سعيد شايع
14-04-2010, 07:35 AM
أخي المسلم
أهلا وسهلا بك ومع الوقفة الرابعة والتي تحمل عنوان
[[ تمحيص وتكفير ]]
لا أشك أنك تعلم أنه لا بد من الألم ... فهو موجود في الدنيا ، لأن الله تعالى خلق دارين:
دار الدنيا وهي مزيج من الخير والشر ، ودار الآخرة وهي إما خير محض وذلك في الجنة
وإما شر محض وذلك في النار ، فما دمنا في الدنيا فلا بد إذن من الألم ، قال تعالى
{ وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ }
لكن الفرق بين المؤمن وغيره ، أن المؤمن موعود بالثواب على الصبر والاحتساب ، وعنده من العلم
الإلهي ما يملأ نفسه صبراً ورضىً ، فما من ألم يصيبه إلا ويكون كفارة له أو رفعاً لدرجته ، ومهما
صبر على المصائب فإنها تنقلب في حقه نعمة لما كان محتسباً ، لذا قال الحبيب ـ صلوات ربي وسلامه عليه ـ
" ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب , ولا هم ولا حزن , ولا غم ولا أذى , حتى الشوكة يشاكها , إلا كفر
الله بها من خطاياه " متفق عليه
ومعنى النصب والوصب: المرض والتعب
وقد ذَكَرَ اللهُ ـ سبحانه ـ أجْرَ المؤمنين بينَ آياتِ الابتلاءِ ، فقالَ عَزَّ مِن قائلٍ
{ وَالَذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ }
فالأجر ثابت على كل ألم نفسي أو حسي تصاب به , وقد جاء في صحيح مسلم
أن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ دخل على أم السائب ـ رضي الله عنها ـ فقال لها: مالك تزفزفين؟
قالت: الحمى لا بارك الله فيها , فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ
لا تسبي الحمى فإنها تذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد "
وقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ
" ما من مسلم يصيبه أذى من مرض إلا حط الله تعالى به سيئاته كما تحط الشجرة ورقها " متفق عليه
هذا في أذى من مرض , فكيف إذا فقدت المرء فلذة كبده؟
جاء في الحديث أن الله ـ عز وجل ـ يقول لملائكته إذا قبضوا روح ولد عبده " قبضتم ولد عبدي؟
فيقولون: نعم! فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟
فيقولون: نعم , فيقول: ماذا قال عبدي؟
فيقولون: حمدك وأسترجع , فيقول الله: ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد "
أخرجه الترمذي وحسنة الألباني ، ويقول ـ سبحانه ـ في الحديث القدسي
" ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صيفه من أهل الدنيا ثم أحتسبه إلا الجنة " رواه البخاري
إذن البلاء تمحيص وتكفير ورفع للدرجات , نعم درجات ليبلغ بها المؤمن المنزلة العالية في الجنة , ولا
يكن ذلك إلا بفضل الله ثم بفضل صبره واحتسابه على البلاء والابتلاء
وقد ضرب لنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ مثلاً معبراً للمؤمن في هذه الحياة ، فقال
" مثل المؤمن كمثل الزرع لا تزال الريح تميله ، ولا يزال المؤمن يصيبه البلاء ، ومثل المنافق كمثل شجرة
الأَرْزِ لا تهتز حتى تُستحصد " رواه مسلم
تأمل في جذور الزرع كيف اختلطت وغاصت وتمددت في الأرض بل وتماسكت وشد بعضها بعضا
فالريح وإنْ أمالت الزرع فإنها لا تطرحه ولا تكسره ولا تسقطه ، وكذلك المؤمن فإنّ المصائب وإنْ آلمته
وأحزنته فإنها لا يمكن أنْ تهزمه أو تنال من إيمانه شيئاً ، ذلك أنّ إيمانه بالله عاصمُه من ذلك ، وهذه
الدنيا مليئة بالحوادث والفواجع ، والأمراض والقواصم ، فبينا الإنسان يسعد بقرب عزيز أو حبيب إذا هو
يفجع ويفاجأ بخبر مرضه أو وفاته ، وبينا الإنسان في صحة وعافية وسلامة وسعة رزق إذا هو يُفجع
ويفاجأ بمرض يكدر حياته ويقضي على آماله ، أو بضياع مال أو وظيفة تذهب معه طموحاته ، وتفسد
أهدافه ورغباته ، إن في هذه الدنيا منح ومحن ، وأفراح وأتراح ، وآمال وآلام ، فدوام الحال من المحال
والصفو يعقبه الكدر ، والفرح فيها مشوب بترح وحذر وهيهات أنْ يضحك من لا يبكي ، وأنْ يتنعّم من لم
يتنغَّصْ ، أو يسعدَ من لم يحزنْ !! هكذا هي الدنيا ، وهذه أحوالها ، وليس للمؤمن الصادق فيها إلا الصبر
فذلكم دواء أدوائها ، قال الحسن ـ رحمه الله ـ
" جرَّبْنا وجرَّب المجرِّبون فلم نر شيئاً أنفع من الصبر ، به تداوى الأمور ، وهو لا يُداوى بغيره "
قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ
" وما أعطي أحد عطاء خيراً وأوسع من الصبر " رواه البخاري
وكان أمر المؤمن من بين الناس أمراً عجيباً ، لأنّه
" إنْ أصابته سراءُ شكر فكان خيراً له ، وإن أصابته ضراءُ صبر فكان خيراً له " رواه مسلم.
هذا وإلى لقاء آخر ومع وقفة أخرى إن شاء الله .
أهلا وسهلا بك ومع الوقفة الرابعة والتي تحمل عنوان
[[ تمحيص وتكفير ]]
لا أشك أنك تعلم أنه لا بد من الألم ... فهو موجود في الدنيا ، لأن الله تعالى خلق دارين:
دار الدنيا وهي مزيج من الخير والشر ، ودار الآخرة وهي إما خير محض وذلك في الجنة
وإما شر محض وذلك في النار ، فما دمنا في الدنيا فلا بد إذن من الألم ، قال تعالى
{ وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ }
لكن الفرق بين المؤمن وغيره ، أن المؤمن موعود بالثواب على الصبر والاحتساب ، وعنده من العلم
الإلهي ما يملأ نفسه صبراً ورضىً ، فما من ألم يصيبه إلا ويكون كفارة له أو رفعاً لدرجته ، ومهما
صبر على المصائب فإنها تنقلب في حقه نعمة لما كان محتسباً ، لذا قال الحبيب ـ صلوات ربي وسلامه عليه ـ
" ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب , ولا هم ولا حزن , ولا غم ولا أذى , حتى الشوكة يشاكها , إلا كفر
الله بها من خطاياه " متفق عليه
ومعنى النصب والوصب: المرض والتعب
وقد ذَكَرَ اللهُ ـ سبحانه ـ أجْرَ المؤمنين بينَ آياتِ الابتلاءِ ، فقالَ عَزَّ مِن قائلٍ
{ وَالَذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ }
فالأجر ثابت على كل ألم نفسي أو حسي تصاب به , وقد جاء في صحيح مسلم
أن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ دخل على أم السائب ـ رضي الله عنها ـ فقال لها: مالك تزفزفين؟
قالت: الحمى لا بارك الله فيها , فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ
لا تسبي الحمى فإنها تذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد "
وقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ
" ما من مسلم يصيبه أذى من مرض إلا حط الله تعالى به سيئاته كما تحط الشجرة ورقها " متفق عليه
هذا في أذى من مرض , فكيف إذا فقدت المرء فلذة كبده؟
جاء في الحديث أن الله ـ عز وجل ـ يقول لملائكته إذا قبضوا روح ولد عبده " قبضتم ولد عبدي؟
فيقولون: نعم! فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟
فيقولون: نعم , فيقول: ماذا قال عبدي؟
فيقولون: حمدك وأسترجع , فيقول الله: ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد "
أخرجه الترمذي وحسنة الألباني ، ويقول ـ سبحانه ـ في الحديث القدسي
" ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صيفه من أهل الدنيا ثم أحتسبه إلا الجنة " رواه البخاري
إذن البلاء تمحيص وتكفير ورفع للدرجات , نعم درجات ليبلغ بها المؤمن المنزلة العالية في الجنة , ولا
يكن ذلك إلا بفضل الله ثم بفضل صبره واحتسابه على البلاء والابتلاء
وقد ضرب لنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ مثلاً معبراً للمؤمن في هذه الحياة ، فقال
" مثل المؤمن كمثل الزرع لا تزال الريح تميله ، ولا يزال المؤمن يصيبه البلاء ، ومثل المنافق كمثل شجرة
الأَرْزِ لا تهتز حتى تُستحصد " رواه مسلم
تأمل في جذور الزرع كيف اختلطت وغاصت وتمددت في الأرض بل وتماسكت وشد بعضها بعضا
فالريح وإنْ أمالت الزرع فإنها لا تطرحه ولا تكسره ولا تسقطه ، وكذلك المؤمن فإنّ المصائب وإنْ آلمته
وأحزنته فإنها لا يمكن أنْ تهزمه أو تنال من إيمانه شيئاً ، ذلك أنّ إيمانه بالله عاصمُه من ذلك ، وهذه
الدنيا مليئة بالحوادث والفواجع ، والأمراض والقواصم ، فبينا الإنسان يسعد بقرب عزيز أو حبيب إذا هو
يفجع ويفاجأ بخبر مرضه أو وفاته ، وبينا الإنسان في صحة وعافية وسلامة وسعة رزق إذا هو يُفجع
ويفاجأ بمرض يكدر حياته ويقضي على آماله ، أو بضياع مال أو وظيفة تذهب معه طموحاته ، وتفسد
أهدافه ورغباته ، إن في هذه الدنيا منح ومحن ، وأفراح وأتراح ، وآمال وآلام ، فدوام الحال من المحال
والصفو يعقبه الكدر ، والفرح فيها مشوب بترح وحذر وهيهات أنْ يضحك من لا يبكي ، وأنْ يتنعّم من لم
يتنغَّصْ ، أو يسعدَ من لم يحزنْ !! هكذا هي الدنيا ، وهذه أحوالها ، وليس للمؤمن الصادق فيها إلا الصبر
فذلكم دواء أدوائها ، قال الحسن ـ رحمه الله ـ
" جرَّبْنا وجرَّب المجرِّبون فلم نر شيئاً أنفع من الصبر ، به تداوى الأمور ، وهو لا يُداوى بغيره "
قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ
" وما أعطي أحد عطاء خيراً وأوسع من الصبر " رواه البخاري
وكان أمر المؤمن من بين الناس أمراً عجيباً ، لأنّه
" إنْ أصابته سراءُ شكر فكان خيراً له ، وإن أصابته ضراءُ صبر فكان خيراً له " رواه مسلم.
هذا وإلى لقاء آخر ومع وقفة أخرى إن شاء الله .