المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مـــشــوقــات لـلـحــج(2)


سعيد شايع
03-10-2011, 08:52 AM
المشوق الثاني:
جهاد لا شوكة فيه:
عن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: جاء رجلٌ إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال:
إني جبان ، إني ضعيف ، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ
" هَلُمَّ إلى جهادٍ لا شوكة فيه: الحج " [رواه الطبراني في المعجم الكبير ورواته ثقات]
انظر كيف راعى ـ صلى الله عليه وسلم ـ قدرات أصحابه ـ رضي الله عنهم ـ بقوله
" هلم إلى جهاد لا شوكة فيه "
يعني الحج ، الجهاد وما أدراك ما الجهاد ذروة سنام الدين ، جعله النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ
درجات ومراتب ، فلم يُحرم أحد من شرف القيام به ، حتى وإن قصرت همته ، وضعفت قدراته
بل وإن اعترف بها ، وذلك لأن الجهاد هو سبيل ومصدر الأمة وعزها ، وكلمة ـ الجهاد ـ
مصطلح إسلامي ، أو حقيقة شرعية ذات معنى محدد ، يستعملها الفقهاء وسائر علماء الإسلام
كما يستعملون غيرها من الكلمات التي تؤدي معناها أو جزءاً منه ، كالقتال والحرب والغزو ...
وقد واجهت فريضة الجهاد كثيرا من الشبهات والتشويه ، كما عملت دوائر كثيرة داخلية وخارجية
على إضعافها في نفوس المسلمين أو حصرها في مجال ضيق ، ولهذا كان من الضرورة أن يرد
الدعاة والعلماء والمعلمين الأمر إلى نصابه ، وأن يزيحوا ما علق بهذا المصطلح من شوائب
وأن يعرفوا الشباب عليه من مصادرنا الإسلامية الأصيلة ، دون أن يكون عجزنا أو ضعفنا مسوغا
لتحريف الكَلمِ عن مواضعه ، وجاءت كلمة ـ الجهاد ـ في القرآن والسنة بمعان أربعة:
1ـ الجهاد بالنفس: وهو جهاد الكفار ، بالخروج للقتال ومباشرته بالنفس.
2ـ الجهاد بالكلمة أو القول: ويشمل مجاهدة الكفار والمنافقين بالحجة والبرهان والبيان
كما في قوله تعالى: { وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَاداً كَبِيراً }[ الفرقان: 52] أي: جاهدهم بهذا القرآن.
3ـ الجهاد بالعمل: ببذل الجهد في عمل الخير ليكون نفعه عائدا على صاحبه بالاستقامة
كما في قوله تعالى: { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا } [العنكبوت: 69].
4ـ الجهاد بالمال: ويكون بإنفاق المال في السلاح والإعداد ، وبإنفاقه على غيره ممن يجاهد
قال تعالى: { وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ }[ التوبة:41].
وقد جمع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنواع الجهاد في سياق واحد فقال:
" جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم " [ أخرجه أبو داود ، والنسائي
وصححه ابن حبان ، و الحاكم ، ووافقه الذهبي]
ولعلك تنظر في دعوة الحبيب ـ صلوات ربي وسلامه عليه ـ لذلك الرجل الذي اعترف بضعفه
إلى الجهاد " جهاد لا شوكة فيه "
لا قتال فيه ، ولا سلاح ، ولا خوف من عدو ، بل إلى أماكن يوضع فيها السلاح ، وترفع فيها
كلمة التوحيد ، إرغاما للعدو المبين ـ الشيطان ـ وذريته من شياطين الجن والإنس
لقد فتح رسولنا ـ صلى الله عليه وسلم ـ لهذا الرجل البوابة العظيمة التي يعود منها كيوم ولدته أمه
لقد دعاه وشجعه لعمل يشارك فيه إخوانه الحجيج ، ولذا صُنِّف الحج على أنه جهاد الضعفاء
من الرجال والنساء ، ولذا قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ:
" جهاد الكبير والضعيف والمرأة: الحج والعمرة " [ أورده المنذري في الترغيب والترهيب ورواه
النسائي وإسناده حسن ]
وسأل رجل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: نرى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد؟
فقال: ـ صلى الله عليه وسلم ـ :" أفضل الجهاد حج مبرور "
قارن بين هذا القول وقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في موضع آخر لما سأله رجل عن الجهاد
ففسَّره بقوله " أن تقاتل الكفار إذا لقيتهم " [ أخرجه أحمد ، وعبد الرزاق ، والبيهقي
في شعب الإيمان ، وإسناده صحيح ]
فهذا هو الحج بين يديك كل عام يأتي ليقل لك ها أنا نوع من أنواع الجهاد
فيا من تعلق قلبه بساحة الجهاد , وضرب الرقاب , هذا باب إلى الجهاد مفتوح
فادخله فإنه لا شوكة فيه
والتقاء الجهاد بالحج دليل على فضل الحج ودرجته ، فليس فيه شوكة
قال عمر الفاروق ـ رضي الله عنه ـ
( إذا وضعتم السرج: يعني من سفر الجهاد فتشدو الرحال إلى الحج والعمرة )
وقال الحافظ ابن رجب :( وإنما كان الحج والعمرة جهاداً , لأنه يجهد المال والنفس والبدن
كما قال أبو الشعثاء:( نظرت في أعمال البر , فإذا الصلاة تجهد البدن دون المال , والصيام كذلك
والحج يجهدهما , فرأيته أفضل ) وسئل النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ أي الأعمال أفضل:
قال: " إيمان بالله ورسوله , قيل: ثم ماذا ؟ قال: الجهاد في سبيل الله , قيل: ثم ماذا؟ قال:حج مبرور ".
هذا وإلى مشوق آخر.