المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : { بدلوا نعمة الله كفرا .. } (16)


سعيد شايع
09-05-2011, 04:31 AM
فيما أظنه وأعتقده
إن يقيننا راسخ بأن عاقبة الطغاة
ذل في الدنيا قبل عذاب الآخرة
والواقع خير شاهد
وفي المقابل نقول لأنفسنا وللذين يكابدون قساوة الظلم والطغيان والكبت غيره
بُشـراكم النصـر والفرج ، وستنصفون عند العلي الأعلى فهو لأوليائه الصابرين وليا وهاديا ونصيرا
{ وكفى بربك هاديا ونصيرا }
وهو النصيرٌ لأنصار دينه وأتباع رسله
{ فنعم المولى ونعم النصير }
وقد كتب الغلبةَ قدراً لمن انقادوا له شرعاً
{ كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ }
ولذا ينبغي أن نتراحم مع إخواننا ، وأن نعيش معهم بقلوبنا ودعائنا لهم بالنصـر ، وأن نعتصم
بحبل الله جميعا { وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } ولنكن جميعاً على
حذر من التغيير والتبديل في الثوابت الشـرعية
فإن ذلك يستجلب أنواعاً من التبديلات القدرية
{ وَإن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ }
وأخيراً: اذكر نفسـي وإخواني الغرباء في تمسكهم بدينهم ، والصادقين في استقامتهم
والداعين لهذا الدين الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله ، والحامين للحمى
الذين يسعون للحفاظ على آمن البلاد ، أن النصر مع الصبر ، كما قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ
" إن النصـر مع الصبر ، والفرج مع الكرب ، وإن مع العسـر يسـراً "
ولعل الله أن يخلق في ضعفنا وهواننا على الناس قوة للدين ، ويردّ بدعائنا وعباداتنا ودعوتنا
كيد العادين ، وبغي الباغين وظلم الظالمين ، فبالصبر واليقين .. ننال موعد الإمامة في الدين
{ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ }
يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ
( سر عجيب في قوله تعالى { يهدون بأمرنا }
ليعلم أن هدايتهم بما أمر به ـ سبحانه ـ على لسان رسوله ، لا بمقتضـى عقولهم وآرائهم
وسياساتهم وأذواقهم وتقليد أسلافهم بغير برهان من الله ، لأنه قال { يهدون بأمرنا } )
وما على الدعاة والعلماء إلا أن يأخذوا بزمام شباب الأمة ليعودوا من قريب فيعتزوا بدينهم
وأن يأخذوا بأسباب النصـر الممكنة مع الثقة الصادقة بالله والتوكل عليه ، وإقامة حدود الله
والاهتمام بإحياء شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الجاتمعات كل بحسب دوره
ومكانته وأسلوبه ، والاعتصام بحبل الله ، والاجتماع على الحق ، وعدم شق عصـى الطاعة
لولاة الأمر الشرعيين حتى يتحقق وعد الله بنصـر هذه الأمة وتأييدها ، بل إنه يجب الوقوف معهم
بالدعاء والتوفيق والاستجابة لما يرونه صالحا ، فإن مما يغيض الأعداء أن يرون مجتمعين متفقين
متعاضدين ، ووعد الله متحقق في إهلاك الظالمين والمجرمين والمفسدين
ولكن لا بد من الاختبار والتمحيص
{ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانتَصَـرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ }
وعلى العقلاء منا إذا رأوا دبيب الفساد في الشباب والمجتمع أن يبادروا للسعي إلى بيان ما سيحل
بالناس.. وأن يكشفوا لهم كيف كان إهلاك السابقين! لقد كان بعدم إصلاحهم ونهيهم عن الفساد
قال الله ـ تعالى ـ { فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقية ينهون عن الفساد في الأرض }
قال السعدي ـ رحمه الله ـ في هذه الآية
( في هذا حث للأمة أن يكون فيهم بقايا مصلحون لما أفسد الناس ، قائمون بدين الله يدعون من
ضل إلى الهدى ، ويصبرون منهم على الأذى ويبصرونهم من العمى ، وهذه الحالة أفضل حالة يرغب
فيها الراغبون ، وصاحبها يكون إماما في الدين إذا جعل عمله خالصا لرب العالمين )
أفلا تريد ـ أخي الحبيب ـ أن تكون بقية من بقايا الصالحين والمصلحين في المجتمع؟!
بلى إنك تريد .. لكن يحتاج ذلك منك إلى مشروع ونهضة وتجديد منك أنت فتحمل هم
ما يحمله الدعاة والمصلحون ، من تغير واقعك أنت فتقوم بالحق في نفسك فتبتعد أنت
عن الضلال ، وتصيب الحق والهدى فتصبح علامة شامخة في واقع الناس
والواقع الشخصي الذي يشاهده الناس هو عنوان ذلك المشروع والتجديد والتغيير
وهو الذي يعبر بجلاء عن صدق وصفاء واستقامة ، ولهذا كان أسمى ما يرتديه الداعية أمام
نفسه وأمام الناس رداء الصدق والوقار والعمل بما يعلم
كل منا يسأل نفسه ويقول ما نصيبي من هذا الدعاء؟
{ واجعلني للمتقين إماما }
إذا طلبت هذا بصدق جاء ، ولا ينبغي أن نخفي جوانب القدوة في شخصياتنا ونقول هذا
من باب الإخلاص والاستتار بالعمل ـ وهو مقصد صالح ـ إلا أن من المقاصد الصالحة ذات
النفع المتعدي كذلك: إظهار العمل الصالح من أجل أن يقتدي بك الآخرون ، وخاصة لمن كان
في مقام التوجيه والتربية ، كالأب والأم والمعلم والقائد والذي له الجاه والمكانة عند الناس
مع مجاهدة النفس على دفع الرياء والكبر والإعجاب ، فتستخدم نعمة الله عليك فيما يحبه ويرضاه
فلا تكن ممن بدلوا نعمة الله فاستخدموها في غير محلها.

أبو عساف
09-05-2011, 04:48 PM
شكرا لك أخي الكريم على هذه السلسله من المواعظ الطيبه والنيره لمافيه

الصالح العام

جزيت خيرا ودعواتي لك بالتوفيق والسداد

تقبل ودي وتقديري

سعيد شايع
29-06-2011, 01:57 PM
مرور مقبول .. ومشكور على ما كتبته