المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إفادة في محكمة الشعر....نزار قباني


رضا المعمري
17-11-2007, 07:07 PM
ألقيت في مهرجان الشعر التاسع ببغداد عام 1969


مرحباً يا عراقُ ، جئتُ أغنّيكَ ------------ وبعـضٌ من الغنـاءِ بكـاءُ
مرحباً، مرحباً.. أتعرفُ وجهاً-------------- حفـرتهُ الأيّـامُ والأنـواءُ؟
أكلَ الحبُّ من حشـاشـةِ قلبي-------------- والبقايا تقاسمتـها النسـاءُ
كلُّ أحبابي القدامى نسَــوني ------------ لا نُوارَ تجيـبُ أو عفـراءُ
فالشـفاهُ المـطيّبـاتُ رمـادٌ----------- وخيامُ الهوى رماها الـهواءُ
سـكنَ الحزنُ كالعصافيرِ قلبي ------------- فالأسى خمرةٌ وقلبي الإنـاءُ
أنا جـرحٌ يمشـي على قدميهِ ------------ وخيـولي قد هدَّها الإعياءُ
فجراحُ الحسينِ بعضُ جراحي ------------ وبصدري من الأسى كربلاءُ
وأنا الحزنُ من زمانٍ صديقي -------- وقليـلٌ في عصرنا الأصدقاءُ
مرحباً يا عراقُ، كيفَ العباءاتُ -------- وكيفَ المها.. وكيفَ الظباءُ؟
مرحباً يا عراقُ ... هل نسيَتني ---------- بعدَ طولِ السنينِ سامـرّاءُ؟
مرحباً يا جسورُ يا نخلُ يا نهرُ -------- وأهلاً يا عشـبُ... يا أفياءُ
كيفَ أحبابُنا على ضفةِ النهـرِ ---------- وكيفَ البسـاطُ والنـدماءُ؟
كان عنـدي هـنا أميرةُ حـبٍّ --------- ثم ضاعت أميرتي الحسـناءُ
أينَ وجـهٌ في الأعظميّةِ حلـوٌ --------- لو رأتهُ تغارُ منهُ السـماءُ؟
إنني السـندباد.ُ.. مزّقهُ البحـرُ ---------- و عـينا حـبيبتي المـيناءُ
مضغَ الموجُ مركبي ... و جبيني ------------ ثقبتهُ العواصـفُ الهـوجاءُ
إنَّ في داخلي عصوراً من الحزنِ ----------- فهـل لي إلى العـراقِ التجاءُ؟
و أنا العاشـقُ الكبيرُ... ولكـن -------------- ليس تكفي دفاتـري الزرقـاءُ
يا حزيرانُ.ما الذي فعلَ الشعرُ؟ ---------- وما الذي أعطـى لنا الشعراءُ؟
الدواويـنُ في يدينا طـروحٌ ------------ والتعـابيرُ كـلُّها إنـشاءُ
كـلُّ عامٍ نأتي لسـوقِ عُـكاظٍ ----------- وعـلينا العمائمُ الخضـراءُ
ونهـزُّ الرؤوسَ مثل الدراويشِ ----------- ...و بالنار تكتـوي سـيناءُ
كـلُّ عامٍ نأتي ... فهذا جريـرٌ --------- يتغنّـى.. وهـذهِ الخـنساءُ
لم نزَل ، لم نزَل نمصمصُ قشراً ------------- وفلسطـينُ خضّبتها الـدماءُ
يا حزيـرانُ... أنـتَ أكـبرُ منّا ---------- وأبٌ أنـتَ مـا لـهُ أبـناءُ
لـو مـلكـنا بقيّـةً مـن إبـاءٍ -------- لانتخـينا.. لكـننا جـبناءُ
يا عصـورَ المعلّقـاتِ مـلَلنا... ------- ومن الجسـمِ قد يملُّ الرداءُ
نصـفُ أشـعارنا نقوشٌ ومـاذا --------- ينفعُ النقشُ حين يهوي البناءُ؟
المـقاماتُ لعبةٌ ... والحريـريُّ --------- حشيشٌ.. والغولُ والعـنقاءُ
ذبحتنا الفسـيفسـاءُ عصـوراً ------- والدُّمى والزخارفُ البلـهاءُ
نرفـضُ الشعرَ كيمياءً وسحراً ------- قتلتنا القصيـدةُ الكيـمياءُ
نرفـضُ الشعرَ مسـرحاً ملكياً --------- من كراسيهِ يحرمُ البسـطاءُ
نرفـضُ الشعرَ أن يكونَ حصاناً -------- يمتطـيهِ الطـغاةُ والأقـوياءُ
نرفـضُ الشعرَ عتمـةً ورموزاً ------- كيف تستطيعُ أن ترى الظلماءُ؟
نرفـضُ الشعرَ أرنبـاً خشـبيّاً ------- لا طمـوحَ لـهُ ولا أهـواءُ
نرفضُ الشعرَ في قهوةِ الشـعر.. ---------- دخـانٌ أيّامـهم.. وارتخـاءُ
شعرُنا اليومَ يحفرُ الشمسَ حفراً ----------- بيديهِ.. فكلُّ شـيءٍ مُـضاءُ
شـعرنا اليومَ هجمةٌ واكتشـافٌ -------------- لا خطوطَ كوفيّـةً ، وحِداءُ
كلُّ شعـرٍ معاصـرٍ ليـسَ فيهِ ---------- غصبُ العصرِ نملةٌ عـرجاءُ
ما هوَ الشعـرُ... إن غدا بهلواناً ---------- يتسـلّى برقصـهِ الخُـلفاءُ
ما هو الشعرُ... حينَ يصبحُ فأراً --------- كِسـرةُ الخبزِ –هَمُّهُ- والغِذاءُ
و إذا أصـبحَ المفكِّـرُ بُـوقـاً ------------ يستوي الفكرُ عندها والحذاءُ
يُصلبُ الأنبياءُ مـن أجـل رأيٍ --------- فلماذا لا يصلبَ الشعـراءُ؟
الفدائيُّ وحـدهُ.. يكتـبُ الشـعرَ ----- و كـلُّ الذي كتبناهُ هـراءُ
إنّهُ الكاتـبُ الحقيقـيُّ للعصـرِ --------- ونـحنُ الحُـجَّابُ والأجـراءُ
عنـدما تبـدأُ البنـادقُ بالعـزفِ ------------ تمـوتُ القصـائدُ العصـماءُ
مـا لنا ؟ ما لنا نلـومُ حزيـرانَ ----------- و في الإثمِ كـلُّنا شـركاءُ؟
من هـم الأبرياءُ ؟ نحنُ جميـعاً -------- حامـلو عارهِ ولا اسـتثناءُ
عقلُنا ، فكـرُنا ، هـزالُ أغانينا ---------- رؤانا، أقوالُـنا الجـوفـاءُ
نثرُنا، شعرُنا، جرائدُنا الصـفراءُ ------------ والحـبرُ والحـروفُ الإمـاءُ
البطــولاتُ موقـفٌ مسـرحيٌّ -------- ووجـوهُ الممثلـينَ طـلاءُ
و فلسـطينُ بينهـم كـمـزادٍ --------- كلُّ شـارٍ يزيدُ حين يشـاءُ
وحـدويّون! و البـلادُ شـظايا --------- كـلُّ جزءٍ من لحمها أجزاءُ
ماركسـيّونَ! والجماهـيرُ تشقى --------
فلماذا لا يشبـعُ الفقـراءُ؟
قرشـيّونَ! لـو رأتهـم قريـشٌ --------- لاستجارت من رملِها البيداءُ
لا يمـينٌ يجيـرُنا أو يســارٌ ------- تحتَ حدِّ السكينِ نحنُ سواءُ
لو قرأنا التاريخَ ما ضاعتِ القدسُ ------- وضاعت من قبـلها "الحمـراءُ"..
يا فلسـطينُ ، لا تزالينَ عطشى ----------- وعلى الزيتِ نامتِ الصحـراءُ
العباءاتُ.. كـلُّها مـن حـريـرٍ --------- واللـيالي رخيصـةٌ حمـراءُ
يا فلسـطينُ، لا تنـادي عـليهم ---------- قد تساوى الأمواتُ والأحياءُ
قتلَ النفـطُ ما بهم مـن سـجايا -------- ولقد يقتـلُ الثـريَّ الثراءُ
يا فلسـطينُ ، لا تنادي قريشـاً --------- فقريشٌ ماتـت بها الخيَـلاءُ
لا تنادي الرجالَ من عبدِ شمسٍ ---------- لا تنادي.. لم يبـقَ إلا النساءُ
ذروةُ الموتِ أن تموتَ المروءاتُ -------- ويمشـي إلى الـوراءِ الـوراءُ
مرَّ عامـانِ والغـزاةُ مقيمـونَ ------------ و تاريـخُ أمـتي... أشـلاءُ
مـرَّ عامانِ.. والمسـيحُ أسـيرٌ ----------- في يديهم.. و مـريمُ العـذراءُ
مـرَّ عامـانِ... والمآذنُ تبكـي ------------- و النواقيـسُ كلُّها خرسـاءُ
أيُّها الراكعونَ في معبدِ الحـرفِ ---------- كـفانا الـدوارُ والإغـماءُ
مزِّقوا جُبَّـةَ الدراويـشِ عـنكم -------- واخلعوا الصوفَ أيُّها الأتقياءُ
اتـركـوا أولياءَنـا بـسـلامٍ ---------- أيُّ أرضٍ أعادها الأولياءُ؟
في فمي يا عراقُ.. مـاءٌ كـثيرٌ -------- كيفَ يشكو من كانَ في فيهِ ماءُ؟
زعمـوا أنني طـعنتُ بـلادي ------------ وأنا الحـبُّ كـلُّهُ والـوفاءُ
أيريدونَ أن أمُـصَّ نـزيفـي؟ ---------- لا جـدارٌ أنا و لا ببـغاءُ!
أنـا حريَّتي... فإن سـرقـوها --------- تسقطِ الأرضُ كلُّها والسماءُ
ما احترفتُ النِّفاقَ يوماً وشعري ------- مـا اشتـراهُ الملـوكُ والأمراءُ
كـلُّ حـرفٍ كتبتهُ كانَ سـيفاً --------- عـربيّاً يشـعُّ منهُ الضـياءُ
و قـليـلٌ مِنَ الكـلامِ نَـقِـيٌّ --------- وكـثيرٌ من الكـلامِ بغـاءُ
كم أُعـاني مِمَّا كَتَبْـتُ عـذاباً --------- ويعاني في شـرقنا الشـرفاءُ
وجعُ الحرفِ رائـعٌ.. أوَتشـكو ---------- للـبسـاتينِ وردةٌ حمـراءُ؟
كلُّ من قاتلوا بحرفٍ شـجاعٍ ----------- ثم ماتـوا.. فإنـهم شهداءُ
لا تعاقب يا ربِّ من رجموني --------- واعفُ عنهم لأنّـهم جهلاءُ
إن حبّي للأرضِ حـبٌّ بصيرٌ --------- وهواهم عواطـفٌ عمياءُ
إن أكُن قد كَوَيْـتُ لحمَ بلادي ------------ فمن الكيِّ قد يجـيءُ الشفاءُ
من بحارِ الأسى ، وليلِ اليتامى ----------- تطلـعُ الآنَ زهـرةٌ بيضاءُ
و يطلُّ الفـداءُ شـمساً عـلينا ----------- ما عسانا نكونُ.. لولا الفداءُ
من جـراحِ المناضلينَ... وُلدنا ----------- ومنَ الجرحِ تولدُ الكـبرياءُ
قبلَهُم ، لم يكـن هـناكَ قبـلٌ ----------- ابتداءُ التاريخِ من يومِ جاؤوا
هبطـوا فـوقَ أرضـنا أنبياءً ---------- بعد أن ماتَ عندنا الأنبياءُ
أنقذوا ماءَ وجهنا يـومَ لاحوا ------------- فأضاءت وجوهُنا السوداءُ
منحـونا إلى الحـياةِ جـوازاً ------------- لم تكُـن قبلَهم لنا أسمـاءُ
أصـدقاءُ الحروفِ لا تعذلوني ------------- إن تفجّرتُ أيُّها الأصـدقاءُ
إنني أخزنُ الرعودَ بصـدري ----------- مثلما يخزنُ الرعودَ الشتاءُ
أنا ما جئتُ كي أكـونَ خطيباً ------------ فبلادي أضاعَـها الخُـطباءُ
إنني رافضٌ زماني وعصـري----------- ومن الـرفضِ تولدُ الأشـياءُ
أصدقائي، حكيتُ ما ليسَ يُحكى --------- و شـفيعي... طـفولتي والنـقاءُ
إنني قـادمٌ إليكـم ... و قلبـي --------- فـوقَ كـفّي حمامـةٌ بيضـاءُ
إفهموني... فما أنا غـيرُ طـفلٍ ----------- فـوقَ عينيهِ يسـتحمُّ المـساءُ
أنا لا أعـرفُ ازدواجيّةَ الفكـرِ --------- فنفسـي.. بحـيرةٌ زرقـاءُ
لبلادي شـعري.. ولسـتُ أبالي----------- رفصتهُ أم باركتـهُ السـماءُ..

عبدالله بن غفره
17-11-2007, 10:08 PM
نزار قباني


من الشعراء الذي يطرب الشخص عندما يقرأ لهم

فهو من الشعراء القله الذي يتكلمون بلغة الشعر الحقيقي


تحيتي لك على النقل المميز

عبدالله الوهابي
18-11-2007, 12:31 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

مع العلم أن نزار شاعر له غباره إلا أن في بعض قصائده شطحات يجب الانتباه لها

يعطيك العافية