المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من مقالات الدكتور / عبدالله الوهابي 2


عبدالله الوهابي
08-03-2006, 08:30 PM
قصة حب

قرر صاحبنا الزواج وطلب من أهله البحث عن فتاة مناسبة ذات خلق ودين , وكما جرت العادات والتقاليد حين وجدوا إحدى قريباته وشعروا بأنها تناسبه ذهبوا لخطبتها ولم يتردد أهل البنت في الموافقة لما كان يتحلى به صاحبنا من مقومات تغري أية أسرة بمصاهرته وسارت الأمور كما يجب وأتم الله فرحتهم ، وفي عرس جميل متواضع اجتمع الأهل والأصحاب للتهنئة.
وشيئاً فشيئاً بعد الزواج وبمرور الأيام لاحظ المحيطون بصاحبنا هيامه وغرامه الجارف بزوجته وتعلقه به وبالمقابل أهل البنت استغربوا عدم مفارقة ذكر زوجها للسانها. أي نعم هم يؤمنون بالحب ويعلمون أنه يزداد بالعشرة ولكن الذي لا يعاملونه أو لم يخطر لهم ببال أنهما سيتعلقان ببعضهما إلى هذه الدرجة.
وبعد مرور ثلاث سنوات على زواجهما بدؤوا يواجهون الضغوط من أهاليهم في مسألة الإنجاب، لأن الآخرين ممن تزوجوا معه في ذلك التاريخ أصبح لديهم طفل أو اثنان وهم مازالوا كما هم ، وأخذت الزوجة تلح على زوجها أن يكشفوا عند الطبيب عل وعسى أن يكون أمراً بسيطاً ينتهي بعلاج أو توجيهات طبية.
وهنا وقع ما لم يكن بالحسبان ، حيث اكتشفوا أن الزوجة عقيم )!!
وبدأت التلميحات من أهل صاحبنا تكثر والغمز واللمز يزداد إلى أن صارحته والدته وطلبت منه أن يتزوج بثانية ويطلق زوجته أو يبقيها على ذمته بغرض الإنجاب من أخرى ، فطفح كيل صاحبنا الذي جمع أهله وقال لهم بلهجة الواثق من نفسه تظنون أن زوجتي عقيم؟!
إن العقم الحقيقي لا يتعلق بالإنجاب ، أنا أراه في المشاعر الصادقة والحب الطاهر العفيف ومن ناحيتي ولله الحمد تنجب لي زوجتي في اليوم الواحد أكثر من مائة مولود وراض بها وهي راضية فلا تعيدوا لها سيرة الموضوع التافه أبداً.
وأصبح العقم الذي كانوا يتوقعون وقوع فراقهم به ، سبباً اكتشفت به الزوجة مدى التضحية والحب الذي يكنه صاحبنا لها وبعد مرور أكثر من تسع سنوات قضاها الزوجان على أروع ما يكون من الحب والرومانسية بدأت تهاجم الزوجة أعراض مرض غريبة اضطرتهم إلى الكشف عليها بقلق في أحد المستشفيات، الذي حولهم إلى ( مستشفى الملك فيصل التخصصي ) وهنا زاد القلق لمعرفة الزوج وعلمه أن المحولين إلى هذا المستشفى عادة ما يكونون مصابين بأمراض خطيرة .
وبعد تشخيص الحالة وإجراء اللازم من تحاليل وكشف طبي ، صارح الأطباء زوجها بأنها مريضة بداء عضال عدد المصابين به معدود على الأصابع في الشرق الأوسط ، وأنها لن تعيش كحد أقصى أكثر من خمس سنوات بأية حال من الأحوال والأعمار بيد الله.
ولكن الذي يزيد الألم والحسرة أن حالتها ستسوء في كل سنة أكثر من سابقتها ، والأفضل إبقاؤها في المستشفى لتلقى الرعاية الطبية اللازمة إلى أن يأخذ الله أمانته. ولم يخضع الزوج لرغبة الأطباء ورفض إبقاءها لديهم وقاوم أعصابه كي لا تنهار وعزم على تجهيز شقته بالمعدات الطبية اللازمة لتهيئة الجو المناسب كي تتلقى زوجته به الرعاية فابتاع ما تجاوزت قيمته الــ(260000 ريال) من أجهزة ومعدات طبية ، جهز بها شقته لتستقبل زوجته بعد الخروج من المستشفى وكان أغلب المبلغ المذكور قد تدينه بالإضافة إلى سلفة اقترضها من البنك .
واستقدم لزوجته ممرضة متفرغة كي تعاونه في القيام على حالتها ، وتقدم بطلب لإدارته ليأخذ إجازة من دون راتب ، ولكن مديره رفض لعلمه بمقدار الديون التي تكبدها ، فهو في أشد الحاجة لكل ريال من الراتب ، فكان أثناء دوامه يكلفه بأشياء بسيطة ما أن ينتهي منها حتى يأذن له رئيسه بالخروج ، وكان أحياناً لا يتجاوز وجوده في العمل الساعتين ويقضي باقي ساعات يومه عند زوجته يلقمها الطعام بيده ، ويضمها إلى صدره ويحكي لها القصص والروايات ليسليها وكلما تقدمت الأيام زادت الآلام ، والزوج يحاول جاهداً التخفيف عنها.
وكانت قد أعطت ممرضتها صندوقاً صغيراً طلبت منها الحفاظ عليه وعدم تقديمه لأي كائن كان ، إلا لزوجها إذا وافتها المنية .
وفي يوم الاثنين مساء بعد صلاة العشاء كان الجو ممطراً وصوت زخات المطر حين ترتطم بنوافذ الغرفة يرقص لها القلب فرحاً.. أخذ صاحبنا ينشد الشعر على حبيبته ويتغزل في عينيها ، فنظرت له نظرة المودع وهى مبتسمة له.. فنزلت الدمعة من عينه لإدراكه بحلول ساعة الصفر.. وشهقت بعد ابتسامتها شهقة خرجت معها روحها وكادت تأخذ من هول الموقف روح زوجها معها. ولا أرغب في تقطيع قلبي وقلوبكم بذكر ما فعله حين توفاها الله ولكن بعد الصلاة عليها ودفنها بيومين جاءت الممرضة التي كانت تتابع حالة زوجته فوجدته كالخرقة البالية ، فواسته وقدمت له صندوقاً صغيراً قالت له إن زوجته طلبت منها تقديمه له بعد أن يتوفاها الله.. فماذا وجد في الصندوق؟! زجاجة عطر فارغة ، وهي أول هدية قدمها لها بعد الزواج..وصورة لهما في ليلة زفافهم. وكلمة ( أحبك في الله ) منقوشة على قطعة مستطيلة من الفضة وأعظم أنواع الحب هو الذي يكون في الله ورسالة قصيرة سأنقلها كما جاء في نصها تقريباً مع مراعاة حذف الأسماء واستبدالها بصلة القرابة.
الـــرســــــالـــة :
زوجي الغالي. لا تحزن على فراقي فو الله لو كتب لي عمر ثان لاخترت أن أبدأه معك ولكن أنت تريد وأنا أريد والله يفعل ما يريد.
أخي فلان : كنت أتمنى أن أراك عريساً قبل وفاتي.
أختي فلانة : لا تقسي على أبنائك بضربهم فهم أحباب الله ولا يحس بالنعمة غير فاقدها.
عمتي فلانة ( أم زوجها ) : أحسنت التصرف حين طلبت من ابنك أن يتزوج من غيري لأنه جدير بمن يحمل أسمه من صالح الذرية بإذن الله.
كلمتي الأخيرة لك يا زوجي الحبيب أن تتزوج بعد وفاتي حيث لم يبق لك عذر، وأرجو أن تسمي أول بناتك بإسمي ، واعلم أني سأغار من زوجتك الجديدة حتى وأنا في قبري.

عبدالله الوهابي
26-03-2006, 09:00 AM
من المعلوم أنَّ زمان الفتن زمان خطير يكثر فيه القيل والقال ، ويحمَل الكلام فيه على غير محاملِه ، ويكثر الجدال ، ويحرص فيه على نقل الأخبار ، وإشاعة الأقوال ، ويتصدر مَنْ حقُّهم التأخر ، وتنطق فيه الرويبضة ، وفي زمان هذا حاله ينبغي للمسلم العاقل أن يلتزم أوامر الله -سبحانه وتعالى- بكل قوَّةٍ ودقة ، ولا يجاوزها ، ففي لزومها النجاة ، وفي مفارقتها الهلَكَة.
ومن ذلك وجوب التثبت عند سماع الأخبار والأقوال ، وعدم العجلة في الحكم على الأخبار حتى يتبين له ثبوتها ، ثم بعد ذلك يقوم فيها بما أمر الله –سبحانه وتعالى- ، وهذا أمر واجبٌ على المسلم في حياته كلها ؛ في رخائه وشدته ، لكنه في وقت الفتنة آكد لما يترتب على ذلك من أمور عظام.
قال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بِنَبأ فتبَيَّنُوا أن تُصِيبوا قَوماً بِجَهالةِ فَتُصبحوا على ما فعلتم نادمين }.
قال ابن كثير - رحمه الله- : "يأمر تعالى بالتثبت في خبرِ الفاسق ليحتاط له ، لئلا يحكم بقوله فيكون في نفس الأمر كاذباً أو مخطئاً ، فيكون الحاكم بقوله قد اقتفى وراءه . وقد نهى الله عن اتباع سبيل المفسدين". وقد جعل العلماء - رحمه الله- هذه الآية وما جاء في معناها قاعدةً ، وبُنِيَ عليها علمُ الرجال والجرح والتعديل ؛ الذي حفظ الله به دينه ، وسنة نبيه... ، والذي اختصت به الأمة الإسلامية من بين الأمم التي أضاعت ما أوحاه الله لأنبيائه ، وحرَّفته ، وبدّلَته ، وأدخلت فيه ما ليس منه ، بقصد أو بدون قصد ، حتى لم يبق في أيديهم شيء يوثقُ به مما أوحاه الله لأنبيائه –عليهم السلام-.
وهذا دليل على أهمية التثبت والتبيُّن عند سماع الأخبار والروايات ولا سيَّما وقت الفتن ، وكم سبَّبَ عدم التثبت من فتنٍ ومصائب على الأمةِ لا زالت تعاني منها حتى يومنا هذا .
وقال تعالى: {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً}.
قال ابن كثير - رحمه الله- :" في هذه الآية إنكارٌ على من يبادر إلى الأمور قبل تحقُّقِها فيخبر بها ، ويفشيها ، وينشرها ، وقد لا يكون لها صحة".
فهذه الآية توجبُ التثبُّتَ والتبيُّنَ عند سماعِ الأخبار ، وتُنكِر – كما ذكر ابن كثير- على من بَادَرُ وسارَعَ في نقلها ونشرها قبل أن يتحققَ من صحتها ، وأرشدت كذلك إلى أمر آخر مهم ؛ وهو أن الأخبار إنما تنقل إلى أولي الأمر من العلماءِ والأمراءِ ، ولا تنقَلُ إلى عامَّةِ الناس لأن النقلَ إلى عامة الناس لا فائدة فيه ، وإنما الفائدة في نقله إلى أهل الحلِّ والعقدِ الذين يحسنون فهم الأمور ،واستنباط المصالح منها ، ولديهم القدرة على درء المفاسد.
وقد ذ كر ابن كثير - رحمه الله- عدَّةَ رواياتٍ تحذِّرُ من العجلةِ وعدم التثبت منها: حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكلِّ ما سمع "
وعن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه- : أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن القيل والقال. قال ابن كثير - رحمه الله- : " أي الذي يكثر من الحديث عمَّا يقول الناسُ من غيرِ تثبُّتٍ ، ولا تدبُّرٍ ، ولا تبيُّنٍ .
ثم ذكـر ابن كثير - رحمه الله - قوله : " بئس مطية الرجل زعموا "
قال ابن كثير - رحمه الله- : "ويُذكَر هاهنا حديث عمر -رضي الله عنه- المتفَقِ عليه حين بلغه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم طلَّقَ نساءه ، فجاء من منْزله حتى دخل المسجد فوجد الناسَ يقولون ذلك فلم يصبِر حتى استأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفهمه : أطلقت نساءك؟ قال: (لا) فقلت: الله أكبر ...الحديث .
وعند مسلم: فقلت : أطلَّقتهنَّ؟ فقال: (لا). فقمتُ على باب المسجد فناديتُ بأعلى صوتي : لم يطلِّق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه . ونزلت الآية.
قال عمر -رضي الله عنه-: أنا استنبطت ذلك الأمر.
وقال السعدي -رحمه الله- : "هذا تأديب من الله لعباده عن فعلهم هذا غير اللائق ، وأنَّه ينبغي لهم إذا جاءهم أمر من الأمورِ المهمَّة ،والمصالح العامة ما يتعلَّقُ بالأمن ، وسرور المؤمنين ، أو بالخوف الذي فيه مصيبةٌ عليهم ؛ أن يتثبَّتوا ، ولا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر.
بل يردونه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم ؛ أهل الرأي ، والعلم ، والنصح ، والعقل ، والرزانة ؛ الذين يعرفون الأمور ، ويعرفون المصالِحَ وضدَّها.
فإذا رأوا في إذاعته مصلحة ونشاطاً للمؤمنين ، وسروراً لهم ، وتَحَرُّزاً من أعدائهم ؛ فعلوا ذلك .
وإن رأوا أنه ليس فيه مصلحة ، أو فيه مصلحة ولكن مضرَّته تزيد على مصلحته لم يذيعوه ولهذا قال: {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ} أي: يستخرجونه بفكرهم وآرائهم السديدة ،وعلومهم الرشيدة.
وفي هذا دليل لقاعدة أدبية وهي: أنه إذا حصل بحث في أمرٍ من الأمور ، ينبغي أن يولَّى من هو أهل لذلك ، ويجعل إلى أهله ، ولا يتقدم بين أيديهم ، فإنه أقرب إلى الصواب وأحرى للسلامة من الخطأ .
وفيه النهي عن العجلة والتسَرُّع لنشر الأمور من حين سماعها ، والأمر بالتأمل قبل الكلام ، والنظر فيه ، هل هو مصلحة فيقدم عليه الإنسان؟ أم لا ، فيحجم عنه؟".
فانظر – رعاك الله وحماك من الفتن ما ظهر منها وما بطن- هذا العلاج الرباني وقتَ وقوع الفتن ، وذلك بالصبر ، والتثبتِ ، وعدم العجلةِ ، فإن في ذلك السلامةَ من الفتنِ ، كما في النصوصِ السابقة.
وانظر إلى فهم عمر - رضي الله عنه- ، وتثبته ، وكيف سلَّمَه الله من هذه الفتنة بسبب التثبت في الأخبارِ.
وقد ابتليت الأمة الإسلامية اليوم بأقوام لا همَّ لهم إلا البحثَ عن الأخبارِ ؛ صحيحها وسقيمها ، ونشرَ هذه الأخبار على الأمة ؛ مسلِمِها وكافرها ، دون رَوِيَّةٍ ، وتثبتٍ ، ودون النظرِ في عواقب الأمور ، ودون معرفةٍ للمصالح والمفاسد المترتبة على نشر هذه الأخبار بل يظنونَ – للأسف الشديد - أنهم بنشرِهم لهذه الأخبارِ الظنِّيَّةِ ؛ يرفعون من علوم الأمة ، وثقافتِها ، وفقهها بواقعِها! ، وما دروا أنَّ في نشر هذه الأخبار تثبيطاً للأمةِ ، وزرعاً للشكِّ واليأسِ في قلوب الناشئةِ ، وعوام الأمة ، واستهانةً بأولياء أمور الأمة ، وعلمائها .
فالواجب بعد هذا الحرصُ الشديد في نقل الأخبارِ ، وأن لا تنقلَ هذه الأخبارُ إلا لأولياء الأمور ، وأهل الحلِّ والعقد والعلمِ ، والتثبُّتُ في ذلك ، وعدمُ تحميلِ الخبر ما لا يحتمله ، وعدمُ إشغال الناشئة وعوام المسلمين بما لا فائدة لهم به ، ولا قدرة لهم على تحمُّلِه ومعالجته.
ومن عجيب حال الأمة اليومَ أنَّ هؤلاء النقلةِ للأخبار ، المبادِرِين في نشرها ؛ لا يميِّزون بين ناقلي الأخبار ، فتراهم يروون خبراً عن مجلَّةٍ كافرةٍ ، أو إذاعةٍ في دولة كافرة ؛ يهودية أو نصرانية ، ويجعلون هذا الخبرَ يقينياً ، ويبنون عليه مسائل خطيرةٍ ، تتعلَّق بمصالح الأمة ، وما دروا أنَّ الكافر لا يصلحُ أنْ يكونَ مصدراً للأخبار الصحيحةِ ، وأنَّ هؤلاء الكفَّارَ إنما نشروا مثل هذه الأخبارِ لضربِ الأمةِ بعضها ببعضٍ ، ولإشاعة الوهَنِ والخوفِ والشكِّ في الأمة .
فلا يجوز بعد هذا قبول الأخبار إلا من الثقات العدولِ ، ثم بعد هذا ينظرُ في نشره حسب المصالحِ والمفاسدِ ، بعد الرجوع إلى أولياء الأمور ، وعلماء الأمة ، وأهل الحل والعقد فيها.
ومن أعظم الشواهد على تطبيق السلفِ - رحمهم الله - لهذه القاعدةِ العظيمة وقتَ الفتن :
ما رواه البخاري - رحمه الله - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كنت أقرئ رجالاً من المهاجرين منهم عبد الرحمن بن عوف فبينما أنا في منْزلِهِ بِمِنى ، وهو عند عمر بن الخطاب في آخر حجة حجها ، إذ رجع إلي عبد الرحمن فقال : لو رأيت رجلاً أتى أميرَ المؤمنين اليوم فقال: يا أمير المؤمنين هل لك في فلان يقول: لو قد مات عمر لقد بايعت فلاناً؟ فوالله ما كانت بيعة أبي بكر إلا فلتة ، فتمَّتْ ، فغضب عمرُ ، ثم قال: إني - إن شاء الله - لقائم العشيةَ في الناس ، فمحذرهم هؤلاء الذين يريدون أن يغصبوهم أمورهم ، قال عبد الرحمن: فقلت: يا أمير المؤمنين ، لا تفعل ، فإنَّ الموسمَ يجمع رَعاعَ الناس وغوغاءَهم ، فإنهم هم الذين يغلبون على قربك حين تقوم في الناس ، وأنا أخشى أن تقوم فتقول مقالةً يطيُّرها عنك كل مطيِّر ، وأن لا يعوها ، وأن لا يضعوها على مواضعها ، فأمهِل حتى تقدم المدينة ، فإنها دار الهجرة والسنة ، فتخلص بأهل الفقه وأشراف الناس ، فتقول ما قلتَ متمكناً ، فيعي أهلُ العلم مقالتَك ، ويضعونها على مواضعها.
فقال عمر - رضي الله عنه - : والله - إن شاء الله - لأَقُومنَّ بذلك أوَّلَ مقامٍ أقومُه بالمدينة..الحديث.
ففي هذه القصة العظيمة بيانُ فقهِ الصحابة - رضي الله عنهم - ، وحرصُهم على سلامة الأمة من الفتن ، وذلك بحفظ الأمور العظام عن العوام والرَّعاعِ ؛ لأنهم لا قدرةَ لهم على حلِّها ، ولا فهمها ، بل ربَّما أدى علمهم بها إلى الفتن .
ولذلك أشار عبد الرحمن بن عوفٍ - رضي الله عنه - على عمرَ - رضي الله عنه - أن يحفظَ ما يريد قولَهُ عن عامة الناسِ ، ويخصَّ به أهل الفقه والشرف حتى يعوا مقالته ويضعوها على مواضعها ، واستيعاب عمر - رضي الله عنه - لذلك ، فلمَّا رجعَ المدينة ذكر ما أراده للناسِ .
وبهذا الفقه العظيم صار الصحابةُ - رضي الله عنهم- أماناً للأمة من الفتن ، فلمَّا ماتوا أصاب الأمة ما أصابهم.
والملاحظ الآن عكس هذا تماماً ، فإن كثيراً ممن يزعم الإصلاح في هذا الزمان يتكلَّمُ بكل شيء في كلِّ مكانٍ دونَ تمييزٍ ، ودون نظرٍ لعواقب الأمور، فما يكاد أحدهم يسمع خبراً ولا سيَّما الأخبارَ المتعلقةَ بمصالح الأمةِ ، وأحوالِ أولياء الأمور إلا وطار به ، ينشره في كل مجالٍ متاحٍ عن طريق الإنترنت ، وعن طريق الإذاعة أو عن طريق القنوات الفضائية ، وحتى عن طريق المجالس ، ففي أيِّ مكانٍ يهذي به ، دون أدنى تثبُّتٍ ، أو نظرٍ ، وما درى كم يفسد هذا الخبر على الأمةِ من أمورٍ! - خاصة إذا عرفتَ أن أعداء الأمة يتربصون بها الدوائر ، ويفرحون بمثل هذه الأخبارِ- حتى أوقعوا الناس في الحيرة والدهشةِ واليأس والقنوط ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
وبهذا تعرف أهميَّة التثبتِ ، وحفظِ الأخبار ، ونقلِها إلى أهل الحلِّ والعقد دون سائر الناس ، بعد التأكدِ من صحتها . وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 000
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
المراجـــــع
1 - تفسير ابن كثير
2 - تفسير الكريم المنان للشيخ السعدي
3 - صحيح البخاري ( فتح الباري ) لابن حجر
4 - صحيح مسلم . للنيسابوري
5 -

عبدالله الوهابي
13-12-2006, 08:31 PM
تأخرت الدول العربية كثيراً في مواجهة الانحياز الأمريكي الأعمى إلى جانب الوحشية والصلف الصهيونيين ، حتى إن هذه الحكومات احتملت في ذلك كثيراً من استياء شعوبها الغاضبة مما يجري في حق إخوانهم الفلسطينيين العزل .
لكن العم سام الذي يقف حتى على يمين غلاة الصهاينة في تل أبيب ، لم يكترث بالمجازر المتتالية ، وبخاصة في غزة وأخيراً في بيت حانون ، حيث يقتل الأطفال بدم بارد ثم يخرج القتلة ليقولوا بكل صفاقة : إنه خطأ فني ، ولا يجد البيت الأبيض أي حرج في اعتبار جرائم ضد الإنسانية ، بأنها " دفاع عن النفس "! ثم تستخدم حق النقض في مجلس الأمن لحماية هؤلاء الإرهابيين حتى من كلمة تقريع لا تسمن ولا تغني من جوع.
لذلك اضطر وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم الأخير الطارئ إلى اتخاذ قرار بكسر الحصار الدولي الجائر ، على الشعب الفلسطيني الصابر ، وهذا أضعف الإيمان للرد على ظلم بشع ومديد ، إذ لم يقتصر الكبار في عالمنا على التسوية بين الجلاد وفريسته العزلاء بل تجاوز هذا الحيف الفاضح إلى محاصرة الضحية ، والتواطؤ مع الوحش الصائل.
وبعبارة أخرى فهذه رسالة عربية جماعية موجهة إلى أصحاب الفيتو خلاصتها : لقد نفذ صبر العرب ، فهل ستصل الرسالة إلى أهلها؟.. نأمل ذلك.

عبدالله الوهابي
10-01-2007, 02:06 PM
بعد عودتي لنفسي من عناء يوم طويل وممل ، تدور بيني وبينها تساؤلات عدة ، عن معنى وقيمة الترابط بين الإنسان والعالم الذي يعيش فيه ، العالم الذي ولد داخله من طموحاته وخيالاته وأمنياته ، والواقع الذي يراه أمامه ما طبيعة علاقتهما؟؟
أهل هي علاقة حب مرئية ومحسوسة تثور من العشق والوله ، مترابطة ومتجددة لحظة بلحظة ، أم مجرد مسرحية يلعب فيها الإحساس بالتمني للواقع دوره لحظة للحظة ثم يختفي؟؟
ما أبحث الترابط الخالد الجامع بين كل مقومات الحياة ، الذي يجمع بين الأمل والمأمول ، الترابط الذي لا ينقطع إلا بالموت ، ليس الموت الذي نعرفه ، بل هو اللحظة التي يموت فيها عقل وباطن الإنسان بكل ما فيها من خيال وتساؤل وطموح ، اللحظة التي يموت فيها الشغف والحب والعشق والهيام والإلهام وتتحول مجمعها إلى مجرد صخرة في ركن الشارع المظلم تنظر حولها في صمت وجمود بلا مبالاة.
ما أتحدث عنه هنا هو علاقتنا نحن الشباب بالواقع الذي نعيش فيه الدور الرئيسي الذي لا تجد لنا فيه بصمة قوية تجتاحنا رغبة في التغيير إلى للأفضل وترقية مجتمعنا إلى أعلى المستويات في شتى المجالات ، حقيقة إنه شيء جيد وكفيل برؤية الأمور المستقبلية بعين متفائلة ، ولكن دعونا نرى الموضوع من منظور شبابي آخر .
كيف نريد رؤية أحلامنا وطموحنا واقعاً نستمع بالعيش فيه ومعه ولم نفعل لها وبها شيئاً؟
لازالت هنالك عوالق من الدهر القديم ، عوالق اتصلت بنا نتيجة لتأثيرات خارجة عن إدارتنا ، ألا تشاركوني الرأي أننا بيننا وبين أنفسنا قبل أن نغير العالم نحتاج أن نغير ما في أنفسنا؟؟
أن نترك تلك النظرة للغير بأنه هو المسئول عما نحن فيه وهو المسئول عما نريد أن نكون؟
أين دورنا من تحقيق أهدافنا في هذه الدنيا؟؟ من خلال دراسة بسيطة لمعرفة ما هي حقيقة هذه المشكلة وكيفية حلها من وجهة نظري كشاب مثلكم توصلت إلى الآتي :
أن الشباب يستمدون النصيحة والإرشاد والتوجيه لتحقيق أهدافهم من خبرات الأجيال السابقة وبالمقابل ينتظرون تحقيقها على أيدي غيرهم ، وكأن دورنا هنا هو التمني ووضع الأهداف فقط!!
لابد أن نكون نحن السبب الرئيسي والكلي في تحقيق أهدافنا ، نجعل من أنفسنا قاعدة دينية وعلمية وثقافية واقتصادية واجتماعية ونبني عليها الواقع الذي نتمنى أن نكون فيها ، ووصلنا لسؤال المهم ( كيف نصبح تلك القاعدة؟؟)
وبكل بساطة هذا هو الحل :
هنالك ركائز أساسية في حياتنا كشباب وشابات تلعب دوراً كبيراً ورئيسياً في طريقة تخطيطنا وتنفيذنا لكل محاور حياتنا ، وحولت هذه الركائز إلى مصطلحات معروفة فيما بيننا حتى يمكننا فهمها بكل مجالاتها بشكل صحيح واستخدامها في تحقيقنا لأهدافنا كالتالي :
الحب ، الصداقة ، التفكير ، الزواج ، التعليم ، التربية ، الترفيه ، الهواية ، الإرادة ، العمل ، التخطيط ، التعامل ، الاكتشاف ، النظرة الاجتماعية ، السمعة ، العلاقة بالله عز وجل ، التدين ، علاقتنا بديننا ، الحالة المادية ، الإرهاب ، الحجاب ، الاستقرار ، المساواة ، المشكلة ، الصبر ، الانحراف ، الفرقة ، الطبقات الاجتماعية.
تعتبر هذه المجموعة تشكيلة اجتماعية ودينية واقتصادية ، ولكن كما اتفقنا من قبل أن لها دوراً كبير في حياتنا ، وبداية من الآن دعونا نتخذ أول قرار يأخذنا في الطريق الصحيح لتحقيق أهدافنا ، وهو عقد اتفاقية فيما بيننا كالتالي :
- أن نتحاور فيما بيننا ونناقش هذه الأمور من وجهة نظرنا نحن الشباب بخبرتنا وعلمنا الذي نملكه ، أي أننا سنرى مشاكلنا وسنحللها ونفهما ونعالجها ونوضحها لغيرنا.
- أن تكون خطة عملنا هي ( التحليل والفهم – الاقتناع – التنفيذ – نشر المفهوم الصحيح في المجتمع )
- فهما من الناحية الدينية – العلمية – الاجتماعية – الاقتصادية ، الاقتناع الداخلي بضررها لمفهومها الغير صحيح لدينا وتأثيرها علينا ، تغيير المفهوم لدينا وبدء التعامل بها وفقاً للمفهوم الصحيح ، نشر المفهوم الصحيح لدى المجتمع )

عبدالله الوهابي
13-01-2007, 07:22 PM
ها نحن سنودع بعد أيام قليله عاما كاملا من حياتنا وكأنه لم يكن من عمر الزمن...
سنودع (365) يوم وكأنها شريط نعيد فيه ذكرياتنا فنرى أحلامنا وماذا تحقق منها...
نتذكر بمرارة من قهرنا وظلمنا ،، وبسعادة نسترجع لحظات انتصارنا ونجاحنا.. وحبنا وسهرنا.. وبكل الم وندم نتحسر على لحظات تكبرنا وجبروتنا وانفعالاتنا... ويدور الشريط ليعيد علينا ما عشناه من فراق وخوف وقلق وعذاب وفشل ووحده...
وما ذرفنا من دموع..(365) يوماً لو حاسبنا فيها أنفسنا لوجدنا أن النعم كانت أكثر من النقم.. والرحمة أوسع من العذاب فحتى من ابتلاه الله فهو في نعمة.. لأنه لا يعرف بأن الله إذا أحب عبداً ابتلاه... وأن الله كما أعطاه أخذ منه.. وكما حرمه من أشياء منحه غيرها... وعند محاسبتنا نجد ذكرياتنا لا تزال تعيش بداخلنا.. بكل ما فيها من قسوة ومرارة.. من رحمة أو حنان.. فنذكرها مرات بحنين وشوق.. ومرات أخرى بألم وندم ولنتذكر دائما أن في الألم عرف العقلاء السعادة.. فالسعادة ليست فقط أن تسعد من أسعدوك وان تشارك من شاركوك ولكن قمة العطاء في السعادة تكمن بطلب العفو والتسامح ممن أسأت لهم وان تصفح وتعفو عمن أساؤوا لك..
هكذا يجب أن نبدأ عامنا الجديد بان نتسامح وأن نسير على نهج الإسلام قولا وعملا وظاهرا وباطنا.. لحظتها سنشعر بجمال الدنيا وستولد في نفوسنا مشاعر وأحاسيس لها مذاق خاص


منقــول

عبدالله الوهابي
01-03-2007, 09:11 AM
أتى على أمة العرب حينا من الدهر سادت فيه العالم وعلمت الأمم وأخرجت البشر من الظلمات إلى النور .

لم تحتكر علماً وفناً وأدباً و ثروة ... كانت أمة فاتحة لا أمة غازية .... أمة عادلة لا أمة متغطرسة .... نشرت من أقصى

الأرض إلى أقصى الأرض قيم الحق والعدل والحرية وإعمال العقل والمساواة والإخاء والتسامح والشورى والجهاد

وعبادة الواحد الأحد ، والعزة والكرامة ومجمل القيم الذى تستهدف إستمتاع البشر بإحترام ذواتهم ، وإحساسهم أنهم

ينتمون لأوطان وأمم ذات رسالات خالدة ، لا أوطان و أمم مملوكة لحفنة من إقطاعييها ورأسمالييها ، أو رجال دينها من

الكهنة الحاملين صكوك الغفران والموقعين على أحكام التفتيش على العقل والفكر والعلم ، والمصدرين الحكم حرقاً أو

شنقاً أو حبساً ، على كل من تسول له نفسه الإدعاء بكروية الأرض .

أتى على أمة العرب حينا من الدهركانت درة التاج فى جغرافيا العالم ، و مقصد طلاب العلم ، و طلاب الرزق ، و طلاب

النهضة ، و طلاب الحكمة ، و كل طلاب الحياة .

ثم أتى عليها حيناً آخر ، تكالبت فيه أمم الدنيا عليها ، أتت سهام الحقد الدفين من كل ناحية و صوب ، إخترقت جسد

الأمة وإلتفت خيوط الحصار من كل جانب ، ووقعت فريسة الحكام الأنعام بل الأضل سبيلا ، حكام الغفلة والصدفة ، حكام

وراثة الأمة سلطة وثروة وشعباً ، حكام قتل كل فكر حر ، و كل صوت مقاوم ، الحكام الخدام والعبيد ، الأذلاء المرتعشين

، الذين لن تقوى أيديهم على البناء ، الضعفاء الذين لن يصونوا الكرامة ، الخائفين الذين لن يصنعوا الحرية .

وإفترست الأمم بهم و بضعفهم و جورهم خير أمة أخرجت للناس ، مهبط الأديان و مفتتح الحضارات و مبتدأ الحياة .

ثم أتت على أمتنا أحياناً أخر حاولت فيه الخروج من نفق التخلف المظلم الكئيب الموحش لتصطدم بمن يعرفون معنى

خروج ماردها من قمقمه ، فيتحالفون و يتكالبون ، يخططون و ينفذون ، يحكمون الحصار و يحتلون ، يخترقون و يولون

من والاهم و نصرهم على أمتهم ممن هم عرباً إسماً ولفظاً ، و أخطر على الأمة من أعداءها فعلا و معنى ، يبتلعون

الثروة بإسم الإقتصاد الحر ، و ما هو إلا استنزاف مقنع واستعباد مذل ، يروجون له بإسم الوصفات السحرية وآخر

منجزات العلم ، و يتلقفه العملاء الأذلاء من فقهاء السلطان لا فقهاء القرآن ، و من دكاترة السلطان لا علماء الأمة ،

يضحكون به على أنفسهم قبل أمتهم .

تتناقض مصالح وأهداف الأمم ويتفقون فقط على أمتنا و مصالحهم فيها ، يتفقون على الأمة و يختلفون على مقدار ما

يقتسمون من لحم خارطتها . يؤججون الفتن و يصنعون الدسائس و يفنطون كل الأوراق ، تارة هذه وأخرى بتلك ، يلعبون

كل الألعاب على جسد الأمة وفى أعضاءها ، من المدنس الى المقدس ، من الأضعف الى الأشد ضعفاً.....

وحدها نبتت الجهاد ... الرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - الرجوع إلى قراءة التاريخ والنظر إلى

أمجادنا لنأخذ العبرة والدروس لنتعمها نحن ونعلم أولادنا عليها

لتنمو فى جسد الأمة ، من الأشد ضعفاً وهزالاً ، لتصل حتماً ووعياً وفكراً و دفعاً وغلاباً وجهاداً إلى أعلى درجات

الصعود وأقصى نقاط الوصول الى خير أمة أخرجت للناس .

عبدالله الوهابي
27-04-2007, 03:42 PM
الخداع والخديعة كلمات اقترنت وبجدارة مع قضية فلسطين وما آلت إليه ، ولم يكن هناك خداع بإتقان كما هو الحال في قضية فلسطين.. ولن تكون خديعة مستمرة كما هي الخديعة التي سَلبت منا أرض فلسطين ، ووطنت بحبائلها شتات اليهود على ترابها المبارك.. ظلم واقع.. وتاريخ يُزيف ، وخداع يراد له أن يسود.. وإجرامٌ يبرر له.. حصار وتجويع.. قتل وتصفية.. تهويد وتدنيس للمقدسات.. تجاوز لكل الاتفاقات المبرمة والمعاهدات الدولية.. تحالف عالمي لقطع جميع التحويلات حتى ولو كانت لمسح دمعة أرملة ، وكسوة يتيم وإغاثة لمسكين لا يجد كسرة خبز!! وآخرها صراع داخلي بين الحكومة والرئاسة ، قيادة برأسين كل يريد أن يثبت وجوده ، والثمن دماء تسفك من أبناء الوطن!!! الواحد.
فتسارع الأحداث على أرض فلسطين ، منذ أن تفاوضت بريطانيا مع الشريف حسين بن علي أمير الحجاز ( مراسلات مكماهون – حسين من يوليو 1915-مارس1916م ) لدفعه لإعلان الثورة العربية على العثمانيين مقابل وعود بالاستقلال معظم المنطق العربية في جزيرة العرب وبلاد الشام والعراق تحت زعامته ، وكانت النتيجة تطبيق اتفاقية ( سايكس بيكو ) في مايو 1916م التي أعطت الانتداب الفرنسي لبنان وسوريا والبريطاني العراق والأردن وفلسطين ، وكان ذلك صدمة كبيرة للثورة العربية وبعدها جاء وعد بلفور في عام 1917م الذي أفقد الكثيرين إدراك ما حدث ويحدث على أرض فلسطين.
ولنعي كيف تطورت القضية وما آلت إليه الأمور منذ ذلك الحين إلى اليوم ، سأوجز تلك الخدائع بعشرة متسلسلة مترابطة لعلنا ندرك ما يراد لنا ، ولماذا وصل بنا الحال إلى سفك الدماء.

( 1 )
وعد بلفور

الخديعة الأولى كانت منذ أن وعد بلفور بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين على أن تمس حقوق ومقدسات؟!! وكان صدمة كبيرة للثورة العربية ، إذ لم يتخيلوا أبداً هذه الدرجة من الخداع البريطاني ، ولذلك رفض جنود الثورة العربية الاستمرار ما لم توضح الأمور ، فأرسلت بريطانيا إمعاناً في الخادع والتضليل مبعوثها ( هوغارت ) في يناير عام 1918م لطمأنة الشريف حسين ، حيث حمل تصريحاً بريطانياً بأن الهجرة اليهودية لفلسطين لن تتعارض مع مصالح السكان السياسية والاقتصادية وإذا بالحقوق تمس والمقدسات تحول إلى زرائب للحيوانات وبيوت للخنا والفجور ، والشعب الفلسطيني... يشرد ويهجر ويعيش كلاجئين في الدولة المجاورة وما زالت معاناتهم إلى الآن..

( 2 )
الانتداب البريطاني

ولتتمل الخديعة الأولى كان لا بد من خديعة ثانية تجعل فلسطين تحت الانتداب البريطاني ، فاحتلت بريطانيا فلسطين في عام 1918م وصرحوا بأن أرض فلسطين سوف تحكم وفق رغبة السكان!! ونصبت اليهودي ( هربرت صموئيل ) في عام 1920م كمندوب سامي لبريطانيا في فلسطين ، أدمجت وعد بلفور في صك انتدابها على فلسطين الذي قررته لها عصبة الأمم في يوليو عام 1922م ، الذي أعترف بالصلة التاريخية التي تربط الشعب اليهودي بفلسطين وبضرورة إعادة إنشاء وطنهم القومي فيها وتسهيل هجرتهم وتمكينهم في الأراضي الأميرية والأراضي الموات!! ، ففتحت الأبواب للهجرة اليهودية فتضاعف عدد اليهود من (55) خمسة وخمسون ألفاً سنة 1918م إلى (646) ستمائة وأربعة وستون ألفاً سنة 1948م / كما دعمت تسليم الأراضي فتزايدت ملكية اليهود للأرض من نحو نصف مليون دونم (2% من الأرض ) إلى نحو مليون وثمانمائة ألف دونم (6،7% من أرض فلسطين ) وتمكن اليهود تحت حماية الحراب البريطانية من بناء مؤسساتهم الاقتصادية والسياسية والتعليمية والعسكرية والاجتماعية وأسسوا (292) مستعمرة ، وكونوا قوات عسكرية من الهاغاناه والأرغون وشتيرون يزيد عددها عن سبعين ألف مقاتل ، واستعدوا لإعلان دولتهم...

( يتبــع وللحديث بقية... )

عبدالله الوهابي
04-05-2007, 04:32 PM
( 3 )
قرار تقسيم فلسطين

والخديعة الثالثة التي تبنتها الجمعية العامة لأمم المتحدة في 29 نوفمبر 1947م حين ادرت قرار تقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية نحو 54% للدولة اليهودية و45% للدولة العربية و1% منطقة دولية ( منطقة القدس ) لفترة مؤقتة تعود بعدها القدس للسيادة العربية.
قال حينها بن غوريون أول رئيس وزراء للكيان اليهودي : " إننا لا ننوي تنحية العرب جانباً والاستيلاء على أرضهم ، وحرمانهم من الميراث ، والحقيقة عصابات اليهود أنهمكت في إعداد خطط الحرب في اليوم الذي تلا إقرار التقسيم ، حيث صدرت أوامر لكافة اليهود الذين بلغت أعمارهم 17 – 25 سنة ، بتسجيل أسمائهم للخدمة العسكرية وبعد ذلك القرار بأيام.
وكانت النتيجة : ظلم فادح أعطى الأقلية اليهودية الدخيلة المهاجرة الجزء الأكبر والأفضل من الأرض الفلسطينية ، وخالف الأساس الذي قامت عليه الأمم المتحدة وهو حق الشعوب في الحرية وتقرير مصيرها بنفسها ، والشعب الفلسطيني المعني أساساً بالأمر لم تتم استشارته ولا استفتاؤه بهذا الشأن…
أما بالنسبة للقدس فقد احتل اليهود غربي القدس في حرب 1948م – وهي تساوي حوالي 85% من المساحة الكلية للقدس – زقاموا بتهويد هذه المنطقة التي تعود ملكيتها للعرب وبناء أحياء سكنية يهودية فوق أراضيها وأراضي القرى العربية المصادرة حولها ، وأعلن عن توحيد شطري القدس تحت الإدارة اليهودية في 27/6/1967م ثم أعلن رسمياً في 30 يوليو 1980م أن القدس عاصمة أبدية موحدة للكيان اليهودي

( 4)
انسحاب القوات البرطانية

والخديعة الرابعة حين أعلنت القوات البريطانية إنهاء انتدابهم على فلسطين وانسحابهم منها في مساء 14 مايو 1948م ، وبعدها بسويعات أعلن المجلس الوطني اليهودي في 15 مايو 1948م ( قيام دولة إسرائيل )!! وبدأت الحرب بين العصابات الصهيونية من جهة وبين الفلسطنيين والجيوش العربية من جهة أخرى ، والتي لم تكن مستعدة لهذه الحرب ، مما سبب هزيمتها وسُميت بنكبة فلسطين ، حينها صرح الدبلوماسي اليهودي ( جاكوب تزور ) للصحافة العالمية بأن " الحرب الشاملة فرضت على اليهود!!
يقول بول فندلي – عضو الكونجرس الأمريكي السابق – في كتابه ( الخداع ) : " الحقيقة أن الجيش الصهيوني بدأ زحفه خلال الأسابيع القليلة التي تلت خطة الأمم المتحدة للتقسيم في عام 1947م وعندما حل 15 أيار/مايو يوم دخول الجيوش العربية إلى فلسطين ، كانت إسرائيل قد استولت بالقوة على أجزاء كبيرةمن فلسطين خارج نطاق الدولة التي حددتها لها الأمم المتحدة ، وكانت يافا أكبر المدن العربية قد تعرضت للاجتياح ونهبت بشكل كلي وطرد مئات الألوف من الفلسطينيين بالقوة من منازلهم ، وأصبحوا لاجئين لا حول لهم ولا قوة "
والنتيجة كانت إنشاء كيان يهودي على مساحة أكبر بكثير من المساحة المقررة لها من قرارا التقسيم والتي كانت أقل من 55% وإذا بهانشأت على 77% من أرض فلسطين ولم يبق سوى الضفة الغربية ، والتي ألحقت بالأردن ، وقطاع غزة الصغير الذي ألحق بالإدارة المصرية وشردوا بالقوة (800) ألف فلسطيني خاج المنطقة التي أقاموا عليها كيانهم ومن أصل 925 ألفاً كانوا يسكنون في المنطقة ودمر الصهاينة 478 قرية فلسطينية من أصل 585 قرية كانت قائمة في المنطقة المحتلة ، وارتكبوا 34 مجزرة ، واحتلوا غربي القدس وهي تساوي حوالي 85% من المساحة الكلية للقدس وقاموا بتهويد هذه المنطقة.

( 5 )
حرب 1967م

والخديعة الخامسة حين صرح الكيان اليهودي أن حربه في عام 1967م هي دفاع عن النفس وأنهم غير مستعدون لتلك الحرب ، وأضاف وقتها هنري سيغمان المدير التنفيذي للكنونجرس اليهودي الأمريكي بأن : الدول العربية غزت جاراً مسالماً بدون أن تستفز " وعلق بول فندلي في كتابه الخداع على تصريح سيغمان بقوله : " الحقيقة بدأت إسرائيل القتال في عام 1967م كما بدأته في عام 1956م بهجوم مفاجىء على مصر ".
وقالوا كذلك أنهم لا يطمعون بأي أرض إضافية من فلسطين والواقع أنهم في حرب يونيو 1967م وفي بضعة أيام احتلوا باقي فلسطين 23% مما تبقى من أ{ض فلسطين التاريخية ، فسقطت الضفة الغربية بما فيها شرقي القدس ، وقطاع غزة وتم تشريد 330 ألف فلسطيني ، واحتلت الجولان السورية (1150كم مربع ) وسيناء المصرية (61198 كم مربع ) وأعلن عن توحيد شطري القدس تحت الإدارة اليهودية في 27/6/1967م وحقيقة الأمر أن الكيان اليهودي لم يكن سعيداً بمساحة الأرض التي أقتطعها من فلسطين في حرب 1948م وكان يرغب في المزيد من التوسع لفتح الباب بشكل أكبر أمام الهجرة والاستعمار اليهودي ، كما كان يفتقد الشعور بالأمان في حدوده مع البلدان العربية التي يبلغ طولها 981 كيلو متر فأكمل استلابه لأرض فلسطين ورتب أمن حدوده مع من يجاوره بما يضمن استمرار وجوده على الأرض المغتصبة.

( وللحديـث بقيـة )


.

عبدالله الوهابي
09-05-2007, 12:14 AM
( 6 )
اتفاق أوسلوا 1993م

واستمر بعدها الخداع بالعديد من القرارات الدولية التي وإن كانت تعترف بحقوق الفلسطينيين إلا أنها تفتقر الجدية والآلية اللازمة لإرغام الكيان الصهيوني على احترام القرارات الدولية ، ولم ينفذ منها الكيان اليهودي شيئاً .
إلى أن بدأت مفاوضات مدريد ، وتمخض عنها اتفاق عُرف باتفاق أوسلو ( 1993م ) وكان هذا الاتفاق خديعة سادسة حيث أعطي الفلسطينيين مناطق متفرقة قسمت إلى ثلاثة أجزاء أو مناطق :
مناطق ( أ ) : وهي المنطق التي سمح للسلطة الفلسطينية أن تمار س فيها نوعاً من السيطرة السياسية والأمنية ولم تتجاوز مساحة هذه المناطق في أقصى الأحوال 18% من الضفة الغربية.
ومناطق (ب) : وهي مناطق لم يسمح لهم بممارسة سوى صلاحيات وظيفية كرعاية الصحة والتعليم مثلاً.
ومناطق ( ج ) : والتي تتجاوز مساحاتها 58% وأبقيت تحت السيطرة اليهودية الكاملة من جميع النواحي والنتيجة هي عملية استعمارية مستمرة وتوسع مستمر وتهويد لم ينقطع : من 45% عام 1947م إلى 23% 1967م إلى 18% في عام 2000م إلى ما يقارب 10 % مع الممارسات حتى عام 2002م.

( 7 )
الجدار العازل

والخديعةُ السابعة هي جدار عازل شرع الكيان اليهودي في بناءه في السادس عشر من شهر يونيو عام/2002م في مناطق الضفة والقطاع والقدس بزعم منع عمليات التسلل الإرهابية الى مناطق 1948م ووقف العمليات ضد الكيان اليهودي!! وحقيقته ضم أجزاء كبيرة من الآراضي الفلسطينية بدون سكانها إلى الكيان اليهودي بشكل نهائي ، وضم الكثير من المستعمرات القريبة أصلاً من ( الخط الأخضر ) إلى الكيان الصهيوني ، بدلاً من تفكيكها وإنهاء وجودها ، ورسم الحدود على الأرض ، وفرض واقع سياسي جديد لمنع إقامة أي كيان سيادي فلسطيني على أي جزء من أرض فلسطين ، بعد أن ضمن السيطرة التامة على عبور الأشخاص والبضائع سواء على المعابر بين – إسرائيل – والأراضي الفلسطينية ، أو تلك المعابر على الحدود مع الدول الأخرى .
جدار توغل في عمق أراضي 1967م استولى على 23 % من أخصب الأراضي الخصبة في الضفة الغربية ، وعلى 75 % من مياهها ، وحاصر ( 875 ) ألف فلسطيني في القرى والمدن ، ( 78 ) مدينة وقرية بين جدارين وبوابات ، ويعد أكبر سجن مساحة في التاريخ المعاصر ، ويضم أكثر عدداً من المساجين ، وأسواره أطول بثلاثة أضعاف من جدار برلين وأعلى منه بمرتين. .
ووفق تقرير الأمم المتحدة فإن 11 % فقط من مسار الجدار يسير بمحاذاة الخط الأخضر الذي يفصل بين الضفة الغربية والمناطق التي احتلت في عام 1948م.
وشكل بذلك عائقاً حيوياً أمام التواصل الطبيعي بين المدن الفلسطينية ، وعزل الفلسطينيين بعضهم عن بعض ، ومنع التواصل الحدودي بين الدولة الفلسطينية وبين دول الجوار وباختصار : الجدار لم يلغ فقط إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة بل ألغى كذلك إمكانيات الوجود الفلسطيني على هذه الأرض ، لأنه يجعل الكيان الفلسطيني المفترض أشبه بدويلة معازل متفرقة ، وغير قابلة للحياة.

( 8 )
الانسحاب من غزة

والخديعة الثامنة : تمثلت بالانساحب من غزة والتي لا تتعدى مساحتها 3،1 % من مساحة فلسطين ، ولا يتعدى عدد المغتصبين فيها من اليهود 6،1 من إجمالي عددهم في الضفة الغربية والذي صوره الاحتلال للعالم كتنازل كبير من جانب دولة الاحتلال ، وحقيقة الانسحاب تجاوز أسس عملية السلام والمفاوضات والقانون الدولي والقرارات الشرعية الدولية بما في ذلك الاتفاقيات الفلسطينية – اليهودية الثنائية ، وخريطة الطريق ، فكانت عملية مستقلة بذاتها أسقطت الحل المتفاوض عليه ، وألغت الطرف الثاني من النزاع ، وفرضت حلاً أحادياً ، وفرضت السيطرة على بعض مجريات الأمور في قطاع غزة ، فإقامة أي فلسطيني في قطاع غزة وعدم إقامته مرتبط بموافقة ( الكيان الصهيوني ) وكذلك حق العودة إلى قطاع غزة لا يملك الطرف الفلسطيني منحه لأي لسطيني مما يتنافى مع فكرة الانسحاب من قطاع غزة ، ويؤكد سيطرة الاحتلال على القطاع سيطرة كاملة وعن بعد ، حيث حول غزة إلى سجن كبير يعتقل فيه الفلسطينيين ، ويفشلهم في إدارة شؤون حياتهم ، ويدفع الفصائل إلى الاقتتال الداخلي ، كما نعيش ونشاهد الآن… وفي تعليق دقيق للكاتب والمحلل العبري ( ناحوم برنياع ) قال : " وضع أمام الفلسطينيين مصيدة غزة وقد سقطوا في داخلها ، لإثبات فشل السلطة في غزة وجاءت النتيجة فورية " وبالفعل أظهروا للجميع صورة مقابلة لصورة غزة في ظل الوجود اليهودي ، لإثبات أن أوضاعها في ظل السلطة والحكومة ، ولهذا ركزت المشاهد على الانفلات… الأمني والاقتتال الداخلي الذي طالما عملوا على تحقيقه بين الحركات الفلسطينية "

( 9 )
الانتخابات الفلسطينية

والخديعة التاسعة : أسموها الانتخابات في فلسطين حيث قالوا لا بد أن تكون في أراضي السلطة في فلسطين انتخابات نزيهة ترعاها الرباعية ، والحقيقة التي يجب أن تُعرف لمن قرأ التاريخ المعاصر أن مأساة فلسطين لم تبدأ بفوز هذا أو ذاك ، بل هي مسيرة ظلم عانى منه الفلسطينيون خلال أكثر من مائة سنة ، وبكل خبث جعلوا الحكومة الجديدة مع كل التحديات والأعمال التي تواجهها في أصعب وأطول قضية في العالم المعاصر جعلوها تنشغل في مشكلة كيف ستوفر رغيف الخبز للملايين.. وكيف توفر الأمن والأمان لمواطنيها وتمنع سفك الدماء الذي تدفع له أطراف عدة.
فأين القانون الدولي والنظام العالمي بكل مؤسساته من حكومة منتخبة يسجن وزراءها ، ويعتقل رئيس مجلسها التشريعي ونائب رئيس الوزراء ، ويهدد رئيس وزراءها بالقتل؟!
أهكذا تكون رعاية الديمقراطية في المنطقة؟!
أهذا هو الشرق الأوسط الجديد الذي بشرت به المنطقة به؟!
ولماذا شكلوا لجان مراقبة الانتخابات وأتعبوهم في رعايتها؟! إن كانوا يعلمون أن من انتخب منهم سيزج بالسجن وتسلب حريته وكلمته؟!
ولماذا لم نسمع منهم كلمة استنكار أو وقفة قانونية أو إنسانية على الأقل؟!!
ولعل الجواب!! ( الوحيد ) كلهم مشاركون في الجريمة.
وخديعة نعيش تفاصيلها ومخازيها ، رئاسة بأجهزتها وحكومة برجالها.. نتيجتها صراع داخلي بينهما ، قيادة برأسين كل يريد أن يثبت وجوده وينفذ قراراته ، وحكومة منتخبة فرضت عليها وزارات بهياكل فارغة من أي مضمون أو قرار ، سلبت كل الإمكانات للإصلاح والتغير… وقالوا وصول حكومة رئيسها وأغلب أعضائها من حركة حماس إلى سدة الحكم في فلسطين هو السبب في معاقبة الشعب الفلسطيني وتجويعه وإذلاله ، ووقف المعونات عن سلطته ووقف الاتصالات معها قرارات ثم تنسيقها بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي؟!
والحقيقة أن الكيان اليهودي تجح بتخطيط استراتيجي بعيد المدى في دفع الفلسطينيين إلى هاوية الفوضى والاقتتال الداخلي ، عبر إضعاف ( طرفي النزاع ) الفلسطيني ، وممارسة الحصار الاقتصادي والضغط السياسي على الشعب الفلسطيني خصوصاً في قطاع غزة.
فما يحدث من فوضى واقتتال داخلي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون بعيداً عن الأيدي الصهيوينة بل هو نتيجة لتخطيط يهودي بعيد المدى ، وهو صاحب المصلحة الأولى من رؤية الدم الفلسطيني ، يسفك بسلاح الإخوة والأشقاء في الفصائل الفلسطينية ، هذا ما أكدته الكاتبة والمحللة السياسية المختصة بالشؤون الفلسطينية ( أورلي نوي ) في مقال تحت عنوان ( مسيرة تخريب السلطة الفلسطينية ) نشرته صحيفة ( يديعوت أحرونوت ) الصادرة باللغة العبرية ، لخصت فيه سياسة الاحتلال في التعامل مع حماس وفتح الآتي : جذور هذا الصراع الخطير تعود السياسية ( الإسرائيلية ) في إضعاف الطرفين ، فتح وحماس ، بشكل متساو ، بحيث لا يستطيع أي منهما السيطرة على الأراضي الفلسطينية بشكل فعال ، وسياسة : ( لا يوجد شريك فلسطيني ) لم تبتكر من أجل ( حماس ) وكلما شعرت ( إسرائيل ) بأن حماس ستخسر من قاعدتها الجماهيرية ، وأن هناك احتمال لعودة قوة ( أبو مازن ) ، فإنها تقوم بإضعافه بخطوات… سياسية أو عسكرية مدروسة ، وهكذا باستمرار .

كلمتنا لكم جميعاً

كل ما سبق من خداع نقدمه وبإخلاص وحرص على دماء الأخوة في الفصائل الفلسطينية المتناحرة ليعي الجميع حجم المؤامرة على فلسطين وأهلها… ونحن على يقين من كان مشروعه الحفاظ على أرضه ومقاومة المحتل وإفشال مؤامراته وخداعه لا يمكن أن ينجر إلى إقتتال داخلي لا رابح فيه إلا العدو اليهودي.
فالذي وعد اليهود بوطن قومي في فلسطين وقرر تقسيم أرضها وأعترف بالكيان اليهودي على ترابها ، وغض النظر عمن تشرد من أهلها ، ولم يفرض على المحتل تنفيذ عشرات القرارات الدولية ، وتجاوز عن كل ممارساتهم واعتداءاتهم ، ورعى الاتفاقات الزائفة ، وفرض الحصار الشامل على الحومة المنتخبة ، ولم يستنكر سجن وزراءها واعتقال بين أخوة الدين والوطن والسلاح ، بل ويدفع له بتقوية جانب على آخر… مسيرة مستمرة من الخداع ماثلة أمامنا بكل صورها التي يندى لها الجبين!!
فللأطراف المتنازعة نقول :
هل نسيتم أنكم في ظل احتلال ، وهل أعمالكم سحر الكراسي عن إدراك واقعكم المرير فأنتم بحاجة إلى ضربة على الرأس لتعاد إليكم الذاكرة التي فقدموها فما زالت فلسطين محتلة ، أصدقتم أنكم تحكمون دولة ، ووزراؤكم في السجون وأعضاؤكم نصفهم معتقلون… لا تملكون معبراً واحداً لتدخلوا كيلو من الطحين لإطعام شعبكم الجائع ، أو دواء لمستشفياتكم.
بل لا تملكون إدخال أي حوالة إلى فلسطين ولا…!
تملكون مستحقاتكم من الضرائب ورسوم إدخال البضائع ، فعلى ماذا تتنازعون؟
والغريب أنكم صدقتم الخديعة حين قالوا لكم ستشكلون رئاسة وحكومة ووزراء وأعضاء مجالس تشريعية ، وأنتم لا تملكون الدخول أو الخرج إلا بإذن المحتل.
ولا تملكون التحرك بما تبقى لكم 10 % من أرض تنتهك حرماتها ليلاً ونهاراً… وأنتم تنظرون… لا تصدقوا أنفسكم فإن فكرة الحكم الذاني هي!! مطروحة منذ السبعيناتأن تحكموا أنفسكم ، والمحتل يتابع أعمالكم.
ولا شك أن الخداع يمرر ويحصل للمخادع قصده في خداع أمة بأكملها أو بشعب من الشعوب ، كلما كان المسلمون بعيدون عن منهج الله تعالى وشريعة الإسلام ، لأنها الأسس التي يعتمد عليها في التعامل مع غيرهم ممن يخطط لإضعافهم ولاقتتالهم وسفك دماءهم .. لذا نقف سداً منيعاً أمام هذا الخداع لنعي المؤامرات التي تدور حول فلسطين وشعبها ، وأن نعرف ما وراء تلك الأحداث ، وكيف سُخر الإعلام الغربي وغيره لتبرير الحصار وسياسة القتل البطيء للمسلمين في الأرضالتي باركها الله للعالمين

إنما نقلته للفائدة التي لابد للمسلم أن يعلم ماذا يفعل القوم وكيف يعملون فهل عملنا نحن

عبدالله الوهابي
09-05-2007, 09:06 PM
عندما عاد الأب من السفر وجد أبنه الأصغر باستقباله في المطار فسأله الأب على الفور :
كيف جرت الأمور في غيابي؟ هل حدث مكروه لكم؟
أجابه الإبن : لا يا أبي كل شيء بسيط وهو أن عصا المكنسة قد انكسرت.
أجابه الأب ميتسماً : بسيطة جداً ، ولكن كيف أنكسرت؟
أجابه الإبن : أنت تعرف يا أبي عندما تقع البقرة على شيء تكسره أجاب الأب متعجباً : البقرة!! قل تقصد بقرتنا العزيزة
أجباه الإبن : نعم ، عندما كانت تهرب مذعورة دهست فوق عصا المكنسة وارتمت البقرة على الأرض وانكسرت عصا المكنسة.
أجاب الأب: والبقرة ، هل حدث لها مكروه؟
أجابه الإبن : ماتت.
صرخ الأب : ماتت.
ومما كانت تهرب مذعورة؟
أجابه الإبن : كانت تهرب من الحريق.
قال الأب : حريق!! وأي حريق هذا؟
قال الإبن : لقد احترق منزلنا.
قال الأب : ماذا!! منزلنا احترق ، وكيف احترق المنزل؟
قال الإبن : أخي الكبير – رحمه الله -.
قاطعه الأب : هل مات أخوك؟؟
قال الإبن : نعم ، أخي كان يدخّن فسقطت السيجارة على السجادة فاحترق المنزل ومات أخي بداخله.
قال الأب وقد انهارت أعصابه : ومتى كان أخوك مدخناً؟
قال الإبن : لقد تعلم الدخان كي ينسى حزنه.
قال الأب : وأي حزن هذا؟
قال الإبن : لقد حزن على والدتي.
قال الأب : ومذا حدث لأمك.
قال الإبن : ماتت.

عبدالله الوهابي
17-05-2007, 05:44 AM
التزم بقواعد اللعبة من المسلمات المفروغ منها أنك لا تستطيع المشاركة أو الدخول في أي لعبة حتى تتقن أنظمتها وقواعدها التي بنيت عليها ، فمثلاً كرة القدم لها قواعد وأسس يتحرك من خلالها اللاعبون داخل الملعب وهناك حكم يضبط نظامها بل ويعاقب من يحاول أن يخترق قواعد اللعبة ، ولك أن تتصور مشاهد الرفض وصيحات الجمهور وانزعاجهم من اللاعب الذي يخلخل في نظامها ويعطل سير اللعبة بينما في المقابل اللاعب الذي يتقن قواعدها ويبدع في ممارساتها هذا يسمى فنان ومبدع ، ويحصل على إعجاب الجمهور واحترام الحضور.
لكن تعال معي لنطرق بوابة الحياة وندلف سوياً معها ونعيش الواقع ونختلط بالناس ونبحث في قواعد الأخلاق والأسس التي تنظم حياتنا.. هل نحن ملتزمون بها؟ هل نطبقها في تعاملاتنا؟
الإجابة – في تصوري – يلخصها لنا واقع الناس اليوم وهي أننا لا نتمثل قيمنا في ممارساتنا اليومية مع الناس ، فالشد والجذب والغضب والأنانية وتقطب الوجه وغياب الابتسامة والبشاشة هذه تجدها حاضرة معنا في سائر تقلباتنا اليومية ، وقد يوجد هناك نماذج رائعة على مستوى راقي من الخلق وحسن التعامل لكنهم قلة ولا يشكلون أغلبية.
لا أحد يجهل الأخلاق الحسنة وكلنا نعرف ما عليه قدوتنا – صلى الله عليه وسلم – وما أوصانا به من الأخلاق الحسنة ، بل قد ندعي بالالتزام بها وتطبيقها لكننا ننكشف لأي أول تعامل يمر علينا في بداية يومنا ، بل أحيانا قد لا نعترف بممارساتنا الخاطئة وقد نبرئ أنفسنا ونتهم الآخرين بأنهم السبب في ذلك.. إذاً ما السر وراء ذلك؟ السر – فيما يبدو لي – يكمن في القواعد التي هي في داخلنا ، فبعضنا تأسست شخصيته على قواعد صارمة ومستحيلة وصعب تطبيقها ، فمثلاً قاعدة أنا لا أحب الآخرين حتى يقبلوا كلامي ويقتنعوا بكل ما أقول هذه قاعدة مستحيلة التطبيق وستجعل صاحبها في كره دائم للآخرين ، لأن الناس لن يقبلوا ويقتنعوا بكل ما يقول.. أو قاعدة كل من يرفع صوته في وجهي هذا لا يحترمني فبهذه القاعدة نخسر علاقات وندخل في مشاكل لا تنتهي وهناك من ينطلق من قاعدة الصراحة المطلقة دون تقييد فيحدث نفسه دائماً "بخلك واضح وخلك صريح.. قُل ما عندك مباشرة وجهاً لوجه " الصراحة طبع جيد ومحمود لكن هناك مواقف لا تتناسب معها الصراحة وقد تحرج وتغضب المقابل مثل : أن يعرض عليك مديرك أو أي إنسان عمل بذل فيه جهد وكد طويل ثم تقابله بأن هذا العمل غير مناسب وغير جيد ثم تلحظ تغير في وجهه فتبرز له القاعدة " أنا صريح أنا لا أجامل..الخ" طيب الصراحة جيدة لكن الموقف غير مناسب ، لأن هذا الرجل بذل جهد وتعب وهذا العمل في نظره أنه جيد ولا تشوبه شائبة ، وهو إنما سألك ويريد أن يستفيد من رأيك لإتمام العمل والرقي به.
وهناك من الناس من يبني علاقاته مع الآخرين على قاعدة اسألوا عني وتواصوا معي باستمرار تكسبوا صداقتي إما إذا انشغلت عن التواصل معه فلن تجد أسمك مدون في قائمة الأصدقاء والأعضاء المهمين.. هذا الإنسان بهذه الطريقة يهدم علاقاته مع الآخرين وسيخسر الأصدقاء المقربين لأنه جعل الصداقة والعلاقة ترتكز حول نفسه وقيمتها وأهميتها فلا يبادر بالتواصل معهم بل هم بحاجة إلى صداقته.
إذن شخصيتنا مبنية على قواعد ، وهذه القواعد أحياناً تكون إيجابية فتزيدنا قوة ، وأحياناً تكون سلبية فتضعفنا وتسلبنا القوة ، ومعظم المشاكل والتعاملات السيئة التي تحدث في حياتنا اليومية ، ليس أحداً آخر هو السبب فيها بل السبب القواعد التي تكمن داخلنا فعندما تغضب من إنسان فليس هو مصدر الغضب بل القاعدة التي تكمن داخلك والحكم والتصور الذي انطلقت منه وفسرت فيه الحدث ، فعندما تكون سيء الظن فإنك ستفسر أي حركة تصدر من المقابل بأنك مقصود فيها ، وعندئذٍ تلتهب نفسك ويرتفع ضغطك وتحمر أوداجك.. لكن لو استحضرت قول الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ) ثم حدثت نفسك بأن تحسن الظن وتروض نفسك عليه حتى يصبح قاعدة تنطلق منها وتحكم من خلالها ، لأصبحت أكثر هدوءاً ونفسك أكثر اتزاناً وأكثر حلماً ولما استطاع أحد أن يستفزك أو يثير أعصابك..
أخيراً لا بد أن نراجع أنفسنا وأن نتقن قواعدنا فنزيل السلبي ونؤكد ونبقي الايجابي ، وأيضاً فكما ذكرت ابتداءاً.. بأننا لن نحقق الفوز في أي لعبة حتى نتقن قواعدها ، فكذلك الحياة لن نستطيع أن نسعد وننجح فيها حتى نتقن قواعدها ، فكذلك الحياة لن نستطيع أن نسعد وننجح فيها حتى نتقن قواعدها.

سطور أخيرة

إذا كانت القاعدة صارمة يصعب تنفيذها أو يتعلق تطبيقها بالآخرين والأحداث فهي قاعدة سلبية تضرك أكثر مما تنفعك ، فيجب عليك أن تتخلص منها وأن تبني شخصيتك وتقويها.

عبدالله الوهابي
25-05-2007, 11:59 AM
دوماً أغلب حسرتي ، وأحبس فيض دمعتي ، فالذل قد طال ليله ، والصمت بح أنينه ، وامتد همس الأسى واللوعة.
أوّاه من ظلم تمرد كيده ، وامتد ليله ، وأنا لا أقبض على جمرة ، بل على جمرات ، ولا أحبس سيل دمعة ، بل أنهار ، وهناك فاطمة الأسيرة في " أبو غريب " وقد هُتِكت أستار عفافها في صمت رهيب ، والأخرى إيمان على قرى فلسطين ، ولم تبرز ثناياها بعد ، وفجأة تسكت نبضات قلبها البريء الدافئ ، وتبزغ أمعاؤها آسفة من فجوة غادرة بظهرها .
الأسى والهوان عمّا المكان ونحن ما زلنا نعد أنفسنا ونطمئنها بالعزة والتمكين ، وأهواؤنا مع رياح الهوى الغادية ، وأبصارنا في الفضائيات شاخصة .
ليت شعري كيف سيعود الإسلام غريباً كما بدأ؟
ليت شعري ستنفض حرارة اللهب من بين أناملي؟ ومتى ستسير فاطمة بحجابها شامخة بين أزقة مدينتها الملتهبة بنيران العلوج؟
ومتى يصبحون على هم الإسلام وأهله ، ويمسون على غمة وحالة؟
آه..ثم آه.. متى ستسير سفينة الإسلام بلا توقف ، مصارعة أمواج الحقد العاتية بكل شموخ وإباء وعنفوان وبهاء؟
أواه يادمعي الدفين.. أما آن لك أن تجف ، أما آن أن تعلو رايات النصر؟


ابن رشد الصغير

عبدالله الوهابي
01-06-2007, 01:06 PM
( إقبال ) يؤمن بالحرية ويعشقها عشقاً مَلَكَ عليه فؤاده ، ويُعجبه قول عمر بن الخطاب : كيف استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟
فالحرية عند إقبال أساس الوجود ونعمة الحياة وسر البقاء ، أو قل هي الروح الذي يبعث أنفاس الحيوية ، ودم النماء في كيان الأفراد والأمم.. لهذا كان يعتقد اعتقاداً جازماً بصحة مبدأ ( الاختيار ) ولا يُرضيه مُطلقاً قول القائلين ( بالجبرية ) ، ويعتقد أيضاً أن ( الأيمان بين الجبر والاختيار )
إن الإنسان بتربية ذاته وتقويتها والاهتمام بها حسب الفلسفة التي اعتنقها إقبال والتي منبعها الشريعة الغراء ، يتدرج من الجبر إلى الاختيار ، فإذا ما وصل إلى المرحلة الثالثة في فلسفة إقبال فقد أصبح كامل الحرية ، مُطلق الاختيار ، جديراً بالأستاذية والسيطرة وقيادة العالم ، وأهلاً للقب الفقير الذي طوع يمينه متاع الدنيا الذي يزهد فيه.
فالحرية إذاً صفة غالية هامة ، عزيزة المنال ، لا تكتب كاملة إلا لمن بلغ الغاية ، وأحسن السير في طريق تنمية الذات وتربيتها ، وليس معنى ذلك حرمان كل من لم يعتنق هذه الفلسفة من حريته ، وإنما إقبال قد قرن الحرية المطلقة بالرجل الكامل التربية ، القوي الذات ، والجدير بخلافة الله في الأرض.

عبدالله الوهابي
13-06-2007, 09:23 PM
تُعد القيم في كل مجتمع معايير للسلوك الإنساني ، والمجتمع المتوازن هو ذلك المجتمع الذي ينشر فيه الوعي بالقيم ، والالتزام بها ، ويرتبط بازدياد الوعي بالقيم والإحساس بها مفاهيم التقدم والتفاؤل والنظام والترابط.
والأمر الذي لا جدال فيه هو أن الإنسان لا يستطيع أن يعيش في مجتمع دون قيم تحكم سلوكه سواء على مستواه الفردي أو المجتمعي ، حيث إن الإنسان كائن أخلاقي لديه بالفطرة ضمير يلزمه بالسلوك الأخلاقي القويم ، باستثناء من فسدت فطرتهم ولم يمتثلوا للضمير الإنساني السليم ، وهؤلاء هم الشواذ الذين لا ينتمون إلى المجتمع الإنساني السليم ، ومن الحقائق الواضحة أن منظومة القيم الأخلاقية لها جذورها الضاربة في أعماق النفس البشرية لدى الشعوب المختلفة من لدن آدم عليه السلام حتى يومنا هذا وإلى أن تقوم الساعة ، ومن بين القيم العديدة التي نتمنى أن نجد لها مكاناً بارزاً في حياتنا الخاصة والعامة قيمة الانتماء ؛ والانتماء يعني الانتساب المقرون بالولاء للمؤسسة التي يعمل فيها الإنسان ، والانتماء لمهنة من المهن ، والانتماء للأسرة ، والانتماء للعقيدة الإسلامية… الخ.
ومن الواضح أن الانتماء ينبني على أساس أن الجهة التي أنتمي إليها قد أسدت لي صنيعاً ، وأني مدين لها بالفضل ، وأرى من واجبي أن أحفظ لها هذا الجميل وأرد لها هذا الدين ، ومثال على ذلك ما نشعر به من انتماء وولاء للوطن ، فالوطن له في القلوب منزلة عظيمة ومكانة فريدة ، فهو المكان الذي ولدنا فيه ، وعشنا على أرضه ، ونعمنا بخيره ، وتنفسنا هواءه ، وهو الذي يحمل أغلى ذكرياتنا في طفولتنا وشبابنا وكهولتنا وحتى آخر لحظات عمرنا ، لا نرضى عنه بديلاً مهما كانت الأحوال ومهما تعرض لمحن وأزمات.

ولذلك قال الشاعر النيل حافظ إبراهيم :

بلادي وإن جارت عليَّ عزيزة …. وأهلي وإن ضنوا عليّ كرام

ومن منطلق هذا الشعور الغامر بالحب والانتماء والإعزاز الذي يشعر به كل مواطن نحو وطنه كان قول الرسول – صلى الله عليه وسلم – عندما هاجر من مكة إلى المدينة مخاطباً موطنه العزيز مكة : " والله إنك أحب أرض الله إلى نفسي ، ولولا أن قومك أخرجوني منك ما خرجت " وذلك على الرغم مما تعرض له في وطنه مكة من ألوان الإيذاء والغدر والعدوان على يد مواطنيه المكيين الذين عفا عنهم جميعاً عندما عاد مرة أخرى إلى وطنه مكة فاتحاً منتصراً.
والشعور بالانتماء للوطن والولاء له هو الذي يجعل المواطنين يهبون للدفاع عنه ضد أي خطر يتهدده ، ويبذلون في سبيله الدماء والأرواح فداءً له ودفاعاً عن عزته وكرامته ، فقيمة الانتماء للوطن في حاجة مستمرة إلى ترجمة حقيقية لعمل ملموس يرفع من شأن الوطن ويعلي من مكانته.. وهذا يتطلب تربية أبنائنا على المحافظة على شوارعه ومدنه وقراه ، ونظافته أو إفساد ، والضرب بشدة على كل من تسول له نفسه أن يعبث بشيء من مقدرات هذا الوطن ، كما ينبغي أن نحرص على سمعته وكرامته ، وأمنه واستقراره ، وعلى حماية المال العام ، ومرافقه العامة ، واقتصاده وذلك كله ما هو إلا تعبير عن الانتماء الحقيقي للوطن ، وترجمة صادقة للولاء والحب الذي تكنه القلوب للوطن.
ومن ذلك يتضح أن قيمة الانتماء للوطن قيمة شاملة لكل ما يتعلق بهذا الوطن ، إنها تشمل كل ما يمكن أن يتصوره المرء من جهود تبذل لتقدم الوطن ومواطنيه حتى تظل رايته خفاقة عالية تمثِّل شموخ الوطن وعزِّة المواطنين ، ولقد طرأت على المجتمعات البشرية المعاصرة تغيُّرات كثيرة ومستجدات متعددة في كل المجالات كان لها تأثيرها المباشر وغير المباشر على سلوك الأفراد والجماعات سلباً وإيجاباً.
ولا شك في أن الكثير من هذه التغيُّرات قد أحدثت الكثير من الاهتزاز في القيم ، فقد تغيّرت النظرة إلى بعض القيم ومنها قيمة الانتماء وبخاصة من جانب مجموعة من الأجيال الجديدة التي تبدي تمرداً على الكثير من عادات المجتمع وقيمه.
ولعل الاهتزاز في القيم الذي طرأ على مجتمعاتنا يرجع من ناحية إلى المتغيِّرات التي طرأت على حياة المجتمع ، ولكنه في جانب كبير منه يرجع إلى افتقاد القدوة والنموذج في البيت والمدرسة والعمل..إلخ.
ولذلك فنحن في أشد الحاجة إلى فهم المتغيّرات الاجتماعية ، وطموحات واهتمامات الأجيال الجديدة حتى نكون أكثر قرباً منها ، وبالتالي نكون أقدر على مساعدتها ، إننا في حاجة إلى غرس قيمة الانتماء في الجيل الجديد ، ومن واجبنا أن نرشدهم إلى الطريق الصحيح ، ونبيَّن لهم مخاطر الطريق حتى يشقوا طريقهم انتماءً للوطن ، وسيراً على درب الأجداد لتستمر الحياة كريمة عزيزة إلى حيث أرادها الله

عبدالله الوهابي
14-07-2007, 12:18 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

رسالة شوق... ومحبة...

أبعث لكم بباقة ورد معطرة.... وأهديكم من شبكتي العزيزة... سلاماً يحمل بين دفتيه أرق الكلمات.... وأجمل الأمنيات.... ودفء المشاعر والأحاسيس.... ما أسطره إليكم قابع في قوقعة ذاتي ثم ينساب شلالاً متدفقاً بالمشاعر الطيبة... وطوفاناً هادراً بالأحاسيس المرهفة.... أكتب إليكم بحروف حب... وكلمات شوق... وشعور عشق.... تعبر نسائمكم لتحط بواحتكم الظليلة... وخميلتكم الجميلة.... فقلبي قد امتلأ بقطرات حنيني.... وروحي تموج بدفء كلماتي... فحب شبكتي – شبكة قحطان – ملك قلبي.... أهيم شوقاً... أذهب عنها وأغمض عيني.... أصحو على طيفك يا معشوقتي.... يخايلني في كل حين.... كأنك قدر... فأنا عود وأنتِ الوتر... كأني ليل وأنت القمر.... أحبك زهرة يانعة... أحبك فراشة حالمة.... أحبك وردة ندية في صباح مشرق.... أحبك نسمة صيفية في ليلة قمرية .... فيها تتسامر القلوب العاشقة.... والنفوس المحبة بأحاديث تدفئ الحب.... ويصمت كل الكون لتتعالى صيحات الحب.... فتتحرك كوامن النفس بومض داخلي... تتفتح له طاقة الشوق الجميل... فتتسع رغبة حبك الصادق... أمل يسبح في دمائي... نور جديد يضيف إلى أحلامي أحلاماً وردية... وإلى عمري أعماراً ندية... أحبك أكثر من هدوء البحر وهديره... أحبك صافية كالسماء... أحبك كما أحب المطر وقطراته... والسحاب وزخاته... أحبك كحب إنسان لذاته... أحبك يا معشوقتي الأبدية...


فهمتني؟!


الكلمة شيء غامض كالسحر... مستغلق كالطلسم... وهي إذا انفصمت عن العمل أصبحت عبثاً... وإذا تناقضت مع الفعل أصبحت نفاقاً... وإذا قيلت ثناءً على من لا يستحق صارت كذباً وزيفاً وخداعاً... وخير للمرء أن يقول خيراً.. أو فليصمت...
والجزافية في التعبير تُعدّ من أشيع خطايانا... نبالغ في الإطراء... ونسرف في التعبير عن كلمات الإعجاب والمدح.. نستهل إصدار الكلمات الدافئة الحنون... ولا نبالي بأثرها الذي يُعدّ أشد مضاءً من حد السيف...
ومن أشيع خطايانا الكلمات التي نطلقها على عواهنها بدون حساب... والغلظة في الخصومة... والحدة في الإدانة... والترخصّ في الاتهام.. والتجاوز في التجريح.. وادعاء الفهم... وعدم التأكد مما يقصده المتحدث الآخر.. ومقاطعة حديث الآخر.. وعدم الإصغاء إلى ما يقول... كلها أمور تُعدّ من معايبنا.. وتفوّت علينا مصالح كثيرة كان يمكن تحصيلها لنماء علاقتنا...
لذا لا عجب أن تتحول الكلمات بعد خروجها من الشفاه إلى طاقة لا سلطان لنا عليها... تدمي أنقى القلوب.. وتؤدي إلى انفصام أوثق العرى.. وتحدث زلازل في الأنفس.. ويتحول الناس بفعلها إلى غرباء افتقدوا الألفة والمحبة... أو تكون لها بلسماً وترياقاً... فلنتعلم فإن من البيان سحراً



لعبة التخيل....

هي لعبة يمارسها الكبار أيضاً ، إنها فسحة العقل المُثقل بالهمّ والقلب الموسوم بالوجع...
البعض يسميها أحلام اليقظة... يعيش المرء لحظات من الشرود... ينفصل عن واقعه... وينسلخ من حاضره... فقد يستعيد ماضٍ جميل... وربما يرسم شيئاً من مستقبله... أو يهرب من ألم مرير... أو همّ ثقيل... يطلق العنان لفكره... كي يسبح في عالم آخر من صنعه...
لعبة التخيل سياحة مجانية... يمكن أن نُصيّرها واحة ومُسْتراحاً... ونجمة تضيء فضاءاتنا في لحظات من عتمات النفس ومعاناتها...
إن الوضوح يعني القدرة على شرح وجهات النظر بشكل موضوعي.. وسليم... وتلك هي اللباقة التي تجعل تطوّر العلاقات أسرع وأكثر فاعلية..



أفكار وآراء...

الفكر بحر واسع شاسع... بقدر ما تغترف من معرفته.... تزداد معرفة وإدراكاً بجهلك.... فيما لا تعرف... فعالمنا العربي تحيق به الأخطار من كل جانب... إن كان من الداخل أم من الخارج... وأخطار الداخل لا تقل خطراً عن أخطار الخارج... لأنها تخلخل البيئة الداخلية وتضعف المناعة الذاتية التي يجب أن تكون مستعصية على الاختراق... وأخطار الخارج تستهدف كياننا... وعقيدتنا... وحضارتنا... وقيمنا...
فنحن إذاً بأمس الحاجة إلى ذوي النوايا الخيّرة في ظروف الشدائد لتفعيل درء الأخطار التي تولدها هذه الظروف... فمحاربة الفساد هدف يجب أن يعمل من أجله الجميع... ليس فقط لإنقاذ بلدنا من الحملة المسعورة التي تستهدفنا جميعاً... بل لإنقاذ أنفسنا ومجتمعنا...
فما أحوجنا الآن إلى التحلي بالقيم الروحية والأخلاقية... فنعلي من قيمة العقل وتفتح أبواب العلم وننفتح على العالم كله... ونأخذ بأسباب القوة والقدرة على مواجهة أنفسنا قبل أن نواجه الآخرين....
لو خيرتُ أن أكون مخلوقاً آخر غير الإنسان... الذي كرمه الله... لاخترت أن أكون حوتاً في البحر يتنفس الماء... أو أسداً في البراري... شيمته الشموخ والإباء... أو نسراً في الجو يعانق السماء... الأقوياء هم أولئك الذين يحترمهم الجبناء...


يــارب..



يارب أنت على الحياة معيني = ومن الأذى ومن الشرور تقيني
يارب أنت معي فلا أخشى الردى = ترعى إله الكون كل شؤوني
وتحيل شوك العيش زهراً يانعاً = فأرى الحياة بديعة التكوين
لا أبتغي إلا رضاك بعالمي = هو غايتي وسواه لا يعنيني



ومضـة :
" الذئاب الجائعة لا تبحث عن الفريسة الهزيلة "

ومضـة أخرى :
" أن تمشي ببطء خير لك من أن تمشي خطوة واحدة للور

عبدالله الوهابي
18-07-2007, 10:41 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

أكتب لكم إخوتي من ناحية تاريخية فأقول يمكن أن نرصد "أصول العلمانية العربية" من خلال متابعة السجالات الفكرية

التي ميزت أوائل حركة الاتصال الفكري العربي-الغربي.

فنرصد مساهمات " الإسلاميين الحداثيين " الأوائل مثل رفاعة الطهطاوي.......... وجمال الدين الإفغاني.......... ومحمد

عبده.......... ومحاولاتهم الاقتباس عن الغرب مع الحفاظ على الهوية والحضارة الإسلامية............ وكذا محاولات "

المسيحيين الحداثيين " الأوائل مثل شبلي شميل....... وفرح أنطون........ وجورجي زيدان........... وسلامه موسى.........

وغيرهم من الذي دعوا إلى تقديم أفكار مثل حب الوطن والمواطنين على العلاقات التقليدية والدين............

ثم مع الجيل الثاني من " الحداثيين " من أمثال أحمد لطفي السيد........... وقاسم أمين.......... اللذين كانا من تلامذة محمد

عبده........ اللذين يمكن أن نلاحظ تأثرهما بطروحات الحداثثين المسيحيين................ خاصة لجهة النظر إلى الإسلام نفس

النظرة التي نظرت من خلالها أوروبا إلى المسيحية.............. وبالتالي الدعوة إلى فصله عن الحياة العامة..........

أما اليوم فيبدو أن تيار العلمنة في البلدان الإسلامية وخاصة العربية............ قد فشل وهو في انحسار مستمر لصالح

تيار الفكر الإسلامي........... ليس فقط على مستوى الغالبية العامة عند الناس في المنطقة........... بل وأيضا على مستوى

النخب...........

والحقيقة أن النخب العلمانية الحاكمة في أكثر من بلد لم تستطع استيعاب هذا التراجع أو القبول به........ خاصة وأن

التقدم البديل التعويضي كان يحصل في جانب الحركات الإسلامية واتساع شعبيتها........

فنحن إذا تتبعنا بشيء من التفصيل أمثلة الجزائر وتركيا وتونس............ سنلحظ بروز ما يمكن تسميته ب " العلمانية

الأصولية " في هذه البلدان...........

وخطر هذه " الأصولية " الجديدة يكمن في النظر إلى العلمانية على أنها ليست خيارا من الخيارات بل " الخيار ".......

وأنها السبيل الأوحد الذي يجب أن تنهجه المجتمعات........... أو تحولت كما يصفها عزام تميمي إلى " دين جديد ".......

والمشكلة الكبيرة هنا هي أن النخب العلمانية الحاكمة لا تريد أن تعترف بالتغيرات الاجتماعية والفكرية والسياسية

الجذرية التي حدثت ولا تزال تحدث في بلدانها حيث بروز تيارات شعبية غير علمانية وتحديدا إسلامية.......... ولا ترى

وسيلة للتعامل مع هذه التغيرات إلا قطع الطريق عليها وقمعها كما حدث في البلدان المذكورة.

والمفارقة الغريبة هي أن العلمانية في منطقتنا صارت متلازمة مع الدكتاتورية رغم أنها تزعم الحرية والانفتاح

والديمقراطية الليبرالية.

ويمكن أن نضرب أمثلة كلاسيكية على ذلك بتحالف الجيش وأجهزة الأمن مع النخب العلمانية الحاكمة لإحباط التحولات

الديمقرطية....... سواء فوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجزائر........... أو فوز حزب الرفاه في أكثرية المقاعد البرلمانية

في تركيا............ وتسلم أربكان للوزارة........... أو فوز حركة النهضة التونسية بعدد كبير من المقاعد في الانتخابات

التونسية التي سبقت حل الحركة وإعلان الحرب عليها........

ومن زاوية نظرية وتأصيلية فكرية متعمقة في العلمانية نفسها كفكرة فيمكن أن نطرح تساؤلا نراه مثيرا لاستفزاز

العلمانيين وهو: هل تحول العلمانية دون حرية التفكير في الديمقراطية نفسها.......... أم أنها تحولت إلى دوغمائية

سياسية.؟!!

فنحن إذا عدنا إلى أهم طروحات أبرز المدافعين عن العلمانية في الوقت الراهن ودعوتهم المعتدلة إلى " خصخصة الدين

وليس التهوين من شأنه " كما يقول ريتشارد رورتي.......... فإننا سنرى أن العلمانية تحمل تناقضات داخلية لا يمكن

القفز عنها......... رغم أنها تناقضات لا تصل إلى حد إسقاط العلمانية من الداخل.

التناقض الأول: هو دعوتها إلى حرية العبادة وحرية الاجتماع الديني............. الذي يقود في نهاية المطاف........... كما

هو الحال الراهن.......... إلى زيادة رقعة الدين............ والدعوات الدينية للتدخل في الشأن العام والسياسة باعتبار أن

للدين دورا مهما يمكن أن يؤديه في السياسة.

ففي الوقت الذي لا تستطيع فيه العلمانية إلا أن تعترف وتسمح بحرية الأديان والممارسة الدينية............ فإنها تعترف

بتناقض داخلي يعمل على تقويضها............... وهي لا تستطيع أن تقف في وجهه لأنها تفقد صفتها الليبرالية

الأساسية.........

أما التناقض الثاني: فيتمثل في ترافق "عدم اليقين الوجودي" مع العلمانية ليحل محل اليقين الديني عند الأفراد...........

وهذا لا يشبع التطلعات الإنسانية والروحية عند الناس خاصة في عالم مليء بالضغوط والتوترات حيث يحاول الأفراد

الوصول إلى سبل السكينة والطمأنينة الخلاصية على المستوى الداخلي لهم.......... وحيث تبرز أهمية " التضامن

الديني"......

وتناقض داخلي آخر هو تقارب العلمانية مع الدكتاتورية تحت مسميات عديدة........... ونضرب مثلا على ذلك تركيا وإلى

حد ما فرنسا........... ففي الأولى تتحالف العلمانية مع الدكتاتورية العسكرية تحت مسميات حماية الدستور العلماني من

تصاعد المد الإسلامي............. وفي الثانية تتحالف العلمانية مع ممارسات دكتاتورية مثل منع الحجاب أو التضييق على

المسلمين تحت مسمى الاندماج أو حماية التعددية الثقافية..............

إن هناك ضرورة تاريخية تكمن في نزع القداسة عن العلمانية.............. ونقض الادعاء السائد بأنها موئل الحقيقة

والعلم......... وذلك بموضعة هذه الفكرة والنظر إلى تبشيراتها " العلمانية " كنتاج للتطور والصيرورة التاريخية

الغربية........... ثم عزل هذا النتاج عن التطبيق القسري على المجتمعات والصيرورات التاريخية لبقية مناطق العالم..........

بتعبير آخر يجب ألا ننظر إلى العلمانية " كنظرية كبرى " قادرة على تفسير الظواهر............. أو جاهزة للتطبيق في

كل مكان وزمان.......... كما أنه من غير العملي أن يتم حبس النقاش وكأنه صراع بين قيم الإسلام الإيمانية ومنطلقات

الحداثة العقلانية............. أو بين رغبة الإسلام للتمكن والنظام العالمي المتمكن............ بل بين الإيمان الذي يجسد ما هو

متجاوز والافتراض العلماني الثيوقراطي بأن الحقيقة التامة قد تم الوصول إليها..........

وفي هذا الإطار يطرح الدكتور عبد الوهاب المسيري مجموعة مفاهيم جديدة............ ففي مقابل التعريف المشهور

للعلمانية بأنها " فصل الدين عن الدولة " يدعو إلى تعريف جديد يصف جوهر النظرة العلمانية إلى العالم عبر التفريق بين

العلمانية الجزئية ( تقابلية الدين والدولة )........... والعلمانية الشاملة التي تعني فهم العالم والاجتماع الإنساني وفق

نظرة علمانية صارمة وشاملة لجميع جوانب حياتهم.............. وليس فقط الجانب السياسي المعني بالدولة كجهاز

حكم. .......

ويرى المسيري أن هذا التعريف أدق وأكثر عملية في فهم " الصيرورة العلمانية " وفي فهمها كمتتالية وليس فقط

كشيء جزئي متسامح مع بقية منظومات الأفكار والمؤسسات الاجتماعية الإنسانية.............

فالعلمانية.............. بكونها منهج حياة شاملا............ لا تقبل بأقل من السيطرة الكاملة على مناحي الحياة الإنسانية,

وهذا يعني تكريس النظرة المادية ليس للأشياء فحسب.............. بل وللجوانب الإنسانية في حياة البشر أيضا............. أو

ما يسميه المسيري في كتاباته " حوسلة الحياة " أي تحويل كل الأمور وسائل مادية.............

ومن هنا يأتي التناقض مع قيم الإيمان والإحسان الإسلامية........... ومن هنا يأتي الفشل لمشاريع العلمنة في العالم

الإسلامي.............

عبدالله الوهابي
30-07-2007, 06:48 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

باتت تتحكم بالعالم شرقاً وغرباً ، ثقافة واحدة هي فلسفة العنف.
والعنف العسكري هو وليد العنف الثقافي ، وكذا العنف السياسي والعنف الاجتماعي.
مشعلو الحروب ، إلى أية دولة أو تنظيم انتموا ، تحركهم فلسفة واحدة هي فلسفة العنف ، ومن الخطأ الاعتقاد أن لأصحاب العنف فلسفات مختلفة ، فجميعهم ينتمون إلى فلسفة واحدة هي العنف ، خطأ ، لأن جميع الأطراف التي تعتمد العنف في صراعها تنضوي تحت لواء فلسفة واحدة ، هي فلسفة العنف.
وهذه الفلسفات ليست فلسفة طارئة أو ظاهرة عابرة لكي نأمل بمحدودية زمنها وانقضائها القريب.
التاريخ البشري بأكمله رزح دائماً تحت سوط هذه الفلسفة : تحكم الأقوياء بالضعفاء ، الحروب بجميع أنواعها ، الإمبراطوريات والاستعمارات والهيمنات.. هذه هي التاريخ بالضبط ، وهي كلها وليدة فلسفة العنف.
تحكم العنف بالبشرية منذ فجر تاريخها في الغابات ، وتلك الغابات ذاتها لا تزال إلى اليوم في عقل البشر ، ففي العقل البشري ما برحت تتجول ضواري الغابة الأولى ، وإذا تحولت العصي والأنياب إلى بنادق ودبابات وطائرات ، فليس ذلك تطوُّراً مهماً على الإطلاق.
إنه فقط مجرّد إبدال أداة افتراس بأداة أخرى ، لا غير.
مشعلو العنف اليوم ، حروباً أو إرهاباً ليسوا إلا ضواري حديثة.
نسخة منقحة عن ضواري الغابات الأولى ، في غابة القرن الحادي والعشرين ، و الفلسفة العنيفة التي عبرت عصوراً كثيرة لم تستحدث سوى آلاتها ، واحتفظت بنطفتها الأولى ، فليس صحيحاً أن البشرية تقدمت في إنسانيتها.
ما تقدم وتطور هو ألآت العنف وأساليبه وسوى ذلك نبحث عن الإنسانية ولا نجدها.
إلى أية فلسفة يمكننا أن نعيد ما يجري في العالم اليوم؟ فلسفة السلام؟ فلسفة التعايش بين البشر؟ فلسفة الأخوة الإنسانية؟ فلسفة احترام الآخر؟ أن فلسفة العنف وحدها؟
تلك الفلسفات الإنسانية ليست سوى شعارات ، ولم تكن يوماً سوى شعارات... وكم من جرائم ارتكبت باسمها!!
واليوم مثل الأمس شعارات إنسانية وأفعال ضواري.. وغداً : مثل الأمس واليوم أيضاً.

عبدالله الوهابي
03-08-2007, 05:28 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


نهضة الأمة مسؤولية من؟!

على من تقع المسؤولية؟! وأي مسؤولية؟!
أنا لا أتكلم عن مسؤولية الأسرة ولا عن مسؤولية العمل ، ولكن أتكلم عن مسؤولية الأمة..
على من تقع مسؤولية انحطاطها ونزولها إلى مراتب دنيا بين الأمم ، لا شك أن المسؤولية تقع على العنصر الأكثر تأثيراً في المجتمع ، وهو العنصر الأكثر قدرة على تغيير المجتمع..
نعم المسؤولية تقع علينا نحن الشباب نحن الذين نقدر إن غيرنا في أنفسنا أن نغير من حال الأمة من الأسوأ إلى الأفضل..
كثير منا لم يحمل هم أمته ، بل يفكر دائماً في سيارته.. في جواله.. في فريقه..
أمور لا تزيد المرء إلا تكبراً وإعجاباً بنفسه ، انحط تفكيرنا إلى مستويات دنيئة لا تفيد الأمة والمجتمع بشيء ، لذلك ترى كثيراً منا يلقي بالمسؤولية على الهيئات.. ولم نفكر أبداً أن نحمل مسؤولية هذه الأمة ، لكن دعونا الله أن يعيننا وأخذنا بالمسؤولية على أكتافنا وأخذنا نَجِدُّ ونجتهد.
الطالب في دراسته.. والصانع في صنعته.. والداعي في دعوته.. لارتفع ميزان الأمة بين الأمم ، ولأصبحنا أمة يشار إليها بالبنان ولأصبحنا أمة يخاف أعداؤها ويحسبون لها ألف حساب..
إذن هيا يا إخوتي لنتوكل على الله ولنستعن به وهو سبحانه سيأخذ بأيدينا لما هو خير وفلاح لهذه الأمة بإذنه سبحانه.

الشباب هم المستقبل..

الشباب هم المستقبل.. هذا شعار حقيقة لا خيال.. وهم بحاجة أن يصرف لهم الهم الأكبر لتهيئتهم ليكونوا مؤتمنين على مستقبل هذه الأمة..
وليعلم كل شاب... أنه للسالك من همة ترقيه... وعلم يبصِّرُهُ ويهديه... والهمة عمل قلبي... والقلب لا سلطان عليه لغير صاحبه... وكما أن الطائر يطير بجناحيه... كذلك الشاب يطير ويعلو بهمته... فيُحلق بها إلى أعلى الآفاق ليحقق بذلك النجاح ...
قال عمرو بن العاص – رضي الله عنه – عندما قضى طوافه... وجلس إلى جانب الكعبة... وقد نحّوُا الفتيان عن مجلسه : " لا تفعلوا أوسعوا لهم وأدنوهم ، وألهموهم ، فإنهم اليوم صغار قوم يوشك أن يكونوا كبار قوم آخرين ، قد كنا صغار قوم فأصبحنا كبار آخرين..."

صريـر القلـم

من كوكبة الحروف وصرير القلم يجري على اللوح لك أيها القارئ أن تتأمل في سر القلم ، كيف برع في الخضوع والاستجابة وحسن التبليغ وصدق الرسالة عندما قال له عز وجل ، أكتب ، فكتب مقادير كل شيء إلى يوم القيامة فجرى على كل نفس لترى ما قدر الله لها وكتب عليها فهو محط اعتبار.. ومن نسج أحرفه ننهل ونستقي الكلمات العذبة والجمل المتراكبة ، فثمة كلمة تبني وترفع وأخرى تميل ولا تنفع وهو جند من جنود الله ما كنّا ندري قبله ما الكتاب ولا الإيمان حتى جاء جبريل - عليه السلام – بأمر من الله إلى رسوله – صلى الله عليه وسلم – أن يقرأ فقرأ فتعلم لإنسان بالقلم فاسترسل في حديثه يظهر خلجات الضمير وهو الذي يعرفك على هوية صاحبه وظنة صدره ، ولقد كان يراع أئمة السلف تكتب في نبل وصدق عطاء فخلدت أقلامهم أزكى ما يخلد في كل مهجة فزينت جباههم المكتبات
رب حي كميت ليس فيه … أمل يرتجى لنفع وضر
وعظام تحت التراب وفوق… الأرض منها آثار حمد وشكر
وما يخرج القلم من حرف إلا سيشكر أو ينكب على وجه صاحبه يهوى به في النار سبعين خريفاً فاتقوا مصارع الأقلام ، فلرب حرف خرج هنيئاً وهو عند الله عظيم.

عبدالله الوهابي
25-08-2007, 05:20 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
أجزم بأني لست الوحيد من المهتمين بالشأن الثقافي والأدبي ، بل ومن غيرهم في مملكتنا الغالية ، وأطياف عالمنا العربي الأدبي فقد أثارت مسابقة ( أمير الشعراء ) التي ينظمها تلفزيون أبو ظبي حالة من الجدل بين نقاد وأدباء عرب حولها حيث يرى بعضهم أنها وسيلة إعادة الريادة على صعيد الأدب للشعر ولجذب المشاهدين للإقبال على قراءة الشعر مرة أخرى ولإفراز مواهب شعرية جديدة ، فيما يرى المعارضون أن مثل هذه المسابقات تنقص من قدر الشعر وتسيء إلى كل الشعراء فالجائزة أو اللقب على صعيد الأدب يجب أن تمنح لا أن تطلب بهذا الشكل الرخيص .
يذكر أن المسابقة يتم فيها الأخذ برأي لجنة نقدية للتحكيم مجتمعة ، يضاف إليها تصويت المشاهدين ، ومن ثم يتم الاتفاق على اختيار شاعر من بين الشعراء المشاركين ليكون أميراً لشعراء العرب ، الأمر الذي عدّه بعض المعارضين سلوكاً خطيراً للغاية ، متسائلين :
هل هناك بين الشعراء المشاركين من يستحق أن يتولى خلافة الأمير المتوج في الشعر العربي أحمد شوقي ، أم أن المسألة برمتها مجرّد شوي إعلامي لا أكثر!!
وأجزم بأن المسابقة قدمت لدولة الإمارات العربية المتحدة ، وأمارة أبو ظبي بخاصة خدمة إعلامية كبيرة ، لو أرادت تسويقها بغير ذلك لأنفقت المال ، والمال الطائل ، ولما تحقق لها ما تريد ، ولمَّا تستطع أن تنثر رياحين الخزامى ، وعبق الزهر بالشكل الذي تهوى ، فما أصعب تملك قلوب من تستهدف من حاملي لواء الشعر والثقافة ورماح الأدب...
لكني وعلى الرغم من متابعتي الحثيثة لكل نفس في المسابقة ، ولكل ملمحة شعر خالدة ، ومنظومة لغوية فريدة ، أشعر بأن الصورة لما يكتمل نسقها بعد ، وأن ثلمة كبيرة لا زال أثرها واضحاً على نفسي ونفس يري ولا شك ، أشعر بغربة المكان ، وتعرية الزمان ، وهو إحساس يصعب زواله ، حتى لو استدعى مصممي الديكور كل ألوان التراث ، فلا شيء يفي عن الحقيقة بأي حال من الأحوال.
وعلى الرغم من تصميمي على تجاوز كل ذلك البرد المكاني بالغوص في عبق الشعر تارة ، واستعارة دفءٍ مكاني آخر ، باستدعاء عكاظ وذي المجاز ومجنة ، ونقل المربد وجرش ، ولكني لما أتمكن بعد من تجاوز زمهرير وجداني المكاني وتكرس فشلي في إضفاء أي لمحة دفء تاريخي وجداني على الرغم من عذوبة وجمال كل شيء ، وأدركت حينها ألا بديل عن المكان.
أدركت قيمة ما أنتمي إليه ، وعظمة وقدسية ما أتوسده ليل نهار ، تلمست عذوبة وطني ، ووجدانية ذاكرتي المليئة بكل جميل في هذا العالم ، رأيتُ ذلك الماضي العريق ، وبَصُرتُ محتدة ، وشعرتُ بكبر ثقل كل ذلك عليّ ، فأنا لست كغيري من تلك الأنفاس العربية الأصيلة ، التي كان قدرها أن تسيح بتاريخها في مشارق الأرض ومغاربه ، فأثَّرت وتأثَّرت وغيَّرت وتغيَّرت غير أنا ظللنا هنا مستودعها ، يغرف منها كل أولئك ، معاني الفضيلة والمروءة والأخلاق الكريمة..
أخوتي الفضلاء لقد صال قلمي وجال من هنا وهناك وأردت أن أتكلم عن رمزاً من رموز ثقافتنا العربية الأصيلة إنه عكاظ الشعر والإحساس والكلمة.. دعوني أهمس في خاطري قائلاً : لو كان الشعراء المتسابقون ينثرون درر أنفاسهم على ربى صخرة الخنساء ، وأديم النابغة ، لو كانوا يصدحون بأشعارهم تحت سماء عكاظ ، وروابي فضاء أرضها الحجازية ، يستلهمون شخوص من سلفوا ، فيهيمون تألقاً وتوجداً.. لو حدث ذلك لتغيّر في الأمر أمر ، ولأضحى للشعر معنى وأصالة.. ولكان أمير الشعراء يسمى بحق...
دعوني أمني نفسي بأن ذلك سيكون قريباً ، ونَخْلدَ مُنصتين بحثاً عن شاعر سوق عكاظ..

عبدالله الوهابي
28-08-2007, 11:39 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

يقول عنترة :

وأغض طرفي إن بدت لي جارتي .... حتى يواري جارتي مأواها

ويقول : العجير السلولي :

وتضعن جارتي من جنب بيتي .... ولو تستر بستر من جدار
وتأمن أن أطالع حين آتي .... عليها وهي واضعة الخمار
كذلك هدي آبائي قديماً .... توارثه النجار عن النجار

النجار : الأصل والحسب

فماذا نقول نحن المسلمين...؟؟!!!


في الحديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما زال جبريل يوصيني بالجار، حتى ظننت أنه سيورّثه) أخرجاه في الصحيحين

لأن الأصل في الجار ، أن يكون أميناً على مال جاره ، محافظاً على عرضه أن ينتهك : حماية ودفاعاً ، لكن عندما يأتي الخلل من الجار نفسه ، فإن هذا داء عضال ، ومصيبة ما بعدها مصيبة : أذية وخيانة

عبدالله الوهابي
31-08-2007, 01:45 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

في ظل مناخ هذا التقدم العلمي والتكنولوجي الذي يتسم به هذا العصر ، والذي جعل هذا العالم قرية واحدة برغم اختلافها ثقافياً وسياسياً واجتماعياً غلا أنه يفضل هذا التطور نجد أن تيار العولمة.
هذه المنظومة الفكرية ، لها أثر كبير في تغير العالم من أقصى شرقه إلى أقصى غربه ، ولذلك يتحتم على المرء أن يفكر على نحو جديد يتلاءم مع معطيات هذه النظرية والتي ضوئها يتحدد مدى عموم ثقافتنا العربية ومدلولاتها الحضارية لدينا.
فنحن شعوب لها حضارتها وموروثها الثقافي.. وهذا الموروث مرتبط بالدين.. فالدين متأصل فينا إلى حد ارتباطه بالعادات والتقاليد ، والدين هو اللبنة الأولى التي بنيت عليها الحضارة.
والحضارة العربية هي البوتقة الكبيرة التي انصهرت فيها كل القيم والمبادئ والتي تميزت بها الشعوب العربية على كل الحضارات الأخرى.
وهذه العلاقة المتميزة بين الدين والحضارة هي نسيج يدخل في بناء حضارتنا العربية ، ولقد أثرت قضية العولمة جدلاً ما بين مؤيد ورافض وإن أكثر ما لفت نظري بين هذا المؤيد وذاك الرافض انه مع اختلاف الآراء وتنوعها إلا أن العولمة أصبحت واقعاً ملموساً ، فمن منا لم يحس بها على مستوى الحياة اليومية حيث باتت هذه حقيقة واقعية.. فلأول مرة في التاريخ.. على حد تعبير المحللين في وسع كل فرد في كل المستويات الاجتماعية أن يلمس تأثير التغيرات الدولية التي يعيشها العالم اليوم.
إذ يمكنهم جميعاً أن يشاهدوها ويسمعوها في وسائل الإعلام ، ويتذوقوها في طعامهم ويلمسوها فيا يشترونه من سلع ومنتجات ، وكل واحد فينا سيكون واحداً من الذين تتهددهم هذه المتغيرات ، أو من المستفيدين منها ، ولكن من المحال تصور وجود جماعة ما لن تحسها.. بالخير أو بالشر ، هذه المتغيرات التي تعبر في جانب كبير منه عما يطلق عليه اليوم العولمة..
ولماذا نذهب بعيداً.. فمن منا لم يمتلك بعض المظاهر العولمية كالحاسوب والهاتف الجوال "المحمول".. وغيرها فهي في محل الساحر الكبير أو أنها التكنولوجيا ، وهذا لا ينفي مفهوم السحر ، ما دمنا لا نعرف بشكل محدد كيف صنعت ولا حدود لقدراتها؟
ففي الغرب نجد أن صانعها هو متلقيها ، بكل ما فيها من ثقافة واقتصاد وسياسة فهو قادر على التفاعل معها من خلال قدراته ومميزاته..
أما في الشرق بكل ما فيه من موروث حضاري له إطار كبير يدور في فلكه من دين وعادات وتقاليد.. قادر على حمايته والحفاظ عليه ضد أي تيار جارف له أعاصيره وهدؤوه ، فالدين هو ذلك الإطار والمعيار الذي أوجده الله سبحانه وتعالى ليتفاعل مع جميع الأزمان ليأخذ منه الإنسان ما هو صالح له في بناء مجتمع يسعى إلى التقدم والحضارة ويلفظ ما هو خبيث ليبقى الإنسان واعياً مدركاً لما حوله من تقدم ووعي..

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عبدالله الوهابي
10-09-2007, 01:53 PM
حديثي اليوم عن معاناة يعانيها سكان مكة المكرمة والمدينة المنورة كل عام وهي أقدم معاناة ، كل عام تدل بلا أدنى شك أن من يحدد الفترة الزمنية لبدء العام الدراسي والإجازات المدرسية شخص أو أشخاص لا تتعدى رؤاهم منطقة الرياض وما حولها ، والمقصود هنا وزارة التربية والتعليم الموقرة ، التي تضع جدولاً زمنياً كل عام أكبر من يتضرر منه هم سكان المدينتين المقدستين.. هذا العام تنتهي الدراسة في رمضان يوم 21/9 طبعاً هناك تسعة أيام لمن أراد أن يعتمر أو يقضي جزءاً أو كل العشر الأواخر في مكة المكرمة والمدينة المنورة... نعم لا يهم من اقر القرار وإلا ما ذكرت الذين هم خارج المدينتين المقدستين.. أما من فيها وما يعانونه من صعوبة الحركة والتنقل مع وجود أكثر من ثلاثة ملايين معتمر فلا يهم وزارة التربية والتعليم ، لأنهم منظرون ولا يعلمون أو لا يريدون أن يعلموا..
لكن لو أن هذا الحدث الذي يتكرر كل عام في مدينتهم ولمسوا وتكبدوا وعايشوا المعاناة لكان انتهاء الدراسة غير هذا في شهر رمضان فما بالكم في شهر ذي الحجة تنتهي الدراسة يوم الثالث من ذي الحجة.. ألم أقل إن الجدول الزمني مرتب لمن هم خارج مكة والمدينة من يوم 20 ذي القعدة.. دون أي استثناء لهذين المدينتين.. طبعاً المنظر ينظر من برجه العاجي ويصدر قراراته وهو قابع خلف مكتبه.. لكن لو يزن الأمر بميزان الواقعية لتغير الوضع وينطبق على هؤلاء المثل الشعبي الذي يقول : " اللي يده في المويه ما هو مثل اللي يده في النار "
وأثبت أن ما يتم من قرارات هي لا تخدم سوى ما يراه ويشاهده أو تمس حياته هو ، كأنه يقول " أنا ومن بعدي الطوفان "..
قبل أشهر عدة عقد بالمملكة مؤتمران احدهما في مكة والآخر بالرياض ، الذي كان في مكة هو قمة المؤتمر الإسلامي والذي كان الرياض هو القمة العربية.. طلاب الرياض منحوا إجازة ونعلم أن هذه الإجازة حق لأنهم سيجدون صعوبة في التنقل والحركة مع قدوم الوفود العربية وتحركاتهم داخل الرياض.. مع سعة الرياض وكبرها ووسع شوارعها أيضاً..
لكن أين هذه الإجازة عندما عقد مؤتمر القمة الإسلامي في مكة وعدد الدول والوفود المشاركة فيه ثلاثة أضعاف عدد المشاركين في القمة العربية.
أين هم من هذه الإجازة..؟!
ألم أقل لكم أن من يقرر الاجازات بوزارة التربية والتعليم لا ينظر أكثر مما يمس واقعه هو ومن حوله من الجيران والأقارب والأصدقاء... يا سبحان الله فكر إداري عجيب ورؤى ثاقبة وتخطيط سليم..
آخر الكلام :
سيقدم علينا شهر الرحمات والقيام والصيام... فأوصيكم وأوصي نفسي بالعمل والبدار البدار
اللهم بلغنا رمضان

عبدالله الوهابي
21-09-2007, 01:30 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الاشتغال على نقد المفاهيم إجراء ضروري ، وعمل حيوي ن حيث تبدو المفارقات ، وتتّضح المعاني والمسافات بين الماضي وما هو آت ، علاوة على ما لها من فائدة مرجوّة في استبانة الطرق وتقويمها متى ما كان ثمّة خلل يعتور الطريق ، ويسد منافذ العقل ، وإليك مثالاً يوضح الصورة ، ويكمل الإطار :
دائماً ما نسمع عبارة " هذا شرع الله " و " ذاك حكم الله " و " هذا موقف الإسلام " الأمر الذي جعلنا إزاء مفهوم ينطلق صاحبه من منصّة " التحدث نيابة عن الله! " ومثل هذا المفهوم يمر دون أن يفطن إليه أحد ، علماً أن النصوص والشواهد والأقوال والفوائد تُحذر من استخدام هذا المفهوم ، فإذا كانت النصوص حمّالة وجوه متعددة " كما أثر عن علي كرم الله وجه فمن باب أولى أن تكون أوجه النّظر إليها ، واستقاء الأحكام والمفاهيم منها على ذات النهج من تعدد الوجوه ما دام الناس على ماهم عليه من تفاوت في درجات الاستيعاب ، واختلاف مناظير الفهم ، وكل هذا ولا شك سيدخل كل متحدث " بالإنابة " عن الإسلام في حرج التنطع وإلغاء حق الآخرين في " الفهم وإعمال العقل.
مرةً ذات لقاء سألت الدكتور الشيخ القرضاوي مستفسراً : 0 ما حكم الإسلام في.. ) وقبل أن أكمل السؤال ، قاطعني بقوله : " أنا لست المتحدث باسم الإسلام وإنما أنا أتحدث عن الحكم كما أفهمُ الإسلام من نصوصه وآلياته..الخ "
هذه الفكرة جعلت القلم يشتغل بحثاً وتنقيباً عن تأصيل لهذه المسألة ن الأمر الذي تحقق في النهاية ، حيث جاء في حديث بريدة عندما قال له صلى الله عليه وسلم : "فلا ننزلهم على حكم الله ولكن أنزلهم على حكمك فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا " ويُعلق آنذاك الشيخ خليل عبد الكريم بقوله : " فإذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام يؤكد أن الصحابي قد يعجز عن الوصول إلى حكم الله الصحيح ، فكيف يجبر – دعاة الإسلام – لأي مسلم اقترب من الأصول الصحيحة أن يحتكر الحديث باسم الإسلام.."!! راجع أعمال الشيخ خليل عبد الكريم ( 2/228)
وحتى تتضح الصورة أكبر ، من الممكن إيراد قصة ذكرها الشيخ خليل أيضاً يقول فيها : ( ولقد قرأ أحد كتاب الرسائل على الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما يلي : " وهذا ما رواه الله تعالى وعمر بن الخطاب.. فغضب الفاروق غضباً شديداً ، وقال له : بئس ما كتبت امْحُه وأكتب بدلاً منه " هذا ما رآه عمر فإن كان خطأً فوزره عليه وإن كان صواباً فهو من الله تعالى..!! )
وبعد إن إطلاق الألفاظ دون مراعاة لمؤدّاها طامة كبرى ، وقسمة ضيزى وما أظن من يطلق مثل هذه المفاهيم التي تؤدي إلى يقين زائد واعتقاد واحد وصواب خالد ما أظنّها إلا بدايات لخلل رهيب وخطأ معيب إذا لم تُستدرك فالله – جل شأنه – يعلم كيف ستكون العاقبة والمنتهى والمال؟
ولو رجعنا إلى التراث السلفي سنجد ابن القيم الجوزية يؤكد أن الحكم والفتوى هو توقيع وإصدار حكم عن الواحد القهار ، لقد جعل ذلك في كتابه الموسوم بـ "إعلام الموقعين عن رب العالمين " والفرق كبير بين توقيع الله جل شأنه والتوقيع عنه.. والله من وراء القصد

عبدالله الوهابي
14-10-2007, 07:10 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الإنسان روح وجسد ، وللروح حاجاتها ، كما أن للجسد احتياجاته ، وهو يقضي كل حياته في العمل على تلبية تلك الاحتياجيات ، لكن مشكلة الإنسان أو وعيه بما هو محسوس وملموس من الحاجات أقوى وأعمق بكثير من وعيه بحاجاته الروحية والمعنوية ن ولهذا فإن المألوف أن يبذل الكثير الكثير من أجل الطعام والشراب واللباس وكل ما يرفِّه جسده ، على حين أنه لا يكاد ينفق على تثقيف عقله إلاّ في حيِّز الضرورة والحاجة ، أما إدراكه لما يعاني من تدهور روحي ومدني ، فيكاد يكون غائباً ، وهذا شيء يدعو إلى الأسى والحسرة!
نحن نلاحظ اليوم أن الثقافة السِّلْعية ذات الأبعاد الحسيِّة آخذة في السيطرة يوماً بعد يوم ، ويمكن أن نلاحظ هذا في نشاط المطاعم والفنادق وشركات السياحة والسفر ، وفي هذا التفتح العجيب على هندسة ( الديكور ) وتزيين المساكن على نحو لم يسبق له مثيل! بتعبير موجز قد صرنا أكثر دنيوية ، وصار مناط اهتماماتنا أكثر حسية وأكثر ( شخصانية ) ولا شك في أن هذا أحد الآثار السيئة لـ( العولمة ) الآخذة في اكتساح العالم بالطول والعرض.!
لست أدري هل هذه الوضعية المغرقة في التلهف على المتعة وتكديس الأشياء هي بسبب ضعف الثقافة الروحية والأدبية والأخلاقية لدينا ، أو هي السبب المباشر الذي يؤدي إلى إنهاك هذه الثقافة وطمس معالمها؟
على كل حال فإن من المهم أن ندرك أن قدرة وعينا على فهم جوهر احتياجاتنا محدودة ، كما أن قدرته على تحقيق نصاب التوازن بين حاجاتنا الروحية وحاجاتنا المادية أيضاً محدودة ، ولهذا فنحن ننتقل من تطرف في جانب من حياتنا إلى تطرف في جانب آخر منها ؛ والملاحظ اليوم على نحو لا فت أن اهتماماتنا بتلبية حاجات الجسد قد صارت طاغية إلى حد الإزعاج ، على حين أن مخزوننا من الطاقة الروحية آخذ في النفاد ، وذلك بسبب ضعف تزويده وتراجع الاهتمام به.
إن ثقافة الاستحواذ واللهو والتسلية والتمتع تحقق انتصارات متتالية على ثقافة المعنى ، والتضحية وإيثار الآجل على العاجل ، وثقافة العطاء غير المشروط ، والقلق على المصير الأخروي ، وهذه الوضعية سوف تؤدي إن عاجلاً أو آجلاً إلى إلهاب نار الخصوصية وإثارة أسئلة الهوية : من نحن؟ وماذا نريد؟ وما علاقتنا بالآخر؟ وأين يكمن الخطأ في أوضاعنا؟ وأين يكمن الصواب؟ ولماذا يحدث لنا كل هذا..؟!
ولن تكون الأسئلة على كل تلك التساؤلات سهلة أو راشدة في معظم الأحيان!
المشكل أنه ليس لدينا أي جهة تراقب الخلل الذي يطرأ اليوم على نوعية حياتنا ، وليس هناك بالتالي أية مشروعات كبيرة لمعالجة ذلك الخلل ، مما يعني حدوث انهيارات وتداعيات خارجة عن نطاق السيطرة والإدارة ، وهذا أسوأ ما يمكن أن يحدث.
أنا أشعر أن كل بلد من بلدان المسلمين بحاجة إلى جهة قوية ونشطة تضع المعايير لنوعية الحياة التي ينبغي أن يحياها الإنسان المسلم ، كما تقوم بإنشاء المشروعات العملاقة التي تستدرك على ما يطرأ على تلك الحياة من خلل في الجانب المادي والفكري والروحي والاجتماعي.
فهل سنسمع عن ولادة مؤسسة من هذا القبيل.؟
آمـل ذلك...

عبدالله الوهابي
17-10-2007, 04:55 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
لو سئل المرء عن أذكى الحيوانات لما كان ذلك لغزاً ، ولكن لو سئل عن أذكى الجمادات لكان الجواب محيراً !!! فهل في الجمادات ذكاء؟
في الحقيقة : إن في الجمادات ذكاء ، ولا أدل على ذلك مما يفعله القمر قبل حلول شهر رمضان المبارك – بأيام – حيث يقوم بالإطلاع على المعاهدات الدولية ، والحدود الجغرافية.. فيرى هل من متغيرات في الحدود حتى يلتزم بها؟
فقد كان القمر من قبل يطلع على بلاد الشام طلعة بهية واحدة.. وذلك لما كانت أمة الإسلام أمة واحدة ، ولما عقدة معاهدة ( سايكس بيكو ) التي رسمت الحدود الجغرافية ، وفرقت بلاد المسلمين ، سارع ( القمر الذكي ) للالتزام بها ذراعاً بذراع ، شبراً بشبر!!! تماماً كما التزم بذلك أهلها ، وصار يُهل عل بلاد الشام – بعد المعاهدة – بأربعة مطالع ، تماماً كما قسمها الأوغاد ، فصار يطلع على سوريا مطلعاً مغايراً لمطلع لبنان وعلى لبنان مطلعاً غير مطلع الأردن وعلى فلسطين غير مطلعهم.. وفي الوقت الذي ترى فيه حرس الحدود في بلد ( شرقستان ) في أول يوم من رمضان يفطرون.. ذلك لأن القمر لم يطلع على بلادهم ، ولم يجرؤ على تجاوز الحدود الدولية لعدم السماح له بذلك.. ترى حرس الحدود المقابل في ( غربستان ) صائمين لأن الهلال قد أذن له فقطع عليهم.. والبعد بينهما عرض الأسلاك الشائكة التي شاكت المسلمين ، ومزقت أمتهم ، وفتت أكبادهم.
ألا ترى أن هذا ( القمر ) الذي التزم بالحدود التي رسمت في ( سايكس بيكو ) وأقرتها هيئة الأمم المتحدة ، قد استحق أن يكون أذكى الجمادات ، وأن ينال ألعى اأوسمة.
وليس غريباً من ( القمر الذكي )...!! لأنه جماد لا نفقه منه غير التقليد.. ولكن الغريب أن لا يزال بعض الفضلاء يقولون : ( لكل بلد مطلع ) ويعرفون البلد حسب تقسيم أعداء الإسلام لبلاد المسلمين فتارة يكون البلد كبيراً جداً يقدر بمئات الألوف من الأذرعة المربعة ، بل بالملايين... وتارة يكون صغيراً جداً لا يكاد يُرى على الخريطة ، ومع ذلك ( فلكل بلد مطلعه )
ولا أدل على استحقاق القمر وسام الذكاء ، ما كان يفعله قبل اتحاد ( اليمنيين ) فقد كان يطلع على كل ( يمن ) مطلعاً مستقلاً حسب ( سايكس بيكو ) وقرارات الأمم المتحدة ، وبعدما وافقت الأمم المتحدة واتحد اليمنان أدرك ( القمر الذكي ) – وهو في عليائه – ذلك ، فصار يطلع على اليمنيين مطلعاً واحداً!!
ويؤيد القمر في تصرفه هذا ، أولئك الذين كانوا يقولون – قبل الاتحاد : لكل بلد مطلعه ، فلما اتحد اليمنان نسوا ما كانوا يقولونه من قبل ، وجعلوا البلدين بلداً واحداً ، ولا يزالون يقولون عن البلاد التي لم تتحد معهم ( مطلعهم غير مطلعنا ) حتى إذا ما اتحدت ، أصدروا فتوى ( للقمر الذكي ) : أن يوحد مطالعه ، كما وحدت البلدان أعلامها.
ومما يزيد القمر ذكاءً ورفعة ، أنه على استعداد لأن يفصل مطالعه إذا ما انفصلت البلدان بعضهما عن بعض ، وأن يوحد مطالعه إذا ما توحدت البلدان ، أ يستحق بعد ذلك ان ينال وسام الذكاء – من الدرجة الأولى -؟! ويشاركه في هذا الاستحقاق أولئكم الذين يصومون في بلاد الغرب حسب جوازات سفرهم! ويفطرون حس بطاقات هوياتهمّ ويتسحرون حسب بلد مولدهم! ومن النوازل التي أعجزت فقهاء الواقع ، وعلماء المطالع ، أن يفتوا فيها ، ولم يجدوا من سبقهم في الفتيا إليها : متى يصوم – في دول الغرب – أصحاب الجوازات المزورة ، والذين دخلوها بغير طرق قانونية.
ثم لماذا وحد المسلمون هلال ذي الحجة للوقوف في عرفات ، ولم يوحدوا هلال رمضان المسكين ألا يجب بعد هذا على المسلمين أن يدركوا الفرق بين المطالع الشرعية والمطالع السياسية.؟

عبدالله الوهابي
23-10-2007, 07:30 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

وجه مشرق..

كنت في هذا العيد جالساً مع أخي وأقاربي من الأرحام فتكلم أحدهم عن قصة أوحت إليّ بمسك القلم بين الأنامل ، لسردها عبراً ، ليستفيد منها القارئ ، ويستضيء الغافل ، ويهتدي بنورها الخاطئ .. ويستدفئ بأشعتها كل مريد.. وهذا ليس بغريب على أهل الحكمة والإيمان
يقول الرجل : ذات ليلة من ليالي رمضان الكريم جهّزت نفسي وسيارتي ، لبست أحسن ملابسي الشبابية سرّحت شعري اخترت عطراً بعناية تعطّرت به ثمّ اتجهت إلى سوق … - عدم ذكر السوق حتى لا يكون دعاية مني له – حيث كثر رواده وازدحامه.. كانت المسافة التي تفصل بيتنا بالسوق ما يقارب النصف ساعة مع الزحمة كنت طوال الطريق أحلم بأن أجِد ضالتي وكانت تدور في مخيلتي مواصفاتها : بيضاء.. جميلة.. رشيقة..
وصلت السوق… وكانت عقارب الساعة تشير إلى ما بعد منتصف الليل.. أوقفت سيارتي بعد عناء من كثرة الزحام.. ترجلّت.. جهّزت ورقةً صغيرة كتبت عليها رقم هاتفي واسماً مستعاراً بدأت أمشي الهوينا التفت ذات اليمين وذات الشمال أبحث عن شيء ، صادفني رجل وقور سألني : ما عندك؟ قلت : أنزلت أهلي هنا وأنا أبحث عنهم.. ابتسم في وجهي وقال : يا أخي السوق فتنة لعلك تتصل بهم وهذا أفضل أشرت أن نعم ، تركني وذهب لحال سبيله ، تابعت مسيري وبعد برهة وجدت ضالتي.. اقتربت.. حاولت أن أتكلم.. وإذ بالشخص الذي كلمني قبل قليل ومعه آخر يأخذ بيدي قائلاً تفضل معنا . قلت إلى أين؟ قال نحن أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا بد من حضورك إلى المركز.
قلت : أهلي؟ فقال : ترجع إليهم بعد قليل إن شاء الله ، مشيت معهما وأنا أرتجف ماذا عساهما أن يفعلا بي في المركز؟ أسمع أنهم يضربون من يحضر إليهم.. ويوبّخونه..
وصلنا مبنى متواضعاً عرفت أنه المركز حين قرأت لافتته ، صعدنا سلماً طلبوا مني الجلوس على كرسي أنيق ، أعطاني من كان هناك كتاباً وقال لعلك تقرأ حتى يفرغ الشيخ ، جاملت.. أخذت الكتاب بدأت أقلب صفحاته عبثاً وأنا أفكر فيما سيحل بي.. تفضل – قالها أحدهم – قمت من مقعدي وتبعته.. دخل إلى مكتب رئيس المركز وأنا برقته.. وإذا بشاب بالكتب في الثلاثينات من العمر يدعونه الشيخ وتارة أبا منصور ، بهي الطلعة بشوش الوجه وسيم إلى حدّ كبير لا أعرف هل هذه صفاته الخلقية صحيحةً أم لشدة إعجابي بخلقه الرفيع وأدبه الجم.
طلب مني الجلوس على كرسي ولم يكن يفصل بيني وبينه سوى مكتب من النوع الجيد ، بادرني : أهلاً بك تفضل ما عندك؟ حقيقةً كذبت عليه ، في بادئ الأمر اختلقت قصة خيالية ، ابتسم غير المقتنع ثم قال أسأل الله لك الهداية والتوفيق.
لو لم تخطيء لم يحضروك لكن أياً كان الخطأ فهذا أمر طبيعي الكل معرض للخطأ إنما المشكلة في الاستمرار في ذلك الخطأ واستمر يعاتبني وينصحني ثم قال لائماً لا يزال يرنّ في أذني : " لنفترض أن تلك المرأة التي تعاكسها أمك أو أختك يا أخي لا تنس أنه كما تدين تدان والجزاء من جنس العمل " ثم سكت وقال مبتسماً : هذا ما عندي تستطيع أن تذهب ، قلت : إلى أين؟! قال وهو يبتسم : إلى اهلك ربما ما زالوا ينتظرونك .
عرفت معنى تلك الابتسامة ولكن استغربت كيف أذهب أين الضرب والتوبيخ ووووو..
ركبت سيارتي ، بدأت أفكر في ذلك الموقف ، ما أكذب الشائعات التي تدور حولهم! هؤلاء الذين لا نستطيع إيفاءهم حقهم هم الذين يسهرون لكي يحموا أختي وأختك ومع ذلك نسمع ونقرأ كل همز ولمز على أهل الحي وتقصير الثياب...؟!! تغيرت نظرتي تماماً منذ ذلك الموقف الحي الذي عشته..
أنا لست كاتباً حتى أكتب كل ما يجوش بخاطري نحوهم لكن ربما القصة فقط تعبّر عما يكنه خاطري في قلمي الذي ساغ قصة هذا الشاب وأنا جالس اسمع إليه..

عبدالله الوهابي
12-11-2007, 06:01 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الجمال أجمعت العقول البشرية على حبه ، واتفقت الأذواق الإنسانية على عشقه ، وأعظم من ذلك كله أحبه الله وقدره " إن الله جميل يحب الجمال " والناظر إلى الكون وما حوى ، يرى فيه إبداع الخالق في خلقه ، وإتقان في تناسبه وتكامله ، ميزته جمال خارق ، وحسن باهرٌ.
فالعيون لما ترتفع إلى السماء تبصر سواداً ونجوماً يكونان صورة هي أروع ما تكون ، وتزداد بهاء وكمالاً لما يتوسطهما قمرٌ مضيء ، فلا يملك اللسان سوى تسبيح الخالق المبدع ، والناظر إلى البحار يرى أطيافه من الألوان منسبة وأمواج متقاذفة يصعب إزاحة العيون عنها لجمالها وحسنها ، أما الناظر إلى الطبيعة المكسوة بثوب الخضرة وقد ضمت الجبال والهضاب والسهول والأنهار والوديان ، فإن القلب يزداد خفقاناً وإعجاباً وذهولا ، حتى الصحراء رغم حرارة جوها وصعوبة مداركها فالناظر إليها بعين التأمل يرى جمالاً عجيباً ، واسألوا عنها أهل الغرب حين يرونها…
زبدة القول وخلاصته أن الله جعل الجمال في الكون إعلاء لمنزلته وسمواً بقدره ، والرسول - صلى الله عليه وسلم – سيد الخلق كان هو الجمال بعينه ، كان البدر الساطع كمالاً وحسناً ، وجماله - صلى الله عليه وسلم – كان جامعاً شاملاً لجمال الخٌلُقِ والخَلْق ، كان جميل الوجه والذات ، جميل المظهر والهندام ، جميل القول والبيان ، جميل الاسم والحرف ، جميل الظاهر والباطن ، ولتعظيمه للجمال وتقديره كان حريصاً صلى الله عليه وسلم على نشر الجمال حوله ومصراً على رفع الإحساس به والتطبع به ، وجداناً وذاتاً ، روحاً ونفساً ، عقلاً وفكراً ، فكان يوجه وينبه ويصحح ويقوم ، كل ذلك اهتماماً بالجمال ، فيأمر أصحابه بالاغتسال والسواك وترجيل الشعر وتزييته وتطييبه ، والتعطير واللباس الجميل للمستطاع ، ويثني ويمدح إذا رأى جمالاً متجلياً أمام عينيه ، مبدياً سروره وإعجابه.
وبلغ حرصه – صلى الله عليه وسلم – على أن يتجلى الجمال كسلوك وعادة في المجتمع إلى حد تغيير الأسماء الذميمة والقبيحة ، ويأمر أصحابها بتغييرها ، بل يغيرها بنفسه – صلى الله عليه وسلم - ، وكان – صلى الله عليه وسلم – يستبشر بالأسماء الحسنة الجميلة ، ويكره الأسماء القبيحة والسيئة الخارجة عن خوارم المروءة ، مع العلم أن أصحاب الأسماء الذميمة لم يكونوا مسئولين عنها ، إذ لم يكن لهم فيها اختيار ولا إرادة بل سموا بها من قبل أبائهم.
ومن العجب العجاب في عصرنا هذا عصر التقدم والتكنولوجيا ، عصر القرية الصغيرة ، عصر وسائل الإعلام التي تحمل إليك جمال العالم كله مهما بعد واختلف وتضعه بين يديك وأنت مسترخي على أريكتك وفي بيتك أو مكتبك ، نرى أناساً يغيرون أسمائهم وألقابهم إلى أسماء في غاية القبح والسذاجة والغير مفهومة بل برموز وأحرف ليست من عادات العرب والمسلمين التشبه بها.. ويكثر هذا ويتفشى في المنتديات التي تضم مشاركين كثر من أطياف المجتمع باختلاف أجناسهم وأعمارهم وثقافتهم ومستوياتهم الاجتماعية والمهنية ، يسعى هؤلاء إلى التمييز وهم لا يدرون أنهم يقعون في التهتك ، دافع الكثير منهم تقيد الغرب في التحرر من التقاليد والأعراف ومحاربتها ومخالفة الدين ومعاكسة المجتمع ، ظانين أنهم بذلك تحرروا من " تخلف " المجتمع وأصبحوا متقدمين متحضرين ، وهم لا يشعرون أنهم يَحْتَقرون ذاتهم ويزدرون المجتمع ، خاصة لما يتلقبون بأسماء المشركين والكفرة ، وأسماء الانحلال والفساد ، فهم بذلك يقعون في مخالفات شرعية وخلقية ، كان الأجدر بهم الترفع عنها وعدم الوقع فيها.
نصيحة من قلب يخفق بالحب للجمال ، أن نلتزم بالجمال في كل الصغائر والكبائر ، وإن كان من الضروري التستر وراء أسماء مستعارة خاصة في منتديات النت ، فتاريخنا وتراثنا يزخر بأسماء كثيرة وعديدة تحمل من ألوان التميز والطرافة والدلالة الشيء الكثير والكثير..
فهيا بنا نحافظ على الجمال في جميع جزئيات الحياة ، فما أجمل الحياة لمّا تكون جميلة..

عبدالله الوهابي
26-11-2007, 08:07 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
التهويل والزيادة في أخبار ( انفلونزا الطيور ) من العامة وغير المختصين مخالف لقوله تعالى : ( وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ..) الآية
ومن آثاره :
- خسائر عظيمة أصابت عدداً من تجار المسلمين
- أرتفاع في أسعار اللحوم.
- خوف بعض ضعاف القلوب من ظله إذا حاذى سوق الطيور.
والواجب :
- امتثال أمر الشرع في التثبت من الأخبار.
- الحذر من الترويع والبلاغات الوهمية.
- التوكيل الصادق : ( ....فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ) الآية
- أخذ الحيطة والحذر بتعقل ورفق.
- التعاون الواعي مع الجهات المختصة ذات الصلة.
- كثرة الاستغفار فبه يدفع البلاء
- الدعاء والتضرع بحفظ العباد والبلاد وحسن الخلف على المتضريين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

عبدالله الوهابي
04-12-2007, 12:29 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
إذا أردت أن تعرف نعمة الإنجاب أو قيمته المادية ، أي قيمة يكون عندك طفل ، فاستمع إلى ما يقوله كثير من الآباء أو الأمهات ، إنهم يقولون " ابني عندي كالدنيا وما فيها " وفعلاً فإن قيمة أي ابن عند أهله كبيرة ولا يعادلها شيء ، أعرف ويعرف غيري أن أناس باعوا الغالي والثمين لكي يدفعوه تكاليف عملية طفل أنابيب ، والتي تنتهي بالفشل في كثير من الأحيان ، وهم على استعداد لدفع المزيد والمحاولات من جديد وإن فشلت.وعند بعضهم في سبيل الحصول على ( طفل ) قد تتعرض الزوجة التي يتأخر عندها الإنجاب لمعاناة كبير في التحاليل والفحوصات والعينات والعمليات..! وما أسعد ذلك على قلبها إذا كان ذلك قيمة للإنجاب..؟
ولا تصدق من يشتكي تكاليف الحياة ومصاريف الأولاد المرهقة . فإن إرهاق الحياة ممتع عندما يكون ذلك في سبيل تربية من يحب من الأولاد ، والحقيقة – شئنا أم أبينا – فإن جمع ملايين الدولارات لا معنى له ولا متعة فيه إذا ظل في الخزائن أو في المساهمات ولم يكن في إسعاد من نحب..
والمناسبات الاجتماعية والأعياد والإنجازات قد تكون مؤلمة للأوحد الذي لا ولد ولا بنت عنده يرى في عينيهما حلاوة وفرحة العيد والمناسبة..
ومن هنا فقد كنت أنصح لمن يستشيرني في استعمال موانع الحمل لتأخير الإنجاب هي أن لا يتأخروا متعة الحياة وزينتها التي سوف تعطي لكم.. فمهما كانت الأسباب والمبررات للتأخير في الإنجاب فإنها تقصر عن مستوى قيمة الإنجاب..؟
وإني لأعجب لبعض شباب هذا الجيل الذين يؤخرون الإقدام على الزواج ، إنهم في جهل عن نعمة الإنجاب وقيمة الإنجاب وعن متعة أن يكون لك ابن أو بنت..؟ فمهما كانت تكاليف الحياة ومسؤولية تربية الأبناء ، فإن قيمة الإنجاب أعلى من كل ذلك وأمتع..! وسبحان مغير الأحوال.
زمان كان الزواج المبكر وكثرة الإنجاب من متع الدنيا وطلب ثواب الآخرة.. ولكن يبدو أن نمط الحياة الحديثة والنظرة ( الغربية ) للحياة أفقدتنا قيمة الإنجاب..

عبدالله الوهابي
17-12-2007, 09:27 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تجاذب أطراف الحديث مع مرافئ صاخبة ومتجددة أمر في غاية الصعوبة فهو يحتاج إلى عدة وعتاد لم نعتده نحن أصحاب المرافئ الساكنة!!! بفعل الزمن!!! عدة لم يتقادم إليها الزمن... وعتاد يكفينا زاداً للطريق.. فمرافقتكم تشهد حركة شبابية لا تهدأ.. من الإصرار على التعرف على كل ما هو جديد... فنجد تجار الجملة الإعلاميين!!! وتجار التجزئة المفكرين والقصاصين يعرضون ما لديهم بلغة العصر وإخراج فني يسترعي انتباه الحاجة العمرية للمرافئ الصاخبة فما بين بائع يعلن عن بضاعته.. ومشتر يجادل... ويسأل؟ نقف نحن المرافئ الساكنة في هدأة من العمر.. فننظر.. نراقب.. نحاول أن نجد لنا موطن قدم في زحمة مرافئكم.
فهلا هدأتم قليلاً.. وسمحتم لي بعرض بضاعتي المعتقة بطيب العمر والأيام...
والمغلفة بخطوط الزمن الوردية... علّها تجد مغامراً يهوى جمع المعتق من التجارب والفكر ، والأطيب من الأدب والعلم فيفنن في مزج العمرين.. ليحصل على الأصالة المنشودة.. كي يدعم جسور الود بين المرافئ الصاخبة.. والساكنة؟
فلكل منا في جميع مراحل حياته أكثر من مرفأ ساكن.. تهدأ فيه حركة الوصول والمغادرة... ويسكن موج المرفأ.. فيتنامى إلى سمعنا نبرة ارتطام الماء بمراسي الميناء.. حتى لا يغدو أوضح... أقوى... رغم ضعفه..
سيأخذكم اليوم مرفأ من مرافئ حياتي الساكنة والتي حملتني إليها موجة الأيام.. اختياراً..!
منذ زمن ليس بالبعيد عرفت معنى الاغتراب : وأنا في بلدي وبين أهلي؟
عرفت أن الوطن مجموعة قيم ، وأخلاق ، ومبادئ ، يتفق عليها مجموعة من البشر ، فتصبح هي الوطن والسمة التي تجمعهم وتميز سلوكهم.
عرفت أن الصدق حي من أحياء وطني الغالي.. يعزف عن سكناه الكثير؟ لغلاء أرضه..ومتطلبات جودته..
أرضه خصبة ، وفيها الماء والشمس الحنونة.. حدوده مد البصر.. أرضه مستوية.. لا جبال شاهقة تعيق البصر..
توزيع الأراضي بالمجان.. ولكن البناء مكلف.. يتطلب تصميماً مبنياً على المعرفة بنتائج المعادلات الإنسانية ويتطلب جهداً يحاكي الواقع ويراعي خصوصية الهوية.
لا ما نع من الاطلاع على تصاميم الأمم التي سبقتنا في هذا المجال والاستفادة من خرائطها البشرية وتعاريفها اللغوية.. والاستعانة بكتيباتها الإرشادية في التخطيط والتصميم والتنفيذ مع مراعاة أن نأخذ في الاعتبار عند تصميم بناء نفوسنا الصادقة أن نراعي خصوصية العقيدة عندنا.. والعادات... والتقاليد... التراث والهوية ، فلا نرسم واجهة لأحد منا يغيب عنها جمال العفة والحياء ولا نبني نفساً يغيب عنها جمال التقوى... ولا نرفع أعمدة بناء لا تقاوم عوامل التعرية في بيئتنا الصحراوية فلا تصمد نفوسنا أمام عاصفة رملية.. ولا تقوى على خوض في أمطار موسمية؟!!
وأخيراً يجب أن نرفع جدراناً تحجب عنا شمس الحثيثة ، وكمال المعرفة حتى تسكن النفس حي الصدق.. وتنتمي إلى وطن الأخلاق..
فلا تعاني غربة الأوطان!!!!

عبدالله الوهابي
23-12-2007, 09:16 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
في هذه السنة في حج عام 1428هجرية كانت هناك وقفات مع نفسي عند رؤيتي للحجيج ، الكل يدعو ، الكل طالب للرحمة وللمغفرة ولنداء الله في الحج ، يطلبون مغفرته ويرجون رحمته ، يرجع الحاج الذي لم يرفث ولم يفسق كيوم ولدته أمه..
نعم ، هناك محطات للتكفير عن الخطايا منها : الصلاة إلى الصلاة ، والجمعة إلى الجمعة ، والعمرة إلى العمرة ، ورمضان إلى رمضان....الخ ، ثم تأتي المحطة الكبرى الرجوع والحط من سيئات أعماله لمن تاب وأخلص النية كيوم ولدته أمه..
استوقفتني هذه الليالي والأيام المباركة المبيت في مزدلفة... والمبيت بمنى...
إخوتي نعلم أن أركان الحج هي أربعة : الإحرام ، الوقوف بعرفة ، والطواف بالبيت ، والسعي... وهناك واجبات ـ يجب على الحاج الإتيان بها حسب استطاعته ـ وهي الإحرام من الميقات ، والمبيت بمزدلفة وبمنى ، والرمي.. والحلق أو التقصيرونحوها
فإذا لم يدخل الحاج مزدلفة إلا صباحاً من زحاماً ونحوه فما الحكم.؟
وإذا حاول المبيت في منى ولم يستطع فما الحكم..؟
وإذا رمى الجمرات الثلاث بعد شروق الشمس وقبل الزوال فما الحكم...؟
وإذا رمي الجمرات وهو مستعد للذهاب إلى مكة وغربت عليه الشمس وهو بمنى هل يلزمه المبيت...؟
ومن سهى أو نسي عن ركعتي الطواف وتذكرها في بيته أو مخيمه أو ببلده فما الحكم..؟
ومن ترك واجباً , فهل يشمله قول ابن عباس رضي الله عنهما : " من نسي من نسكه شيئا أو تركه فليهرق دماً ".؟
وما هو ضابط المشقة وهل هي مشقة عادة أم هي خارجة عن المعتاد.؟
وهل الأحكام تدور على علتها وجوداً وعدماً...
أسئلة محيرة تواردت أثناء أدائي النسك تنمُ عما عانيته وعاناه كثيراً من الحجاج.. تحتاج إلى فقه الواقع...
رأيت فتوى لشيخنا ابن باز – رحمه الله - بأنه لا يحل للمسلم إلا أن يبيت بمنى ورأيت أنه - رحمه الله - في سنة من السنين قال يسقط الوجوب بالمبيت بمنى..
نحتاج إلى علماء وفقهاء يحاولون أن ينبهوا الشارع المسلم إلى هذه الأحكام وخاصة إذا علمنا أن الدين يسر وسهل وأن التعنت لا يأتي إلا بما يرهق المسلم وقد يدعوه التكاسل عما يستطيعه..
كنت في هذه السنة مع مفتي الديار السعودية - حفظه الله - ومعه بعض علماء هذه البلاد الكبار الذين يشار إليهم بالبنان ، وعندما أخبرته بما يجول به خاطري حول هذه الأسئلة.؟، قال أخي الفاضل يجب علينا قراءة فقه الواقع وتعريف الناس بمقاصد التشريع وقال علينا بأخذ أقوال الفقهاء الآخرين وكلهم فيهم خير وهم علماء لا نستطيع مجاراتهم فيسروا يامشايخ على عباد الله...
كلماته أنارت لي الطريق بالشيء الكثير... في قراءة أمور الحج بتروٍ وبصيرة ومن هم الذين يحق لهم الفتوى.. ومن هو الفقيه الورع الذي يخاف الله عز وجل في أمور حجاج بيت الله
أخواني يجب علينا أن نفرق بين الداعية والقارئ والعالم والفقيه والعلماء المتخصصين بالإنترنت ونحوهم ويجب علينا أن نعرف من أين نأخذ مصادر الفتوى والأحكام.
قد تكون هناك فتوى مكتوبة ولكنها نقضت من نفس العالم أو من غيره من العلماء حسب فقه الواقع...
أسئلة كثيرة دارت في فلك فكري وأنا أرى الحجاج يمنة ويسرة وهم في حرج شديد في الإتيان بالواجب والحرص على فعل السنن بل وربطها بالواجبات..
إن أمر المقاصد الشرعية أمر في غاية الأهمية بالنسبة لحملة العلم الشرعي والمتفقهين في كتاب الله والسنة من المبتدئين أو المجتهدين ، إذ أنها كالبوصلة التي تحدد للمسافر صحة اتجاهه من عدمه.
وما مثل من يتصدى لأمر الإفتاء والدعوة والتوجيه من غير إلمام بمقاصد الشرع ولا لمعرفة حقيقية بالواقع إلا كمثل من يبحث عن الثمرة في غير شجرتها ، أو يحاول استنبات البذرة في غير بيئتها ومكانها المناسب الذي لا تنمو وتنتج إلا فيه.. هذا الأمر الذي جعلني أفكر ملياً في تأليف بحث يختص بأمور الحج حسب مقاصد الشريعة وفقه الواقع الذي نعيشه والأخذ بأقوال العلماء..
ودمتم

عبدالله الوهابي
26-12-2007, 03:06 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
مجموعة من الأكواب المتحررة من العراوي ، وطاولة من الخشب تتباين أحجامها ، وتمسى ( كرويتة ) مرفقة بطاولة أخرى طويلة هي الكري الواحد المشبع بحميمة لجلوس الزبائن ، مع آخر انسحابات السحر ، حيث الآذان الأول يبدد غبش الفجر ،
تمتد الأيدي اللبنة الصغيرة ، نحو المواقد ( دوافير ، وطباخات تعمل بالقاز ، وأنابيب غاز أسطوانية صغيرة ، زرقاء " لست أعرف حقيقة لم كانت زرقاء " ) تسرب المواقد حرارتها إلى الأجساد الغضة ، تدفئها ما يشبه برداً لطيفاً ، وتسخن ماء وضع في صفائح من الزنك ، هي عبارة عن براميل متفاوتة الأحجام أيضاً.
وبينما الفتيان مستغرقون في ترتيب ( عدة الشغل والبسطة ).. بدءاً برش قطرات من الماء لاعتقال ما قد يثار من غبار ،وترطيب المكان حين تتعانق أبخرة الماء المغلي مع نسمات الصباح الباكر ، ورائحة البخور ، ومد قطع النايلون على كرويتة البسطة وكرويتة الجلوس ، رص الأكواب ، ونصب علب الشاي والسكر والحليب والشاهي وحبات ( الصامولي ) وأطباق البيض المسلوق ثم متابعة أفواج الحجيج وهي تتقاطر من الدور ، تمشي بتؤدة ووقار صوب الحرم لتؤدي صلاة الفجر ولا أروع.
يكتفي الفتيان بأدائها في المساجد القريبة ، حيث مكة كلها تتحول إلى مهرجان بديع ، في لحظة فرح قصوى.
إنه الموسم حيث الهويات تذوب في قصعة من الحب والإخاء ، يتنافس الفتيان تأكيد الجدارة وصقل القدرات مبكراً ، فلا يتردد الأولون في إطلاق عبارة ( واد مدقدق ).. إذ تتيح له تجربة العمل في الحج بدءاً من البسطة الصغيرة التي يبدأ في التعود عليها منذ سن العاشرة تقريباً ، الاحتكاك بكل الأعراق ، والتواصل مع ثقافات متعددة ، ما يوفر له فرصة معرفة لغات الشعوب الإسلامية ، فتجد الفتى المكي ملماً إلى حد كبير بلغات أهل جاوه وهو المختصر لشعوب إندونيسيا وماليزيا وبقية مسلمي الشرق الآسيوي مروراً بلغات مسلمي الجنوب الأسيوي ما بين أوردو ومليباري ولغات أفريقية أشهرها وأسهلها لغة قبائل الهوسا ، ولغات تركية وفارسية ، ناهيك عن المتعة التي كنا نجدها ونحن نتبارى في إتقان اللهجات العربية ما بين عراقية ومغاربة وكويتية وهكذا...
تسلية وترفيه ، وتدريب ، وانفتاح على هويات وثقافات للشعوب ، وكلها أسباب تكفل تميزاً لا تخطئه العين لفتيان مكة ، الذين ما أن يشبوا حتى يغادروا ( بسطة الحليب والشاهي ) إلى أعمال أكثر تعقيداً ، وتتطلب نضجاً ودراية أهلتهم لها البسطة مثل الجزارة والطوافة ومقاولات الطباخة ، ونصب الخيام وقيادة الحافلات والإرشاد... وتلك صفحات لا بد أن نفتحها يوماً ما ، لينسكب ضوء منها ، مفردات أعمال ( سياحية ) بحتة ، لها بعدها الروحي والديني من منطلق خدمة الحاج ، والتكسب ، ففي الحج منافع ومدارس وتلبية احتياجات وأسلوب حياة.
لا بد أن أشير إلى تلك ( الكرويتة ) غالباً ما تكون من صنع الفتيان أنفسهم.. وقطعة الشاش تلك التي تمسحها ، مرت عليها أصابع الأمهات الرحيمات الرائعات فأبقتها رطبة طازجة طيلة النهار.. فيا له من وقت كان مدهشاً.
لكن الآن جموع الحجيج تغادر صلاة الفجر ، وأهازيج الفتية تتعالى مرحبة بهم ، تدوي في سماء مكة ، أناشيد عذوبة ما تزال ترن في خاطري ، كانت لبسطة الحليب والشاهي متعة أكبر من الكتابة...

عبدالله الوهابي
12-01-2008, 11:05 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

نعم إننا لا نريد أن ننسلخ من جلدنا في ثقافتنا وفي سياستنا وفي حريتنا وفي تعليمنا..
إننا نعلم أننا أمة سادة على كل الأمم ، بمبدأ وتعاونوا على البر والتقوى..
وبقول النبي صلى الله عليه وسلم : " يد الله مع الجماعة " والحديث بصحيح الجامع.
نعم نحن بالجمع نشأنا ، وفي وسط القبائل كنا وما زلنا ، حيث تمحو روح الجماعة وحب القبيلة وظهور الذات وتتسامى حقوق الذات لسمو حقوق الوطن ، ما كنا فرادى ولا اشتات إلا إننا عندما نتبع أذيال الغرب وننادي بحرية الفرد في اتخاذ القرار ، وننادي بحرية الفرد في المطالبة بحقوقه التي تنسلخ.
ونحن قوم جُبلنا بفطرتنا ، بصحرائنا ، بتربيتنا التي تربطنا بأقوامنا.. نعم جبلنا على الجماعة لا على الذاتية.
عندما تكون هناك نخوة أو....... ، تحتاج إلى المساندة.
تجدنا زرافات.. زرافات للوقوف إلى صف من يحتاج دون حاجة لإقناع أو التفسير أو أخذ توقيعات وأوراق ؛ هذه نادراً إن وجدتها في الغرب.
لأن الفرق بيننا وبينهم القوة والدهاء والاحترام ، والجبن والخوف من جهة أخرى..
شعرات بيننا وبينهم يحاولون أن يسخلونا من قوتنا.. ووحدتنا.. وإقدامنا.. بروح الجماعة التي جبلنا الله عليها ، ويلبسون الجبن والخوف بالنظرة إلى الذاتية وحقوق الفرد...

عبدالله الوهابي
19-01-2008, 05:48 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

تعيش أمتنا العربية بصفة عامة ومجتمعنا على وجه الخصوص معاناة عوالق عصر التغريب ، ولقد تجلت هذه المعاناة عبر القنوات الإبداعية المختلفة نتيجة تأثرها سلباً بفلسفات الثقافات الأخرى ، انسياق فتبعية ، تفرد فتشتت ، انقسام فانقطاع ، انهزامية فانفصال ، استنساخ فانسلاخ ، إنها تداعيات فرضت نفسها على واقعنا التشكيلي نتيجة لافتقاد الوعي.
هذا هو الحال الذي آلت إليه الساحة الإبداعية والفكرية بصفة عامة والتشكيلية بصفة خاصة نتيجة عدة عوامل والتي من أهمها ضمائرنا... المنفصلة الغائبة والمتكلمة والمخاطبة التي طالما كانت شماعات ذات جودة عالية لتعليق أخطائنا عليها مما خلق ازدواجية لغوية وصلت لحد الاستفحال والخطورة ، وهو مؤشر يشير لحالة من الاغتراب الذي تعانيه لغتنا التشكيلية ، فالغموض أخذ موطن الوضوح ، والتحرر حل موضوع الجدود ، وتشابك الأطر وتناحرها قد غيب التوحد في الرؤى والتصورات ، الأمر الذي يستوجب اتخاذ استرتيجية جديدة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه حفاظاً على الهوية والخصوصية.
قد يتشدق البعض منا.. بقوله أن قوى الاستعمار قد فشلت في جميع مخططاتها الاستعمارية ويستشهدون بطرد تلك القوى.. من دولهم ونيلهم الاستقلال والحرية فذا كان القول قد يحالفه الصواب في جانب ، فإن جانبه الآخر يبرز لنا الكثير من المغالطات ، وكي نواجه هذه الحقيقة لا بد من معايشة واقعنا بصدق وشجاعة ولتكن البداية الإجابة على التساؤلات التالية :
- ماهي المخلفات التي تركها الاستعمار في تلك الدول ( فكر... ثقافة... فلسفة... مبادئ... اتجاهات..)؟
- ما هو الدور الذي قامت به تلك الدول لحرق تلك المخلفات..؟
فإذا كانت هذه الإفرازات الاستعمارية ما زالت تمارس نشاطها بكل حيوية ونشاط فكيف يتسنى لنا القول بأننا قد تحررنا وحققنا الاستقلالية الفكرية والثقافية على وجه العموم؟ ألا يرى هؤلاء معي أن تشدقهم.. فيه شيء من المغالطات للحقائق والواقع؟
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى أحب أن أحذر من أن هذه المعاناة تعد الخطر القادم.. من خارج الحدود خاصة وأن مجتمعنا قد كرمه الله ولم تنل منه قوى الاستعمار ما نالته من الدول المستعمرة.
وهذا لا يعني أننا كمجتمع لم نتأثر بإفرازات تلك القوى ، وكيف لا ؟ونحن جزء لا يتجزأ من هذا العالم بصفة عامة والوطن العربي على وجه الخصوص إضافة إلى أننا نعيش عصر الفضائيات إلا أن ذلك التأثير جاء نسبياً وبشكل متفاوت حسب المناخ والزمان والمكان وفي نفس الوقت فإن هذا الوضع لم يستحسنه الغير.. مستغلين حالة الانفتاح الثقافي المزدهر الذي نعيشه من خلال برامج ومخططات عدائية تشرف عليها مؤسسات خاصة ( مؤسسة صناعة النجوم ) المتبنية لتوجهات فكرية وثقافية منافي.. لتبني المواهب الإبداعية من شباب هذا المجتمع.. لشيء في نفس يعقوب..
إنه أسلوب لغرس العملاء.. لهدم المبادئ .. وتغيير التوجهات.. أسلوب رخيص ومكشوف… إنه الخطر القادم.. الذي يستوجب التحرك السريع لبناء إستراتيجية جديدة للحفاظ على توجهات المواهب الإبداعية ولتعلم المواهب.. إننا لسنا بحاجة للمرور من خلال بوابة الثنائيات المتضادة ، لنيل الاعتراف بنا كمبدعين ، كيلا نعطي للطرف الآخر فرصة للهيمنة.. قال تعالى : (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ )
فالتبعية لا تكون إلا في الحق وقوله تعالى هو الحق.. إنها الحقيقة الغائبة التي نبحث عنها لكسر حاجز الهيمنة والعولمة الغربية وكل ما نحتاجه لتحقيق خصوصية ذاتنا فكرياً وثقافياً هو صحوة فكرية صحيحة دون ريب لنتلخص من براثن الانهزامية الداخلية التي ما زلنا نتجرع مرارتها لنكون فعلاً شامخاً كما يجب أن نكون.

.

عبدالله الوهابي
03-02-2008, 01:19 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

حين اختلط العرب مع غيرهم من الأعاجم ، وحين اتسعت الفتوح ظهر اللحن فألفه البعض واستلطفه الشعراء من الجواري والغلمان وأدرجوه في شعرهم وتسربت الكلمات الأجنبية وتفشت صيغ غير عربية وتراكيب غير نحوية وأساليب غير فصيحة الأمر الذي أرهب حماة العربية وحملهم على الوقوف في وجه هذا الطوفان واستمر الصراع على أشده بين العامية والفصيح ، صراع استعمال لا صراع جدل حول المشروعية كما هو عندنا اليوم ، إذا الناس مجمعون على خطورة الفساد اللغوي ولم نعهد لأحد من علمائنا الأوائل موقفاً مناصراً للحن والعامية وكانت الغلبة لعامية غلبة استعمال لا غلبة درس ولا تأييد كما هو عندنا اليوم..!! ، وعبر العصور الإسلامية كانت العامية تستعمل في المحادثة الشفاهية وفي بعض الكتابات التي لا يعرف مؤلفوها وبخاصة في السير الشعبية كألف ليلة وليلة والزير سالم... وما شابهها ولكن أحد من العلماء أو الأدباء لم ينهض للدفاع عن العامية أو الدعوة إليها أو الاشتغال بها ولم تعقد لها الدروس ولا الدراسات ولا المسابقات بالمبالغ وبمسميات..الخ ،ومن الحركات المشبوهة منح هذه المؤلفات الشعبية مشروعية المرجعية والانطلاق منها في الدراسات واستحضارها كمصدر من مصادر الثقافة وبخاصة عند الحداثيين وما هي بشيء لا في لغتها ولا في أفكارها ولا في مصداقية موضوعاتها.
وما كان أحد من علمائنا الجادين من يأبه بتلك المؤلفات الشعبية.
وما كان منهم من يفرط برقته في قراءة مثل هذه الحكايات الخرافية والأساطير وما كان منهم من يحفل بالعامية فضلاً عن تفعيلها.
أما اليوم فإننا نسمع ونشاهد من يجند نفسه للدفاع عن العامية.
وإثارة النعرات والمطالبة بتدريسها وتدريس الإبداع فيها ودراسته واستخدام آليات النحو والصرف والبلاغة والعروض لتفكيك هذه النصوص ووضع اعتبار لهذه المؤلفات الشعبية وما فيها من حكايات خرافية ، وحجة أولئك أن الغرب اهتم بهذه الظواهر وجند لدراستها المستشرقين والعلماء وجهزت لها المعامل الصوتية وأنشئت لها مراكز المعلومات وطاف المستشرقون في البوادي والقرى يخالطون الأعراب والعامة ويسجلون لهجاتهم ومستويات أصواتهم وتحولات الدلالة عندهم وتعدد الصيغ ثم يمضون إلى بدهم ومعاملهم لتحليلها وإصدار النتائج عبر مؤلفات تطير في الأفاق
وإذ يفعل الغرب ذلك في لهجاتنا وعاداتنا وتراثنا الإقليمي المعاصر وتاريخنا الإقليمي الحديث فانا أحق بهذا المجد منهم ، والمبهورون بهذا الاهتمام يقولون : نحن أولى من أولئك بالدرس والتحليل والرصد ، وفاتهم أن عناية الآخر بظواهرنا ليس متبطاً بأهميتها الذاتية وعائدها الإيجابي ، وإنما حاجتهم العلمية والاستعمارية وهيمنتهم وتحفزهم إلى معرفة العادات والتقاليد واللهجات وأدق الأشياء القائمة لكي نكون تحت مجاهرهم بكل تفاصيلنا ، وهذه الممارسة جزء من علم ( الانثروبلوجيا ) الذي أنشأه الأمريكان واستخدمه البريطانيون كمداخل للاستعمار أو ربما جاء فعلهم هذا لحرصهم على عزلنا عن لغتنا وتراثنا المجيد وشغلنا بتراثنا الإقليمي ولهجاتنا المحلية لتشتيت اهتماماتنا وخلق بؤر توتر تديم تناحرنا.
والمستعمر الماكر يرى أننا أبناء حاضرنا أما نحن فنرى أننا أبناء تاريخنا ، ولهذا جد في فهمنا على ما نحن عليه من عامية وجهل وبُعد عن مقتضيات الإسلام.
وإننا أمة لها حضارة ولها تاريخ ومن مصلحتهم أن يعرفوا مكامن القوة وظواهر الضعف فينا وإذ نتفق جميعاً على أن العامية من ظواهر الضعف فينا وإذا نتفق جميعاً على أن العامية من ظواهر الضعف والتفكك فمن الخير لنا أن نحاصر هذه الظواهر وألا نسعى لإشاعتها وتكريسها والتخطي بها من المشافهة والعامة إلى التدوين والنخب وألا يكون الغرب قبلتنا فيما نأتي ونذر ونحج إليه ونحتج به ، وكأن الله لم يخلق لنا عقولاً تفكر ولا أيدي تعمل لننظر إلى مكر الاستعمار..
ألم يجتهد في إقناعنا بأهمية العامية؟
ألم ينهض بالدعوة إليها؟
ألم يؤلف لنا من خلالها؟
ثم أليس هذا الشعر الذي ملأ صحفنا واذاعاتنا ومؤسساتنا يقال بالعامية أن العامية لا تكون سيارة نركبها ولا منزلاً نسكن فيه ولا مالاً ندخره إنها كلمات وتراكيب تستعملها.
والشعر العامي لون من ألوان الاستعمال العامي ومن ثم فهو جزء من الدعوة إليها.
إنها دعاوى وهمية لا تثبت للتجريب ولا تصمد للامتحان ولا تستهوي إلا السذج والمتعالمين الذين يبحثون عن مفحص قطاة في دوائر الأضواء . وجناية الاكادميين الذين يتملقون العامة ويرضونهم بمخالفة الحق أشد نكاية وبخاصة حين يكون لمثل هؤلاء صوت مسموع وحضور إعلامي.

عبدالله الوهابي
23-02-2008, 09:46 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السرطان.. الكولِسترول.. انسداد الشرايين.. السمنة.. مفردات بالرغم من شناعتها أصبحنا نألفها لكثرة ترددها في مجالسنا فما أن يتم التحلق حول مائدتنا والشروع في الأكل إلا ويسرد كل من الحاضرين أضرار هذا الصنف وفوائد ذاك ويؤكد مقولته بدراسات أجريت في بريطانيا وتجارب أجريت في بريطانيا وتجارب أجريت في أمريكا على عينات من المجتمع..
كلام كثير وموضوع مثير أصبح مصدراً من المصادر الأساسية التي نتكلم عنها اليوم.. وذلك لا يستغرب ولا يستنكر لورود الأثر الناتج عياناً وبياناً أمام أعيننا في أطفالنا وفي شبابنا.. في شيوخنا..
وما أن تدخل المستشفى لقسم الباطنية إلا وتجد ذلك الطفل يعاني من نزلة معوية وإذا سئل عن عشائه ليلة أمس أجاب من المطعم وقبل أمس كذلك وكثير من حوله من الأطفال ممن هم من نفس حالته دخول من هذا القسم وخروج ، تعددت الأحوال والسبب واحد.
وما أن تدخل قسم العظام ألا ترى ما لم تتوقع .. كسر في الساق.. كسر في الفخذ.. في الساعد..الخ والجواب يكون عندما تسأل جميع هؤلاء عن غذائهم تجدهم قد استبدلوا شرب الحليب بالمشروبات الغازية.. صباحاً.. مساءً وإذا دخلت قسم الأسنان ومنا لم يدخله.. نجد السبب ما نتناوله من سكريات طوال اليوم..
كل هذه العلل وهذه الأمراض وكثرة زبائن المستشفيات بسبب غذائنا الذي لا يشكل الصحي منه إلا أقل من الربع.. الصحة هي آخر ما نفكر فيه عندما نتناول الطعام.. فلا تنوع فيه ولا مراعاة لما سيتعقبه من أضرار وليس الأمر يقتصر على تناول الطعام.. فلا تتنوع فيه ولا مراعاة لما سيتعقبه من أضرار وليس الأمر يقتصر على تناول الطعام وعدم التنسيق بينه وبين الأعمال اليومية ومما يزيد الأمر خطورة والطين بله.. قلة الحركة وعدم الاهتمام بالرياضة ، ولا نراعي أوقات الأكل والنوم..
أخيراً.. صحتك أيها الإنسان في غذائك فاحرص عليه وتناوله من الطبيعة لا من الأكياس والعلب لتكون قادراً على الإنتاج فماذا يرجي من عليل كسول خمول..!!؟ ولتكن عضواً سليماً في المجتمع بالتالي تحقيق سلامة المجتمع من الأمراض والآفات.

عبدالله الوهابي
25-02-2008, 04:17 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

لقد عشت كغيري حين يشتغل قلبي مع الأنين يكون قد توقف حينها ولا أدري كم يستهلك من الساعات في اليوم والليلة.. فقط نبضات متقطعة محتارة..
هل ينبض أم يرتاح.. نعم ربما يفضل الراحة ولو لدقائق قليلة.. ولكنه يأبى الإنكسار والذل والهوان... لمجرد أنه قلب بحجم قبضة اليد.. لا بد عليه التحمل والصبر..
إلى متى ستتحمل هذه المضغة الصغيرة في صدري المثقل بالهموم إلى متى سيبقى ينبض بالآلام والأحزان.. إلى متى سيظل يكافح ويعاني لأعيش أنا ( بداخله دون أن أشعر أنه بداخلي..
لن أنتظر منك يا قلبي المجروح أية مساعدة.. لأني سأرسم بداخلك حلماً جميلاً يزيل كل وحشة الآلام.. وسأمحو جروحك التي بداخلي لنرتاح منها.. وتعال يا قلبي المسكين لنسلك طريق السعادة والأمل.. سأزرع فيك نبتة المحبة وسأسقيها بالخير والحب وسأنثر فوق عروقك الصغيرة رشة من الفل والرياحين... أتدري لماذا؟
لتعيش راضياً سعيداً هاجراً الهموم والآلام المحرقة مسافراً من مواطن الذل والانكسار ، أريدك قلباً شامخاً لا تصله القلوب الصغيرة ، أزل منك يا قلب كل الصفحات الدنيئة... أزل الحقد.. والكراهية.. أزل الكره والحسد.. أزل كل معاني الشر من داخلك.. أزلها لتعيش صافياً كالؤلؤ.. ولا تستضيف إلا المحبة والإخلاص لكل من حولك ولو جفوك بقسوة.
ولا تنسَ يا قلب أن الله مطلع عليك دائماً..
فأحفظه في داخلك واعتصم به وتفاءل بنصره القريب إن شاء الله..
وتذكر أن هناك جسداً متفائلاً ستعيش بداخله.. ويريد منك الصدق والإخلاص والوفاء والأهم من هذا ( الحب )...
بل سأبقى أنا بداخلك يا قلب لننبض بالمحبة سواء..

عبدالله الوهابي
13-03-2008, 12:35 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

لم ينشغل المواطن في السابق قط بالأمور الاقتصادية والمالية مثل انشغاله بها هذه الأيام ، والسبب بسيط هو أن الإجراءات المالية والاقتصادية الحالية ، وعليه يقع عبء الأخطاء والتناقضات فيها. فكثير من المواطنين دخل سوق الأسهم ليس بقصد الطمع لربح فائض كما يقال : وإنما سعياً لتحسين وضعه المالي ، دخلوا بحثاً عن حياة طيبة ، فخرجوا مفلسين بائسين.
والمواطن العادي هو من يتحمل وطأة التضخم مهما كان سببه ، جنسه ، أو نوعه.
ولو أردنا أن نحسب التضخم بطريقة مختلفة تعتمد في حسبتها على أثره على حياة المواطن ، لاستطعنا القول بأن التضخم يزداد تفاقماً وقسوة كلما قل دخل المواطن ، وقد تكون نسبته لبعض الدخول المنخفضة جداً ستين وسبعين في المائة ، فالغلاء يأكل الفقراء وقد يسعد بعض التجار والأغنياء لأنه يميزهم عن غيرهم في المجتمع.
خادم الحرمين أمر بالإصلاح والشفافية ، وطلب من جميع المسئولين أن يضعوا المواطن العادي نصب أعينهم ومحط اهتمامهم ، أي أن يحترم هؤلاء المواطن ومن حق المواطن أن يعرف لماذا الوضع كما هو؟ فإذا كان تدهور الدولار هو سبب ارتفاع الأسعار ، أو أن ذلك بسبب جشع التجار ، أو قدر من الله لا حول ولا قوة فيه ، فللمواطن الحق أن يعرف ذلك ، وإن كان لا يفهم ، فيجب أن يوضح له ذلك.
لكن المواطن لا يكاد يعرف أهداف الخطوط العريضة للسياسات الاقتصادية في بلاده إلا عندما ينطق بعض المسئولين على هامش " دافوس " أو " لندن " أو " دبي " أي عندما تتم مخاطبة البدل والكرفتات ، في قاعة تمتلئ بالخواجات ، يستعرض فيها بعض المسئولين قدرتهم على الكلام باللغة الانجليزية في شرح سياسات داخلية لا يكلفون أنفسهم بشرحها لمواطنين.
لمن الشفافية المطلوبة إذاً؟ أليست للمواطن؟
ولماذا يخرج المسئول نادراً على المواطنين لا ليواسيهم في محنهم ، ويحسسهم أنه متعاطف معهم؟ ولا يكلف نفسه تبسيط الأمور لهم ، بل ليخاطبهم بتعالٍ ، وكأنهم يجب أن يحاجّوا أو يقرعوا؟
حقيقة يعجب الكاتب لإغلاق جلسة مجلس الشورى التي تم التطرق فيها للشئون المالية والاقتصادية على المواطنين؟ ولا نعرف من أصر على سرية الجلسة؟ فهناك وزراء مثلوا أمام المجلس وأبلوا بلاءً رائعاً أمام الجميع في جلسات علنية.
والمواطن واعي ومدرك وهو شريك في السراء والضراء ، وإذا وإذا كان بحث الأمور المتعلقة بأمور معيشة المواطن يتم في سرية عنه ، وهي أمور ليست أمنية أو سرية ، فمتى تكون جلسات المجلس علنية؟ عند ما يبحث المجلس توقيع معاهدة صداقة مع الجابون؟ أو توحيد مواصفات قطع الغيار؟
وما الجديد والابتكاري في هذه السياسات الاقتصادية ليتم التكتم عليها؟
فجلسات تغلق عادة عند بحث أمور شخصية أو استخبارتية ، أو أسرار عسكرية.
أما أمور تهم المواطن ، وتهم معيشته فهي مطلب الشفافية ، وإلا ما قيمة الشفافية؟ ثم كيف لأعضاء مجلس الشورى أن يطلعوا على أمور لا يتمكن المواطن من الاطلاع عليها ، أليسوا هم من يمثل المواطن في المجلس، أليس الأحرى بهم أن يدعوا مواطنين يمثلونهم ليلتمسوا حاجاتهم ، ويطرحوا تساؤلاتهم نيابة عنهم؟ أليس ذلك ما أمر به ولي الأمر الذي اختار من بيننا أفضل من يمثلنا؟ هل علينا أن ننتظر لدافوس قادم ، لنعرف ما جرى في الرياض؟
وإلى لقاء إن شاء الله
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته