تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الــنــفـــس وصـــور ضـــبـــطــــهـــا ( 6 )


سعيد شايع
27-03-2010, 06:09 AM
أخي المسلم

أسعد الله أوقاتك بكل خير

ونفعني الله وإياك بما نقرأ ونسمع

الآن بين يديك اللقاء السادس من عنوان

[ النفس وصور ضبطها ]

والنفس فيها الحسد: والحسد هو ثاني المعاصي التي وقعت وتمثَّلت في قتل الإنسان لأخيه الإنسان

وقد حسد قابيل أخاه هابيل لما قُبل قربانه ولم يتقبل منه ، فقتله ، وفي ذلك يقول الله تعالى:

{ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ }

هذه هي النفس الغضبية التي دفعت القاتل ليقتل ، ولو كان هناك ضبط للنفس وانضباط لكظم غيظها

نعم ..ليس لهذا الدَّاء من ضبط سوى:

الاستعانة بالله على هذه النفس:

ونحن نردد في سورة الفاتحة قولنا:

{ إياك نعبد وإياك نستعين }

ونتذكر وصية نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأبن عباس ـ رضي الله عنهما ـ

" وإذا استعنت فاستعن بالله "

ثم الدعاء:

قال الله تعالى

{ وقال ربكم ادعوني }

وقال سبحانه { ادعوا ربكم }

وكان من دعائه ـ صلوات ربي وسلامه عليه ـ

" وأعوذ بك من شر نفسي "

ثم الصبر:

قال الله { وما يلقاها إلا الذين صبروا }

ثم النظر في المفاسد المترتبة على الإقدام على القتل أو الحسد :

فمن وجد في نفسه حسداً لغيره فليتذكر ما ثبت عن نبينا ـ صلوات ربي وسلامه عليه ـ إذ يقول:

« ثلاثٌ لا ينجو منهن أحد: الحسد ، والظن والطِّيَرَة ، وسأحدثكم بما يخرج من ذلك:

إذا حسدت فلا تبغض ، وإذا ظننت فلا تحقّق ، وإذا تطيّرت فامض »

أخي في الله: هناك ضوابط أساسية لضبط النفس ، ومن أهمّها:

التقرُّب إلى الله عز وجل بما يحب من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة ، وخير ما تقرَّب به المتقرِّبون

إلى الله الفرائض التي فرضها الله جل وعلا ، وعلى رأسها توحيد الله ، ثم إن في النوافل لمجالاً واسعاً

عظيماً لمن أراد أن يرتقي إلى مراتب عالية عند الله ، كما قال - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربه :

« وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضته عليه ، ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى

أحبه فإذا أحببته ، كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ورجله التي

يمشي بها ، ولئن سألني لأعطينَّه ، ولئن استعاذني لأُعيذنَّه »

والله إن النفس بحاجة إلى ضبط وانضباط أمام هذا الحديث ، ومن فضل الله علينا أن جاء هذا الدين بعبادات

شتَّى ، تملأ حياة المسلم في كل الظروف والأحوال ؛ بالليل والنهار ، فينشغل القلب والبدن بأدائها وهذه

من أهمِّ عوامل ضبط النفس ، فمن قيام ليل وصيام تطوع ، وصدقة وقراءة قرآن ، وذِكْرٍ لله آناء الليل وأطراف

النهار ، ولا شكَّ أن هذه العبادات تقوِّي الصلة بين العبد وربه ، وتوثِّق عُرى الإيمان في القلب ؛ فتضبط النفس

وتزكو بها ، وتأخذ من كل نوع من العبادات المتعددة بنصيب ؛ فلا تَكِلُّ ولا تَسْأَمُ ، ومع هذا ينبغي الحذر

من تحوُّل العبادة إلى عادة والحذر من تقديم المهمِّ على الأهمِّ ، أو الأدنى على الأعلى - أي النوافل على

الفرائض - كمن يقوم الليل - مثلاً - ثم ينام عن صلاة الفجر ، فالمسلم كالنَّحلة تجمع الرَّحيق من كل الزهور

ثم تُخرجه عسلاً مصفّىً شهياً سائغاً للآكلين.

أخي الحبيب: إن استشعار المؤمن للمكاره التي تحفُّ بالجنة ، تتطلب منه هِمَّة عالية تتناسب مع ذلك المطلب

العالي للتغلُّب عليها ، ولن يتحقق ذلك إلا بضبط نفسه أمام تلك الهمة ، فينقيها من كل شائبة تدفع لوجه غير

وجه الله ، أو تعمل عملا على غير هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والناس يفاوتون بالهِمَم لا بالصور

والله لا ينظر إلى صوركم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ، وإذا أردت أن تعرف قدر الرجل فانظر إلى

همته.

إلى اللقاء في لقاء آخر ـ إن شاء الله ـ