عبدالله المستنيري
06-03-2009, 08:09 AM
الشركُ الظاهرُ في الإلفاظِ أنواعٌ ، منها :
1- الحلفُ بغير ِ اللهِ ، إذا كانَ الحالفُ بلسانهِ ، ولم يعتقدْ بقلبهِ تعظيمَ منْ حلفَ بهِ ، كالحلفِ بالأمانةِ والشرفِ والآباءِ والكعبةِ والنبي .. ونحوه
ومن الأدلةِ على تحريمهِ :
* قولهُ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ عنْ عمرَ بن الخطابِ:
" ألا إنَّ اللهَ ينهاكُم أنْ تحلفُوا بآبائكِم ، منْ كانَ حالفاً فليحلفْ باللهِ أو ليصمِت " رواهُ البخاريُ ومسلمٌ وأبو داودَ والترمذيُ .
* وعنْ بريدة َ مرفوعاً : " منْ حلف بالأمانةِ فليسَ منَّا " رواهُ الإمامُ أحمدَ وأبو داودَ وإسنادهُ صحيحٌ .
*وعنْ عمرَ بن الخطَّابِ أنْ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ قالَ : " منْ حلفَ بغيرِ اللهِ فقدْ كفرَ أو أشركَ " رواهُ الترمذيُ وحسَّنهُ وصححهُ الحاكمُ .
2- نسبة ُ النعم ِ لغيرِ اللهِ ، قالَ مجاهدٌ في تفسيرِ قولهِ تعالى : ( يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الكَفِرُونَ ) ما معناهُ : هوَ قولُ الرجل ِ هذا ماليَ ورثتهُ عنْ آبائيَ . وقالَ عونُ بن عبدِاللهِ : يقولونَ : لولا فلانٌ لم يكنْ كذا . قال بعضُ السلفِ : هوَ كقولهِم : كانتِ الريحُ طيبة ً و الملاحُ حاذقاً ، ونحوِ ذلكَ مما هوَ جار ٍ على ألسنةِ الكثيرِ .
ومثلهُ في وقتنا الحاضرِ : قولُ المريض ِ إذا شُفيَ : كانَ الطبيبُ حاذقاً ، وقولُ منْ يركبُ الطائرة إذا سلمَ : كانَ الطيّارُ ماهرا ً .. ونحوهِ .
قالَ ابنُ تيمية َ رحمهُ اللهُ بعدَ حديثِ زيدٍ بن خالد الذي فيهِ (...أصبحَ منْ عبادي مؤمنٌ بي وكافرٌ فأمّا من قال مُطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمنٌ بي كافرٌ بالكوكب وأمّا من قال مُطرنا بنوءِ كذا وكذا فذلك كافرٌ بي مؤمنٌ بالكوكب .. ) : وهذا كثيرٌ في الكتابِ والسنةِ ، يذمُ سبحانهُ منْ يضيفُ إنعامهُ إلى غيرهِ ، ويشركُ بهِ.
والواجب نسبة النعم لله وحده جل وعلا وهذا الأكمل وهذا لا ينافي شكر من أجرى الله على يده نعمة بل هذا مندوب إليه ، ويلي هذا في الرتبة الإتيان بحرف ثم وهذا هو الواجب لولا الله ثم فلان وعليه فقس .
3- قولُ : ما شاءَ اللهُ وشئتَ ، و أعتمدُ على اللهِ وعليكَ ، وماليَ إلا اللهُ وأنتَ ، و إنْ كانَ اللهُ وفلانٌ .. ونحوِ ذلك مما فيهِ مساواة ٌ بينَ الخالق ِ والمخلوقِ ، ومن الأدلةِ على تحريمهِ :
* قولهُ تعالى : ( فـَلا تـَجْعَلـُوا للهِ أَنْدَادَاً وأَنْتُم تعْلَمُونَ )
قالً ابنُ عباس ٍ في تفسيرِ الآيةِ : الأندادُ هوَ الشركُ ، أخفى من دبيبِ النمل ِ على صفاةٍ سوداءَ في ظلمةِ الليل ِ، وهوَ أنْ تقولَ : واللهِ وحياتِكَ يا فلانَ ، وحياتيَ ، وتقولَ : لولا كليبة هذا لأتى اللصوصُ ، ولولا البط ُّ في الدارِ لأتى اللصوصُ ، وقولَ الرجل ِ لصاحبهِ : ماشاءَ اللهُ وشئتَ ، وقولَ الرجلِ : لولا اللهُ وفلانٌ . لا تجعلْ فيها فلاناً ، هذا كلهُ بهِ شركٌ . رواهُ ابنُ أبي حاتمٍ .
* عنْ حذيفة َ رضيَ اللهُ عنهُ عن النبيِّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ قالَ : " لا تقولوا ما شاءَ اللهُ وشاءَ فلانٌ ولكن قولوا ماشاءَ اللهُ ثمَ فلانٌ " رواه أبو داود بسندٍ صحيح ٍ .
والواجب الإتيان بـثم المقتضية للترتيب مع التراخي .
الشرك الظاهرُ في الأعمال ِ أنواعٌ ، منها :
1- الطيرة ُ ، وهي : التشاؤمُ بالمرئياتِ والمسموعاتِ.
فالمرئياتِ : كمنْ أرادَ السفرَ ، وعندَ خروجهِ رأى رجلا ً ذو عاهة ٍ منْ عرج ٍ أو عور ٍ ونحوهما ، فمنعهُ ذلكَ منْ سفرهِ ، والمسموعاتِ : كمنْ رجعَ عنْ سفرهِ لأنهُ سمعَ رجلا ً يقولُ لآخرَ : لا وفقكَ اللهُ .. ونحوهِ .
وضابطها ما قالهُ النبيُ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ : " الطيرةُ ما أمضاكَ أو ردَّكَ " .
وهيَ من الشركِ الأصغرِ لأن المتطيّر يعتقد في الأشياء جلب نفع أو دفع ضر وهذا من وسوسة الشيطان وتخويفه . فالأمور كلها بيد الله تعالى .
ومنْ الأدلةِ على تحريمها :
* قوله تعالى : ( فإذا جاءتهُم الحَسنةُ قالوا لنا هذهِ وإنْ تُصبهم سيئةٌ يطيّروا بموسى ومن معَه ألا إنَّما طائرُهم عند اللهِ ولكنَّ أكثرَهم لا يَعلـَمون ) .
* عن أبي هريرة َ رضيَ اللهُ عنهُ أنَّ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ قالَ : " لا عدوى ولا طيرة َ ولا هامة َ ولا صفرَ " أخرجاهُ ، زادَ مسلمٌ " ولا نوءَ ولا غُولَ " .
* ولأبي داودَ منْ حديثِ ابنِ مسعود مرفوعاً : " الطيرةُ شركٌ ، الطيرةُ شركٌ ، وما منَّا إلا .. ولكنَّ اللهَ يذهبه بالتوكل ِ " رواه أبو داود والترمذي وصححه وجعل آخره من قول ابن مسعود وصححه الألبانيُ .
* ولأحمدَ من حديثِ ابن عمرو : " منْ ردَّتهُ الطيرةُ عنْ حاجتهِ فقدْ أشركَ " قالوا : فما كفَّارةُ ذلكَ ؟ قالَ : " أنْ تقولَ : اللهمَ لا خيرَ إلا خيرك ولا طيرَ إلا طيرُكَ ولا إلهَ غيرُكَ " صححه الألبانيُ .
وعنْ عروة َ بنْ عامر ٍ قالَ : ذكرت الطيرة ُ عندَ رسول ِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ فقالَ : " أحسنها الفألُ ، ولا تردُ مسلماً ، فإذا رأى أحدكـُمْ ما يكرهُ فليقلْ : اللهمَ لا يأتي بالحسناتِ إلا أنتَ ولا يدفعُ السيئاتِ إلا أنتَ ولا حولَ ولا قوة َ إلا بكَ " رواهُ أبو داودَ ٍ .
* وللبخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا عدوى ولا طيرة ويعجبني الفأل " قالوا : وما الفأل ؟ قال : " الكلمة الطيبة "
قال أبو السعادات : الفأل .. فيما يسر ويسوء ، والطيرة لا تكون إلا فيما يسوء ..اهـ
قال الحليمي : وإنما كان يعجبه الفأل لأن التشاؤم سوء ظن بالله بغير سبب محقق والتفاؤل حسن ظن بالله والمؤمن مأمور بحسن الظن بالله على كل حال . اهـ
والتفاؤلُ أنْ يكون رجلٌ مريضٌ فيسمعُ آخرُ يقول : يا سالم ، أو يكون طالبُ ضالةٍ فيسمعُ آخر يقول : يا واجد ، فيقعُ في ظنِّه أنه يبرأ ُمن مرضهِ ويجد ضالَته .
ومنْ وقعَ في الطيرةِ فليقلْ : اللهمَ لا خيرَ إلا خيرُكَ ولا طيرَ إلا طيرُكَ ولا إلهَ غيرُكَ ، لما روى أحمدُ منْ حديثِ ابن عمرو السابق : قالوا : فما كفَّارةُ ذلكَ ؟ قالَ : " أنْ تقولَ : اللهمَ لا خيرَ إلا خيرك .. " الحديث .
وهنا مسألة وهي : قول بعض العامة خير يا طير
وقد سئل عنها شيخنا العلاّمة الحجة الفهّامة إمام علماء عصره عبد العزيز بن باز قدّس الله روحه ونوّر ضريحه - وأنا أسمع - فقال : لا يجوز ، وإن قال خير خير أو خير إن شاء الله فلا بأس . اهـ
2- تعليقُ التمائم ِ ولبسُ الحلقةِ والخيطِ ونحوهما لدفع ِ البلاء والضرٍ أو رفعهِ : فالدفعُ قبل الوقوع ، والرفعُ بعدهُ .
والتمائم ما يعلق على الأولاد من خرزات ونحوها لدفع العين .
ومنهُ ما يفعلهُ بعضُ الجهّال ِ من وضع ِ رأس ِ حمار ٍ ميتٍ على بابِ بستانهِ ، أو شجرة صبار ٍ أونعل ٍ قديمةٍ على بابِ بيتهِ ، أو في سيارتهِ لدفع ِ العين ِ ، أو وضع المصحف في السيارة لدفع العين والآفات .
وهذا كله من الشركِ الأصغر ِ المحرم الذي هو أشدُ من الكبائرِ ، ولا يردُ من قدرِ اللهِ شيئاً .
ومن الأدلةِ على تحريم ِ ذلكَ :
* عنْ عمرانَ بن الحصين ِ أنّ النبيَ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ رأى رجلاً في يدهِ حلقة من صفر ٍ ، فقال : " ما هذا ؟ " قالَ : من الواهنةِ – وهي مرضٌ يصيبُ الرجالَ في العضدِ – فقالَ النبيُ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ : " انزعها فإنَّها لا تزيدك إلا وهناً ، فإنّك لو مِت وهي عليكَ ما أفلحتَ أبداً " رواه الإمام أحمد بسند لا بأس به ، وابن ماجه ، وابن حبان.
* وعنْ عقبةَ بن عامرٍ عن النبي صلى اللهُ عليهِ وسلمَ قالَ : " من تعلقَ تميمة ً فقدْ أشركَ " أخرجه الحاكمُ وأحمد وصححهُ الألبانيُ .
* وعنْ ابن مسعود رضي الله عنه قالَ : سمعتُ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ يقولُ : " إنّ الرقى والتمائمَ والتولةَ شركٌُ " رواهُ أحمدَ وأبو داودَ وصححه الألبانيُ .
وسنكملُ – بمشيئة اللهِ – الحديثَ عن القسم ِ الثاني من أقسام ِ الشركِ الأصغر ِ ، وهوَ الشركُ الخفيُ: شركٌ في الإراداتِ والنيَّاتِ في لقاءٍ لاحق ٍ .
اللهم انفعْنا بما علـّمتنا ، وعلـِّمنا ما ينفعُنا ، وزدنا علما ، والحمد لله على كل ِ حال ، ونعوذ بالله من حال ِ أهل ِ النار .
وصلـَّى الله وسلم على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلهِ وصحبه .
__________________________________________________ _________
المراجع :
1- ( كتاب التوحيد ) شيخ الإسلام : محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله -
2- (فتح المجيد ) العلامة : عبد الرحمن بن حسن – رحمه الله-
3- (الدر النضيد على أبواب التوحيد) العلامة : سليمان بن حمدان رحمه الله .
4- (عقيدة التوحيد) معالي الشيخ: صالح الفوزان حفظه الله .
5- (بعض أنواع الشرك الأصغر ) د : عواد المعتق .
1- الحلفُ بغير ِ اللهِ ، إذا كانَ الحالفُ بلسانهِ ، ولم يعتقدْ بقلبهِ تعظيمَ منْ حلفَ بهِ ، كالحلفِ بالأمانةِ والشرفِ والآباءِ والكعبةِ والنبي .. ونحوه
ومن الأدلةِ على تحريمهِ :
* قولهُ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ عنْ عمرَ بن الخطابِ:
" ألا إنَّ اللهَ ينهاكُم أنْ تحلفُوا بآبائكِم ، منْ كانَ حالفاً فليحلفْ باللهِ أو ليصمِت " رواهُ البخاريُ ومسلمٌ وأبو داودَ والترمذيُ .
* وعنْ بريدة َ مرفوعاً : " منْ حلف بالأمانةِ فليسَ منَّا " رواهُ الإمامُ أحمدَ وأبو داودَ وإسنادهُ صحيحٌ .
*وعنْ عمرَ بن الخطَّابِ أنْ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ قالَ : " منْ حلفَ بغيرِ اللهِ فقدْ كفرَ أو أشركَ " رواهُ الترمذيُ وحسَّنهُ وصححهُ الحاكمُ .
2- نسبة ُ النعم ِ لغيرِ اللهِ ، قالَ مجاهدٌ في تفسيرِ قولهِ تعالى : ( يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الكَفِرُونَ ) ما معناهُ : هوَ قولُ الرجل ِ هذا ماليَ ورثتهُ عنْ آبائيَ . وقالَ عونُ بن عبدِاللهِ : يقولونَ : لولا فلانٌ لم يكنْ كذا . قال بعضُ السلفِ : هوَ كقولهِم : كانتِ الريحُ طيبة ً و الملاحُ حاذقاً ، ونحوِ ذلكَ مما هوَ جار ٍ على ألسنةِ الكثيرِ .
ومثلهُ في وقتنا الحاضرِ : قولُ المريض ِ إذا شُفيَ : كانَ الطبيبُ حاذقاً ، وقولُ منْ يركبُ الطائرة إذا سلمَ : كانَ الطيّارُ ماهرا ً .. ونحوهِ .
قالَ ابنُ تيمية َ رحمهُ اللهُ بعدَ حديثِ زيدٍ بن خالد الذي فيهِ (...أصبحَ منْ عبادي مؤمنٌ بي وكافرٌ فأمّا من قال مُطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمنٌ بي كافرٌ بالكوكب وأمّا من قال مُطرنا بنوءِ كذا وكذا فذلك كافرٌ بي مؤمنٌ بالكوكب .. ) : وهذا كثيرٌ في الكتابِ والسنةِ ، يذمُ سبحانهُ منْ يضيفُ إنعامهُ إلى غيرهِ ، ويشركُ بهِ.
والواجب نسبة النعم لله وحده جل وعلا وهذا الأكمل وهذا لا ينافي شكر من أجرى الله على يده نعمة بل هذا مندوب إليه ، ويلي هذا في الرتبة الإتيان بحرف ثم وهذا هو الواجب لولا الله ثم فلان وعليه فقس .
3- قولُ : ما شاءَ اللهُ وشئتَ ، و أعتمدُ على اللهِ وعليكَ ، وماليَ إلا اللهُ وأنتَ ، و إنْ كانَ اللهُ وفلانٌ .. ونحوِ ذلك مما فيهِ مساواة ٌ بينَ الخالق ِ والمخلوقِ ، ومن الأدلةِ على تحريمهِ :
* قولهُ تعالى : ( فـَلا تـَجْعَلـُوا للهِ أَنْدَادَاً وأَنْتُم تعْلَمُونَ )
قالً ابنُ عباس ٍ في تفسيرِ الآيةِ : الأندادُ هوَ الشركُ ، أخفى من دبيبِ النمل ِ على صفاةٍ سوداءَ في ظلمةِ الليل ِ، وهوَ أنْ تقولَ : واللهِ وحياتِكَ يا فلانَ ، وحياتيَ ، وتقولَ : لولا كليبة هذا لأتى اللصوصُ ، ولولا البط ُّ في الدارِ لأتى اللصوصُ ، وقولَ الرجل ِ لصاحبهِ : ماشاءَ اللهُ وشئتَ ، وقولَ الرجلِ : لولا اللهُ وفلانٌ . لا تجعلْ فيها فلاناً ، هذا كلهُ بهِ شركٌ . رواهُ ابنُ أبي حاتمٍ .
* عنْ حذيفة َ رضيَ اللهُ عنهُ عن النبيِّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ قالَ : " لا تقولوا ما شاءَ اللهُ وشاءَ فلانٌ ولكن قولوا ماشاءَ اللهُ ثمَ فلانٌ " رواه أبو داود بسندٍ صحيح ٍ .
والواجب الإتيان بـثم المقتضية للترتيب مع التراخي .
الشرك الظاهرُ في الأعمال ِ أنواعٌ ، منها :
1- الطيرة ُ ، وهي : التشاؤمُ بالمرئياتِ والمسموعاتِ.
فالمرئياتِ : كمنْ أرادَ السفرَ ، وعندَ خروجهِ رأى رجلا ً ذو عاهة ٍ منْ عرج ٍ أو عور ٍ ونحوهما ، فمنعهُ ذلكَ منْ سفرهِ ، والمسموعاتِ : كمنْ رجعَ عنْ سفرهِ لأنهُ سمعَ رجلا ً يقولُ لآخرَ : لا وفقكَ اللهُ .. ونحوهِ .
وضابطها ما قالهُ النبيُ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ : " الطيرةُ ما أمضاكَ أو ردَّكَ " .
وهيَ من الشركِ الأصغرِ لأن المتطيّر يعتقد في الأشياء جلب نفع أو دفع ضر وهذا من وسوسة الشيطان وتخويفه . فالأمور كلها بيد الله تعالى .
ومنْ الأدلةِ على تحريمها :
* قوله تعالى : ( فإذا جاءتهُم الحَسنةُ قالوا لنا هذهِ وإنْ تُصبهم سيئةٌ يطيّروا بموسى ومن معَه ألا إنَّما طائرُهم عند اللهِ ولكنَّ أكثرَهم لا يَعلـَمون ) .
* عن أبي هريرة َ رضيَ اللهُ عنهُ أنَّ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ قالَ : " لا عدوى ولا طيرة َ ولا هامة َ ولا صفرَ " أخرجاهُ ، زادَ مسلمٌ " ولا نوءَ ولا غُولَ " .
* ولأبي داودَ منْ حديثِ ابنِ مسعود مرفوعاً : " الطيرةُ شركٌ ، الطيرةُ شركٌ ، وما منَّا إلا .. ولكنَّ اللهَ يذهبه بالتوكل ِ " رواه أبو داود والترمذي وصححه وجعل آخره من قول ابن مسعود وصححه الألبانيُ .
* ولأحمدَ من حديثِ ابن عمرو : " منْ ردَّتهُ الطيرةُ عنْ حاجتهِ فقدْ أشركَ " قالوا : فما كفَّارةُ ذلكَ ؟ قالَ : " أنْ تقولَ : اللهمَ لا خيرَ إلا خيرك ولا طيرَ إلا طيرُكَ ولا إلهَ غيرُكَ " صححه الألبانيُ .
وعنْ عروة َ بنْ عامر ٍ قالَ : ذكرت الطيرة ُ عندَ رسول ِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ فقالَ : " أحسنها الفألُ ، ولا تردُ مسلماً ، فإذا رأى أحدكـُمْ ما يكرهُ فليقلْ : اللهمَ لا يأتي بالحسناتِ إلا أنتَ ولا يدفعُ السيئاتِ إلا أنتَ ولا حولَ ولا قوة َ إلا بكَ " رواهُ أبو داودَ ٍ .
* وللبخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا عدوى ولا طيرة ويعجبني الفأل " قالوا : وما الفأل ؟ قال : " الكلمة الطيبة "
قال أبو السعادات : الفأل .. فيما يسر ويسوء ، والطيرة لا تكون إلا فيما يسوء ..اهـ
قال الحليمي : وإنما كان يعجبه الفأل لأن التشاؤم سوء ظن بالله بغير سبب محقق والتفاؤل حسن ظن بالله والمؤمن مأمور بحسن الظن بالله على كل حال . اهـ
والتفاؤلُ أنْ يكون رجلٌ مريضٌ فيسمعُ آخرُ يقول : يا سالم ، أو يكون طالبُ ضالةٍ فيسمعُ آخر يقول : يا واجد ، فيقعُ في ظنِّه أنه يبرأ ُمن مرضهِ ويجد ضالَته .
ومنْ وقعَ في الطيرةِ فليقلْ : اللهمَ لا خيرَ إلا خيرُكَ ولا طيرَ إلا طيرُكَ ولا إلهَ غيرُكَ ، لما روى أحمدُ منْ حديثِ ابن عمرو السابق : قالوا : فما كفَّارةُ ذلكَ ؟ قالَ : " أنْ تقولَ : اللهمَ لا خيرَ إلا خيرك .. " الحديث .
وهنا مسألة وهي : قول بعض العامة خير يا طير
وقد سئل عنها شيخنا العلاّمة الحجة الفهّامة إمام علماء عصره عبد العزيز بن باز قدّس الله روحه ونوّر ضريحه - وأنا أسمع - فقال : لا يجوز ، وإن قال خير خير أو خير إن شاء الله فلا بأس . اهـ
2- تعليقُ التمائم ِ ولبسُ الحلقةِ والخيطِ ونحوهما لدفع ِ البلاء والضرٍ أو رفعهِ : فالدفعُ قبل الوقوع ، والرفعُ بعدهُ .
والتمائم ما يعلق على الأولاد من خرزات ونحوها لدفع العين .
ومنهُ ما يفعلهُ بعضُ الجهّال ِ من وضع ِ رأس ِ حمار ٍ ميتٍ على بابِ بستانهِ ، أو شجرة صبار ٍ أونعل ٍ قديمةٍ على بابِ بيتهِ ، أو في سيارتهِ لدفع ِ العين ِ ، أو وضع المصحف في السيارة لدفع العين والآفات .
وهذا كله من الشركِ الأصغر ِ المحرم الذي هو أشدُ من الكبائرِ ، ولا يردُ من قدرِ اللهِ شيئاً .
ومن الأدلةِ على تحريم ِ ذلكَ :
* عنْ عمرانَ بن الحصين ِ أنّ النبيَ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ رأى رجلاً في يدهِ حلقة من صفر ٍ ، فقال : " ما هذا ؟ " قالَ : من الواهنةِ – وهي مرضٌ يصيبُ الرجالَ في العضدِ – فقالَ النبيُ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ : " انزعها فإنَّها لا تزيدك إلا وهناً ، فإنّك لو مِت وهي عليكَ ما أفلحتَ أبداً " رواه الإمام أحمد بسند لا بأس به ، وابن ماجه ، وابن حبان.
* وعنْ عقبةَ بن عامرٍ عن النبي صلى اللهُ عليهِ وسلمَ قالَ : " من تعلقَ تميمة ً فقدْ أشركَ " أخرجه الحاكمُ وأحمد وصححهُ الألبانيُ .
* وعنْ ابن مسعود رضي الله عنه قالَ : سمعتُ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ يقولُ : " إنّ الرقى والتمائمَ والتولةَ شركٌُ " رواهُ أحمدَ وأبو داودَ وصححه الألبانيُ .
وسنكملُ – بمشيئة اللهِ – الحديثَ عن القسم ِ الثاني من أقسام ِ الشركِ الأصغر ِ ، وهوَ الشركُ الخفيُ: شركٌ في الإراداتِ والنيَّاتِ في لقاءٍ لاحق ٍ .
اللهم انفعْنا بما علـّمتنا ، وعلـِّمنا ما ينفعُنا ، وزدنا علما ، والحمد لله على كل ِ حال ، ونعوذ بالله من حال ِ أهل ِ النار .
وصلـَّى الله وسلم على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلهِ وصحبه .
__________________________________________________ _________
المراجع :
1- ( كتاب التوحيد ) شيخ الإسلام : محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله -
2- (فتح المجيد ) العلامة : عبد الرحمن بن حسن – رحمه الله-
3- (الدر النضيد على أبواب التوحيد) العلامة : سليمان بن حمدان رحمه الله .
4- (عقيدة التوحيد) معالي الشيخ: صالح الفوزان حفظه الله .
5- (بعض أنواع الشرك الأصغر ) د : عواد المعتق .