تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : هـدي السـلـف فـي الـرد عـلـى الـمـخـالـف ( 4 )


سعيد شايع
01-10-2010, 05:15 AM
يا مرحبا بالحبيب
بين يديك الآن اللقاء الرابع من هذه السلسلة المباركة
أخي المبارك:
يظهر في ردود الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ على المخالفين عمق العلم والمعرفة للكلام
فيقول الصحابي الكلمة أو الكلمتين تجد أنها تتضمن أنواعاً من الفوائد والحكم
وترى في ردهم شمولية واعتدالاً وإنصافا ووضوحا
فهذا عمر الفاروق ـ رضي الله عنه ـ يقول عن النصارى:
( أهينوهم ، ولا تظلموهم ، فلقد سبوا الله مسبة ما سّبه إياها أحد من البشر )
فقوله ( أهينوهم ) يريد تحقيق البراءة من الكافرين ، كما قال الله
{ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء }
فحق الكفار العداوة والبغضاء حتى يؤمنوا بالله وحده ، وأن نُهِينَهُم حيث أهانهم الله ، ولذا قال سبحانه
{ ومن يهن الله فما له من مكرم }
ثم قال عمر ( لا أكرمهم إذ أهانهم الله ، ولا أعزهم إذ أذلهم الله ، ولا أُدْنِيهِم إذ أقصاهم الله )
فلا يكن في القلب لأعداء الله وأعداء دينه وعباده المؤمنين حب ولا مودة ولا إكرام
بل العداوة والبغضاء والكره ، ولا يمنع ذلك من أن تحببهم في دين الله وتدعوهم إليه
وتبين لهم الحق بالتي هي أحسن وبأنواع الأساليب الدعوية التي قد تنجيهم من الكفر
فــ " لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خيرا لك من حمر النعم "
وأعظم دعوة تدعوهم بها استقامتك على الدين ، فهي دعوة صامتة يرونها واقعا عمليا أما أعينهم
فتأثر فيهم من حيث لا تشعر أنت
وأما قول عمر: ( ولا تظلموهم )
فهذا مقتضى العدل والإقساط معهم ، كما قال تعالى
{ لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم.. }
انظر كيف فرّق ـ رضي الله عنه ـ بين حسن المعاملة مع الكفار وبغضهم والبراءة منهم
فلا يصح الخلط بين الأمرين ، فَيُجْعَلَ العَدْلُ والإقساط مع الكفار محبة وموالاة لهم
كما لا يصح أن يُجْعَلَ بغضهم وعداوتهم
ظلماً لهم
أو تعدياً عليهم
أو بخسا لحقوقهم
أو إهمالا في دعوتهم
خصوصا للمعاهدين منهم في بلادنا ، وهذه والله الذي لا إله غيره فرصة عظيمة ، فقد جاؤا إلينا
طوعا .. وخدمة .. وعملا ..
فلا نصدهم ونسيء إليهم ..
ولا ننقل لهم صورة غير الصورة الإسلامية الصحيحة ..
بل نريهم الإسلام حيا عمليا في عبادتنا وأخلاقنا وتعاملنا
ويتبين في ردود الصحابة على المخالفين:
حدة أذهانهم ودقة إفهامهم ، ومما يوضح ذلك أن عطاء بن يسار لمّا سأل أبا سعيد الخدري
ـ رضي الله عنه ـ عن الحرورية ، قال عطاء:
هل سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذكرهم ، فقال أبو سعيد: لا أدري مَنْ الحرورية
ولكني سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول:
" يخرج في هذه الأمة ـ ولم يقل منها ـ قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم ، يقرؤون القرآن لا يجاوز
حلوقهم ، أو حناجرهم ، يمرقون من الدين مروق السهم من الرميَّة .. الحديث " رواه مسلم
قال المازري:( هذا من أول الدلائل على سعة علم الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ ودقيق نظرهم
وتحريرهم الألفاظ ، وبين مدلولاتها الخفية
لأن لفظة " من "
تقتضي كونهم من الأمة لا من الكفار )
ويقرر الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ في ردهم على المخالفين والمبتدعين أن هذه البدع والمخالفة
للسنة لها صلة بالملل والديانات السابقة ، مما يدل على ذلك: ما قاله ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ
( اتقوا هذا الإرجاء ، فإنه شعبة من النصرانية )
ولا غرابة في ذلك ، فإن الأفكار والتصورات لا تموت ، يموت أصحابها وتبقى يتوارثها الذين
يقولون إنا وجدناآبائنا على أمة ، وأفعالهم وأفكارهم تقول
{ وإنا على آثارهم مقتدون }
والارتباط بين النصرانية والإرجاء الذي أشارت إليه مقالة ابن عباس يبدو ـ والله أعلم ـ أنه من
القواسم المشتركة بين الطائفتين ، فالنصارى زعموا أنهم أبناء الله وأحباؤه ، فيغلب على النصارى
التفريط والتقصير ، فلا يرون شيئاً حراماً ولا نجساً ، ومرجئة اليوم يدعون أنهم مؤمنون كاملو الإيمان
وهم يضيعوا الواجبات وينتهكوا المحرمات ، يقولون: ربك غفور رحيم وهم يتركون الواجبات ويرتكبون
المعاصي صغيرها وكبيرها.
لقد حفلت مرويات الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ وسيرهم بأنواع من الحوارات الهادفة والردود القوية
تجاه المخالفين ، نكتفي بمثال واحد لعله يكون في اللقاء القادم ، حتى لا أطيل عليك
أستودعك الله
و