بن عاصي
21-06-2005, 12:44 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده اما بعد
فقد سأل بعض الاخوة _ جزاهم الله خيرا_ عن موضوع هام وهو: (قاعدة اصولية يذكرها اهل اصول الفقه؛ وهي ان احكام الدنيا تجرى على الظاهر) هل لها مستند شرعي وهل ذكرها من يعتد به من العلماء؟
فأقول مستعينا بالله : نعم هذه قاعدة ذكرها علماء الاصول وخرجوا عليها مسائل كثيرة ؛ وهي قاعدة هامة تنضبط بها فروع كثيرة جدا
وذلك ان العمل له وجهان من جهة اصله ومتعلقه
1/ من جهة النية: وهذه لا يعلم فسادها من صلاحها الا الله جل وعز.
2/ من جهة ظاهر عمله: وهذا يعرفه الناس وتترتب عليه الاحكام الدنيوية.
والقاعدة التي ذكرت في السؤال ذكرها ابن القيم في احكام الذمة (2/463) ط. صبحي الصالح ، وطريق الهجرتين ص:505 وكذلك في مدارج السالكين قريبا منها بلفظ: ( احكام الدنيا على الظواهر ؛ والسرائر تبع لها ، واحكام الاخرة على السرائر والظواهر تبع لها).قال ابن القيم في اعلام الموقعين (3/164_166،167) وقد ظهر ان ماجاء به الرسول هو اكمل ما تأتي به الشريعة فانه صلى الله عليه وسلم امر ان يقاتل الناس حتى يدخلوا في الاسلام ويلتزموا طاعة الله ورسوله ولم يؤمر ان ينقب عن قلوبهم ولايشق بطونهم بل يجري عليهم احكام الله في الدنيا اذا دخلوا في دينه ................الخ"
اي ان احكام الدنيل مرتبة على الظواهر والله تعالى يتولى السرائر واما الاحكام في الاخرة فتلك على احكام الثواب والعقاب وهي الى الله تعالى
وقد دل الكتاب والسنة والاجماع على هذه القاعدة
فمن الكتاب قوله تعالى"فان تابوا واقاموا الصلاة واتوا الزكاة فخلوا سبيلهم"
ومن السنة " انما انا بشر وانكم تختصمون الي ولعل بعضكم ان يكون ألحن بحجته من بعض ، فأقضي له على ما أسمع منه فمن قضيت له من حق اخيه بشيء فلا يأخذ منه شيئا فانما اقطع له قطعة من النار"
ومن الاثر: قول عمر بن الخطاب " ان الله تبارك وتعالى تولى من العباد السرائر "
قال ابن القيم شارحا(1/139) : يريد بذلك ان من ظهرت لنا منه علانية خير قبلنا شهادته ووكلنا سريرته الى الله سبحانه ، فان الله لم يجعل احكام الدنيا على السرائر بل على الظواهر والسرائر تبع لها
واخرج البخاري عن عمر" ان ناسا كانوا يؤخذون (بضم الياء وفتح الخاء) بالوحي في عهد رسول الله وان الوحي قد انقطع وانما نؤخذكم الان بما ظهر لنا من اعمالكم، فمن اظهر لنا خيرا امناه وقربناه وليس لنا من سريرته شيء الله يحاسب سريرته، ومن اظهر لنا سوء لم نأمنه ولم نصدقه وان قال ان سريرتي حسنة" رقم 2641
واما الاجماع فقد نقل العلامة ان عبد البر ذلك فقال : اجمعوا ان احكام الدنيا على الظاهر وان امر السرائر الى الله أ.هـ
نقله عنه الحافظ السخاوي في المقاصد الحسنة ص:163
وانظر غير مأمور الى منة المنعم شرح صحيح مسلم (1/103) لصفي الرحمن المباركفوري متع الله به- قال في شرح حديث اسامة بن زيد: وان الحكم يجرى على الظاهر والعبد ليس مكلفا بمعرفة السرائر.
قال النووي في شرح صحيح مسلم (1/107) : وقوله صلى الله عليه وسلم افلا شققت عن قلبه فيه دليل للقاعدة المعروفة في الفقه والاصول ان الاحكام يعمل فيها بالظواهر والله يتولى السرائرأ.هـ
قال ابن حجر في الفتح(12/204) وهو ينقل عن القرطبي في شرح حديث اسامة: وفيه دليل عل ترتب الاحكام على الاسباب الظاهرة دون الباطنة.
وعلى هذا بارك الله فيك فالقاعدة صحيحة منضبطة ، وبقي ان اقول ان من مستثنياتها احكام الزنادقة وليس هذا موضع بسطه.
ولذلك فان اي مقالة لرجل او جماعة او مذهب تحاكم على الظاهر ولا يقال : انه قد يكون مقصده كذا وكذا ..........
واما ان كانت سريرته طيبة واخطأ في مقالته فترد المقاله كما قدمنا ، واما سريرته الى ربه.
ولذلك تجد ان شيخ الاسلام ابن تيمية ومن بعده والشيخ محمد بن عبدالوهاب وعلماء الدعوة السلفية كانوا يردون على كثير من العلماء وغيرهم على ظاهر مقالاتهم ولم يكونوا يتمحلون لهم وينظرون الى سرائرهم لانها الى ربهم ،ولانه لا احد يدعي منه علم الغيب، فيعلم مافي السرائر.
ومن انكر ذلك فهو خواء من العلم ومن معرفته ووجب عيه النظر في كلام العلماء بعد الدراسة وطلب العلم.
والله اعلم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده اما بعد
فقد سأل بعض الاخوة _ جزاهم الله خيرا_ عن موضوع هام وهو: (قاعدة اصولية يذكرها اهل اصول الفقه؛ وهي ان احكام الدنيا تجرى على الظاهر) هل لها مستند شرعي وهل ذكرها من يعتد به من العلماء؟
فأقول مستعينا بالله : نعم هذه قاعدة ذكرها علماء الاصول وخرجوا عليها مسائل كثيرة ؛ وهي قاعدة هامة تنضبط بها فروع كثيرة جدا
وذلك ان العمل له وجهان من جهة اصله ومتعلقه
1/ من جهة النية: وهذه لا يعلم فسادها من صلاحها الا الله جل وعز.
2/ من جهة ظاهر عمله: وهذا يعرفه الناس وتترتب عليه الاحكام الدنيوية.
والقاعدة التي ذكرت في السؤال ذكرها ابن القيم في احكام الذمة (2/463) ط. صبحي الصالح ، وطريق الهجرتين ص:505 وكذلك في مدارج السالكين قريبا منها بلفظ: ( احكام الدنيا على الظواهر ؛ والسرائر تبع لها ، واحكام الاخرة على السرائر والظواهر تبع لها).قال ابن القيم في اعلام الموقعين (3/164_166،167) وقد ظهر ان ماجاء به الرسول هو اكمل ما تأتي به الشريعة فانه صلى الله عليه وسلم امر ان يقاتل الناس حتى يدخلوا في الاسلام ويلتزموا طاعة الله ورسوله ولم يؤمر ان ينقب عن قلوبهم ولايشق بطونهم بل يجري عليهم احكام الله في الدنيا اذا دخلوا في دينه ................الخ"
اي ان احكام الدنيل مرتبة على الظواهر والله تعالى يتولى السرائر واما الاحكام في الاخرة فتلك على احكام الثواب والعقاب وهي الى الله تعالى
وقد دل الكتاب والسنة والاجماع على هذه القاعدة
فمن الكتاب قوله تعالى"فان تابوا واقاموا الصلاة واتوا الزكاة فخلوا سبيلهم"
ومن السنة " انما انا بشر وانكم تختصمون الي ولعل بعضكم ان يكون ألحن بحجته من بعض ، فأقضي له على ما أسمع منه فمن قضيت له من حق اخيه بشيء فلا يأخذ منه شيئا فانما اقطع له قطعة من النار"
ومن الاثر: قول عمر بن الخطاب " ان الله تبارك وتعالى تولى من العباد السرائر "
قال ابن القيم شارحا(1/139) : يريد بذلك ان من ظهرت لنا منه علانية خير قبلنا شهادته ووكلنا سريرته الى الله سبحانه ، فان الله لم يجعل احكام الدنيا على السرائر بل على الظواهر والسرائر تبع لها
واخرج البخاري عن عمر" ان ناسا كانوا يؤخذون (بضم الياء وفتح الخاء) بالوحي في عهد رسول الله وان الوحي قد انقطع وانما نؤخذكم الان بما ظهر لنا من اعمالكم، فمن اظهر لنا خيرا امناه وقربناه وليس لنا من سريرته شيء الله يحاسب سريرته، ومن اظهر لنا سوء لم نأمنه ولم نصدقه وان قال ان سريرتي حسنة" رقم 2641
واما الاجماع فقد نقل العلامة ان عبد البر ذلك فقال : اجمعوا ان احكام الدنيا على الظاهر وان امر السرائر الى الله أ.هـ
نقله عنه الحافظ السخاوي في المقاصد الحسنة ص:163
وانظر غير مأمور الى منة المنعم شرح صحيح مسلم (1/103) لصفي الرحمن المباركفوري متع الله به- قال في شرح حديث اسامة بن زيد: وان الحكم يجرى على الظاهر والعبد ليس مكلفا بمعرفة السرائر.
قال النووي في شرح صحيح مسلم (1/107) : وقوله صلى الله عليه وسلم افلا شققت عن قلبه فيه دليل للقاعدة المعروفة في الفقه والاصول ان الاحكام يعمل فيها بالظواهر والله يتولى السرائرأ.هـ
قال ابن حجر في الفتح(12/204) وهو ينقل عن القرطبي في شرح حديث اسامة: وفيه دليل عل ترتب الاحكام على الاسباب الظاهرة دون الباطنة.
وعلى هذا بارك الله فيك فالقاعدة صحيحة منضبطة ، وبقي ان اقول ان من مستثنياتها احكام الزنادقة وليس هذا موضع بسطه.
ولذلك فان اي مقالة لرجل او جماعة او مذهب تحاكم على الظاهر ولا يقال : انه قد يكون مقصده كذا وكذا ..........
واما ان كانت سريرته طيبة واخطأ في مقالته فترد المقاله كما قدمنا ، واما سريرته الى ربه.
ولذلك تجد ان شيخ الاسلام ابن تيمية ومن بعده والشيخ محمد بن عبدالوهاب وعلماء الدعوة السلفية كانوا يردون على كثير من العلماء وغيرهم على ظاهر مقالاتهم ولم يكونوا يتمحلون لهم وينظرون الى سرائرهم لانها الى ربهم ،ولانه لا احد يدعي منه علم الغيب، فيعلم مافي السرائر.
ومن انكر ذلك فهو خواء من العلم ومن معرفته ووجب عيه النظر في كلام العلماء بعد الدراسة وطلب العلم.
والله اعلم