المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من لندن إلى مدريد


الـهـامـور
12-08-2011, 12:06 AM
محمد حمادة
سبحان من يغيّر ولا يتغيّر.. العنف يلف لندن ومانشستر وليفربول وولفرهامبتون وغيرها من المدن الإنكليزية تماماً كما يلف وللأسف الشديد أكثر من مدينة عربية، وها هي انطلاقة الدوري الإنكليزي مهددة بالتأجيل من السبت الى موعد آخر إلا إذا ارتأت رابطة اندية المحترفين العكس في قرار سيصدر عنها اليوم.. نتمنى ألا يبكي الآخرون، ويكفي أن نبكي وحدنا لأننا نجيد ذلك على مر تاريخنا.. نشعر بآلامهم، ولكن هل يا ترى شعروا يوما بآلامنا وقد تسببوا هم بمعظمها أو بها كلها؟

ودقوا على الخشب.. في اسبانيا "الاشياء معدن" و"كل شىء تمام التمام" وها هما القطبان ريال مدريد وبرشلونة يستعدان للمواجهة الأولى بينهما في الموسم الجديد وسيقفان وجهاً لوجه على ملعب سانتياغو برنابيو في العاصمة لخوض مباراة الذهاب من مسابقة الكأس الإسبانية السوبر الأحد المقبل (مباراة الإياب الأربعاء على ملعب كامب نو).

وعندما كنت أقرأ سجل المواجهات بين "العدوين اللدودين" لفتتني ملاحظة: في نهائي كاس اسبانيا 1943 الذي كان يشتمل على مباراتين تقدم برشلونة ذهاباً 3-صفر، وفي الإياب تقدم على مضيفه المدريدي بهدف مع نهاية الشوط الأول فدخل العسكر غرفة ملابس لاعبي الفريق الكاتالوني بأمر من الديكتاتور فرانكو الذي كان يكره الكاتالونيين كره العمى وهددوهم بالموت مع مدربهم وجهازهم الفني.. وبالنتيجة سجل ريال مدريد 11 هدفاً في الشوط الثاني وأحرز اللقب "العظيم".. وطاف مشجعو النادي الملكي في شوارع مدريد احتفالاً بالفوز العريض ثم ألغيت النتيجة بأمر من الفيفا بعد تدقيق وتمحيص طويلين.

وقرأت أخباراً كثيرة عن الفريقين استعداداً للنزال الجديد.. ويهمني هنا أن أسرد للقارىء الكريم ما قد لا يكون قرأه من قبل سواء كانت عبارة حلوة أو معلومة فريدة.. يقول بيب غوارديولا: "إذا ما تسبب لنا الآخرون بمشكلات يوماً ما فإننا سنوجد الحلول تباعاً مع لاعبين أفضل ومجموعة أكثر تكاملاً".

وغوارديولا غير مكثر في مقابلاته ومقل في أحاديثه، هو الذي كان بينه وبين برشلونة زواج القرن، أي بين فريق يسير بخطى واثقة ليطبع تاريخ اللعبة بطابعه وبين مدرب شاب رفض أن يكتفي بمواكبة هذا الفريق وفضل أن يدفعه ويلهمه ويشده الى أعلى أكثر وأكثر.. اغلب تدريبات برشلونة تتم داخل أبواب مغلقة أي من دون جمهور.. سر قائم بذاته.. الأسطورة هي الـ"تورو" أي القيام بالتمريرات وسط دائرة.. ولكن هذا لا يكفي طبعاً حتى يصبح الفريق أبرز فريق في العالم على صعيد استرجاع الكرة.. وإذا كان غوارديولا مصمماً على عدم الكشف عن أسراره فإن مساعده تيتو فيلانوفا أشد كرماً: "لا يمكن اللعب بطريقة جيدة وندافع ثم نبني الهجمة كما نفعل نحن من دون عمل كبير في التدريبات.. وما نحققه لا يأتي فقط من ال"تورو".. عملياً فإن 95% من عملنا يتم والكرة بين القدمين وكل تمريناتنا لها غرض تكتيكي.. هذا الصباح مثلاً قمنا بحصة بدنية هائلة من دون ان نقوم ولو بلفة واحدة حول الملعب، ولكن في المقابل لمس كل لاعب الكرة نحو 300 مرة مع التنبه الى نجاح كل التمريرات والى تغيير التمركز في اللحظة المناسبة".

ويضيف فيلانوفا، مدافع سلتا فيغو من 1992 الى 1995: "هناك ثقافة النادي وهناك ما يطلبه غوارديولا، والأولوية للسرعة العقلية وسرعة التمريرة وسرعة الكرة.. هناك طريقتان لتكون سريعاً، السرعة الخالصة التي يملكها كارل لويس وأوسين بولت، وسرعة التفكير وهذا الأخيرة هي التي نتميز بها.. وحتى نزيدها نتدرب في مساحات ضيقة جداً وتغص باللاعبين والتمريرات قصيرة وسريعة، ويصبح الأمر أسهل في المباريات حيث المساحات أوسع وحيث يملك اللاعب وقتاً أطول ليفكر بسرعة".

والمشكلة مع برشلونة ليست في ما يقوله وإنما في تطبيق ما يقوله.. ولولا ذلك لأصبحت كل فرق العالم برشلونة.


* نقلاً عن "استاد الدوحة" القطرية