تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : روائع الاسحار


ابن حرق
07-06-2010, 06:04 PM
روائع الاسحار

للشيخ ابراهيم الدويش

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم

قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا } (المزمل:1-4)

عند نزول هذه الآيات قال نبينا صلى الله عليه وسلم لزوجته ::: مضى عهد النوم يا خديجة!

{ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا}(الاسراء:79).

مضى عهد النوم يا خديجة!

{ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }(السجدة:16-17)


روائع الأسحار

الحديث:"إذا مضى شطر الليل، أو ثلثاه، ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا. فيقول: هل من سائل يعطي! هل من داع يستجاب له! هل من مستغفر يغفر له! حتى ينفجر الصبح". التخريج: الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 758، خلاصة الدرجة: صحيح.

يقول ذلك الرب جل وعلا فى كل ليلة، فى ثلث الليل حتى يطلع الفجر،

إن لله ريحاً مخزونة تحت العرش تهب عند الأسحار فتحمل الأنين والاستغفار.
الأسحار وقت سكون الليل، وقت خلو البال.
الأسحار يجتمع فيه القلب.
الأسحار تسمو فيه الروح.
الأسحار تصفو فيه النفس.
الأسحار يهدأ فيه الصوت.
الأسحار هى نعيم الدنيا وبهجته.


قيام الليل !
يا راقد ملأ الكرى أجفانه وإذا تيقظ فهو أيضاً راقد..

قيام الليل من أفضل الطاعات، وأجلّ القرابات بعد الصلاة المفروض كما قال- صلى الله عليه وآله وسلم-: "أفضل الصلاة بعد المكتوبة، الصلاة في جوف الليل" الراوي: جندب بن عبدالله و أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 1116، خلاصة الدرجة: صحيح.
، كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة.

و الأسحار: هي جمع سحر وهو آخر الليل، قبيل الصبح، وقيل هو ثلث الليل الأخير إلى طلوع الفجر،

وقيل السحرة هي الساعة التي تفتح فيها أبواب الجنة. نسأل الله الكريم الجنة:


قلت لليل هل بجوفك سـر عامر بالحديث والأســرار

قال لم ألقى في حياتي حديثاً كحديث الأحباب في الأسحار


قال القاسمي في محاسن التأويل أن الزمخشري قال في أساس البلاغة: "إنما سُمي السحرة استعارة لأنه وقت ادبار الليل واقبال النهار فهو متنفس الصباح".

الأسحار: وقت سكون الليل وخلو البال يجتمع فيه القلب وتسمو فيه الروح وتصفو فيه النفس ويهدأ فيه الصوت.

سل الليل عن الأحباب فعنده الخبر؛ فلا تسمع إلا همسات المحبين وأزيز الخاشعين وأنين التائبين وآهات المذنبين.

الأسحار: أفضل الأوقات للتطوع بالصلاة وأقرب ما يكون العبد من ربه، وهي وقت الذكر والصفاء وفتح أبواب السماء واستجابة الدعاء، ووقت الشوق والحنين ورفع حوائج المسلمين لمالك يوم الدين، وهي وقت نزول الرحمة وحضور الملائكة، ووقت التنزل الإلهي.

نحن الذين إذا أتانـا سائـــل نوليه إحساناً وحسن تكرم
ونقول في الأسحار هل من تائب مستغفر لينال خير المغنـم




الأسحار هي نعيم الدنيا وبهجتها. نعم والله ؛ فهي المنهج العدل للصالحين، وهي المورد الزلال للمتقين،

وفي "الزهد" لأحمد بن حنبل أن داود سأل جبريل فقال: "يا جبريل! أي الليل أفضل؟ فقال: داود، أو قال: يا داود! ما أدري إلا أنا العرش يهتز من السحر".


وروي أن يعقوب عليه السلام لما قال له أبناءه: استغفر لنا، أخرهم إلى السحر بقوله:{ قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي}(يوسف:98).

قال سفيان:"إن لله ريحاً مخزونة تحت العرش تهب عند الأسحار فتحمل الأنين والاستغفار".

يا طيب مأكلهم وطيب مشربهم وطيب ما نزلوا وطيب ما ساروا
هو اللذاذ وإن عزت مطالبــه وهي الأماني وإن شطت به الدار
إن ينطقوا فتلاوات وأذكـار أو يسكتوا فاعتبارات وأفكــار
حــدّث حديثهـم لله درهـم ففي حديثهـم شـرب واسكار





روائع الأسحار: حديث عبير كلماته من نسيم السحر وأريج ألفاظه من أنفاس المتهجدين.

أتاك حديث لا يمل سماعـه شهي إلينـا نثـره ونظامـه
إذا ذكرته النفس زال عناؤها وزال عن القلب المعنى ظلامه


معاشر القائمين والقائمات!
إننا لنعجب لحالنا هذه الأيام ، فتور عجيب وضعف غريب، ففي رمضان كنا نصلي الليل ساعة وساعتين وثلاث، ونصلي إحدى عشر ركعة وثلاث وعشرين، وفي هذه الأيام نجاهد أنفسنا على الركعة والثلاث والخمس وننقرها نقر الغراب!

الخير بادي فيك والإحسان والذكر والقرآن يا رمضـــان
والليل فيك نسائم هفهافــة حنت لطيب عبيرها الرهبان

أيها الأخوة والأخوات!
أن نصاب بالفتور والضعف في بعض الأحيان وخاصة بعد النشاط أمر طَبَيعي وأمر جبلي في النفس كما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "إن لكل عمل شِره والشِرة إلى فتره فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد ضل" كما في "المسند" لأحمد وصححه الألباني في صحيح الجامع.
وكان -صلى الله عليه وسلم- يستعيذ من الفتور كما في الصحيحين من حديث عائشة -رضي الله تعالى عنها- أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يتعوذ ويقول: "اللهم إني أعوذ بك من الكسل والهرم والمأثم والمغرم" .
وفي البخاري من حديث أنس -رضي الله تعالى عنه- أنه سمع الرسول -صلى الله عليه وسلم- كثيراً يقول: "اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن وضلع الدين وغلبة الرجال" .

وكان يقول حبيبكم -صلى الله عليه وآله وسلم- إذا قام من الليل يتهجد: "اللهم لك الحمد أنت قيم السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد، لك ملك السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد، أنت نور السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد، أنت ملك السموات والأرض، ولك الحمد، أنت الحق، ووعدك الحق، ولقاءك حق، وقولك حق، والجنة حق، والنار حق، والنبيون حق، ومحمد -صلى الله عليه وسلم- حق، والساعة حق، اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت؛ فاغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت"
.
بمثل هذه الكلمات، وبمثل هذه المناجاة، تحن القلوب إلى مولاها وتشتاق للسهر: اعتراف، وإقرار، وتمثيل، وإنكسار:


فيا عازل بالأسحار لا تعزل المشتاق في أشواقه.
حتى يكون حشاءك في أحشائه.

فبمثل هذه الكلمات تناجوا ربكم ,, ثم يشرع الإمام ليشق سكون الليل بصوته الرخيم ويرتل القرآن؛ فتقفون عند عجائبه وزواجله، وتتحرك به القلوب؛ فبين خاشع وباك، ومتأوه وشاك، ثم تركعون للعظيم؛ فتناجونه بالتعظيم، بقلوب كسيرة، ونفوس فقيرة: "اللهم لك ركعنا، وبك آمنا، ولك أسلمنا، وعليك توكلنا، أنت ربنا، خشعت أسماعنا وأبصارنا ودماءنا ولحومنا وعظامنا وعصبنا لله رب العالمين" ، كما في صحيح مسلم.

فلا إله إلا الله! ما أطيب هذه الكلمات! وما أجمل هذه المناجاة! حتى الدماء واللحوم، بل حتى الأعصاب والعظام، خشعت لله رب العالمين. لم يعد الخشوع في القلب فقط، بل سرت المحبة في الأجزاء كلها؛ فلم يبقى فيها عرق ولا مفصل إلا وقد دخله الحب. خالط القرآن اللحم والدم فاستنار القلب وانشرح الصدر.


وكلهم بات بالقرآن مندمجاً كأنه الدم يسري في خلاياه
فالأذن سامعة والعين دامعة والروح خاشعة والقلب أواه

ثم تأتي لحظات السجود. للواحد المعهود. فيالها سجدة! ما أشرفها من سجدة! فهي لب القيام! كيف لا وهي ساعة القرب من الرب كما قال خير الساجدين -صلى الله عليه وسلم-: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد؛ فأكثروا فيه من الدعاء" ، كما في صحيح مسلم.

فسجد خاضعاً خاشعاً ذليلاً منكسراً يذكر محبوبه ويتوجه إليه ويستعطفه ويتملق بين يديه: "سجد لك سوادي وخيالي، وآمن بك فؤادي، وأبوء بنعمتك علي، هذي يدي وما جنيت على نفسي" ، كما كان صلى الله عليه وسلم يقول كما في البزار والحاكم.

عذراً أيها الأحبة. فلا أستطيع وصف حال الساجدين في الأسحار. فما يذاق بالقلب لا يمكن أبداً وصفه باللسان، وعبارة النسيم لا يفهمها إلا المشتاق، لكن لو رأيتهم وهم سجود والخدود شهود؛ فقائل لا أعود، وقائل هل تجود، وقائل هل أنا مطرود، وقائل كيف الورود.


تأله قلبي لما سجـدت أهيم بمحراب خير الأنــام
وأرسل من شفتيه الدعاء وجيباً وفي السمع سجع الحمام
وفي أعيني من سنـا الله برق يحس ولكنه لا يشــام
له في خلاياي دفع ورفع إلى شرفات حماً لا يــرام
أغيب كمن نام في نشـوة ونفسي عيونها ولى تنـام
وأشعر أن كياني تمـــدد حتى تخطى الدنا والحطـام
أقول سموت وفوق السمو أقول ثملت وما من مُـــدام
أقول ارتويت أجــل لا وكيف ارتويت وكلــي أوام
ألا إنها نعيمات التجلــي هياب سجود يفوق الهيــام
فسبحانك الله ملئ الوجـود وملئ السجود وملئ القيـام

ثم تأتي لحظات السحر الأعلى: قبيل الآذان، وهي ما بعد الصلاة. فإذا صلى جلس مطرقاً بين يدي ربه هيبة له وإجلالاً، واستغفره استغفار من قد تيقن أنه هالك إن لم يُغفر له، إن لم يَغفر له ويرحمه، ولسان حاله يقول: إلهي انصرف الناس إلى خدورهم فخلا كل خليل بخليله يناجيه وبقيت أنا أناجيك وأنا أحبك وأحب من يحبك، فأنت عندي كروحي بل أنت منها أحبُ، حسبي من الحب أني بما تحب أحب. هكذا كان حالنا في رمضان مع قيام الليل وفي العشر الأواخر.

وفي لحظات الأسحار، هكذا ذقنا حلاوة القيام، وذقنا روعة المناجاة في الأسحار، ولنا في رمضان دروس وعبر يجب أن لا تنتهي بنهايته بل هي وقود وزاد للمسلم في العام كله.

وروائع الأسحار، روائع الأسحار، ليست خاصة في رمضان، بل هي والله على الدوام، هذا القرآن يذكر لنا صورة من روائع الأسحار فيقول الحق عزوجل: { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ }(الذاريات:15-18).
تأمل هذه الآيات، سورة جميلة، سورة جميلة لأهل الأسرار في الأسحار، فهم ينامون قليلاً ويتهجدون كثيراً ومع ذلك يستغفرون وكأنهم مجرمون لكنه اتهام النفس، واستصغار العمل، فاالمخلص لا يرضى بشيء من عمله، وفي هذا من الافتقار والانكسار، للعزيز الغفار، ما يملأ القلب سعادة وانشراح، ويعجز عن وصفه اللسان.


لبست ثوب الرجا والناس قد رقدوا***** وقمت أشكو إلى مولاي ما أجدُ
وقلـت يا عدتي في كل نائبــة***** ومن عليه لكشف الضر اعتمدوا
أشكـو إليك أموراً أنت تعلمها *****مالي على حملها صبر ولا جلدُ
وقد مددت يدي بالذل معترفــا ******إليك يا خير من مُدت إليه يــدُ
فلا تردنهـــا يا ربي خائبــة ******فبحر جودك يروي كل من يردُ

منقول من موقع الطريق الى الله

ابن حرق
07-06-2010, 06:39 PM
لاإله إلا الله 14 زيارة ولا واحد وضع دعوة طيبه ولاشكر ولاشي لاحول ولاقوة الا بالله.....؟؟؟

عبدالله بن حسن
20-08-2010, 02:13 PM
اهانك الله وسدد خطاك ووفقك لكل خير

المناضل السليماني
29-08-2010, 03:49 PM
بيض الله وجهك ورفع قدرك وكتب أجرك

ومشكور على هذه الرائعة

ننتظر جديدك يالغالي

سلطان زمانه
19-09-2010, 11:28 PM
بيض الله وجهك ورفع قدرك وكتب أجرك

ومشكور على هذه الرائعة
وغفر الله لك ولوالديك