المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الثالوث الخطر في الاكتتابات الأولية


خالد العاصمي
03-03-2010, 01:28 PM
الثالوث الخطر في الاكتتابات الأولية

الاقتصادية ـ نبيل بن عبد الله المبارك 03/03/2010



وكأني أقرأ لسان حال هذا ''الطيار'' وهو يقول يعني ''حبكت'' علي أنا حتى لا أطير، فقد كنت قاب قوسين أو أدنى من تحقيق حلم حياتي في الطيران بأجمل رحلة أستطيع أن أنعم بها باقي حياتي! فالجميع قبلي طاروا ممن مشوا في الطريق نفسه وتمتعوا بالطيران وهم ينظرون من فوق إلى من دفعوا لهم تكلفة الطيران للأعلى دون أن يجدوا أي معارضة أو شكوى! لماذا أنا فقط من توقف أكثر من 40 في المائة من تأييد طيراني المبرمج بعد أن تم التخطيط والإعداد لكل صغيرة وكبيرة ولم نغفل أي شيء!!! حتى إني قمت بضم شخصيات مهمة (VIP) لقائمة الملاك حتى أعطي مزيدا من القوة والبرستيج للشركة!

نحن هنا نتحدث عن موضوع قديم جديد، وهو موضوع الاكتتابات الأولية، التي تعتبر في المملكة أمراً حديثاً نسبيا حتى عام 2004م، فلم يكن يتجاوز عدد الشركات المدرجة في سوق الأسهم 70 شركة. واليوم لدينا ما يربو على 138 شركة مدرجة في السوق، وقد تم الإعلان أخيرا عن خمسة اكتتابات جديدة أخرى. مما يعني أن هناك نسبة زيادة في عدد الشركات المدرجة تتجاوز 100 في المائة من أعداد تلك الشركات خلال فترة زمنية لا تتجاوز خمسة أعوام.

بنظرة عامة على اقتصاد المملكة العربية السعودية، الذي يعتبر أكبر اقتصاد عربي. ولو حاولنا ربط ذلك بعدد الشركات المفترض أن توجد في سوق المال (المدرجة) مقارنة بعدد الشركات المرخصة في المملكة بأنواعها كافة والتي تتجاوز 21.7 ألف شركة حتى نهاية عام 2008م، لوجدنا أن العدد الحالي محدود جداً، وهو أقل من 1 في المائة من عدد الشركات. وقد كررنا في أكثر من مناسبة أن السوق يمكن أن تستوعب ما يزيد على 2000 شركة بحد أدنى حتى تصل نسبة عدد الشركات المطروحة إلى عدد الشركات العاملة والمرخصة في المملكة بحيث يصل إلى حدود 10 في المائة على أقل تقدير! ولكن لا نريد أي شركة. ولا نريد دخولا للسوق بشركات يرغب أصحابها في اغتنام الفرصة للثراء السريع من خلال علاوات الإصدار.

ولو قيمنا الشركات التي طرحت خلال السنوات القليلة الماضية منذ عام 2004م، لكان هناك عدد كبير من الملاحظات (باستثناء شركات التأمين!)، وأولى تلك الملاحظات تراجع بعض أرباح تلك الشركات بعد الطرح، وتراجع أعمالها! ويمكن مراجعة ذلك من خلال الاطلاع على قوائم الدخل لتلك الشركات، هذا إضافة إلى أن لدينا ما يزيد على 30 شركة لم تسجل نتائج تستحق كونها مساهمة منذ عقود، بل إن بعضها استطاع أيام الغفلة (قبل الانهيار) زيادة رأسمالها لتجاوز نسبة 75 في المائة خسائر متراكمة أكلت رأسمالها ومال الجيران! وهي شركات تعتبر متعثرة وتعمل لمصلحة فئة تديرها فقط هم المستفيدون من استمرارها حتى اليوم!

إذن ما الذي يجب عمله في هذا المقام؟ أعتقد أولا أن هيئة سوق المال قامت بما يجب من خلال مزيد من الشفافية ومزيد من المتطلبات التي فرضت على الشركات. وكذلك من خلال آلية سجل بناء الأوامر للطرح الأولي، التي رغم ما قد يعتريها من ملاحظات إلا أنها تعتبر جيدة. ويمكن أن تكون ممتازة إذا ما تم تطويرها وبالذات قضية عروض المؤسسات والصناديق، التي يجب أن تضبط بمجموعة من الضوابط حتى تعطي مصداقية لقضية التسعير، التي كانت السبب الوحيد مع الاحترام لرأي شركة الطيار حولا أسباب عدم اكتمال سجل بناء الأوامر لهذه الشركة، حيث طالب بنحو 50 ريالا للسهم رغم أن القوائم المالية للشركة لا تعكس أحقية الشركة بتلك العلاوة. علينا الحذر كل الحذر من ثالوث خطر جدا تكون منذ فقاعة سوق الأسهم لا يزال فاعلا وإن كان قد انحنى للعاصفة فترة من الوقت، ولكنه لا يزال قويا وقادرا على الدخول من أي باب يشاء! حيث وجدوا فرصة استثمارية في بيئة غير ناضجة! هذا الثالوث يتمثل في المؤسسات المالية من مستشارين ماليين ومديري اكتتاب ومتعهدي تغطية، ومراجعي الحسابات القانونيين وبعض المحامين (وإلا ما معنى أن يخرج محام على صفحات الإعلام، ويقول إن من حق ''المخالفين'' مقاضاة هيئة سوق المال لتشهيرها بهم!!! يعني افعلوا ما تشاءون فالنظام يحميكم، ولدينا القدرة على مساعدتكم من خلال ثغرات النظام!!!)، وكذلك أرباب الأعمال الذين يملكون المادة والقوة (أصحاب الشركات)، فهناك تداخل مصالح خطر جداً. الضحية الأولى لهما جميعاً المكتتب البسيط (المواطن)، الذي يثق بمؤسسات الدولة التي هي مسئولة عن حماية مصالحه وحقوقه والاقتصاد السعودي فعندما تطرح شركة بعلاوة إصدار (س) فإن المكتتب البسيط لا يتوقع منه أن يقرأ نشرة الإصدار، التي وإن قرأها بعض المتخصصين، قد لا يكتشف أي شيء خطا! فما بالك بمن يريد تحقيق هامش ربح من خلال الاكتتاب وقد لا يعرف اسم الشركة. رغم أنه تظل هناك مسئولية على الفرد بألا يتصرف وحده وعليه استشارة من يثق به من المتخصصين أو المؤسسات المالية ذات السمعة الطبية!

ولكن مع الأسف لم يوجد إلى اليوم من الشركات التي منحت تصاريح من قبل هيئة سوق المال استطاعت تحقيق سمعة تمكنها من اكتساب ثقة المستثمرين الأفراد، بل إنها أي الثقة تتراجع يوما بعد يوم بسبب تحالف تلك الشركات مع أرباب المال والأعمال قبل المستثمر الفرد لمصالح قصيرة الأجل مثل طرح سريع بأرباح خيالية ولا (من شاف ولا من دري)! هل تعلمون ما هي أمنيتي بكل صراحة، أن يخرج جميع الأفراد من سوق الأسهم ويتركوه لهؤلاء القوم، على الأقل على غرار حملة خليها تصدي! وخليها... !!!

فكلنا لم ينس بعد الشركة التي طرحت للاكتتاب العام وكانت قبل بضعة أشهر من طرحها لم يتجاوز رأس مالها ثلاثة ملايين ريال، ليتم رفعه إلى 300 مليون ريال من خلال 147 مليونا أرباحا مبقاة (أمر لا غبار عليه) و150 مليون ريال دفعت مباشرة من أموال الملاك، ليأخذوها بعد الاكتتاب بعلاوة إصدار تتجاوز على ما أذكر ما إجماله 480 مليون ريال، إضافة إلى الإبقاء على 70 في المائة من ملكية الشركة (يعني بشكل مبسط 150 مليون ريال تتحول خلال أشهر إلى 480 مليون ريال، أي استثمار يعطي مثل هذا العائد وفي أي بلد؟!)! أيضا كلنا لا يزال يذكر اللعبة التي كانت على وشك أن تقع وفجأة اختفت من شاشات الرادار، ولا أحد يعلم اليوم ماذا حدث لشركة كانت على وشك الطرح للاكتتاب العام!!! والله من وراء القصد.