المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ازمات الشباب


عبيدي الدمام/ابوزياد
01-02-2005, 03:10 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أزمات الشباب

مقدمة



إن الحمد لله نحمده ونستعين به، ونستغفره ونتوب اليه من جميع ذنوبنا، ونعوذ به تعالى من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.



وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة تنجينا من عذاب أليم { يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم}.



وأشهد أن محمد عبده ورسوله، ورحمته الى العالمين، جاء بالهدى ودين الحق، بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة، فبلّغ الرسالة وأدّى الأمانة، ونصح لأمته في حاضرها ومستقبلها، وجاهد في الله حق جهاده، فمن أطاع الله ورسوله فقد اهتدى، ومن يعص الله ورسوله فقد ضلّ وغوى.



أن "مرحلة الشباب" من حياة الانسان، هي المرحلة الأخطر والأدق، باعتبارها بداية التكليف الشرعي، ونشوة العمر وجدّته، ولهذا اهتم المصلحون بالشباب، لرعاية شؤونهم، وتوجيه سلوكهم، وتقويم إنحرافهم، ووقاية أخلاقهم، ليغيشوا حياة سعيدة مستقرّة، ويكونوا سعداء صالحين.



ولا شك أيضا في: أن الشباب في عصرنا، مهملون مضيّعون.. مغشوشون مضللون.. تتخطفهم العقائد الفاشلة.. وتتجاذبهم التيارات الفاسدة.. لا موجّه يوجههم نحو هدف شريف.. ولا قائد لهم يقودهم صوب غاية حميدة.. ولا حاكم يعطيهم جهده واهتمامه، وعطفه وحنانه.. فلذلك: هم في ضياع.. وفراغ .. وصراع.. لا تمتدّ لنجدتهم يد.. ولا يوضع لمأساتهم حد.. ولا تعالج أزماتهم بالجدّ.



تجاه هذا الواقع السيئ لشبابنا.. رأيت من واجبي نحوهم، وهم أبنائي وإخوتي، أن أساعدهم بالنصيحة والرأي، وأعاونهم بالمشورة والتوجيه، فأبيّن لهم أخطر ما يعانون من أزمات ومتاعب، وأعرّفهم على أسبابها.. ومصادرها.. والمسؤول عنها.. وطرق حلها، والخروج منها، والتغلب عليها..



هذا: مع العلم بأن الشباب ليسوا وحدهم الذين يعانون من " الأزمات"، بل إن أزماتهم جزء وبعض من أزمات المجتمع كله، والأزمات في مجتمعنا كثيرة.. ويا للأسف.. والعلاج قليل..



وربما قد يسأل سائل: لماذا ركزتم على "الشباب" من بين طبقات المجتمع؟؟.. ولماذا لا يصب الاهتمام على مرحلة "الطفولة والصبا"، باعتبارها المرحلة التأسيسية الخطيرة في حياة الإنسان؟..



وعن هذا السؤال نجيب: بأننا لا ننكر أهمية مرحلة "الطفولة" في حياة الإنسان، فهي ولا شك المرحلة الأهم، باعتبارها مرحلة الغرس والزرع والتلقين، و "الطفل" يكون فيها كالعجينة اللينة في يد العجّان.. يشكلها فتتشكل، ويعركها فتنعرك.. بلا معاندة ولا معارضة.. فهو يصدّق كل ما يسمع.. ويلقّن العقائد والأفكار والعادات.. فيقبل.. إنه يثق بوالديه ثقة مطلقة.. إذ هو يراهما الصدق كله.. والشجاعة والشهامة والأمانة.. فلا يخطر على باله أنهما قد يلقنانه الضلال، أو يعلمانه الفسوق والعصيان.. أو يكذبان عليه ويغشّانه.. فلذلك هو يأخذ عنهما ويقلدهما من دون تردد، وبلا تحفّظ.. فلو أنهما عوّداه عبادة الخنزير.. لعبده.. ولا عجب في ذلك.. فقد جاء في الحديث الشريف، فيما رواه البخاري ومسلم وغيرهما بألفاظ متعددة، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من يولد يولد على الفطرة، فأبواه يهوّدانه.. أو ينصّرانه.. كما تنتجون البهيمة، هل تجدون فيها من جدعاء حتى تكونوا أنتم تجدعونها؟"، والجدعاء هي مقطوعة الأذن.



فالطفل حين يبلغ سن التكليف، يأخذ.. ويتلقى.. ويقلد.. ويصدٌق أي شيء.. ولو من الخرافات والأساطير.. فهو إن نشأ مؤمنا، فإيمانه بإيمان أبويه، أو أحدهما، المعزز لفطرته السليمة، وإن نشأ كافرا، فكفره من كفر أبويه اللذين علماه الكفر، وربيّاه عليه، ولكنه لا يبني شيئا من ذلك على قناعة شخصية، ولا على برهان أو دليل مستقل، وهو في هذه المرحلة، غير مطالب بذلك، حتى يصبح مكلفا.



والطفل بسسب واقعه هذا، ليس مسؤولا عن أعماله وتصرفاته، ولا هو مؤاخذ بها، حتى يبلغ سن التكليف، فعندها يصبح مؤاخذا، يثاب ويعاقب، فقد روي الإمام أحمد وأبو داود وغيرهما، عن عدد من الصحابة، رضوان الله عليهمن عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن القلم قد رفع عن ثلاثة هم: المجنون حتى يبرأ، والنائم حتى يستيقط، والصبي حتى يحتلم.



إن عدم المؤاخذة الشرعية على الطفل في هذه المرحلة، لا يعني أنّ الإنحراف الذي يتعوّده في العقيدة والسلوك لا يضرّه، ولا يؤثّر عليه في المراحل التالية من حياته.. بل إن تلك الإنحرافات، ستنتقل مع الطفل الى مرحلة الشباب، التي هي أولى مراحل التكليف الشرعي، فيصير فيها مكلفا مسؤولا عن أعماله وأقواله، ومؤاخذا بها، فيثاب على الطاعة، ويحمل وزر المعصية.. وعندها سيعاني الشاب من نتائج أخطاء الأبوين والموجهين، الذين أشرفوا عليه في مرحلة "الطفولة"، وسيكون نجاحه أو فشله مرتبطا برغبته وقدرته على ترك ذلك السوء الذي ورّثوه إيّاه..



ومع ذلك: فنحن لم نركّز في هذه الرسائل على مرحلة "الطفولة"، لأنه لا سلطة لنا على فكر الطفل بحال، فهو واقع بالكلية تحت إشراف وليّ أمره.. يفعل به ما يشاء.. فهو لا يحسن القراءة والفهم.. لنكتب له ونحرّك مداركه.. فل1لك رصدنا له الطريق في المرحلة التالية من حياته.. "مرحلة الشباب".. حيث يكون قادرا على الفهم.. متهيئا ومستعدا لمناقشة الأمور.. فكتبنا للشاب هذه الرسائل ، لنساعده على التخلص من شوائب الطفولة.. وعلى الخروج من " أزمات الشباب".. آملين في أن تكون هذه المقالات بإذن الله عز وجل، مرشدا للشباب في حياتهم، ودليلا لهم الى الحق والصواب، وأن يكونوا من أولئك الشباب الناشئين في عبادة الله تعالى وعلى طاعته، الذين يظلهم الله في ظله يوم القيامة، يوم لا ظل إلا ظله.. الحديث.

وللحديث بقية .....

عبيدي الدمام/ابوزياد
01-02-2005, 03:12 AM
أزمات الشباب



الشباب


1- أي "الشباب" نعني؟

2- دور "الشباب" في المجتمع.



1- أي الشباب نعني؟





ونحن في مقالاتنا هذه، سنركز الاهتمام على القسم الأول منها الذي يبدأ من سن " الخامسة عشرة"، حيث يكون الشاب والشابة في سن المراهقة، التي هي أخطر فترة في حياة الإنسان، وذلك لأن "الشاب" في هذه الفترة يكون إندفاعه قويا، ويتـأثر سريعا بما يقرأ أو يسمع أو يشاهد، ولهذا كانت أزمات "الشباب" في هذه الفترة أكثر وأخطر.



إننا نريد أن نرافق "الشاب" ـ ذكرا كان أو أنثى ـ منذ بداية بلوغه سنّ التكليف، متتبعين أحواله، مراقبين نموّه وتطوره، الجسدي والفكري والسلوكي، لنرشده وننصحه، لئلا يقع فريسة في أيدي الفاسدين، ولكي ينمو بفكره وجسده معا، نموا سليما صحيحا، يكون به إنسانا مثاليا، وفردا من أفراد المجتمع.



2- دور الشباب في المجتمع



إن "الشباب" هم: أساس المجتمع البشري، فإن صلحوا صلح المجتمعن وإن فسدوا كان المجتمع فاسدا، و"الشباب" غرس نما.. وأزهر.. وبدت تباشير ثماره.. وهم سيكونون القادة.. والحاكمون.. والضباط.. وكبار الموظفين.. والتجار، ورجال الأعمال.. والأساتذة والعلماء.. إلخ. فهلا أحسن توجيههم؟؟..



إن "الشباب" درر المجتمع، وجواهره الثمينة، وهم أكثر فئات المجتمع حبا للتضحية ولو بالنفس.. ولذلك كانت كلّ جيوش العالم من "الشباب"، وقامت "الثورات" بهم وعلى سواعدهم.

وهم أكثر أتباع المرسلين عليهم الصلاة والسلام، كما قال الحافظ إبن كثير في تفسير آيات " أصحاب الكهف": {فذكر تعالى أنهم {فتية} وهم:" الشباب"، وهم أقبل للحق، وأهدى للسبيل من الشيوخ، الذين عتو في دين الباطل، ولهذا كان أكثر المستجيبين لله ولرسوله شبابا، وأما المشايخ من قريش، فعامّتهم بقوا على دينهم، ولم يسلم منهم إلا القليل، وهكذا أخبر تعالى عن " أصحاب الكهف": أنهم كانوا فتية شبابا]، فقال تعالى:{ إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى}.



و"الشباب" هم: ناقلوا التراث والأمجاد، من الآباء الى الأحفاد، وهم ذخر المجتمع وكنزه، فإذا أفلست الأمة من شبابها، فقدت وجودها وانهار كيانها، لذلك كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يولي "الشباب" عنايته واهتمامه، فكان حريصا على استقرار نفوسهم بالزواج، لئلا يقعوا في الفواحش، فيفسدوا ويضيعوا وتتخطفهم المغريات والشهوات، روى الإمام مسلم، من حديث عبدالله بن مسعود، رضي الله عنه قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم:" يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوّج، فإنه أغضّ للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء"، و"الباءة": هي القدرة على تكاليف الزواج من مهر ونفقة، و"الوجاء" يعني به هنا: أن الصوم يكسر حدّة الشهوة.



وقد بشّر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم "الشاب" الذي ينشأ في طاعة الله تعالى، بانه سيكون يوم القيامة آمنا في ظل عرشه الظليل، فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله عز وجل، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابّا في الله اجتمعا عليه وتفرّقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقل: إني اخاف الله، ورجل تصدّق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه".



ولا شك في أن " الشباب" هم المعنيّون أكثر من غيرهم، بعدد من هؤلاء الأصناف، وفي هذا اهتمام كبير بالشباب، وحرص شديد على دينهم وأخلاقهم، ودنياهم وآخراهم..



وما تولية رسول الله صلى الله عليه وسلم، للشابّ الفتى:" أسامة بن زيد"، رضي الله عنهما، قيادة جيش فيه كبار الصحابة، إلا دليل على رغبته صلى الله عليه وسلم في إعطاء "الشباب" حقهم، وعدم إهمال كفاءاتهم، وكان "أسامة"، رضي الله عنه حينها، في العشرين من عمره، ولم يأبه النبي صلى الله عليه وسلم باعتراض المنافقين، على توليته قيادة الجيش لصغر سنه، بل أكّد انه أهل للقيادة وكفء لها.



وفي أيام حصار " الأحزاب" للمدينة، في السنة الرابعة للهجرة، خرج عمرو بن عبد ودّ، المعروف ببأسه وقوته، ودعا المسلمين الى المبارزة، فلم ينبر له أحد، ولم يأذن الرسول صلى الله عليه وسلم، إلا للشاب الفتى:" علي بن أبي طالب"، رضي الله عنه، بمبارزته، فبارزه وقتله.



وما رسائلنا هذه سوى قبسات من هدي الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم، نحاول بها أن نرشد شبابنا، وندلّهم على المنهج السليم، ونحذرهم من الإنحراف، والوقوع في حبائل الشياطين.



وللحديث بقية .....

عبيدي الدمام/ابوزياد
01-02-2005, 03:14 AM
أزمات الشباب



1- تقديم.

2- الأزمات: عامة وخاصة.



1- تقديم



تعتبر "أزمات الشباب" ـ ذكورا وإناثا ـ جزءا من أزمات المجتمع بجميع فئاته، ولكنها الأخطر والأضرّ من بين الأزمات كلها، لما للشباب من دور كبير في نهضة الأمة، كما ذكرنا في الفصل السابق.



وملخصه أن " الأزمة" هي: الشدة..ومعنى "الشدة" واسع، يشمل كل ما يضايق الإنسان، أو يضرّه أو يؤذيه، سواء أكان بفعله وكسبه هو، أم بفعل سواه وجنايته عليه.



وإذا أراد أحد أن يعدّ " الأزمات"، ويحصي الضوائق والشدائد التي تحلّ بالناس، لما استطاع إحصاءها، لأنها ـ وللأسف ـ في عصرنا كثيرة جدا، وكذلك الأمر فيما لو أراد أحد تضنيفها وتبويبها، فإنه لن يصل إلى قرار واحد في هذا الموضوع، فيبقى الأمر بحسب النظرة.. والخبرة.. والإلهام...



نقول هذا لنستبق به أي إعتراض، قد يدلي به معترض، على النتيجة التي توصّلنا إليها في تقسيم " الأزمات"، وفي تحديد أهمها وأخطرها على الشباب، كما سترى، فنحن لا نرى أن الطريقة التي سلكناها في هذا المجال هي الطريقة الوحيدة الفريدة، وأن ما سواها خطأ، بل إن عرضنا التالي للأزمات، ما هو إلا وسيلة، اعتمدناها على هذا النسق، لتبسيط المسائل، وتسهيل عرضها وبحثها وبيانها.. وفي مطلق الأحوال: فإن هذه هي وجهة نظرنا في هذا الشأن الخطير.. فإن كان لأحد غيرنا وجهة نظر أخرى فليدل بها، ليحصل التكامل والتعاون.. والله المستعان...





2- " الأزمات": عامّة، وخاصّة



يمكن فرز " الأزمات" وقسمتها الى قسمين هما: " الأزمات العامة"، و" الأزمات الخاصة"، والفارق ما بين النوعين هو:" التسبب أو الكسب"، فما كان منها بكسب الإنسان على نفسه فهي:" أزمة خاصة"، كترك الصلاة، وشرب الخمور، فتارك الصلاة وشارب الخمر، هو الذي كسبت يداه هذا المنكر، وجنى به على نفسه، وسبّب لها الإثم واستحقاق العقاب.



أما وقوع " الشباب" في " الضياع.." وتوجيههم التوجيه السيئ الفاسد، فذاك ليس من كسبهم في الأصل، بل هو من كسب سواهم من المسؤولين والمتسلطين على الأمة، وما الناس عامة و"الشباب" خاصة، سوى ضحية من ضحايا تلك التصرفات السيئة، لأولئك المتسلطين.. والجميع متضررون من هذه المصائب ـ كما هو مشاهد ـ فهي وأمثالها " أزمات عامة"، كما سنبين لاحقا.



ولا يفهمنّ أحد: أننا ننسب هذه "الأزمات" إلى جميع الشباب، وأننا نراهم جميعا متورطين فيها.. فهذا ليس مطابقا لمرادنا ولا للواقع.. فنحن نحسن الظنّ بالمسلمين عامّة، وبالأخص " الشباب" الذين نحبهم، ونحرص عليهم، ونريد لهم كل خير.. فهم إخواننا.. وأبناؤنا.. وحملة فكرنا وأمجادنا وتراثنا.. ولكنها "أزمات".. تحلّ بالمجتمع كالمرض الفتاك.. نحاول مع المصلحين.. مكافحتها وتحذير شبابنا منها، ليعوا الخطر ويجتنبوه.. ويصدّوه ويردّوه.. ويزيلوا أسبابه ومسبّبيه..



وللحديث بقية

عبيدي الدمام/ابوزياد
01-02-2005, 03:17 AM
أزمات الشباب



الأزمات العامة:



أولا: الفراغ الفكري.

ثانيا: تدني المستوى العلمي.

ثالثا: الأزمات الإجتماعية:

(أ‌) أزمة العمل.

(ب‌) أزمة السّكن.

(ج) أزمة الزواج.

رابعا: التوجيه السيئ.





الأزمات العامة



بناء على المعنى الذي أشرنا إليه آنفا، في تحديد المراد بالأزمات العامة، فإن هذا النوع من " الأزمات" ينتج عن سوء تصرّف "الحاكمين"، أو إهمالهم لواجباتهم نحو الرعية، وأهم تلك الأزمات وأشدّها ضررا وسوءا في نظرنا هي التالية:



أولا: الفراغ الفكري



نعني بهذا العنوان: أنه.. لا هدف للشباب.. ولا رسالة.. ولا مسؤولية.. فإذا سئل أي شاب اليوم:" ما هو هدفك في الحياة؟!.." فبماذا سيجيب؟.. كلنا يعرف جوابه.. المألوف.. المعروف، إنه سيقول: هدفي: إكمال الدراسة الجامعية.. ثم.. وظيفة... ثم زواج.. ثم عيشة هنيّة رغيدة.. وسيارة مرتبة.. إلخ.



أصحيح: أن هذا هو هدف " الشاب" المسلم؟؟. أهذا هو الهدف السامي الذي لأجله خلق.. ولتحقيقه يسعى ويتعب..؟؟!.. إذن: فما هو الفارق ما بينه وبين الملحد.. والمشرك.. والفاجر..؟؟!!!



ليس صحيحا كما يظنه الكثيرون من الشباب:" هدف".. فهم فهموا الأمور كما صوّروها لهم.. فهكذا علموهم في المدارس.. والمعاهد.. وهكذا لقنوهم عبر وسائل الإعلام.. فغرسوا في عقولهم: أن هدفهم الأخير.. والأعلى.. والأسمى.. هو: شهادة عالية.. أو: عليا.. ثم وظيفة.. محترمة.. براتب كبير.. إلخ.



إن "الوالد" منذ يدخل المدرسة في مرحلة الحضانة.. حتى يتخرّج من الجامعة ـ هذا إن أتيح له ذلك ـ ماذا يقال له؟؟ وفي أي شيء يطلب منه أن يفكّر؟..:



يقال له: اهتمّ بنفسك ومستقبلك.. ولا تهتم بسواك.. فلا فائدة لك في ذلك.. أمّن لنفسك: الشهادة.. والوظيفة.. والراتب العالي.. والعروس.. والسيارة.. وعش حياتك.. ودع سواك..



يقال له: ماذا يعنيك أنت غير نفسك؟.. أمّا مصالح الأمة.. ودين الأمة.. وكرامة الأمة.. فليس ذلك شغلك..



يقال له: ذهبت أيام الفتوحات.. وحمل الإسلام الى العالمين.. فلست مسؤولا عن إيمان غيرك.. أو عدم إيمانه.. فاترك هذا الأمر للمشايخ.. وعلماء الدين..



يقال له: لست مسؤولا إلا بالدفاع عن وطنك.. وطنك هذا الصغير.. المسمى بـ "دولة .. كذا.."، فأنت لا تنتسب إلى غيره، فأنت: مصري.. نيجيري.. باكستاني.. تركي.. أرأيت؟؟.. فدافع عن "النظام" .. لا عن سواه..



يقال له: المسلمون في العالم:" أمة واحدة".. وحّدهم " الدين".. وهم لا يزالون مسلمين.. وعدد دولهم تجاوزت الخمسين.. وكل "دولة.." تهتم برعاياها.. فلا تهتم أنت بغير أبناء وطنك الذي تجذّرت جذوره في أسفل الأرضين.. وشمخت الى الأعالي، من دون أن يقولوا له: من الذي رسم حدود تلك الدول؟.. ولماذا رسموها؟.. وما حكم الإسلام فيها؟..



يقال له: إن "اليهود"، قد احتلوا بلاد "فلسطين".. ونحن مع "أهل فلسطين".. إن صالحوا اليهود صالحنا معهم؛ وإن رفضوا الصلح وأرادوا الحرب.. فلن نحارب معهم.. فاترك "فلسطين" لأهلها.. وحافظ على بلدك..



يقال له: إن أجمل بلاد الدنيا: بلدك.. وإن أقدس بلاد الأرض: أرض بلدك.. وإن أعدل "الحاكمين" وأعظمعهم: هم حاكومك.. فحافظ على "وطنك.." المحدّد.. دون سواه.. وأعلن ولاءك المطلق لحاكمك.. دون سواه.. وإن شكوت من : الظلم.. والحرمان.. والكبت.. والإرهاب.. إلخ. فاعلم أيها المواطن: أن هذه الأمور التي تشكو منها، ما هي إلا إبر النّحل.. التي لا بد منها لمن يجني العسل..و" ضرب الحبيب زبيب".. كما قال المثل..



يقال له: أنت عندما ستدخل "الخدمة العسكرية"، أو تنتسبق الى "لجيش"، فأنت تقوم بواجب "وطني".. وواجب "قومي".. إذ أنت أولا: تحمي "النظام.." الذي لا مثيل له في الدنيت.. وثانيا.. وأخيرا.. أنت تخدم نفسك بخدمة "النظام..".. فاشكر ربك على هذه النعمة..



هذا بعض ما يحشون به أفكار "الشباب" في عصرنا.. فأين هو: "الهدف.."؟؟. وأين هي رسالة المسلم ومهمته؟؟.. وأين هو دور الأمة الإسلامية، التي جعلها الله عز وجل شاهدة على الأمم كافة، بقوله تعالى:{ وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكون شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا}، وقوله سبحانه:{ وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سمّاكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس}، ومفهوم "الشهادة" هنا: هو الإشراف والتوجيه والإرشاد.



أين هو هدف:" الجهاد في سبيل الله.." لنشر الإسلام وحمل هداه الى كل أنحاء العالم؟؟.. وهل يربّى "الشباب" في زماننا، كما ربّى رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه؟؟..



لقد كات التابعيّ الشاب:" قثم بن العباس بن عبدالمطلب"، في مدينة "سمرقند" إحدى مدن جمهورية " أوزبكستان"، الواقعة حاليا تحت السلطة الشيوعية الروسية، وقبره فيها معروف، فما الذي أخرجه من "المدينة المنورة" في بلاد الحجاز.. ليموت في تلك البلاد البعيدة..؟؟.. إنه: "الهدف.." .. إنه: نشر الإسلام.. إنه: الفتح.. فهو " شاب" لم يفهم الحياة تحصيل شهوات وتحقيق رغبات.. ولم يفهم " الإسلام" إلا: رسالة.. وهدى..



هكذا فهم المسلمون الإسلام.. وعلى هذا ربّوا شبابهم.. فتتالت أجيال من " الشباب"، كانوا حملة رسالة، وأصحاب " هدف".. ففتحوا البلاد شرقا وغربا، وأناروا الكون بنور الإسلام..



لقد كانت أمتنا قوية كريمة، عندما كان لها " هدف".. ولشبابها "غاية".. أما الآن فأوهموها بأن: لا هدف لنا.. وضيّعوا شبابنا.. وأطفأوا فيهم شعلة الحماس.. فصاروا على غير هدى يسيرون .. وإلى غير هدف يسعون.. بل وعكس " الهدف" المنشود يعملون..



وبإختصار نقول: شبابنا فارغ الفكر.. بلا رسالة ولا هدف.. إلا ما شغلوه به، ومن اهتمامه بنفسه، وبترتيب أمور معيشته، حتى انطبق عليهم قول الشاعر:

دع المكارم لا ترحل لبغيتها واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي

وللحديث بقية