المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قف بالرهيّة !!!


ثامر صالح
11-04-2011, 04:43 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لعلّ أصعب ما تعانيه النفس وما يُثقل كاهلها هو الخوف من عدم تحقيق أمانيها وإدراك مُبتغاها,
ولاسيما إن كانت تلك الأماني قد قرُب نوالها فكانت قاب قوسين أو أدني من حيازتها.
فتصبح عندئذٍ ( كسرابٍ بقيعةٍ يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئا).

أو أنها مثل حال ذلك الذي سار في صحراء قاحلة فأنهكه المسير وخارت قواه وكاد يقتله
العطش ولكنه مازال يسير ويحمل نفسه ويحثها لمواصلة المسير حتى وصل إلى ساحل بحر
فانكبّ على مائهِ يشرب ويشرب لكنه أدرك عند تلك اللحظة وعلم يقيناً أنّ ماء البحر لم يزده
إلا عطشاً فأدركه الموت من ساعته بعد أن ظنّ أنّه بلغ غايته .

أرأيتِ يا نفسي أنّك تسيرين في دجى ليلٍ أسحمٍ بهيم!
وبعد أن قطعتِ مراحل في ذلك الليل خبأ ضوء سراجكِ الذي كان يضيء لكِ الطريق .
فما الذي أخبأ ضياء ذلك السراج المتوهج ؟
وكيف السبيل إلى إعادة توقده وتوهجه ؟
أتراه قد ملّ صُحبتي !
أم أنّ أحداً غيري حلّ في مكاني واستقر في قراري وأخذ سراجي!
أم أنّي أصبحتُ من زرعٍ قد آن حصاده وليس له من ماء من كان يُسقيه حتى استقام ساقه
وصلُب عوده ولو نغبةٌ من ماءٍ لعلها تكون عرق الحياة لذلك الزرع الذي يبس وما كان يبوسه
إلا من قلّة الرّي !

أم أنّ النفوس تغيّرت والأهواء تبدّلت والقلوب انتكست والعقول انعكست!
إن كان كذلك فلن يكون قولي إلا

واهاً لآمالٍ طالما خفت ألا تتحقق
واهاً لدمعٍ سكبته العين على صفحة الخدين فترقرق
واهاً لأيامٍ نحتُ في أرضها نهراً من الحب فتدفق
واهاً على قلبٍ كثيراً ما عانى وتشوّق
واهاً على عقلٍ طالما فكر فيها وتعمّق
واهاً على قلمٍ راح يكتب في حُسنها وتحذلق
واهاً على الصبابة والوجد واللوعة أعيت كل أديبٍ يتشدّق

خطراتٌ سرت في ليلٍ أسحمٍ لاتدري أين المسير وإلى أين المُنتهى !
زفراتٌ تخرج من بين الأضلع يكاد الصدر ينشق منها ولا يجبر!
آهاتٌ تُخرج المكنون من صميم القلب إلى الواقع المتلبد !

هذا هو حال إنسانٍ سُلب لبه وذهب عقله فتغيرت أحواله , فعانق الجنون بعد أن كان سيداً للعاقلين

وارتمى في أحضان الهوى ونهل من عذب رضابه وعلّ من صافي شهده , فكان جزاءه :

أن قُتلت آماله وخابت ظنونه!
فخرّ صريعاً لجرانه!
يبكي أحزانه!
ويشكو هجرانه !
ويألم على حرمانه!

عند ذلك خطر بباله قول القائل عند الصباح يحمد القوم السرى وعند الممات يحمد المرء التقى .

قلتُ شعراً :


قف بالرّهيّةِ إن أردتَ شفائيا *** واذرف على الأطلالِ دمعاً وافيا

إنّ الدموعَ إذا أتت من صادقٍ *** شفتِ الجراحَ وأذهبت أحزانيا

فأنختُ في سندِ الغروسِ مطيتي *** فغدوتُ أرقبُ ما أراهُ حواليا

فعميتُ عنها لم أكد أعرف بها *** شيئاً وكنتُ بها خبيراً هاديا

فبكيتُها وبكيتُ أياماً مضت *** مضتِ السنونُ مع الشهور تواليا

يا حبذا الأيامُ ترجعُ قهقرا *** يا حـبذا برقٌ يكــونُ يمانـــيا

ولقد ذكرتُ من النساءِ سواحراً *** ونواعساً ونواعماًً وغوانيا

وكواعباً ونواهداً وفواتراً *** وفــواتناً ودواعـجاً وعـذاريا

هنّ البدورُ فسل عليهنّ السما *** تجدِ السماءَ بنورهنّ تباهيا

من بينهنّ أميرةٌ ومليكةٌ *** شمسٌ تصيرُ لها البدورُ مواليا

يممتُها ونظرتُ فيها نظرةً *** لم تبقِ لي عقلاً سديداً واعيا

إنّ الهوى ملك القلوبَ وما أرى *** غيرَ التي ملكت عليّ فؤاديا

أقسمتُ بالله العظيمِ بأنّها *** تسبي العقولَ مع القلوبِ سواسيا

فكأنني في بحرِ خمرٍ غارقٌ *** أمـواجهُ تـطغى على أمواجـيا

قالت وهل يهواكَ مثلي أيها *** الشبلُ المربى في الأسودِ الضاريا

ويكادُ يقتلكَ الحنينُ فلا ترى *** في الناسِ حباً هائـماً متـفانــيا

قلتُ ادركيني لا تزيدي لوعتي *** فالقلبُ قلـبي والحـياةُ حياتــيا

إن لم يكن لي من وصالكِ ساعةٌ *** أدركتُ حتفي في فلاةٍ خاليا

قالت رعاكَ اللهُ أين الملتقى *** هلّا حـزمتَ الأمرَ قبلَ سـؤاليا

أفديكَ يا نفـسي بكلِ كريمةٍ *** أنـتَ الكريمُ ولـيس شــيءٌ غاليا

و لقد سكرت وما سكرت بخمرة *** لكن تجرعت المدام أمانيا

ثم انتبهت وما رأيتُ من الذي *** أمـّلتـُهُ إلا قـليـلاً فانــيا

هل ندركُ الدنيا وندركُ شأوها *** أم هل نريدُ مـع الـفراقِ تلاقـيا

أظمتني الدنيا فقلتُ لها اذهبي *** لا منهلٌ عذبٌ فيروي الصاديا

مثلُ البحارِ فإن شربت مياهها *** لرجعتَ ظمآناً ولستَ الـرّاويا

أو مثلُ برقٍ في سحابٍ خلّبٍ *** يُعطيكَ ضوءاً ثم يجفلُ غــاديا

أو قل سرابٌ في صحارٍ كـاذبٌ *** ويظنهُ الظمآنُ نهراً جـاريا

فإذا أتاهُ لم يجد شيئاً بها *** طالُ المسيرُ وخابَ سعي الساعــيا

هذي هي الدنيا وهذا حالها *** فافطن لها يا صاحِ واعلم ما هيا

غـــرارةٌ خــدّاعــةٌ في وصلها *** تـُدني البعيدَ ولا تـُطيقُ الدانيا

فإذا ركنتَ لو صلها وعناقها *** جعلـتكَ عبـداً في الشـقاوةِ باكيا

بالله هل ترضى تعيشُ معذّباً *** أم هل تكونُ بعــيشِ ذلِ راضيا

واللهِ لا أرضى حياةَ الذلِ بل *** إني على الأشواكِ أمــشي حافيا

حتى أصيرَ إلى العلا في عزةٍ *** وأكونَ في العلياءِ نـجماً عالـيا

فارفع لواءِ العزِ واستمسك بهِ *** لا تـركـنـنّ ولا تـكن مــتوانــيا

وإذا عريتُ من الفضائلِ فالتمس *** قبراً وكن في بطنِ أمكِ ثاويا

وإذا أردت لي الحياة وصفوها *** قف بالرهية إن اردت شفائيا

الرّهية بتشديد الراء والياء: وادِِ
سند الغروس : موضع في ذلك الوادي

نظم ورقم: سعيد بن صالح بن علي الحمدان
غفرالله له ولوالديه ولجميع المؤمنين والمؤمنات

أبو عساف
11-04-2011, 11:17 PM
إنّ الدموعَ إذا أتت من صادقٍ *** شفتِ الجراحَ وأذهبت أحزانيا


لاهنت ياثامر على النقل

وصح لسان سعيد بن صالح

ولاتحرمنا الجديد

تقبل ودي وتقديري

ثامر صالح
01-06-2012, 07:04 AM
شكرا لك