المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل من قلوب ياولي الاباب


اابن ذروه
28-10-2010, 01:43 AM
قصص الناس مع الصلاة:-

يحكي محمد منصور من بيروت قصته مع الصلاة:

" كنت أعمل في مطعم سياحي يرتقي ربوة خضراء تطل على البحر مباشرة، وذلك قبل الحرب التي أطاحت بخيرات بلادي، كانت ظروف عملي تحتم علي أن أنام طـوال النهار لأظل مستيقظا في الليل، وكان صاحب المطعم يحبني كثيرا ويثق في، ومع الوقت ترك لي الإدارة تماما وتفرغ هو لأشغاله الأخرى، وكان هذا على حساب صحتي، فلم أكن أترك فنجان القهوة والسيجارة كي أظل متيقظا طوال الليل"
" وفي إحدى الليالي لم يكن لدينا رواد كثيرون وانتهى العمل قبل الفجر، وكان هذا حدثا فريدا في تلك الأيام، أنهينا العمل وأغلقت المطعم، وركبت سيارتي عائدا إلى البيت، وفي طريق عودتي توقفت قليلا لأتأمل منظر البحر البديع تحت ضوء القمـر، وطال تأملي رغم شدة البرد، ملأت عيني بمنظر النجوم المتلألأة، ورأيت شهابا يثقب السماء فتذكرت حكايات أبي لنا عن تلك الشهب التي يعاقب الله بها الشياطين التي تسترق السمع إلى أخبار السماء، دق قلبي بعنف وأنا أتذكر أبي ذلك الرجل الطيب ذو الأحلام البسيطة، تذكرته وهو يصلي في تواضع وخشوع، وسالت دمعة من عيني وأنا أتذكـر يوم مات كيف أوصاني بالصلاة وقال لي أنها كانت آخر وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه قبل موته "
" رحت أبحث عن مسجد وأنا لا أدري هل صلى الناس الفجر أم لم يصلوا بعد، وأخيرا وجدت مسجدا صغيرا، فدخلت بسرعة فرأيت رجلا واحدا يصلي بمفرده، كان يقرأ القرآن بصوت جميل ،وأسرعت لأدخل معه في الصلاة، وتذكرت فجأة أني لست متوضئا، بل لابد أن أغتسل فذنوبي كثيرة وأنا الآن في حكم من يدخل الإسلام من جديد، الماء بارد جدا ولكني تحملت، وشعرت بعد خروجي وكأني مولود من جديد، لحقت بالشيخ وأتممت صلاتي بعده، وتحادثنا طويلا بعد الصلاة، وعاهدته ألا أنقطع عن الصلاة معه بالمسجد بإذن الله"
" غبت عن عملي لفترة، كنت فيها أنام مبكرا وأصحو لصلاة الفجر مع الشيخ، ونجلس لنقرأ القرآن حتى شروق الشمس، وجاءني صاحب المطعم وأخبرته أني لن أستطيع العمل معه مرة أخرى في مكان يقدم الخمر وترتكب فيه كل أنواع المعاصي، خرج الرجل يضرب كفا بكف وهو يظن أن شيئا قد أصاب عقلي "
" أفاض الله علي من فضله وعمني الهدوء والطمأنينة واستعدت صحتي، وبدأت في البحث عن عمل يتوافق مع حياتي الجديدة، ووفقني الله في أعمال تجارة المواد الغذائية، ورزقني الله بزوجة كريمة ارتدت الحجاب بقناعة تامة، وجعلت من بيتنا مرفأ ينعم بالهدوء والسكينة والرحمة، لكم أتمنى لو يعلم جميع المسلمين قيمة تنظيم حياتهم وضبطها على النحو الذي أراده الله تعالى وكما تحدده مواقيت الصلاة، لقد أعادتني الصلاة إلى الحياة بعد أن كنت شبحا هلاميا يتوهم أنه يحيا "




FF0033

" لـم أكن أعرف لحياتي معنى ولا هدفا، سؤال ظل يطاردني ويصيبني بالرعب كل حيـن: لماذا أحيا ؟ وما آخر هذه الرواية الهزلية ؟ كان كل شيء من حولي يوحي بالسخف واللا معقول، فقد نشأت في أسرة كاثوليكية تعهدتني بتعليمي هذا المذهب بصرامة بالغة، وكانوا يحلمون أن أكون إحدى العاملات في مجال التبشير بهذا المذهب على مستوى العالم، وكنت في داخلي على يقين أن هذا أبدا لن يحدث.
" كنت أستيقظ كل يوم عند الفجر، شئ ما يحدثني أن أصلي كي أخرج من الضيق الشديد والاكتئاب الذي كان يلازمني في هذا الوقت ، وكان ذلك يحدث أيضا عند الغروب، وفعلا أخذت أصلي على الطريقة النصرانية، فهي الطريقة الوحيدة التي أعرفها، إلا أن إحساسي بالفراغ الروحي ظل يطاردني ويسيطر علي رغم صلواتي المتتابعة "
" كنت متعطشة لشيء آخر لم تكن لدي أي صورة واضحة عنه، كانت الدموع تنهمر من عيني كثيرا، وكنت أدعو الله أن يمنحني النور والبصيرة والصبر، وازددت هما وقلقا، وراح الفراغ يطاردني والحيرة تتملك حياتي بما فاض تماما عن قدرتي على الاستيعاب "
وتكمل جميلة: " وفي أحد الأيام ومع ازدياد حالة التوتر أحسست برغبة قوية تدفعني للبحث عن مكان للصلاة لا صور فيه، وبحثت عن ذلك المكان طويلا حتى وجدته أخيرا، مسجد صغير جميل في أطراف بلدتنا بين المروج الخضراء في وسط حقول الأرز، لأول وهلة عندما وضعت قدمي على أعتابه دق قلبي بعنف وانشرح صدري وأيقنت أنه المكان الذي حدثتني نفسي طويلا للبحث عنه "
وتكمل جميلة قصتها: " وعلمتني إحدى المسلمات كيف أتوضأ وكيف أصلي لله الواحد القهار، وشاركت المسلمين الصلاة لأول مرة في حياتي، وعندما بدأت الصلاة غمرتني السكينة ولفتني الطمأنينة كما لم يحدث لي من قبل، وعندما سجدت لله مع جموع المصلين فاضت روحي بسعادة لا حدود لها، لقد شعرت أني سأطير فرحا بعثوري على هذه الصلاة"
وفي النهاية تقول جميلة:
" الصلاة، هي تماما ما كنت أتعطش له، لقد أصبحت صديقتي المحببة، ورفيقتي الدائمة التي أتخلص معها من كل ضيق ومن أية معاناة، لقد ودعت الاكتئاب إلى الأبد فلم يعد له أي معنى في حياتي بعد أن هداني الله جل وعلا للإسلام وأكرمني بحب الصلاة، ولا أجد ما أقول تعليقا على هذا سوى: الحمد لله الذي هداني لهذا وما كنت لأهتدي لولا أن هداني الله"

المناضل السليماني
28-10-2010, 11:27 AM
لاغرابة ان تكون السعادة والحياة والهدوء في هذه الصلاة

فقد كان خير البشر كلما حزبه أمر قال ارحنا بها يابلال

وهي الصلة بين العبد وربه

مشكور على هاتين القصتين المعبرة

عبدالله الوهابي
29-10-2010, 08:38 AM
قصتين جميلتين في الصلاة والحفاظ عليها وكيف أنها تهدي القلوب وتجعلها مطمئنة وصدق الله عز وجل عندما قال : ( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر )
بوركت أخي

سعيد شايع
29-10-2010, 01:17 PM
سيبقى العبد في تعاسة وشقاء وهم وغم ولا علاج له إلا الصلاة
فإن الصلاة خير ملجأ لحل الأزمات ، ولذلك ورد قوله تعالى:
{ حافظوا على الصلاة }
ولقد جاءت هذه الآية في سياق الحديث عن المشكلات الأسرية فالمحافظة عليها
والحديث عنها في وسط سياق آيات الطلاق كأنه الحل الأول لأي مشكلة تقع
ولذا كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
" إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة "
فأين نحن من هذا المنهج النبوي؟ ؟
تقبل مروري وتعليقي

اابن ذروه
03-11-2010, 08:13 AM
الرجاء التعليق على الموضوع

ابن عناد العايذي
03-11-2010, 12:41 PM
الحمدلله على نعمة الاسلام

اسأل الله لي ولكل مسلم ان يجعل الصلاة قرة عين لنا

مثلما كان الرسول صلى االله عليه وسلم يقول وجعلت قرة عيني في الصلاة


الله يجزاك خير يابن ذروه
والله يجعله في ميزان حسناتك

اابن ذروه
03-11-2010, 01:00 PM
الله يجزاك خير يابن عناد
انا بنعمك عايذي من اهل الجنوب
انت من اهل الكويت

ابن عناد العايذي
03-11-2010, 04:32 PM
ونعم تنطح نعم
معروف يابن ذروه

اي نعم انا من اهل الكويت

اابن ذروه
04-11-2010, 12:02 PM
إن دين الإسلام الذي أكرم الله به هذه الأمة وأتمه لها ورضية لها دينا، ورتب عليه من حسن الجزاء وعظيم المثوبة ما تتمناه، الأنفس وتلذ به الأعين، هذا الدين قد بني على أسس وقواعد متينة لا ينجو من بلغته هذة القواعد فلم يعمل بها من أليم العقاب وشدة العذاب، ويحظى من عمل بهذة القواعد والآوامر بما اعد الله له من عزة واحترام في الدنيا ولذة وسيادة في الآخرة، لا ينال المسلم هذه الأمور حتى يأـي بهذة ، ان الصلاة هي عمود الدين هذا الدين وأهم أركانه بعد الشهادتين. الصلاة . صلى الله عليه وسلم: ((صلاة في إثر صلاة لا لغو بينهما، كتاب في عليين)) خير ، فمن استطاع أن يستكثر فليستكثر
نعم – أيها الاخوة المؤمنون – بعض الموتى يودون لو يخرجوا من قبورهم فيصلو فيصلوا ركعتين، فإنهم يرون أنها خير من الدنيا وما فيها. فهل يتعظ بهذا متعظ؟ قال : ((إن العبد إذا قام يصلي أتى بذنوبه كلها، فوضعت على رأسه وعاتقيه، فكلما ركع أو سجد تساقطت عنه)) رواه الطبراني بسند صحيح – بكل ركوع وسجود تتهاوى وتتساقط آثامك العظيمة أمام معاول صلاتك: في جماعة، لقوله تعالى: واركعوا مع
أيها الاخوة المؤمنون: إن الأحاديث والآيات التي فيها إيجاب صلاة الجماعة على المؤمن كثيرة، وتلك التي فيها الترهيب من ترك الجماعة كذلك، كقوله عليه الصلاة ((والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم أمر رجلا فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال لا يشهدون الصلاة فأحرّق عليهم بيوتهم)) : ((لولا ما في البيوت من النساء والصبيان لأحرقتها عليهم)) يشهدونها مع المسلمين.
فجلجلة الأذان بكـل حـي ولكن أين صوت من بلال
أيها الاخوة المؤمنون: إن الصلاة هي الفيصل والبرزخ بين الكفر والإيمان، فمن أداها وحافظ عليها كان هو المؤمن، ومن تركها وتهاون بها كان هو الكافر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة، فمن تركها فقد كفر)). إنه لاحظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، من تركها فعليه لعنة الله، من تركها خرج من دين الله، من تركها انقطع عنه حبل الله، من تركها خرج من ذمة الله، من تركها أحل دمه وماله وعرضه، تارك الصلاة عدو لله عدو لرسول الله، عدو لأولياء الله، تارك الصلاة مغضوب عليه في السماء، ومغضوب عليه في الأرض، تارك الصلاة لا يؤاكل، ولا يشارب، ولا يجالس، ولا يرافق، ولا يؤتمن. تارك الصلاة خرج من الملة، وتبرأ من عهد الله، ونقص ميثاق الله، إنه لاحظ في الإسلام لمن ترك الصلاة.
أيها الاخوة المؤمنون: لما وقر تعظيم الصلاة وأمر الله في قلوب الصحابة هانت أمامهم كل الصعاب في سبيل المحافظة على صلاة الجماعة من بعدت بيوتهم عن المسجد النبوي فيأتون يسعون إليها، يمرضون فيؤتي بهم، يهادى الرجل منهم بين الرجلين حتى يقام في الصف، الأعمى منهم يسابق البصير على الصف الأول، وليس فيهم أعمى رضوان الله عليهم. يقول ابن مسعود رضي الله عنه: (من سره أن يلقى الله غداً مسلماً، فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن - يعنى في المسجد - فإن الله شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم، كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور، ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد، إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة، ويرفع بها درجة، ويحط عنه بها سيئة، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتي به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف، وفي رواية: لقد رأيتنا وما يتخلف عن الصلاة إلا منافق قد علم نفاقه، أو مريض، إن كان الرجل ليمشي بين رجلين حتى يأتي الصلاة). رواه مسلم ولم يرخص عليه الصلاة والسلام للأعمى عن حضورها. والدليل ما روى مسلم عن أبى هريرة قال: أتى ابن أم مكتوم فقال يا رسول الله: إنى رجل ضرير البصر، بعيد الدار، ولي قائد لا يرافقني، فهل لي رخصة أن أصلي في بيتي قال: ((هل تسمع النداء، قال: نعم، قال لا أجد لك رخصة))، وفي رواية: ((أتسمع حي على الصلاة، حي على الفلاح، قال نعم فقال: فحيّ هلا. وبوب العلماء على هذا الحديث بقولهم)) باب إقرار العميان بشهود صلاة الجماعة، وقد اجتمع في ابن مكتوم ستة أعذار: الأول: كونه ضرير البصر. الثاني: عدم وجود قائد يرافقه. الثالث: بعد داره عن المسجد. الرابع: وجود نخل وشجر بينه وبين المسجد. الخامس: وجود الهوام والسباع الكثيرة بالمدينة. السادس: كبر سنه ورق عظمه. مع هذا كله إلاّ أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرخص له، ولهذا بوب عليه ابن المنذر بقوله: ذكر إيجاب صلاة الجماعة على العميان وإن بعدت منازلهم عن المسجد.
وهذا أبى بن كعب رضي الله عنه يقول: كان رجل من الأنصار لا أعلم أحداً أبعد من المسجد منه، كانت لا تخطئه صلاة، فقيل له: لو اشتريت حمارا تركبه في الظلماء وفي الرمضاء، فقال: ما يسرني أن منـزلي إلى جنب المسجد، إني أريد أن يكتب لي ممشاي إلى المسجد، ورجوعي إذا رجعت إلى أهلي، فقال صلى الله عليه وسلم لما سمع ذلك منه: ((قد جمع الله لك ذلك كله))، وفي رواية أن أُبياً رضي الله عنه لما رأى هذا الأنصاري يكابد المشاق حتى يأتي إلى صلاة الجماعة، قال أبي: فتوجعت له، فقلت: يافلان! لو إنك اشتريت حماراً يقيك الرمضاء وهوام الأرض؟ قال: أما والله ما أحب أن بيتي مطنب ببيت محمد صلى الله عليه وسلم! قال أبيّ لما سمع ذلك منه، فحملت به حملاً – يعني أنه استفظع هذه الكلمة من هذا الأنصاري وعظمت في سمع أبىّ، فأتى أبىّ رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فدعى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الرجل الأنصاري، فقال الأنصاري: رجوت أجر الأثر والممشى، فقال صلى الله عليه وسلم: ((ان لك ما احتسبت)) رواه مسلم. بيته بعيد عن المسجد وآفات في الطريق تعترضه في كل صلاة، ومع هذا يحافظ عليها ويدأب في العمل لها. عظم أمر الله في قلبه، فأحب الصلاة فلمّا أحبها هان في سبيلها كل شيء فماذا يقول المسلم اليوم الذي يحتج بُبعد بيته عن المسجد، والمتأمل في أحوال الصحابة يجد عجباً في تعظيمهم للصلاة، كان تميم الداري إذا دخل وقت الصلاة قام اليها بالأشواق. قال رضي الله عنه ما دخل عليّ وقت صلاة من الصلوات إلا وأنا لها بالأشواق، يشتاق إلى الصلاة وينتظر دخول وقتها. ونقلوا هذه السمات الإيمانية إلى التابعين: فكان الربيع بن خثيم يقاد به إلى الصلاة وبه مرض الفالج، فقيل له: قد رخص لك قال: إنى أسمع حيّ على الصلاة. فإن استطعتم أن تأتوها ولوحبوا.
أيها الاخوة المؤمنون: والعلاقة بين الاهتمام بصلاة الجماعة والمحافظة عليها وبين الخشوع فيها وإحسانها فيها كبيرة جداً، فمن كان محافظا على صلاة الجماعة مبكراً إليها، مسابق إلى الصفوف الأولى منها كان على جانب كبير من الإقبال على الله وانشراح الصدر فيها والتنعم والتلذذ بها، ومن كان متأخراً عنها، يقدم رجلا ويؤخر الأخرى، كلما غدا أو راح إلى المسجد فإنه على جانب كبير من الوسوسة فيها وعدم التنعم بها. وهذا أمر مجرب معروف وسير الصالحين والطالحين تدل عليه.
صلى أبو زرعة الرازي عشرين سنة وفي محرابه كتابة فسئل عن الكتابة في المحراب فقال: قد كرهه قوم ممن مضى. فقال السائلون له: هو ذا في محرابك – محرابك فيه كتابة ما علمت بها؟ قال: سبحان الله، رجل يدخل على الله ويدري ما بين يديه؟ بقي أن تعرف أن أبا زرعة الرازي لم تفته صلاة الجماعة عشرين سنة.
وقال أبو عبد الرحمن الأسدي: قلت لسعيد بن عبد العزيز ما هذا البكاء الذي يعرض لك في الصلاة؟ فقال: يا ابن اخي وما سؤالك عن هذا؟ قلت: لعل الله أن ينفعني به. فقال: ما قمت إلى الصلاة إلا مثلت لي جهنم. وكان سعيد بن عبد العزيز إذا فاتته صلاة الجماعة بكى. وسعيد بن المسيب لم تفته التكبيرة الأولى مدة خمسين سنة، وما نظر إلى قفا رجل منذ خمسين سنة، يعنى لمحافظته على الصف الأول. وهذا كله لأنهم عظموا الصلاة وأدركوا منـزلتها، بينما الكثيرون اليوم لم يدركوا منـزلتها ولم يتلقوا أمر الله بها بالتعظيم والتوقير. وكان العلامة ابن خفيف به مرض الخاصرة، فكان إذا أصابه أقعده عن الحركة، فكان إذا نودي بالصلاة يحمل على ظهر رجل ويحضر به إلى المسجد فقيل له: لو خففت على نفسك ؟! فاستعظم هذا الكلام منهم، وقال إن الله يقول: يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفاً أَوَ في حضور صلاة الجماعة مشقة لا يمكن أدائها؟ ثم التفت إليهم وهو يعاني من مرضه – فقال: إذا سمعتم حي على الصلاة، ولم تروني في الصف، فاطلبوني في المقبرة[1].
و أهل المحافظة على صلاة الجماعة هم أقرب الناس في يوم المزيد إلى ربهم سبحانه وتعالى. قال ابن القيم:
من سبق إلى صلاة الجماعة كان سابقاً في ذلك اليوم يوم المزيد لمقابلة ربه ورؤيته، ومن تأخر عن الجماعة تأخر في ذلك الميدان، و الجزاء من جنس العمل.
والأقربون إلى الإمام فهمُ أولو الزلفي هناك فهنا هنا قربان
قرب بقرب والمبـاعد مثلـه بعد ببعـد حكمـة الديـان
ولهم منابر لؤلؤ وزبـرجـد ومنابر اليـاقوت والقيعـان
هذا وأدناهم ومـا فيهـم دنِي من فوق ذاك المسك كالكثبان
وقد وردت بعض الاثار الدالة على أن قرب المؤمنين من ربهم يوم القيامة على حسب استباقهم إلى الصلاة وشهودهم للجماعة. الجزاء من جنس العمل، فمن تقرب إلى ربه ومولاه وسارع في تنفيذ أوامره كان محظياً عنده في يوم تطاير الصحف ووضع الموزاين. أين أنت من هؤلاء ؟! سبقوا وتأخرت ونافسوا ولهوت، وتقدموا فأجلت.
ما معنى الإيمان الذي يدعيه رجال ثم هم لا يحضرون الصلاة في الجماعة، ما معنى الإيمان وما قيمة الصلاة في حياتهم ثم إذا تكلمت مع أحد منهم زعم بأنك تتهمه بالنفاق، إن الصحابة رضي الله عنهم، كانوا يتهمون المتخلف عن الجماعة بالنفاق، يقول ابن مسعود: ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق. فأي دين لهؤلاء الذي لا يعمرون المساجد، وأي إسلام لمن يسمعون النداء ثم لا يجيبون، قال الله تعالى: إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون . قال بعض أهل العلم. هم الذي لا يحضرون الصلاة في الجماعة. أين الأجيال، أين شباب الأمة، أين الرجال، والمساجد خاوية تشكوا إلى الله تعالى. إذا كان هذا حالنا مع الصلاة وهي عمود الإسلام، فكيف بباقي شرائع الدين، كيف ترتقي أمة لا تحسن المعاملة مع الله، كيف تفلح أمة لا تقدس شعائر الله، كيف تكون صادقة في الحرب أو في التعليم أو في التصنيع أو في الحضارة، أو في الإدارة وهي لا تحسن الاتصال بربها في صلاة فرضها الله عليها.
نسأل الله جل وتعالى أن يحسن أحوالنا، وأن نعظم شعائر ربنا. . .
نفعني الله وإياكم بهدي كتابه واتباع سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
.

فلاح الشدقاء
04-11-2010, 10:19 PM
الصلاه شأنها عظيم وذكرها رفيع ومكانتها عاليه
فهي أُم العبادات وأفضلُ الطاعات وكفارة للذنوب والخطايا وحفظ وأمان للعبد في الدنيا
وأول ما يُحاسب عنه العبد يوم القيامة فـ الصلاة نور ومناجاة بين العبد وربه وتنهى عن الفحشاء والمنكر
ابن ذروه
لا هنت والله يعطيك العافيه
وجزاك الله خير الجزاء
وجعل كل ما كتبت وقلت في ميزان حسناتك

اابن ذروه
05-11-2010, 01:00 PM
عظم شأن الصلاة للشيخ عبد العزيز البرعي حفظه الله


الخطبة الأولى :

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تسألون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً ) ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً ) أما بعد فإن خير الحديث كلام الله ، وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثه بدعة ، وكل بدعة ضلاله ، وكل ضلالة في النار . ثم أما بعد : يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : ( أتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون ) في هذه الآية الكريمة يأمر الله عز وجل نبيه أن يتلو القرآن ( أتل ما أوحي إليك من الكتاب ) ، أمره أن يتلوه وقد حفظه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وجُمع في صدره ، فلا تنخرم منه آية ، فالقراءة هنا قراءة تعبد وقراءة استرشاد وقراءة طلب للهداية بالقرآن الكريم ، قراءةٌ للتدبر والتذكر والعمل يقرأ القرآن مرة بعد أخرى ويكرر القراءة يوماً بعد آخر ، يقرأه آناء الليل وآناء النهار يقرأه قائماً وقاعداً وراقداً ، يقرأ القرآن على كل حال ، وإذا تكررت قراءة القرآن الكريم انجلت المعاني وتوضحت المقاصد بالآيات القرأنية ، وجاء الفهم من قبل الله جل وعلا فيفهم القارئ أشياء ما كان يفهمها ، ويتدبر أشياء ما كان يعرفها ، فيصبح القرآن نوراً في الحياة يصبح القرآن حياة طيبة يحياها المسلم ، ويصبح القرآن الكريم نورٌ يستضئ به المسلم ، فلا تنزل عليه نازلة ولا يقع عليه أمر إلا ويجد القرآن الكريم يرشده إلى شيء ما ويدله على مخرج ويدله على الطريق فسبحان الذي أنزل القرآن ( الحمد لله الذي أنزل الكتاب على عبده ) ، ( الحمد لله الذي أنزل الكتاب ولم يجعل له عوجاً قيماً لينذر بأساً شديداً من لدنه ويبشر الذين يعملون الصالحات أن لهم أجراً حسناً ) نعم معشر المسلمين ، أمره بهذا الأمر العظيم لعلم الله عز وجل لما يحويه القرآن ، وأنه جل وعلا قد تكلم مع الناس بما يعلم أنهم يحتاجون إليه ، وتخاطب معهم بما يعلم أنه يُنير طريقهم ، وبما يعلم أنه يغنيهم عن غيرهم ، فالقرآن فخر المسلمين ، وآية سيد المرسلين ، والحجة القاهرة ، والحجة الدامغة التي أسكتت الأفواه والتي ألجمت تلك الألسن ، التي أرادت أن تعارض نبوة محمدٍ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، سكتوا بما عندهم من الفصاحة ، وأنهزموا على ما عندهم من الشجاعة ، وأعترفوا للقرآن بالسيادة والريادة ، ووقفوا أمامه عاجزين مشدوهين لا يستطيعون أن يردوا جواباً غير التكذيب اليابس ، واستمر القرآن إلى هذا العصر وهو على هذا المستوى ، ما أنحنى ولا نزل ولا أستطاع أحدٌ أن يقهر القرآن الكريم ، على كثرة الأعداء وكثرة أموالهم وسذج حقدهم ومع ذلك عجزت البشرية كلها أن تقف أمام القرآن الكريم موقف القوي القاهر الغالب ، ولكنهم وقفوا موقف المنهزم ، فلذلك أمر الله عز وجل نبيه أن يتلو القرآن ، فتلوا القرآن فلقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ، اتلوا القرآن وأعملوا بالقرآن الكريم فهو عز المسلمين وفخرهم ، ثم أمره جل وعلا بأمرٍ آخر فقال له : ( وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ) فعمل بذلك صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقام ليلاً طويلاً ( قم الليل إلا قليلاً * نصفه أو أنقص منه قليلاً * أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلاً ) فقام حتى تفطرت قدماه ، وعائشة تقول له يا رسول الله : أوليس قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ لم تفعل بنفسك هكذا ؟ قال : ( يا عائشة أفلا أكون عبداً شكوراً ) أي أنه شاكراً لله على ما منَّ الله عليه من المغفرة ، مغفرة الذنوب المتقدمة والمتأخرة ، فشكر الله عز وجل على هذه النعمة العظيمة ، فلقد كان يجمع بين تلاوة القرآن وبين الصلاة حتى أنه قام ليلةً وهو مريض بالسبع الطوال ، والسبع الطوال هن من البقرة إلى التوبة قام بهن في ليلة واحدة ، وصلى معه عبدالله بن مسعود ليلة ففتتح البقرة فختمها ثم النساء فختمها ثم آل عمران فختمها مزيداً على خمسة أجزاء في ركعة واحدة عليه الصلاة والسلام قال عبد الله بن مسعود : فلقد هممت بأمر منكر ، قيل وما هممت ؟ قال : أن أجلس وأدعه ، إلى هذا الحد فجمع عليه الصلاة والسلام بين تلاوة القرآن وبين الصلاة ، ( وأقم الصلاة ) أي فرضها ونافلتها ، يقوم بها على النحو المطلوب ، ويؤديها على الشكل المطلوب ، الذي أمر الله عز وجل به ، فكم من الناس ينقر صلاته نقراً فلا ترى أنه يقيم لها ركوعاً ولا يقيم لها سجوداً ، وربما حرك عينيه يمنةً ويسرة ، وربما كانت صلاته مع غفلة عظيمة ، فلا بد أن تؤدى الصلاة بقيامها وركوعها وسجودها وجلوسها مدعومةً بالطمأنينة ولا يكون المسلم عجلاً فيها ، فلقد كان متأنياً في عامة أمور حياته ، فليكن متأنياً في صلاته ، بعيداً عن الاستعجال ، وما هي إلا دقائق معدودة وإذا به قد انقضى من صلاته ففيما العجل فيما العجل ؟ ‍إنها ساعة لقاء مع المولى تبارك وتعالى ، يقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيما يرويه عن ربه أنه قال : ( قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، فإذا قال : ( الحمد لله رب العالمين ) قال الله : حمدني عبدي ، وإذا قال : ( الرحمن الرحيم ) قال الله : أثنى عليَّ عبدي ، فإذا قال : ( مالك يوم الدين ) قال الله : مجدني عبدي ، فإذا قال : ( إياك نعبد وإياك نستعين ) قال الله : هذا بيني وبين عبدي ، فإذا قال : ( أهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليه * غير المغضوب عليه ولا الظالين ) قال الله : هذا لعبدي ولعبدي ما سأل ) هذا خطاب من الله عز وجل ومحاورة بين العبد وربه ففيما تستعجل ؟ أطال بك اللقاء مع الله عز وجل حتى يضيق صدرك ؟ ، فإن الله سبحانه وتعالى يقول : ( يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة ) فجعل الصلاة مقرونة مع الصبر ، أي إذا نزلت عليكم المصائب ، وإذلهمت الخطوب فعليكم بالصبر والصلاة ، ولذلك قال الله عز وجل : ( ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين * وأعبد ربك حتى يأتيك اليقين ) فأمره بالتسبيح وأمره بالسجود فيكون سبباً بعدم المبالاة بما يقوله الآخرون بما يقول الآخرون ، وأيضاً قام النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليلة فقال : ( ويلٌ للعرب من شرٍ قد أقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا ، أيقضوا صواحبات الحجر ، يارب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة ) فجعل قيمامهن في الليل للعبادة والقيام والذكر سبباً للنجاة من كل فتنة من الفتن التي فتحت على الناس ( ويلٌ للعرب من شرٍ قد أقترب ) جعل الصلاة نجاة من الشرور ، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( حُبب إلي من دنياكم الطيب والنساء ، وجعلت قرة عيني في الصلاة ) أي أن الصلاة قرة عينه عليها فلم تتحرك عينه يمنةً ولا يسرة ، فأحب الصلاة حباً عظيماً وتعلق قلبه في الصلاة ، فليكن حالنا في الصلاة كذلك ، وليكن موقفنا من الصلاة موقف المطمئن ، ليس موقف المستعجل ، ولا موقف المضطرب لا نستطيل قيامها ولا نستكثر ركعاتها ولا عدد أوقاتها ، بل ينبغي أن يفرح المؤمن إذا علم أنه قد حان معه لقاء الله عز وجل ، وإذا سمع نادي الفلاح إذا سمع منادي الفلاح وهو يقول حي على الصلاة حي على الفلاح قام إلى الصلاة مبتهج القلب منشرح الصدر مطمئن النفس راضياً بتلك الصلاة محباً لتلك الركعات ، وانظر إلى تلك الكلمات التي ترددها في صلاتك وأنت تقول سبحان ربي العظيم وأنت تقول سبحان ربي الأعلى وأنت تقول سمع الله لمن حمده وأنت تقول ربنا ولك الحمد ،كلمات معلومة كلمات مرقومة يقولها من في المشرق ومن في المغرب قالها الأباء والأجداد وسيقولها الأبناء والأحفاد لا تصلح عليه الاختراعات وليست قابلة للتجديد ولا قابلة للتغير ولا التبديل رضيها الله عز وجل ، الله أكبر فليس هناك أكبر منه سبحان ربي العظيم فليس هناك أعظم منه سبحان ربي الأعلى فليس هناك أعلى منه سمع الله لمن حمده أي تقبل الله عز وجل حمده ليس المراد أنه سمعٌ فقط فقد سمع الله عز وجل الشرك والخنا ، ولكن المراد أنه سماع قبولٍ حيث أنه يقول ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ملئ السماوات وملئ الأرض وملئ ما بينهما وملئ ما شئت من شيء بعد ، يقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( الحمد لله تملأ الميزان ، وسبحان الله والحمد لله تملأ ما بين السماء والأرض ) كم تردد هذه الكلمة كم تردد من قولك الحمد لله هذه الكلمة التي يمتلأ بها ميزانك يوم القيامة ، سبحان الله هذه الكلمة التي أجرها كما بين السماء والأرض ، كيف تستكثر على نفسك هذا وكيف لا تحرص على ذلك ، ولا تقوم مبتهجاً ، كيف لا تقوم لتنحني بين يدي الله عز وجل ، خاشعاً خاضعاً راكعاً ساجداً وقد وضعت أعظم عضو منك على الأرض خضوعاً وذلاً لله تبارك وتعالى ، إن ذلك ليدل على عظم العبودية لله تعالى ، أترى أنك غير قادرٍ على أنك تخضع لأحدٍ من الناس ، أو أن تسجد لأحدٍ من الناس وأنك تجد نفسك أن أنفك تحك السماء عزة وشموخاً أن تسجد لله ورضيت أن تسجد لله عز وجل وأن تمرغ نفسك بالتراب وأن تقوم وعلى وجهك آثار التراب ، فلا تجد لذلك غضاضة ولا تجد لذلك حقارة بل تجد أنها عزة ورفعة أنك قد أديت الصلاة ، وأنك قد سجدت لله تبارك وتعالى ، أترى هذا الأدب الرفيع مع الله عز وجل وقد وقفت بين يديه ووضعت يمينك على يسارك وطئ طئت رأسك خاضعاً خاشعاً لله لم لا تتجه شرقاً لم لا تتجه غرباً لم لا تضع يديك على رأسك لم لا تضعها وراء ظهرك ولكنك بذلك الأدب الرفيع تقف هكذا أمام الله عز وجل من أجل أن تتلو القرآن وأن تشعره أنك عبدٌ لله عز وجل ، أيها الناس ليست الصلاة أمراً روتينياً كما يسمى ، ليست الصلاة أمراً أعتدت عليه وأنك رأيت الناس ينقرونها فنقرتها أو يأتون المسجد فأتيته إنها أمرٌ عظيم إنها أمرٌ كبير أتعلمون أن من عظمة الصلاة أنها لم تشرع في الأرض ولم ينزل بها ملك وإنما صعد لها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى السماء السابعة ، أرسل الله عز وجل إليه وأسرى به إلى بيت المقدس وعرج به إلى السماء السابعة ، ثم شرع له الصلاة هناك ، هل تعلمون أنه لم يشرع غيرها في هذه الصفة ولم يأمر بعبادة غيرها على هذه الكيفية ولكنه أمره بالصلاة ثم نزل وأنتهى الأمر الذي أرسل من أجله فكانت هذه الصلاة وشرعت هذه الصلاة وخففت من خمسين إلى خمس صلوات ثم رفعت فكن خمساً في العمل وخمسين في الميزان الحسنة بعشرة أمثالها ، فعظموا الصلاة وأعلموا أنها ليست أمراً اعتدتم عليه أعلموا أن شأنها عظيم وأن وقوفكم بين يدي الله كبير ووالله ما أجتمع الناس في بيت الله إلا لأمرٍ عظيم ما أجتمعوا للهو واللعب ولا أجتمعوا للغفلة ولا أجتمعوا ليمزحوا فيما بينهم أو ليتعاطوا الهديا أو الأكل أو الشرب ولكنهم أجتمعوا ليشعروا أنفسهم بعبوديتهم لله عز وجل خمس صلواتٍ في اليوم ومرة في الجمعة ، هذا الإجتماع العظيم الذي يجتمع فيه الناس في بيوت الله عز وجل في مشارق الأرض ومغاربها في وقت واحد بغير أوامر قهرية عسكرية ولكنها دوافع إيمانية دفعت الناس إلى الحضور إلى بيوت الله عز وجل فلتكن الصلاة عزيمة ولنعرف لها قدرها ولنعرف لها منزلتها ولذلك قال الله عز وجل : ( وأذكر في الكتاب إسماعيل أنه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبياً * وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضياً ) انظروا كيف خصص بالذكر من خصال نبيٍ من الأنبياء هذه الخصال العظيمة التي أعظمها الصلاة وذكر منها هذه الخصال فقط مع أن النبي خصاله الطيبة كثيرة جداً ، أسأل الله عز وجل بمنه وكرمه أن يرفع درجاتنا ودرجاتكم في المهدين والحمد لله رب العلمين

الخطبة الثانية :

الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أما بعد : سمعتم في الآية الكريمة ( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ) وسمعتم ما سمعتم من شأن الصلاة ، فحُق لعبادة هذا شأنها أن تنهى عن الفحشاء والمنكر ، وأن تقيمهم على طاعة الله جل وعلا ، وليس خافياً أن المصلون ليسوا معصومين من الخطايا ، ولكنك لو وضعت المصلون في جهة ، وتاركي الصلاة في جهة أخرى ، لرأيت أن المصلون بما فيهم من خطأ خير من قطاع الصلاة بما فيهم من صواب ، هذا أمرٌ واضح وأمرٌ جلي ، نعم يوجد فيمن يصلي قد يكون خائناً قد يكون عنده الكذب ، قد يكون عنده وعنده ، ولكنهم من حيث الإجمال خيرٌ ممن لا يصلي لاسيما والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول : ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ) ، والمقصود معشر المسلمين أنه لابد من أن نتلذذ بالعبادة وأن نجد للعبادة طعماً وأن الذي لا يجد لذة الصلاة لابد أن الله سبحانه وتعالى ما حرمه ذلك إلا بسبب معاصيٍ هو واقعٌ فيها ، وآثم قد أقترفها ، قال ابن تيمية في كلام له معناه : من لم يجد لذة العبادة فليفتش نفسه ، أو فليراجع نفسه فإن الله عز وجل شكور ، بمعنى أن الله عز وجل لو علم منه لذةً في العبادة وبعداً عن المعصية ، لو علم منه بعداً عن المعصية لوهبه لذة العبادة شكراً له على عمله فما حرمه من لذة العبادة إلا بسبب معاصيٍ قد أقترفها ، أعاذنا الله عز وجل من ذلك ، وكلنا نشكوا الله عز وجل قسوة قلوبنا وجفاف أعينا ، وظلمة صدورنا ، وما ذلك إلا بسبب أشياء نقترفها وذنوبٍ نتعاطاها نستغفر الله جل وعلا منها ونسأله جل وعلا أن يأخذ بأيدينا إلى الصواب شئنا أم أبينا ، ولربما أبت النفوس والله عز وجل هو القهار نسأله بمنه وكرمه أن يرحمنا برحمته وأن يُلين القلوب القاسية وأن يهدي النفوس الشاردة ، فلذة العبادة نعمةٌ عظيمة ، قال أحد السلف : ما ضرب أحدٌ بالعقوبة أشد من قسوة القلب ، أو أعظم من قسوة القلب ، أو بهذا المعنى ، أعلموا معشر المسلمين أن التلذذ بالعبادة يوجد لصاحبه نورٌ على وجهه بحمد الله كما قال أحد السلف : من كثرة صلاته في الليل أستنار وجهه بالنهار أو بهذا المعنى ، لا بد من ذلك ، لابد أن يظهر أثر العبادة كما أنها تصفي القلوب فلا بد أن تجلو الوجوه لابد أن تجلو الوجوه ، وكما أن المعاصي ران على القلوب لابد أنها تُظلم لها القلوب ، يا عبد الله ألست ترى أن الله عز وجل قد حبب إليك الإيمان وزينه في قلبك وكره إليك الكفر والفسوق والعصيان ، ألست ترى أن الله يخلفك على مالٍ تنفقه ، ألست ترى أن الله عز وجل أوجد الصحة في بدنك ، أليس من حقك أن تشكر الله عز وجل ، أليس من الواجب أن تشكر الله ، لقد أمتدح الله صحابة نبيه سبحانه وتعالى ورضي الله عنهم وصلى الله على نبيه فقال : ( ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان ) ثم أمتدحهم فقال : ( أولئك هم الراشدون ) انظر كيف أن الله حبب إليهم العبادة حبب إليهم الأعمال الصالحة ، وجعلهم يكرهون المعاصي ، أي أنهم لا يكرهون المعاصي من أجل أنها تخرم المرؤة أو أنه عيبٌ أن يقع الإنسان في المعصية ، ما تركوا المعصية خوفاً من العيب ، ولكنه خوفٌ من الله ، فمن الناس من يترك السرقة حياءاً من الناس أن يعثروا عليه أنه سارق ، ويتركوا الزنا لا خوفاً من الزنا ولا خوفاً من الله ولكنه حياءً من الناس ويصلي من أجل أنه يستحي أن يعثر عليه أنه تاركٌ للصلاة ، ولربما فعل كثيراً من العبادات كأنها عادات ، وترك كثيراً من المعاصي خوفاً من العيب هذا ليس داخلاً في هذه الآية ، وليس من الراشدين ، إنما الراشدين هم الذين حبب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان ، هؤلاء هم الراشدون الذين يستحقون صفة الرشد ، هؤلاء العقلاء الذين أستعملوا عقولهم ، ولهذا معشر المسلمين من ارتبط بأداء الصلوات وحبب الله إليه الصلوات ، وحبب إليه المساجد أبتعد عن المعاصي وظل يجاهد نفسه عنها يوماً بعد يوم وشهراً بعد شهر ، أما ذلك الحديث : ( من لم تنهه الصلاة عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعداً ) فهو حديث موضوعٌ ومنكرٌ لفظه فكيف تكون العبادة للعبد المقربة إلى الله سبباً لإبعاده عن الله عز وجل فقد عكس الحديث مراد الآية بل الصلاة ستنهاه بل الصلاة خير من تركها ، أما أن الصلاة تبعد العبد عن الله فهذا حديث لا يثبت ومعناه لا يستقيم ، فلهذا معشر المسلمين ينبغي أن تكون صلاتنا مانعةً لنا عن الوقوع في الغش عن الوقوع في الكذب عن الوقوع في النميمة عن الوقوع في أي معصية وإذا جئنا إلى الصلاة صلينا بتدبر وبخشوعٍ وبخضوع ( قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون ) ألا ترى أنها أول صفة في المفلحين ، والجنة ليست إلا للمفلحين ليست الجنة إلا للمؤمنين ، ولذلك قال في نهاية الصفات : ( أولئك هم الوارثون * الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون ) كم من الناس معشر المسلمين كم من الناس من يحتقر الصلاة ، ولا يبالي بالصلاة ولربما لا يدخل المسجد إلا في يوم الجمعة ، كيف يقابل الله عز وجل هذا الصنف من الناس ولربما قال دعوا الصلاة تنفعكم ، أو دعوها تفيدكم ، أو ماذا قد عملت لكم الصلاة ، أو أنه يحتقر الصلاة والمصلين ، أذهب يامصلي يا كذا ويا كذا ، ويحتقر الصلاة ويرى أنها نقيصة في حقه ، ولربما بعض تراك الصلاة يحتقر أمه أو أخته أو امرأته إذا كانت تصلي ويصدر عليها العبارات الذميمة الحقيرة من أجل أنها تصلي ، قيل يا رسو الله كيف تعرف أمتك يوم القيامة ؟ قال : ( إن أمتي يأتون يوم القيامة غراً محجلين من آثار الوضوء ) فلينظر هذا الذي لا يصلي من أي أمة هو ؟ والله لينادين منادٍ يوم القيامة لتتبع كل أمة ما كانت تعبد ، فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس ، ومن كان يعبد القمر القمر ، ويتبع كل أناس معبودهم ، فتبقى هذه الأمة فيها منافقوها وساق الحديث حتى ذكر أن الله يكشف ساقه ، فيسجد كان من يسجد لله إخلاصاً ، ويتصفح ظهر من كان يسجد لله نفاقاً ، أنتهت الأمة ما في الأمة إلا مصلٍ ، إما بإخلاص وإما بغير إخلاص ، ومن كان لا يصلي فسيقال له : أتبع من كنت تعبد ، سواء كان يعبد هواه أو يعبد المال أو يعبد غير ذلك ، ( تعس عبد الدينا تعس عبد الدرهم تعس عبد الخميصة ، تعس وانتكس وإذا شيك فلا أنتقش ) ( أفرأيت من أتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة ) ( إن الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقة ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار ) قاطع الصلاة قطع العهد الذي بينه وبين الله وقطه ما أمر الله به أن يوصل وبتركه للصلاة أفسد في الأرض ، هذه العقوبة فهل من توبة يا من عشت على ترك للصلاة ، والبعد عن أداء الصلاة ، هل من توبة ، هل أنت آتٍ إلى الحظرة القدسية بين يدي الله عز وجل لتنهل من العذب الصافي ولتتذوق العبادة ولتجد ما يجد المؤمنين ألا من توبة ( ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ) كم من أناس يذهبون إلى الصلاة ويتركون وراءهم قطاعاً للصلاة من أبنائهم ، يعملون لهم في دكاكينهم ومطاعهم ومتاجرهم وصنادقهم وسياراتهم وربما تركوهم أمام آلات اللهو والطرب في بيوتهم ، أين هؤلاء الأباء يوم أن يقال لهم : ( يا أيها الذين آمنوا قو أنفسكم وأهليكم ناراً ) كيف سيقون أنفسهم من النار وقد أوقعوا أولادهم في معصية الله ، ( كلكم راعٍ وكلكم مسؤولٌ عن رعيته ) فليتق الله الأباء والأمهات ، ( مروا أبنائكم للصلاة لسبع وأضربوهم عليها لعشر ) نسأل الله عزوجل بمنه وكرمه أن يهدينا وإياكم وأن يهدي أبناءنا وأبناءكم وبناتنا وبناتك وأهلينا وأهليكم ، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين ، اللهم لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك أنت الوهاب