تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : هــذا يــوم عــرفــة ... فــمــوتــوا بــغــيــظــكــم! (2)


سعيد شايع
14-11-2010, 12:59 PM
ومما أكد عليه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في خطبته يوم عرفة:
حتمية المخالفة لما كان عليه أهل الجاهلية لذا قال:
" ألا إن كل شي من أمور الجاهلية تحت قدمي موضوع "
ألا فليمت دعاة الجاهلية بغيظهم
فإن أصحاب الفطر السليمة
والقلوب النقية من النفاق
وأصحاب العقول السوية
لا يقبلون ما يقوم به دعاة الجاهلية
ومسمى الجاهلية يا ـ أخي المسلم ـ يعني أن يكون الأمر إسلاما أو لا يكون , لذا جاء الاستفهام
للإنكار والتعجب المتضمن للتوبيخ في آية نصها
{ أفحكم الجاهلية يبغون }؟
والمعنى: أهم يطلبون حكم الجاهلية ويؤثرونه على حكم الله؟
كأنك تراهم يطلبونه بتوليهم وإعراضهم عن العمل بالكتاب والسنة , ومن لم يعمل بهما فلا شك أنه
سيعمل بأعمال الجاهلية , وحكم الجاهلية هو الذي يمكن الظالمين الأقوياء من استذلال أو استئصال الضعفاء
ولفظ ( الجاهلية ) جاءت في القرآن في أربع كلمات:
{ حكم الجاهلية }
{ ظن الجاهلية }
{ تبرج الجاهلية }
{ حمية الجاهلية }
فالأول: يأتي من فساد النظم
والثاني: من فساد التصورات والمشاعر
والثالث: من فساد اللباس لدى المرأة
والرابع: من العصبيات والموروثات الفاسدة
ولتعلم ـ أخي الحبيب ـ أن الجاهلية ليست فترة محدودة من الزمن , ولكنها وضع من الأوضاع
وهذا الوضع يوجد بالأمس , ويوجد اليوم , ويوجد غدا , وكأنك تراها اليوم جاهلية واضحة مقابلة للإسلام الواضح
مناقضة له , والناس في كل زمان إما أن يعيشوا مع منهج الإسلام , وإما أن يعيشوا مع منهج الجاهلية
والذي يتولى عن هذا الدين ويعرض عنه ولا يطبقه في حياته فهو في جاهلية
لذا بوب البخاري في صحيحه باب المعاصي من أمر الجاهلية , وذكر فيه قول النبي ـ صلى الله عليه
وسلم ـ لأبي ذر ـ رضي الله عنه ـ لما عير رجلا بأمه ، فقال " إنك امرؤ فيك جاهليه "
قال بعض شراح الحديث ( إن كل معصية تؤخذ من ترك واجب أو فعل محرم فهي من أخلاق الجاهلية )
قال رجل يا رسول الله أنؤاخذ بما عملنا في الجاهلية؟
قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ
" من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية ، ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر " رواه البخاري
[ قيل: بنفاق أوردة أو إصرار على ذنب]
يقول ابن تيمية ـ رحمه الله ـ
( ليس في كتاب الله آية واحدة يمدح فيها أحدًا بنسبه ، ولا يذم أحدًا بنسبه
وإنما يمدح بالإيمان والتقوى ، ويذم بالكفر والفسوق والعصيان وقد ثبت عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الصحيح أنه قال:
" أربع من أمر الجاهلية في أمتي لن يدعوهن:
الفخر بالأحساب
والطعن في الأنساب
والنياحة
والاستسقاء بالنجوم " انتهى كلامه رحمه الله.
وكم من أخلاق الجاهلية اليوم في كثير من المسلمين؟!
تأمل ـ أخي الحبيب ـ كيف قرر ـ عليه الصلاة والسلام ـ هذه البراءة من الجاهلية وأهلها في خطبة عرفة حين
قال " ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع ، ودماء الجاهلية موضوعة ... وربا الجاهلية موضوع
وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعدُ إن اعتصمتم به: كتابَ الله " رواه مسلم
إن الدرس العظيم الذي ينبغي أن يرجع به كل حاج ، بل وكل مسلم ومسلمة أن يشعر أنه من أمة مصطفاة
خُيِّرت على سائر الأمم ، وهُديت لأفضل السبل ، وأنْ ليس ثَمَّ إلا إسلام أو جاهلية ، هدىً أو ضلالة
حزب الله ، أو حزب الشيطان ، صبغة الله ، أو صبغة الذين لا يعلمون
{ صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ }
وهذه الأمة ، وإن بدت متخلفةً مادياً وعسكرياً ، بسبب تقصيري ـ أنا وإياك ـ في العمل بهذا الدين والاستقامة
عليه والأخذ بأسباب القوة والإعداد ، سبحان الله!
ألسنا نأوي إلى ركن شديد من العقائد ، والشرائع ، والأخلاق؟!
لو أوينا إليها قولا وعملا وكان ذلك واقعا ملموسا في حياتنا لأذن الله بالفتح والفرج ، حتى نعود
لخيراتنا ، ونؤدي دورنا الذي أكرمنا الله به حيث قال تعالى
{ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ }
فلا ينبغي للمؤمن أن يهون ، ولا يحزن ، مهما بلغ الحال من الهزيمة الظاهرية
{ وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }
وما ماذا يمنع أن نجتمع بكل فئاتنا وتخصصاتنا أن نتخذ من موسم الحج موسماً للتلاقي ـ ولو كان على
مستوى فردي ـ والتباحث في مصالحنا المختلفة ، وتعقد المؤتمرات ـ على المستوى الأكبر ـ السياسية
والاقتصادية ، والعلمية ، والاجتماعية في موسم الحج ، ويتكرر ذلك كل عام ، لو أن كل منا حمل هذا
الهم وفكر فيه وسعى في أسبابه ابتداء من نفسه لانحلت مشكلات كثيرة ، وتذللت صعاب جمة
وبدت الأمة أمام خصومها قويةً متماسكة ، أخي المسلم : قف وتأمل في يوم عرفه والنبي ـ صلى الله عليه
وسلم ـ يخطب واقفا على قدميه وكأنك تنظر إلى قدميه وهو يقول:
" كل أمر من أمور الجاهلية تحت قدمي موضوع "
إنها قضية يجب أن تكون واضحة وحاسمة في ضمير كل مسلم , وما لم يحسم المسلم ويحزم ويعزم
على ترك أمور الجاهلية فلن يستقيم له ميزان , ولن يتضح له منهج , ولن يفرق بين الحق والباطل
ولن يخطو خطوة واحدة مستمرة في الطريق الصحيح , وإذا كانت هذه القضية غامضة أو مائعة أو واقعه في
نفوس الناس وواقعهم , فلا يجوز أن تبقى غامضة ولا مائعة ولا واقعه في نفوس وواقع من يريدون أن يكونوا
مسلمين مستقيمين عاملين متقين , ومما أكد عليه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في خطبته حق المرأة:
لقد التفت التفاتة قوية إلى حقوق المرأة , تلك الحقوق التي لم يفلح في التعامل معها أهل الجاهلية
لا المتقدمين ولا المتأخرين أمثال المنافقين والعلمانيين ، ومن هي المرأة التي أكد النبي ـ صلى الله عليه
وسلم ـ على حقوقها في عرفات؟
إنه أكد وبين ووضح حق أمهاتنا وزوجاتنا وبناتنا وأخواتنا فقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ
" فاتقوا الله في النساء , فإنكم أخذتموهن بأمانة الله , واستحللتم فروجهن بكلمة الله , وإن لكم
عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه ، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح , ولهن عليكم رزقهن
وكسوتهن بالمعروف " رواه مسلم ، وجاء في حديث مرفوع قوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ
" أرقَّاءَكم أرقاءَكم أرقاءَكم أطعموهم مما تأكلون ، وألبسوهم مما تلبسون ، فإن جاؤوا بذنب لا تريدون
أن تغفروه فبيعوا عباد الله ولا تعذبوهم "
رواه أحمد وإسناده ضعيف وله أصل من حديث أبي ذرانظر صحيح البخاري ، صحيح مسلم
أخي المبارك: إن دعاة الجاهلية قد أكثروا من مكرهم في الزوايا الصحفية والمقابلات والندوات والمقالات
التي لا تزال تنال من الإسلام ، فتارة تعترض على بعض تشريعاته ، وتارة تهاجم بعض دعاته وتلمزهم
وتارة تطالب بالتجديد بل مسخ أحكامه ... وهكذا ، وكثيرٌ من الناس وخاصة ـ شباب الصحوة ـ يعلمون
حقيقة هذا الأمر ، ولكن قليل أولئك الذين يبادرون بأداء دورهم المطلوب تجاه هذه المشكلة أو تلك
وهنا تختلف المعوقات ، ما بين معوقات حقيقية يُعذر أهلها ، وأعذار واهية وقيود مصطنعة وضعها
أصحابها لتسويغ مواقفهم السلبية ، وهناك العديد من الموضوعات والقضايا التي تدعو الحاجة لنقاشها
والردّ على من يتبنّاها ، فمثلاً: ما أكثر ما يتطرق المغرضون إلى الحديث عن قضية المرأة ، ودعوى
ظلمها في مجتمعاتنا ، وهضم حقوقها في ظل عاداتنا وتقاليدنا بخلاف بلدان الحضارة والنور! المزعومة .... إلخ
وكأنه ليس في العالم مشكلة سوى هذه المشكلة التي تتواطأ الأقلام بل والمؤسسات الصحفية
والقنوات الفضائية
والشبكات العنكبوتية
على عرضها وتكرارها بدعوى أنها هي العائق الأكبر في مسيرة تقدم الأمة نحو الحضارة والرقي
ولكي يموت دعاة الجاهلية بغيظهم أذكر ما تقوله إحدى الأخوات:
( صحيح أن هناك بعض القصور وسوء الفهم لقضية المرأة ، لكن الإسلام بريء من أي ظلم للمرأة
وحسبنا قول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في خطبة الوداع من الوصية بالنساء خيراً بقوله
" فاتقوا الله في النساء..."
ولا بد أن يكن لنا موقفنا من هذا التغريب ، لذا ينبغي فضح هذا الاتجاه وأصحابه بكتابة الردود
والتعقيبات التي توضح خطر هذا التوجه ومَن وراءه ، ولذلك فوائد منها:
1- نقد الصوت الآخر وفضحه والتخفيف من ضغطه وزحفه ، لأن تركه في
الساحة دون مُنازل سيشعره بانهزام مقابله ، ويغريه بالتقدم والهجوم.
2- دفع الإحباط وطرد اليأس الذي أخذ يسري وينتشر في بعض النفوس ، مع غفلة عن قوله
{ إن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ }.
3- حفز همم أهل القدرات والطاقات ، وحثّهم على المبادرة والعمل البناء .
4- إظهار نموذج مقبول لطريقة الردّ المنضبطة التي تحتذى ويقتدى بها
لأن هناك ردوداً وتعقيبات كُتبت بدافع الحماس والغيرة مع اشتعال العواطف
وخبوء ضوء الفكر فيها ، فجاءت لنا بثغرات هوجمت الدعوة من خلالها. )
هذا كلام من تدعون وتنادون ـ يا دعاة الضلالة ـ بحقوقهن ، فموتوا بغيظكم.

× المترك ×
14-11-2010, 04:55 PM
جزاك الله ألف خير على التتمة الذهبية

والله كلام فعلا من ذهب