تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : { بدلوا نعمة الله كفرا .. } (3)


سعيد شايع
25-04-2011, 03:53 AM
والآن نقف متدبرين متأملين لآية عظيمة ، قال الله تعالى فيها
{ ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار جهنم يصلونها وبئس القرار
وجعلوا لله أندادا ليضلوا عن سبيله قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار }
ألم تر إلى هذا الحال العجيب .. حال الذين وهبوا نعمة الله ممثلة في هذا القرآن العظيم
ثم في سنة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ نعمة تدعوا إلى الإيمان والمغفرة
ثم إلى جنة عرضها السموات والأرض. . والله إنها لأعظم نعمة ، قال الله عنها
{ اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون }
يئسوا أن يبطلوه أو ينقصوه أو يحرفوه ، لماذا؟
لأن الله كتب له الكمال وسجل له البقاء
رغم ما كاد أعداؤه له ابتداء من المنافقين وعلى عمق جهالة أهله به في بعض العصور
إلا أن قوة الإسلام وتوسعه الله على أهله وإعزازهم موجود في طائفة منصورة ، تعرف هذا الدين
وتعمل به وتناضل من أجله ويبقى فيها كاملا مفهوما قولا وعملا ، حتى تسلمه إلى من يليها
صدق الله وعده في يأس الذين كفروا ومكر الذين مكروا ، وظلم الذين ظلموا ، وفشل الذين يصدون عن سبيل الله
فكان المؤمنون أجدر بأن يرضون ما رضيه الله لهم ، فلا يبالوا بالمخالفين والمخذلين
بل يتخذون هذا الدين كله منهجا للحياة كلها ، وكلما مر بهم يوم عرفة تذكروا تلك النعمة التي
نزلت بها الآية المبينة لما بقي من الأحكام التي أبطل بها الإسلام بقايا مهانة الجاهلية وخبائثها وأوهامها
والمبشرة بظهور المسلمين على المشركين ظهورا تاما لا مطمع لهم في زواله ولا حاجة معه إلى
شيء من مداراتهم أو الخوف من عاقبة أمرهم ، قال تعالى
{ اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا }
قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ
( أخبر الله نبيه والمؤمنين أنه قد أكمل لهم الإيمان فلا يحتاجون إلى زيادة أبداً , وقد أتمه فلا ينقص أبداً
وقد رضيه فلا يسخطه أبداً )
وقال البيضاوي ـ رحمه الله ـ في قوله { اليوم أكملت لكم دينكم } ( بالنصر والإظهار على الأديان كلها
{ وأتممت عليكم نعمتي } قال: بالهداية والتوفيق )
أخي المسلم: لا تجد في السنة أمراً إلا والقران قد دل على معناه دلالة إجمالية أو تفصيلية
وقد فسرت عائشة ـ رضي الله عنها ـ ذلك بأن خلق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ القرآن واقتصرت
في خلقه على القرآن , فدل على أنه قوله وفعله واقراره راجع إلى القرآن , لأن الخلق محصور
في هذه الأشياء ، ولأن الله جعل القرآن تبياناً لكل شيء ، فيلزم من ذلك أن تكون السنة
حاصلة فيه في الجملة , فالسنة إذن في محصول الأمر بيان لما فيه , وذلك معنى كونها راجعة إليه
وجملة القول: أن الله أكمل الدين بالقرآن وبيان نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ للناس ما نزل إليهم فيه
ما صح من بيانه لا يعدل عنه إلى غيره ، وما بعد سنته نور يهتدي به في فهم أحكامه
ما فعله أصحابه ـ رضي الله عنهم ـ من بعده وساروا على هديه ، وممن تبعهم في هداهم
فمن رغب عن سنتهم ضل وغوى , ولم يسلم من أتباع الهوى.
تابع معي .. سلسلة { بدلوا نعمة الله ... }.

ابن عياف
26-04-2011, 08:06 AM
السنة طريق واضح وصريح

أسأل الله ان يهدينا إليها

تقبل تحياتي

مقبل السحيمي
28-04-2011, 08:31 AM
وأعجبني شيخ سعيد كذلك ماذكره المراغي رحمه الله في تفسيره

حيث قال :

عدّد سبحانه الأسباب التي أوقعت هؤلاء الأشقياء ومن شايعهم في سوء المنقلب وحصرها في ثلاثة:

(1) (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا) أي ألم تعلم وتعجب من قوم بدّلوا شكر النعمة غمطا لها وجحودا بها، كأهل مكة الذين أسكنهم الله حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء وجعلهم قوّام بيته، وشرّفهم بإرسال رسوله محمد صلى الله عليه وسلم من بينهم، فكفروا بتلك النعمة فأصابهم الجدب والقحط سبع سنين دابا وأسروا يوم بدر، وصفّدوا في السلاسل والأغلال، وقتل منهم العدد العديد من صناديدهم ورجالاتهم ممن كانوا يضنّون بهم ويحتفظون بمواضعهم ليوم كريهة وسداد ثغر.

(وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ) أي وأحلوا من شايعهم على الكفر دار الهلاك الذي لاهلاك بعده.

ثم بين هذه الدار فقال:

(جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ) أي هذه الدار هي جهنم دار العذاب التي يقاسون حر نارها، وبئس المستقر هي لمن أراد الله به النكال والوبال.

(2) (وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدادًا) أي واتخذوا الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي ليس كمثله شيء - أندادا وشركاء من الأصنام والأوثان، أشركوهم به في العبادة كما قالوا في الحجّ: لبيك لا شريك لك، إلا شريكا هو لك، تملكه وما ملك.

(3) (لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ) أي لتكون عاقبة أمر الذين شايعوهم على ضلالهم، الصدّ والإعراض عن سبيله القويم ودينه الحنيف، والوقوع في حمأة الكفر والضلال.

ولما حكى الله عنهم هذه الهنات الثلاث، تبديل النعمة، واتخاذ الأنداد والأمثال، وإضلال قومهم، أمر نبيه أن يقول لهم على سبيل التهديد والوعيد: سيروا على ما أنتم عليه، فإنه لا فائدة في نصحكم وإرشادكم والعاقبة النار.

(قُلْ تَمَتَّعُوا) أي تمتعوا بما أنتم فيه سادرون مما سيؤدى بكم إلى مهاوى الهلاك، من الكفران وعبادة الأوثان والأصنام والسعي في إضلال الناس والصد عن سبيله.


طرح جميل الله يسعدك ولك مني كل المحبة والتقدير

سعيد شايع
28-05-2011, 03:24 PM
أشكركما على مروركما
وقد زدتنا يا أخي مقبل
نورا بهذه الإضافة الجميلة
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه