المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وقـفـة ثـالــثـة مـــع الإبـــتـــلاءات


سعيد شايع
11-04-2010, 07:53 AM
أهلا ومرحبا بك أخي الحبيب ومع هذه الصفحة الجديدة

من صفحات هذا المجلس المبارك

ومع الوقفة الثالثة والتي تحمل عنوان

[[ لـلـمـــــــؤمـــــــن فـــــــقـــــــط ]]

ولذا يقول المصطفى ـ عليه الصلاة والسلام ـ

" عجبا لأمر المؤمن , إن أمره كله له خير , وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له

وإن أصابته ضراء صبر فكان خير له " رواه مسلم

تأمل في هذا الحديث الذي يحمل السر العظيم وهو

" ليس ذاك لأحد إلا للمؤمن "

فالمؤمن لا تزحزحه المضايقات ولا المناوشات ، ولا التهديدات ، ولا تذهب به الوساوس كل مذهب

بل يسكن إلى عقيدته يطمئن إليها ، آمناً من كل مكروه ، إلا ما كان من قدر الله ، موقناً أن الله

لا يريد به إلا خيراً ، فذلك أمر المؤمن الذي ليس إلا لمؤمن ، ولا شك أن كل ذلك مرتبط بحقيقة العبودية

لله ـ عز وجل ـ وبحكمة الابتلاء ، فالمسلم مستسلم لأمر الله الشرعي راضٍ بأمره القدري ، مؤمن بأنه

لا يكون أمر في الكون إلا بعلم الله وقدره ، وأن هذا الكون وما يجري فيه لم يخلق عبثًا ، بل لحكمة

عَلِمَها من عَلِمَها وجَهِلَها من جَهِلَها ،

وفي الحديث سر عجيب ألا وهو تداخل الشكر والصبر، فيبدو الشكر أعم من الصبر من بعض الوجوه

والصبر أعم من الشكر من وجوه أخرى ، ومما يبدو به الشكر أعم : لأنه يكون على كل ما قضى الله

بما في ذلك ما يستوجب الصبر ، فالمؤمن يشكر ربه على ما نزل به من ضراء ويصبر ، وشكره ذلك

لإيمانه الراسخ بأن الله حكيم رحيم ، فالخير فيما اختاره ، وما ظنه العبد مصيبة هو بعاقبته نعمة

ويكفي أن الله يكفِّر بها خطاياه ويكتبها له في حسناته إلى يوم يلقاه ، والمقصود :

أن كل ما يستوجب صبر المؤمن فإن الشكر يخالطه ، فهو بهذا المعنى أعم من الصبر ، ما يصيب الإنسان

إن كان يسره فهو نعمة بينة , وإن كان يسوؤه فهو نعمة , من جهة أن يكفر خطاياه ويثاب بالصبر عليه

ومن جهة أن فيه حكمة ورحمة وخير لا يعلمه العبد

{ فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا }

هذا هو الإسلام لا يصادم الفطرة , ولا يمار بها ولا يحرم عليها المشاعر الفطرية التي ليس إلى إنكارها

من سبيل , ولكنه يعالج الأمر من جانب آخر , ويسلط عليه نورا جديدا , فالابتلاء على أسمه ابتلاء

والمصيبة كذلك على اسمها مصيبة , لكن وقوعها ونزولها على المؤمن لها طعم آخر , فيعلم أن من وراء

ذلك حكمة تهون المشقة , فتساغ مرارتها بالصبر واليقين فيتحقق خيرا مخبوءا قد لا يراه النظر الإنساني

القصير , فإذا أصابت المؤمن المصيبة والبلاء , فصبر وشكر عندها تفتح له نافذة جديدة يطل منها على

حقيقة الأمر , نافذة تهب منها ريح رخية عندما تحيط به الكروب , وتشق عليه الأمور , يقف وكأنه يقول:

لعل وراء المكروه خيرا , ووراء المحبوب شرا , فعلم أن الذي ابتلاه هو الذي أنعم عليه سنين , والذي

أخذ منه هو الذي أغدق عليه سنين , ولا تظن يا ـ أخي المصاب ـ أن كل ما تكرهه نفسك فهو مكروه

على الحقيقة , ولا كل ما تهواه نفسك هو نافع لك ومحبوبا كلا , بل هو كما قال الله

{ ويجعل الله فيه خيرا كثير }

يقول بعض السلف" إذا نزلت بك مصيبة فصبرت كانت مصيبتك واحدة , وإن نزلت بك ولم تصبر , فقد

أصبت بمصيبتين: فقدان المحبوب , وفقدان الثواب "

ومصداق ذلك ما هو في الكتاب مسطورا

{ ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير أطمئن به , وأن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر

الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين }

أخي الحبيب: الدنيا من حولك تضطرب وتتلاحق فيها الفتن ، الدنيا تتزخرف وتتزين ، وأنت ترى البعض قد

غرته وخدعته فأصبح يعلم ظاهرا من الحياة الدنيا وهو عند الآخرة من الغافلين

فالإحداث والابتلاءات والشبهات والشهوات عن يمينك وعن شمالك تتلاطم , وقد تخطفت الكثير , حتى

أصبحوا في ضلال بعيد , بل في ضلال مبين لكل عاقل لكن الذي متعرف على الله في الرخاء وسائر

على بصيرة ونور من ربه لا يتلجلج ولا تزل بك القدم , ثابت القلب , هادئ البال , مطمئن الإيمان

دعواه في ذلك

{ ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتننا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب }

هذا وإلى لقاء آخر إن شاء الله

والسلام عليكم ورحمة الله

جناب الهضب
11-04-2010, 04:49 PM
جزاك الله خير يا سعيد شايع

سعيد شايع
04-07-2010, 05:51 PM
وإياك ..
أشكر لك مرورك

مقبل السحيمي
06-07-2010, 10:39 AM
قال الفضيل بن عياض : " الناس ما داموا في عافية مستورون ، فإذا نزل بهم بلاء صاروا إلى حقائقهم ؛ فصار المؤمن إلى إيمانه ، وصار المنافق إلى نفاقه " .
ورَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي "الدَّلائِل" عَنْ أَبِي سَلَمَة قَالَ : اُفْتُتِنَ نَاس كَثِير - يَعْنِي عَقِب الإِسْرَاء - فَجَاءَ نَاس إِلَى أَبِي بَكْر فَذَكَرُوا لَهُ فَقَالَ : أَشْهَد أَنَّهُ صَادِق . فَقَالُوا : وَتُصَدِّقهُ بِأَنَّهُ أَتَى الشَّام فِي لَيْلَة وَاحِدَة ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَكَّة ؟ قَالَ نَعَمْ , إِنِّي أُصَدِّقهُ بِأَبْعَد مِنْ ذَلِكَ , أُصَدِّقهُ بِخَبَرِ السَّمَاء , قَالَ : فَسُمِّيَ بِذَلِكَ الصِّدِّيق .

بارك الله فيك شيخنا الكريم ابن الكرام

سعيد شايع
09-01-2011, 05:28 AM
أحسنت ... وأشكرك على الإضافة

عبدالعزيزالشثري
17-01-2011, 11:00 PM
جهد تشكر عليه