سعيد شايع
09-06-2010, 07:35 AM
مــمــا يـــعـــيـــن عــلــى الـــتـــدبــــر ( 1 )
ذكر بعض أهل العلم طرقا تعين على تدبر القرآن من عمل بها وحاول تطبيقها سيحصل بها بإذن الله
ما ينشر به صدره ، وسيجد في قلبه لطائف ومعارف وأحوال ما كان ليحصل عليها ، ولم تخطر له
على بال ، سيجد معها يقينا ، وفصلا مبينا ، وحكمة بالغة ، وسيدرك من المعاني ما لم يدركه قبل
سيجد مع تلاوته للقرآن لذة وفهما وحظا وافرا يفتح له أبوابا بحسب اجتهاده وبذله وإقباله وعلمه
ويقينه وصبره ومجاهدته وذلك بحسب المواقف التي تمر به أو تستوقفه الآية أو السورة ، وبدون
هذه السبل وتلك الطرق سيتعثر ، ولن يدرك شيئا من تدبر القرآن
وفي هذا يقول الزركشي ـ رحمه الله ـ :
( من لم يكن له علم ، وفهم ، وتقوى ، وتدبر لم يدرك من لذة القرآن شيئا )
ومن المعينات التي ذكرها بعض أهل العلم ما يلي:.
أولا: معايشة معاني الآيات:
وهذه من أعظم ما يعين على تدبر القران إن لم يكن شرطاً له , ولذلك كان للصحابة ـ رضي الله عنهم ـ
أوفر الحظ وأعظم النصيب لتدبر القرآن لما شاهدوا من القرائن والأحوال التي اختصوا بها , فحصل لهم
الفهم التام , والعلم الصحيح , وزيادة الإيمان ، فلقد كانت الآيات تنزل في أمور باشروها بأيديهم أو
أبصروها بأعينهم , أو خاضوا غمارها فعاشوا حلوها ومرها , وفرحها وحزنها , وتكبدوا معاناتها
وأدركوا ملابساتها ، فكانت الآيات تقع في قلوبهم مواقعها , فمن خلالها يتوجهون ويعملون , وإليها
يردون ورود الظامئ إلى الماء البارد ، لقد كان القران ـ يا أخي الحبيب ـ نبراسا للصحابة ـ رضي الله
عنهم ـ ولمن آمن به من بعدهم , والقرآن قل فيه ذكر الأعيان , كالأسماء والأعداد والأماكن , وربما
يقصر معنى الآية على سبب نزولها , فكانت العبرة في أحكام الآيات بعموم اللفظ لا خصوص السبب
كما هو متقرر عند العلماء ، وكلما خلصت حياة الإنسان لله وتعلق قلبه بهم الآخرة والعمل لها , وصفا
قلبه من هموم الدنيا وزخرفها , وتطهر من لوثه تقديمها على الأخرى , وانشغل بما هو مفيد ونافع
وابتعد عن كل سبل الفساد والملهيات سيجد أنسا بالقران لا ينتهي
ويوجز هذا المعنى عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ بقوله
( لو طهرت قلوبكم ما شبعتم من كلام ربكم , وإني أكره أن يمر علي يوم لا أنظر فيه المصحف ).
فمن أراد العيش مع آيات القرآن , فلينظر ماذا يريده القرآن منه عندما يقرأه ، وليفتش في نفسه عن واقع
تلك الإرادة ما أثر وقعها في حياته , أعمل بها أم لا؟ وليتأمل وصف الله لتلك المواقف فيمن باشرها من
الأنبياء والصالحين قبله ، فيعيش المعاني عيشا لا يعبر عنه بوصف ، وجملة تلك الأوامر والنواهي أنك إذا
عملت بها وصلتك إلى النهاية الأبدية فتعيش إن عملت صاحا سعيدا في جنات النعيم ، أو تعيش تعيسا شقيا
إن عملت السيئات وتبقى الحسرة والندامة بقولك { يا ليتني قدمت لحياتي } تأمل في قوله ـ عز وجل ـ
{ يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم فأمنوا خيرا لكم }
ثم انظر كيف عانت الفئة المؤمنة مع أعدائها وكيف ثبتها الله ونصرها ، قال تعالى
{ إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا..}
ثم يتطلع بعد ذلك إلى الفرج والتمكين والظهور على الجاهلية وكيدها وقوتها ومكرها ، قال الله تعالى
{ وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا }
ويتطلع المسلم إلى النصر على الأعداء وأنه مرتبط بصحة المعتقد وصدق الإيمان وسلامة العمل الصالح
ولذا يقول ربنا - سبحانه وتعالى -:
{ وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات }
وهو يتأمل هذا الوعد الصادق وشروطه الواضحة يعيد النظر مرة أخرى ويقول ما سبب تأخر النصر والهزائم
المتلاحقة ، فإذا به يجد الجواب عند قوله سبحانه{ قل هو من عند أنفسكم } هذه من صور المعايشة مع
بعض الآيات يجدها المتأمل والمتطلع شعورا وحاله تمر به يتصور من خلالها ما يكشف الغم ويزيل الهم , وينقل
القلب من عالم الدنيا والضيق والألم إلى عالم أوسع , وتصور أرحب , ومراجعة ومحاسبة تقف به موقف يقول
عنده صدق الله { إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم }
بمعنى: إن تقيم دين الله وتعمل بكتابه وتتبع رسوله عندها ينصرك ويثبت الله أقدامك ، والله إنه لا يستطيع
الواحد منا أن يستفيد من القرآن إلا بالمعايشة مع آياته
يقول عبد الله بن شداد: سمعت نشيج عمر ـ رضي الله عنه ـ وأنا في آخر الصفوف وهو يقرأ
{ قل إنما أشكو بثي وحزني إلى الله}
وقال إبراهيم بن الأشعث: كان الفضيل بن عياض إذا قرأ هذه الآية
{ ونبلوا أخباركم }
بكى وقال: اللهم لا تبتلينا فإنك إذا بلوتنا فضحتنا وهتكت أستارنا
ذكر بعض أهل العلم طرقا تعين على تدبر القرآن من عمل بها وحاول تطبيقها سيحصل بها بإذن الله
ما ينشر به صدره ، وسيجد في قلبه لطائف ومعارف وأحوال ما كان ليحصل عليها ، ولم تخطر له
على بال ، سيجد معها يقينا ، وفصلا مبينا ، وحكمة بالغة ، وسيدرك من المعاني ما لم يدركه قبل
سيجد مع تلاوته للقرآن لذة وفهما وحظا وافرا يفتح له أبوابا بحسب اجتهاده وبذله وإقباله وعلمه
ويقينه وصبره ومجاهدته وذلك بحسب المواقف التي تمر به أو تستوقفه الآية أو السورة ، وبدون
هذه السبل وتلك الطرق سيتعثر ، ولن يدرك شيئا من تدبر القرآن
وفي هذا يقول الزركشي ـ رحمه الله ـ :
( من لم يكن له علم ، وفهم ، وتقوى ، وتدبر لم يدرك من لذة القرآن شيئا )
ومن المعينات التي ذكرها بعض أهل العلم ما يلي:.
أولا: معايشة معاني الآيات:
وهذه من أعظم ما يعين على تدبر القران إن لم يكن شرطاً له , ولذلك كان للصحابة ـ رضي الله عنهم ـ
أوفر الحظ وأعظم النصيب لتدبر القرآن لما شاهدوا من القرائن والأحوال التي اختصوا بها , فحصل لهم
الفهم التام , والعلم الصحيح , وزيادة الإيمان ، فلقد كانت الآيات تنزل في أمور باشروها بأيديهم أو
أبصروها بأعينهم , أو خاضوا غمارها فعاشوا حلوها ومرها , وفرحها وحزنها , وتكبدوا معاناتها
وأدركوا ملابساتها ، فكانت الآيات تقع في قلوبهم مواقعها , فمن خلالها يتوجهون ويعملون , وإليها
يردون ورود الظامئ إلى الماء البارد ، لقد كان القران ـ يا أخي الحبيب ـ نبراسا للصحابة ـ رضي الله
عنهم ـ ولمن آمن به من بعدهم , والقرآن قل فيه ذكر الأعيان , كالأسماء والأعداد والأماكن , وربما
يقصر معنى الآية على سبب نزولها , فكانت العبرة في أحكام الآيات بعموم اللفظ لا خصوص السبب
كما هو متقرر عند العلماء ، وكلما خلصت حياة الإنسان لله وتعلق قلبه بهم الآخرة والعمل لها , وصفا
قلبه من هموم الدنيا وزخرفها , وتطهر من لوثه تقديمها على الأخرى , وانشغل بما هو مفيد ونافع
وابتعد عن كل سبل الفساد والملهيات سيجد أنسا بالقران لا ينتهي
ويوجز هذا المعنى عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ بقوله
( لو طهرت قلوبكم ما شبعتم من كلام ربكم , وإني أكره أن يمر علي يوم لا أنظر فيه المصحف ).
فمن أراد العيش مع آيات القرآن , فلينظر ماذا يريده القرآن منه عندما يقرأه ، وليفتش في نفسه عن واقع
تلك الإرادة ما أثر وقعها في حياته , أعمل بها أم لا؟ وليتأمل وصف الله لتلك المواقف فيمن باشرها من
الأنبياء والصالحين قبله ، فيعيش المعاني عيشا لا يعبر عنه بوصف ، وجملة تلك الأوامر والنواهي أنك إذا
عملت بها وصلتك إلى النهاية الأبدية فتعيش إن عملت صاحا سعيدا في جنات النعيم ، أو تعيش تعيسا شقيا
إن عملت السيئات وتبقى الحسرة والندامة بقولك { يا ليتني قدمت لحياتي } تأمل في قوله ـ عز وجل ـ
{ يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم فأمنوا خيرا لكم }
ثم انظر كيف عانت الفئة المؤمنة مع أعدائها وكيف ثبتها الله ونصرها ، قال تعالى
{ إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا..}
ثم يتطلع بعد ذلك إلى الفرج والتمكين والظهور على الجاهلية وكيدها وقوتها ومكرها ، قال الله تعالى
{ وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا }
ويتطلع المسلم إلى النصر على الأعداء وأنه مرتبط بصحة المعتقد وصدق الإيمان وسلامة العمل الصالح
ولذا يقول ربنا - سبحانه وتعالى -:
{ وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات }
وهو يتأمل هذا الوعد الصادق وشروطه الواضحة يعيد النظر مرة أخرى ويقول ما سبب تأخر النصر والهزائم
المتلاحقة ، فإذا به يجد الجواب عند قوله سبحانه{ قل هو من عند أنفسكم } هذه من صور المعايشة مع
بعض الآيات يجدها المتأمل والمتطلع شعورا وحاله تمر به يتصور من خلالها ما يكشف الغم ويزيل الهم , وينقل
القلب من عالم الدنيا والضيق والألم إلى عالم أوسع , وتصور أرحب , ومراجعة ومحاسبة تقف به موقف يقول
عنده صدق الله { إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم }
بمعنى: إن تقيم دين الله وتعمل بكتابه وتتبع رسوله عندها ينصرك ويثبت الله أقدامك ، والله إنه لا يستطيع
الواحد منا أن يستفيد من القرآن إلا بالمعايشة مع آياته
يقول عبد الله بن شداد: سمعت نشيج عمر ـ رضي الله عنه ـ وأنا في آخر الصفوف وهو يقرأ
{ قل إنما أشكو بثي وحزني إلى الله}
وقال إبراهيم بن الأشعث: كان الفضيل بن عياض إذا قرأ هذه الآية
{ ونبلوا أخباركم }
بكى وقال: اللهم لا تبتلينا فإنك إذا بلوتنا فضحتنا وهتكت أستارنا