المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يقولون : الطاعة ذل ومهانة.............!!من هم


بن عاصي
11-12-2005, 10:48 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب مسائل الجاهلية للامام محمد بن عبدالوهاب
المسألة الثالثة‏:‏ اعتبارهم مخالفة ولي الأمر فضيلة وطاعته والانقياد له ذلة ومهانة
‏[‏إنَّ مُخالفة وليّ الأمر وعدم الانقياد له فضيلة، والسّمع والطّاعة له ذُلٌّ ومهانةٌ، فخالفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمر بالسَّمع والطّاعة لهم والنَّصيحة، وغلَّظَ في ذلك وأبدى وأعاد‏.‏

وهذه المسائل الثّلاث هي التي جمع بينها فيما صحّ عنه في الصّحيح أنَّه قال‏:‏ ‏"‏ إنّ الله يرضى لكم ثلاثًا‏:‏ أن تعبدوه ولا تُشركوا به شيئًا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرَّقوا، وأن تناصحوا من ولاّه الله أمركم ‏"‏ ‏[‏أخرجه مسلم ‏(‏رقم 1715‏)‏‏.‏‏]‏‏.‏ ولم يقع خلل في دين النّاس ودنياهم إلا بسبب الإخلال في هذه الثّلاث أو بعضها‏.‏‏]‏
{الشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله}
كتاب {مسائل الجاهلية }
================================================== ====================================
الشـرح:

من مسائل الجاهلية‏:‏ أنهم لا يخضعون لولي الأمر، ويرون أن هذا ذلة، ومعصية الأمير يعتبرونها فضيلة وحرية؛ ولذلك لا يجمعهم إمام، ولا يجمعهم أمير؛ لأنهم لا يخضعون، وعندهم أنفة وكبر‏.‏

فجاء الإسلام بمخالفتهم وأمر بالسمع والطاعة لولي الأمر المسلم؛ لما في ذلك من المصالح، قال تعالى‏:‏ ‏{‏ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 59‏]‏ فأمر بطاعة ولاة الأمور، والرسول صلى الله عليه وسلم حدد ذلك في غير المعصية، فقال‏:‏ ‏"‏لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق‏"‏ ‏[‏أخرجه أحمد في المسند ‏(‏1/131‏)‏ وصححه الألباني في صحيح الجامع ‏(‏رقم 7520‏)‏‏.‏‏]‏ ، وقال‏:‏ ‏"‏إنما الطاعة بالمعروف‏"‏ ‏[‏أخرجه البخاري بلفظ‏:‏ ‏ ‏ لا طاعة في معصية، إنما الطاعة في المعروف ‏ ‏ ‏(‏رقم 7257‏)‏، ومسلم ‏(‏رقم 1840/39‏)‏‏.‏‏]‏ ، فتجب طاعة ولي الأمر في غير معصية الله، إذا أمر بمعصية فلا يطاع، لكن لا يخالف في بقية الأمور، لا يطاع في هذه المسألة خاصة التي فيها معصية، أما بقية الأمور فلا تنتقض بيعته بسبب ذلك، ولا يخالف، ما دام أنه على الإسلام؛ لما في طاعة ولاة الأمور من اجتماع الكلمة، وحقن الدماء، واستتباب الأمن، وإنصاف المظلوم من الظالم، ورد الحقوق إلى أصحابها، والحكم بين الناس بالعدل، حتى ولو كان ولي الأمر غير مستقيم في دينه، حتى ولو كان فاسقًا، ما لم يصل إلى الكفر، كما قال صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏"‏ اسمعوا وأطيعوا، إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم عليه من الله برهان ‏"‏ ‏[‏أخرجه البخاري ‏(‏رقم 7056‏)‏، ومسلم ‏(‏رقم 1709/42‏)‏‏.‏‏]‏ ، فما دامت معاصيه دون الكفر، فإنه يُسمع له ويطاع، وفسقه على نفسه، لكن ولايته وطاعته لمصلحة المسلمين‏.‏

ولهذا لما قيل لبعض الأئمة‏:‏ إن فلانًا فاسق لكنه قوي، وإن فلانًا صالح لكنه ضعيف، أيهما يصلح للولاية‏؟‏ قال‏:‏ الفاسق القوي؛ لأن فسقه على نفسه، وقوته للمسلمين‏.‏ أما هذا الصالح فإن صلاحه لنفسه وضعفه يضر المسلمين‏.‏

فيُسمع له ويطاع وإن كان فاسقًا في نفسه، بل وإن جار وإن ظلم، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏أطع وإن أخذ مالك وضرب ظهرك‏"‏ ‏[‏أخرجه مسلم ‏(‏رقم 1847‏)‏‏.‏‏]‏ ؛ لأن في طاعته مصلحة أرجح من المفسدة التي هو عليها، ولأن مفسدة الخروج عليه أعظم من مفسدة البقاء على طاعته وهو عاص؛ لأن في الخروج عليه سفكًا للدماء وإخلالاً بالأمن وتفريقًا للكلمة‏.‏

وماذا حصل للذين خرجوا على الأمراء وولاة الأمور مما قصّه التاريخ‏؟‏ ماذا حصل لما قام نازغة من الشذاذ في عهد عثمان رضي الله عنه وشقوا عصا الطاعة وقتلوا أمير المؤمنين عثمان ‏؟‏ ماذا حصل على المؤمنين من النكسات إلى الآن؛ بسبب الخروج على أمير المؤمنين وقتله‏؟‏ فلا يزال المسلمون يعانون من النكسات المتوالية والمفاسد، وكذلك في حق بقية الولاة الصبر على طاعته وإن كان فيه مفسدة جزئية أخف من مفسدة الخروج عليه؛ فلذلك أوجب النبي صلى الله عليه وسلم طاعته ما لم يخرج عن الإسلام، ولو كان فاسقًا، ولو كان ظالمًا، فإنه يصبر على هذه المفاسد الجزئية؛ درءًا للمفسدة العظيمة، وارتكاب أخف الضررين لدفع أعلاهما، هذا شيء معروف‏.‏ وما من قوم خرجوا على إمامهم إلا كانت المفسدة في الخروج عليه أعظم من المفسدة في الصبر على طاعته‏.‏

وهذا فرق ما بين أهل الجاهلية، وأهل الإسلام في مسألة ولاة الأمور، أهل الجاهلية لا يرون الطاعة لولاة الأمور، ويرون ذلك ذلة‏.‏ وأما الإسلام فإنه أمر بطاعة ولاة الأمور المسلمين، وإن كان عندهم شيء من الفسق في أنفسهم، أو عندهم ظلم للناس، يصبر عليهم؛ لأن في ذلك مصالح للمسلمين، وفي الخروج عليهم مضار للمسلمين أعظم من المفاسد التي في البقاء على طاعتهم مع انحرافهم الذي لا يخرجهم عن الإسلام، هذه القاعدة العظيمة التي جاء بها الإسلام في هذا الأمر العظيم‏.‏ وأما أهل الجاهلية - كما سبق - لا يرون انعقاد ولاية، ولا يرون سمعًا ولا طاعة، ومثلهم الأمم الكافرة الآن، الذين يقولون بالحريات والديمقراطيات، ماذا تكون مجتمعاتهم الآن‏؟‏ همجية، بهيمية، قتل وسلب وفساد أعراض، وشرّ واضطراب أمن، وهم دول كبرى، وعندهم أسلحة، وعندهم مدمرات، لكن حالتهم حالة بهيمية - والعياذ بالله - لأنهم باقون على ما كانت عليه الجاهلية‏.‏

وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالسمع والطاعة لهم، وأمر بالنصيحة لهم سرًا، بينهم وبين الناصح‏.‏ وأما الكلام فيهم وسبهم واغتيابهم؛ فهذا من الغش لهم؛ لأنه يؤلّب الناس عليهم ويفرح أهل الشر، وهذا من الخيانة لولاة الأمور‏.‏ أما الدعاء لهم وعدم ذكر معايبهم في المجالس، فهو من النصيحة لهم، ومن كان يريد أن ينصح الإمام فإنه يوصل النصيحة إليه في نفسه، إما مشافهة، وإما كتابة، وإما بأن يوصى له من يتصل به ويبلغه عن هذا الشيء؛ وإذا لم يتمكن فهو معذور‏.‏

أما أنه يجلس في المجالس أو على المنابر أو أمام أشرطة ويسب ولاة الأمور ويعيبهم، فهذا ليس من النصيحة، وإنما هو من الخيانة لولاة الأمور، والنصيحة لهم تشمل الدعاء لهم بالصلاح، وتشمل ستر عيوبهم وعدم إفشائها على الناس، وكذلك من النصيحة لهم‏:‏ القيام بالأعمال التي يكلونها إلى الموظفين، ويعهدون بها إلى الولاة في القيام بها، هذا من النصيحة لولاة الأمور‏.‏

ثم قال الشيخ رحمه الله‏:‏

وهذه الثلاث هي التي جمع بينها فيما صح عنه في أنه قال‏:‏ ‏"‏إن الله يرضى لكم ثلاثًا‏:‏ أن تعبدوه ولا تشركوا به شيًا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاّه الله أمركم‏"‏ ‏[‏أخرجه مسلم ‏(‏رقم 1715‏)‏‏.‏‏]‏‏.‏ ولم يقع خلل في دين الناس ودنياهم إلا بسبب الإخلال بهذه الصفات أو ببعضها‏.‏

يقول الشيخ رحمه الله‏:‏ وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم هذه المسائل الثلاث، يعني‏:‏ التي تقدّم ذكرها، وهي‏:‏

المسألة الأولى‏:‏ أنّ أهل الجاهلية كانوا يعبدون الأولياء والصالحين، ويقولون‏:‏ ‏{‏ وَيَقُولُونَ هَـؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ ‏}‏ ‏[‏يونس‏:‏ 18‏]‏‏.‏

والمسألة الثانية‏:‏ أن أهل الجاهلية كانوا متفرقين في دينهم ودنياهم‏.‏

والمسألة الثالثة‏:‏ أنهم لا يخضعون لولي الأمر، ويرون ذلك ذلة ومهانة‏.‏ هذه المسائل الثلاث جمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أُوتي جوامع الكلم وفصل الخطاب في كلمة واحدة، وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏"‏إن الله يرضى لكم ثلاثًا‏:‏ أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئًا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاّه الله أمركم‏"‏ ‏[‏أخرجه مسلم ‏(‏رقم 1715‏)‏‏.‏‏]‏‏.‏

الأولى‏:‏ أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئًا، ويدخل في الشرك عبادة الأولياء والصالحين‏.‏

الثانية‏:‏ أن تعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا، عكس ما كان عليه أهل الجاهلية من انهم كانوا متفرقين في دينهم ودنياهم، وحبل الله هو القرآن، والاعتصام به هو أن تتمسكوا به، فتعملوا بما أمركم به، وتجتنبوا ما نهاكم عنه؛ لأن القرآن هو المنهج الرباني الكفيل بمصالح العباد في دينهم ودنياهم، فالتمسك به رحمة، وعدم التمسك به عذاب وشقاء‏.‏

الثالثة‏:‏ أن تناصحوا من ولاّه الله أمركم، وهذا بخلاف ما كان عليه أهل الجاهلية الذين لا ينقادون لولي الأمر، وهذا فيه الأمر بالانقياد لولي الأمر، ومناصحته وطاعته، وعدم الخروج عليه، وعدم الكلام فيه أمام الناس وذكر عيوبه ونشر عيوبه بين الناس، لأن هذا من الخيانة لولي الأمر، ليس هذا من النصيحة، وإن كان بعض الناس يزعم أن هذه نصيحة، فهذه ليست نصيحة، وإنما هذا تشهير وشر، وإلقاء للعداوة بين الوالي والرعية، وليس فيه مصلحة أبدًا، بل هو مضرة محضة‏.‏

ثم بيّن - رحمه الله - أن الخلل الذي يقع في دين الناس ودنياهم، إنما سببه الإخلال بهذه الثلاث أو الإخلال ببعضها، وهو الشرك بالله، والتفرق، والخروج على ولي الأمر‏.‏

المصدر: راجع {شرح مسائل الجاهلية } لشيخنا صالح الفوزان سدده الله.

حراليدين
11-12-2005, 10:54 PM
رحم الله امام الدعوة محمد بن عبد الوهاب

حفظ الله العلامة صالح بن فوزان

و سلمت يا بن عاصي

الوهابى
11-12-2005, 11:12 PM
جزاك الله خير


وما قصرت

محمد الحياني
11-12-2005, 11:40 PM
جزاك الله خيراً



وكثر من امثالك



ولاهنت يالغالي