المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يا باغي السعادة اقبل


حيان ف
19-05-2011, 10:14 AM
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله اخوتي في الله اني احبكم في الله
فهذه مقتطفات مختصرة في موضوعات متنوعة تعين العبد للوصول الى شاطئ السعادة وعلى هذا النهج سار الائمة الاعلام في مؤلفاتهم كابن القيم في كتابه( الفوائد) و(بدائع الفوائد) وابن الجوزي في( صيد الخاطر) وابن حزم في (مداواة النفوس) اسال الله ان ينفعنا بها ويجازي صاحب الكتاب خير الجزاء
قيل للسعادة اين تسكننين؟
قالت في قلوب الراضين
قيل فيم تتغذين؟
قالت من قوة ايمانهم
قيل فيم تدومين؟
قالت بحس تدبيرهم
قيل فيم تستجلبين؟
قالت ان تعلم النفس انه لن يصيبها الا ما كتب الله لها
قيل فيم ترحلين؟
قالت بالطمع بعد القناعة و بالحرص بعد السماحة وبالهم بعد السرور

السعـادة جنة الأحلام ومنتهى الآمال، كل البشر يناشدها وقليل من يدركها،
ومع اختلاف العباد ومعايشهم وتباين وسائلهم وغايتهم وتنوع لغاتهم وأجناسهم،
ومع افتراق مشاربهم وطموحاتهم الا أنهم متفقون على طلب السعـادة؛
لتوجعهم من مكابد الحياة والآمها، لطمعهم في حياة سعيدة هنيئة لا أحزان فيها ولا هموم،
ونوال السعـادة منحة من الرحمن يهبها لمن يشاء من عباده
فمنهم من ينعم في جناها،ومنهم من يحرمها ويعيش في امانيها،
والموفق من هدي اليها فسلكها وخطى اليها وعمل لها وجانب مايضادها مما يجلب له الشقا..........اين اجد السعــــادة؟.........

ظن بعض الناس أن السعـادة في المال والثراء،
ومنهم من توهمها في المنصب والجاه ،
ومنهم من طلبها في تحقيق الأماني المحرمة،

والخلق في سعي حثيث لنيلها، وفي جد وتشمير لتحصيلها،

فمن مدرك لها ومن محروم منها، ومن بائس شقي توهم السعـادة على غير حقيقتها
فآثردنياه على دينه، وهواه على آخرته فجنى الوهم والهم وكابد المعيشة وقاسى الأحزان.
والسعـادة لن تنال الابتقوى الله عز وجل
بطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، والبعد عن المعاصي والسيئات، قال سبحانه
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءآمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً





قال شيخ الاسلام:
"الايمان بالله ورسوله هو جماع السعـادة واصلها"
فالحياة وما فيها من متاع لا سعادة فيها بلا تقوى.

قال الشاعر:
ولست ارى السعـادة جمع مال *** ولكن التقي هو السعيد
فتقوى الله خير الزاد وذخرا *** وعند الله للاتقياء مزيد..............
..........طــريــق السعــــادة:...........

لا سبيل الى السعـادة الا بطاعة الله، ومن أكثر من الأعمال الصالحة واجتنب الذنوب
والخطايا عاش سعيدا وكان من ربه قريبا قال سبحانه:
مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً

قال ابن كثير:
"الحياة الطيبة تشمل وجوه الراحة من أي جهة كانت"

والسعـادة تزهو اذا حقق العبد توحيد ربه، وعلق قلبه بخاقه، وفوض جميع أموره اليه.

قال ابن القيم:
"التوحيد يفتح للعبد باب الخير والسرور واللذة، والفرح والابتهاج"

والسعـادة يكتمل عقدها بالاحسان الى الخلق مع ملازمة طاعة الله.

قال شيخ الاسلام:
"والسعـادة في معاملة الخلق: ان تعاملهم لله فترجو الله فترجو الله فيهم ولا ترجوهم في الله،
وتخافه فيهم ولا تخافهم في الله وتحسن اليهم رجاء وثواب الله لا لمكافأتهم وتكف عن ظلمهم
خوفا من الله لا منهم"

ومن ذاق طعم الايمان ذاق حلاوة السعـادة، وعاش منشرح الصدر مطمئن القلب ساكن الجوارح.

قال ابن القيم:
"وسمعت شيخ الاسلام ابن تيمية يقول:ان في الدنيا جنة من لم يدخلها لا يدخل جنة الآخرة،
وقال لي مرة ما يصنع أعدائي بي انا جنتي وبستاني في صدري ان رحت فهي معي لا تفارقني"
............المحروم من السعــــــادة..........:

الشقاء في اتباع الهوى باقتراف المعاصي والسيئات، ولذات الدنيا المحرمة مشوبة بالمضار،
وهي سبب الشقاء في الدنيا والآخرة قال سبحانه:
(وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا)
اي في شدة وضيق.

قال شيخ الاسلام:
" كل شر في العالم مختص بالعبد فسببه: مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم
او الجهل بما جاء به، وأن سعادة العباد في معاشهم ومعادهم باتباع الرسالة"


والفرار من الشقاء الى السعـادة يكون بالتوبة والانابة الى الله.
قال ابن القيم:
"ويغلق باب الشرور بالتوبة والاستغفار"

فاطرق أبواب التوبة وأوصد أبواب المعاصي لتذوق طعم السعـادة، فعافية القلب في ترك الآثام والذنوب على القلب بمنزلة السموم ان لم تهلكه اضعفته ومن انتقل من ذل المعصية الى عز الطاعة أغناه الله بلا مال وآنسه بلا صاحب والشقي من أعرض عن طاعة مولاه واقترف ما حرم الله.............يتبع....يتبع.....يتبع ...

أبو وليد الجروي
21-05-2011, 12:17 AM
جزاك الله خير على ماقدمته وجعل ماكتبته في موازين اعمالك والله لايحرمك الاجر والمثوبه
الله يعطيك العافيه

رائد نملان الحبابي
21-05-2011, 08:41 AM
باااارك الله فيك وفي طرحك الجميل

حيان ف
21-05-2011, 11:40 AM
كيف أعرف أني سعيـــد؟
من جمع ثلاثة كان سعيدا حقا: الشكر على النعم، والصبر
على الابتلاء والاستغفار من الذنوب.

قال ابن القيم:
"اذا أنعم عليه شكر، واذا ابتلي صبر، واذا اذنب استغفر، فان هذه الامور الثلاثة
عنوان سعادة العبد، وعلامة فلاحه في دنياه واخراه، ولا ينفك عبدا عنها ابدا"
واذا اطرقت مليا تحاسب نفسك على تقصيرها وتعظم زلاتها وتخشى من هفواتها
خوفا من باريها وتتغافل عما قدمت من محاسن بين يديها طعما في ثواب خالقها
فتلك امارة على نفس تطلب حياة سعيدة
قال ابن القيم:
"علامة السعـادة ان تكون حسنات العبد خلف ظهره، وسيئاته نصب عينيه،
وعلامة الشقاوة ان يجعل حسناته نصب عينيه، وسيئاته خلف ظهره"

فالسعيـد من اتقى خالقه وحسنت معاملته مع الخلق، وشكر النعم واستعملها في طاعته،
وتلقى البلاء بالصبر والاحتساب، وشرح الفؤاد يقينا منه بأن الله يطهره بذلك ويرفع درجاته
واستغفر ربه عن الخطايا وندم على الأوزار.
الاخلاص لله طريق السعادة

غنى العبد بطاعة ربه والأقبال عليه، واخلاص الأعمال لله أصل الـديـن وتاج العمـل
وهو عنوان الوقار، وسمو الهمة، ورجحان العقل، وطريق السعادة، ولا يتم امر
ولا تحصل بركة الا بصلاح القصد والنية، وقد امر الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم
بالاخلاص في اكثر من آية
فقال له:

(فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ) [الزمر:2]
وقال له:
(قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّين) [الزمر:11]
وقال له:
(قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي) [الزمر:14]

فصلاح العمل من صلاح النية، وصلاح النية من صلاح القلب.
وأصل قبول الأعمال عند الله الاخلاص مع المتابعة
يقول ابن مسعود رضي الله عنه:
"لاينفع قول وعمل الا بنية ولا ينفع قول وعمل ونية الا بما وافق السنة".

والاخلاص عزيز في جانب العبادات
يقول ابن الجوزي:
"ما أقل من يعمل لله تعالى خالصا لأن أكثر الناس يحبون ظهور عباداتهم".

ويقول ابن رجب:
"الريا المحض لايكاد يصدر من مؤمن في فرض الصلاة والصيام، وقد يصدر في الصدقة
الواجبة أو الحج وغيرهما من الأعمال الظاهرة او التي يتعدى نفعها، فان الاخلاص
فيها عزيز،
وهذا العمل لايشك مسلم أنه حابط وأن صاحبه يستحق المقت من الله والعقوبة".

وقد افتتح بعض العلماء كالامام البخاري في صحيحه، والمقدسي في "عمدة الأحكام"
والبغوي في "شرح السنة" و "مصابيح السنة" ، والنووي في "الأربعين النوويه"_
مصنافتهم بحديث: (انما الأعمال بالنيات) اشارة منهم الى أهمية الاخلاص في الأعمال.
وسفيان الثوري يقول:
"ماعالجت شيئا أشد علي من نيتي، لأنها تتقلب علي".

والعمل من غير نية خالصة لوجه الله طاقة مهدرة، وجهد مبعثر، وهو مردود على صاحبه
والله تعالى غني حميد لايقبل من الاعمال الا ما كان خالصا له سبحانه.

يقول ابو امامه الباهلي رضي الله عنه:
"جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أرأيت رجلا غزا
يلتمس الأجر والذكر ماله؟ فقال رسول الله صلى عليه وسلم لا شـيء لـه.فأعادها
عليه ثلاث مرات ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له: لا شـيء لـه. ثم قال:
ان الله لا يقبل من العمل الا ما كان له خالصا وابتغي به وجه الله"
-رواه ابو داود والنسائي-.

ويقول عليه الصلاة والسلام قال الله عز وجل:
(أنا أغنى الشركاء عن الشرك; من عمل عملا اشرك معي فيه غيري تركته وشركه)
-راوه مسلم-
الواجب في الاسلام الاخلاص مع كثرة العمل


العبرة في الاسلام ليست بكثرة العمل فحسب; انما الواجب صحة الاخلاص لله وكثرة العمل
الموافق لسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وقد جمع ربنا ذلك في قوله تعالى:

(وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ
وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) [البينة:5]
فجمعت هذه الآيه الاخلاص واقامة الصلاة وايتاء الزكاة.

والعمل- وان كان كثيرا- مع فقد صحة المعتقد يورد صاحبه النار قال سبحانه:
(وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا) [الفرقان:23]

وقال الفضيل بن عياض في قوله تعالى:
( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) [الملك:2]
قال: " اخلصه واصوبه قالوا: يا ابا علي، ما اخلصه واصوبه؟ فقال:
ان العمل اذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل، واذا كان صوابا ولم يكن خالصا
لم يقبل حتى يكون خالصا صوابا، والخالص ان يكون لله والصواب ان يكون على السنة ماهي الأعمال التي اخلص فيها؟


بعض الناس يظن أن الاخلاص انما هو فقط في الصلاة وقراءة القرآن وأعمال العبادات الظاهرة
كالدعوة الى الله والانفاق، وهذا غيرصحيح،
فالاخلاص واجب في جميع العبادات حتى زيارة الجار وصلة الرحم وبر الوالدين،
فهذه مطلوب فيها الاخلاص، وهي من أجل العبادات،
وكل فعل يحبه الله ويرضاه واجب فيه اخلاص النية مهما كان العمل،
حتى في جانب المعاملات كالصدق في البيع والشراء وحسن معاملة الزوجة والاحتساب في اصلاح الأولاد وغيرها،
يقول النبي صلى الله عليه وسلم:
(ولست تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله الا أجرت عليها حتى اللقمة تضعها في فيّ امرأتك) -متفق عليه-.

فكل أمر يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة فهو عبادة، وواجب فيها الاخلاص وان دق العملمـاهـو الاخـلاص

ضابط الاخلاص: أن تكون نيتك في هذا العمل لله لا تريد بها غير الله،
لا رياء ولا سمعة ولا رفعة ولا تزلفا عند أحد، ولا تترقب من الناس مدحا
ولا تخشى منهم قدحا، فاذا كانت نيتك لله وحده ولم تزين عملك من أجل البشر فأنت مخلص،
يقول الفضيل بن عياض:
"العمل لأجل الناس شرك وترك العمل لأجل الناس رياء والاخلاص أن يعافيك الله منهما".

فأخلص جميـع أعمالك له سبحانه ولا تتطلع لأحد، وأدخل نفسك في
قوله تعالى:
(قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ *
لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)
[الأنعام:162-163]

أثـــــر الإِخــــلاص

إِذا قوي الإِخلاص لله وحده في الأعمال ارتفع صاحبه إِلى أعالي الدرجات،
يقول أبو بكر بن عياش:
"ما سبقنا ابو بكر بكثير صلاة ولا صيام، ولكنه الإِيمان وقر في قلبه والنصح لخلقه".

وفي هذا يقول عبدالله بن المبارك;
"رب عمل صغير تعظمه النية، ورب عمل كبير تصغره النية"

وبالعمل القليل مع الإِخلاص يتضاعف الثواب،

يقول النبي صلى الله عليه وسلم:
(من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يقبل الله إِلا الطيب فإِن الله
يقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه*
حتى تكون مثل الجبل العظيم) -متفق عليه-

قال بن كثير:
في قوله تعالى : (وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَآءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ )
[البقرة:261]
قال أي بحسب إِخلاصه في عمله.

وإِذا قوي الإِإِخلاص وعظمت النية وأخفي العمل الصالح مما يشرع فيه الإِخفاء،
قرب العبد من ربه، وأظله تحت ظل عرشه،

يقول النبي صلى الله عليه وسلم
(سبعه يظلُّهُم اللَّهُ فِي ظِلِّهِ... وذكر منهم:
(ورجلٌ تصََّدقَ بِصدقَةٍ فأَخفاها حتى لا تعلم شمالهُ ما تنفق يمينهُ).
-متفق عليه-. يتبع.......يتبع........يتبع........يتبع..........ي تبع.......................

حيان ف
23-05-2011, 10:57 AM
بركة العمل في الإِخلاص وإِن قل العمل

إِذا أخلص العبد النية وعمل عملا صالحا ولو يسيرا فإِن الله يتقبله ويضاعفه.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم:
"لقد رأيت رجلا يتقلب في الجنة، في شجرة قطعها من ظهر الطريق، كانت تؤذي المسلمين"-راوه مسلم-

وفي رواية:
"مر رجل بغصن شجرة على ظهر طريق، فقال: والله لأنحين هذا عن المسلمين لا يؤذيهم، فأدخل الجنة".
فبإِخلاصه مع يسر العمل أدخله الله الجنة برحمته.

وتأمل في المرأة البغي التي عملت أعمالا قبيحة، ثم، عملت عملا يسيرا في أعين البشر،
وهو سقاية كلب، وليس إِنسانا، فغفر الله لها بذلك العمل اليسير مع سوء عملها من البغي
يقول النبي صلى الله عليه وسلم:
"بينما كلب يطيف* بركية* قد كاد يقتله العطش إِذ راته بغي من بغايا بني إِسرائيل، فنزعت موقها*
فاستقت له به فسقته، فغفر لها به" -متفق عليه-.بالنية الصادقة تنال ثواب العمل وِِإِن لم تعمل
 
الكرم من صفات رب العالمين، والعبد إِذا أحسن القصد ولم تتهيأ له أسباب عمل الصالحات،
فإِنه يؤجر على ذلك الفعل وِإن لم يعمله كرما من الله وفضلا،
يقول جابر بن عبدالله رضي الله عنه:
كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة فقال:
"إِن بالمدينة لرجالا ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إِلا كانو معكم حبسهم المرض"
وفي رواية:
"إِلا شركوكم في الأجر"
-رواه مسلم-

ورواه البخاري عن أنس قال: رجعنا ن غزوة تبوك مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
"إن أقواما خلفنا بالمدينة ما سلكنا شعبا ولا واديا إلا وهم معنا حبسهم العذر" .


ويقول النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل الذي لا مال عنده وينوي الصدقة
ويقول:
لو أن لي مالاًًًً لعملت بعمل فلان،
قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم:

"فهو بنيته فأجرهما سواء"
-رواه الترمذي، وقال حديث حسن صحيح-


وفي صحيح البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما عن
النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى قال:
"إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك فمن هم بحسنة فلم يعملها
كتبها الله عنده حسنة كاملة و إن هم بها فعملها كتبها الله عشر حسنات
إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة".

فالمسلم يجعل نيته في كل خير قائمة،
يقول عمر ابن الخطاب رضي الله عنه:
"أفضل الأعمال صدق النية فيما عندالله " .
ومن سره أن يكمل له عمله فليحسن نيته، فإن الله يأجر العبد
إذا حسنت نيته حتى باللقمة.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم:
" ولست تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى اللقمة
تضعها في فيّ امرأتك".
-متفق عليه-

يقول زبيد اليامي:
" انو في كل شيء تريد الخير حتى خروجك إلى الكناسة".
ويقول داود الطائي:
" رأيت الخير كله إنما يجمعه حسن النية".
وكان السلف الصالح يحثون على حسن النية في كل أمر صالح،

يقول يحيى بن كثير:

"تعلموا النية فإنها أبلغ من العمل".
العمل الصالح لا يقبل إلا بالإخلاص، وبدون إخلاص يرد العمل ولو كثر،
والإخلاص مانع بإذن الله من تسلط الشيطان على العبد
قال سبحانه عن إبليس:
(قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُم الْمُخلَصِينَ)
[ص:82-83]


والمخلص محفوظ بحفظ الله من العصيان والمكاره،
قال سبحانه عن يوسف عليه السلام:
(كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَآءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) [يوسف:24]
وبالإخلاص رفعة الدرجات وطرق أبواب الخيرات،

يقول النبي صلى الله عليه وسلم:
"إنك لن تخلف فتعمل عملا تبتغي به وجه الله إلا ازاددت به درجة ورفعة". -متفق عليه-
في الإخلاص طمأنينة القلب وشعور بالسعادة وراحة من ذل الخلق.

يقول الفضيل بن عياض:
"من عرف الناس استراح"
إذا عرف أنهم لا ينفعونه ولا يضرونه استراح من الناس.
كيف أكون مخلصا لله في جميع أعمالي؟

الشيطان يتعرض للإنسان ليفسد عليه أعماله الصالحة، ولا يزال المؤمن في
جهاد مع عدوه إبليس حتى يلقى ربه على الإ يمان بربه وإخلاص جميع
أعماله له وحده،
ومن أهم عوامل الأخلاص:

1-الدعـاء:
الهداية بيد الله والقلوب بين أُصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء،
فالجأ إلى من بيده الهداية وأظهر إليه حاجتك، وفقرك، واسأله دوماً الإخلاص
وقد كان أكثر دعاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
"اللهم اجعل عملي كله صالحاً، واجعله لوجهك خالصاً، ولا تجعل لأحد فيه شيئا".


2_إخفـاء العمل:
كلما استتر العمل مما يشرع فيه الإخفاء كان أرجى للقبول وأعز في الإخلاص،
والمخلص الصادق يحب إخفاء حسناته كما يحب أن يخفي سيئاته؛
لقوله عليه الصلاة والسلام:
(سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله،
ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه،
ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة
فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه". -متفق عليه-
يقول بشر بن الحارث:
" لا تعمل لتذكر، اكتم الحسنة كما تكتم السيئة".

وقد فضلت نافلة صلاة الليل على نافلة النهار واستغفار السحر على غيره؛
لأن ذلك أبلغ في الإسرار وأقرب إلى إلاخلاص.

3- النظـر إلى أعمال الصالحين ممن هم فوقك:
في أعمالك الصالحة لاتنظر إلى أعمال رجال زمانك ممن هم دونك في المسابقة
إلى الخيرات، وتطلع دائماً إلى الإقتداء بالأنبياء والصالحين
يقول سبحانه:
(أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّـهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ۗ )[الأنعام:90]


واقرأ سير الصالحين من العلماء والعباد والنبلاء والزهاد، فهو أرجى
لزيادة الإيمان في القلب.

4-احتقـار العمـل:
آفة العبد رضاه عن نفسه، ومن نظر إلى نفسه بعين الرضاء فقد أهلكها،
ومن نظر إلى عمله بعين العجب قلَّ معه الإخلاص، أو نزع منه
أو حبط العمل الصالح بعد العمل،

يقول سعيد بن جبير:
"دخل رجل الجنة بمعصية، ودخل رجل النار بحسنة، فقيل له: وكيف ذلك؟
قال: عمل رجل معصية فما زال خائفاً من عقاب الله من تلك الخطيئة
فلقي الله فغفر له من خوفه منه تعالى، وعمل رجل حسنةً فما زال معجباً
بها ولقيَ الله بها فأدخله النار".


5- الخـوف من عـدم قبـول العمـل:
كل عمل صالح تفعله احتقره وإذا عملته كن خائفاً من عدم قبوله.
ولقد كان من دعاء السلف
"اللهم إنا نسألك العمل الصالح وحفظه"

ومن حفظه عدم العجب والفخر به؛ بل يبقى الخوف من عدم قبوله معلقاً،
يقول سبحانه:
(وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا
بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّـهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ
لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) [النحل:92]

وروى الإمام أحمد والترمذي أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت:
"يارسول الله:
(وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَآ ءاتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ) [المؤمنون:60]
هوالذي يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو يخاف الله عز وجل؟
قال:
"لا يابنت أبي بكر الصديق، ولكنهم الذين يصلون ويصومون
ويتصدقون وهم خائفون ألا يتقبل منهم".

قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى:
(وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَآ ءاتَوا.....) [المؤمنون:60]
"أي يعطون العطاء وهم خائفون وجلون أن لا يتقبل منهم؛ لخوفهم أن يكونوا
قد قصروا في القيام بشرط الإعطاء".
والإخلاص يحتاج إلى مجاهدة قبل العمل وأثناءه وبعده.

6-عـدم التأثـر بكـلام الناس:
الرجل الموفق هو الذي لا يتأثر بمدح الناس فإذا أثنوا عليه خيراً
إن فعل طاعة لم يزده ذلك إلا توضعاً وخشيةً من الله، وأيْقَنَ بأن
مدح الناس له فتنة، فدعا ربه أن ينجيه من هذه الفتنة، فليس
أحد ينفع مدحه ويضر ذمه إلا الله، وأنزل الناس منزلة أصحاب
القبور في عدم جلب النفع لك ودفع الضر عنك،

يقول ابن الجوزي:
"ترك النظر إلى الخلق ومحو الجاه من قلوبهم بالعمل وإخلاص القصد
وستر الحال وهو الذي رفع من رفع".

7_استصحاب أن الناس لايملكون جنةً ولا ناراً:
إذا شعر العبد بأن الذين يرائي لهم سوف يقفون معه في المحشر
خائفين عارين أدرك أن صرف النية لهم في غير محله حيث لم يخففوا
عنه وطأة المحشر؛ بل هم معه في ذلك الضنك، فإذا علمت ذلك أن إخلاص
العمل حقه أن لا يصرف إلا لمن يملك جنةً وناراً.

فعلى المؤمن أن يوقن بأن البشر لا يملكون جنةً يقدمونك إليها،
ولا قدرة لهم على إخراجك من النار لو طلبت منهم إخراجك منها؛
بل لو اجتمع البشر كلهم من آدم إلى آخرهم، ووفقوا خلفك،
لما استطاعوا أن يقدموك إلى الجنة ولو بخطوة واحدة،
إذاً لماذا ترائي البشر وهم لا يملكون لك شيئاً؟


قال ابن رجب:
"من صام وصلى وذكر الله، ويقصد بذلك عرض الدنيا، فإنه لا خير
له فيه بالكلية؛ لأنه لا نفع في ذلك لصاحبه؛ لما يترتب عليه من
الإثم فيه ولا لغيره". أي ولا نفع فيه أيضاً لغيره.

ثم إن الذين تزين عملك لهم من أجل أن يمدحوك لن تُحَصِّلَ مُرادَك منهم؛

بل إنهم سوف يذمونك، وتفضح عندهم، ويُلْقى في قلوبهم بغضك،
يقول عليه الصلاة والسلام:
"من يرائي يراء الله به" -راوه مسلم-

أما إذا أخلصت لله أحبك الله وأحبك الخلق،
قال سبحانه:
(إِنَّ الَّذِينَ ءامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَـنُ وُدًّا) [مريم:96] أي محبة.

8-تذكـر أنك في القبر بمفـردك:
النفوس تصلح بتذكر مصيرها، وإذا أيقن العبد أنه يوسد اللحد منفرداً
بلا أنيس، وأنه لا ينفعه سوى العمل الصالح، وأن جميع البشر لن
يرفعوا عنه شيئاً من عذاب القبر، وأن الأمر كله بيد الله،
حين ذاك يوقن العبد أنه لا ينجيه إلا إخلاص العمل لخالقه وحده جل وعلا.

يقول ابن القيم:
"صدق التأهب للقاء الله من أنفع ماللعبد وأبلغه في حصول استقامته،
فإن من استعد للقاء الله انقطع قلبه عن الدنيا وما فيها ومطالبها"........................يتبع...................... يتبع..................