العابري
17-07-2010, 01:08 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
من مكائد عدو الله أبليس ومصايده التي يصد بها عن طاعة الله عز وجل وذكره، هو التعلق بسماع المعازف والأغاني، التي هي كتاب الشيطان، والحجاب الكثيف عن الرحمن.
لقد صمت الآذان ، وضجت الأرض من كثرة الغناء والمعازف التي صارت كالهواء والماء، ولم تسلم منها حتى لعب أطفالنا وأجهزتنا التي نحتاج إليها، بل تعدى الأمر إلى ما هو أفضع وأشنع إذ تسللت الموسيقى عبر الجوالات إلى بيوت الله، فأصبحت تسمعها في المساجد والجوامع و لا حول ولا قوة إلا بالله.
ومما لا يختلف فيه اثنان و لا يحتاج معه إلى دليل أو برهان أن الغناء والمعازف تفعل في قلب صاحبها الأفاعيل، وتؤثر فيه الأثر العميق، بل حتى الحيوان البهيم الذي لا يعقل و لايفهم إذا ضربت له المعازف وطرقت مسامعه انقاد لها وتجاوب معها بعد ما كان ينفر ويشرد، مما يدلك على عظيم تأثير هذه المزامير في القلوب وأثرها البالغ في النفوس.
قال يزيد بن الوليد، وهو الخليفة الثاني عشر من خلفاء بني أمية : " يا بني أمية إياكم والغناءِ؛ فإنه يُنقصُ الحياءَ، ويزيدُ في الشهوةِ، ويهدمُ المروءةَ، وإنه لينوبُ عن الخمرِ، ويفعلُ ما يفعلُ السُكَرُ، فإن كنتم لا بد فاعلين فجنبوه النساءَ؛ إن الغناءَ داعيةٌ الزنى".
وكان مشهوراً عند العرب أن الرجل إذا أراد امرأةً على الفاحشةِ فأبت اجتهدَ أن يُسمعها صوتَ الغناءِ؛ قال خَالِدُ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: كُنَّا فِي عَسْكَرِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَسَمِعَ غَنَاءً مِنَ اللَّيْلِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ بُكْرَةً، فَجِيءَ بِهِمْ، فَقَالَ: " إِنَّ الْفَرَسَ لَتَصْهِلُ فَيَسُوقُ لَهُ الرَّمَكَةُ –أي أنثى الفرس- وَإِنَّ الْفَحْلَ ليهدِرَ فَتَضْبَعُ لَهُ النَّاقَةُ_ أي ترغب فيه-،وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَغَنَّى فَتَشْتَاقُ إِلَيْهِ الْمَرْأَةُ " فأيُّ رجلٍ بعدَ هذا يملكُ في نفسهِ شيئًا من الغيرةِ والرجولة يسمحُ لنسائهِ وبناتهِ إلى سماع هذا الغناء والخنا.، قال الفضيل بن عياض رضي الله عنه: " الغِنَاءُ رُقْيَةُ الزِّنَى، قال الإمام ابن القيم رحمه الله: " فلعمر الله كم من حرةٍ صارت بالغناء من البغايا ؟وكم من حرٍ أصبح به عبداً للصبيان أو الصبايا".
لذلك كان السلف يربون أولادهم على كره الغناء والترفع عن سماعه لما يعلمون من عواقبه الوخيمة على أخلاقهم وسلوكهم، كتب عمر بن عبدالعزيز إلى مؤدب ولده فقال له: (ليكن أول ما يعتقدون من أدبك بغض الملاهي التي بدؤها من الشيطان، وعاقبتها سخط الرحمن، فإنه بلغني عن الثقات من أهل العلم أن صوت المعازف واستماع الأغاني واللهج بها ينبت النفاق في القلب كما ينبت العشب على الماء)
إخواني:
هناك نصوص كثيرة من الكتاب والسنة تدل على تحريمِ الأغاني والمعازف، وفيها الوعيدِ الشديد لمن استحلَ ذلك أو أصر عليه.
ومن ذلك قول الحق تبارك وتعالى قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} فقد صح عن ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهما أن " لَهْوَ الْحَدِيثِ " هو: الغناء والاستماع له، بل كان ابن مسعود رضي الله عنه يحلف على ذلك.
ومن الأدلة على تحريم الغناء من القرآن قوله تعالى :{وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا} فقوله تعالى " بِصَوْتِكَ " قال مجاهد: هو اللهو والغناء والمزامير، قال الإمام القرطبي رحمه الله: " وفي الآية ما يدل على تحريم المزامير والغناء واللهو؛ لقوله: " وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ " على قول مجاهد، وما كان من صوت الشيطان أو فعله وما يستحسنه فواجب التنزه عنه"،.
ومن ذلك قوله تعالى( والذين لا يشهدون الزور وإذا مرّوا باللغو مرّوا كرامًا) قال محمد بن الحنفية : الزور هو الغناء؛ وتأمل قوله تعالي ( لا يشهدون الزور) ولم يقل ( لا يشهدون بالزور) تعلم أن المسألة فيها حضور وقيام على شيء ما .
إخواني:
أما من السنة فقد أخرج البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي مَالِك الْأَشْعَرِيّ رضي الله عنه قال: قال النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ، وَالْحَرِيرَ، وَالْخَمْرَ، وَالْمَعَازِفَ، وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ يَأْتِيهِمْ ـ يَعْنِي: الْفَقِيرُ ـ لِحَاجَةٍ، فَيَقُولُونَ: " ارْجِعْ إِلَيْنَا غَدًا "، فَيُبَيِّتُهُمْ اللَّهُ، وَيَضَعُ الْعَلَمَ – أي الجبل-، وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ" فالحديث في صحيح البخاري الذي هو أصح كتاب بعد كتاب الله، و لا يغرنك من يشكك في صحة هذا الحديث فقد أجاب العلماء عن ذلك وفندوا كل ما قيل حوله وليس هذا مقام بسطه.
وعن عمران بن حصين مرفوعا: " فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَقَذْفٌ "، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ: " يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَتَى ذَاكَ ؟ "، قَالَ: " إِذَا ظَهَرَتْ الْقَيْنَاتُ، وَالْمَعَازِفُ، وَشُرِبَتْ الْخُمُورُ " رواه الترمذي وغيره، وصححه الألباني رحمه الله ـ
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " صَوْتَانِ مَلْعُونَانِ في الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ: مِزْمَارٌ عِنْدَ نِعْمَةٍ، وَرَنَّةٌ عِنْدَ مُصِيبَةٍ" رواه البزار في مسنده، ورواته ثقات. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " هذا الحديث من أجود ما يحتج به على تحريم الغناء.
وجاء رجل إلى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما فقال: أرأيت الغناء أحلال هو أم حرام؟ وهذا الرجل يسأل عن غناء الأعراب الذي ليس فيه معازف وليس فيه تشبيب بالنساء فيسأله أهو حلال أم حرام. قال ابن عباس: لا أقول حرامًا إلا ما في كتاب الله. قال: أحلال هو؟ قال: ولا أقول ذلك. ثم قال ابن عباس رضي الله عنهما, أرأيت الحق والباطل إذا جاءا يوم القيامة فأين يكون الغناء؟ قال الرجل: يكون مع الباطل. قال ابن عباس: اذهب فقد أفتيت نفسك.
قال العلامة ابن القيم: فهذا جواب ابن عباس رضي الله عنهما عن غناء الأعراب الذي ليس فيه مدح الخمر والزنا والتشبيب بالأجنبيات وأصوات المعازف والآلات المطربات فإن غناء القوم لم يكن فيه شيء من ذلك ولو شاهدوا هذا الغناء – يعني في زمانه- لقالوا فيه أعظم قول فإن مضرته وفتنته فوق مضرة شرب الخمر بكثير وأعظم من فتنته ، فمن أبطل الباطل أن تأتي شريعة بإباحته" انتهى كلامه رحمه الله
أحبتي في الله:
القول بتحريم الغناء والمعازف والتحذير من ذلك، هو أمر فاضت به كتب العلماء واتفقت عليه كلمة العقلاء، حتى من ابتلي بسماع الغناء – نسأل الله الهداية للجميع – تراه معترفا مقرا بحرمته وأنه ليس من سبيل الله ولا من أبواب الخير، وعلم هذا من الضروريات التي لا يكابر فيها إلا مجادل بالباطل.
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي: (أما استماع آلات الملاهي المطربة المتلقاة من وضع الأعاجم ، فمحرم مجمع على تحريمه ، ولا يعلم عن أحد منهم الرخصة في شيء من ذَلِكَ ، ومن نقل الرخصة فيه عن إمام يعتد به فقد كذب وافترى) .
وقد سئل الإمام مالك رحمه الله عن الغناء، فقال: " إنما يفعله عندنا الفسَّاق ".
وقال سماحة الإمام الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله : الاستماع إلى الأغاني حرام ومنكر، ومن أسباب مرض القلوب وقسوتها وصدها عن ذكر الله وعن الصلاة -ثم قال- ومن زعم أن الله أباح الأغاني وآلات الملاهي فقد كذب وأتى منكراً عظيماً، نسأل الله العافية من طاعة الهوى والشيطان".
ختاماً:
ينبغي للمؤمن أن يتغنى بالقرآن كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح ( ( ليس منا من لم يتغن بالقرآن )) والمراد : أنه يجعله عوضا عن الغناء فيطرب به ويتلذذ ، ويجد فيه راحة قلبه وغذاء روحه ، كما يجد غيره ذلك في الغناء والشعر.
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطل وارزقنا اجتنابه.
اللهم إنا نعوذ بك من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن...يارب العالمين
من مكائد عدو الله أبليس ومصايده التي يصد بها عن طاعة الله عز وجل وذكره، هو التعلق بسماع المعازف والأغاني، التي هي كتاب الشيطان، والحجاب الكثيف عن الرحمن.
لقد صمت الآذان ، وضجت الأرض من كثرة الغناء والمعازف التي صارت كالهواء والماء، ولم تسلم منها حتى لعب أطفالنا وأجهزتنا التي نحتاج إليها، بل تعدى الأمر إلى ما هو أفضع وأشنع إذ تسللت الموسيقى عبر الجوالات إلى بيوت الله، فأصبحت تسمعها في المساجد والجوامع و لا حول ولا قوة إلا بالله.
ومما لا يختلف فيه اثنان و لا يحتاج معه إلى دليل أو برهان أن الغناء والمعازف تفعل في قلب صاحبها الأفاعيل، وتؤثر فيه الأثر العميق، بل حتى الحيوان البهيم الذي لا يعقل و لايفهم إذا ضربت له المعازف وطرقت مسامعه انقاد لها وتجاوب معها بعد ما كان ينفر ويشرد، مما يدلك على عظيم تأثير هذه المزامير في القلوب وأثرها البالغ في النفوس.
قال يزيد بن الوليد، وهو الخليفة الثاني عشر من خلفاء بني أمية : " يا بني أمية إياكم والغناءِ؛ فإنه يُنقصُ الحياءَ، ويزيدُ في الشهوةِ، ويهدمُ المروءةَ، وإنه لينوبُ عن الخمرِ، ويفعلُ ما يفعلُ السُكَرُ، فإن كنتم لا بد فاعلين فجنبوه النساءَ؛ إن الغناءَ داعيةٌ الزنى".
وكان مشهوراً عند العرب أن الرجل إذا أراد امرأةً على الفاحشةِ فأبت اجتهدَ أن يُسمعها صوتَ الغناءِ؛ قال خَالِدُ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: كُنَّا فِي عَسْكَرِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَسَمِعَ غَنَاءً مِنَ اللَّيْلِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ بُكْرَةً، فَجِيءَ بِهِمْ، فَقَالَ: " إِنَّ الْفَرَسَ لَتَصْهِلُ فَيَسُوقُ لَهُ الرَّمَكَةُ –أي أنثى الفرس- وَإِنَّ الْفَحْلَ ليهدِرَ فَتَضْبَعُ لَهُ النَّاقَةُ_ أي ترغب فيه-،وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَغَنَّى فَتَشْتَاقُ إِلَيْهِ الْمَرْأَةُ " فأيُّ رجلٍ بعدَ هذا يملكُ في نفسهِ شيئًا من الغيرةِ والرجولة يسمحُ لنسائهِ وبناتهِ إلى سماع هذا الغناء والخنا.، قال الفضيل بن عياض رضي الله عنه: " الغِنَاءُ رُقْيَةُ الزِّنَى، قال الإمام ابن القيم رحمه الله: " فلعمر الله كم من حرةٍ صارت بالغناء من البغايا ؟وكم من حرٍ أصبح به عبداً للصبيان أو الصبايا".
لذلك كان السلف يربون أولادهم على كره الغناء والترفع عن سماعه لما يعلمون من عواقبه الوخيمة على أخلاقهم وسلوكهم، كتب عمر بن عبدالعزيز إلى مؤدب ولده فقال له: (ليكن أول ما يعتقدون من أدبك بغض الملاهي التي بدؤها من الشيطان، وعاقبتها سخط الرحمن، فإنه بلغني عن الثقات من أهل العلم أن صوت المعازف واستماع الأغاني واللهج بها ينبت النفاق في القلب كما ينبت العشب على الماء)
إخواني:
هناك نصوص كثيرة من الكتاب والسنة تدل على تحريمِ الأغاني والمعازف، وفيها الوعيدِ الشديد لمن استحلَ ذلك أو أصر عليه.
ومن ذلك قول الحق تبارك وتعالى قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} فقد صح عن ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهما أن " لَهْوَ الْحَدِيثِ " هو: الغناء والاستماع له، بل كان ابن مسعود رضي الله عنه يحلف على ذلك.
ومن الأدلة على تحريم الغناء من القرآن قوله تعالى :{وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا} فقوله تعالى " بِصَوْتِكَ " قال مجاهد: هو اللهو والغناء والمزامير، قال الإمام القرطبي رحمه الله: " وفي الآية ما يدل على تحريم المزامير والغناء واللهو؛ لقوله: " وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ " على قول مجاهد، وما كان من صوت الشيطان أو فعله وما يستحسنه فواجب التنزه عنه"،.
ومن ذلك قوله تعالى( والذين لا يشهدون الزور وإذا مرّوا باللغو مرّوا كرامًا) قال محمد بن الحنفية : الزور هو الغناء؛ وتأمل قوله تعالي ( لا يشهدون الزور) ولم يقل ( لا يشهدون بالزور) تعلم أن المسألة فيها حضور وقيام على شيء ما .
إخواني:
أما من السنة فقد أخرج البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي مَالِك الْأَشْعَرِيّ رضي الله عنه قال: قال النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ، وَالْحَرِيرَ، وَالْخَمْرَ، وَالْمَعَازِفَ، وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ يَأْتِيهِمْ ـ يَعْنِي: الْفَقِيرُ ـ لِحَاجَةٍ، فَيَقُولُونَ: " ارْجِعْ إِلَيْنَا غَدًا "، فَيُبَيِّتُهُمْ اللَّهُ، وَيَضَعُ الْعَلَمَ – أي الجبل-، وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ" فالحديث في صحيح البخاري الذي هو أصح كتاب بعد كتاب الله، و لا يغرنك من يشكك في صحة هذا الحديث فقد أجاب العلماء عن ذلك وفندوا كل ما قيل حوله وليس هذا مقام بسطه.
وعن عمران بن حصين مرفوعا: " فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَقَذْفٌ "، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ: " يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَتَى ذَاكَ ؟ "، قَالَ: " إِذَا ظَهَرَتْ الْقَيْنَاتُ، وَالْمَعَازِفُ، وَشُرِبَتْ الْخُمُورُ " رواه الترمذي وغيره، وصححه الألباني رحمه الله ـ
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " صَوْتَانِ مَلْعُونَانِ في الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ: مِزْمَارٌ عِنْدَ نِعْمَةٍ، وَرَنَّةٌ عِنْدَ مُصِيبَةٍ" رواه البزار في مسنده، ورواته ثقات. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " هذا الحديث من أجود ما يحتج به على تحريم الغناء.
وجاء رجل إلى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما فقال: أرأيت الغناء أحلال هو أم حرام؟ وهذا الرجل يسأل عن غناء الأعراب الذي ليس فيه معازف وليس فيه تشبيب بالنساء فيسأله أهو حلال أم حرام. قال ابن عباس: لا أقول حرامًا إلا ما في كتاب الله. قال: أحلال هو؟ قال: ولا أقول ذلك. ثم قال ابن عباس رضي الله عنهما, أرأيت الحق والباطل إذا جاءا يوم القيامة فأين يكون الغناء؟ قال الرجل: يكون مع الباطل. قال ابن عباس: اذهب فقد أفتيت نفسك.
قال العلامة ابن القيم: فهذا جواب ابن عباس رضي الله عنهما عن غناء الأعراب الذي ليس فيه مدح الخمر والزنا والتشبيب بالأجنبيات وأصوات المعازف والآلات المطربات فإن غناء القوم لم يكن فيه شيء من ذلك ولو شاهدوا هذا الغناء – يعني في زمانه- لقالوا فيه أعظم قول فإن مضرته وفتنته فوق مضرة شرب الخمر بكثير وأعظم من فتنته ، فمن أبطل الباطل أن تأتي شريعة بإباحته" انتهى كلامه رحمه الله
أحبتي في الله:
القول بتحريم الغناء والمعازف والتحذير من ذلك، هو أمر فاضت به كتب العلماء واتفقت عليه كلمة العقلاء، حتى من ابتلي بسماع الغناء – نسأل الله الهداية للجميع – تراه معترفا مقرا بحرمته وأنه ليس من سبيل الله ولا من أبواب الخير، وعلم هذا من الضروريات التي لا يكابر فيها إلا مجادل بالباطل.
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي: (أما استماع آلات الملاهي المطربة المتلقاة من وضع الأعاجم ، فمحرم مجمع على تحريمه ، ولا يعلم عن أحد منهم الرخصة في شيء من ذَلِكَ ، ومن نقل الرخصة فيه عن إمام يعتد به فقد كذب وافترى) .
وقد سئل الإمام مالك رحمه الله عن الغناء، فقال: " إنما يفعله عندنا الفسَّاق ".
وقال سماحة الإمام الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله : الاستماع إلى الأغاني حرام ومنكر، ومن أسباب مرض القلوب وقسوتها وصدها عن ذكر الله وعن الصلاة -ثم قال- ومن زعم أن الله أباح الأغاني وآلات الملاهي فقد كذب وأتى منكراً عظيماً، نسأل الله العافية من طاعة الهوى والشيطان".
ختاماً:
ينبغي للمؤمن أن يتغنى بالقرآن كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح ( ( ليس منا من لم يتغن بالقرآن )) والمراد : أنه يجعله عوضا عن الغناء فيطرب به ويتلذذ ، ويجد فيه راحة قلبه وغذاء روحه ، كما يجد غيره ذلك في الغناء والشعر.
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطل وارزقنا اجتنابه.
اللهم إنا نعوذ بك من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن...يارب العالمين