المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نص الكلمة التوعوية في ملتقى قبائل آل مسعود الجحادر


عبدالله آل مسعود القحطاني
24-10-2009, 09:37 AM
هذه الكلمة التي ألقيتها في ملتقى قبائل آل مسعود الجحادر في الثالث من شهر شوال 1430هـ،أنقلها في شبكة قحطان بناء على رغبة بعض الإخوة آملاً من القراء إبداء ما يرونه من ملاحظات...


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ، ومن سار على نهجه واقتفى ، أما بعد :

فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته :

أيها الإخوة الكرام :

في هذه الليلة الحافلة نلتقي في ضيافة الشيخ : ذيب بن نايف ابن عبود ، شيخ شمل قبائل آل مسعود ، أهل الشجاعة والشهامة ، وأهل الكرم والجود ؛ حيث سمت همته - وفقه الله - لإقامة هذا المحفل الكبير ؛ ليلتقي فيه أبناء رجل واحد ، على قلب واحد ، متحابين متوادين ، يعطف الكبير على الصغير ، ويوقر الصغير الكبير ، تغشاهم السكينة ، ويحفهم الوقار ، ويسودهم الائتلاف .

أيها الحفل الكريم :

لقد كان العرب قبل دعوة الإسلام متفقين في اللغة ، ومشتركين في الانتماء إلى القبيلة ، ومتحدين في عاداتٍ
وتقاليدَ عديدة ، لكنَّ ذلك لم يربط بينهم ، ولم يوحد لهم صفاً ، بل كانوا في عداوات وحروب ، تثيرها أحقر الأمور ، وأتفه الأسباب .

حتى أشرقت الأرض بنور الإسلام ، وبِعْثةِ سيد الأنام - عليه من ربِّه أفضلُ الصلاة والسلام - ؛ فصار هو السببَ في التآلف والتآخي ، والتقارب والتصافي .

" وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " .



فصار معيارُ التفاضل الحقِّ هو الإيمانَ والعملَ الصالح :

" يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ " .



وصار الوزنُ الحق :

" فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ " .

" مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ " .

" ومن بطأ به عملُه لم يُسرع به حَسَبُه " .



وإننا لنعلم جميعاً أن هذه الجموعَ الغفيرة ، وتلك الوفود الكثيرة لم تجتمع هذه الليلة على إحياء عصبية قبلية أو تتوافد على دعاوى جاهلية ، وإنما أتت من كل حدب وصوب ، واجتمعت على أسس رشيدة ، ومبادئ سامية ؛ إذ بمثل هذا الجمع :

نتواصى بالحق المبين ، " وأنذر عشيرتك الأقربين " .

وفيه تُوصل الأرحام التي من وصلها وصله الله ، ومن قطعها قطعها الله .

وفيه تأتلف القلوب ، وتستأنس النفوس .

ومن خلاله تُتلمس الحاجات والفاقات بين أبناء قبيلة كبيرة ، تباعدت بهم الديار ، وتناءت بهم الأقطار ؛ " والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه " .

وإن كنا نعيش في زمنٍ ، كثرت فيه دعاوى الجاهلية ، وقويت فيه أواصر العصبية ، يحمل لواءها قنوات خاصة فضائية ، وتؤججها مواقع على الشبكة العنكبوتية ، ويُشعِل فتيلَها شعراءُ اتخذوا من الشعر حرفةً - إلا من رحم الله ، وقليل ما هم - حتى كادت تفتك في عَضُد الأمة ، وتعيد ماضياً بئيساً ، لولا ما قدره الله العليم الحكيم من دعواتٍ تصحيحة ، تقمع تلك الدعوات النشاز بالحكمة وأحسن المواعظ ، والجدال بما هو أحسن ، من علماءَ وطلابِ علمٍ ، ومن مفكرين وأهلِ رأي ، ومن عقلاءِ القبائل ووجهائها .



أيها الحفل الكريم :

كافة قبائل قحطان عرفت في هذا الوقت ، وفي سالف الأزمان ، بكريم السجايا ، ومحاسن الأخلاق ، وكريم الفضائل :

عرفت ببر الوالدين ، والإحسان إلى الأقربين ، واشتهرت بكرم الضيافة ، وحسن الجوار ، وبرِّزت بالوفاء بالعهود ، وأداء الأمانات ، ونُصْرة المظلوم ، وإغاثة الملهوف مع عز جانب ، وقوة شوكة .

ناهيك عما عرفت به قبيلة آل مسعود الجحادر خاصةً ، من قوة الائتلاف والاتحاد ، وشِدَّةِ الترابط والاعتضاد ، في السراء والضراء ، والتاريخ محفوظٌ موثَّق ، وما يشاهَد هذه الليلةَ لهو أكبر دليل ، وخيرُ شاهد .

بهذه الخصال ، وتلك السجايا نتعرف إلى الآخرين ، وإلى التحلي بها ندعو القاصي والداني ، والقريب والبعيد .

ومن يتعرف بغير ذلك ، ويدعو إلى التحلي به فليس منا في وِرْدٍ ولا صَدَر ، إنْ هو إلا قليل نادر ، والقليل لا يمثل الكثير الغالب ، والنادر لا حكم له .



أيها الحفل الكريم :

الشورى في دين الإسلام ، لها منزلة رفيعة ومقام ؛ فبها تأليف قلوب العامة والخاصة ، وبها تستطاب النفوس ، وبها يُقضَى على النزاع والاختلاف ، وبها تَتَلاقح الأفكار ، ويستخرج الرأي الصواب أو الأقرب إلى الصواب ؛ فإن الرأي الصادر من الجماعة ، أقرب إلى الصواب من رأي الفرد غالباً ، وكان يقال : " من أُعْطِيَ أربعًا لم يُمنَع أربعًا : من أُعْطِيَ الشكرَ لم يُمنع المزيد ، ومن أُعْطِيَ التوبةَ لم يُمنع القبول ، ومن أُعْطِيَ الاستخارةَ لم يُمنع الخِيَرة ، ومن أُعْطِيَ المشورةَ لم يمنع الصواب " ، وقيل : " الْـمُشاورة لقاح العقل ، ورائد الصواب ، ومن شاور عاقلاً أخذ نصف عقله " .

ويقول الله - عز وجل – قبل ذلك :

" وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ " .

ويقول - عز وجل - لنبيه - صلى الله عليه وسلم - :

" فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ " .

فمن بعده أولى بالمشورة ، وأحوج إليها .

ولا يخفى على العاقل اللبيب ، أن محل الشورى وموردها : هو الأمور والنوازل الدنيوية التي لم يرد فيها دليل صريح من الشرع ؛ وما ورد فيه الشرع بشئ فلا رأي فيه لأحد ، " وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا " .

وقد أسعدنا كثيراً ما سمعناه آنفاً من اقتراح إنشاء مجلس استشاري للنظر في ما يحتاج إلى نظر من شؤون القبيلة.



أيها الحفل الكريم :

الإنسان مدني بالطبع ، لا تستقيم أحواله ، ولا تصلح شؤونه إلا بمخالطة بني جنسه ؛ بتبادل المصالح والمنافع ، وقد هذب الشارع الحكيم هذه العلاقة ، ووضع قاعدة ذلك فقال : " وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن شديد العقاب " .

ونحن في هذه القبيلة :

منا عالم أو طالب علم في الشريعة أو في الاجتماع أو في التربية أو في النفس أو في الطب وغير ذلك ، نفع بعلمه فئاماً من المجتمع ؛ فالأقربون أولى بالمعروف .

ومنا موسرٌ ، منَّ عليه الغني الحميد ، بفضل مال ويسار ، وتفضل عليه بكرم وجود ، بذله في وجوه من الخير كثيرة ، وأصناف من البر متنوعة ؛ فالأقربون أولى بالمعروف .

ومنا صاحب عقلٍ راجح ، ورأيٍ صائب ، ونظرٍ ثاقب ، وطرحٍ متزن ، استنار به مستنيرون ، واستبصر به مستبصرون ، وأفاد منه كثيرون ؛ فالأقربون أولى بالمعروف .

ومنا صاحب منزلة وجاهٍ ، وحظوة ومكان ، عند أهل الشان ، يشفع شفاعة حسنة لمحتاج ، ويبذل جاهه ووساطته لكسير ؛ فالأقربون أولى بالمعروف .



أيها الحفل الكريم :

منْزِلةُ العلم منْزِلةٌ رفيعةٌ ، ومرتبتَهُ مرتبَةٌ عالية ، منزلةٌ لا تساميها المنازل وإن علت ، ولا تساويها المراتب وإن ارتفعت ، وإنَّ عِظَمَ مَنْزِلَةِ الْعِلْمِ بِالشَّيْءِ بِحَسَبِ مَنْزِلَةِ ضَرَرِ الْجَهْلِ بِهِ .

وقد قال العليم الخبير : " قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون " .

ومفهوم العلم المرغب فيه ، والمحمود صاحبه مفهوم واسع؛فهو يشمل :

العلم الشرعي من القرآن وتفسيره وعلومه ، والحديث علومه ، والعقائد والأديان ،والفقه وأصوله،وما تتوقف عليه هذه العلوم من علم العربية وغيرها.

ويشمل العلوم التي تقصد لمنافع الدنيا من الطب والهندسة والفلك والكيمياء والحاسب والإدارة ونحوها .

وفائدة العلم لا تخفى على ذي بصر ،ولا يجهلها ذو بصيرة ؛ فهو يهدي صاحبه إلى ما فيه صلاحه في أمور دينه ، وفي شؤون دنياه .

يقول ابن قيم الجوزية - رحمه الله - : " إن العلم يحفظ صاحبه ويحميه ، من موارد الهلكة ، ومواقع العطب ؛ فإن الانسان لا يلقي نفسه في هلكة إذا كان عقله معه ، ولا يعرضها لـمُتلِف إلا إذا كان جاهلاً بذلك ، لا علم له به ؛ فهو كمن يأكل طعاماً مسموما ؛ فالعالم بالسم وضررِه يحرسه علمه ، ويمتنع به من أكله ، والجاهل به يقتله جهله .

فهذا مثل حراسة العلم للعالم .

وكذا الطبيب الحاذق يمتنع بعلمه عن كثير مما يجلب له الأمراض والأسقام .

وكذا العالم بمخاوف طريق سلوكه ومعاطبها ، يأخذ حذره منها ؛ فيحرسه علمه من الهلاك .

وهكذا العالم بالله وبأمره ، وبعدوه ومكائده ومداخله على العبد يحرسه علمه من وساوس الشيطان وخطراته ، وإلقاء الشك والريب والكفر في قلبه ؛ فهو بعلمه يمتنع من قبول ذلك ؛ فعلمه يحرسه من الشيطان ؛ فكلما جاء ليأخذه صاح به حرس العلم والإيمان ؛ فيرجع خاسئاً خائباً .

وأعظم ما يحرسه من هذا العدو المبين العلم والإيمان .

فهذا السبب الذي من العبد .

والله من وراء حفظه وحراسته وكلاءته ؛ فمتى وكله إلى نفسه طرفة عين تخطفه عدوه"ا.هـ.



وإن من الواجب المتحتم ، والفرض اللازم القيام بنشر العلم بمفهومه الواسع الشامل بين أفراد المجتمع ليحميه من الوقوع في الانحراف السلوكي الأخلاقي أو في الضلال الفكري العقائدي،وتشجيع الشباب من بنين وبنات على التحصيل العلمي ، وقد سرنا ما سمعناه من إنشاء جائزة للتفوق العلمي لقبيلتنا .



وختاماً أسأل الله الكريم،رب العرش العظيم أن يجزي من أقام وقام على هذا المحفل الكبير خيراً ، وأن يجعله مجمع خير وبركة ، وأن ينفع به ، وأسأله أن يوفق ولاة أمورنا إلى ما فيه صلاح العباد والبلاد...

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

محمد ال مسعود
24-10-2009, 11:08 AM
عبد الله بن عايض ال مسعود

بيض الله وجهك على الكلمة
وعز الله كلمة تبيض الوجه
لاهنت طال عمرك
ولاهي غريبة منك الدرر
الله يرفع مقدارك ويعزك

اخوك
محمد الجهيمي ال مسعود

مشاري بن نملان الحبابي
24-10-2009, 03:00 PM
أرحب يا بو عايض ..

بيّض الله وجهك ..

كلمة أكثر من رائعة ..

عايض الفهري ابوبندر
24-10-2009, 04:09 PM
لاهنت

بيض الله وجهك



تحياتي

فهد حمد الحبابي
25-10-2009, 09:06 PM
بيض الله وجك يابو عايض

تحياتي