المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الـصـفـحــة الــرابــعــة


سعيد شايع
26-12-2009, 07:55 PM
لقد وعدتك ـ أخي الحبيب ـ في الصفحة الثالثة على أن ألتقي معك

في هذه الصفحة بفجر جديد، فجر تشرق شمسه ـ بإذن الله ـ وتعلو راية أمتنا , ويشهد الكون نصر دعوتنا

وقياما للحق وأهله ، قال تعالى {كتب الله لأغلبن أنا ورسلي} نعم فإنما نراه من حولنا يوحي بأن هناك

جولة جديدة لأهل السنة يغير الله بها هذا الواقع المرير الذي يحكم الأرض ، ويستبدل به صفحة مشرقه

يعيش الناس في ظلها , ولسوف تملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا وظلما والله فعال لما يريد ، فإلى هؤلاء

وأولئك نقول: عودوا إلى جحوركم , ودعوا الخلق للخالق { ألا له الخلق والأمر } فقد كُشفت أستاركم

وهتكت عوراتكم , ولقد وعد أصدق القائلين بقوله{ بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق }

فطبيعة الباطل مهما علا وارتفع كما قال سبحانه {إن الباطل كان زهوقاً} وإن الذي يمكث في الأرض ويبقى

ما ينفع الناس{ فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض } إن المؤمنين الصابرين

موعودون إحدى الحسنيين ، فإما شهادة تعجل بهم إلى دار النعيم والكرامة ، وإما نصر تقر به أعينهم

يا ـ أخي الحبيب ـ إن المستقبل لهذا الدين ، والنصر لأوليائه الصادقين ، مهما كاد الكائدون ، وتأمر

المتآمرون {والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون} من حقق الإيمان فالله وليه { والله ولي المؤمنين}

ومن حقق العبادة الحقه فالنصر له { ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا

لهم الغالبون } ونصر المؤمنين أعظم نصر وأشرفه لأنه نصر للحق على الباطل ، ونصر في الدنيا والآخرة

ووعد ربنا حق { إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد} وإن من النصر لدينه

وللمؤمنين أن الله يختار من عباده من يجدد دينه للناس ، جاء في سند أبي داوود عن أبي هريرة أن رسول الله

ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال " إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها "

رجل ينهض بالحق فلا يبتدع ، ولا يأتي بجديد ، ولكن يقول الحق و به يعمل ويدعو ، رجل لا ينتصر لنفسه

ولا لهواه ، ولا لمكانته ، كما هو حال شيخ الإسلام بن تيمية ، ومحمد بن عبد الوهاب ، وابن باز وغيرهم من ا

لمتقدمين والمتأخرين الذين قالوا بالحق وبه يعدلون ، تأمل في هذه الأخبار الصحيحة

عن معاوية بن أبي سفيان – رضي الله عنه – قال: سمعت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول:

" لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله ، ما يضرهم من كذبهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك "

رواه البخاري ، وعن ثوبان – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ

" لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم على كذلك " رواه مسلم

وعن جابر بن سمرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال:

" لم يبرح هذا الدين قائما يقاتل عليه عصابة من المسلمين حتى تقوم الساعة " رواه مسلم

وبشر النبي صلوات ربي وسلامه عليه ووعد هذه الطائفة بالنصر العاجل والآجل ، والمادي والمعنوي ، بل إنه

سمها المنصورة ، وما كان استحقاقها لهذا النصر إلا عن تميزها بخصائص معينة ، والمتأمل للأحاديث الصحيحة

السابقة ، يجد فيها عددا من هذه الخصائص والميزات التي أختص الله بها هذه الطائفة من بين سائر الطوائف

وفضلهم بها على العالمين ، لماذا؟ ما السبب؟ ما السر؟ سبب ذلك وسره ، أنها على الحق: بمعنى أنها التزمت

بالدين الصحيح الذي هو الحق ، وما عداه باطل ، واستقرت على الالتزام به استقرار المتمكن

أخي الحبيب: لا تخاف على الإسلام إنما يجب أن نخاف على أنفسنا ، الخوف أن لا تزل بنا الأقدام أو تضل بنا الإفهام

الخوف علينا عندما نقف بين يدي الله ، هل عملنا بدينه؟ هل نصرناه في أنفسنا وفي حياتنا وفي شئوننا كلها؟

أما الدين فله رب يحميه ويحفظه وينصره ويمكن له بأناس وعلى أيدي أناس صالحون قائمون بأمر الله

{ صدقوا ما عاهدوا الله عليه}

فهل أنا وإياك ممن صدقوا الله؟

إن إيماننا وعملنا الصالح هو شرط نصرنا وتمكيننا ، فمتى صح ذلك منا تحقق وعد ربنا لنا

{ وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنكم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم و ليمكنن لهم

دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك

هم الفاسقون}

فابشروا

وأملوا

وثقوا بالنصر

واعملوا

واعلموا أن الخير لا يدرى أين يكون ، فعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ

" مثل أمتي مثل المطر ، لا يدرى أوله خير أم آخره" والعسر وإن طال ، فإن له نهاية وأمداً ، ونهايته تكون

تفريجاً ويسراً ، وقد أخبر الله مؤكداً فقال{ فإن مع العسر يسراً إن مع العسر يسراً } ولن يغلب عسر يسرين

قال ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ " لو كان العسر في جحر لطلبه اليسر حتى يدخل عليه" وإن النصر قد يتأخر

ولكنه لا يتخلف ، وقد يأتي في غير صورته المعروفة وهيئته المألوفة ، فالابتلاء والمصائب قد تحمل من الخير

الخفي الكثير ، تأمل في هذه الآية { ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد} إن قتال الحوثيين محنة

في باطنها منح وحكم ، منها:

- رفع راية الجهاد الحقيقي

- يصطفي من صدقت نيته للشهادة في سبيله { ويتخذ منكم شهداء }

ـ ما أورثته من تلاحم بين الراعي والرعية

- رأى الناس من بعض أهل العلم

– الذين ذهبوا للجبهة لتثبيت الجنود وتبشيرهم

- ما ذكرهم بسير العلماء الذين كانوا يعيشون هموم أمتهم واقعا عمليا

ـ قد تكون سبباً لنصر أعظم وأشمل

فعلينا أن لا نيأس من نيل النصر ، وأن نبحث عن أسبابه ، وأن نجتهد في أن نكون جنداً من جنده.