسخرته والتسلط عليه !! إنها حكمة ومع ذلك فلا يود أحدنا .. ولا يقبل بل ويستاء .. لو وصف بأنه يشبه الحمار !!
لقد سبقني الأديب الراحل توفيق الحكيم في محاورة الحمار ، وأعتقد بأن وقت توفيق الحكيم غير الوقت والظرف غير الظرف وبالتأكيد فالحوار غير الحوار ، والحمار غير الحمار ، قد تختلف الآراء !! وقد يختلف رأي الحمير !!
فحماري يطل على العالم اليوم ويبتسم ساخراً ..! يبتسم ابتسامة الشامت ولسان حاله يقول : ألم تستوعبوا فعلي وسلوكي !؟ ألا بد أن انطق واصرخ في وجوهكم وأتكلم حتى تفهما طلاسم الأمر الواقع ؟ ألم اضرب لكم المثل والقدوة بالعمل ثم العمل ثم العمل .. في صمت وصبر وتحمل ؟!
ألم تروني وأنا اعمل دون أن التفت يميناً أو يساراً ؟!
ألم تروني اعرف واحفظ طريقي المعتاد جيداً لا أحيد عنه ولا أغيره ولم أبدله يوماً !؟
تلومونني وتعيرونني على كوني احمل الأثقال ، واجر العربات واركب وامتطي !!
نعم .. ولكني احمل ، واجر واركب مختاراً راضياً .. هذه مهمتي ولهذا خلقت !! افعل مختاراً بدلاً من أن احمل مجبراً مقهوراً والسوط يلهب ظهري !؟ بيدي لا بيد عمرو كما تقولون .. انه اختيار .. تفضيل .. بدائل !!
أنا صبور جداً . وحمال أسية ، ومتسامح مع من يشاركني الحياة !! ولكني اعرف متى وكيف احزن واعتمد العناد وسيلة للتعبير ... !! اعرف كيف ارفض الظلم والقهر بطريقتي وأسلوبي " الحميري " !! اعرف كيف اقف للعصا وأمام الكرباج !! فعندما تضيق بي السبل وافشل في التعامل والتفاهم مع صاحبي " العربجي " المتسلط الظالم .. سيد المواقف دائماً .. اقف به وبعربته أمام القطار تماماً فوق القضبان .. أقول كما قال عظيم منكم : عليّ وعلى أعدائي ..!!
• أنت لا تفهم شيئاً .. أنت غير قابل لتعلم .. لا تستوعب !
لا افهم .. ربما في عرفكم !! ولكن ما الذي تودنني أن افهمه ؟! وما الذي أحدثه فهمكم للأمور التي لا افهمها ولا استوعبها ؟؟! ماذا فعلتم بفهمكم ؟! وهل حقيقة أنكم فهمتم وتفهمون كما تدعون ؟
• أنت حمار .. غبي . !
• وهل أنتم أذكياء .. تفهمون ؟! أتصور – وأنا الحار الموصوم بالغباء – بأنكم لو فهمتم حق لتغيرت أحوالكم وتبدل عالمكم واستطعتم التكاتف في مواجهة الظروف المحيطة بكم !! ثم لو سلمنا جدلاً بأن الفهم من نصيبكم وحدكم .. ! فماذا يفيد " الفهم " والاستيعاب إذا لم يكن دافعاً لتغيير الواقع المر الذي يلفكم ويتربص بمستقبلكم ؟!
انه الفهم " العذاب " الفهم المؤرق المضني !!
إن الفهم أيها البشري المتفلسف .. يفرض أن يكون " نعمة " تضاف إلى النعم ..! أما فهمكم هذا فهو " النقمة " بعينها ! ما هي الميزة في فهم واستيعاب "نصف" الأشياء والأمور بينما "النصف " الآخر المكمل للصورة مبهم غير واضح ولو صادف واتضح نصفه الخفي لبعض الخاصة منكم فتأكد بأنهم من المعذبين في الأرض وسيتقلبون بقية عمرهم في شقاء وعناء وصياح وكتابة في محاولة مستميتة يائسة لتنوير الغالبية من العامة وحملهم على رؤية الصورة واضحة مكتملة و "فهم " الحقيقة وتأكد بان الأمر سينتهي بهم إلى الجنون البيّن !!
• نحن البشر نعيش سعداء ، وبشكل أفضل مما تعيش أنت وأمثالك .. نحن " نفهم " معنى الأشياء ، ونعي\ماهية السعادة والفرح والحزن والأفضل نستطيع أن نميّز وننتقي .. !! وعلاوة على ذلك فنحن لنا " ضمير " لا تملكه يا حمار !!
• ها ها .. آكل وتأكلون !! أشرب وتشربون !! أنام وتنامون !! اعمل وتعملون !! أتزوج وتتزوجون !! أتكاثر وتتكاثرون .. استمتع ولا أظنكم تستمتعون !!
ماذا ينقصني .. فهمت أم لم افهم ؟! بل تأكد بأنني وبعدم فهمي هذا – المزعوم – أحيا في سعادة وحياتي تمضي ايسر من حياتكم !! فان لا اعرف الظلم ، ولا أحارب بني جنسي طمعاً وتأسداً وتسلطاً ولا اقتل أخواني الحمير بلا دوافع منطقية مثلما تفعلون !! الكون يكفينا جميعاً ولا نلوثه والغذاء والكلا يكفينا جميعاً ونشبع والماء يكفينا ونرتوي لا اعتدي ولا اغتصب أعيش في سلام وأمن بلا فهم سقيم ولا إدعاء فارغ !
أما عن الضمير الذي تملكونه وتفاخرون به ولا أملكه : فهو سوط عليكم يؤرقكم بأفعالكم ولو امتلكته .. ما ارقني بأفعالي ... بل لأرحته واسترحت ..!!• أنت لك ذيل ... يا أبو ذيل ..!!
نعم إنه سلاح !! فزريبتي بها روث والروث له رائحة لأنه " نتن " وعليه تلتئم الحشرات وبذيلي أذب الذباب والناموس أدافع به على نفسي وأكافح الكائنات الطفيلية ! أما في المواسم والمناسبات السعيدة فيقف خلفي شخص مثلك تماماً وبيديه الناعمتين يخضب لي ذيلي بالحنة الحمراء لا تبختر به وأزهو واعبر عن سعادتي وسعادة راكبي !! ثم قل لي هنا كيف لك أن تعيرني بما لا تملك ولا تعرف ؟؟!
• روث .. نتن … كائنات طفيلية .. كفاح .. بذيلك .. زهو .. سعادة .. !قل لي يا حمار : بماذا كنت تكافح لو لم يكن لك ذيل ؟؟!!
ولو لم يكن لك ذيل ماذا كنت " ستّحني " في المناسبات السعيدة !؟؟

عبدالله الوهابي
16-03-2006, 07:20 PM
قرر صاحبنا الزواج وطلب من أهله البحث عن فتاة مناسبة ذات خلق ودين , وكما جرت العادات والتقاليد حين وجدوا إحدى قريباته وشعروا بأنها تناسبه ذهبوا لخطبتها ولم يتردد أهل البنت في الموافقة لما كان يتحلى به صاحبنا من مقومات تغري أية أسرة بمصاهرته وسارت الأمور كما يجب وأتم الله فرحتهم ، وفي عرس جميل متواضع اجتمع الأهل والأصحاب للتهنئة.
وشيئاً فشيئاً بعد الزواج وبمرور الأيام لاحظ المحيطون بصاحبنا هيامه وغرامه الجارف بزوجته وتعلقه به وبالمقابل أهل البنت استغربوا عدم مفارقة ذكر زوجها للسانها. أي نعم هم يؤمنون بالحب ويعلمون أنه يزداد بالعشرة ولكن الذي لا يعاملونه أو لم يخطر لهم ببال أنهما سيتعلقان ببعضهما إلى هذه الدرجة.
وبعد مرور ثلاث سنوات على زواجهما بدؤوا يواجهون الضغوط من أهاليهم في مسألة الإنجاب، لأن الآخرين ممن تزوجوا معه في ذلك التاريخ أصبح لديهم طفل أو اثنان وهم مازالوا كما هم ، وأخذت الزوجة تلح على زوجها أن يكشفوا عند الطبيب عل وعسى أن يكون أمراً بسيطاً ينتهي بعلاج أو توجيهات طبية.
وهنا وقع ما لم يكن بالحسبان ، حيث اكتشفوا أن الزوجة عقيم )!!
وبدأت التلميحات من أهل صاحبنا تكثر والغمز واللمز يزداد إلى أن صارحته والدته وطلبت منه أن يتزوج بثانية ويطلق زوجته أو يبقيها على ذمته بغرض الإنجاب من أخرى ، فطفح كيل صاحبنا الذي جمع أهله وقال لهم بلهجة الواثق من نفسه تظنون أن زوجتي عقيم؟!
إن العقم الحقيقي لا يتعلق بالإنجاب ، أنا أراه في المشاعر الصادقة والحب الطاهر العفيف ومن ناحيتي ولله الحمد تنجب لي زوجتي في اليوم الواحد أكثر من مائة مولود وراض بها وهي راضية فلا تعيدوا لها سيرة الموضوع التافه أبداً.وأصبح العقم الذي كانوا يتوقعون وقوع فراقهم به ، سبباً اكتشفت به الزوجة مدى التضحية والحب الذي يكنه صاحبنا لها وبعد مرور أكثر من تسع سنوات قضاها الزوجان على أروع ما يكون من الحب والرومانسية بدأت تهاجم الزوجة أعراض مرض غريبة اضطرتهم إلى الكشف عليها بقلق في أحد المستشفيات، الذي حولهم إلى ( مستشفى الملك فيصل التخصصي ) وهنا زاد القلق لمعرفة الزوج وعلمه أن المحولين إلى هذا المستشفى عادة ما يكونون مصابين بأمراض خطيرة .
وبعد تشخيص الحالة وإجراء اللازم من تحاليل وكشف طبي ، صارح الأطباء زوجها بأنها مريضة بداء عضال عدد المصابين به معدود على الأصابع في الشرق الأوسط ، وأنها لن تعيش كحد أقصى أكثر من خمس سنوات بأية حال من الأحوال والأعمار بيد الله.
ولكن الذي يزيد الألم والحسرة أن حالتها ستسوء في كل سنة أكثر من سابقتها ، والأفضل إبقاؤها في المستشفى لتلقى الرعاية الطبية اللازمة إلى أن يأخذ الله أمانته. ولم يخضع الزوج لرغبة الأطباء ورفض إبقاءها لديهم وقاوم أعصابه كي لا تنهار وعزم على تجهيز شقته بالمعدات الطبية اللازمة لتهيئة الجو المناسب كي تتلقى زوجته به الرعاية فابتاع ما تجاوزت قيمته الــ(260000 ريال) من أجهزة ومعدات طبية ، جهز بها شقته لتستقبل زوجته بعد الخروج من المستشفى وكان أغلب المبلغ المذكور قد تدينه بالإضافة إلى سلفة اقترضها من البنك .
واستقدم لزوجته ممرضة متفرغة كي تعاونه في القيام على حالتها ، وتقدم بطلب لإدارته ليأخذ إجازة من دون راتب ، ولكن مديره رفض لعلمه بمقدار الديون التي تكبدها ، فهو في أشد الحاجة لكل ريال من الراتب ، فكان أثناء دوامه يكلفه بأشياء بسيطة ما أن ينتهي منها حتى يأذن له رئيسه بالخروج ، وكان أحياناً لا يتجاوز وجوده في العمل الساعتين ويقضي باقي ساعات يومه عند زوجته يلقمها الطعام بيده ، ويضمها إلى صدره ويحكي لها القصص والروايات ليسليها وكلما تقدمت الأيام زادت الآلام ، والزوج يحاول جاهداً التخفيف عنها.
وكانت قد أعطت ممرضتها صندوقاً صغيراً طلبت منها الحفاظ عليه وعدم تقديمه لأي كائن كان ، إلا لزوجها إذا وافتها المنية .
وفي يوم الاثنين مساء بعد صلاة العشاء كان الجو ممطراً وصوت زخات المطر حين ترتطم بنوافذ الغرفة يرقص لها القلب فرحاً.. أخذ صاحبنا ينشد الشعر على حبيبته ويتغزل في عينيها ، فنظرت له نظرة المودع وهى مبتسمة له.. فنزلت الدمعة من عينه لإدراكه بحلول ساعة الصفر.. وشهقت بعد ابتسامتها شهقة خرجت معها روحها وكادت تأخذ من هول الموقف روح زوجها معها. ولا أرغب في تقطيع قلبي وقلوبكم بذكر ما فعله حين توفاها الله ولكن بعد الصلاة عليها ودفنها بيومين جاءت الممرضة التي كانت تتابع حالة زوجته فوجدته كالخرقة البالية ، فواسته وقدمت له صندوقاً صغيراً قالت له إن زوجته طلبت منها تقديمه له بعد أن يتوفاها الله.. فماذا وجد في الصندوق؟! زجاجة عطر فارغة ، وهي أول هدية قدمها لها بعد الزواج..وصورة لهما في ليلة زفافهم. وكلمة ( أحبك في الله ) منقوشة على قطعة مستطيلة من الفضة وأعظم أنواع الحب هو الذي يكون في الله ورسالة قصيرة سأنقلها كما جاء في نصها تقريباً مع مراعاة حذف الأسماء واستبدالها بصلة القرابة.
الـــرســــــالـــة :
زوجي الغالي. لا تحزن على فراقي فو الله لو كتب لي عمر ثان لاخترت أن أبدأه معك ولكن أنت تريد وأنا أريد والله يفعل ما يريد.
أخي فلان : كنت أتمنى أن أراك عريساً قبل وفاتي.
أختي فلانة : لا تقسي على أبنائك بضربهم فهم أحباب الله ولا يحس بالنعمة غير فاقدها.
عمتي فلانة ( أم زوجها ) : أحسنت التصرف حين طلبت من ابنك أن يتزوج من غيري لأنه جدير بمن يحمل أسمه من صالح الذرية بإذن الله.
كلمتي الأخيرة لك يا زوجي الحبيب أن تتزوج بعد وفاتي حيث لم يبق لك عذر، وأرجو أن تسمي أول بناتك بإسمي ، واعلم أني سأغار من زوجتك الجديدة حتى وأنا في قبري.

عبدالله الوهابي
18-03-2006, 03:03 AM
علاقة ليلية محرمة جمعت بين الأخ وزوجـة أخيه فتح لها الزوج الغافل الباب بمفتـاح الثقة ومد لهما البساط الأرحب دون أن يدرى ليمارسـا معاً الرذيلة فى أمان كامل.
فما أن يغـادر الأخ باب بيته متجهاً لعمله حتى يطـرق أخوه الباب من جديد لينعم بجسـد المــرأة التى استطاعت أن تقتسم فراش نومـها بين رجلين بـدم واحد وتسخر بفعلتها القذرة من صلة الأرحام التى شدد الرحمن على وصلها. العلاقة المحرمة لم تدم ليوم أو يومين بل استمرت سنوات طويلة فيما الزوج يعمل ويكــد وراء ريالات الطعام التى يقدمها لصغاره السبعة ، يكافح من أجلهم ويكابد لقاء راحتهم ولم يكن يحسب أن الزوجة التى شاركته رحلة الحياة كان لها فى الرحلة رأى مختلف. فلقد رفضت الحلال طعاما وفراشا واختـارت لنفسها جنة أخرى يسكنها شياطين .
تجرأت الزوجة على ربها وقدمت جسدها الرخيص هدية لأخـو الزوج وعم الصغار ومدت بجرأة شرشف الفراش الذى غادره الزوج المخدوع صباحا ليكون ملعبا دائما لنزوات أخيه. الغريب أن الحياة استمرت فى هذا البيت المملوء بأنفاس الخيانة والأغرب أن الزوج المخدوع لم يستشعر طيلة هذه الفترة بما يستوجب الريبة والشك بل ظل على طبيعته يقدم البسمات فى وجه أخيه ويقدم العطايا السخية لقاء رضا زوجته وأولاده الصغار الأبرياء السبعة كانوا سعداء كل السعادة بالأم والعم ليس لأنهما الأكثر حنانا وشفقة بل لأنهما أجادا بحق فى صناعة الحب الزائف ومنحا الصغار أقراصا مخدرة تعمى عيونهم ومرت الأيام ..الزوج فى غفلة والزوجة والأخ غارقان فى بحر الرذيلة والخيانة والأطفال السبعة ينعمون بدنيا ذات حنان متدفق يقدمه الأب بصدق ودفء وتمده الأم والعم بمشاعر أبليسية كاذبة
المفاجأة التى أعيت القلوب وربما أتعبت عقول المتعاملين مع القضية كان بطلها أخا الزوجة حيث ساقته قدماه للسؤال على شقيقته ووقتما دخل البيت وجدها فى أحضان أخو زوجها ينعمـان بساعة من ساعات الحرام قد تتعجبون اذا قلنا انه لم يستل سكينا ليثأر به لشرف الرجال ولم يرفع مسدسه لتكون طلقاته ممحاة للعار الذى سيظل عنوانا واضحا فى حياة اسرة كاملة ، لم يقتل الأخ والعشيق بل استقبل الحدث بوجه ثلجى بارد وبدأ يساومهما على السكوت المدفوع وبالفعل اشتريا منه صمته بثمن بخس ريالات معدودة ، وأقنعاه بلسان الشيطان أن الحب ولا شىء غير الحب ساقهما معا لهذا المصير . وارتضى أخو الزوجة أن يكون حارس الخطايا وحاجب نور الشمس عن عيون الزوج الغافل .. وعلى الرغم من تلاقى الزوج المخدوع وأخو الزوجة كثيرا إلا أن الريالات التى أمسكها بيده والوعود التى وعداه بها أعمت عيــونه وعقدت لسـانه عن النطق بكلمة الحق ..
واستمرت الخديعة لسنوات أخرى وبات البيت الذى أسسه الزوج المخدوع ليكون الواحة الجميلة الهادئة مسرحا للرذيلة له بطل وبطله وحارس يحول بين الزوج وكشف الحقيقـة . وياللعجب إذا كان صمت أخو الزوجة عما رآه مفاجأة أتعبت المتعاملين مع تفاصيل القضية فأغلب الظن أن ما سنذكره الآن قد أعياهم لأيام . فالمشهد الذى رآه الرجل لأخته لم يكن هو المشهد الأول فلقد رأها مرات مع أناس آخرين وفى كل مرة كان يقوم بدور المساوم يستجمع الأمــوال والريالات ويحصد الغنائم ، كان يجيد تمثيل دور الغيور الغاضب ويهدأ تماما متى اقترب الريال من يده .
نعم فلقد باتت خطايا الأخت ورذائلها كنزا يقود الأخ الى حافة الثراء . كلما شعر بالافلاس هدد بكشف الحقيقة للزوج ومتى ملكت يداه المال انعقد لسانه عن الكلام وفى يوم ساوم أخو الزوجة الأخت وعشيقها وطالبهما بمزيد من أموال وهددهما بقوة أن يكشف أمرهما ووقتما أحسا بنيته قدما له هدية العمر فلقد وعداه بـ50 الف ريال وبيت كامل اذا وقف بجوارهما ومد لهما يد العون من أجل الخلاص من الزوج . خمسون الفا وبيت كامل كانت هى آخر الأقراص المخدرة ذات المفعول الساحر التى أخرست لسان الأخ تماما وبالفعل اجتمع الثلاثة على مائدة الشيطان المملوءة بأذكى الحيل والالاعيب وبدأوا يخططون للفتك بالضحية المغلوبة. ولأنهم على مائدة ابليسية لم يخيب الشيطان لهم أملاً وقدم لهما الحبكة المعقودة بإحكام ودعاهم للتنفيذ الفورى بلا خوف الاثنين الرابعة فجرا كان هو الميقات والتاريخ ..
أما البداية فكانت إشارة متفق عليها بين الزوجة وعشيقها فعندما يغـط الزوج المخـدوع فى سبات عميق تشير الزوجة لعشيقها بدخول البيت بعد أن تكون قد خبأت له مسدساً كاتماً للصوت فى مكان آمن ومعلوم .
فى هذه الليلة خاصة لم ينـم الزوج على فراشه بل ترك سريره لينام أرضا بجوار صغاره السبعة فى غرفة الاطفال. ترك الفراش الملوث وكأنه اراد أن يموت نظيفا وينعم بساعات أخيره فى حضن أبرياء طهرة . أشارت الزوجة الى أخي زوجها عشيقها الآمل فى جنة صنعها الشيطان فتقدم غير هياب الى غرفة نوم الصغار ومدت الزوجة له المسدس ومنحته بدلالها عقار الجرأة وبالفعل وضع الأخ مسدسه فى قلب أخيه وصوب الطلقة المميته وخرج باسما فلقد خلا له اليوم الفراش وبات اللحم الرخيص العفن ملكا له وحده عيون الأبرياء السبعة النائمين جوار أبيهم لم تحرك رحمات العم وأنفاسهم الهادئة لم تقف حائلا بينه وبين الجريمة البشعة . بل نظر اليهم نظرة متحجرة تاركا الدماء المنسابه تسيل بأرض الغرفة مغادرا اياها وكأنه لم يفعل شيئا فى هذه الساعة ابتسم الشيطان ابتسامته القديمة بل نحسب أن هذا اليوم كان له عيدا فلقد نجحت الحيلة وقتل الرجل اخاه وأعاد بالدم المنساب قصة انصرمت من دهور وقرون . أعاد للحياة قابيل وهابيل من جديد.
خرج العم ينفض يده موجها كلماته للزوجة الباسمة قائلا عند هذا تنتهى مهمتى ودعاها واخيها لفاصل آخر اشد بشاعة من الموت وان كان لا يحمل للمقتول وجعا ولا ألما .
انصرف العم متجها لأحد اصدقائه ليضع أداة الجريمة عنده وديعة وأمانة ومن بعد الى بيته لينام قرير العين يحلم بليلة رخيصة يقضيها غدا فى احضان زوجة أخيه. لم تكتف أم الأولاد السبعة بمقتل زوجها ولم تقنع برحيله عن دنيا الوجود بلارجعة بل استدعت اخاها وحملا معا السكين وبدآ فى تقطيع جثة الزوج الملقاة قطعا صغيرة . قطّعا الساعدين والكفين والعضدين ومن بعد القدمين من مفصلهما ثم الساقين من مفصل الركبة وأحضرا أكياسا بلاستيكية وبدآ يوزعان الأعضاء فيها وأخفيا داخل احد الأكياس السكين المستخدم وانتقلا بالأكياس خارج الغرفة هى امرأة ولكنها بقلب من حجارة او قل من حديد..
امرأة وهبت نفسها للحرام فهان عليها كل شىء بدءا بالخداع ومرورا بالفاحشة وانتهاء بالقتل وتمزيق الاشلاء. خرج أخو الزوجة خارج المنزل ليستدعى المتهم الرابع ليساعده فى حمل الأكياس ويعينه فى اخفاء معالم الجريمة ولان المتهم الرابع ذاق من حلاوة الأنثى لم يرفض أملا ان يكون له فى الغد نصيب على مائدة هذا الجسد المشاع.
قاد المتهم الرابع السيارة حاملة الأكياس وبدأ يلقى بكل كيس فى مرمى مختلف من مرامى النفايــات كى تحترق فيختفى أثرها وإمعانا فى التضليل حمل الكيس الذى به الكفان ووضعه أمام بيت أحد خصماء القتيل آملا أن تنسب الشرطة اليه الجريمة متى وجدت الكفين أمام بيته أما القاتل فلقد قاد سيارة القتيل الى منطقة الكيلو 14 وتركها هناك وفى اليوم التالى أرسل أحد رفقائـه.
(المتهم الخامس) وهو أحد الهائمين بدلال هذه الزوجة والذى قام بدوره بنقل سيارة القتيل الى حى الرويس واوقفها فى احد الشوارع الفرعية هناك.. سيناريو منظم ومحكم لا مجال فيه للخطأ ولكن !!! بعد أن تأكد الجناة من تمام الجريمة كما خططوا لها وبعد أن اطمأنوا من ان عيون الأمن كانت أبعد من كشف السيناريو المحكم الذى نسجه الشيطان قام القاتل بكل جرأة وثقة بإبلاغ الجهات الأمنية عن تغيب أخيه عن المنزل شارحا ان اخاه خرج بسيارته للعمل ولم يعد منذ ثلاثة أيام. البلاغ الذى قدمه الجانى للشرطة كان بلاغا عاديا وبدأت الشرطة تواصل بحثها عن المفقود الغائب وبالسؤال عنه فى عمله تبين انه لم يحضر من تاريخه .
جدية بالغة تعامل بها ضباط التحقيق مع الأمر خاصة بعدما عثروا على كفي المجني عليه داخل كيس بلاستيكي ملقاة فى مكان غير مأهول بالسكان وبعد اجراء الفحوصات ومضاهاة بصمات الكف مع توقيع القتيل على أحد الصكوك بدأت الجهات الأمنية تكثف من جهودها واستدعت عدة أشخاص للتحقيق معهم وضيقت الخناق على أكثرهم ولكنها لم تصل الى حقيقة واضحة كان الشماغ والعقال المعلقان داخل غرفة القتيل أول الخيوط التى ساقت ضباط التحقيق الى الجانى فلقد جاءت اقوال الزوجة ان الزوج خرج بسيارته الى العمل صباحا ونست تماما أن رداءه مازال معلقا فى مكانه.
هذا الخيط جعل الضباط يضعون الزوجة فى دائرة الاتهام وبعد مزيد من الأسئلة بدأت الاعترافات تتوالى من الزوجة وأخو الزوج والأعوان وتم تصديق هذه الاعترافــات شرعا الغريب ان الخمسة رغم تصديق الاعترافات وتمثيلهم لوقائع الجريمة
عادوا لينقضوا أقوالهم مؤكدين للقاضي أنهم أكرهوا على الاعترافات وارغموا عليها
وبعد جلسات قضائية متعددة وصدور ثلاثة أحكام متفاوتة العقوبة ضد الجناة الخمسة صدر الحكم الأخير وتم تمييزه بالقتل لكل من الأخ والزوجة وشقيق الزوجة لشناعة فعلتهم وبشاعة جريمتهم والحكم بالسجن عشر سنوات للمتهم الرابع والخامس لمشاركتهما فى الجريمة وجلد كل واحد منهما الفي جلده مفرقة على أربعين دفعة على أن يكون الجلد فى مكان عام لا حول ولا قوة إلا بالله
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال ( الحمو - أخو الزوج - الموت )

عبدالله الوهابي
22-03-2006, 01:19 AM
الاخ ابو زيد تحياتي /// وشكراً على صراحتك وهي تعجبني ولا تغضبني وهذا القصة أخذتها من أحد القضاة بالمملكة وهذا الصحيح
وإليــكم هذه القصة ترون العجب العجاب
جلس خالد على مكتبه مهموماً حزيناً ولاحظ زميله في العمل صالح ذلك الوجوم والحزن على وجهه فقام عن مكتبه واقترب من خالد وقال له: خالد نحن إخوة وأصدقاء قبل أن نكون زملاء عمل وقد لاحظت عليك منذ قرابة أسبوع أنك دائم التفكير كثير الشرود وعلامات الهم والحزن بادية عليك وكأنك تحمل هموم الدنيا جميعها فإنه كما تعلم الناس للناس والكل بالله تعالى.

سكت خالد قليلاً ثم قال اشكر لك يا صالح هذا الشعور النبيل وأنا أشعر فعلا أنني بحاجة إلى شخص أبثه همومي ومشاكلي عسى أن يساعدني في حلها اعتدل خالد في جلسته وسكب لزميله صالح كوباً من الشاي ثم قال : القضية يا صالح أنني كما تعلم متزوج منذ قرابة الثمانية أشهر وأعيش أنا وزوجتي في البيت بمفردنا ولكن المشكلة تكمن في أن أخي الأصغر (حمد) ذا العشرين عاماً أنهى دراسته الثانوية وتم قبوله في الجامعة هنا وسيأتي إلى هنا بعد أسبوع أو أسبوعين ليبدأ دراسته ولذا فقد طلب مني أبي وأمي وبإصرار وإلحاح شديدين أن يسكن حمد معي في منزلي بدلاً من أن يسكن مع بعض زملائه الطلاب في شقة من شقق العزاب لأنهم يخشون عليه من الانحراف! والضياع فإن هذه الشقق كما تعلم تجمع من هب ودب والغث والسمين والمؤدب والضائع وكما تعلم فالصاحب ساحب.

رفضت ذلك بشدة لأنه كما لا يخفاك شاب مراهق ووجوده في منزلي خطر كبير وكلنا مرت بنا فترة الشباب والمراهقة ونعرفها جيداً و قد أخرج من المنزل أحياناً وهو نائم في غرفته وقد أتغيب عن المنزل أحياناً لعدة أيام بسبب ظروف العمل.. وقد.. وقد.. وقد..

ولا أكتمك سراً أنني قد استفتيت أحد المشايخ الفضلاء في هذا الموضوع فحذرني من السماح لأي شخص ولو كان أخي بأن يسكن معي ومع زوجتي في المنزل وذكر لي قول النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المجال (الحمو الموت ) أي أنه أخطر شيء على الزوجة هم أقارب زوجها كأخيه وعمه وخاله وأبنائهم لأن هؤلاء يدخلون البيت بكل سهولة ولا يشك فيهم أحد ومن هنا تكون الفتنة بهم أعظم وأشر. ثم إنه لا يخفاك يا صالح أن المرء يريد أن يخلو بزوجته وحدهما في بيته حتى يأخذ راحته معها بشكل أكبر وهذا لا يمكن أن يتحقق مع وجود أخي حمد في المنزل.

سكت خالد قليلاً وتناول رشفة من كوب الشاي الذي أمامه ثم تابع قليلاً وحين وضحت لأبي وأمي هذه الأمور وشرحت لهما وجه نظري وأقسمت لهم بالله العظيم إنني أتمنى لأخي حمد كل خير غضبوا مني وهاجموني عند الأقارب واتهموني بالعقوق ووصفوني بأنني مريض القلب وسيء النية خبيث القصد لأنني أسيء الظن بأخي مع أنه لا يعتبر زوجتي إلا مثل أخته الكبرى.

ووصفوني بأنني حسود حقود أكره لأخي الخير ولا أريده أن يكمل تعليمه الجامعي.

والأشد من كل هذا يا صالح أن أبي هددني قائلاً: هذه فضيحة كبيرة بين الناس كيف يسكن أخوك مع الأغراب وبيتك موجود والله إن لم يسكن حمد معك لأغضبن عليك أنا وأمك إلى أن نموت ولا نعرفك ولا تعرفنا بعد اليوم ونحن متبرئون منك في الدنيا قبل الآخرة.

أطرق خالد برأسه قليلاً ثم قال وأنا الآن حائر تائه فمن جهة أريد أن أرضي أبي وأمي ومن جهة لا أريد أن أضحي بسعادتي الأسرية فما رأيك يا صالح في هذه المشكلة العويصة ؟

اعتدل صالح في جلسته ثم قال: بالتأكيد أنت تريد رأيي في الموضوع بكل صراحة ووضوح ولذا اسمح لي يا خالد أن أقول لك إنك شخص موسوس وشكاك وإلا فما الداعي لكل هذه المشاكل والخلافات مع والديك ألا تعلم أن رضا الله في رضا الوالدين وسخطه في سخطهما وإذا سكن أخوك معك في منزل واحد فإنه سيقوم بشؤون وحوائج البيت في حال تغيبك لأي سبب من الأسباب وسيكون رجل البيت في حال غيابك.

سكت صاح قليلاً ليرى أثر كلامه على وجه خالد ثم تابع قائلاً: ثم إني أسألك لماذا سوء الظن بأخيك ولماذا تتهم الأبرياء بدون دليل أنسيت قول الله (‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) [سورة الحجرات، الآية: 12]. أخبرني ألست واثقاً من زوجتك ألست واثقاً من أخيك فقاطعه خالد قائلاً أنا واثق من زوجتي ومن أخي ولكن أيـ... فقاطعه صالح معاتباً قائلاً عدنا إلى الشكوك والأوهام والتخيلات ثق يا خالد أن أخاك حمد سيكون هو الراعي الأمين لبيتك في حال حضورك وفي حال غيابك ولا يمكن أن تسول له نفسه أن يقترب من زوجة أخيه لأنه ينظر إليها وكأنها أخته واسأل نفسك يا خالد لو كان أخوك حمد متزوجاً هل كنت ستفكر في التحرش بزوجته أو التعرض لها بسوء أظن أن الجواب معروف لديك خالد لماذا تخسر والدك وأمك وأخاك وتفرق شمل العائلة وتشتت الأسرة من أجل أوهام وتخيلات وشكوك واحتمالات لا حقيقة لها فكن عاقلاً وأرض أباك وأمك ليرضى الله عنك وإرضاء لشكوكك ووساوسك أنصحك أن تجعل حمد في القسم الأمامي من المنزل وتغلق الباب الفاصل بين القسم الأمامي وبقية غرف المنزل.

اقتنع خالد بكلام زميله صالح ولم يكن أمامه مفر من القبول بأن يسكن أخوه حمد معه في المنزل. بعد أيام وصل حمد إلى المطار واستقبله خالد ثم توجها سوياً إلى منزل خالد ليقيم حمد في القسم الأمامي وسارت الأمور على هذا المنوال.

ودارت الأيام دورتها المقدرة لها في علم الله تعالى وها نحن الآن بعد أربع سنوات وهاهو خالد قد بلغ الثلاثين من عمره وأصبح أباً لثلاثة أطفال وهاهو حمد في السنة الدراسية الأخيرة له وقد أوشك على التخرج من الجامعة وقد وعده أخوه خالد بأن يسعى له بوظيفة مناسبة في الجامعة وبأن يبقى معه في المنزل نفسه حتى يتزوج وينتقل مع زوجته إلى منزله الخاص به.

ذات مساء وبينما كان خالد عائداً بسيارته بعد منتصف الليل إلى منزله وبينما هو يسير في أحد الطرق في حارة مجاورة لمنزله إذ لمح من بعيد شبحين أسودين على جانب الطريق فاقترب منهما إذا بعجوز كبيرة في السن ومعها فتاة مستلقية على الأرض وهي تصرخ وتتلوى والعجوز تصيح وتولول أنقذونا أغيثونا يا أهل الخير. استغرب خالد هذا الموقف ودعاه فضوله إلى الاقتراب منهما أكثر وسؤالهما عن سبب وقوفهما على جانب الطريق فأخبرته العجوز أنهم ليسوا من أهل هذه المدينة حيث لم يمض على سكنهم فيها إلا أسبوع فقط وهم لا يعرفون أحداً هنا وأن هذه الفتاة هي ابنتها وزوجها مسافر خارج المدينة لظروف عمله وقد أصابتها آلام الطلق والولادة قبل موعدها المحدد وابنتها تكاد أن تموت من شدة الألم ولم يجدوا أحداً يوصلهم إلى المستشفى لتلد الفتاة هناك. ثم خاطبته العجوز والدموع تنهمر من عينيها وهي تتوسل إليه قائلة أرجوك أقبل قدميك اعمل معي معروفاً أوصلني وابنتي إلى أقرب مستشفى الله يحفظ لك زوجتك وأولادك من كل مكروه.

أثرت دموع العجوز وصراخ الفتاة الملقاة على الأرض في قلب خالد وتملكته الشفقة عليهما وبدافع النخوة والشهامة والمروءة ومساعدة المكروب وإغاثة الملهوف وافق على إيصالهم إلى المستشفى فقام بمساعدة العجوز بإركاب الفتاة داخل السيارة ثم انطلق بهم مسرعاً إلى أقرب مستشفى للولادة ولم تفتر العجوز أم الفتاة طوال الطريق عن الدعاء له بالخير والتوفيق وأن يبارك الله له في زوجته وذريته.
بعد قليل وصلوا إلى المستشفى وبعد إنهاء الإجراءات النظامية في مثل هذه الحالات دخلت الفتاة! إلى غرفة العمليات لإجراء عملية قيصرية لها لتعذر ولادتها ولادة طبيعية.

وإمعاناً من خالد في الكرم والشهامة والمروءة لم تطاوعه نفسه أن ينصرف ويدع هذه العجوز المسكينة وابنتها الضعيفة وحدهما قبل أن يتأكد من نجاح العملية وخروج المولود بسلام فأخبر العجوز أنه سينتظرها في صالة انتظار الرجال وطلب منها إذا انتهت العملية وتمت الولادة بنجاح أن تبشره بذلك واتصل بزوجته في المنزل وأخبرها أنه سيتأخر قليلاً في المجيء إلى البيت وطمأنها على نفسه.

جلس خالد في صالة انتظار الرجال وأسند ظهره إلى الجدار فغلبته عينه فنام ولم يشعر بنفسه. لم يدر خالد كم مضى عليه من الوقت وهو نائم. لكن الذي يذكره جيداً تلك المشاهد التي لم تمح من ذاكرته أبدأ إذ آفاق من نومه على صوت صراخ الطبيب المناوب واثنين من رجال الأمن يقتربون منه والعجوز تصرخ وتولول وتشير بيدها إليه قائلة هذا هو هذا هو.. دهش خالد من هذا الموقف فقام من مقعده واتجه مسرعاً صوب أم الفتاة وبادرها بلهفة قائلاً هاه هل تمت الولادة بنجاح.

وقبل أن تنطق العجوز بكلمة اقترب منه ضابط الأمن وقال له أنت خالد قال نعم فقال له الضابط نريدك خمس دقائق في غرفة المدير؟ دخل الجميع غرفة المدير وأغلقوا عليهم الباب وهنا أخذت العجوز تصرخ وتضرب وجهها وتلطم خدها وتشد شعرها وهي تصيح قائلة هذا هو المجرم السافل أرجوكم لا تتركوه يذهب وا حسرتاه عليك يا ابنتي.. بقي خالد مدهوشاً حائرأ لا يفهم شيئاً مما حوله ولم يفق من دهشته إلا عندما قال له الضابط هذه العجوز تدعي أنك زنيت بابنتها واغتصبتها رغماً عنها فحملت منك سفاحاً ثم لما هددتك بأن تفضحك وتبلغ عنك الشرطة وعدتها بأن تتزوجها ولكن بعد أن تلد ثم تضعوا الجنين عند باب أحد المساجد ليأخذه أهل الخير ويوصلوه إلى دار الرعاية الاجتماعية! صعق خالد لسماع هذا الكلام واسودت الدنيا في عينيه ولم يعد يرى ما أمامه وتحجرت الكلمات في حلقه واحتبست الحروف في فمه وسقط على الأرض مغمىً عليه.

بعد قليل أفاق خالد من إغماءته فرأى اثنين من رجال الأمن معه في الغرفة فبادر الضابط المختص قائلاً: خالد أخبرني بالحقيقة ملامحك تنبئ أنك شخص محترم ومظهرك يدل على أنك لست ممن يرتكب مثل هذه الجرائم المنكرة. فقال خالد والألم يفطر قلبه: يا ناس أهذا جزاء المعروف أهكذا يقابل الإحسان أنا رجل شريف عفيف وأنا متزوج وعندي ثلاثة أطفال ذكران سامي وسعود وأنثى هنادي وأنا أسكن في حي معروف.

لم يتمالك خالد نفسه فانحدرت الدموع من عينيه إنها دموع الظلم والقهر إنها دموع البراءة والطهر ثم لما هدأت نفسه قص عليه خالد قصته كاملة مع تلك العجوز وابنتها!

ولما انتهى خالد من إفادته قال له الضابط هون الأمر عليك أنا واثق أنك بريء ولكن القضية لابد أن تسير وفق إجراءاتها النظامية ولابد أن يظهر دليل براءتك والأمر بسيط في مثل حالتك هذه فقط سنقوم بإجراء بعض التحاليل الطبية الخاصة التي ستكشف لنا الحقيقة! فقاطعه خالد أية حقيقة؟! الحقيقة أنني بريء وشريف وعفيف ألا تصدقونني إن الكلاب لتحسن لمن أحسن إليها ولكن كثيراً من البشر يغدرون ويسيؤون لمن أحسن إليهم!

في الصباح تم أخذ عينات من الحيوانات المنوية لخالد وأرست إلى المختبر لفحصها وإجراء الاختبارات اللازمة عليها وجلس خالد مع الضابط المختص في غرفة أخرى وهو لا يفتر عن دعاء الله واللجوء إليه أن يكشف الحقيقة!

بعد ساعتين تقريباً جاءت النتيجة المذهلة لقد أظهرت التحاليل الطبية براءة خالد من هذه التهمة الكاذبة فلم يملك خالد نفسه من الفرحة فخر ساجداً على الأرض شكراً لله تعالى على أن أظهر براءته واعتذر الضابط عما سببوه له من إزعاج وتم اقتياد العجوز وابنتها الفاجرة إلى قسم الشرطة لمتابعة التحقيق معهما واتخاذ الإجراءات اللازمة بحقهما.

حرص خالد قبل مغادرة المستشفى على توديع الطبيب المختص الذي باشر القضية فذهب إليه في غرفته الخاصة به مودعاً وشاكراً لجهوده ولكن الطبيب فاجأه قائلاً: لو تكرمت أريدك في موضوع خاص لدقائق فقط بدأ الطبيب مرتبكاً بعض الشيء ثم استجمع شجاعته وقال: في الحقيقة يا خالد من خلال الفحوصات التي أجريتها لك أشك أن عندك مرضاً ما!! ولكنني غير متأكد من ذلك ولذلك أريد أن أجري بعض الفحوصات لزوجتك وأطفالك لأقطع الشك باليقين؟

فقال خالد وقد بدا الخوف والفزع على محياه أرجوك يا دكتور أخبرني ماذا لدي إنني راض بقضاء الله وقدره ولكن المهم عندي هو أطفالي الصغار إنني مستعد للتضحية من أجلهم ثم أجهش بالبكاء أخذ الدكتور يهدئ من انفعاله ويطمئنه ثم قال له: أنا في الحقيقة لا أستطيع أن أخبرك الآن بشيء حتى أتأكد من الأمر فقد تكون شكوكي في غير محلها ولكن عجل بإحضار أطفالك الثلاثة!!

بعد ساعات معدودة أحضر خالد زوجته وأطفاله إلى المستشفى وتم إجراء الفحوصات والتحاليل اللازمة لهم ثم أوصلهم إلى السيارة وعاد هو ليتحدث قليلاً مع الطبيب وبينما هما يتحدثان سوياً إذ رن جوال خالد فرد على المتصل وتحدث معه لدقائق ثم أنهى المكالمة وعاد للحديث مع الطبيب الذي بادره قائلاً من هذا الذي تقول له إياك أن تكسر باب الشقة؟ فقال له هذا أخي حمد إنه يسكن معي في الشقة نفسها وقد أضاع مفتاحه الخاص به وهو يطلب مني أن أحضر بسرعة لأفتح له الباب المغلق
فقال الدكتور متعجباً ومنذ متى وهو يسكن معكم؟
فقال خالد منذ أربع سنوات وهو الآن يدرس في السنة النهائية من الجامعة.
فقال له الدكتور هل يمكن أن تحضره لنجري عليه بعض الفحوصات لنتأكد هل المرض وراثي أم لا؟
فقال خالد بكل سرور غداً سنكون عندك!

وفي الموعد المحدد حضر خالد وأخوه حمد إلى المستشفى وتم إجراء الفحوصات والتحاليل اللازمة لحمد وطلب الطبيب من خالد أن يراجعه بعد أسبوع من الآن ليعرف النتيجة النهائية ويتأكد من كل شيء ظل خالد طوال الأسبوع قلقاً مضطرباً وفي الموعد المحدد جاء إلى الطبيب الذي استقبله بكل ترحاب وطلب له كوباً من الليمون لتهدأ أعصابه وبدأ يحدثه عن الصبر على المصائب والنكبات وأن هذه هي حال الدنيا! فقاطعه خالد قائلاً أرجوك يا دكتور لا تحرق أعصابي أكثر من ذلك أنا مستعد لتحمل أي مرض وهذا قضاء الله وقدره فما هي الحقيقة؟ طأطأ الدكتور برأسه قليلاً ثم قال: في كثير من الأحيان تكون الحقيقة أليمة قاسية مريرة!! لكن لابد من معرفتها ومواجهتها!! فإن الهروب من المواجهة لا يحل مشكلة ولا يغير الواقع.
سكت الطبيب قليلاً ثم ألقى بقنبلته المدوية قائلاً: خالد أنت عقيم لا تنجب!! والأطفال الثلاثة ليسوا أطفالك بل هم من أخيك حمد.
لم يطق خالد سماع هذه المفاجأة القاتلة فصرخ صرخة مدوية جلجلت في أرجاء المستشفى ثم سقط مغمى عليه.

بعد أسبوعين أفاق خالد من غيبوبته الطويلة ليجد كل شيء في حياته قد تحطم وتهدم.

لقد أصيب خالد بالشلل النصفي وفقد عقله من هول الصدمة وتم نقله إلى مستشفى الأمراض العقلية ليقضي هناك ما تبقى له من أيام.
وأما زوجته فقد أحيلت إلى المحكمة الشرعية لتصديق اعترافاتها شرعاً وإقامة حد الرجم حتى الموت عليها.
وأما أخوه حمد فهو قابع وراء قضبان السجن ينتظر صدور العقوبة الشرعية بحقه.
وأما الأطفال الثلاثة فقد تم تحويلهم إلى دار الرعاية الاجتماعية.. ليعيشوا مع اللقطاء والأيتام. ومضت سنة الله الباقية (الحمو الموت) (وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا‏).
والرجاء القرآءة
من كتاب: قصص مؤثرة للشباب
أحمد بن سالم بادويلان

عبدالله الوهابي
22-03-2006, 02:29 PM
المحمود الله جل جلاله ، والمصلى عليه محمد وآله ، والمدعو له الإسلام ورجاله وبعد :
هل اليهودية ذات منشأ يمني ، أم أنها قادمة من خارج جزيرة العرب وفق ما هو مسود؟ نحاول الإجابة على هذا التساؤل في ذروة حرب الاقتلاع والنفي الصهيونية ، وفي ظل سيادة ثقافة عربية تظل التوراة واليهودية ، فيما الزجليات التوراتية نتاج عربي مسرحها اليمن ، وفيما بدأت تخرج إلى العلن نتائج الأبحاث الأثرية الإسرائيلية التي تؤكد غياب أي اثر يدعم إسقاطات التوراة في فلسطين .
اليهود نسبة للنبي هُود
جاء في قاموس " الصحاح للجوهري " ، وهو الأقدم بين القواميس العربية ، ان : " هاد يهود هوداً: تاب ورجع إلى الحق . فهو هائد مقدم هُود . وقال أبو عبيدة : التهود : التوبة والعمل الصالح. وهاد وتهوَّد إذا صار يهودياً. وهُود اسم نبي ينصرف . والهُود : اليهود (1).
والنبي هُود يرد ذكره في القرآن في عدة سور: (هود ، الأعراف ، ق ، الشعراء، الأحقاف ) . وهو نبي مرسل إلى قوم عادٍ في الأحقاف ، شمال شرق حضرموت . يؤكد المؤرخ اليمني القاضي محمد بن علي الأكوع الحوالي ، إن الآية 129 من سورة الشعراء تورد "كيف خص الله عاداً، قوم نبي الله هود عليه السلام بالتعنيف عن قبول دعوة نبيهم إلى العمارة وإشادة القصور... ولا ريب أن هوداً وقومه من أصل العرب اليمنيين ، وأنهم كانوا في أرض الأحقاف من حضرموت (2) ويقول أيضا: " الأحقاف اليوم ، ومن قبله بآلاف السنين ، مناطق جرداء محرقة ، وقبيلة عاد بإجماع المؤرخين والمفسرين ، قبيلة يمنية (3). كما يورد ابن واضح في كتابه ( تاريخ اليعقوبي ) " أن ملوك اليمن كانوا يدينون بعبادة الأصنام في صدر ملكهم ، ثم دانوا بدين اليهودية ، وتلوا التوراة " (4).

الاختلاف في نسب النبي هود
يقول الهمداني في كتابه " الإكليل " ، افترق الناس في نسب هود ، فمنهم من قال " أن قحطان هو ابن هود بن ارم بن سام بن نوح ( قحطان وعدنان أصل العرب) ومن قال ، أن هود غير قحطان ( الذي يرد في التوراة باسم قطن ) ، ومن قال ، أنه هو قحطان بن عابر بن شالح... بن سام (5).
أما الشاعر اليثربي حسان بن ثابت الأنصاري الذي كان يهودياً وأسلم ، فقد قال (6) :
فنحـن بنو قحطان والملك والعلا
ومنـا نبـي الله هُود الأخايـر
وإدريس ما إن كان في الناس مثله
ولا مثـل ذي القرنين أبنا عابر
وصالح والمرحـوم يونس بعد ما
ألآت بـه حوتٌ باخلب زاخـر
شعيب والياس وذو الكفل كلهــم
يمانيون قد فازوا بطيب السرائر

وذو القرنيـن في شعر حسان هو الفاتح العظيم الصعب بن رائش الحميري ، فيما ذو الكفل هو دانيال صاحب السفر في التوراة والذي يقع قبره حتى اليوم في قرية هارون جنوب اليمن (7) .
وإذا كانت قرية وقبر النبي هود في منطقة الأحقاف قرب حضرموت ، فإن قبيلة باسم هود ما زالت تقيم في حضرموت بين قريتي هود وظفار (8) ، في حين أن اليهودية التي تسقط تعسفاً على أنها اسم الضفة الغربية الفلسطينية ، فما زالت في اليمن ، حيث حصن اليهودية في مخلاف العرافة من بلاد خبّان (9) جنوب شرق ظفار ، ويشعب اليهود يسكنها بنو زيد في يافع السفلى جنوب اليمن (10) ابرهيم عبراني ، وموسى آرامي ، فأين اليهودي؟
إذا النبي هود واليهودية المنسوبة له كعشيرة نتاج يمني ، لكنه لا يرد في التوراة ، فسفر التكوين ، وهو أول أسفار التوراة، يتكلم عن إبرهيم وإبرام ويعقوب ويوسف العبرانيين ، فيما عدا يعقوب الذي بدل نسبه وانتسب إلى جدته سارة ( ساراي من بني ساري ) وبات اسمه إسرائيل .
أمـا موسى الـذي كـان يعبد البركان في مرحلة من سيرته ، فإنه يقول في سفر التثنية : " آرامياً تائهاً كان أبي فانحـدر إلى مصر وتغـرب هناك ". والسؤال أين النسب اليهودي في الأسفار؟ في رسائل القديس بولس العربي ( بولس في انساب العشائر اليمنية ) الملحقة بالأناجيل ، رسالة إلى العبرانيين ، لكن " بيير رويسي " يرى أن " الرسالة إلى العبرانيين مرفوضة من شراح الكتاب المقدس ، لأنها مضافة هامشياً ، وليس من اتفاق على تفسير معنى ( عبري ) ، لأنه يصعب أن نعرف العبرانيين بواسطة المكان أو الزمان أو بمعونة علم الاجتماع أو الأديان (11) ، لكن الحقيقة أن العبران هناك في عُمان ومن الدلائل :
1- يورد الباحث اليمني مطهر الأرياني في كتابه " نقوش مسندية وتعليقات " محتوى النقش رقم 32 الذي يتكلم عن حملة سعد تالب كبير أعراب ملك سبأ وكندة ومذجح إلى عبران حيث عاد ورابط في مدينة نشق (12) ونشق هذه تقع في الجوف شرق اليمن.
وعبران الواردة في النقش هي اليوم ولاية " عبري " العُمانية وقربها ولاية سمائل (صموئيل في التوراة ) (13).
2- أن كلمة عبران لا تشذ عن جذر عبر اللغوي . فالعابر هو غير المستقر، البدوي المتنقل ، الذي كان على تناقض مع الكنعان الثابتين المزارعين ، حيث الكنعان من جذر كنع : ثبت ، لصق . وفي الجغرافية التاريخية العربية التي تغلب الصحراء فيها على المناطق الزراعية ، دلالات على الصراع بين البداوة والحضر ، تم اختصارها في مصطلحات : قابيل وهابيل ، العبران والكنعان ، إعرابي ونبطي ، بداوة وحضر ، وقبلها قحطان وعدنان (14). أليست أسفار التوراة روايات لعشائر رحّالة أقحطت أراضيها؟
3- إبرهيم بدوي عبراني عربي ، وكذلك ذريته. فيعقوب اسم كما إيهود ويهود ، وآمن ويا من ، أساسه أعقوب بدلت الهمزة فيه إلى ياء ، كما اسحق يتسحاق ، وصائغ وصيّاغ (15). وفي صحاح الجوهري ، هو من جذر عقب ، " فاليعقوب ذكر الحجل ، والعقاب طائر ، وجمع القلة أعقُب (16) وسواء كان يعقوب نسبة لذكر الحجل ، أو لأنه اعقب توأمه عيسو في الولادة ، فإنه اسم عربي التسمية. وحتى عندما بدل اسمه وانتمى إلى عشائر جدته سارة ، ساري ، فإن الجمع النسبي العشائري كان السرايين ، وبالهمز اسرائين وإسرائيل (17) وما زال " بنو ساري من قرى بلاد يريم (18) جنوب صنعاء على مسافة من مدينة حبرون في منطقة الواحدي شمال عدن ، قرب مدينة الروضة التي ما زال يسكنها حتى اليوم عشائر آل بن إسرائيل وآل النجار (19) وحبرون تسقط اليوم تعسفاً على أنها مدينة الخليل.
أين اليهود في الناموس؟
إذا في الأسفار الأولى الأساسية التي يختصرها معظم البحّاثة على أنها التوراة ، وتسمى الناموس (والناموس مصطلح شائع في لغتنا اليومية في بلاد الشام ، حيث يقال: فلان بلا ناموس ، أي بلا أخلاق وضوابط وشرائع) ، وهي أسفار: التكوين ، الخروج ، اللاويين ، العدد ، التثنية ( قرية بيت لاوي غرب صنعاء وليس في فلسطين ) ، يرد مصطلح العبراني ، الآرامي ، بني إسرائيل ، ولا ترد عبارة يهود أبدا . فحتى في السفر السابع وهو سفر القضاة ، يرد اسم ( إهود بن جيرا ) ، وفي السفر الثاني عشر المسمى الملوك الثاني ، يرد ان " اليهود طردوا من أيلة التي جاءها الآراميون " ، وفي السفر نفسه ( الإصحاح 18 الفقرة 26 ) : " فقال الياقيم ( علقمة بالعربي ) بن حلقيـا وشبنة ويواخ لربشاقي ، كلم عبيـدك بالآرامي لأننـا نفهمه ، ولا تكلمنا باليهودي في مسامع الشعب الذين على السور ". وربشاقي هـذا مرسل من ملك لخيش ( أي ملك لحج وهي منطقة يمنية). وبالمحصلة ، كان موسى آرامياً ، لكن عشائر الآراميين كانت في حال صراع مع بني إسرائيل ، ومع عشائر اليهود أيضا، لكن الآرامية كانت لهجة البعض في الوقت نفسه! فكيف أصبحت الزجليات التي تتحدث عن ترحال إبرهيم العبراني وذريته ، وموسى وشرائعه ، كتاباً دينياً لعشيرة اليهود غير الواردة في التوراة، وكيف فرضت على عشائر أخرى ومتى؟
لا آثار توراتية في فلسطين والنقوش اليمنية
في عدد 5/12/1995 من مجلة " التايم " تحقيق بعنوان " هل التوراة حقيقة أم خيال " يخلص إلى انه ليس من أثار في فلسطين تدل على مسرح أنبياء التوراة كذلك مجلة نوفال اوبزرفاتور الفرنسية عدد 11-17/7/.2002 كما أن المسود في الفكر التوراتي اليوم ، أن ابرهيم جاء من حرّان في العراق إلى فلسطين وقطع الصحراء دونما إشارة إلى أحداث هذا الانتقال، في حين أن ترحاله إلى "مصر عبر صحراء سيناء" وعودته من لدن الفرعون ( أي فرعون؟ في الأقصر والكرنك جنوب القاهرة ام أين؟ ) عبر هذه الصحراء لا إشارة له في التوراة. والسبب أن مسرح هذه البداوة المتنقلة لم يكن هنا ، بل في جنوب اليمن . لكن السؤال الذي يطرح هو: هل في النقوش اليمنية المسندية التي تبلغ الآلاف إشارة إلى أنبياء التوراة أو إلى عشائر اليهود؟ والجواب كلاّ رغم ورود أسماء توراتية ، إلا أن أسماء المدن والقرى الكنعانية وغير الكنعانية الواردة في الزجليات التوراتية ما زالت موجودة في اليمن ، وهذه أهم من النقوش ، ومنها : يراخ ( أريما ، وهي يريخو بالسريانية المستخدمة في عبرية اليوم ) وعراد وآكام المرايم ، ومدفن يشوع بن نون ، وحبرون ( المسقطة على مدينة الخليل ) وجرار ( حيث تقرب ابرهيم ولا وجود لها في فلسطين ) ، والنيل وهو نهر شمال شرق مأرب ، وصحراء سناء في حضرموت التي أسقطت في ما بعد على اسم سيناء بين مصر (بلاد القبط تاريخياً) وفلسطين واليهودية جنوب صنعاء... ومئات من الأسماء التي لا وجود لها في فلسطين ومحيطها ، كما أن المؤرخين العرب من الطبري إلى الهمداني يحددون أسماء فراعنة مدينة مصر أيام يوسف وموسى!
أما في النقوش الأثرية اليمنية ذات اللغة والحرف الكنعاني وليس العبري فترد إشارة إلى ( عبران ) ، كما يرد في نقش "بيت الأشول" الذي يعود إلى عصر ملوك سبأ ، اسم صاحب النقش وهو ( يهودا يكف ) (20) وأسماء مثل : أشوع ويشوع ، في حين أن الآلهة الوثنية المتعددة تصاحب كل نقش ، فيما عدا نقش متأخر عثر عليه الباحث مطهر الإرياني في منطقة ناعط ، وردت فيه عبارة الإله الذي في السماء ، وعبارة آمين (21) فالنقوش اليمنية كتبت من أقيال ( وكلاء ) أو قادة يكرسّون حدثاً لأسيادهم وادعية للآلهة لحفظهم ، أو كتبت بمناسبة حفر بئر (مصنع أو كريف) أو رحلة صيد ، أو صد غارات أو العودة من معارك. لكن الوثنية ظاهرة بوضوح. يقابل ذلك التساؤل البسيط وهو; متى عبدت عشائر العبران أو بنو إسرائيل إلهاً واحداً ؟ فكل الأسفار ليست إلا تقريعاً لهؤلاء بسبب عودتهم إلى عبادة الأوثان وتخليهم عن الشرائع.
ويبقى التساؤل المهم هو: متى تحولت الزجليات التوراتية التي ظلت محفوظة باللهجة السريانية (لهجة ملوك حمير من سبأ) إلى كتاب ديني التزمته عشائر اليهود، ومتى فرض على عشائر أخرى، وبأية سلطة أو كهنوت؟
إن الإجابة على هذا التساؤل مسألة ليست بالمتناول حتى الآن ، علماً أن صراع البداوة والحضر الذي طبع تاريخ المنطقة واليمن تحديداً ، والامبراطوريات اليمنية التي غزت مشارق الأرض ومغاربها (22) والحضارات اليمنية العظيمة التي انتجت الحرف والكتابة والسدود وتدجين الحيوانات وتأصيل النباتات وتقنيات قطع الأحجار الكبيرة (23) ، كل ذلك أدى في النهاية إلى عزلة اليمن منذ ما قيل الإسلام حتى اليوم حيث اندثرت حضارات ومزقت شعوب وتفرقت " أيادي سبأ " كما يقول المثل. إضافة إلى وجود أنبياء ورسالات حفظت كزجليات لا يستدعي فرض دين ، إذا لم تفرضه سلطة ما. فالمسيحية كانت منتشرة قبل قسطنطين لكنه فرضها على الدولة الرومانية وشعوبها عام 350م حيث أرسيت سلطاتها الكهنوتية ، وشاعت مفاهيمها بعد فترة اضطهاد حادة ، وانتشرت أناجيلها المدوّنة باتساع . في حين أن السريانية كانت حافظة لزجليات التوراة وليس العبرية التي لا اثر لها في المنطقة ، والتي بطل استخدامها حوالى 300 ق.م.
يهودية ملوك حمير ويثرب
من ناحية ثانيـة ، فإن شجرة نسب أولاد سبأ بن قحطان بن هود ( حسب المؤرخ الحوّالي ) ، تشمـل عشائـر حمير ، وكهلان ، الأزد ، همدان ، حاشد ، وخولان ، والسكاسك وقضاعة ، وعمران ، وعذرة ، وعبد شمس ، وجشم ، وملوك حمير: الحارث الرائش ، ابرهة ذو المنار ، افريقش ، شمر يرعش ، تبع الأقرن ، تبع الأكبر ، ملكي كرب ، اسعد الكامل ، حسان ، عمرو الأصغر ، زرعة ، حسان الأصغر ، زرعة الأصغر ، زرعة ذو نواس ، سيف بن ذي يزن . وهذه العشائر وغيرها من نسل سبأ لم تشمل بني إسرائيل ولا " العبران " ، وكانت في ممالكها خلال الالف عام من ورود اسم سبأ وملوك حمير في النقوش اليمنية والبابلية تعبد الشمس والهلال والنار وآلهة لا حصر لها.
وإذا كان المؤرخ العربي " ابن واضح اليعقوبي " قد حدّد كما اسلفنا أن ملوك اليمن دانوا بعبادة الأصنام في صدر ملكهم ، ثم دانوا باليهودية ، فمن الواضح أن "يوسف ذو نواس" الملك الحميري كان على الديانة اليهودية التي كانت دين اليمن الرسمي ، وهو يسمى صاحب الأخدود الذي نظم مجازر بحق مسيحيي اليمن ونجران ، والذي احرق بعضهم في ما يسمى الأخدود الذي ورد في القرآن في سورة البروج : " قتل أصحاب الأخدود . النار ذات الوقود . إذ هم عليها قعـود . وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود . وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد". ولهذا القهر والاحراق والقمع ضد المسيحية في نجران واليمن اسباب كانت وراء حملة القائد المسيحي ابرهة الأشرم اليمني الأصل الحبشي الموطن ، الذي شنّ حملة على غرب اليمن ونجران والحجاز ، أدت إلى تدمير مدن وحصون ، والى موت ذي نواس . وكان ذلك عام 570 م أو عام الفيل. وقد استمرت سيطرة الأحباش المسيحيين علي اليمن حتى 575م حين استطاع ابن احد وكلاء ملوك حمير ، سيف بن ذي يزن أن يتحالف مع الفرس عبدة النار في طرد الأحباش وتدمير كنائس حضرموت وظفار وصنعاء ، بعد أن خذله المسيحيون من غسّان ولخم وعشائر سبأ في بلاد الشام ورفضوا مساندته ضد الأحباش (24).
كما أن " التبع اسعد الكامل" الذي يتصدر " سيرة الملوك التباعنة " والذي غزا مشرق الأرض حتى الصين (25) وكان يسمى " ملك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنت واعرابهم طودا وتهامهَ " ، كان يهوديا أيضا وكان بينه وبين ذي نوأس تسعة ملوك من بني حمير وقد اشارت النقوش إلى بعض مآثره عام 428م. وإذا كانت ممالك بني حمير قد امتدت من 115 ق م حتى 575م ، فإننا لا نستطيع تحديد جعل اليهودية دينا لهذه الممالك ، وان كنا نميل إلى أن نعتبر ظهور المسيحية بعد الميلاد بقليل شكّل التحدي للمفاهيم التوراتية ، وان جعل المسيحية دينا رسميا للدولة الرومانية عام 350م ومحاولاتها السيطرة على اليمن وانتشار المسيحية فيها ، شكلت التحدي الذي أيقظ الديانة اليهودية اليمنية. هذا مع الإشارة إلى أن اليهودية قبل 350م لم تكن مستنكرة على الصعيد الرسمي أو الشعبي. بل أن الكثير من نساء العرب كن ينذرن إذا ما رزقن بمولود ذكر أن يهوِّدنه (26).
عبر هذه الممالك اليمنية انتشر نوع من التديّن اليهودي المستند إلى المحفوظ من الزجليات التوراتية في البقاع التي شملتها سلطتها وفتوحاتها البرية والبحرية. لذلك نلاحظ أن حملة ابرهة الأشرم الحبشي المسيحي ضد مملكة اليمن المتهودة ، امتدت إلى نجران والحجاز ، حيث توقفت قبل مكة ويثرب.
أما في يثرب " المدينة " حيث قبر " هاشم " الجد الأكبر للنبي محمد فكانت العشائر اليمنية من الأوس والخزرج تتعاطى الزراعة، وكانت على تدين يهودي أيضا. لكن ذلك لم يمنع أن تسلم معظم هذه العشائر وان تناصر النبي باعتباره من عشيرة الأخوال ، بعد أن قاتله وتخلى عنه الأعمام في قريش. وقد اجمع المؤرخون من القاضي محمد بن علي الاكوع الحوالي ، إلى الهمداني في كتاب الإكليل ، أن الاوس والخزرج بطون من عشائر حارثة بن ثعلبة من عشائر الأزد السبائية اليمنية (27)، وان التهود لم يأت من فلسطين بل عبر ممالك حمير اليمنية. ومن الذين اسلموا من مشاهير يهود الاوس والخزرج هذه العينة (28).
أُبي بن كعب بن قيس بن عبيد الأنصاري كان قبل إسلامه حبراً من أحبار اليهود. ولما اسلم أصبح من كتاب الوحي.
اسعد بن زرارة بن عدس بن عبيد الأنصاري الخزرجي ، وكان نقيب بني النجار.
بشر المريسي ، فقيه معتزلي قيل أن أباه كان يهودياً.
حسان بن ثابت بن المنذر الخزرجي الأنصاري.
سعد بن عبادة بن حارثة الخزرجي وكان سيد الخزرج.
أبو سعيد الخدري الخزرجي ، أصبح مفتي المدينة.
سعيد بن أوس بن ثابت الأنصاري.
سند بن علي اليهودي.
عبد الله بن سبأ ، رأس الطائفة السبئية التي تقول بأُلوهية علي بن أبي طالب. قيل انه كان يهوديا واسلم.
عبد الله بن سلام بن الحارث الإسرائيلي ثم الأنصاري ، وكان احد أحبار اليهود.
كعب بن الأشرف الطائي ، تزوج من يهود المدينة ، ولم يسلم.
كعب الأحبار بن ماتع بن ذي هجن الحميري اليماني ، كان في الجاهلية من كبار علماء اليهود في اليمن ، نعيم بن مسعود الأشجعي .
هذه العينة من الممالك الحميرية ويهود الأوس والخزرج تؤكد المنشأ العربي لليهودية التي كانت أكثر انتشاراً من المسيحية في اليمن والجزيرة وعلى عكس بلاد الشام. فالمسيحية أخذت مؤمنيها من العشائر المتهودة والوثنية ، والإسلام كان مؤمنوه من الأديان التي سبقته ومن الوثنية ، وهكذا ظلت في ثنايا العشائر العربية مجموعات يهودية استقرت في المدن غالبا حيث القرب من السلطة ، وفي المرافئ القريبة والبعيدة ، وظل بعضها على الشكل العشائري كما في تونس واليمن حتى اليوم.
هذا التدين اليهودي الشعبي ، كان يستند في غياب تدوين التوراة، وفي غياب سلطة كهنوتية منظمة ، على الزجليات التوراتية المحفوظة تماما كسيرة بني هلال ، التي تحدثت عن عشائر يمنية وما صادفها في ترحالها من اليمن حتى المغرب العربي ، والتي كان يحفظ سيرتها أجدادنا، تماما كما كانوا يروون حكايات سيدنا إبرهيم ويوسف وموسى وأيوب. وبما أن التشريعات التوراتية لا تخرج بغالبها عن الثقافة الشعبية ، فان التدين كان سهلا رقيقا حفظه المثل الشعبي المقدسي على انه رقيق " رق دين اليهودي ".
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلــم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المـراجـــع

1. قاموس الصحاح ، للجوهري. ص.557 ج،2 دار العلم للملايين، بيروت .1984
2. القاضي محمد بن علي الاكوع الحوالي. اليمن الخضراء مهد الحضارة. مكتبة الجيل الجديد. ط 2 - 1982 ص .219
3. المرجع السابق ص .323
4. المرجع السابق ص .345
5. الهمداني ، كتاب الإكليل ، ج أول ص 87 منشورات المدينة - صنعاء - تحقيق محمد بن علي الاكوع الحوالي، ط 3 - 1986 - صنعاء.
6. المرجع السابق ص .96
7. ابن المجاور الدمشقي. صفة بلاد اليمن ومكة وبعض الحجاز، المسماة: تاريخ المستبصر لابن المجاور. صححه: اوسكار لوفغرين. منشورات المدينة - صنعاء. ص .258 والجزء 8 من الإكليل للهمداني ص .246
8. ابراهيم احمد المقمفي. معجم المدن والقبائل اليمنية - دار الكلمة - صنعاء 1985 - ص .454
9. المرجع السابق ص .479
10. حمزة علي لقمان ، تاريخ القبائل اليمنية. دار الكلمة ، صنعاء 1985 ص .192
11. بيير روسي - مدينة ايزيس - التاريخ الحقيقي للعرب. ترجمة فريد جحا. وزارة التعليم العالي . دمشق 1980 ص .23
12. مطهر علي الارباني. نقوش مسندية وتعليقات. مركز دراسات البحوث اليمنية، ط.2 1990 ص 200 - .201
13. عمان 98/ 1999 وزارة الأعلام ص .10
14. فرج الله صالح ديب. معجم معاني وأصول وأسماء المدن والقرى الفلسطينية - دار نوفل 1991 ص 20-.25
15. الصحاح للجوهري ، المعطيات السابقة ج3 ص 1324 وكتاب: مزوقات من كلام العرب في اللغة الفرنسية ، دار نوفل 2001 ص .154
16. الصحاح للجوهري ، المعطيات السابقة ج1 ص .187
17. المرجع السابق ج6 ص .2376
18. معجم المدن والقبائل اليمنية المعطيات السابقة ص .197
19. حمزة علي لقمان ، المعطيات السابقة ص .332
20. محمد عبد القادر بافقية. تاريخ اليمن القديم. المؤسسة العربية للدراسات، بيروت، 1973 ص.158
21. مطهر علي الارياني ، المعطيات السابقة ص .402
22. كتاب التيجان في ملوك حمير ، عن وهب بن منبه. الطبعة الأولى ، 1307 هـ الهــند ، حيــدر آبـــاد الدكن، ص .297
23. ارنولد توينبي ، تاريخ البشرية ، ترجمة د. نقولا زيادة. الأهلية للنشر،( 1/55 ) 1981م
24. محمد بن علي الاكوع الحوالي، المعطـيات الـسابقة ص (404 - 405 ) ومحمد عبد القادر بافقيه ، المعطيات السابقة ص ( 159 )
25. شوقي عبد الحكيم. سيرة الملوك التباعنة ص ( 15 ) . الدار المصرية اللبنانية – 1997م
26. د. محمد بيومي مهران. حضارات الشرق الأدنى. إسرائيل (1/214 ) 1983 القاهرة.
27. محمـد بن علي الاكـوع الحوالي ، المعطيات السابقـة ص 497 والإكليل للهمداني ج2 ص 54-60 و د. محمد الخطراوي. دمشق. دار القلم 1980 شعراء الحـرب في الجاهليـة عند الأوس والخزرج ص .12
28. د. عبد السلام الترمانينـي. ازمنـة التاريخ الإسلامي ج1 مجلد .2 الكويت المجلس الوطني للثقافة 1982 عدة صفحات .

عبدالله الوهابي
31-03-2006, 03:14 PM
الإسلام أباحه ولكنه يرفض أن يجعله امتداداً لشهوات بعض الرجال في التمتع والتسلط :
كاد لبها يطير وأوشك رأسها أن ينفجر , وطاش عقلها وهي تصيح وتولول بغير شعور تطلب الطلاق " طلقني .. طلقني فهي لا تدري ما تفعل ولا ما تعمل وهي ترى يومها الذي حسبته يوم عرس لها فأصبحت من يومها تعد الساعات وتحصي الدقائق والثواني وهي تمر كدهر طويل فتجهزت بأحسن وأجمل ما تتجهز به امرأة لإستقبال زوجها وحبيبها العائد من سفر بعيد بعد غياب طويل وانتظرته على أحر من الجمر ولكن ها هي ليتلها تتحول إلى مأتم كبير وها هي فرحتها بقدوم المسافر الغائب تتبدل وتذهب أدراج الرياح وذلك حين ألقى إليها الزوج الحبيب قنبلة من صنع يديه ! لقد تزوجت .

سامحيني :
لم يصبر عليها ولو تلك الليلة , بل لم يحسن اختيار أوقاته فيمهد لكلمته تلك طريقاً سهلاً معبداً يصل إلى قبل القلب من الزوجة بيسر وأمان دون خسران أو حرمان ولم يجد فن الزواج والحياة الزوجية وما جبلت عليه نفوس النساء من حب الزوج والغيرة عليه حتى من الهواء !! وزوجته المسكينة هي التي تدفع ثمن هذا التصرف غير الحكيم سواء من فرحتها بقدومه والتي طارت وتبددت ومن صحتها وعمرها فلربما ماتت من المفاجأة بالسكتة القلبية فيتحول الحبيب إلى قاتل ولو بالخطأ .

هياج وغضب :
لقد دفعها دفعاً – بسوء تصرفه وعدم تريثه – لأن تطلب الطلاق – وفي لحظة مرت كالبرق سادها هياج وغضب ,وثورة وعصبية , صاحت فيه .." طلقني .. طلقني .. لا أريد العيش معك .. لا أريدك .. لا أحبك طلقني .. لو كنت رجلاً أفعلها .
إنها كلمات مثيرة نطقت بها تلك الزوجة وهي في حالة أشبه باللاوعي ولولا لطف الله وعنايته لطاش عقل ا لزوج هو الآخر ولم يتمالك نفسه فغار لرجولته وانتقم لها ناطقاً تلك الكلمة التي هي أبغض الحلال عند الله , أنت طالق , وبعدها يتغير كل شيء من حوله البيت الزوجة الأسرة الأولاد ..
إنه موقف وكلمة تنقلب معهما موازين الأسرة , وتميل بهما شجرة المحبة بريح الشقاق التي لا تلبث أن تتحول إلى عواصف عاتية تقذف بالحب والمودة في أرض الأشواك التي تجرح كل من يحول الاقتراب منها.

حـرب بيـن حبيبيـن :
موقف وكلمة يصبح الأطفال بعدهما وكأنهم أسرى حرب في معركة كبرى ولكنها حرب بين حبيبين وتلك مصيبة عظمى وفي ظني أنه كان باستطاعة الزوج بقليل من الصبر والحكمة , والدهاء والحنكة ولين الجانب واختيار الوقت المناسب لإعلام زوجته بذلك الأمر كان يمكن تخطي حدوث هذه النتائج التي أعقبتها تلك المفاجأة وربما أثرته على نفسها وفضلت حاجته على حاجتها وباركت خطاه .
وكذلك كان على تلك الزوجة أن تتلقى ذلك الأمر بالصبر والاحتساب وإذا أتى اللوم والعتاب فبعيداً عن عيون الأطفال وإن كان زوجها قد جانب الصواب في طريقة إبلاغها فما هكذا تؤخذ الأمور بل بالحكمة والتروي والتصبر وبالحوار والتفاهم تحل المشكلات وما دام هذا الزوج بحدود الله وشرعه قائماً فلا خوف إنما الخوف من أن يظلمها وفي كل الأحوال فليس أمام المرأة إلا الصبر والاحتساب والمطالبة بحقها كما يريد الله نعم ذلك لأن المرأة المسلمة بشرع الله مطمئنة وبحكمته وعدله سبحانه في إباحة التعدد مؤقنة وإن كان هناك شيء في نفسها فهو من تصرف بعض الرجال وفهمنهم الخاطئ لمفهوم التعدد وعدم معرفتهم تبعاته المنوطة به وسوء تطبيقهم له بقصد أو بدون قصد .
فترى البعض يعدد دون ترتيب الألويات وتقسيم الأدوار , ودون النظر لحقوق الأولاد .
مع الجهل بحقوق الزوجة من الدعم والنفقة والعدل المادي والمعنوي والنفسي يعدد ولو أدى ذلك لهدم بيته الأول ولو ضحى بأم أولاده ورفيقه دربه وشريكة كفاحه وبعضهم يعدد نكاية في زوجته الأولى فيذرها كالمعلقة , وثالث يحلو له أن يهدد دائما بأنه سيتزوج بأخرى وكأن الله تعالى جعل التعدد عقوبة للمرأة لا صيانة لها تعالى الله عن ذلك علوا كبيراً

صـورة قاتمـــة :
كل ذلك أساء الصورة ووسمها بالظلم والإسلام من الظلم برئ فلقد أعطى بعض الرجال بهذا العمل صورة قائمة للتعدد وأحاطوها بمياه عكرة يصطاد فيها المغرضون والمناوئون لشريعة الإسلام , على كان هناك صور أخرى طيبة لأناس طبقوا شريعة الله في ذلك فها هو رجل يتزوج من امرأة أرملة ليكفلها , وآخر يتزوج من أم لأيتام ليضم أيتامها إليه , وآخر يتزوج ممن فاتها قطار الزواج ليعفها ويحصنها مع فهمهم الواعي لمعنى التعدد وما يتبعه من حقوق ومسؤوليات .
لكن برغم ذلك الجانب المشرق يبقى أثر الصور المشوهة واضحا مما يسئ للمسلمين ويكون ثغرة لأعداء هذا الدين وينفر الكثيرات من الفتيات من مشروع الزواج العظيم .
إن الإسلام لم يحرم التعدد : ولكنه حرم الضرر " لا ضرر ولا ضرار " والرجل الراعي لبيت الزوجية القائم عليه لا يتخذ من الزواج بثانية وسيلة لتهديد زوجته كلما غدا أو راح كما أنه لا يجعل منه سبيلاً لإظهار نقصها أو إشعارها بالتطلع لغيرها فيهملها وينسى أو إشعارها بالتطلع لغيرها فيهملها وينس فضلها ولا يذكر إلا مساوئها فيكون كمن رزقه الله من زوجته أولاداً من بنين وبنات شموساً وأقماراً يملئون العين ويبهجون النفس ويشرحون الخاطر والفؤاد من رآهم سبح بحمد الواحد الخلاق , أما هي فقد حباها الله بجمال رباني تتربع ملكة على عرشه لكن هي كغيرها من النساء اللاتي لسان حالهن يقول :
كان نجماً بسماي لكنه أفل ..
كان قمراً في مساي لكنه رحل !
وصاحبنا يبحث عن الكمال , والكمال لله تعالى وحده .. ويذرها كالمعلقة وهي تدعوه على استحياء ... أين حقي عليك بالله عليك ؟
ليس لي بعد الله إلاك .. أنا في حاجة إليك .

صبــر جميــل :
أبعد هذا العمر وهذه السنين يفكر الزوج في ( الأنا ) ويهجر أم أولاده , لا هي زوجة فتأنس به ولا هي مطلقة فتنكح غيره , وهي من عاشت معه على المر قبل الحلو .
فصبراً أيتها الزوجة صبراً لقد أفل نجمك لكنه سيظهر بسماء أخرى وخفت نور شمسك لكنه سيسطع في أرض أخرى فصبر جميل وأنتن أيتها الزوجات كن حكيمات عاقلات أدفعن السيئة بالحسنة قمن بحقوق الأزواج تعاملن مع الله أرحم الراحمين الحكم العدل فوضن أموركن الله وطالبين بحقوقكن الشرعية ليل نهار واحذرن الكفر بآيات الله فإن الله أباح التعدد وقيده بشروط فلا عذر لكن مع القيام بهذه الشروط ولكن في رقاب أزواجكن حقوق الميثاق الغليظ فاصبرن صبراً جميلاً .
وأنتم أيها الأزواج ألا فلتكونوا أوفياء واقدروا أم العيال حق قدرها وأعلموا أن المسلم مطلوب منه دائما أن يخطو إلى الأمام وسعد من سار وخطا , والأسعد منه من سار على الدرب السوي وعمل حساباً لكل خطوة يخطوها وحساب نفسه قبل أن يحاسب ، ونظر إلى الحقوق نظرة شمول وعدل فأعطى قبل أن يأخذ وضعي من أجل غيره قبل أن يطلب تضحية من غيره وكان مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر .
إقرأوا سيرة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم الزوج الوفي العادل الرحيم , واعرفوا منه حقوق الزوجات فقوموا به قبل أن يأتي يوم ليس هناك إلا الحسنات والسيئات فإنما العلم يكون قبل العمل ولا يكن فقه الرجل أن لا له أباح له التعدد دون معرفة ما عليه من حقوق وواجبات .

حقـــوق ثقيلــة :
وهانذا أسوق إليكم ما ذكره الشيخ الغزالي – يرحمه الله – في فقه التعدد يقول الشيخ مع المبررات الكثيرة للتعدد فإن الإسلام الذي أباحه رفض رفضاً باتاً أن يجعله امتداداً للشهوات بعض الرجال وميلهم إلى مزيد من التمتع والتسلط فالغرم على قدر الغنم والمتع الميسرة تتبعها حقوق ثقيلة ومن ثم فلابد عند التعدد من تيقن العدالة التي تحرسه أما إذا ظلم الرجل نفسه أو أولاده أو زوجاته فلا تعدد هناك .
الذي يعدد يجب أن يكون قادراً على النفقة اللازمة , وإذا كان الشارع يعتبر العجز عن النفقة عذراً عند الاقتران بواحدة فهو من باب ألوى مانع عن الزواج بما فوقها وكثرة الأولاد تتبع عادة كثرة الزوجات والإسلام يوجب رعاية العدل مع الأولاد في ا لتربية والتكريم ووسائل المعيشة مهما اختلفت أمهاتهم فعلى الأب المكثر أن يحذر عقبى الميل عن الهوى وكذلك يوجب الإسلام العدل مع الزوجات " أن الله سائل كل امرئ عما استرعاه حفظ ذلك أم ضيعه " تلك حدود العمل الذي قرنه الله بالتعدد فمن استطاع النهوض بأعبائها فليتزوج مثنى وثلاث ورباع وإلا فليكتف بقرينته الفذة .
{ فإن خفتم إلا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى إلا تعولوا }..... إلى أن قال فضيلته على أنه من المؤسف حقاً أن يهدم العوام هذه الحدود ويتجهوا إلى التعدد دون وعي لمعني التعدد المفروض بل تلبية لنداء الشهوة ولو أدى إلى الاقتيات والجور الصارخ فالرجل يعجز عن نفقة نفسه ثم هو يسعى إلى الزواج وقد يعجز عن رعاية واحدة ثم هو يبحث عن غيرها وقد يحيف على بعض أولاده في التعليم وفي توزيع الثروة تمشياً مع هواه وقد يتزوج الأخرى ليهجر الأولى ويذرها كالمعلقة.. انتهى كلامه رحمه الله .
ألا فلتتقوا الله أيها الأزواج وقوموا بأداء الحقوق والزموا العدل ترشدون.. قال صلى الله عليه وسلم " من كانت له امرأتان يميل مع إحداهما على الأخرى جـاء يوم القيامة واحد شقيه مائل " ( الترمذي )
ورفقـاً بالقواريـر أن تنكسـر

عبدالله الوهابي
09-04-2006, 04:10 PM
هل سبق وانهزمت في مناقشتك وشعرت أن الحق معك لكنك لا تعرف كيف توصل وجهة نظرك؟
أو هل سبق وتحولت مناقشتك إلى معركة وجدانية حامية ربما تطورت إلى معركة بالألفاظ ؟
هل شعرت يوما أن الطرف الأخر في النقاش معك خرج صامتا لأنه فقط يريدك أن تسكت وليس لأنه مقتنع بكلامك ؟
إذا سبق وحصل لك شيء مما سبق فاعلم انك لست مناقش جيد ولا تجيد بعض أصول المناقشة .. لأن النقاش فن راق وحساس لا يجيده الجميع وله أصول خاصة إذ لا يجب أن نكثر منه إلا إذا شعرنا بأننا نود توضيح وجهة نظر هامة حول موضوع مفيد ، لأن النقاش في هذه الحالة يزيد ثقافة الإنسان وإطلاعه أما إذا كان حول موضوع تافه أو غير مهم وشعرت أن النقاش حوله لن يضيف جديدا فالأولى تركه لقول الرسول صلى الله عليه وسلم " أنا زعيم بيت بربض الجنة لمن ترك المرآء ولو كان محقاً "
وهذه النقاط الستة ستساعدك بإذن الله على أن تكون مناقش جيد عادل وقوي في نفس الوقت بحيث تستطيع إقناع الطرف الأخر بوجهة نظرك دون أن تسبب له جرحا أو إحراجا. وهي للتطبيق في الحياة اليومية :
1 - دعه يتكلم ويعرض قضيته : لا تقاطع محدثك ودعه يعرض قضيته كاملة حتى لا يشعر بأنك لم تفهمه لأنك إذا قاطعته أثناء كلامه فإنك تحفزه نفسيا على عدم الاستماع إليك لأن الشخص الذي يبقي لديه كلام في صدره سيركز تفكيره في كيفية التحدث ولن يستطيع الإنصات لك جيداً ولا فهم ما تقوله وأنت تريده أن يسمع ويفهم حتى يقتنع كما أن سؤاله عن أشياء ذكرها أو طلبك منه إعادة بعض ما قاله له أهمية كبيرة لأنه يشعر الطرف الآخر بأنك تستمع إليه وتهتم بكلامه ووجهة نظره وهذا يقلل الحافز العدائي لديه ويجعله يشعر بأنك عادل .
2 - توقف قليلا قبل أن تجيب :
عندما يوجه لك سؤالا تطلع إليه وتوقف لبرهة قبل الرد لأن ذلك يوضح انك تفكر وتهتم بما قاله ولست متحفز للهجوم .
3 - لا تصر على الفوز بنسبة 100%: لا تحاول أن تبرهن على صحة موقفك بالكامل وان الطرف الآخر مخطئ تماما في كل ما يقول . إذا أردت الإقناع فأقر ببعض النقاط التي يوردها حتى ولو كانت بسيطة وبين له انك تتفق معه فيها لأنه سيصبح أكثر ميلا للإقرار بوجهة نظرك وحاول دائما أن تكرر هذه العبارة ( أنا أتفهم وجهة نظرك ) ، ( أنا اقدر ما تقول وأشاركك في شعور ك )
4 - عرض قضيتك بطريقة رقيقة ومعتدلة : أحيانا عند المعارضة قد تحاول عرض وجهة نظرك أو نقد وجهة نظر محدثك بشيء من التهويل والانفعال ، وهذا خطأ فادح ، فالشواهد العلمية أثبتت أن الحقائق التي تعرض بهدوء اشد أثرا في إقناع الآخرين مما يفعله التهديد والانفعال في الكلام . وقد تستطيع بالكلام المنفعل والصراخ والاندفاع أن تنتصر في نقاشك وتحوز على استحسان الحاضرين ولكنك لن تستطيع إقناع الطرف الآخر بوجهة نظرك بهذه الطريقة وسيخرج صامتا لكنه غير مقتنع أبدا ولن يعمل برأيك .
5 - تحدث من خلال طرف آخر : إذا أردت استحضار دليل على وجهة نظرك فلا تذكر رأيك الخاص ولكن حاول ذكر رأي أشخاص آخرين ، لأن الطرف الآخر سيتضايق وسيشكك في مصداقية كلامك لو كان كله عن رأيك وتجاربك الشخصية على العكس مما لو ذكرت له آراء وتجارب بعض الأشخاص المشهورين وغيرهم . وبعض ما ورد في الكتب والإحصائيات لأنها أدلة أقوى بكثير.
6 - اسمح له بالحفاظ على ماء وجهه : لأن الأشخاص الماهرين والذين لديهم موهبة النقاش هم الذين يعرفون كيف يجعلون الطرف الآخر يقر بوجهة نظرهم دون أن يشعر بالحرج أو الإهانة ، ويتركون له مخرجاً لطيفاً من موقفه ، إذا أردت أن يعترف الطرف الآخر لك بوجهة نظرك فاترك له مجالا ليهرب من خلاله من موقفه كأن تعطيه سببا مثلا لعدم تطبيق وجهة نظره أو معلومة جديدة لم يكن يعرف بها أو أي سبب يرمي عنه المسؤولية لعدم صحة وجهة نظره مع توضيحك له بأن مبدأه الأساسي صحيح ( ولو أي جزء منه ) ولكن لهذا السبب ( الذي وضحته ) وليس بسبب وجهة نظره نفسها- فإنها غير مناسبة .

أما الهجوم التام على وجهة نظره أو السخرية منها فسيدفعه لا إراديا للتمسك بها أكثر ورفض كلامك دون استماع له لأن تنازله في هذه الحالة سيظهر وكأنه خوف وضعف وهو مالا يريد إظهاره مهما كلف الأمر.
أمر أخير .. لا تهتم لصغائر الأمور وقبل الحديث وبعده لنضع دوما نصب أعيننا قول معلم البشرية رسول الله : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت )

أتمنى أن أكون وفقت في طرح الفكرة وانتظر من الأعضاء المشاركة في الرأي

عبدالله الوهابي
18-04-2006, 08:29 PM
يشتكي كثير من الأزواج ولا سيما الزوجات اليوم من الجفوة والقسوة العاطفية من أزواجهن حيث لا يولونهن أدنى قدر من المعاملة العاطفية والكلام الحلو الرومانسي ولا يهدونهن تلك الوردة الحمراء وتلك اللمسة الحانية الدافئة التي كان يهديها الزوج لزوجته في الأفلام العربية - التي نخرت في جسد المجتمع العربي على مدار عقود من الزمن - أو التي يقرأون عنها في المجلات والروايات
وبناء على ما تقدم ظن الزوجات انه طالما أن الأمر كذلك فمن المؤكد أن أزواجهن لا يحبونهن أو ليس لديهم أي أحاسيس رومانسية أو مشاعر عاطفية تجاههن ومن هنا نشأت المشكلة

وهي مشكلة تكاد تكون من أهم مشاكل العصر وهي مشكلة خطيرة جدا ومتكررة وموجودة لدى كثير من البيوت الزوجية وبدأت بعض الجهات والتنظيمات الاجتماعية تخصص دورات تثقيفية وتدريبية لمحاربتها ولا سيما أنها كانت سببا في ظهور ما لا تحمد عقباه من أخطاء وانحرافات غير شرعية لدى بعض النساء بل وكانت هي السبب الرئيسي والوتر الحساس الذي لعب عليه معظم آكلوا لحوم النساء من الذين انعدم دينهم وقل حياؤهم وعاشوا حياة الإنسان شكلا والحيوان ضمنا فعزفوا على أحلى الأوتار والأنغام واستمالوا قلوب النساء الجائعات للحب والحنان ، فكان الهيام وكان النسيان وكانت الخيانة وانتهاء الدين والحياء والإيمان
ولذلك اسمحوا لي بأن نعطي هذه المشكلة بعض التفصيل والتعميم والتحليل

ما هو الحب ؟ وهل هذا هو الحب الذي يجب أن يكون بين الزوجين ؟ وما هو الشيء الذي يجب أن يكون بينهما ؟

واليكم الجواب والحقيقة التي ربما لن تعجب الكثير ، قديما كانت العرب في الجاهلية إذا أحب رجل امرأة وعشقها فانه لا يتزوجها في الغالب حتى لا يتناقص ذلك الحب أو يزول وعندما جاء الإسلام عكس هذا المفهوم تماما فحثّ كل متحابين بضرورة الزواج حيث قال الرسول عليه الصلاة والسلام - لم نر للمتحابين مثل النكاح - فماذا يعني هذا ؟ وابن القيم يرحمه الله فيما يفسره عن هذه العلاقة المعقدة يتوصل إلى سر خطير يبيّن لنا ما هو الفرق بين حب الأفلام والروايات وحب الرجل الأجنبي للمرأة الأجنبية وبين حب الزوجين لبعضهما فأجمل وأختصر كلامه إلى محصلة نهائية مفادها
إن شعور الحب والعشق إنما هو شعور ناتج عن أبخرة متصاعدة إلى الجسم من سوائل الرجل والمرأة الجنسية يتشبع بها القلب والعقل فتحدث هذا الأثر والشعور العجيبين وبالتالي كلما زاد الحرمان الجنسي بين المتحابين كلما زاد الأثر على مشاعرهما فيتطور ذلك الحب إلى عشق وهيام وولع ووله وربما وصل إلى درجة الجنون أو الإعياء التام ثم الموت وهذا ما يفسر أن الحبيبين ربما لا يستطيع احدهما البعد عن الآخر ولا يدع التفكير فيه ولو للحظة ويشعر أن حياته بدونه لا تساوى شيئا بل ويشعر كل منهما بنشوة وشهوة جامحة بمجرد أن ينظر للآخر ، يضاف إلى ذلك أن العشيقين وخاصة الرجل يكونا مجردين من أي مسؤولية واقعية فتجدهما يدعان كل همومهما في البيت فيلتقيان بعيدا عن مشاكل وهموم وعناء الأسرة فيكون احلي الكلام والوصال والحب والهيام بينما يجتمع الزوجان في البيت ليواجها بالهموم والمشاكل والصغار وقضاء الحوائج وعلاج الأبناء والمذاكرة والصراخ والمعارك فأي رومانسية تلك التي ممكن أن تنبثق في جو مشحون كهذا ؟!
والعاشق الولهان هو ذلك المحروم الذي منع عنه طعامه وشرابه ووقوده فتحركت كل جوارحه بحثا ولهثا وراء إشباع ولو شيئا من هذه الاحتياجات وان كانت بالرائحة أو بالخطاب أو المكالمة

أما الزوجان فحاشاهما أن لا يكون لهما إلا هذه الغاية ، حاشاهما لأن لهما رسالة أعظم من ذلك بكثير يكون الحب جزء منها لتجديدها لضمان استمرارها لعدم الملل منها ولكن ليس ليعيقها ويمنعها ويوقفها عند نقطة الغرق في بحرها
ولنا فيمن كان خير الناس لأهله بأبي هو وأمي عليه أفضل الصلاة والسلام ، كلمات بسيطة ومواقف عاطفية سهلة وعميقة في نفس الوقت ولكن ليس معلقات وورود حمراء وسهر على موسيقى هادئة واحتفال بأعياد ميلاد حنى يثبت بكل ذلك انه يحبها

لذلك كان لزاما أن يكون هناك فرق بين العلاقتين فالأولى علاقة غريبة قوية منعشة مشوِقة مُجدّدة خالية من أي تبعات أو مسؤوليات إلا أنها علاقة محرمة ولا تملأ إلا قلب غافل لاه خال من حب الله ورسوله فربما وصل المعشوق في بعض الأحيان إلى منزلة الرب في درجة التعلق والتفكير والانقياد كما صحت بذلك كثير من روايات العشاق فكم من امرأة أضاعت شرفها وحياءها وكرامتها من اجل عشيق وكم من رجل أضاع بيته وزوجته وأبناءه من اجل عشيقة.

ومن هنا استغل كثير من الذئاب البشرية التي لا هم لها إلا هتك الأعراض والتغرير بالغافلات اللاهيات ضعيفات الإيمان هذه الحقيقة المرة فكان الكلام ولا شئ غير الكلام مع قليل من الحب المزعوم هو السلاح الفتاك الذي استطاعوا به اقتحام أقوى الحصون والقلاع النسائية ومن هنا كان الفساد والدمار والانحراف ومن هنا تكمن خطورة هذه المشكلة
وحاشى لله أن تكون هذه هي العلاقة التي يريدها الشارع الحكيم بين الزوجين المسلمين ، كما أنه ومن غير المعقول كذلك أن نطالب الزوجان بعلاقة كهذه ، كيف يكون ذلك وهما اللذان ليس بينهما أي حرمان جنسي ولا يوجد هذا المخزون المتراكم من الأبخرة العاطفية وغالبا فان التنفيس الجنسي والعاطفي لا يشكل لهما أي مشكلة - وأقول هذا في الغالب - لأنه قد يوجد الزوجان اللذان بينهما شئ من هذا وذلك يعود أيضا لقدرة الزوجة على اللعب بهذه الورقة الجنسية الهامة وذلك بالتشويق الدائم والحرمان النسبي وتوفير جو من الراحة النفسية والعاطفية لزوجها ومن الرجل بتوفير الراحة المادية والنفسية ومن يتحمل عنهما بعض عناء ومشاكل الأسرة

( ما هي العلاقة الزوجية الصحيحة ؟! )

لنقف مع وصف الله سبحانه وتعالى للعلاقة الزوجية في القرآن وذلك يقوله تعالى في الآية 21 من سورة الروم " وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ "
يفسرها بن كثير بقوله " وجعل بينهم وبينهن مودة وهي المحبة والرحمة وهي الرأفة فإن الرجل يمسك المرأة إما لمحبته لها أو رحمة بها أو للألفة بينهما وغير ذلك " وذلك بلا شك معنى أشمل وأرقى وأسمى بكثير من حب تلك الصور الخيالية التي تصورها لنا الأفلام والروايات

وجاءت سيرة الرسول الحبيب عليه الصلاة والسلام تؤكد لنا أن الحب الدنيوي ليس كل شئ بل أن هناك ما هو أعظم منه وهو الحب في الله وحب الله ورسوله وهذا الذي ما يجب أن نملأ به القلب لا حب العشق والهيام ، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى كان التعدد في الزوجات رغم حبه الشديد عليه الصلاة والسلام لأم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها ولو كانت العلاقة بينهما هي حب وعشق الشعراء والأفلام لما استقام الأمر على عشق أكثر من عشيق ولا يمكن تحقيق ذلك ، ولكن هو حب معتدل تستقيم به الفطرة ويحقق التكاثر والتزاوج وقضاء الوطر والتلاطف بين عشيرين يفترض أن علاقتهما باقية حتى الممات بمنتهى الانسجام والتفاهم والود يؤديان فيها رسالة عظيمة تبدأ ببذرة سرعان ما تكون نواة لمجتمع إسلامي قوي ألا وهي الذرية ولذلك شرع التلاطف والتقبيل واللعب والمعاشرة بينهما بالمعروف

( إذاً ما الذي حدث لأزواج اليوم )

من كل المقدمة التي أوردتها بهدف الوصول إلى جوهر القضية ووضع النقاط على الحروف أستطيع أن أقول إن أهم العناصر التي ولدّت مشكلة كهذه في مجتمعاتنا بل وحتى في المجتمعات الغربية ما يلي :

- مقارنة الزوجات الدائمة لعلاقتهن بأزواجهن وبين حب الروايات والأفلام فمثلا إذا كان يوم عيد ميلاد الزوجة ولم يتذكره الزوج ولم يقدم لها هدية أصبح زوج أناني وقاسي ولا يحب زوجته حتى وان كانت زوجة مسلمة تعلم أن الاحتفال بعيد كهذا حرام إلا أن ذلك لا يهم مقابل تطبيق شئ هي تعلمته من وسائل الأعلام
- عدم الفهم الصحيح لما يجب أن تكون عليه العلاقة الزوجية الواقعية ومعنى المودة والرحمة وبين ما يصور في وسائل الأعلام من حب زائف محرم لا يمكن توفير مثيل له بين الأزواج للأسباب المشروحة آنفا
- عدم فهم الحياة الواقعية للأزواج وأنها حياة مليئة بالمشاكل الحياتية اليومية التي تحتاج إلى قرار وتصرف وعناء وزخم حياتي وأجواء مشحونة قد يفرض على الزوجين البعد عن الجو العاطفي الرومانسي والكلام المعسول خلاف الوضع للحب المحرم الذي ليس فيه أدنى مسؤولية
- عدم فهم الزوجات لحقيقة الوضع الراهن الذي يعيشه الأزواج اليوم من الضغط والإرهاق النفسي في أعمالهم واللذان بلا شك يؤثران على الرجال أيمّا تأثير ويتفوقان بمراحل عن الجهد البدني والعضلي فربما تعطل الجهازين العاطفي والجنسي للرجل لمدة طويلة بسبب الضغط في العمل ومن دون أن يقصد هو ذلك أو ينتبه
- عدم فهم الزوجات لنفسية الرجل وأسلوبه فغالبا ما يعبر الرجل عن حبه لزوجته بالموقف وليس بالكلمة فقد يخرجها للفسحة أو للسفر وتجده حريصا على راحتها ويوفر لها كل متطلباتها ولكن من الصعب عليه جدا أن يقول لها أنا احبك عكس المرأة تماما التي تميل إلى الكلام والسماع أكثر

الفرق بين واقعية الرجل ورومانسية المرأة هي أساس المشكلة فنساء اليوم إلا ما رحم ربي لو مهما قدّم لها زوجها من معروف وطيبة وحسن معاملة وترفيه ثم إذا ما قصر في موضوع الرومانسية والكلام المعسول فإنه بذلك يكون لم يفعل لها أي شئ وتعيش الزوجة في جحيم وقلق وفراغ عاطفي وهذا ما يقودنا إلى النقطة التالية
إن نسيان كثير من النساء حقيقة الفقرة السابقة وان الرسول عليه الصلاة والسلام حذّر ونبّه النساء كثيرا من كفران نعمة العشير وانه مهما فعل لها من خير ويقصّر في شئ تقول ما رأيت منه خيرا قط " وهدّدهن بأن أكثر أهل النار من النساء لهذا السبب

وبعد ما هو الحل للتخلص من هذه المشكلة ا؟ هي مشكلة مشتركة سببها الطرفان في الغالب ولذلك علاجها لا بد وان يكون من الطرفين وعلى هذا سيكون لنا لقائين إن شاء الله مرة مع الرجل وأخرى مع المراة للوصول إلى محصلة البحث.

( خطوات مهمة لإذابة الجليد وتحريك العواطف بين الأزواج )

لا شك من أن الحل الذي يهم إبليس عليه لعائن الله ويسعى لبثه في قلوب بعض الزوجات بحثا عن العاطفة والحب المفقود في حياتها الزوجية هو حل قد يحقق شيئا من رغبات بعض ضعيفات الإيمان من أولئك اللواتي يرغبن في العيش حياة الوهم والحب والأفلام ... فيدفعها إلى إنشاء علاقة مع عشيق خارجي ، تقضي معه الساعات الطوال على الهاتف ثم تنجرف للقائه وهكذا في رحلة جميلة جدا مع الحب والهيام ولكن إلى الجحيم ومن ثم خسارة الدنيا والمملكة الصغيرة والزوج والأطفال وخسارة الآخرة بغضب الله سبحانه وتعالى و النار أعاذنا الله جميعا منها ... طريق فيه الخزي والعار في الدنيا والدمار الكامل للفاعل وللبيت والأسرة والمجتمع

ومن هنا كان لزاما أن نتعايش ونبحث ونوجد حلولا أخرى تكون خير معين على مواجهة المشكلة أو تصحيح شئ منها فإن لم يحدث ذلك فلا اقل من أنها تولد الصبر والقناعة إلا أنها - أي الحلول - إنما تقضى بها الحياة الدنيا والآخرة خير لمن اتقى

( خطوات تقوم بها الزوجة )

إياك أن تشعريه بأنه مقصر معك عاطفيا وانه جامد لا مشاعر له وانك متضايقة من تبلد أحاسيسه فكل ذلك سيزيد جموده وتبلده بل ربما يؤدي ذلك إلى عناد منه يدفعه للزيادة في إهمالك بل على العكس تماما بالغي في إطرائه ومدحه على أمور فعلها لك ولم يلق لها بالا فمثلا لو سألك هل تريدين الخروج للنزهة أو لتمشية الأولاد قولي له – اللـــه .. شكرا حبيبي على اهتمامك بنا رغم مشاغلك وشكرا على إعطاءنا من وقتك وجهدك رغم أنك تجي من العمل تعبان ومرهق … الله يعطيك الصحة ويخليك لنا

1- أشعريه دائما بأنك تعلمين ومتأكدة من انه يحبك وان محبته لك ظاهرة جدا من تصرفاته - وليس من كلامه – فالكلام ليس كل شئ وكم من أزواج بارعين في الضحك على زوجاتهم بالكلام وفي حقيقة الأمر يكونوا خائنين لهن أو نصابين يريدون أخذ أموالهن وذلك لا ينطبق على الكل طبعا والمهم انك لا تشددي عليه ولا تشكلي عليه عبئا نفسيا إضافيا بضرورة التعبير عن مشاعره بالكلام

2 - إياك أن تقارنيه مع أبطال الأفلام والمسلسلات سواء ظاهريا أو ضمنيا ولا يشعر هو بذلك منك وحسّسيه بأنك سعيدة جدا مع زوج مسلم يصونك ويرعاك ويحافظ ويخاف عليك ويوفر لك ما تريدين وتتعاونين معه على تربية أبناءكما ومن ثم على طريق الجنة وان عقلك أكبر بكثير من ذلك الذي ترينه في وسائل الأعلام من خداع وتزوير للحقائق

3 - لا تفكري دائما فيما ينقصك وما تحتاجين إليه بل فكري أيضا في احتياجه هو أيضا من الحب والحنان المعروفين أكثر عن المرأة لا عن الرجل ولا يكن تعاملك معه بالمثل ان جفا جفيتي وان اعطى أعطيتي ، واذا أردتيه ان يبادر بهدية لك فبادري انت بإهدائه واذا اردتيه ان يهديك وردة فاهديه انت وردة مرة واثنان وثلاثة وبعدها سيهديك هو

4 - اذا فعلت ما تقدم اعدك بإذن الله بأنك ستجدين منه تطورا ملحوظا في التعبير عن مشاعره تجاهك وفي تقديم المزيد لك من اجل اسعادك وسيبدأ التفكير كثيرا في كيفية تقدير تضحياتك وصبرك على غلاظته وجفوته في كثير من الأحيان
اذا أردت ان يعاملك زوجك بما كان يعامل به الرسول عليه الصلاة والسلام فعليك انت ايضا ان تنظري كيف كانت امهات المؤمنين رضي الله عنهن والصحابيات الكرام يعاملن أزواجهن ، إقرأي في سيرتهن واختاري قصصا ومواقفا كانت بينهم واحكيها دائما لزوجك بطريقتك وفي اوقات مناسبة وثقي انه سيتأثر عاجلا او آجلا بها

( خطوات يقوم بها الزوج )

1 - تفهم حقيقة تفكير المرأة وانها تحتاج الى سماع الكلام ومحاولة مجاهدة النفس على اخراج بعض الكلمات الجميلة حتى وان كان في ذلك صعوبة او حتى وان كان ذلك في اوقات خاصة كما سيأتي لاحقا

2 - اذا كان من الصعب على الزوج ان يتكلم ببعض الجمل والعبارات العاطفية واظهار جوانب من هذا الموضوع في لحظات يكون فيها تحت المجهر ويعلم فيها ان زوجته تنتظر منه شيئا ( مثل لحظات الخروج في نزهة او عند الجلوس في مطعم ) فإن بإمكانه تلافي ذلك الموقف ( وعادة الرجل الشرقي انه يرفض تسليط الضوء عليه ومقارنته بمواقف الاخرين من ابطال الروايات وغيرها ) بأن يستغل اوقاتا اخرى يمكن فيها للزوج التعبير عن بعض الجمل والأحاسيس العاطفية ومن دون ان يكون هناك رقيبا او ناظرا او مراقبا له مثل لحظات المعاشرة او قبلها او بعدها مباشرة

3 - في اوقات المعاشرة الزوجية وان شق على الزوج التعبير بعبارات عاطفية مثل التي تسمع في الأفلام فإن بإمكانه استبدال تلك الصيغ بصيغ اخرى ربما تكون اكثر سهولة للرجل من جمل الحب والغرام الا وهي جمل التعبير الجنسي الرقيق او المؤدب " مثل انت جميلة ... انت تثيريني ... انت تحركي مشاعري او شهوتي او جسدي او الخ ...... لا استطيع مقاومتك ... وغير ذلك ... ) فالمراة ليست قضيتها فقط انها تريد ان تسمع كلام وقصائد واشعار وانما كل القضية لديها انها تريد ان تشعر بأنها تشكل قيمة عاطفية في حياة زوجها وانها تحتل مكانة في قلبه واحاسيسه والجمل التي ذكرت فيها من التعبير عن احتياجاتها تلك وتفي بشئ كبير من الغرض

4 - واجه الزوجة دائما بلأمور التي تبعدك ظاهريا ونفسيا عنها وبمعنى آخر المصارحة معها حول أخطائها وتقصيرها ( ولا سيما في اوقات الصفاء ) وعدم الهروب الى الخارج او الى القنوات والانترنت ، ولا تجعل الأمور تتراكم وتتراكم حتى يثقل القلب ولا يتحرك ابدا بأي عاطفة

5 - اخبر زوجتك عندما تكون في حالة نفسية غير جيدة او عندما تقع تحت ضغوط خارجية معينة واشركها معك في همومك ولا تعتبر ذلك تنازلا او نقصا في شخصيتك ففي هذه الخطوة خير وأثر كبيرين فهي ( الزوجة وان افترضنا ) انها لم تقف معك في محنتك فهي على الأقل ستجد لك العذر على تقصيرك معها ولن تشكل عليك عبئا نفسيا اضافيا

6 - شاركها في الرأي والمشورة ... وذلك لا يعني ابدا انك تنازلت عن رجولتك لأنك صاحب القرار بل على العكس تماما فالزوجة عندما تسمع كلمة " تعالي يافلانة اريد آخذ رأيك في شئ مهم " فلعل في ذلك أثرا قويا واغنية جميلة ربما يغنيها عن سماع قصيدة غرامية كاملة لقيس او عنترة حيث ان ذلك يعني ان لها مكانة غالية لديك وهذا هو ما تريده الزوجة ، ولعل في موقف الرسول صلى الله عليه وسلم وام المؤمنين ام سلمة رضي الله عنها في صلح الحديبية اكبر الدليل عندما تأثر الصحابة من بعض ما جاء في الصلح واحتار الرسول صلى الله عليه وسلم في كيفية ازالة هذا الأثر عنهم وحثهم على الحلق والعودة الى المدينة فسأل السيدة ام المؤمنين فأقترحت عليه ان يخرج امام الناس ويحلق هو امامهم فإذا رأوه وهو قدوتهم سيفعلوا مثله وينتهي الموقف وفعلا هذا ما كان ... فاذا رسول الهدى عليه الصلاة والسلام يستشير زوجته في قرار سياسي غاية في الأهمية هل يمتنع بعضنا عن مشاورة زوجاتهم عن امور اقل من ذلك بكثير

( خطوات يقوم بها الزوجان معا )

البعد عن التعالي والعودة الى البساطة حيث يحدث ان الزوج كلما ارتفع منصبه الوظيفي او الزوجة ارتفعت مكانتها الاجتماعية او علت شهادات الاثنين التعليمية او مستواهما الثقافي شعرا بان ذلك يحتم عليهما تقمص شخصيات وسلوكا معينة مواكبة للمكانة التي اصبحا عليها وبالتالي يعيش كل منهما في عالمه وبمعزل عن الآخر ولا يتنازل الاثنان للنزول الى مستوى البساطة المطلوبة ، فربما تنعدم الألعاب والتسالي والترفيه الذاتي بينهما ويصبح لكل منهما اسلوبا معينا في الكلام والحوار واللقاءات والعلاقات الاجتماعية وخلافه ونفس الأثر يحدثه زيادة المشاغل والارتباطات

وعلاج ذلك بسيط جدا جدا وارشدنا اليه ايضا سيد الخلق اجمعين صلوات الله وسلامه عليه والذي لم يكن ولن يكن احد في الأولين ولا في الآخرين في درجة انشغاله فقد كان صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا وقائدا للجيوش وقاضيا بين الناس ومعلما ومربيا وغير ذلك وبالرغم من كل ذلك كان يتنازل ويتواضع للصغار قبل الكبار ثم اذا كان مع زوجاته كان اشد ما يكون تواضعا ، وان ما اردت الاستشهاد به اكثر هو سباقه صلى الله عليه وسلم مع السيدة عائشة رضي الله عنها .. هل جرب احد الازواج من ذوي المناصب العليا او الأزواج المشغولين بأن يتسابق مع زوجته في حديقة أو في مكان بعيد عن أعين الناس؟؟ هل تتخيلون الى أي مدى من التواضع والبساطة والحب الذي ينشأ بين الزوجين بعمل كهذا ... جربوه واخبرونا...

إذاً ... عندما يعجز الزوجان عن تبادل عبارات الحب ... فهناك وسائل اخرى تبقي عليه وان لم يكون في صورة جمل ومن اهم هذه الصور هي الألعاب والسباقات والملاطفات والنكات المباحة وغير ذلك

جلسات النور والايمان في المنازل لها اثر عظيم في تنشيط الهمم وتجديد العواطف واحلال البركة والسكينة على الأسرة فمثلا جلسة بسيطة يومية او اسبوعية تمارس فيها المسابقات القرآنية والاسلامية والثقافية او حتى الرياضية كما اشرنا في فقرة سابقة وكذلك جلسات اخرى يتناول فيها بعضا من سيرة المصطفى صلوات الله وسلامه عليه وزوجاته الطاهرات رضوان الله عليهن اجمعين حتى نتعلم القدوة الصحيحة في العلاقات الزوجية ولنمسح بها آثار القدوات الفاسدة التي استقيناها من الأفلام والمسلسلات والرويات على مر عقود من الزمن وصورت لنا نماذجا خيالية من العلاقات الزوجية ادى عدم وجوده الى السعي لإيجاده من الطرفين ( ولا سيما بعض ضعيفات الإيمان من الزوجات ) حتى وان كان بالحرام
جلسات المصارحة واتخاذ القرارات العائلية الهامة التي تتعلق بأمور ومستقبل العائلة وافرادها
استخدام اساليب الكتابة لمن يعجز عن ايصال ما يريد الى الطرف الآخر الهدية مثلاً من ابسط الوسائل التي تقرب بين الزوجين وفي نفس الوقت لا تحتاج الى كثير كلام او تعابير فهي في حد ذاتها خير تعبير على المحبة والمودة وبالتالي ننصح بتداولها من فترة لأخرى

وأخيرا فإن ما ذكر يعد غيضا من فيض لخطوات ووسائل كثيرة يمكن للزوجين القيام بها لإذابة الجليد العاطفي وتنمية الحب بينهما ركزنا فيها على بعض النقاط الإجتماعية والنفسية الرئيسية وتركنا الكثير الكثير الذي يمكن لكل زوجين ايجاده بشراء بعض المطبوعات والكتيبات والمحاضرات الموثوق فيها من المكتبات الإسلامية ومن ثم القيام بما فيها
وأخيراً أسأل الله العلي العظيم بأسمائه الحسنى وصفاته العلي أن يصلح كل الأزواج المسلمين وان يجعل بينهما مودة ورحمة وان يجعلهم جميعا نواة خير وقوة وعزة لمجتمعات المسلمين وان يجعل الهداية والسعادة والرحمة والبركة والخير حليفهم جميعا وأن يخرج منهم الذرية الصالحة التي تكون قرة عين للإسلام والمسلمين إنه سميع مجيب

عبدالله الوهابي
20-04-2006, 12:12 PM
من أهم الأمور في الحياة لاستقامة الإنسان ، ومساعدته على السلوك الخير إختيار الصديق الصالح والابتعاد عن جلساء السوء ولأهمية هذا الاختيار وصف الرسول - صلى الله عليه وسلم – الجليس الصالح والجليس غير الصالح بقوله في الحديث الوارد عنه : "الجليس الصالح كحامل المسك إما أن يهديك وإما أن تجد منه رائحة طيبة ، والجليس الخبيث كنافخ الكير ، إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه رائحة خبيثة ، وهو لا شك وصف رائع حقا ينطبق على كل من الجليسين انطباقا تاما. ولو بحثنا عن وصف أروع من هذا الوصف لما وجدناه في غيره ، ولنتأمل هذا الوصف مرة أخرى ، ولنرى صورة رائعة لشخص يحمل مسكاً تنوع منه رائحة زكية تشرح النفس وتريح القلب ، ثم وهو يعطي لجليسه من هذا الطيب المنعش ليطيب به جسمه وثيابه كي تكون رائحته جميلة لدى الآخرين .
وصورة أخرى قبيحة لشخص لا يستفيد منه جليسه سوى الشرر الذي يتطاير من الكير فيتسبب في إحراق ثيابه ، أو تلك الرائحة الخبيثة رائحة الحديد والدخان والرماد المتصاعد بسبب هواء الكبير ، إنها صورة توضح مدى فائدة الجليس الصالح ، وضرر الجليس غير الصالح ، وهو توجيه نبوي حكيم في الاهتمام باختيار الأصدقاء ، وتجارب الحياة تؤكد حكمة هذا التوجيه النبوي ، فأولئك الذين احسنوا ويحسنون اختيار الأصدقاء نجدهم استطاعوا بمساعدة ومشاورة وتوجيه أصدقائهم إن يكسبوا ثقة الآخرين عن طريق سلوكهم واستقامة أعمالهم ، ويكونون أعضاء صالحين في مجتمعاتهم ، يوجهون إلى الخير ، ويعملون على إصلاح الأخطاء اياً كانت ، ويتعاملون مع الله في الجهر كما يتعاملون معه في السر ويحاولون بكل ما لديهم من طاقة أن يكون المجتمع البشري سائراً على منهج الله الذي هو طريق السلامة من كل المهالك ، أما أولئك الذين أساؤا اختيار أصدقائهم فتجدهم دائما من رواد السجون نتيجة انحراف سلوكهم بسبب تأثير أصدقاء السوء عليهم ، وتجدهم ثانياً ينظر إليهم باشمئزاز وعدم احترام وتراهم أنفسهم يحسون بهذا الاشمئزاز والاحتقار ، فيحدث ذلك ردود فعل سيئة ، تجعلهم ينغلقون على أنفسهم في ذلة تامة ، و ينفرون نتيجة إحساسهم هذا حتى من اقرب أقربائهم ، وهذا بدوره بسبب لهم عقداً نفسية قد تكون لها آثاراً خطيرة عليهم وعلى المجتمع الذين يعيشون فيه ، والسبب في ذلك مجالسة السيئين ومصادقتهم ، وكم هي كبيرة المصائب التي حلت بكثير من الناس بسبب أصدقاء السوء ، والخطأ ليس هو في أن ينحرف سلوك الإنسان فترة من الزمن ولكن الخطأ كل الخطأ الاستمرار في هذا الانحراف وعدم العودة إلى الله إلى وقت لا ينفع فيه التراجع .
وهنا أجد مناسبة لأورد قصة قصيرة لشاب جنى جلسائه ، ولكنه عاد الله بعد متاعب كثيرة حصلت له ، ملخص هذه القصة : أن شاباً تربطني به صلة قرابة التف حوله وهو لما يزل يافعاً مجموعة من جلساء السوء فانحرفوا به عن طريق أسرته المتدينة جداً ، وانطلق معهم في أجواء التيه والضياع حتى لا يكاد يمر شهر إلا وهو خارج من سجن أو داخل فيه ، وهكذا مرت عليه سنوات من عمره عاشها في تعاسة نتيجة انحرافه وسوء سلوكه بسبب جلساء السوء ، وبعد أن تجرع مرارة الذل والهوان وفات عليه الكثير من الوقت الذي خسره من عمره ، جائته نفحة إلآهية جعلته يحاسب نفسه عن هذا العبث الذي تورط فيه بسبب أصدقاء السوء ، وكان أول عمل قام به مقاطعة أولئك الأصدقاء ، فاستقام أمره وتحسنت حاله ، وتغير سلوكه ، وأصبح من أحسن الشباب صلاحاً وتقوى بعد أن كان لا يترك معصية إلا مارسها ومن هنا ندرك تماما خطر أصدقاء السوء على حياة الإنسان وسلوكه ، وما على الإنسان بعد ذلك إلا يختار لنفسه الأصدقاء الصالحين الذين يعينونه على الخير وينأون به عن دروب المهالك وطرق الضلال .


وقد قال محمد بن إسحاق بن حبيب الواسطي :-
إصحب خيار الناسِ أينَ لقيتهم 00000 خير الصَّحَابَةِ من يكُونُ ظَرِيفَا
ولنـاسُ مِثْـلُ دراهـمٍ مَيَّزْتَهَا 00000 فوجـدتَّ فيهـا فِضَّة وَزُيُوفَا( 1 )


فينبغي على العاقل أن يصاحب الناس وفضلائهم وخاصة من كان خفيف الظل ليس بالكلِّ الممل ، فهذا هو الصاحب على كل حال ، في كل مكان وميقات ، فالناس في معادنهم كالدراهم عند نقاءها ، فمنها الزيوف ، ومنها اللامع البارع الأجل ، وكل يستبين بالامتحان ويبين …. !!

(1) زيوف جمع زيف ، وهو الزائف المغشوش

عبدالله الوهابي
26-04-2006, 10:17 PM
المحمود الله جل جلاله ، والمصلى عليه محمد وآله ، والمدعو له الاسلام ورجاله ، وبعد:
أعرف رقم (7) وعش مع الحياة
سبحان الله لم أجد رقماً من الارقام حظي بالاهتمام والتأثير مثل رقم (7) فهذا الرقم دخل في كثيرٍ من المناسبات الهامة في حياة البشرية كلها ، وكان له السبق على باقي الأرقام الحسابية المعروفة لدينا... وبنظرة سريعة نجد أن الأمثلة كثيرة ومختلفة ومتنوعة...؟

1- فسورة الفاتحة تعرف بالسبع الثاني - ولها سبعة أسماء - هي:
( الفاتحة ، أم الكتاب ، الحمد ، الشفاء ، الواقية ، الكافية ، أساس القران )
2- الشهادة في الإسلام مكونة من سبع كلمات : ( لاآله الا الله محمد رسول الله).
3- كما ان ( السموات خلقها سبعاً ومن الأرض مثلهن ).
4- الإنسان يكتمل نموه وتكوينه في (7) أطوار بأمر الله تعالى :{ ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين . ثم جعلناه نطفة في قرار مكين . ثم خلقنا الطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة . فخلقنا المضغة عظاماً. فكسونا العظام لحماً ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله احسن الخالقين .}الآية ( 1 )
5-سخر الله الريح على قوم عاد في سبع ليا لٍ قال تعالى:{ وأما عاد فأهلكوا بريح صرصرٍ عاتية سخرها عليهم سبع ليالي...} الآية ( 2 )
6- كذلـك مثل الله سبحانه وتعالى الإنفـاق في سبيـل الله بحبـةٍ أنبتت سبـع سنابـل - السنابل والبقرات - التي رأها صاحب يوسف - عليه السلام - وتفسير يوسف لها بسبع سنين زراعة مباركة تتبعها سبع سنين قحط تأكل ماقدمت السبع السابقة لها قال تعالى:{ يوسف ايها الصديق أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات لعلي ارجع الى الناس لعلهم يعلمون. قال تزرعون سبع سنين دأباً...الخ } الآيات ( 3 )
7- كمـا ان قـدرة الله تعالى عظيمة والأمثلة كثيرة - فقد جاء في القران الكريم:{ ولو ان مافي الأرض من شجـرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعـة أبحرٍ مانفذة كلمات الله إن الله عزيز حكيـم } ( 4 )
8 - كما قيل إن اصحاب الكهف (7) قال تعالى :{ ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل } ( 5 )
9- كما ان عقيقة المولود تكون في اليوم السابع لقوله صلى الله عليه وسلم [ كل غلام رهينته بعقيقته تذبح عنه يوم السابع ويحلق رأسه ويسمى ] ( 6 )
10-وكما روي عنه صلى الله عليه وسلم في الصلاة للصغار فقال صلى الله عليه وسلم : [ مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين وإذا بلغ عشر سنين فأضربوه عليها] ( 7 )
11- وأمر صلى الله عليه وسلم ان يصب عليه من سبع قربٍ أثناء مرضه ( 8 )
12- وقال ايضاً صلى الله عليه وسلم [ من تصبح كل يوم بسبع تمرات عجوة لم يضره في ذلك اليوم سم ولاسحر] ( 9 )
13- وجاء في الحديث :[ سبعة يظلهم الله في ظله يوم لاظل إلا ظله ] ( 10 )
14- وقد حذرنا صلى الله عليه وسلم من السبع الموبقات فقال :[ أجتنبوا السبع الموبقات..الحديث] ( 11 )
15- أما الشعائر والعبادات نجد الطواف بالبيت العتيق سبعاً والسعي بين الصفا والمروة سبعاً والجمار ترمى سبعاً وتكبيرات العيدين سبعاً في الركعة الاولى والسجود في الصلاة على سبعة أعضاء : اليدين ، والركبتين ، واصابع القدمين ، والجبهة والانف.
16- وفي حياة الناس ايام الأسبوع سبع’ .
17- كما ان للضوء سبعة أطياف هي : الأحمر ، والبرتقالي ، والأصفر ، والأخضر ، والبنفسجي ، والنيلي ، والأزرق .
18- كما أن مراحل حيـاة الإنسان سبـع : طفل ، صبي ، مراهق ، شاب ، كهل ، شيخ ، هـرم.
19- ومن عجائب الدنيا سبع .
20- والمعلقات الشعرية سبع : معلقة أمري القيس ، النابغة الذبيانـي ، وزهير بن ابي سلمى ، وعنترة العبسي ، وعمرو بن كلثوم ، وطرفة بن العبد البكري ، واعشي بن قيس. ( 12 )
21- والبحور ( سبعة ) ويقولون الناس البحار السبع .
وهناك الكثير من الاستخدامات التي يكون للرقم (7) فيها دور بارز وفعال ...

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - سورة المؤمنون آية (12،13،14).
2 - سورة الحاقة (6،7،8).
3- سورة يوسف ( 46،47،48 ) .
4 - سورة لقمان ( 27 ).
5 - سورة الكهف (22 ).
6 - اخرجه احمد ( 5/7،17،22).
7 - ابو داوؤد(495،496،494) والترذي(2/259) والبيهقي (7/94) وهو صحيح.
8 - السيرة النبوية لأبن هشام (مجلد2/جزء رقم 4/ صفحة 649).
9 - صحيح الجامع الصغير رقم الحديث (6206) (5/270).
10 - رواه البخاري (2/119،124) ومسلم (1031).
11 - رواه البخاري (5/249) ومسلم (89).
12 - جواهر الأدب في أدبيات وأنشاء لغة العرب للسيد الهاشمي (2/29..ومابعدها).

عبدالله الوهابي
28-04-2006, 10:16 PM
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده 000 وبعد :
فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما ورد إلى سماحة الرئيس العام من رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمكة المكرمة بالنيابة ، والمُحال إلى اللجنة من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم ( 3960)، وتاريخ (25/7/1410هـ).
وقد سأل المُستفتي سؤالاً هذا نصه :
( نفيد سماحتكم أنه توجد بعض العمائر التي أعدها أصحابها للإيجار كغرف مفروشة ، أو شقق ، وقد عنونوها ببعض العبارات مثل : ( قصر عباد الرحمن ) ، ( قصر تبارك) ، ( قصر الكوثر) ، ( قصر الفردوس) وما شابه ذلك....
نرغب من سماحتكم التفضل بإفتائنا هل يجوز إطلاق مثل هذه العبارات على العمائر المعدة للإيجار ، أو خلافها من عدمه ، أفتونا مأجورين – حفظكم الله – لأن هذا الأمر منتشر في أم القرى بشكل ملحوظ - وفقكم الله ورعاكم - .
وبعد دارسة اللجنة للاستفتاء أجابت بأنه لا يجوز إطلاق العبارات المذكورة على الغرف والشقق المعدة للإيجار ؛ لأنها تشتمل على الكذب فالتسمية بـ( قصر عباد الرحمن ) ، وقد يسكنه من ليس أهلاً لذلك ، وتسمية ( قصر تبارك ) ، لا يجوز ؛ لأن كلمة ( تبارك ) لا تطلق إلا على الله عز وجل كما قال سبحانه :{ تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيءٍ قدير }[الملك:1].
والقصر المذكور ، قد يكون غير مبارك ، ولا خير فيه ، و( قصر الكوثر) الذي هو الخير الكثير ، وقد يكون شراً محضاً ويطلق على نهر في الجنة أعطاه الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم كما في قول الله عز وجل : { إنا أعطيناك الكوثر }[الكوثر:1].
ولأن الفردوس اسم لأعلى الجنة ، وأوسطها ، فلا يليق أن يُسمى به قصر من قصور الدنيا ...وبالله التوفيق.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة فتوى رقم (13612)6/5/1411هـ
عضو : عبدالله بن الـغديــان .
نائب الرئيس : عبد الرزاق عفيفي .
الرئيس : عبد العزيز بن بــاز .


الفتوى : بواسطة كتاب
(الفتاوى الحسنة فيما يخص مسائل الحسبة صـ66-67ط.دار الإمام أحمد )
إعداد /عادل الفريدان

عبدالله الوهابي
05-05-2006, 11:35 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أحييكم أخواني وأخواتي الكرام

أما بعد

ألقى الشيخ الدكتور إبراهيم بو بشيت إمام مسجد علي بن أبي طالب في محاضرة بعنوان الشباب والحب في مسجد عمر بن الخطاب

وها أنا أحاول أن الخص المحاضرة ليستفيد منها لجميع

في ظل التطور وانتشار الآلات الجديدة , بدا انتشار حب بما يسمى الحب العفيف أو الطاهر وهو ما يؤدي لنتائج سلبيه .. فالكثير لم يعرف ما تأثير هذا الشيء. .. فربما نظره أو كلما ومع الأيام تزداد الأمور سوء

ومع انتشار الانترنت والمسنجر والبلوتوث . .. أصبح كل إنسان فيه علامات الحب بل أصبح مرضا فأصبح الرجل يعجب ب 100 فتاه من صوتها ولا من كلامها أو من كتابتها

والكلام للبنات أيضا وهذا إن دل فإنه يدل على أن الإدمان وما سببه من ضعف في الإيمان احدث هذه الأسباب

فالحذر الحذر من هذه الظواهر وما هي إلا سم من الشيطان ليبدأ فيه طريق الخطأ

والحب شي في كل إنسان وعندما قال الله تعالى في سورة البقرة


( ربنا لا تحملنا مالنا طاقة لنا به )


ذكر أن مالنا طاقة لنا به يعني الحب
إذ أن كل إنسان صعب عليه التحكم في شعور الحب
فهو شعور في كل إنسان الشاب وحتى الشياب

فلهذا لابد أن تكون هناك قواعد مهمة لحد أي شي يتعلق بالحب


------------------------
وهنا اذكر قصه سماها الشيخ قصة صاحبة الأبواب
والقصة للعبرة

تقول القصة

كانت هناك فتاه حفظت القران وعمرها 12 سنه .. ووصلت المرحلة الجامعية والأب على نياته أعطاها الجوال لكي تخلص أي شي مهم وأمورها الشخصية

فاتت إليها فتاه وقالت لها هل تعرفين خدمة الأبواب فقالت لا
قالت هي خدمه فيها منبه " لأوقات الصلاة " و " ادعيه وأذكار وما شابه "
ففرحت البنت من هذا الشيء وقالت لم لا وأعطتها الجوال
فأخذت الطرف الثاني الجوال ووضعت الخدمة

ولم تقل لها أن الخدمة بها تشات ومسجات من كل حدب وصوب

وفي هذه اللحظة التي أخذت الجوال , حولت على التشات وأرسلت مسج لشاب وأعطت الجوال للبنت

ومع الأيام تمت البنت تستقبل رسائل جميله بها كلمات عذبه من أحلى ما يكون فقالت البنت كان بيتي مكبوتا بعض الشيء إذ لم أرى العاطفة في أهلي ..فأرسلت وقلت من
فيأتيني رد امكر بقول

سوف تعرفين في الوقت المناسب

ومع الأيام وصل اتصال من نفس الرقم فقالت من أنت
فقال لها أنا الذي كنت أرسل المسجات وكنت أريد أن أتسلى واقضي وقت طيب

ومع الأيام تعلقت البنت فيه ثم أدركت أخيرا أنها وقعت في مشكله كبيره
فقالت للشيخ وشرحت له هذه المشكلة

وقال لها " أسالكي بالله عليكي هل رأيتم بعض ؟"
قالت له " نعم"

قال لها " أسالكي بالله عليكي هل اصبحتي تنسين القران ؟"
قالت وللأسف

" نعم"

ثم ذكر الآية


" ولا تكونوا كاللذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم "

-------------------------------

هذه الآية تخبرنا أن الإنسان كلما استلذ في شهواته وضاع ينسيه الله ما أتاه من علم فلهذا يجب علينا الحذر في كل خطوه
وهذه البنت أتاها الله من علمه وحفظها القران ولكن الشيطان له كلاليبه ويأخذ الإنسان خطوة خطوة فلنحذر ونحذر من حولنا
-------------------------------


ثم تكلم الشيخ عن الحب الناقص الذي يجب أن يكون في العائلات وهو ما لم نراه في هذه الأيام


ثم ذكر النبي عليه الصلاة والسلام عندما كانت تأتيه فاطمة فيقبلها في رأسها ويجلسها مجلسه

وفي هذا الزمان للأسف أصبحنا لا نرى من يقبل ابنه أو يعطيه الحب والحنان

بمعنى آخر ... لم نر الأب الصديق والأخ والأم الصديقة والأخت

أصبحت العواطف تكون فارغة فأصبحت البنت تبحث عما توشوش لها أسرارها فلا تجد احد في البيت فتلجا لصديقتها بل من الممكن لصديقها


والكلام نفسه للأولاد

وهنا حذر الشيخ حفظه الله من نقطة الضعف العاطفي في العائلات وقال

" والله لو كان هناك تعاون وترابط عائلي وحب ووئام لم نرى مشاكل المحادثات والحب "
----------------------------------


ثم تحدث عن مخاطر الحب وأنها حتى تحدث للكبار ثم تكلم عن مسئولة شركة كبيرة أحبها مسئول بشركة كبيرة وفي نفس القسم أيضاً ومع أنها متزوجة وكل شي ولكن الحب في قلب كل إنسان والشيطان موجود ويلعب
--------------------------------------


ثم ذكر جيل هذا الزمن وحبهم للبلستيشن وأفلام الكارتون

وذكر قصه جميله وهي للزبير بن العوام ذو الثمانية أعوام
مره في مكة سمع أن أحدا خطط لقتل النبي عليه الصلاة والسلام

فذهب لبيتهم واخذ سيفا واستل ومشى في مكة حتى اخذ الكفار يقولون
ما بال ابن الزبير يحمل سيفاً أطول منه
ثم تقدم إليهم تقدم الواثق المؤمن بالله وقال
أين محمد ( عليه الصلاة والسلام )
فقالوا هو في المنطقة الفلانية
فعرف أنها نفس المنطقة المخططة عليها
فذهب ورأى النبي عليه الصلاة والسلام
فتبسم النبي عليه الصلاة والسلام من موقف الزبير وسأله
ما تفعل بهذا السيف يا عبد الله
فقال كلمة الواثق القوي " يا رسول الله إني سمعت بأنهم يريدون أن يفتكوا بك .. فوالله إن سيفي وروحي في أمامهم حتى لا يقتلونك "

فتبسم النبي وقال بارك الله فيك يا زبير


فانظروا إخواني وأخواتي الكرام إلى هذا الحب المتأصل
وما نراه الآن من حب لأشياء لا تفنع ولا تضر
ونحن للأسف لا نحاول أن نزرع حب النبي عليه الصلاة والسلام والصحابة في قلوب أطفالنا

--------------------------------

ثم ذكر العلامات التي تعرف من خلالها أن الطرف الآخر يحب

وقد تكون عندما يذكر اسم حبيبه تسرع نبضات قلبه
وقلة أكله للطعام وسرحان باله

ثم نصح بكتاب يتكلم في هذه الأمور ويعالجها
باسم طوق الحمامة لابن حزم الأندلسي
كتاب رائع اقتنيته وفيه الفائدة الجمة

-----------------------------

هذا ملخص صغير جدا وأحببت أن أطيل ولكن لا أريد أن املل القارئ


---------------

همسه : أعجبني موقف الشيخ وأسلوبه الحواري في المحاضرة وإعطائها جوا جميلا حتى انه طلب بإطالة المحاضرة وتمت الموافقة وكانت المحاضرة تقريبا ساعة ونصف وكانت رائعة جدا
-----------------------


أتمنى من الجميع الاستفادة وبارك الله فيكم

عبدالله الوهابي
09-05-2006, 07:25 AM
إلى أختي المسلمة عذراً في هذا المنتدى أننا نكتب لنا الرجال أكثر ولكن هذه لــك أولاً أرجو أن تعيها في قلبك وعقلك ، وللإخوة ثانياً من الدروس والعبــر

حينما تزدحم الأعمال على زوجك ، وتثقل عليه الأعباء ، وتعدد الألتزامات وتكثر المشاغل والطلبات ، ويتعرض لضغوطات الحياة المختلفة ، التي تجعله في قلق واضطراب وشد أعصاب.
أو حينما تقع له مشكلة ما خارج البيت : في العمل ، أو في الشارع ، أو في أي مكان آخر ، فيشعر وهو قريب منه بالسكينة والطمأنينة ، والراحة والهدوء، وربما يجد عنده رأياً سديداً وفكراً رشيداً .
أما إذا رجع إلى بيته فلم يرى السكينة ولا الراحة ، وإنما رأى نكداً وتعباً ، وهموماً وأحزاناً : رأى من لا تأبه بعودته ، ولا تصغي لحديثه ، ولا تشاركه همومه ، فضلاً عن أن تقدم له فكرة أو رأيا ، وإذا تكلم معها عن المشاكل التي صادفته في يومه نسبته إلى التقصير ، وأوقعت اللوم عليه .
إذا عاد إلى البيت فرأى من تستقبله بالتنكيد ، وتستفتح حديثها معه بجريدة المشاكل مع الأهل والجيران ، أو عدم الاهتمام بها وببيتها ، وتختتمه بأخبار مزعجة عن أثاث المنزل والأولاد ، فكيف تكون حال هذا المسكين ؟! وكيف يقضي أيامه ولياليه ؟ وكيف يكون عقله وفكره ؟ وكيف يكون عمله ونشاطه ؟ مما لا شك فيه أن الحالة التي يمر بها مؤثرة على صحته النفسية والعقلية والجسدية ، وتنعكس سلباً على حياته العائلية ، وعلى نشاطه وأعماله ومشاركته ، وهذه الحالة التي تعيشها هذه العائلة ليس هي الحالة الصحية لبيت اجتمع تحت سقفه زوجان على أساس من الدين والخلق والتفاهم .
فقد بين لنا القرآن الكريم الأصل في علاقة الزوج بزوجه ، والهيئة التي ينبغي أن تكون عليها ، فقال تعالى : ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ) [ سورة الروم : 21] .
فالزواج إنما شرعه الله تعالى ليجد كل واحد من الزوجين السكينة والطمأنينة والراحة النفسية حينما يأوي إلى الآخر ، ولتقوم حياتهما على أساس من المودة والرحمة.
وقد خلق الله تعالى الزوجة من عنصر الزوج ونفسه ، ليكتمل بها ، ولتكون سكنه الذي يأوي إليه ، وملاذه الذي يحقق لـه الأنس والطمأنينة ، وهذا المعنى إنما يتحقق عندما تكون العلاقة بين الزوجين قائمة على أساس متين من الدين والأخلاق الكريمة إلى جانب التفاهم والمحبة والرحمة .
ولا أبدع وأروع في تصوير العلاقة بين الزوجين من قوله سبحانه : ( هن لباس لكم وأنتم لباس لهن ... ) [ سورة البقرة : 187 ] .
إنها كلمات يسيرة ، لكنها بليغة في التصوير ، عظيمة في الأثر ، إنما تمثل العلاقة المادية والمعنوية بين الزوجين ، أعني بهذا علاقة الروح والجسد ، فكل منهما محافظ على الآخر ، فريق به ، عطوف عليه ، حريص على ما يسعد قلبه ويحقق لنفسه الراحة والسكون . وكل منهما وقاية للآخر ، وغناء له عن الفواحش والآثام ، وكل منهما ستر على الآخر : على أسراره فلا يفضحها ، وعلى علاقته فلا ينشرها ، وكل منهما يخفف آلام الآخر ، كاللباس الذي يدفع عن صاحبه ألم الحر والبرد .
لا شك أن من لم تحقق في حياته الزوجية هذه المعاني أنه في أسوأ حال ، وما يتعرض إليه من تكدير وعدم راحة في البيت يكون وقعه على نفسه أشد من الأعباء التي تصادفه في يومه كله ، ناهيك عن فقدان عنصر مهم في حياته ، هذا العنصر هو : القلب الكبير الذي يتسع لـه ، والصدر الدافئ الذي يضمه ، واليد الحانية التي تمسح جراحه ، والأذن المصغية التي تسمع مشاكله ، والعقل الذي يفكر بالحكمة ، واللسان الذي ينطق بالخير .
وإذا فقد الرجل هذا في بيته ، خرج يبحث عمن يعوضه هذا النقص خارج البيت ، فربما تزوج من ثانية أملاً بأن تعوضه ما افتقده عند الأولى وربما الثالثة أو الرابعة ، وربما بحث عن صديق يرى منه اهتماماً وتجاوباً ، يفضي إليه بأسراره ، ويبث إليه شكواه .
فوصيتي إليك أيتها الأخت المؤمنة أن تحافظي على حياتك بمحافظتك على زوجك ، كوني مهتمة به ، حريصة عليه ، تعهديه برعايتك وعنايتك وأفيضي عليه من لطفك وحنانك ، شاركيه الحديث ، وتابعيه باهتمام ، وأشعريه بالثقة بنفسه , ولا تقتلي فيه روح الطموح والتفاؤل ، وليكن ثناؤك على الجانب الإيجابي فيه ، ولا تؤذيه ولا تخذليه .. فبذلك تحافظين على زوجك ، وتنعمان بحياة هادئة إن شاء الله تعالى .
أيتها الأخت المؤمنة : لعلك قد قرأت عن موقف السيدة العاقلة خديجة بنت خويلد أم المؤمنين رضي الله عنها حينما جاءها النبي صلى الله عليه وسلم من غار حراء وكان قد نزل عليه جبريل ورآه لأول مرة ، فخاف صلوات ربي وسلاماته عليه على نفسه ، وأرجف فؤاده ، وأسرع إلى خديجة ، فماذا كان من خديجة ؟
هل قابلته بالعتاب ، وأن ما حل بك بسبب بعدك عن البيت ، وأنك .. وأنك .. أم تجاوبت وتفاعلت ، واهتمت للأمر ، وبادرت إلى ما يخفف الحالة عن زوجها وحبيبها صلوات ربي وسلاماته عليه ؟ ولنستمع إلى ما رواه البخاري في هذه الحادثة : ( ... فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده، فدخل على خديجة فقال : زملوني زملوني ، فزملوه حتى ذهب عنه الروع ، فقال لخديجة وأخبرها الخبر لقد خشيت على نفسي . فقالت خديجة : كلا والله ما يخزيك الله أبداً ، إنك لتصل الرحم وتحمل الكل ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق .
فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل ابن عمها وكان امرأ تتصرفي الجاهلية ، وكان يكتب الكتاب العبراني ، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب ، وكان شيخاً كبيراً قد عمي ، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خير ما رأى .. الحديث ) .

واستطيع أن أجمل موقف أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها مع هذا الأمر الطارئ الذي فاجأها به زوجها بالأمور التالية :

1- الاهتمام البالغ بالأمر ، وأخذها على محمل الجد ، وهذا يظهر جلياً من حسن استماعها لما حدث لزوجها ، ثم تأمين المكان المناسب الهادئ ليرتاح زوجها ، وطرح الغطاء عليه حتى يذهب عنه ما يجد من البرد والقشعريرة .

2- رفع الروح المعنوية عند زوجها ، فحينما قال لها : " لقد خشيت على نفسي " أسرعت إلى القول ، وأكدت قولها بالقسم : " كلا والله ما يخزيك الله أبداً " ثم واصلت رفع الروح وتثبيت الفؤاد قائلة : " إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكل ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق " تذكر مناقبه وفضائله .

3- إبداء الرأي وتقديم المشورة ، فهذا الأمر غريب على أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها ولا تستطيع أن تفتي فيه ، فما الحل ؟ إن الحل في الذهاب إلى أهل الاختصاص لنسمع منهم ونطمئن عليك ، فأشارت عليه بابن عمها ورقة ، فقد كان من علماء أهل الكتاب .

4- لم تقتصر السيدة خديجة على إبداء المشورة هكذا : أرى أن تذهب إلى ابن عمي ورقة ، ثم تشاغلت عنه ، لا ، فقد بلغ من اهتمامها بزوجها وخوفها وحرصها عليه أن اصطحبته ، لتسمع بنفسها ، وتطمئن عليه مباشرة .


تلك هي أبرز النقاط في تعامل أم المؤمنين خديجة مع الحدث المفاجئ والمهم الذي حل برسول الله  ، أضعها بين يدي أختي المؤمنة لتكون نبراساً يضيء لها الطريق ، ودليلاً هادياً في الظروف الصعبة والمواقف الحرجة ، قائلاً لها: كوني كأمك خديجة تنعمي أنت وزوجك بالراحة والطمأنينة ، وتكتحل عيون المخلصين برؤية بيوت المؤمنين قد غمرها الحب والوئام والتفاهم ، وتنشأ الأجيال في أجواء صحيحة ، فيتحقق على أيديهم ما تصبوا إليه الأمة إن شاء الله

عبدالله الوهابي
10-05-2006, 08:50 PM
لكل ظاهرة مرضية أسباب تقف وراءها .. وظاهرة العنوسة كظاهرة مرضية ترجع في أسبابها إلى غياب التربية الدينية السليمة ، وتعنت الفتيات وغرورهن ، ورفض الفتاة التزوج برجل متزوج بأخرى ، وتعرض أحد الطرفين لأسباب نفسية أليمة ، ومعايشة نماذج فاشلة للأسرة ، والتعنس بسبب الطموح أو الخوف ، والعلاقات الحميمة العاطفية غير الشرعية بين الفتيات والفتيان ، وتطلع الشباب إلى الزواج من فتيات ذات مواصفات عالية سواء من حيث الشكل أو الإمكانات أو المؤهل كتطلع البعض للزواج من الفاتنات والشقروات يشبهن اللائي يراهن في القنوات الفضائية. وهو لا يعرف الأصباغ وعمليات التجميل التي تخفي حقيقتهن !! وتعليم الفتاة – تماماً كالفتى – وتأخر سن الزواج كنتيجة حتمية ، ودعوى تأمين المرأة لأحوالها المادية قبل الزواج ، والتعنس بسبب رعاية الوالدين أو الأسرة في بعض الظروف.. والعنوسة الاختيارية للانطلاق الحر أو العنوسة لعيوب خلقية !! .

وإذا كانت بعض هذه الأسباب كما نرى ترجع إلى التطور الاجتماعي غير المنضبط بالصياغة الإسلامية لبناء المجتمعات وبناء الأسر المسلمة حتى التي تمثل ركنا المجتمع الأول.. فإن هناك أسباباً أخرى تعود إلى ضعف الإيمان في الأفراد ، وإلى انعدام القدوة من الوالدين أو الأسرة.. وإلى ضعف التربية والتوجيه والتأسيس !! .

أ - فقد تؤجل الأسرة زواج البنت بحجة استكمال الدراسات الجامعية أو الدراسات العليا ، وقد تتعنت في المطالب من الشباب المسكين المنهك الذي يعيش حالة لا يحسد عليها ، مع مغالاتهم في المهور ، وانتظارهن للزوج ذي المكانة الاجتماعية والمالية العالية ..

ب - أو أن يكون الأب من النوع الذي يحبس أهله عن الناس فلا يعرفون أحداً ، ولا يعرفهم أحد .

ج - الحب الجنوني الشديد من الوالدين لإبنتهم ، حيث يخشون من زواجها حتى لا تبتعد عنهم ، ويظل الأهل يرفضون كل من يتقدم لخطبة ابنتهم ظناً منهم أنه سيسرقها منهم ..!! ، هذا إلى جانب تقليد الأسر لمن هم أعلى منهم اجتماعياً ، بالبذخ وفي الأفراح ، وارتفاع أثمان الأثاث وفخامة البيوت .

د - ورغبة بعض الآباء في الشراء من زواج إبنته ، ومن ثم لا يزوجها إلا من غني ، وهي لا ترغبه .

هـ - عدم إحساس الآباء بمشكلة العنوسة وتداعيتها الخطيرة .

و - وكثرة الخلافات والمشاكل بين الآباء والأمهات قد تسبب نفوراً من الزواج عند الأبناء والبنات ، لئلا يصير حالهم مثل حال آبائهم .

ز - استهزاء بعض الآباء بالشباب المتدين ، رغبتهم في شخص يباهون به الناس ، بغض النظر عن الاعتبارات الأخلاقية ، والشرعية ، والتكافؤ النفسي والفكري .

ح - بعض أولياء الأمور يجعلون زواج البنت عملية تجارية .

ط - رغبة بعض الآباء غير المحتاجين الذين يؤخرون زواج البنت التي تعمل حتى يحصلوا على راتبها آخر الشهر ، والبعض الآخر يشترط جزءاً من الراتب بعد الزواج ، والبعض الثالث يطمع في مال موليته إن كان لها مال ، ويظل يؤخر زواجها ، ويعضلها ؛ ليحصل على أموالها ، ضارباً بمشاعرها ، وغريزة الأمومة لديها عرض الحائط .

هذه العوامل وغيرها كثير أدت إلى ازدياد نسبة العنوسة ، وصعبت أمور الزواج ، وكان يجب على الآباء وأولياء الأمور أن يقدروا مصلحة أبنائهم ، ولا يعسروا ما يسره الله عز وجل .
فإذا أضفنا إلى هذا أن الله شاء ازدياد نسبة الإناث عموماً عن نسبة الذكور ولله الحكمة في ذلك ، وهذا ما نلحظه في البلدان المتقدمة أكثر من في البلدان النامية ، وقد يكون ذلك لحكمة ربانية ، ربما لتخفيف الطبيعة من غليان الذكور ، وتوتر العالم عسكرياً وسياسياً .. ومن هذه الأسباب أيضاً الانتشار الكبير لبدائل غير مشروعة ، مثل الزواج العرفي ، والزنا ، والإباحة ، وزيادة إقبال الشباب على الإنترنت ، وهي طرق بديلة وخاطئة لجأ إليها كثير من الشباب ؛ للتخفيف من الشعور بالأزمة والرغبة في الارتباط بالجنس الآخر ، في ظل المناخ الاجتماعي والاقتصادي السيء الذي يعيشه الشباب .


إذاً عرفنا هذا أدركنا كم هو ملح وضروري أن يتعاون الجميع على تيسير الزواج ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً .

إننا نرى من هذا العرض أن أسباب العنوسة كثيرة ، لكنها وهذا ما يطمئننا أسباب تعود إلى عوامل واضحة ويسهل التغلب عليها ، ولعل مفتاح الحل يكمن في العودة إلى منهاج السلف الصالح في الزواج بكل معالمه ، وهذا المنهاج سيقضي على كل هذه الأسباب ، ويجعله أمراً ميسوراً ، ويعود بالأمة إلى الحياة البسيطة البعيدة عن النفاق ، والمباهاة ، وتعسير ما جعله الله يسيراً ، وهذا ما يدعون إلى تأمل منهج السلف الصالح في هذا الشأن ؛ فهو منهج تيسير وتبسيط للأمور ، وهو منهج يقوم على مرتكزات عقلانية تقود بإذن الله إلى أسرة سعيدة تعرف حقوقها وواجباتها وتربي أبناءها التربية الشرعية الصحيحة .

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

عبدالله الوهابي
12-05-2006, 04:40 PM
متابعة لما ينشر عبر وسائل الإعلام المقروءة والمشاهدة من صور للمرأة السعودية كاشفة وجهها أمام الرجال في المنتديات والمعارض والمؤتمرات..الخ فإن هذا يعد أمراً خطيراً لمجتمعنا المحافظ المتمسك بالكتاب والسنة قولاً وعملاً..
ألسنا الفرقة الناجية التي قال فيها رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم "افترقت اليهود على اثنان وسبعون فرقة وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعون فرقة كلها في النار إلا واحدة 0 قالوا : من هم يا رسول الله؟ قال : من كانت على مثل ما أنا عليه وأصحابي " .
وهذ الفرقة هم أهل السنة والجماعة الذين نحن نمثلهم في بلاد التوحيد ومهبط الوحي.ز فما السبب فيما يدور اليوم في وسائل الإعلام من خطى متسارعة لإخراج المرأة وكشف وجهها وجرها لميادين الرجال دون وجه حق أو صواب..؟
ولماذا نعشق الانحطاط والانهزامية بقرار من أنفسنا متأثرين بواقع المرأة الغربية المفلسة من كل شيء ، فلا قرار ولا خيار لها ، بيت ضائع وزوج هائم ، هدفهم الكسب .
يا وسائل الإعلام : لماذا تعرضون الجانب المظلم باسم المدنية والحرية الذي يجر المرأة إلى مستنقع الضياع..
ألا فلندافع عن المجد الذي نملكه والمتمثل في مكانة المرأة العالية ورسالتها السامية، لتبقى القيم راسخة ، والأخلاق راقية ..
ودعوتي للإخوة الكرام أن ينتبهوا لأهلهم وأخواتهم من شر الهجمة الشرسة علينا .

عبدالله الوهابي
21-05-2006, 08:15 PM
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده 0000000 وبعــــد :
الخوارج الأوائل : شككوا في أمانة النبي صلى الله عليه وسلم وعدله ! وأمانة عثمان وعدله ، ووصفوه بالاستبداد... وهكذا هم اليوم يصنعون مع حكامنا..!
الخوارج الأوائل : قاموا بدعوى نصرة التوحيد الجهاد ، وتحكيم الشريعة ، وكفروا علياً ومعاوية وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم بذلك ، ورأوا أن أعمالهم قد حبطت .
وهكذا هم اليوم : كفروا حكامنا ، وعلمائنا ، ووصفوهم بالطواغيت ، وقالوا عن الشيخ ابن باز : ( رأس الردة !، وعمود الكفر ! ، وذنب الحكام !! ) ، وقالوا : ( بلغ مرحلة من الخرف والسفه مما جعله لا يقبل قوله ) ، وقالوا : ( علماء السلاطين ( وقالوا ( أقل ما يقال فيهم أنهم فسّاق ! ( .
الخوارج الأوائل : يزورون الكتب ، والأقاويل على لسان أهل العلم ، وأنها تعضد طريقتهم ، البداية والنهاية ( 10/277، 281،340 )
وهم اليوم : يزورون الكتب ، وينسبون أنفسهم إلى أهل التوحيد والسنة من الأحياء والأموات !! ، ويستشهدون بكلام الإمام ابن تيمية وهم أبعد الناس عن طريقته ، وبكلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب وهم أبعد الناس عن حقيقته ، وبكلام أئمة الدعوة وهم الذين رضوا بحكم آل سعود وناصروهم حتى أقاموا دولتهم .
الخوارج الأوائل : يقومون بالمظاهرات والمسيرات ضد الحاكم !البداية والنهاية (10/280 ) هم اليوم كذلك.
الخوارج الأوائل : يسعون إلى الانقلاب على الحاكم فضلاً على أن يناصحوه ، كما دخلوا على عثمان رضي الله عنه ، وحاصروا داره ، وقالوا للناس : من كفّ يده فهو آمن..! البداية (10/280 )
وهم اليوم كذلك ، وأطلقوا الحرب للحاكم بل وحكومته بل وشعبه المناصر له..!
والخوارج الأوائل : يفترون على الحاكم ما لم يقل ، ونسبوا إلى عثمان كتاباً ، ووضعوا عليه خاتماً كخاتمة !! البداية والنهاية(10/280 )
وهم اليوم كذلك يفترون على الحكام بشتى أنواع الأكاذيب أو على أقل تقدير ما لم يأتوا عليه ببينة ! ، ويزورون الوثائق ، والجوازات ، وغير ذلك .
الخوارج الأوائل : من مزيد ظلمهم ومبلغ حقدهم على الحاكم يسمونه بأسماء زعماء اليهود والنصارى ، كما سموا عثمان رضي الله عنه بـ : نعثـل !! ، البداية (10/282 ) (10/307 ) وربما قلبوا اسمه ، كما صنع الراسبي ، فما كان يسمي علياً رضي الله عنه باسمه ! ، وإنما يسميه بـ : الجاحد ، من شدة بغضه له ، ( البداية :10/591 ).
وهم اليوم : يسمون الحاكم بـ : ( بوش العرب ) أو( البابا يوحنا ! ) و ( آل سلول )
الخوارج الأوائل : يسبون الحكام على المنابر ! ، كما صنع ابن عديس في شتمه لعثمان رضي الله عنه على المنبر ! ، [ البداية (10/297 ) وهم اليوم كذلك : بالتصريح ، وبالتلميح !! .
الخوارج الأوائل : يصرحون بكفر الحاكم مهما كان له من فضائل ، فعندما دخلوا على عثمان وقتلوه ، وهو على مصحفه ، قد أصابه بعض دمه ، قال أحدهم : ما رأيت كاليوم وجه كافرٍ أحسن !! ، ولا مضجع كافرٍ أكرم !! . ( البداية :10/307 )
وهم اليوم : لم يلتفتوا إلى محاسن حكام المسلمين ، وما رعى الله بهم من المصالح ، وحفظ بهم من الحقوق ، وحقن بهم من الدماء ، وصان بهم من أعراض ، ومع ذلك كفروهم .
والخوارج الأوائل : يستبيحون المحرم لتحقيق مطلبهم !! ، وقالوا : الذي أباح لنا دم عثمان كيف يحرم علينا ماله ؟! ، وأخذوا كل شيٍ حتى الأقداح البداية :10/307 ] ، ويسفكون الدماء ، ويقطعون السبل ، ويستحلون المحارم ، البداية (10/584 ).
قال ابن كثير مؤيداً قتال علي رضي الله عنه للخوارج : " وفيه خيرة عظيمة لهم ، ولأهل الشام أيضاً ، إذ لو قووا هؤلاء لأفسدوا الأرض كلها عراقاً وشاماً ، ولم يتركوا طفلاً ولا طفلة ولا رجلاً ولا امرأة لأن الناس عندهم قد فسدوا فساداً لا يصلحهم إلاّ القتل جملة.." ( البداية :10/584-585 )
وهم اليوم : يفعلون كل محرم من أجل تحقيق مطلبهم !! ، يسرقون !! ، يحلقون !! ، يكذبون !! ، يفترون !! ، يلبسون لباس النساء !! ، يقتلون الدماء المعصومة لمصلحة عظمى عندهم وهي قتل كافر أو رجل أمن !!! ، ويرون بأنه لا ( إصلاح ) إلاّ ( بالسلاح ) .
الخوارج الأوائل : يقاتلون الحاكم في حقيقة الأمر لشيٍ في أنفسهم لا لله عز وجل ونصرة لدينه ، كما صنع عمرو بن الحمِقِ حين جلس على صدر عثمان بعد ما طعن من قبل ، فطعنه تسع طعنات !! ، وقال : أما ثلاث منهن فلله ، وستٍ لما كان في صدري عليه !!! ، البداية والنهاية (10/309 )
وهم اليوم كذلك ، فما يفرحون بخير حباهم الله به ، ولا يحزنون بأمرٍ أصابهم..!
الخوارج الأوائل : يبحثون عن إسقاط الحاكم في الزلة على كل وجهٍ !! ، فعندما نسبوا إلى عثمان رضي الله عنه أنه كتب فيهم كتاباً ، وأنكر ذلك قالوا له : إن كنت كتبته فقد خنت !! ، وإن كنت لم تكتبه فقد عجزت !! ، ومثلك لا يصلح للخلافة : إما لخيانتك وإما لعجزك !! ، البداية والنهاية ( 10/311 ) وتأمل رد ابن كثير فما أحسنه .
وهم اليوم كذلك : حتى فيما يفعلونه من تخريب !! ، فيستبيحون ما يقومون به من أعمال تخريبية ، ومن جانب آخر يصيح السفيه من جانبٍ آخر ويقول : هذا فيه دليل على عدم أهلية الحاكم ، وانفلات الأمن !! ، وكلهم مبطل كذاب ! . الخوارج الأوائل : أن الخوارج لا يموتون – غالباً – إلاّ بشر قتلة ، وعلى أردى حال ، وقد أقسم بعض السلف أنه ما مات أحد من قتلة عثمان إلاّ مقتولاً ! ، قيل إجابة لدعوة سعد بن أبي وقاص عندما قال : ( اللهم أندمهم ثم خذهم ) ( البداية :10/320 ).
وهم اليوم : بعدما استباحوا الدماء المعصومة ، وقتلوا الرجال والنساء والأطفال ، وقنت عليهم المسلمون في جنح الظلام : ماتوا أخس ميتة ، وقتلوا شر قتلة : ( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) ، سورة الكهف آية رقم ( 103-104 ).
الخوارج الأوائل : مع ما توهب لهم من عطايا وأموال ، يتكبرون ويسألون الله التغيير والتبديل ! ، قال سعيد بن المسيب : كانت المرأة في زمان عثمان تجئ إلى بيت المال ، فتحمل وقرها ، وتقول : اللهم بدل ، اللهم غيّر !! ، البداية ( 10/336 ).
وهم اليوم : على ما وهبوا في هذه البلاد من نعم كثيرة ، ومن إعانات ، ومن أنعام لا تحصى في الجملة ، وربما بعضهم موظف في ( حكومتهم ) أكل من أموالهم ، واشتد بها عوده ، ومنهم من تدعمه الدولة : بإذن دعوة ! ، أو بنشر كتابٍ ، أو بتدريس ٍ في جامعة أو مدرسةٍ ، أو بإقامة مركز ، أو بترتيب مخيمٍ ، ثم يقول : ( اللهم غيّر ، اللهم بدلg>>!
أنشد حسان رضي الله عنه :
قلتم بدّل فقد بدلكم 00000 سنة حرّى وحرباً كاللهبِ
ما نقمتم من ثيابٍ خلفةٍ 00000 وعبيدٍ وإماءٍ وذهب ؟! .
والخوارج الأوائل : يعتبون على الحاكم اجتهاداته الشرعية ، ويستغلونها لإسقاطه ، وتوغير القلوب ضده ، كما عتبوا على عثمان تحريق المصاحف ! ، وإتمام الصلاة في منى ، ( 10/395 ) وهم اليوم : ما إن يرى الحاكم رأياً للخلاف فيه نظر ، وللاجتهاد فيه مسوّغ : إلاّ وطاروا بمخالفته ، وقالوا : هذا تبديل لشرع الله !! ، وحكم بغير ما أنزل الله ! .
الخوارج الأوائل : يتأولون كلام الحاكم وفعله على غير ما يريد ! ، كما صنعوا مع عليٍ رضي الله عنه ! قال ابن جرير : " ثم جعلوا بعد ذلك يعرضون له في الكلام ، ويسمعونه الشتم ، ويتأولون تآويل في كلامه ! " البداية والنهاية (10/569 )
وهم اليوم : كذلك ، وكل ما يصدر منهم يقلب على أقبح الأوصاف : حرب للإسلام ، تجفيف لمنابع الدين ، تعطيل للجهاد ، استنزاف للأموال ! ، نهب لمدخرات البلاد..!
الخوارج الأوائل : ينزلون آيات الكفر على حكام المسلمين ! ، كما قال أحدهم لعلي رضي الله عنه وهو في الصلاة : ( لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)(سورة الزمر من الآية ( 65 ) ، فقرأ علي رضي الله عنه : ( فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ) سورة الروم آية رقم (60) ، البداية (10/569)
الخوارج الأوائل : يجهلون مسائل الحكم بغير ما أنزل الله ، ويكفرون الحاكم بما ليس منها بمكفرٍ !! ، وقالوا لعلي رضي الله عنه : ( يا عليّ أشركت!! في دين الله الرجال ، إن الحكم إلاّ لله ! ) ، البداية والنهاية ( 10/570 ) وهم اليوم كذلك ! .
الخوارج الأوائل : يأخذون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض ! ، فتمسكوا بقوله تعالى ( إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ) سورة الأنعام من الآية رقم ( 57) وقوله سبحانه ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) سورة المائدة الآية رقم ( 44 ) ، ونزلوها على غير تنزيلها ، وأجملوا ، وعمموا في الدليل والحكم ! ، ولما ناظرهم ابن عباس – رضي الله عنهما – أتم لهم الدليل ، ونقض لهم الحكم . وكشف جهلهم ! ، وأتى لهم بالأدلة التي حكم الله فيها حكم الرجال ، فحكم الرجال بحكم الله من حكم الله ! .
وهم اليوم كذلك في مسائل عدة ، حتى أن أحدهم أطلق مرة الحكم بأن كل من حرم ما أحل الله : فهو كافر ! ، فقال له صاحب السنة ، وما تقول في قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) سورة التحريمآية رقم ( 1 ) ، فبهت الذي فجر ! ، ثم طغى وكفر وقال : يحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم كفر ثم تاب الله عليه !!.
الخوارج الأوائل : يتحزبون إلى أشخاصٍ – وإن كانوا صالحين ! – وكل منهم يطلب أن تكون الولاية لصاحبه !! ، البداية والنهاية (10/398 ).
وهم اليوم : كل حزبٍ يدعو إلى أولوية ( زعيمه ) بالولاية !!!!! ، وهم من أبعد الناس عن الصلاح والتقى ، والعلم والهدى ، بل : والعقل وحصافة الرجال..!
الخوارج الأوائل : يفضحون ، ويشهرون ، ويكفرون ، ويهددون ، وقال زرعة بن البرج لعلي رضي الله عنه : أما والله يا عليّ لئن لم تدع تحكيم الرجال في كتاب الله لأقاتلنك اطلب بذلك وجه الله ورضوانه !!!!!! ) البداية :10/577 ] . وهم اليوم كذلك : حرموا من النصيحة والإصلاح الشرعي ! ، وجنحوا إلى التعيير والتشهير ، والتهديد ، ومن ثمّ إلى التخريب والتدمير ، واستباحة المحرمات !! .
الخوارج الأوائل : يدعون إلى مهاجرة أرض الإسلام !! ، كما قال عبدالله بن وهب الراسبي وهو منهم : " اخرجوا بنا إخواننا من هذه القرية الظالم أهلها ، إلى جانب هذا السواد ، إلى بعض كور الجبال ، أو بعض هذه المدائن ، منكرين هذه الأحكام الجائرة.." البداية والنهاية (10/578 )
وهم اليوم كذلك : ومنهم من هو أسوأ من الخوارج الأوائل حيث جمز إلى أرض الكفار ، واستنصر بهم ، وعاش تحت ولايتهم ، ودان باتباع أنظمتهم ، وتحاكم إلى شريعتهم ، وهيئوا له السبل لحرب الإسلام والمسلمين ! ، فاستبدل صوت المآذن ، وخلو الأرض من الأوثان والكنائس ومعابد الكفر ، وهاجر إلى أرضٍ يعلو فيه الصليب ، وتدندن فيها أجراس الكنائس ، ويكفر فيها بالله علانية ، والله تعالى يقول : ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً * إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً * فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوّاً غَفُوراً ) سورة النساء ( 97- 99) و قوله تعالى : ( يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ ) سورة العنكبوت ( 56 ) ويتشدقون بأنهم هربوا من سياسة القمع ، ومن ظلم الحكومات..!

عبدالله الوهابي
25-05-2006, 02:13 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عندما نتابع موضوع لشخص ما ويعجبنا طرحه وفكره

عندما نرى فكره واتجاهه من خلال كتابته
عندما تتبين لنا أخلاقه من مواضيعه وردوده

اشخاص لا نعرفهم لم نراهم ولم نسمع أصواتهم
لم نحاورهم مام الملأ لم نشاكسهم

قرأنا حروفهم فلامست فينا حقيقة لم نكن ندركها
ننتظر أقلامهم بشغف كي نرد عليها بشفافية

لسنا ضعفاء ولكن قلوبنا لامست قلما فأنجذب له
حينها فقط يصبح القلم سلاح يغزو حياه الطرف الآخر
حين يخفق القلب لقلم شخص
حين ينبض القلب بحب قلم

هل ممكن ان نميل للقلم ؟؟
وهل من الممكن نميل للشخص بسبب قلمه ؟

هل من الممكن أن نصل إلى درجة الافتتان بالفكر أو الأسلوب ؟
وهل يتحول الإحترام والإعجاب إلى انجذاب؟

متى تخرج المشاعر عن السيطرة ؟ ما السبب في ذلك ؟؟


وهل هذا خطأ ؟ ومن يتحمل الخطأ ؟


ودمتم

عبدالله الوهابي
31-05-2006, 06:57 PM
لست من النوع الذي يتنصت على جيرانه أو يحاول كشف أسرارهم.. ولكن جاري عادل مختلف..فهذا الطالب الهادىء الرقيق جعلني أشعر بالتطفل والرغبة في معرفته أكثر.
بدأت القصة عندما سكن بجواري - خارج السعودية وأنا أحضر الدراسات العليا - طالب يدرس في المعهد العالي للموسيقى.. كان هادئاً تأنس النفس لمرآه.. وكنت ألتقي به في السلالم أو عند البقال فيحييني في خجل وينصرف.. وبالرغم من ابتسامته استطعت أن أرى لمحة من الحزن تظهر على وجهه.. تخبرك أنه من تلك الأسر التي تربت على النعيم ثم أدركها فقر فبقى نقاء الأصل وهذب الفقر نفوسهم.
وكان يحمل عليه آلته في كل مكان.. وكم رأيته في الحديقة القريبة يحضنها وينظر للنهر فأراه وقد رحل في عالم غير عالمنا ، فأمر قريباً منه فلا يشعر بي ، فأعلم أنه غارق في تأملاته.. وعجبت لمثله يحمل هماً وهو في سن الانطلاق.. وظننته من النوع المتشائم في البداية ، ولكن ملاقاتي به أكثر من مرة وحديثنا البسيط أخبرني أن هذا الشاب ذو نفس حرة منشرحة.. ولكن الحياء يمنعه من الخلطة.. والشعور بالغربة يبقيه في عزلته.
الليالي في بيتي الهاديء تجعل لدي وقتاً لأتابع معزوفاته.. ومع أنني لست من النوع الذي يهتم بالموسيقى وبالفنون بغض النظر عن حرمتها من عدمه إلا أنني كنت أحب سماعه وهو يعزف.. كان متقناً يحملك مع الانغام لتحلق في عالم من التأملات.. وعزفه الهادىء يعكس شخصيته ، وتركيزه على الأوتار الحادة يجعلك تشعر برغبته في الصراخ كأن شيئاً يؤلمه.. ولكن العجيب أنني كنت أسمعه يبكي في كل ليلة ، ومهما حاول إخفاء البكاء فلا بد أن يصل لسببين.. هدوء الليل في هذه المناطق.. والطريقة التي تبنى بها البيوت في المدينة ، حتى لكأن كل الجيران يعيشون معاً في بيتٍ واحد.. وكنت أشعر بالعجب والتطفل لما يجري في غرفة الجار الصغير.. وكم مرة قمت من سريري ولبست معطفي لأذهب إليه ، فلعله يشكو من شيء فأقف إلى جواره ، ثم يدركني الحياء فأقول : وما شأنك أنت..!؟ رجل في بيته ويبكي ، ربما وصله اتصال من أحد أهله فآلمته.. وربما يبكي غربته وبعده عن موطنه.. فأعود إلى فراشي ثانية وأدعو على تطفلي وعلى الموسيقى التي سببت لي هذا البلاء.. ولكنني في النهاية عزمت على الحديث معه ، وبدأت تحين الفرص.. حتى جاءت الفرصة المناسبة في أحد الأيام.. وكان الجو صافياً والنسيم عليلاً فوجدته في الحديقة يقرأ كتاباً ، فأقتربت منه .
فلما رآني هش لي ودعاني للجلوس ، فأقتربت منه وأنا أبتسم ، وبدأنا نتكلم عن الجو وعن الأهل والغربة.. والدراسة والتخرج.. والوظيفة.. حتى وجدت الوقت مناسباً فسألته..
عادل.. هل تشكو من أي مرض؟
فتعجب من سؤالي.. ولكنه رد علي بنفس متوقدة.. لا .. ولله الحمد.
الحنين وارد بلا شك.. ولكنني أشعر بالراحة هنا أيضاً.. حتى إنني أفكر أن أبقى هنا بعد تخرجي.
- متى ستتخرج؟
- بإذن الله.. هذا هو الفصل الأخير.. ولكن..
- ولكن ماذا.
- صدرت عن صدره آهة عميقة.. شعرت بحرارة أنفاسها تحرق قلبه.. ثم رد في مرارة..
- وماذا بعد؟
- وماذا بعد ماذا
- التعيين.. طلب الرزق بالمعصية؟
- .. ..؟؟!!
- ربما تصل إلى سبب بكائي.. أليس كذلك؟
- فاجأني بالسؤال.. فلم أرد عليه..
- الحقيقة أنني شعرت أنك سمعتني.. والمشكلة يا أخي أن منازل الورق التي نعيش فيها تفضح كل شيء حولنا.
- إذاً.. ما هو السبب يا عادل صارحني..
- اسمع يا أخي.. لقد نشأنا في بيوت بسيطة.. وكنا نعرف أن الله يعطي النعم لأننا نعبده.. فإذا عصيناه تحولت هذه النعم .
- وأين المعصية في حياتك؟
- لقد كنت أشعر بالتمميز من أجل دراستي.. ولكن حضرت محاضرة في الكلية ، وكان الشيخ يتكلم فيه عن المعازف.. ومن يومها شعرت أنني لست على الطريق الصحيح.
- ولكن هذا رزقك.. وحياتك ياعدل.. والله غفور رحيم.
- نظر إليّ في هدوء وأبتسم.. ثم رد.. أما الرزق فهو يأتي من الله ، فلو حرم عاصياً فقد أنصفه.. وأما حياتي فأي شيء تنفعني الحياة إذا غضب الله عليّ.. ثم حبس عبرة كانت تريد أن تخرج واستأذن.. وتركني وقام.. ثم التفت ثانية وقال : المشكلة أن نفسي ضعيفة تعجز عن الوصول إلى الطريق.
لم تتغير حياتنا كثيراً في الأيام التالية.. شيء واحد شعرت بتغيره.. وهو جلسة العزف التي بدأت تقل حتى أنقطعت.. وصوت البكاء بدأ يتغير.. ولكني لاحظت أنه يخرج من غرفته كل يوم بعد منتصف الليل أو قريباً من الفجر.
في البداية لم يكن الأمر يشغلني كثيراً فقد أخذتني الظنون كل مأخذ.. وأبتسمت وقلت : مرحلة شباب!! ولكن لما كثر الأمر شعرت بالقلق على جاري ، وأحببت أن أعرف سره.. فسهرت في ليلة من الليالي ثم لما شعرت به يتحرك ، ارتديت معطفي.. ولما خرج من الغرفة خرجت في أثره.. وبدأت أتبعه بحيث لا أفقده ولا يراني.
كان السكون يوحي بالرهبة والطمأنينة.. وشعرت كأن نفسي تبتعد عني.. وبدأت أسمع دقات قلبي.. ومع انكسارات المصابيح على الجدران بدأت أذكر الله من خوفي.. وفي السكون سمعت من البعيد صوت المؤذن " الصلاة خير من النوم " فشعرت برغبة في البكاء..لم أصل الفجر في المسجد منذ زمن.. سأصلي.. ولكنني أريد أن أعرف أين سيذهب عادل.. وتوجه عادل إلى منتصف المدينة.. كنت أفكر ماذا سيفعل في منتصف المدينة في هذا الوقت.. ترى هل هو على موعد مع أحد .
توقفت الرحلة عند هذا الحد.. فقد وصلنا إلى الجامع الكبير.. ودخل عادل إلى المسجد ، كان متوضئاً فوقف يصلي ركعتين.. وبقيت أنظر إليه.. لقد عرف الطريق..

عبدالله الوهابي
01-06-2006, 05:13 PM
نسعى كثيراً لتصنيف الآخرين ، وتحديد مواقفنا الصارمة منهم منذ اللقاءات الأولى ، ثم نسير وفق هذا التصنيف غير القابل للتعديل إلا في حالات نادرة ، يهزنا فيها موقف يكشف لنا كم كنا مخطئين ، وكيف أن هذا الشخص ليس كما تصورناه .

المشكلة ليست في هذا الاكتشاف المتأخر فقط بل في عدم وقوعه إلا قليلاً ، واستمرار الرؤية التي تحدد الاحترام أو عدمه الذي نمنحه للآخرين أو اختلافهم مع تصورنا لما ينبغي ، والوصول إلى المعايير التي يحدد على ضوئها ( هذا الذي ينبغي ) ليست أمراً صعباً ، وتختلف باختلاف الموضوع الذي يصنف على أساسه الشخص ، ولكنها غالباً ما تتفق في افتقارها إلى العدل .

فقد نرفض الشخص لأنه لا ينتمي إلى المنطقة نفسها – الطبقة والمستوى التعليمي – الذي ننتمي إليه ، أو لأن تفكيره لا يتفق تماماً مع تفكيرنا أو لأنه – وفق معاييرنا الاجتماعية – ارتكب أخطاءً لا تغتفر .

هذه الأخطاء ، التي تعود في جزء كبير منها إلى ضعف العلم ، وضيق الأفق ، ومحدودية الاحتكاك بالآخر ، جعلت محاولة تصور موقف الطرف الآخر أمراً متعذراً وبعيداً عن دائرة التفكير ، ومن هنا كان كل ظلم قد يلحق بمن يختلف معنا أمراً مسوّغاً له ألف تبرير ، مقيم بذلك الحواجز ومثير – في أحسن أحواله – النفرة والابتعاد

عبدالله الوهابي
06-06-2006, 08:49 PM
طرق لحفظ الأوقات واستثمارها في الطاعات
1 - القيام بتفريغ وكتابة الأشرطة المهمة.
2 - إجراء مسابقات في تلخيص الكتب الدينية.. ومن تلك الكتب :
أ : الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي
ب : كتاب الفوائد لإبن القيم
ج : كتاب زاد المعاد لإبن القيم
د : كتاب الزهد لأبن القيم
3 – كتاب المقالات وإرسالها إلى المجلات الإسلامية .
4 – الاعتدال في حضور الولائم والمناسبات العامة .
5 – الالتحاق بحلقات تحفيظ القران الكريم المنتشرة في الاحياء وبحمد الله .
6 – اجتناب كثرة النوم : لأن كثرة النوم لها آفات كثيرة من أهمها :
أ – سبب لقسوة القلب وغلته .
ب – تقتل الهمة العالية التي عند المرء .
ج – تعوَّد الجسم على الكسل والتراخي.
7 – تنظيم أوقات التسويق والمشاوير.
8 – اجتناب كثرة المزاح والضحك وهذه الظاهرة السيئة لها عدة مفاسد منها :
أ – إضاعة للوقت وإهدار له فيما لا فائدة منه .
ب – خلاف هدي الرسول صلى الله عليه وسلم .
ج – سبب لقسوة القلب وغفلته .
د – سبب لسقوط الهيبة وزوال الاحترام المتبادل بين الأخوة والزملاء .
9 – المشاركة في الدورات العلمية الصيفية المكثفة .
10 – العناية بتربية الأبناء ورعايتهم .
11 – تحويل الاجتماعات الفارغة إلى نافعة ، وهذا التحويل له عدة صور من أبرزها ما يلي :
أ – طرح لغز علمي شرعي مفيد على الحاضرين في المجلس.
ب – اختيار " كتيب إيماني " مناسب لعقول السامعين وقراءته عليهم .
ج – اختيار موضوع مهم ومناسب ليكون مدار الحديث أثناء الجلسة مثلاً موضوع " كيفية تربية الأبناء " أو " طرق طلب العلم " أو كيفية الاستفادة من العطلة الصيفية .
وأسأله تعالى أن يوفقنا وأياكم لنا فيه الخير

عبدالله الوهابي
09-06-2006, 12:03 AM
كل واحد منا تعجبه نفسه ، ويعتقد أن آراؤه صائبة وأخلاقه حسنة ، وينتقد الناس ويرى نقائصهم وعيوبهم ولكنه ماجر عن معرفة عيوب نفسه ، ولا يستطيع أن يراها ، مثله في ذلك مثل العين في الوجه ، فأنت تستطيع أن ترى بعينك القريب والبعيد ، والأسود والأبيض وأن تعبر بين الأشياء ، وأن تفحص الثوب وتعرف العيب الذي فيه ، ولكنك لا تستطيع أن ترى عينك التي هي في وجهك إلا إذا أستعنت المرآة 0
والمرآة هنا الأخ الصالح والصديق الناصح الذي يعاشرك ويعرف أحوالك وطباعك ولا يجامل ابتغاء نيل رضاك بل يذكر لك العيوب التي رآها فيك وينبهك عليها وينصحك بتركها ، وعلى هذه الخطة سار سلفنا الصالح فقد كانوا يتناصحون ويتناصرون ولا يعمدون إلى المجاملة والمداهنة وستر العيوب منفذين قول الله تعالى حيث وصف المؤمنين بأنهم يتواصون بالحق ويتواصون بالصبر وقد قيل قديماً أن أخاك من صدقك لا من صدقك 0
كان عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – يقول : رحم الله امرء أهدى إليّ عيوبي فجعل التصريح بعيوبه كالهدية التي يقدمها إليه صاحبه وصديقه وكان يسأل حذيفة – رضي الله عنه – ويقول له : أنت صاحب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في المنافقين فهل ترى علي شيئاً من آثار النفاق ؟ فهو على جلالة قدرة وعلو منزلته وكان يتهم نفسه 0
والعيب في النفس كالمرض في البدن ، فإذا مرضت نفسك على الطيب واطلع على مرض فيك ثم أخفاه عنك من باب المجامل كان غاشاً لك وخائناً للأمانة التي كلفنا بحملها ، والصديق الوفي الناصح يشبه الطبيب فإن حق الإخوة والصحبة والوفاء يوجب علينا أن نبين لك الخطأ الذي صدر منك والعيب الذي رآه فيك بأسلوب مهذب ليست فيه قسوة ولا شدة 0
وهناك طريق آخر لمعرفة عيوب النفس هو كلام الخصم والأعداء لأن عين السخط تبدى المساوي كما يقول الشاعر ، ولعل انتفاع الإنسان يخصم مجاهر بالعداوة أكثر من انتفاعه بصديق مراء مداهن فالعدو يبالغ في نشر نقائصك وعيوبك بين الناس ، فالعاقل يغتنم هذه الفرصة وينتفع بقول عدوه ويبذل جهده في التخلص من العيب الذي يتبين وجود فيه ، قال الحسن : المؤمن مرآة أخيه إن رأى فيه مالا يعجبه سدده وقومه ونصحه 0

عبدالله الوهابي
13-06-2006, 12:35 PM
أمي.. يشهد لك التاريخ هذا الصفاء
قلبها.. لم يعرف الحقد يوماً.. غلفته بزهور الحب والحنان.. فظل ينبض يديم العطاء بدون انقطاع.. دون كلل أو ملل.. وإن ساءت ظروفها..!! تشقى دوماً لتريح الكل.. لا يهدأ لها بال.. ولا يقر لها قرار إلا بعد أن ترضى من عرفهم قلبها.. حتى ولو كانت ضُرّتها..
امرأة كتمت غيرتها في قلبها.. وتجرعت علقم الألم في ذلك اليوم الذي سيحتفل فيه زوجها بزوجته الثانية.. أبت إلا أن تجهزه هي.. لتزفه إلى عروسه.. بل إلى ضرتها..!! عطرته بغمائم من البخور وزينته بمشلحه الأبيض.. ولسان حالها يقول : وفقك الإله وهنأك..!!
لسان ينطق.. لكن القلب يتوجع.. والعين تنتظر انصرافه.. لتهطل وابلاً من الدمع.. جمدته في عينيها إلى حين خروجه.. حتى لا تعكر عليه فرحته..!!
اصرّت على أبنائها حتى الصغير منهم أن يحضروا معه الحفل وعي تقول لهم شاركوه الفرحة.. وباركوا له.. فهو أبوكم.. وفرحتكم فرحته..!!
هو رفيق العمر.. وعشير الروح..!!
مرت الأيام.. وهي تعامل ضرتها كما ابنتها.. وإن كان القلب ما فيه من مرارة الغيرة.. إلا أنها لا تعرف أ تسيء أو تجرح سواء بكلمة أو فعل..!!
تسعد الناس وتخدمهم بكل ما تملك من طاقة.. وإن أضناها التعب.. وإن أعياها الوجع.. فلا يهم كل ذلك.. مقابل أن يسعد الكل..!!
أمي الحبيبة.. هي تلك الإنسانة التي عرفها الكل باسم " أميمة " حتى القاصي من أقاربها.. الصغير والكبير..!!
قلبها الأبيض.. غطى على سرير احتضنها يوم أن رقدت في ذاك المستشفى أياماً..!! ومع إغماءات المخدر التي تنتابها بين حين وآخر.. إلا أنها تدعونا بأن نكرم تلك.. ونريح ذاك.. ثم تغفو.. تتوجع.. تئن.. وتحمل مع هذا كله هم الغير..
فلله درك.. أمي الغالية..ما أحن قلبك..!!
سيشهد لك التاريخ هذا الصفاء.. هذا الحب.. الذي غمر الكل.. وما زال يعطي وبجود..!!
حفظك الإله لنا سالمة.. وأمد الله في عمرك ، وجعل كل ما أصابك تكفيراً لك..!!

عبدالله الوهابي
19-06-2006, 06:46 PM
تتوالى الأيام وتتعاقب الأزمنة ويدور الزمان يحمل لنا نعه كل جديد من الأحداث ، بعضها يدخل في النفس البهجة والسعادة ، والآخر يبعث في القلوب الحزن والأسى على ماضٍ ولى وزمن فات..

والأمة العربية الإسلامية لها في هذا شأن خاص يختلف عن غيرها من الأمم ، فالأيام منذ عهد الخلافة الراشدة تحمل معها هموماً على هذه الأمة أثقلت كاهله ، والزمن منذ مئات السنين يصب عليها وابلاً من كوارثه وجماً من غضبه ، لكننا سوف نترك هذه المصائب والكوارث جانباً ونمسك بمأساة واحدة تعادل كل هذه الأمور ، بل تكاد تطغى عليك وتفوق ، فإن الأمة الإسلامية جاءت إلى الحياة وخرجت إلى الوجود وهي تحمل معها ما يميزها من غيرها من الأمم ويجعلها متفردة عليهم ، وهذه نعمة من الله عليهم ، تمثلت في العقيدة الخالصة والدين الخاتم ورسولها الأمين سيد المرسلين وخاتم المرسلين.

وإذا كان الدين الإسلامي هو ما يرفع شأن هذه الأمة ؛ فإن الدين مرتبط ارتباطا غير قابل للانفصال باللغة العربية سيدة اللغات وملكة البلاغة والأدب والرقة والعذوبة ، هي لغة من الجنة ، ويكفي أن الله شرفها وأنزل قرآنه بها يتلى آناء الليل وأطراف النهار ، ويشهد لعباد الله المؤمنين يوم القيامة هل هناك بعد هذه النعمة وهل هناك فضل أكبر من هذا؟ وصدق الله العظيم إذ يقول : " إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون " سورة يوسف آية رقم (2) ويقول جل وعلا : " كتاب فصلت آياته قراناً عربياً لقوم يعلمون ) سورة فصلت آية رقم ( 3 )

إذاً فوجود اللغة العربية مقترن بوجود القرآن ، والقرآن باقٍ إلى يوم القيامة وبالتالي فإن اللغة باقية معه لكن بقاء الشيء بقوة وعزة يختلف عن بقائه على قيد الحياة وهو ضعيف وهزيل ، فالقرآن قوي بقوة الله وحفظه له وهذا ما تكفل به الله حينما قال : ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) لكن أهل القرآن أصابهم الضعف والوهن والهزال ، فكل شعوب العالم يفتخرون بلغتهم ويتمسكون بها ويحاربون من أجلها إلا أمة العرب ، فهي الأمة الوحيدة التي تفرط في لغتها ، فقد أصابتها الهزيمة والانكسار في أشياء كثيرة حتى في كلامهم ولهجتهم ولغتهم ، وصرنا مضحكة للشعوب في كل شيء ، وتداعت علينا الأمم ؛ ليس عن قلة كما قال – صلى الله عليه وسلم – لكننا كثر غثاء كغثاء السيل .
فإذا ذهبت من المحيط إلى الخليج على حدود الأمة العربية ستجد شتى لغات العالم من الإنجليزية إلى الفرنسية إلى الإيطالية ، إلى غيرها من اللغات ، وتاهت لغتنا العربية وسط الزحام ، وأصبحنا نتباهى أننا نتحدث الإنجليزية بطلاقة والفرنسية بإتقان رغم جهل الكثيرين منا بلغة دينه وقرآنه وسنة نبيه – صلى الله عليه وسلم - .

وقد لفت نظري واسترعى انتباهي وأذهلني ما رأيته من أحد الأباء حينما قدم ومعه ولده الذي لم يتجاوز الثانية عشر من عمره مريضاً ، جاء للعلاج وكانت هيئة الأب لا تنم عن أدنى قدر من الوعي والثقافة أو العلم ويحمل فوق جسده رأساً خالياً من العقل ولا هي إلى العربية تميل ولا هي إلى الإنجليزية تجنح ، لكن الأب كان فخوراً بولده الصبي الذي يتقن الحديث بالإنجليزية ، وسألني الأب عن ولده وكيف أن أبنه يتحدث بطلاقة لغة أجنبيه ، وحينئذٍ سألته عن اللغة العربية وهل أتقنها ولده كما أتقن لغة الغرب؟ قال لي بكل فخر واعتزاز : كلا إنه لا يريد أ يتعلم سوى الإنجليزية.. حسبنا الله وعم الوكيل ، إذا كانت هذه إجابة الأب الكهل العجوز فماذا سوف يقول الإبن بعد عشر سنوات حينما سيقول وبأي لغة سوف يتحدث؟

هذا جزء قليل من كثير يحدث للغة العربية التي تفتل وتذبح بأيدينا كل يوم ، أطفالنا الصغار يتحدثون الإنجليزية وآباؤنا الأميون يتحدثون الإنجليزية ، ورجالنا ونساؤنا يذهبون إلى أوربا وأمريكا ويحملون لنا معهم كل يوم سيفاً من سيوف الغرب ، يقتلون به جسد اللغة التي أنهكها الاستعمار وطحنها الأعداء وأجهز عليه أبائها وأهله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

وحيث إن الأحداث إذا ساءت على عكس طبائع الأمور وحدود المعقول فإن خللاً ما يحدث ، وإن ميزاناً من موازين الحياة معوج ، وهذا ما أصاب لغتنا ، فطبيعة الأحداث تقول إننا نذهب إلى الدول الغربية وهناك نتحدث بلغتهم لأنهم يفرضون علينا ذلك بحكم احتياجنا إليهم وعوزنا لهم إذا ذهبنا ليهم ، لا كننا لا نستطيع أن نتجرأ ونطالبهم بأن يتعلموا لغتنا التي نتحدث بها ونصلي بها ونحج إلى الله بها ، وسوف نبعث ونحشر ونحاسب أمام رب الأرباب بها.

لكن الميزان ينقلب رأساً على عقب ويصبح اليمين في أقصى اليسار والمغرب في الشرق حينما يأتون إلينا محتاجين أو زائرين أو عاملين أو ناهبين لثرواتنا وخيرات الله التي أنعم الله بها علينا ، فنقف عاجزين أن نفرض لغتنا عليهم كما فعلوا معنا من قبل ، وكان العجز قد تمكن منا حتى القاع عن لغة القرآن رغم أن رسولنا – صلى الله عليه وسلم – تركنا على العزة والكرامة ، وحينما بعث رسائله للملوك والقياصرة لم يرسلها بلغتهم ؛ بل بلغة القرآن ولغة قومه ، وحينما أمرنا أن نتعلم لغتهم كان هدفه أن نأمن مكرهم لا أن نضيع لغتنا ، وإذا ضيعناها فبأي اللغات نصلي ونسبح ونحمد الله ونقرأ القرآن والسيرة ونخطب في الناس ونعلمهم كما علمهم رسولنا قبل ذلك..

في فرنسا ذلك البلد الصغير مقارنة بغيره من القوى العظمى في عالمنا المعاصر ، ضربت أفضل مثال في محافظتهم على لغتهم الفرنسية ، ولن أنسى وسأظل أذكر ما فعله رئيسهم الحالي " جاك شيراك " عندما انسحب من قمة الاتحاد الأوربي احتجاجاً على تحث رجل أعمال فرنسي بلغة الإنجليز ، فهل نحن أقل من فرنسا؟ وهل نحن أضعف حتى نثور ونرفض ونحتج ونعتز بلغتنا التي هي أفضل اللغات وأعظمها؟

أجدني انظر إلى المستقبل القريب وليس البعيد وارى أمة العرب ولغة العرب وقد أصاب شجرتها الجفاف ووقفت عارية في الخريف تتساقط أوراقها يوماً بعد يوم حتى توشك أن تموت واقفة..

عبدالله الوهابي
03-07-2006, 09:52 PM
الأخلاق لها صلة وثيقة بالإيمان والعقيدة قال ابن القيم : " الدين كله خلق فمن زاد عليك بالخلق زاد عليك بالدين"أ.هـ
إن تحقيق التوحيد ليس باجتناب الشرك فحسب بل بكل ما يقدح في العقيدة ، ويخل بالإيمان ومنها حسن الخلق..
وإن أكبر التأثير في النفوس التميز في الأخلاق ، ومتى تتبع سيرة الرسول – صلى الله عليه وسلم – وجد أنه يتميز بالخلق الحسن ، فدخل الناس في دينه أفواجاً ، فهذا مسلم يقول بأبي وأمي ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه ، وآخر " والله لقد أعطاني رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ما أعطاني وأنه أبغض الناس ليّ فما برح يعطيني حتى أنه أحسن الناس إليّ "
يقول الشاعر :
كل الأمور تزر عنك وتنقضي 0000 إلا الثناء فإنه لك باق
أي أُخي : نشكو كثيراً من الحاجة إلى حسن الخلق في معاملتنا وسلوكنا مع أنفسنا أولاً ومع الآخرين في كل مكان.. في المدرسة.. في السوق في اجتماعاتنا العائلية وجلساتنا الأسرية.
ولا بد أن نحاول في أنفسنا جاهدين بسموها إلى مكارم الأخلاق ، فالإنسان لا يعيش منفرداً بل يعيش مع أناس بحاجة إلى مشاعر وإلى عواطف..
بحاجة إلى الرفق " عاشروا الناس معاشرة حسنة إن متم بكوا عليكم " فالمعاملة الحسنة وحسن الخلق مفاتيح عجيبة في التأثير والتوجيه وكسب القلوب.
والسؤال الآن هل تتغير أخلاقنا؟
الكثير يتمنى أن يصلح أخطاءه في نفسه ، ويعتقد أنه لن يستطيع والحقيقة أننا نستطيع أن نغيرها بالإرادة القوية لإصلاح النفس ، ولو كانت الخلاق ثابتة لا تتغير لما كان هناك حاجة للوصايا والمواعظ..
قال تعالى : ( قد أفلح من زكاها ) ، يقول ابن القيم :" كانتا فيّض عيوب فلم أزل في الرياضة كما وصانا علماؤنا أعاني مداواتها حتى أعانني الله على التخلص منها "
ويقول أحد الإخوة :" وقع في نفسي شيء على بعض زملائي من خير أعطاه الله إياه فكنت أغتم وأهتم وما زال الشيطان بي ونفسي الضعيفة وعدت أدفع نفسي أؤنبها تارة ، وأذكرها بالخير للآخرين تارة أخرى وأذكرها بخطر الحسد وأضراره ومازلت مع نفسي بكثير من المواقف حتى اعتادت على التوجيه ، عندها شعرت بسعادة غريبة.
إليكَ أيها الأخ الحبيب سهام سريعة ما أن تملكها تملك القلوب :
1 – الابتسامة طريق سريع لتملك القلوب قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – " تبسمك في وجه أخيك صدقة " ، وقال عبادة بن الحارث :" ما رأيت أحداً أكثر من رسول الله – صلى الله عليه وسلم – تبسماً .
وقيل الابتسامة هي الملح في الطعام .
2- البدء بالسلام سهم يصيب سويداء القلب فيقع بين يديك ، ولكن أحسن السلام بحرارة وصدق مصحوبة بالبشاشة في الوجه ، والمصافحة تزيد المودة وتقرب القلوب ، قال عليه السلام : " تصافحوا يذهب الغل وتهادوا تحابوا تذهب الشحناء " .
3 – في المجلس ألزم الصمت إلا فيما ينفع ، وإياك وارتفاع الصوت أو تسيَّد المجالس فيكون لك الحديث كله ، وعليك برقة العبارة واللطف .
4 – حسن الاستماع والإنصات وعدم مقاطعة المتحدث ، عن عطاء قال : إن الرجل ليحدثني بالحديث فأنصت ه كأني لم أسمعه وقد سمعته قبل أن يولد .
5 – طيب الرائحة ونظافة الملبس وجماله .
6 – بذل المعروف وقضاء الحوائج ، يقول الرسول – صلى الله عليه وسلم - : " أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس "
وقال الشاعر :
أحسن إلى الناس تستبعد قلوبهم 0000 فطالما استعبد الإنسان إحسان
عجبت لمن يشتري المماليك بماله كيف لا يشتري الأحرار بمعروفه ، ومن انتشر إحسانه كثر أعوانه .
تجنب النصيحة أمام الآخرين ، وإذا رأيت على زميلك أو أخيك ما يتوجب نصحه خذه جانباً وانصحه على انفراد ، أو أكتب له ورقة تبين فيه النصيحة فإن ذلك أدعى للقبول..
ويعبر الإمام الشافعي – رحمه الله – عن ذلك بقوله :
تعمدني بنصحي في انفراد 0000 وجنبني النصيحة في الجماعي
فإن النصح بين الناس نوعٌ 0000 من التوبيخ لا أرضى استماعه
فإن خالفتني وعصيت قولي 0000 فلا تجزع إذا لم تعطى طاعة
7 – احرص على عدم تذكر الزلات وإعادتها على أهلها مرة بعد مرة والله تعالى يقول : ( والعافين عن الناس ) فإن تذكير الناس بأخطائهم التي ربما تابوا عنها ، أو صدرت منهم بغير قصد أو عن حسن نيّة فإن تذكيرهم بها يورث في القلب الضغينة والكره والرسول – صلى الله عليه وسلم – يقول : " من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة .
عذراً أخي الكريم.. فقد أردت التذكير ببعض هذه القواعد لتبقى ابتسامتك وروحك الطيب كما عهدتك..

عبدالله الوهابي
05-07-2006, 06:16 PM
ليس غريباً أن يسعى أعدائنا لتدميرنا ، لكن الغريب والمؤسف أن يسعى أناس منّا إلى مساعدتهم في ذلك ، فهؤلاء لعب الأعداء بعقولهم حتى استعملوهم في تنفيذ مخططاتهم .
لا تلوموا عيني إذا بكت دماً بدل الدمع حين ترى من أفراد مجتمعنا مَنْ يسعى لتخريب المجتمع وهو لا يدري .
سؤال واحد فقط أضعه بين أيديكم وأترك الإجابة لكم : هل كان الفساد قبل عشر سنوات كما هو الآن؟
أذكر لكم قصة قصيرة ومعبرة ، في عصر من العصور السابقة أراد الغرب أن يغزو المسلمين ، فأرسل ملكهم رسولاً إلى المسلمين لينظر أحوالهم ، ذهب الرسول إلى ديار المسلمين فوجد طفلاً يبكي فسأله : لماذا تبكي؟ فأجابه : إنني تحديت رفاقي بالنبل مَنْ يستطيع أن يصيب الهدف فاستطاعوا جميعهم إلا أنا ، لذلك بكيت .
فرجع هذا الرسول ونقل للملك ما رأى ، فقال الملك : لا نستطيع أن نغزوهم الآن.. بعد فترة أنتشر الغنى بين المسلمين فألهتهم دنياهم هن الاهتمام بأمور دينهم وآخرتهم ، فأرسل الملك نفس الرسول ، فلمّا وصل وجد طفلاً يبكي فسأله السؤال نفسه – فانظروا ماذا أجاب الطفل – أجاب : إن حبيبتي لم تأتي إليّ اليوم – عندها عاد الرسول وأخبر الملك بذلك ، فسُرَّ كثيراً وقال : الآن نغروهم وكان النصر حليفاً للكفار دون أدنى مقاومة .
هل أطفالنا وشبابنا في هذا الوقت ينطبق عليهم حال الأول أم الثاني؟
وختاماً أقول لأخواني ممن تأثروا بالغرب : أرجوكم لا تنخدعوا بالعبارات مثل الحرية والتحضر وغيرها ، فليس هم من يعلمونا الحرية والحضارة ، ففي إسلامنا حرية وفي إسلامنا حضارة لن نصل إليها إلا إذا طبقنا ديننا التطبيق السليم والكامل.
فينا من الخير الكثير ، وفي شبابنا وفتياتنا الفطرة السليمة والغيرة على هذا الدين ، ولكن من يوجه هؤلاء الشباب التوجيه السليم ، ليعود مجتمعنا المسلم كما كان في السابق.

عبدالله الوهابي
15-07-2006, 09:36 PM
البخلاء في عصرنا لا يعدون من كثرتهم ولا يحصون من وفرتهم ، يثقلون الأرض من كثرتهم ثم لا يعطون أمثال الدقل ، لقد شحت نفوسهم فأجدبت وأقحلت وصارت صحراء قاحلة لا نبت فيها ولا ماء ، لا يبخل الماء بما عنده إلا من نفس شحيحة جامحة تظهر البخل على قسمات الوجه وفلتات اللسان :
وللبخيل على أمواله جده 0000 زرق العيون عليها أوجه سودُ
يُقَتّرُ أحدهم على نفسه ويكاد يتنفس من منخر واحد ، يضيّق على نفسه العيش ليعيش غيره في بحبوحة الدنيا.. البخلُ داءٌ يتسلل إلى النفوس فيكسبها طبعاً رديئاً ، إذا يتعدى على الحرص بما في اليد والإمساك عليه ، إلى ما هو أعظم ، فلا تعيش تلك النفوس إلا لها ولا تعطي إلا لها ولا تمنح إلا بالمقابل ، نفوس قاحلة ووجوه كالحة لا يعطون مما وهبهم الله إياه ، رغم أنهم لم يحصّلوه بتعب..
ومن كان متصوراً أن البخل لا يكون إلا بالمال فقد غلط غلطاً فظيعاً ، ولم يعرف من أسرار الشريعة السمحاء إلا قليلاً ، إذ البخل بالمال ما مصدره إلا نفس مجدبة مقفرة عارية من ثمار الإيمان..
وكذلك البخل بما وهب الله من السماحة والبشاشة والمعروف والخير وتعليم الجاهل وتذكير الناس وهداية الضال ومد يد العون.. هو كذلك من البخل المذموم.. وها هو رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يذكر لنا سراً من أسرار الشريعة عن ذوي النفوس البخيلة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم – " أبخل الناس من بخل بالسلام " وقال عليه الصلاة والسلام : " البخيل من ذكرتُ عنده ولم يصل عليّ "
إنّه لَمَّا أجدبت النفوس وجفّ ماء الإيمان عندا ، يبست كل المعاني التي فيها ، فما تحركت لها الشفاهُ ولا خلجت بها القلوب ، ولو كان المذكور سيد البشر – صلى الله عليه وسلم – إن البخل داءٌ مبدؤه من النفوس وآثاره على الجوارح .
قال الشاعر :
من ليس يسخو بما تسخو الحياة به 0000 فإنه جاهل بالحرص ينتحرُ

عبدالله الوهابي
18-07-2006, 02:43 PM
كثير منا يشكو مما تشكو منه فالراتب يتبخر قبل أن يصل إلى نصف الشهر وأحياناً الثلث ويبقى الدين مخرجاً لهذه المشكلة إلا أنه يجلب الهمَّ والغمّ ، فأليك أخي هذه الوصايا لعلها تكون بلسماً لهذه المشكلة :
1 – أكتب خطة متوازنة لمصروفك الشهري مدوّناً فيها الضروريات والكماليات والطوارئ وحاول أن تتقيّد بها ، وسدّد وقارب واستعن بالله ولا تعجز .
2 – رتب أولويات حياتك وقدّم الأهم على المهم ثم الأقل أهمية ولا تقدّم شيئاً يحتاج إلى التأخير ولا تؤخر شيئاً يحتاج إلى التقديم .
3 – اضبط رغباتك فما كل ما تهواه نفسك اشتريته وملكته ، فلربما لست أهلاً له أو هو ليس لك الآن .
4 – عليك بدعاء الرزاق الوهاب المنان أن يبارك لك في راتبك ويوسع عليك في رزقك وبيتك وليكن رائدك في ذلك تقوى ربك في جميع أحوالك .
أســأل نفسك
• هل العمل الذي تعمله مباحٌ وحلال؟
• هل زوجتك امرأة صالحة ومتفهمة؟
• هل وضعت خطة لتوزيع ما تحتاجه؟
• هل دعوت الله جلَّ وعلا أن يرزقك ويزيدك ويبارك لك في مالك؟
في ظني أن هذه الأسئلة ستساعد على حل مشكلة "راتبي لا يكفي "

عبدالله الوهابي
21-07-2006, 02:20 PM
عندما تبدأ السنة الدراسية الجديدة فنشتري لها الكتب والأوراق.. وتنتهي السنة فلا يبقى من المذكرات إلا الذكريات..
وننتقل لبيت جديد.. أو نشتري سيارة جديدة.. أو ننتقل لمكتب آخر.. فتتغير مفاتيحنا وتزداد أو تنقص فإذا ما تغيرت مرة أخرى أبدلنا كل المفاتيح بأخرى وهكذا..
ونزرع البذرة.. ونظل نراقبها ونتعهدها ونسقيها فتنمو.. ثم تورق..ثم يأتي الخريف لتسقط أوراقها وتعود جرداء كما كانت..
فلا الأوراق والمذكرات أبقت لنا السنة.. ولا المفاتيح جلبت لنا الاستقرار.. ولا أوراق الأشجار أبقت الشجرة بهية.. هكذا حياتنا يتغير كل شيء فيها.. ونخرج من مرحلة لندخل في مرحلة.. ونظل نغير لنحضر جديداً سرعان ما نغيره لقدمه.. وتبقى كل هذه الأمور وسائل نبلغ من خلالها أهدافنا.. ونتركها بعد كل مرحلة.. وتظل أعمالنا هي التركة الحقيقية التي نستفيد منها ونخلفها لمن يأتي بعدنا كصورة من الكسب يعود علينا ريعها..
التأمل في هذا التغير قليل في حياتنا.. كدلالة على ألفنا للتغير وعدم الثبات.. ويظهر هذا بوضوح في تغير الماديات البسيطة المتوفرة في كل منزل..
فلماذا لا نلتفت إلى مسلماتنا ونعيد النظر فيها ومن خلال إعادة النظر نبحث عن الصورة الصحيحة التي توصلنا إلى بر الأمان.. على الأقل في أبسط صورها..
فإن لم نكن من أهل النوافل فلا أقل من الفرائض..
وإن لم نكن من الدعاة فأقل شيء الاستجابة للخير..
وإن لم ننصر الحق فلا ننصر الباطل..
ليس صعباً أن نكون شيئاً.. فنحن في حقيقتنا أشياء.. أشياء كبيرة غفلنا عن حجمها.. وطلبت ما يضعفها ظناً منها أنها ستكون أقوى..
ولو تأملت قليلاً لوجدت التشريع بين يديها.. مصدراً لسعادتها.. وروحاً لإحيائها.. وهمسة للتوجيه.. فمتى نعود؟

عبدالله الوهابي
21-07-2006, 06:22 PM
أعتذر إلى صاحبة المقام الرفيع.. والتاج الوسيم اعتذر إليها.. كسيرة حزينة ، تجرُّ أذيال القهر والهزيمة.. اعتذر لمن طردناها.. وحثينا التراب على كرامتها.. أعتذر.. إلى الدرة المكنونة وجوهرة الماضي المصونة.. إلى السراج المضيء.. والزاد الوثير.. أعتذر لمن قدناها إلى سجن مقفل.. لهدف مقصود..مكبلة بالقيود.. اعتذر لمن كانت في الماضي أغلى نفيس وأجمل لحنٍ وديع.. وأغلى لفظ بديع.. أنت.. يا من بحروفك صاغ الرحمن كتابه.. وتكلم بها المؤمنون في جنته.. أنت من غرَّدت على لسان الشاعر قائلة :
أنا البحرُ في أحشائِه كامنٌ 0000 فهل ساءلوا الغواص عن صفاتي
تلك همسة اعتذار.. مصدرها شّغاف القلب.. أقدمها إلى اللغة العربية.. فهلا قبلت اعتذاري.. لا أعتقد.ز فلا بد من المهر.. الذي يُرجع اللغة إلى أفواهنا.. ولكن هل من مجيب؟!!..

عبدالله الوهابي
22-07-2006, 04:13 PM
كانت الأجيال السابقة أكثر احتراماً للآباء والأمهات بل لكبار السن فلم يكن إليه ولا يتحدث إلا بعد أن يستأذن بل لم يخطر في باله إطلاقاً أن يشعل سيجارة أمام والديه أو حتى الأخ الأكبر منه سناً ، ولكن الجيل الحاضر لم يعد حريصاً على التمسك بمظاهر الاحترام بل لا يعبأ بأهمية العادات والتقاليد كتقوية الروابط الأسرية ، ويعتبر الأبناء في هذا الجيل أن تأدية الواجبات الأسرية أصبحت أسلوباً تقليدياً قديماً.
ألا تتفقون معي في ذلـــك ؟؟

عبدالله الوهابي
23-07-2006, 07:52 PM
أمر الحجاج صاحب حرسه أن يطوف بالليل ؛ فمن رآه بعد العشاء سكران ضربَ عنقه ؛ فطاف ليلةً من الليالي ، فوجد فتيان يتمايلون ، وعليهم أمارات السكْر ، فأحاطت بهم الغِلمَان ، وقال لهم صاحبُ الحرس : من أنتم حتى خالفتم أمر أمير المؤمنين ، وخرجتم في مثل هذا الوقت!
فقال أحدهم :

أنا ابنُ من دانتِ الرقابُ له 0000 ما بين مخزومِها وهاشِمِها
تأتيه بالرغْمِ وهي صاغرةٌ 0000 يأخذ من مالِها ومن دَمها

فأمسك عنه ، وقال : لعله من أقارب أميرِ المؤمنين! ؛ ثم قال للآخر : وأنت مَنْ تكون؟ فقال :
أنا ابنٌ لمن لا تَنْزِلُ الدهرَ قِدْرُهُ 0000 وإن نزلت يوماً فسوف تعود
ترى الناس أفواجاً إلى ضوء ناره 0000 فمنهم قيامٌ حولها وقعودُ

فأمسك عنه ، وقال : لعله ابن أشرف العرب ؛ ثم قال للآخر : وأنت مَنْ تكون؟ فأنشد على البديهة :
أنا ابنٌ لمن خاض الصفوف بعَزْمِهِ 0000 وقوَّمها بالسَّيفِ حتى استقامتِ
ورَكْبَاهُ لا ينفك رِجْلاَهُ منهما 0000 إذا الخيلُ في يوم الكريهة وَلَّتِ

فأمسك عنه أيضاً ، وقال : لعله ابن أشجع العرب ، واحتفظ عليهم .

فلما كان الصباح رفعَ أمرهم إليه ؛ فأحضرهم ، وكشف عن حالهم ؛ فإذا الأول ابن حجّام ، والثاني ابن فوّال ، والثالث ابن حائك!!

فتعجب من فصاحتهم ، وقال لجلسائه : علّموا أولادكم الأدب ، فوالله لولا فصاحتهم لضربْتُ أعناقهم.

فهلا علمنا أبنائنا الفصاحة والأدب؟؟؟

عبدالله الوهابي
09-08-2006, 04:08 PM
هل يقلقكم ذلك الخبر الذي يحكي عن زواج الرجل من شغالته أو زواج المرأة من سائقها .
لقد انتشرت مثل هذه الأخبار في السنوات العشر الأخيرة.. وتناولتها وسائل الإعلام حسب أهوائها ، فمنها ما يريد إثبات ضعف دعائم الأسرة في المجتمع الإسلامي وخصوصاً في دول الخليج .
نسمع تلك الأخبار ثم تختلف وجهات نظر كل واحد منا فمنا من يتأفف ومنا من يتأسف ومنا من يلوك ذلك كالعلك ، ولكن أكثرنا يسارع في لوم الرجل أو لوم المرأة..
ولكن..مهلاً قفوا لأحدثكم بحديث يختلف تماماً عن إبداء وجهة النظر أو اللوم أو العتاب أو المهزلة ، ذلك الحديث قد يثلج صدري وصدوركم ويجعلنا نفكر بجدية أكثر لإخراج الأمة من الهاوية التي وقعت فيها .
إن الفطرة الإنسانية الكامنة في كل من الرجل والمرأة وميلهما إلى الآخر من أجل إرضاء الرجولة والأنوثة لا يمكن أن تتغير مهما تغير الزمان والمكان أو تغير الفارق الاجتماعي ، أو تغيرت أنماط الحياة .
فالإنسان مهما بلغ غناه أو فقره ومهما ركب أفخم السيارات وعاش في أفخم البيوت ، أو لم يركب إلا دراجة ولم يعش إلا في كوخ فهو يبقى ضعيفاً أمام حقيقة علاقته بالجنس الآخر .
فالعلاقة التي تربط الرجل بالمرأة هي علاقة الشعور بالسكينة ، التي يتحقق جزء منها بتذلل المرأة له ومسكنتها وعنايتها بالبيت وخدمتها للزوج ورعايتها للأطفال .
وتلك حقيقة بنها رسول الهدى معلم البشرية - صلى الله عليه وسلم – في أحاديثه الشريفة ، فقال وهو يُرغب في الزواج : " تزوجوا الولود الودود.. "
فالمرأة الودود : هي التي تتحبب إلى زوجها بحسن أخلاقها وجميل صفاتها وطاعتها وحفظها له .
وإذا فقد الرجل تلك الأشياء أو جزءاً كبيراً منها ثم وجدها عند أقرب امرأة منه وهي الشغالة فلن يتأخر عن الإقدام على الزواج منها فهو يبحث عن السكينة والراحة التي هي من متطلبات حياته الأساسية ، فالشغالة في الحقيقة تقوم بكل ما يجب أن تقوم به شريكة حياته فهي تحضر له الطعام وتكنس وتغسل وتكوي وتستقبل.. أليس ذلك حرياً أن يغريه بالذي لا يجده عند زوجته التي يرتبط بها بورقة عقد؟!!.
أما العلاقة التي تربط المرأة بالرجل فهي علاقة الشعور بالسكينة التي يتحقق جزء منها بقيام الرجل على أمورها وقيادتها وإشعارها بأنها سند وإحساسها بالأمان وتلك حقيقة بيَّنها القرآن والأحاديث الشريفة قال تعالى : ( الرجال قوامون على النساء ) أي أن الرجل يقوم بتدبير أمورها ويذب عنها ويحميها ويكفيها حمل أعباء الحياة التي تتطلب صفة الرجولة من خروج إلى الأسواق والتعامل مع الرجال ، أو الخروج للعمل لمشاركة الرجل في الإنفاق على الأسرة .
فإذا حرمت المرأة من تلك المتطلبات الأساسية في حياتها ووجدتها عند أقرب رجل تتعامل معه فلت تتأخر عن الإقدام على الزواج منه .
فحياة المرأة والرجل التي أصلها الكد والتعب لا يستطيع أحدهما أن يقضيها بسكينة مال لم يجد كل واحد منهما ما يكمله من شريك الحياة .
فإذا أردنا أن نكف آذاننا عن سماع مثل تلك الأخبار على كل واحد منا – رجلاً كان أو امرأة – علينا أن نفكر بالواجبات الملقاة على عواتقنا .

عبدالله الوهابي
13-08-2006, 05:51 PM
جميل من الإنسان أن يمضي بهذه الحياة بلا عناء.. بقلب يملؤه الود والنقاء.. بعيد عن الحقد والشحناء.. لكن كيف ذاك؟! والاعتذار مفقود.. والكبر قد قيد القلوب.. وعزة النفس قد أصبحت مقدمة على أجر الله المكتوب.. لاحتساب الأجر.. بالعفو عند الزلل.. وما أقسى ذلك الشعور عندما يكون بين الإخوة.. بين الأحباب.
فمن السهل على الكثير أن يحب.. أن يواخي.. ولكن من الصعب عليه الاعتذار عند الزلل.. فما أروع أن نصفي السرائر.. ونزيل الاضغان.. ونحسن الظن.. ونسير بهذه الحياة.. نحمل التكاليف والأعباء.. ونلقيها في بحر الدنيا.. حينها يخالجنا شعور بالحنين.. شعور مرهف نابض بالحب العميق الذي سكن أضلع الأحبة.. فنتمنى مرآهم لنبث لهم عتابنا واعتذارنا..
عتاب.. يجسد المشاعر المجروحة!.. واعتذار.. يصف أحاسيسها الرقيقة..!
حينها تتحول تلك الضغائن والأحقاد إلى لمسات حانية تقرب القلوب المتحابة من خالقها.. وتربطها برباط الأخوة الإيمانية الحقة.. بود وتآلف.. ثم يتسارع المتحابون هامسين بكل حنان.. مبادرين بالاعتذار الجميل أن : ( لا يلومونك يا أخي سوء تصرفي تجاهك.. فأنا أحمل لك من الحب ما عجز العالم عن حمله.. ولا يضيق صدرك بزلات أخيك فإنما ذاك من طمعي في تسامحك.. وتجاوزك عن زلاتي.. ).. ما أروعه من اعتراف بين الأحباب.. حينها يتوالد التآلف.. وتتجدد المحبة.. وتتحول تلك الضغائن..إلى روافد تصب في بحر المحبة.. وتصبح ينابيع متدفقة.. ترطب القلب.. وتزكي النفس.. وتغذي الروح.. وما أعذب أن نشم عبير الصفاء.. ونرتشف رحيق المحبة.. فتمتلئ القلوب بفيض محبة الإله..الذي منّ علينا بأن وهبنا أطيب ما في الوجود.. ألا وهو : " التسامح.. فما أروع التسامح بين الأخوة والأصدقاء.. الذي يمسح عن النفس الشقاء.. ويحول الليل ضياء.. ويحيطك بالدعاء.. حينما يسارع ذاك الأخ المحب رافعاً أكفه ضارعاً في جوف الليل.. ليدعو لك بكل إخلاص مناجياً : ( إلهي..لي أخ أحبته فيك.. طريقة الإيمان.. ونوره القرآن.. فارض عنه يارحمن ).. فما أجمل أن يدرك المرء أنه في كل لحظة هناك من يدعو له بظهر الغيب بإخلاص.

عبدالله الوهابي
13-08-2006, 08:54 PM
يقال بأن الشعوب التي لا تقرأ تفقد الكثير من سماتها الإنسانية ، فالإنسانية في الوصف الشخصي هي صفة هشة لأنها تسكن الطبقات العليا من المخ وهي الطبقات الأكثر خارجية ، وهي أكثر خلايا المخ هشاشة وتعرضاً للزوال؟!
وهنا يكمن السؤال؟
هل لله سبحانه وتعالى حكمة في ذلك ، هل أراد الله أن يلقن المخلوق درساً بذلك؟ هل أراد الله سبحانه وتعالى أن يبين للمخلوق أن ما يفرقه كإنسان عن الحيوان هو فكره.. وأن فكره هذا يكمن في أشد أقسام المخ تعقيداً وأكثرها معرض للزوال ، وأنه يتعين عليه أن يدافع عن فكره إذا أراد أن يحتفظ بإنسانيته ولكن كيف له أن يدافع بلا فكر تجريدي وجمع من اللغة يعزز حجته.. وما الذي يجعل العرب اليوم عاجزين عن ذلك؟
أنا هنا لا أريد أن أبسط الحلول ولكني أريد أن أدلكم إلى أقصر الطرق للفوز بحضارتنا ، أقصر الطرق لتربية أجيال تتسلح بتفكيره ومن ثم إنسانية تنقذ حاضرنا من الضياع.. وإن قلت لكم أن أقصر الطرق هذه قد يكون بالقراءة هل ستصدقونني.. دعونا نحللها من بعد آخر.. القراءة وحدها اليوم هي التي تعزز اليوم الفكر التجريدي في التحليل والتفكير الذي هو فن ركائز الفروق بين الإنسان والحيوان.
فالحيوان يعجز عن التفكير التجريدي الذي هو الطريق الأوحد للوصول لأنواع عليا من التفكير مثل التفكير المنطقي والاستنتاجي وكلها أنواع من التفكير لا تبنيها إلا كلمة ، ومن أين تجمع الكلمات؟ أليست هي الكتب؟ أليست هي العيون نفسها التي تكتشف الكلمات؟ هي نفسها التي أدمنت اليوم الثقافة المرئية التي أدخلت علينا ثقافة الصورة التي تفرز التفكير بالطريقة الشمولية والبديهية وأفقدت العرب القدرة على التحليل.
الدراسات الأخيرة في طب الأطفال الأمريكي نَصَحت أن طفل السنتين وما هو أقل لا يشاهد التلفزيون البته لأنه في هذا السن يبدأ تعلم الكلام ، ويبدأ في تفاضل فص المخ ، وفي تكوين تفكيره التجريدي ، ونصحت هذه الدراسات على أن الطفل الأكبر من سنتين لا يشاهد لا يشاهد التلفاز ولا يلعب ألعاب الكمبيوتر أكثر من ساعة أو ساعتين يومياً ، لأنه محتاج أن ينمي محصوله اللغوي حتى سن الثانية عشر لأن شفرة المخ عند الإنسان تقفل عند سن الثانية عشر ولا يمكن غرس هوايات مثل هواية القراءة في فرد بعد هذا السن.
خلاصة القول إذن هي أن قراءة الكتب في الصغر قد تساعدنا على تحرير أنفسنا من الظلم والاضطهاد في الكبر ، قد تساعد على تحرر أمم وإن أردنا أن نغير في مستقبل شعوبنا فدعونا نبني الفكر بأبنائنا..
الكتاب اليوم هو المسكن الحقيقي والطبيعي للعلم والمعرفة منذ أن حفر السومريون ألواحهم.. ومنذ أن اخترع جوتبرج المطبعة.. وهي التي أتت لهذه الأمة يوماً ما بالمجد والعظمة ، وجاءت بالنور من نهاية نفق..
علموهم القراءة وإن كنا نحن العرب مع الأسف لا نقرأ.. فالرحمة على مثقفينا الكبار وسنترحم على مثقفينا الصغار قريباً إذا لم يتغير الحال..

عبدالله الوهابي
16-08-2006, 01:41 AM
الحمد لله وحده وبعد : فقد خلق الله الإنسان في بداية عمره ضعيفاً خفيفاً ، ثم أمده بالقوة والفتوة ( والله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ) قوة الشباب التي يعيش بها أجمل أيامه وأحلى ذكرياته ، ثم تمر السنون والأعوام وتتلاحق.. حتى يصير إلى ضعف والمشيب والكبر ( ثم جعل من بعد قوة ضعفاً وشيبة ) سورة الروم آية رقم (54)
ويقف عند آخر هذه الحياة وقد ضعف بدنه ورق عظمه وشاب رأسه وانتابته الأسقام والآلام فينظر إليه كأنها نسج من الخيال أو ضرب من الأحلام .
إنه الكبير الذي نظر الله إلى ضعفه وقلة حيلته وكبر سنه فرحمه وعفى عنه ( إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفواً غفوراً ) سورة النساء آية رقم (98،99) .
أصبح الكبير اليوم غريباً حتى بين أهله وخلانه؟
من هذا الذي يجالسه؟
من هذا الذي يوانسه؟ من هذا الذي يباسطه ويدخل السرور عليه؟
إذا تكلم الكبير قاطعه الصبيان ، وإذا أبدا رأيه ومشورته سفهه الولدان ، فأصبحت حكمته وحنكته إلى ضيعة وخسران ، أما إذا خرج من بيته فقد كان يخرج بالأمس القريب إلى الأصحاب والأحباب ، فإذا خرج اليوم يخرج بالأشجان والأحزان ، يخرج إلى الأحباب والأصحاب يشيع موتاهم ، ويعود مرضاهم ، فالله أعلم كيف يعود إلى بيته ، يعود بالقلب المجروح المنكسر ، وبالعين وبالعين الدامعة ، وبالدمع الغزير المنهمر.
ولقد جاءت كلمات الله تعالى في كتابه بالوصية بالوالدين ومن يقوم مقامهم من الأجداد والجدات لتحرك مشاعر الرحمة في قلوب الأبناء والأحفاد فتنظر قليلاً إلى الوراء ، إلى أيام سلفت لها معهم وهي تشقى وتتعب وتمرض من أجل هذا الوليد ، ومن ثم يقرن الله سبحانه وتعالى هذه الوصية بعبادة الله سبحانه ويجعلها قضاءً مبرماً وأمراً لازما يمتثله المسلم .
ومن ثم أوجب الإسلام على المسلم جملة حقوق لكبير السن ، منها توقيره والعطف عليه والإحسان إليه وقضاء حوائجه فهو سنة من سنن الأنبياء وشيمة من شيم الصالحين الأوفياء ( قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخٌ كبير فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب أني لما أنزلت إليّ من خير فقير ) سورة القصص آية رقم (23،24)
والله سبحانه وتعالى يحب ذلك ويثني عليه خيراً كثيراً ، قال – صلى الله عليه وسلم - : " إن من إجلال الله إجلال ذي الشيبة المسلم " رواه أبو داود وحسنه الألباني صحيح الجامع رقم الحديث (195)
فإذا رأيت الكبير فأرحم ضعفه ، وأَكْبرْ شيبهُ ، وقدِّر منزلته ، وأرفع درجته ، وفرِّج بإذن الله كربته ولا تتضايق من مجالسته ، ولا تمل من مضاحكته وإدخال الأنس على قلبه ، فالله أعلم بما هو فيه من ضيق.. وما يدريك لعل لحظة أدخلت فيها الأنس عليه يعظم الله لك بها الثواب ، ويجزل لك بها الحسنى في المرجع والمآب.
ومنها ستر عيوبه ونشر محاسنه والصبر على ما تكره منه واحتساب الأجر عليه من الله جل وعلا ، ومنها عدم مؤاخذته ببطء تفاعله مع ما يدور حوله ، والاستماع بأحاديثه عن الماضي لذي عاش أحداثه ، وشهد صولاته وجولاته إسعاداً لقلبه ، ومنها الدعاء له بالرحمة والمغفرة وجزيل الثواب في الآخرة .
يا معشر الشباب : مرحلة الكبر إحدى مراحل الحياة التي ستمرون عليها فاحرصوا على بر آبائكم وأمهاتكم وأجدادكم وجداتكم ففيه الأجر والمثوبة من الله ، والأثر الطيب في الدنيا ببركة المال والولد وبقاء الذكر الحسن والجزاء من جنس العمل .

عبدالله الوهابي
08-10-2006, 03:50 PM
المال مطلب للحياة الكريمة في هذا العصر ، وقد لا يراد المال لذاته عند الإنسان الأحوذي الصابر القادر على قمع نفسه وتأديب عقله وأخذهما بسنة من سلف ولكنه يراد لغيره في دفع مصيبة آكله ، وكبح معسرة ناشزة ، وإبلال نفوس كرام أقفرت حياتهم وصارت حرباً عوانا عليهم ولقفهم بالمندية من كل عيش على أفضالهم ، وقد صدق الشاعر العربي حينما قال :


ذريني أطوف في البلاد لعلني = أصيب غني فيه لذي الحق محمل
أليس عظيماً أن تلم ملمة = وليس علينا في الحقوق معول

أرأيتم كيف كانت النفوس الزاكية تأمل ، وكيف كانت العقول الأصلية تفكر ، أنهم لا يعيشون لأنفسهم بل لغيرهم ولا يريدون المال ليتكثروا به فمن كان صغير النفس قميء المطالب شانت أفعاله وخسئت أقواله ولو كانت أمواله كعدد حبات الرمل! ولقد كان الرجل منهم إذا دعاء ربه أن يهبه المال قال بلهف صادق وقلب مخبت وعين واكفة : ربي أرزقني مالاً صالحاً وبارك لي فيه واجعله في يدي لا في قلبي.. لأن ما يكون في اليد من المال لا يؤثر في القلب ولا يجد سبيلا لانتهاك حرمة الدين وتمزيق جلباب الأخلاق وسلب رداء الشهامة…. وما كان في القلب من المال يهدر كالسيل الجارف لا يقف ضده دين ولا يرعوي لوعظ أخلاق ولا يهتم بحال المجتمع ونقده..
تلك مطالب السادة في زمان ولى ولم تبق إلا ذكراه فارغة في الكتب نستروحها ونهش عند قراءتها ونبذل ما فضل من ماء العين إذا ذكرناها..!
وأما مطالب الناس فإنها أصدق دليل على مقدار ما بلغوه من سفالة في الأخلاق ورعونة في التفكير وبلادة في الحس ونقص في الدين ، فلم بعد يشغلهم غير المال وجمعه من أي طريق كان وبأية وسيلة حصلت ، لا يعترفون بمبادئ ولا يذلون لنداء ولا يستجيبون لبكاء..
يتمثلون ما جاء عن أحد القياصرة لما جعل على دورات المياه رسوماً يدفعها الشعب ، فقال له خاصته : هذه أموال ناتجة من قذارة.. فكان جوابه الأبلج : أن المال لا رائحة له! ولذلك كثرة السرقة في المجتمع وتنوعت أساليبها واختلف أهلها وتعددت ألقابهم فمن أمير لا يخاف الله ولا يرجو ثواباً ولا يخشى عقاباً قد جعل وكده انتهاب أموال الدولة عن طريق المشاريع الخيالية التي لا توجد إلا في ذهنه الجبار ، وعن طريق السطو على ممتلكات ( الغير ) وأراضيهم بصكوك مزورة وشهادات باطلة.. ومن وزير يتحايل على المال العام ويختلس منه بين الفينة والأخرى ما يكفي أمة من الناس يستجدون.. ومن تاجر قد لبس لبا النمر بسبب شراكة غامضة مع أناس غامضين فشرع يرتجل المشاريع التي تستولي على مقدرات الناس وحصيلة عمرهم حالمين بالثراء الفاحش والرفاهية في عالم لا يعترف بغيرها.. فكان عاقبة أمرهم خسرا ، ودمر الله عليهم فضاعت أموالهم وتلفت صحتهم ونضج ماء الحياء من وجوههم لكثرة غدوهم ورواحهم مطالبين أموالاً يمتلكها السراب..!
ومن موظفين كبار وصغار يتلاعبون بالأموال كل حسب وظيفته ومقدار هبته.. ولما طرقت مسامعنا وتلقفت أعيننا قصص الرشاوى الكبرى الفاحشة ، والواسطات العالية التكاليف لم نستغرب ذلك ونعده بدعا من القصص وضرباً من الخيال.. هذا بعض ما جره حب الدنيا والتكالب عليها وبسببه حدث فساد عريض في طبقات المجتمع تقطعت له أواصر وتمزقت به أخوات ، وهلكت لهوله أنفس .. فتحولت الروح العامة إلى مجموعة من الأرواح التالفة لا تربطها وشيجة ولا يمسكها ذمام.. وهذه الحال تهدم الأمة وتجعلها في مهب الريح عند أدنى مشكلة وأقل عاصفة.. والواجب على الدولة ومن ينتمي إليها انتماء دين ووطن أن تقوم بمحاربة الفساد لا بفرض العقوبات لأن هذا لا يجدي شيئاً مع داء عالمي مستفحل بل بنشر الوعي الديني والاجتماعي والسياسي ، بحيث يكون كل فرد عضواً فاعلاً مسئولاً عن نفسه بالمقام الأول ثم عن وطنه بالمقام الثاني ، وأن يفعل دور القدوة في الأمراء والعلماء وكبار القوم من مفكرين وكتاب وشعراء وأن تنتفي من وجودنا صفة ( الشحاذة ) بجميع أصنافها الراقية والوضيعة والعالمة والجاهلة والشاعرة والناثرة والفصيحة والعامية.. إذا فعلنا ذلك وجعلناه ديدن حياتنا ومقصد عقولنا وقبله أفعالنا فإننا سننتج وطناً صالحاً لسيادة العالم وتطبيق نموذجه الصالح في دنيا البشر..!

عبدالله الوهابي
31-10-2006, 03:11 AM
إن الناظر في الأحقاب الماضية ليجد أن الله سبحانه وتعالى.. سخر عباداً من عنده قاموا بهذا الدين.. سواءً كانوا من هذه الأمة أو من أمم قبلها.. ومن هؤلاء غلام الأخدود الذي أبهر الملك ومن كان في عصره بجرأته وبطولته ورجولته الحقيقية عندما قدّم نفسه رخيصة لهذا الدين ولهذه العقيدة.
إن المسلمين اليوم بحاجة إلى صياغة وصناعة جديدة لكثير ممن ينتسب إلى هذه الجماع المسلمة.. فليس الانتماء بالبطاقة أو لأقليم يكفي لهذه الأمة لتبني مجداً أضاعته أحقاباً من السنين.. وليس لها كذلك أن تعود إلى سيادتها إلا إذا صنعت رجالاً يستطيعون إعادة البناء وردِّ الأكوام الهائلة من التخلف إلى الوراء.. وليس معنى طلب هذه الصناعة أننا نفقد هؤلاء الرجال بالكلية.. ولكننا نقول.. ربما كانوا هناك..
ولكن هم بحاجة إلى صياغة من جديد وإظهارهم في قوالب غير القوالب التي ألقوها.. في رتابة مُملة يعيشون فيها أجواءً تجعل المسلم يُفكر جيداً وملياً بتغييره إلى الأفضل.ز
" صناعة الرجال " كلمة عجيبة وصياغة جديدة ولأول مرة قد تخطر ببال إنسان أن الإنسان يُصنع.. لا بل الرجال تُصنع ولا غرابة في ذلك.. إنها تبعث الأمل في نفوس المسلمين وتبث الشعور في الفرد المسلم لتغيير العالم ابتداءً مما حوله.. من ظلم الظالمين وجور الجائرين وطغيان الطغاة.. ليكون قائداً له أن يعيش يوماً ما بطولة.. يستطيع بها إعادة الحقوق إلى أهلها.. وإعادة المياه إلى مجاريها..

عبدالله الوهابي
18-11-2006, 02:06 PM
هل أصبحت الحياة وطناً لنا؟!
وتشويه معنى الحضارة سلوكاً يغلفنا ، كهدية لا تعني شيئاً ، لا أرى أي سبب يدفعنا لاستهلاك الرفاهية ، في سبيل إفنائها..
هل نعاني حقاً من الفراغ؟ ومن البطالة؟ ومن الاستغراق المنهك في الراحة حد الملل؟
لا شك.. أن ما تنشره بعض مقاطع " البلوتوث " والتي تكشف عنها صفحات الجرائد يوماً بعد يوم ، في فضح مظاهر شبابية سيئة ، تنتهك خصوصيات الأسر والفتيات في كثير من الوقائع ، بالإيذاء الجسدي ، أو الكلمات النابية ، والتصرفات اللامسؤولة ، لا تعني سوى تشويه معنى الحضارة وإفساد للوحة الجمال..
وبما أن تلك الأخلاق أضحت بين عشية التاريخ وفجر الأضحوكة سمة تفاخر ووسام نصر لدى الكثير من الشباب ، ما عادت الرفاهية في حياتنا أداة لتطورنا ، وصناعة المستقبل..
فما زلنا كشعوب ، تستهلك الرفاهية ، وتسيء استخدامها ، أكثر من الشعوب المنتجة لها ، حيث لا تتوقف الأخرى في البحث عن سبل تطوير تلك التقنيات وتحديثها.
إن " الرغبة الدائمة في التمدد على الفراش الوثير بدلاً من الجلوس " جعلت من أدوات الرفاهية وسيلة لتصبح أكثر أوقاتنا فترات للاسترخاء المستمر ، وذلك لعدم وجود مشاريع حضارية على المستويات الشخصية تنهض بنا وبمجتمعاتنا..
قد يدفعنا الخوف من " خيانة الرخاء " إلى إيجاد مشاعر التحدي ومواجهة معوقات الحياة باستبسال..
كان لزاماً على صناع نهضة الأمة ، أن يدركوا حاجتهم لتحديد أهداف راقية ، يسعون إلى تحقيقها على المدى البعيد ، ويعيشوا كل أوقاتهم في سبيل تحقيق تلك الخطط والرؤى المنطقية.. بتأثير القيادات الناجحة في المجتمع وإبراز دور القيادات في حياتهم..
ولن نعاني بعد ذلك من مقاطع " البلوتوث " تهدد ما تبقى من جمال حضارتنا الزوجية والأخلاقية..
" كان أباؤنا وأجدادنا يملكون استقلال الإرادة ، وحرية القرار ، لأنهم كانوا مندمجين في بيئتهم على نحو تام ، ومع الظروف الصعبة التي عاشوا فيها ، إلا أنهم كانوا يأكلون مما يزرعون ويصيدون ، ويلبسون مما ينسجون ، ولا يستدينون الأموال الطائلة من أجل الرفاهية ، فهل نحن قادرون على أن تعلم منهم شيئاً ينفعنا في أيامنا هذه؟.."

عبدالله الوهابي
26-11-2006, 10:44 PM
يبلغ الحب ذروته بين الزوجين ، في السنة الأولى بعد الزواج ، ثم يبدأ توهجه في الذبول ، وتخبو ناره وتبرد المشاعر ، بل تتجمّد أحياناً بعد أن يكتشف كلاً من الزوجين أشياء كثيرة عن الآخر ، وبعد أن يبدأ الملل يتسلل إلى المحراب الحب العاصف ، وبعد أن تتبخر كل الخيالات عن الآخر ، وتزول مظاهر المجاملة الزائدة ، والتعامل المثالي ، ويكون كل شيء واقعياً ، وكل طرف على سجيته ، وبانفعالاته وتصرفاته الحقيقة – لا الزائفة – هنا يلتفت كل واحد منهما ليفتش عن الحب.. أين ذهب ، وكيف أطفأ لهيبه فجأة ، وكيف هدأت عواصفه وزوابعه؟!
ويرى الخبراء أن سيادة المفاهيم الخاطئة أو المبالغ فيها عن الزواج هي المسئولة عن تبخّر قيم الحب ، وتواري السلوك الرومانسي في وقت مبكر من الحياة الزوجية ، لكن مجتمعنا الشرقي تميزّه ونظرته الخاصة إلى الحياة الزوجية ، وأصولها ، وأساسياتها ولوازمها وقيم التعاون بين الزوجين ، والارتباط الوثيق بينهما تحت كل الظروف ، وهي معان قيّمة تساعد على تماسك الأسرة ، واستقرارها وأمانها وترابطها وعزّز ذلك الحب المتبادل ، والرومانسية المستمرة ، فهما صمام الأمان ، ورهان الضمان ضد أصعب الظروف التي تواجهها الحياة الزوجية ، وقهر مطلبات الزمن القياسي التي تعترض مسيرتها.