المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كــيــف نــحــن والــســنـــن ؟؟!!


سعيد شايع
20-02-2011, 05:47 AM
أخي المسلم
إن من أعظم العبر وأشدها وقعا على النفس التغير المفاجئ للأحوال
ومن تفكر في تتابع السنن فهم أنها سنة لن تتبدل ولن تتحول وهناك سنن للتغيير لا يمكن
للمرء أن يتجاوزها ، ولا يمكن أن يحصل هذا التغيير دون وقوعها ولذلك قال تعالى:
{ سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا }
فإذا كنا نبحث عن تطوير أنفسنا لا بد أن نقرأ أو أن نسأل عن هذه السنن لنبدأ التغيير ، ولذا علق
القرطبي ـ رحمه الله ـ على خاتمة قصة نوح ـ عليه الصلاة والسلام ـ مع قومه بقوله سبحانه:
{ وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين}
فقال ( لما تواضع الجودي وخضع عز ، ولما ارتفع غيره واستعلى ذل ، وهذه سنة الله في خلقه
يرفع من تخشع ، ويضع من ترفع ).
فيا أخي الحبيب انظر كيف الليل يعقبه النهار ، والتوحيد يعقبه الشرك ، والتمكين إذا فقدت
مقوماته يعقبه الذل والهوان والخزي والغنى يعقبه الفقر إذا فرط في الشكر
سنة الله في الخلق:
أن أهل الحق في جنب أهل الباطل قليل لقوله تعالى:
{ وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين }
وقوله: { وقليل من عبادي الشكور }
ولينجز الله ما وعد به نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ من عود وصف الغربة إليه فإن الغربة لا تكون إلا مع فقد
الأهل أو قلتهم وذلك حين يصير المعروف منكرا والمنكر معروفا وتصير السنة بدعة والبدعة سنة كما قال الشاطبي.
وكثير من الناس قد فرحوا بالحياة الدنيا ولم يتطلعوا للآخرة ، والمتأمل لهذه الحياة ، وما يجري فيها
من تحركات وتقلبات وحوادث وغيرها ، وينظر إلى نهايتها ومآلها، لَيستيقن أنها متاع قليل يتمتع به
الإنسان برهة ثم ينقطع ويفنى ، فالدنيا ما عِيبت بأكثر من ذكر فنائها، وتقلب أحوالها
فتتبدل صحتها بالسقم
ووجودها بالعدم
وشبابها بالهرم
ونعيمها بالبؤس
وحياتها بالموت
وعمارتها بالخراب
واجتماعها بفرقة الأحباب
ولقد جاء الحديث عنها وعن حقيقتها في كثير من الآيات والأحاديث، فوصفها القرآن بعدة أوصاف
وضرب لها عدة أمثلة قال الله
{ وما أوتيتم من شي فمتاع الحياة الدنيا وزينتها وما عند الله خير وأبقى أفلا تعقلون }
وقد ثبت في صحيح مسلم عن نبينا ـ عليه الصلاة والسلام ـ أنه ضرب لهذه الدنيا مثلاً بليغاً ليبين
لأمته مقدارها فقال"و اللهِ ما الدُّنْيَا في الآخِرَةِ إِلاَّ مِثْلُ مَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ إِصْبَعَهُ في الْيَمِّ فَلْيَنْظُرْ بِمَ يَرْجِعُ "
فيا أخي المسلم خذ بوصية حبيبك ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذ يقول
" كُنْ في الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ ، أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ "
فإن فيها أحداث وتغيرات سريعة ومتلاحقة ، انشغل كثير منا بمتابعتها والحديث عنها
أنواع من التحليلات والنكت والتعليقات
تبادل بالرسائل والاتصالات والإيميلات
تعصب وخصومة وجدل
ما يدل على فساد في التربية ، وضعف في الإيمان ، وهشاشة في العمل ، وقلة في العلم
أخي الحبيب: لا نستطيع أن نعيش خارج واقعنا ، ولا يمكن لمن يسعى لسلامة المجتمع وإصلاحه
أن يتجاهل الواقع وتداعياته ، بل إنها تفرض علينا أن نعايشها ونعيها ، فهي تكشف لنا كثيراً من الثغرات
وجوانب الخلل في انتمائنا لديننا وأدائنا العملي، وقد تنقلنا إلى واقع آخر مما يفرض علينا المراجعة
والمحاسبة والمطلوب..أننا بحاجة للحكمة والاتزان ، وللوعي والهدوء ، وإلى أن نعيش واقعنا بفقه ودراية
وسعة نظر وإدراك لما يجري، حتى يمكننا ودون ضوضاء مزعجة أن نحدد الجرح، ونضع الدواء المناسب عليه
ثم نحيطه بأفكار وعمل تسارع في بُرْئه أو التخفيف من ألمه، فتسلم أجزاء أخري فلا يطولها
الضرّ أو يغشاها البلاء ، إن فقه التعامل مع الحدث وحُسن إدارة الأزمة جزء من حلها
والتخفيف من أثرها ، والجهل والقلق والتهور يزيد من تأزم الأزمة ، إن النظر والتأمل في الكتاب والسنة
يعطي النفس وضوحاً في الرؤية وبُعْداً في النظر وحكمة في التعامل ، وقد قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ
" تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً: كتاب الله وسنّتي "
وفي الحديث الآخر قال عليه الصلاة والسلام
" من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين
عضوا عليها بالنواجذ " أي: الأضراس
فهناك اختلاف كثير ، وطوق نجاة واحد
" سنتي وسنة الخلفاء.."
فالعواصف شديدة والساقطون كثير ، فلا يكفي للسلامة إلا العض على طوق النجاة
بآخر الأسنان التي هي أقواها طلبا للاستمساك ، وتصبرا على المشاق كفعل المتألم عند الوجع
لقد عايش النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعايش معه أصحابه ومن بعدهم أحداث وأزمات كثيرة
فكيف كان المخرج منها؟
كيف كان تصرُّفه وتعامله مع ما يقع؟
إن هذا الذي ينبغي أن نتابعه ونحلله ونقرأ عنه
ونتبادل الحديث والرسائل فيه
والحاجة اليوم ماسّة إلى فن في التعامل مع حدث حاصل
أو التنبّه المبكر لأزمة متوقعة.

هادي فارس السنحاني
21-02-2011, 07:16 AM
جزاك الله خيرا اخوي سعيد كلام رائع

أبوسعد العبيدي
26-02-2011, 05:23 AM
بيض الله وجهك يبو شايع ..

ابن شنان العاشر
06-03-2011, 11:25 AM
جزاك الله خير

سعيد شايع
23-03-2011, 05:00 AM
أشكر لكم مروركم وتعليقكم