تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : عقيدتنا 2


أحمد بن نسيم
12-07-2009, 12:20 AM
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله صلى الله عليه و سلم
أما بعد ,
فنشرع باستكمال أركان الإيمان مستعينين بالمولى عز و جل , فقد وقفنا و انتهينا عند الإيمان بالله سبحانه و توحيده بالألوهية و الربوبية و الأسماء و الصفات , أما الآن فنتحدث عن الإيمان بالملائكة الذي لا يتم الإيمان إلا به لما قرن الله بين الإيمان به و الإيمان بهم فقال (( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه كل آمن بالله و ملائكته و كتبه و رسله لا نفرق بين أحد من رسله و قالوا سمعنا و أطعنا غفرانك ربنا و إليك المصير )), أما اسمهم فمشتق من الألوكة و هي الرسالة لما كان فيهم من مرسلين, و قد خلقوا من نور و هم عالم غيبي لا نعلم حقيقته إلا ما جاءنا من نصوص في الكتاب و السنة المطهرة.
فالملائكة عم عباد مكرمون خلقهم الله قبل آدم عليه السلام و هو غني عنهم و أوكل إليهم وظائف شرفهم بها و جعلهم عبادا طائعون له لا يعصون الله ما أمرهم و يفعلون ما يؤمرون, أما خلقهم فهم عظام الخلق أولي أجنحة يتراوح عددها بقدر فضل الملك فجبريل و هو أفضلهم له ست مائة جناح كل جناح يسد ما بين المشرق و المغرب كما و صفه النبي صلى الله عليه و سلم و كما أذن للنبي أن يحدث عن أحد حملة العرش أن ما بين شحمة أذنه و منكبيه مسيرة سبعمائة عام, أما صورهم فقد خلقهم الله بصور جميلة كريمة و قوة جبارة فهم لا يملون و لا يتعبون و هم متفاوتون في الفضل فأفضلهم و سيدهم هو جبريل عليه السلام ثم ميكائيل ثم إسرافيل ثم حملة العرش و من حاربوا في بدر ثم من بعدهم , و أما أعدادهم فلا يعلمها إلا خالقهم سبحانه كما قال (( و ما يعلم جنود ربك إلا هو )) فإن أعدادهم لا يمكن لعقولنا أن تعيها.
فإذا أتينا لأخلاقهم فقد أحسنها الله كما أحسن خلقهم فقد وصفهم الله بالكرام البررة و إنهم ليستحيون من بعض أولياء الله كما كانوا يستحيون من عثمان رضي الله عنه كما وصفهم رسول الله عليه الصلاة و السلام, و من ما أعطاهم الله من القدرات و الإمكانات أنهم يتشكلون و لكن لا يتشكلون إلا بالأشكال الحسنة و الأمور الطيبة بخلاف الجن و الشياطين و أنهم عظيمين السرعة فقد كان جبريل ينزل بالوحي إلا رسول الله في لحظات من السماوات العلا., و كذالك مما اتصفوا به النظام و الترتيب كما وصفهم النبي أنهم يصطفون عند ربهم الذي أعلى شأنهم وأضافهم إليه إضافة تشريف فقال (( كل آمن بالله و ملائكته )) كما وصفهم الله كذلك بالكرم و العلو و القرب منه و أنهم يسبحونه و يعبدونه و هذه غاية التكريم.
أما وظائفهم التي شرفهم الله بها فمتعددة بالاهتمام في شؤون العالم العلوي و العالم السفلي فمنهم الموكل بالأرحام و الأجنة و كتابة آجالها و أرزاقها و منهم من وكل بالجنة و أهلها لخدمتهم و منهم من وكل بالجبال و منهم من وكل بالمطر و منه من وكل بالنار كالزبانية و مالك خازن النار و منهم من وكل بأعمال العباد و منهم من وكل بحمل العرش و منهم من وكل بإيصال الكتب و الوحي إلى الرسل و هو جبريل عله السلام وغير ذلك من الأعمال التي شرفهم الله بها و هو غني عنهم سبحانه و ما منهم من أحد إلا يعمل و يسير إلا بأمر الله و قدرته و مشيئته سبحانه و تعالى.

فبعدما تحدثنا عن الملائكة نأتي لثالث أركان الإيمان و هي الكتب السماوية التي أنزلها الله للبشر و الخلق هداية للحيارى و تبصره لمن كان له قلب أو ألقى السمع و هو شهيد, و الإيمان بالكتب هو التصديق بها و الجزم بأنها كلام الله المنزل على عباده المرسلين و منها ما سمى الله لنا كصحف إبراهيم و توراة موسى و صحفه و زبور داوود و إنجيل عيسى و القرآن الكريم الذي أنزل على محمد عليه و على سائر إخوة النبيين أفضل الصلاة و أتم التسليم.
و من أهم الأسباب لإنزال الكتب أن الله سبحانه يعلم ما خلق و أحوالهم و لذلك أنزل إليهم م الشرائع ما فيه منفعتهم و صلاح أحوالهم في الدنيا و الآخرة و لكي لا يذهب الناس بوضع التشريعات على حسب مصالحهم فيظلمون بعضا إن الإنسان كان ظلوما جهولا.
أم بالنسبة للإيمان بهذه الكتب فقد انقسم الناس إلى ثلاثة أقسام فمنهم الملحدين و الفلاسفة و المشركين الذين كفروا بها كلها استكبارا و جهلا, و منهم من آمن ببعضها و صد عن البعض الآخر كاليهود و النصارى فهم كافرون بفعلهم هذا لأن الكفر بالبعض يقتضي الكفر بالكل و لأنهم تمسكوا بالشرائع المنسوخة و تركوا الناسخ لها و هو القرآن الكريم و ما ارتضاه الله لأمة محمد صلى الله عليه و سلم و من بعدهم حتى قيام الساعة, أما الصنف الآخر فهم عباد الله المفلحون الذين قال عنهم المولى سبحانه (( الذين يؤمنون بما أنزل إليك و ما أنزل من قبلك و بالآخرة هم يوقنون * ألائك على هدى من ربهم و ألائك هم المفلحون )), و أما الإيمان بالقرآن على وجه الخصوص فيكون بالإقرار بما فيه بالقلب و اللسان و الاحتكام إليه في كل الأمور كبيرها و صغيرها و إتباع ما جاء فيه و العلم بأنه كلام الله غير مخلوق و أنه نزله و تكفل بحفظه سبحانه فهو صالح لكل زمان و مكان إلى قيام الساعة.
أما بعد فما يلي الإيمان بالكتب منطقيا الإيمان بمن أرسل الله إليهم هذه الكتب و جعلهم هداة للناس و أسوة حسنة, فهم من وكلهم الله بتبليغ رسالته إلى خلقه و إقامة الحجة عليهم فمن ثبت لنا تعيينه منهم فوجب الإيمان به تفصيلا كعيسى و موسى عليهم السلام أما من لم يرد لنا أسمائهم فنؤمن بهم إجمالا, فأما ما يجب تجاههم فهو الاحترام و التأدب معهم فهم خير من مشى على الأرض صلوات الله عليهم أجمعين, و هم ينقسمون إلى قسمان الرسل الذين أرسلوا إلى أقوام كافرين بشرائع جديدة و كتب سماويه و الأنبياء الذين بعثوا إلى أمم مسلمة على دين و كتاب من سبقهم من رسل.
و الرسل و الأنبياء جميعا هم أتقى الناس و أفضلهم على الإطلاق و هم مصفون من الله عز و جل و مختارون ما كسبوا الرسالة لا بجهد و لا كسب و هم درجات عند الله فأفضلهم أولي العزم و هم نوح و إبراهيم و موسى و عيسى و نبينا محمد عليهم أفضل الصلاة و السلام, و أفضل أولي العزم هم الخليلان إبراهيم و محمد و أفضلهم على الإطلاق بل أفضل الخلق أجمعين هو محمد صلى الله عليه و سلم.
قد يسأل الآن السائل "كيف نعرف الرسل ؟ و ما هي دلالة أنهم رسل من الله ؟ " فنقول مستعينين بالله إن من أهم دلائل النبوة أو الرسالة هي المعجزة و هي أمر خارق يجريه الله على يد نبيه ليكون حجة على قومه و من أرسل إليهم, و دائما ما تكون معجزة النبي من ما برع به قومه كموسى و عصاه عندما بعث لقوم سحره و عيسى لما أحيا الموتى في قوم الأطباء و محمد عليه الصلاة و السلام لما بعث في أفصح الأمم فأعطاه الله المعجزة الخالدة و هي القرآن الكريم الذي أعجز البلغاء و هو الكتاب الذي تحدى الله به العالمين إلى قيام الساعة فقال (( قل لئن اجتمعت الإنس و الجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله و لو كان بعضهم لبعض ظهيرا )) و قد اجتهدت قريش و غيرهم على أن يبطلوا هذا الكتاب و ما استطاعوا و لن يقدروا فلجئوا إلى تكذيب النبي و تارة قالوا و ساحر أو مجنون علوا و استكبارا.
أما القرآن العظيم فإعجازه يكون من عدة جوانب فهو معجز بلفظه و نظمه و معناه و أحكامه و أخباره التي يصدقها العلم و التاريخ يوما بعد يوم.
أما باقي دلائل النبوة فمنها أيضا ما أخبر به المرسلون من الأخبار التي تحصل مصداقا لما قالوا و كذلك الشرائع المتقنة و العادلة التي ما ينبغي لأحد أن يأتي بمثلها م ونه أنهم كلهم أي الأنبياء و المرسلين هم بشر صالحون مصلحون و اجتمعوا على أمر واحد و دعوة واحدة و هي الإسلام لله رب العامين و توحيده و عبادته وحده سبحانه فيؤيدهم الله فأما من ادعوا النبوة زورا و بهتانا فقد بان كذبهم و يكفي سوء أخلاقهم و صفاتهم لتكشف للناس كذبهم على الله.
و إذا نظرنا إلى الفرق بين كذب هؤلاء الكاذبين من السحرة و المشعوذين و رسالة المرسلين نرى أن أخبار الرسل صادقة تقع كما أخبروا بخلاف تدليسات المكذبين و أن معجزات الأنبياء هي مما لا يقدر عليه إلا الله بخلاف الأمور المعتادة التي يقدر عليها الإنس أو الجان, و أهم فرق هو إيمان النبيين و حسن أخلاقهم بخلاف كفر السحرة و الملاحدة و سوء أعمالهم بخلاف النبيين الذين يبعثون بما يكمل الفطر و يؤيدها و بالمعجزات التي لا يدعونها لأنفسهم بل الله وحدة هو الذي يجريها و يصيرها سبحانه و تعالى.
و استطرادا نذكر أمرا حصل فيه لبس عند الكثير من الناس و هي كرامات الأولياء و هم من عباد الله الصاحين من أتباع الرسل الذين يجري الله علي لأيديهم بعض الخوارق للعادات التي يستعان بها على التقوى و تكون تثبيتا للولي أو نصرة له على أعدائه, و قد ذهب الناس إلى ثلاث فرق في هذه الكرامات فمنهم من أنكرها من الجهمية و المعتزلة و هؤلاء قد ردوا أمر ثابتا في الكتاب ككرامات مريم بنت عمران و الخضر, و أناس بالغوا فيها حتى توسعوا فيها فنسبوا ما لا تنبغي من الخلق و التقدير و هي من صفت الله وحدة إلى فساق و فجار ما يكون لهم شيئا من هذه الأمور و لا غيرها أما المؤمنين الموحدين فقد أخذوا بالوسطية فأثبتوا ما هو لائق بأولياء الله بمن يليق بهم هذا من العلماء و الصالحين من الصحابة و التابعين.
أما الآن فنعود لنذكر أمرا هاما في صفة الأنبياء و المرسلين و هي العصمة و قد اختلف العلماء رحمهم الله على رأيين, منهم من يرى أن الأنبياء معصومين من الذنوب كلها صغيرها و كبيرها و منهم من يري أنهم معصومون من الكبائر لا الصغائر و هذا قول الجمهور من العلماء و كذلك أن الرسل و الأنبياء صلوات ربي عليهم إذا فعلوا صغيرة يتوبون منها و لا يصرون على معصية أبدا.
و نختم هذا اللقاء بكم بالمسك و هو خير من مشى على الأرض بأمي هو و أبي محمد بن عبدالله صلى الله عليه و سلم و بما اختص به من الصفات سواء على غيره من الرس أو من أمته, فقط اختص صلوات ربي و سلامه عليه بختم الرسل و النبيين و المقام المحمود الذي وعده الله إياه و هي الشفاعة الكبرى كما اختص بعموم بعثته للثقلين من الإنس و الجن و أنه عرج به إلى سدرة المنتهى و أنه أوتي الكتاب الخاتم و هو القرآن كما اختص بعدم أكل الصدقة و مواصلة الصيام و نصر بالرعب في قلوب أعدائه مسيرة شهر و أحل له القتال بمكة و أنه لا يورث و لا تحل نسائه من بعده و غير ذلك مما كرمه الله به على سواه من العالمين.
و نراكم في الإصدار الآخر انتظرونا في الأسبوع القادم إن شاء الله.

مقبل السحيمي
14-07-2009, 07:58 PM
جزاك الله خير
الله يعطيك العافية