ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب


مجلس الإسلام والحياة يهتم هذا القسم بجميع مايتعلق بديننا الحنيف

إضافة رد
قديم 16-02-2011, 09:54 PM
  #191
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب

جزاك الله خيرا
__________________________________________________ _

الخطبة الأولى عن المولد

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، والحمد لله على ما قدره بحكمته من دقيق الأمر وجله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك كله، وله الحمد كله، وبيده الخير كله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما.

أمّا بعد: أوصيكم ونفسي ـ أيّها المسلمون ـ بتقوى الله عزّ وجلّ، فاتقوه واعلموا أنكم ملاقوه، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ

.

عباد الله، أذن الله عز وجل بتغيير وجه الأرض وتعديل خطّ التاريخ حينما أضاء بإذنه نور الهدى وسرَت إلى نواحي الكون البشرى بمولد الحبيب ، خرج إلى هذا الكون وخرج معه نور أضاءت له قصور الشام، في يوم مولده سقطت أربع عشرة شرفة من إيوان كسرى وخمدت النار التي يعبدها المجوس وانهدمت الكنائس حول بحيرة ساوة بعد أن غاضت. حُقّ للأرض أن تفرَحَ بمقدمه، وحقّ للزمان أن يفخر بمجيئه بعد أن غرق أهل الأرض في ظلمات الكفر والوثنية وظلمات الجهل والخرافة وظلمات الجبروت والتسلّط على الخلق، أشرق فجر جديد وتنفس صبح مجيد ليبعث الحرية من قبرها ويطلق العقول من أسرها وينقذ البشرية من جهلها. ولد سيد الخلق وأفضل الرسل وخاتم الأنبياء حبيب القلوب ، ولد الرحيم الرفيق بأمته، أطل على هذه الحياة صبيحة يوم الاثنين التاسع من ربيع الأول لعام الفيل، وقيل: الثاني عشر من ربيع الأول.

أيها المسلمون، كان مولد النبي وبعثته مولدا لنور الإسلام وضياء الحق المبين الذي تبدَّدت به ظلمات الشرك والكفر، وزال به الرّان الذي طُبع على قلوب كثير من الناس.

عباد الله، تشتاق النفوس إلى الحديث عن الحبيب ، وبذكره ترقّ وتلين القلوب، وتطمع النفوس المؤمنة إلى رؤيته والالتقاء به عند حوضه وفي الجنان.

نشأ حين نشأ يتيمًا، ولليتم مرارة وحرقة لا يعرفها إلا اليتيم، فكفله جدّه ثم كفله عمه، أرضعته حليمة السعدية في ديار بني سعد، نزلت الملائكة من السماء فشقت صدره وغسلت قلبه، فنشأ نشأة طهر وعفاف، اشتهر بين قومه بالصادق الأمين، لم يتجه يومًا بقلبه إلى صنم، ولم يعاقر خمرًا، ولم يتسابق كغيره إلى النساء، ولا عجب فقد أحاطته الرعاية الربانية والعناية الإلهية، وهيأ الله له الظروف مع صعوبتها، وحماه من الشدائد مع حدتها، وسخّر له القلوب مع كفرها وظلمتها.

ولما بلغ أشده وبلغ أربعين سنة هيأه ربه لأمر النبوة، وحمّله أمانة الرسالة، وكلّفه بالبلاغ والتحذير، لا لطائفة معينة أو مكان محدد، بل لجميع من في الأرض؛ العرب والعجم، الإنس والجن، إنها لحمل عظيم، كيف لرجل واحد أن يبلّغ هذا البلاغ ويصبر في سبيله على المشاق؟!

يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنذِرْ، كأنه قيل: إنّ الذي يعيش لنفسه قد يعيش مستريحًا، أما أنت الذي تحمل هذا العبءَ الكبير فما لك والنوم؟! وما لك والراحة؟! وما لك والفراش الدافئ والعيش الهادئ والمتاع المريح؟! قم للأمر العظيم الذي ينتظرك والعبء الثقيل المهيَّأ لك، قم للجهد والنصب والكد والتعب، قم فقد مضى وقت النوم والراحة، وما عاد منذ اليوم إلا السهر المتواصل والجهاد الطويل الشاقّ، قم فتهيأ لهذا الأمر واستعدّ.

إنها كلمة عظيمة رهيبة تنزعه من دفء الفراش في البيت الهادئ والحضن الدافئ لتدفع به في الخضم بين الزعازع والأنواء، وبين الشدّ والجذب في ضمائر الناس وفي واقع الحياة سواء.

وقام رسول الله فظل قائمًا بعدها أكثر من عشرين عامًا، لم يسترح ولم يسكن، ولم يعش لنفسه ولا لأهله. قام وظل قائمًا على دعوة الله، يحمل على عاتقه العبء الثقيل الباهظ ولا ينوء به، عبء الأمانة الكبرى في هذه الأرض، عبء البشرية كلها، عبء العقيدة كلها، وعبء الكفاح والجهاد في ميادين شتى، عاش في المعركة الدائبة المستمرّة أكثر من عشرين عامًا؛ لا يلهيه شأن عن شأن في خلال هذا الأمد منذ أن سمع النداء العلويّ الجليل، وتلقّى منه التكليف الرهيب، جزاه الله عنا وعن البشرية كلّها خير الجزاء.

ساومه قومه على ترك هذا الأمر وعرضوا عليه المال وأغروه بالجاه، فقال قولته المشهورة: ((والله، لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته))، ثم استعبر وبكى .

كم عانى عليه الصلاة والسلام ليبلغنا الرسالة، وكم صبر وهو يؤدّي الأمانة، فأخبرنا عن الرحمن وعلّمنا الإيمان ومهّد لنا طريق الجنان، فنحن نعظمه ونجله ونحبه، نحبه محبّة نقدمها على محبة المال والأهل والنفس والولد.

عباد الله، الصحابة البررة الأطهار يوم أعلنوا الحب للرسول قالوا: يا رسول الله، هذه أموالنا بين يديك فاحكم فيها بما شئت، وهذه نفوسنا بين يديك لو استعرضت بنا البحر لخضناه، نقاتل بين يديك ومن خلفك وعن يمينك وعن شمالك. إنه الحب الذي دعا صاحبه إلى أن يقول هذه الكلمات النيرات: (والله، ما أحب أن محمدا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه وأنا جالس في أهلي). إنه الحب الذي ملك قلوب أولئك، المحبة ليست قصصا تروى، ولا كلمات تقال، ولا ترانيم تغنَّى، المحبة لا تكون دعوى باللسان، ولا هياما بالوجدان، وإنما هي طاعة لله ولرسول الله ، المحبة عمل بمنهاج الرسول ، تتجلى في السلوك والأفعال والأقوال، قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [آل عمران: 31]. وإنك لتعجب من أناس فرقوا بين النورين وخالفوا بين الأمرين، فهم يتذكرون ولادته وسيرته ولا ينسونها، وفي المقابل تجدهم تاركين لجملة من شريعته ومقصِّرين في اتباع هديه .

فحري بنا ـ عباد الله ـ أن تكون ذكرانا لمولد نبيِّنا كلَّ يوم، وأن تكون هذه الذكرى ذكرى لسيرته وشريعته، وأن يدفعنا ذلك إلى الاقتداء بسنته والاهتداء بهديه في سائر شؤون حياتنا، وصدق الله إذ يقول: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا [الأحزاب: 21].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين، واستغفروه إنه غفور رحيم.



الخطبة الثانية


الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه.

أما بعد: فإن خير الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد رسول الله ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

اتقوا الله يا عباد الله، واعلموا أن رسولكم قد نهاكم عن الابتداع في الدين حيث قال عليه الصلاة والسلام: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد))، وقال: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة))، فمن أحب الرسول فليطعه فيما أمر وليجتنب ما نهى عنه وزجر وعليه أن لا يعبد الله إلا بما شرع، قال الله عز وجل: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا.

وبدعة المولد التي أحدثها الناس في القرون المتأخّرة لم يأمر بها ، ولم تكن من هديه، ولا من هدي أصحابه رضي الله عنهم، ولو كان خيرا لسبقونا إليه.

عباد الله، والأولى بنا في وقت نتلقّى فيه مشاعر العداء له والسخرية منه من عبّاد الصليب أن نغيظَهم ونغيظ الشيطان بتجديد النية والعهد بيننا وبين الله سبحانه باتباع سنته ونهج هديه بما شرعه الله سبحانه وتعالى، فهو غني عن احتفالنا البدعيّ، فالله سبحانه قد رفع من قدره بما شرعه له من تعظيمه وتوقيره كما في قوله تعالى: وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ، فلا يذكر الله سبحانه في أذان ولا إقامة ولا خطبة إلا يذكر بعده الرسول ، وكفى بذلك تعظيما ومحبة وتجديدا لذكراه وحثًّا على اتِّباعه.

اللهم أحينا على سنته، واحشرنا في زمرته، وارزقنا شفاعته، وأورِدنا حوضه، واسقنا من يده الشريفة شربة هنيئة لا نظمأ بعدها أبدا.

هذا واعلموا ـ رحمني الله وإياكم ـ أن الله جل جلاله أمرنا أن نصلي على نبيه فقال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56].

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد...


__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 04-03-2011, 06:13 AM
  #192
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي منبر المنتدى لخطب الجمعة والعيدين


قصة صحابي

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، والحمد لله على ما قدره بحكمته من دقيق الأمر وجله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك كله، وله الحمد كله، وبيده الخير كله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما.

أمّا بعد: أوصيكم ونفسي ـ أيّها المسلمون ـ بتقوى الله عزّ وجلّ، فاتقوه واعلموا أنكم ملاقوه، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ

أما بعد: روى البخاري في صحيحه عن علي قال: بعثني رسول الله أنا والزبير والمقداد فقال: ((انطلقوا حتى تأتوا رَوْضَة خَاخ، فإن بها ظَعِينة معها كتاب فخذوه منها))، فانطلقنا حتى أتينا الرَّوْضَة فإذا نحن بالظَعِينة، قلنا لها: أخرجي الكتاب، قالت: ما معي كتاب، فقلنا: لتخرجنّ الكتاب أو لنلقينّ الثياب، قال: فأخرجته من عِقَاصِها أي: شعرها، فأتينا به رسول الله فإذا فيه: من حاطب بن أبي بَلْتَعة إلى ناس بمكة من قريش يخبرهم ببعض أمر الرسول ، فقال رسول الله : ((يا حاطب، ما هذا؟!)) قال: يا رسول الله، لا تعجل عليّ، إني كنت امرءًا ملصقًا في قريش أي: حليفًا، ولم أكن من أنفسها، وكان مَن معك من المهاجرين مَن لهم بهم قرابات يحمون أهليهم وأموالهم، فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ عندهم يدًا يحمون قرابتي، ولم أفعله ارتدادًا عن ديني ولا رِضًا بالكفر بعد الإسلام، فقال رسول الله : ((أما إنه قد صدقكم))، فقال عمر: يا رسول الله، دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال : ((إنه قد شهد بدرًا، وما يدريك لعلّ الله اطلع على من شهد بدرًا فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم))، فأنزل الله السورة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنْ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ [الممتحنة:1].
إنها حادثة غريبة في تاريخ الإسلام، حدثت بأمر الله تعالى لتعطي لنا دروسًا وفوائد، ولترسم لنا شيئًا من ملامح هذا الدين العظيم، وهذه عدة وقفات مع هذه الحادثة:
الوقفة الأولى: إن الخطأ الذي اقترفه الصحابي الجليل حاطب بن أبي بَلْتَعة ليس خطأً يسيرًا، إنه يسمى في قوانين العالم الآن بالخيانة العظمى، والتي يكون عقابها الإعدام، إنه كَشْفٌ لأسرار لو صلت إلى الأعداء ربما أحدثت كارثة للصحابة رضي الله عنهم، ولكنّ الله سلّم.
وهذا الصحابي ليس من عوامّ الصحابة، بل هو من خاصّتهم ومن أولي الفضل منهم، إنه من أهل بدر، ويكفيه شرفًا أنه من أهل بدر، ومع كل هذا يخطئ حاطب هذا الخطأ الفادح؛ ليعلم الصحابة والأمة من بعدهم أن البشر كل البشر ما داموا ليسوا رسلاً معصومين من الخطأ حتى وإن كانوا من خيار الناس فإنهم معرّضون للخطأ.
وإن الإيمان كما هو معروف في عقيدة أهل الإسلام يزيد وينقص، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، فما من إنسان إلا ويتعرض إلى فترات من الضعف تمر عليه في حياته، وقد يكون الضعف بسبب ضعف اتصاله بالله أو بكتابه أو بالمؤمنين، أو بسبب زينة من زينات الدنيا تعلّق بها، أو بسبب معصية ارتكبها، إلى غير ذلك من الأسباب، ولهذا قال فيما رواه أحمد: ((كل بني آدم خطّاء، وخير الخطّائين التوابون)).
إن خطأ هؤلاء القِمَم من الصحابة رحمة للأمة، حتى لا يأتي بعض الناس في زماننا هذا ويضع لبعض البشر هالة من التقديس أو الألوهية كما فعلت النصارى، وكما تفعل باقي الملل المنحرفة، وحتى الفرق المنتسبة للإسلام إذا رفعوا من مراتب أئمتهم إلى منازل لا يستحقها إلا الله جل جلاله. إن البشر لا يصلحون أن يكونوا إلا بشرًا كما خلقهم الله، وإن عدم فهم هذه القضية سبّب لنا أزمة فكرية تمثلت في طائفة من المسلمين الذين ينظرون إلى القدوات من المتديّنين وطلبة العلم الشرعي والدعاة إلى الله على أنهم معصومون من الخطأ، حتى إذا ما أخطأ أحدهم يومًا من الأيام لضعفٍ أصابه فإنهم يستعظمون ذلك الخطأ، ولا يلتمسون له عذرًا، بل إنه يسقط من أعينهم، وربما يعامل معاملة قاسية حتى بعد توبته من ذلك الخطأ، وأعظم من ذلك وأطّم أن يُعَمّم الحكم على طائفة من المستقيمين بسبب خطأ ارتكبه بعضهم.
أيها المسلمون، إن من حكمة الله تعالى أنه لم يجعل لنا قدوة مطلقة في كل شيء إلا رسول الله ، فشرع الله لا يتحمل أخطاء المنتسبين إليه، كما أن خطأ الواحد لا يتحمله غيره، إننا نسمع كثيرًا من يقدح في العلماء أو طلبة العلم أو الدعاة والمصلحين بسبب خطأ وقع فيه واحد منهم، وإن حقيقة هذا المتكلم إنما أراد أن يسِّوغ أخطاءً هو واقع فيها، فإذا ما أُمر بإصلاح وضعه تعذر بأعذار واهية، منها حال بعض الملتزمين مع تلك الأحكام التي فرّط هو فيها، فمن أمثلة ذلك أن تقول لأحد المسلمين: ارفع إزارك لأن النبي قال: ((ما أسفل الكعبين من الازار فهو في النار))، فيقول لك: إن جاري شخص متديّن وثوبه ليس مُسبلاً، لكنه يعامل أهله معاملة سيئة، كما أنه لا يُسلّم عليّ إذا لقيني. إن هذه الإجابة إنما هي حَيْدَة أراد بها التخلّص من الموقف، ومغالطة لا تنطلي على من يعلم السرّ وأخفى، وإلا فما علاقة استجابتك أنت بتفريط غيرك في مسألة أخرى.
كما أنه يجب علينا ـ أيها الإخوة ـ أن نفرّق بين من يخطئ ويصرّ على خطئه، وبين من يخطئ ويشعر بخطئه، ويندم عليه، ثم يصلح من نفسه. ولهذا ذكر الله تعالى من صفات المتقين الذين وعدهم بجنة عرضها السموات والأرض ما ذكره في قوله: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ [آل عمران:135].
الوقفة الثانية: إن المسلم مطلوب منه التَرُيّث قبل إصدار الأحكام، فهذا رسول الله مع أنه يُوحى إليه لم يستجعل في الحكم على حاطب ، فلما سمع من حاطب عذره علم صدقه فعفا عنه.
وإن مما ابتليت به الأمة في الأزمان المتأخرة تصدِّي بعض الجهلة لإطلاق الأحكام على الناس ورميهم بالبدعة والانحراف واتهام النيات التي استأثر الله بعلمها، فماذا سيقولون لله يوم القيامة إذا سألهم: على أي شيء استندتم في اتهام نية أخيكم المسلم أنه أراد بكلامه ما فهمتم من فهم سيئ؟ وإنه لمن المؤسف أن يعتذر هؤلاء المسيئون للظن في إخوانهم المسلمين من العلماء والدعاة والمصلحين، من المؤسف أن يعتذروا بأنهم أرادو الإصلاح أو تحذير الناس من أخطاء هؤلاء المحذَّر منهم، وإنه لمن العقل والحكمة والدين أن يرجع هؤلاء عن اتهامهم لغيرهم بغير برهان، وأن يتقوا الله في أعراض المسلمين قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه الندم، علمًا بأن سوء الظن وحمل الكلام على أسوأ الاحتمالات إنما هو دليل على سوء طوية الظان وفساد قلبه، وقد قيل: إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه.
نسأل الله لنا وللمسلمين العافية، وأن يجعلنا من المتقين لله في القول والعمل، إنه على كل شيء قدير.
بارك الله لي ولكم في القرآن...



الخطبة الثانية


الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه.

أما بعد: فإن خير الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد رسول الله ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أما بعد: أيها المسلمون، الوقفة الثالثة: إنه من الظلم والطيش أن يُقَوَّم الرجالُ من حادثة واحدة مهما كانت الحادثة ويُترك الماضي المليء بالأحداث والمواقف، فالصحابة رضي الله عنهم ليسوا من مرتبة واحدة، وكذلك غيرهم، فالمهاجرون ليسوا كالأنصار، وأهل بدر ليسوا كأهل أحدٍ، ومن آمن قبل الفتح ليس كمن آمن بعده، والسابق للإسلام ليس كغيره، وكذلك الأعمال تتفاوت، فالمجاهد ليس كغيره، والعالم ليس كمن هو دونه في العلم، فهذا النبي يُذَكّر أصحابه بما فيهم عمر ، يُذَكّرهم بأن حاطبًا ممن شهد بدرًا.
وكذلك بالنسبة لنا في زماننا هذا، فإن الإنسان المسلم إذا اشتهر عنه شهود الجماعة في المسجد ولم يُعهد عنه انحراف ظاهر أو محاربة للدين وأهله فإنه يُلتمس له العذر قدر الإمكان، ولا يُحكَم عليه بحكم عام بسبب خطأ واحد، فإن المسلم قد يتعرض لمواقف تخرجه عن طوره، فقد يتلفّظ بألفاظ غير مناسبة، أو يتصرّف تصرّفًا غريبًا، فلا بد قبل الحكم عليه أن تُعرف سيرته وظروف الحادثة التي أخطأ فيها.
الوقفة الرابعة: إن الله عز وجل قد تكفّل بحماية أوليائه المجاهدين في سبيله في الدنيا، فضلاً عن الأجر العظيم المُدّخَر لهم في الآخرة، فهذا حاطب ينزل الوحي للرسول بالعفو عنه، فالله عز وجل هو الذي يحمي دعوته ورجال دعوته، إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنْ الَّذِينَ آمَنُوا [الحج:38]، فعلى الدعاة والصالحين أن يتذكروا دائمًا هذه الآية: إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنْ الَّذِينَ آمَنُوا ، وأن يتأمّلوا كيف أنقذ الله نوحًا عليه السلام ومن آمن معه في السفينة، وأغرق كل من على الأرض في طوفان لم يتكرّر في تاريخ البشرية، وكيف أنقذ الله إبراهيم عليه السلام وهو يُلقَى في النار؛ لتظهر بعد ذلك دعوة التوحيد رغم أنف الطاغية النمرود، وكيف أنقذ الله موسى عليه السلام ومن آمن معه من فرعون وجنوده، وأطبق الله عليهم البحر، ويختم السلسلة محمد الذي مُلِئت حياته عليه الصلاة والسلام بالأعاجيب التي أظهر الله فيها كيف يحمي الله نبيه، وكيف يحمي حملة دينه في كل زمان.
إنه درس لنا لنعلم أن النصر إنما هو من عند الله لمن استحقه من المسلمين، وأن الحافظ هو الله سبحانه وحده، وما الخطط والتدبير والسلاح إلا أسباب لا تنفع إلا بمشيئة الله، فعلى الدعاة والمخلصين أن يستمروا في طريقهم دون خوف ولا وجل ما داموا قد أصلحوا ما بينهم وبين ربهم، فإن ماتوا فهم شهداء، وإن حَيوا صاروا أعلامًا يرتفع عليها الحق، ويخسأ بسببها الباطل وأهل الباطل.
ولا ننسى ـ أيها الإخوة ـ أن في هذه الحادثة وغيرها من الحوادث والأحاديث النبوية والآيات القرآنية ما فيه بيان المنزلة العظيمة التي ارتضاها الله لصحابة نبيه ، فما أضلَّ قومًا طمس الله بصائرهم، فزعموا أنهم يتقربون إلى الله ببغض أصحاب النبي ، وصار في طقوس دينهم وعبارات صلواتهم سبُّ الصحابة، ولا سيما الشيخين أبا بكر وعمر رضي الله عن الصحابة أجمعين، نسأل الله العفو والعافية.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين...
__________________


التعديل الأخير تم بواسطة المناضل السليماني ; 04-03-2011 الساعة 06:52 AM
المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 18-03-2011, 05:58 AM
  #193
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب

وهذه الخطبة حول المظاهرات ومن وراءها لأخي الغالي عصام بن عبد الله السناني




__________
الخطبة الأولى
أيُّها المسْلِمُونَ، يقول تعالى ممتنًا على أهلِ مكة: وَقَالُوا إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِن لَّدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ .
إن الأمْنَ في الأوْطَانِ مَطلَب ضروريٌّ، حَيَاةٌ بِلا أمْنٍ لا تُسَاوِي شَيئًا، إذا اختلَّ الأمنُ تبدَّل الحالُ، ولم يهنأ أحدٌ براحةِ بال، فتُهجَرُ المساجدُ، وتُعاقُ سُبُلُ الخيرِ، فتختلُّ المعايشُ، وتدمّرُ الديارُ، وتتفرَّقُ الأسَرُ، وتُقتَلُ نفوسٌ بريئةٌ، وترمَّلُ نساءٌ، ويُيتَّمُ أطفال، وتبورُ التجارةُ، ويتعسَّرُ طلبُ الرزقِ. إذا سُلِبت نعمةُ الأمن فشا الجهلُ وشاعَ الظلمُ وسلبتِ الممتلكاتُ، وإذا اضطرب الأمن -عياذًا بالله- ظهرت الفتَن، وتزلزلت الأمّة، وحكم اللّصوص وقطّاع الطريق، وسادت شريعةُ الغاب، وعمّت الفوضى، وهلك النّاس.
وتأمّلوا بلدانًا من حولِكم اختلَّ فيها الأمن، فهلك فيها الحرث والنّسل، وسُلِبت الأموال، وانتُهكت الأعراض، وفسد المعاش، وهو السرُّ في قولِهِ سُبْحَانَهُ: وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ؛ لأنَ الخَوفَ والجُوعَ إذَا اجْتَمَعَا فإنَّ ذَلِكَ مِنْ شَرِّ عَذَابِ الدُّنْيا؛ لأنَّ الخَائِفَ إذَا كَانَ عِندَهُ مَا يَقْتاتُ بهِ أَمِنَ أو اسْتَخْفى، ولأنَّ الجَائعَ إذَا كانَ يَعيشُ آمِنًا اسْتَطاعَ أنْ يَسيرَ في الأرْضِ ويَطْلُبَ الرِّزْقَ، فإذا اجتمعا هلكَ وهو جائعٌ خائفٌ، فلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ لَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ . فنعمةَ الأمن جزءٌ عظيم لا يتجزّأ من الإسلام.
الأمنُ من تمام الدين، ولا يتحقَّق الإسلام إلاّ بالأمن، ولا يُعمل بشعائر الدين إلا في ظلِّ الأمن. ولَقَدْ عَاشَتْ هَذِهِ البلادُ قَبلَ أكْثَرَ مِنْ مائةِ عَامٍ صُورًا مِنَ الخَوْفِ والذُّعْرِ، لم يَكُنْ للمَرْءِ أنْ يَتَصَوَّرَهَا الآنَ، لأنَّها صَارَتْ كالخَيَالِ، لكِنْ بَعْدَ أن اسْتَقَرَّ الوَضْعُ في هَذِهِ البِلادِ مِنْ عَشَراتِ السِّنينَ والبَلَدُ يَعيشُ أمْنًا مُتَّسِعَ الأطْرَافِ هيأه ليكونَ مَقْصِدًا لطُلاَّبِ الرِّزْقِ والعَمَلِ؛ وذلك بسببِ تحكيمِ ولاةِ أمورِ هذه الدولةِ المملكةِ العربيةِ السعوديةِ للشريعةِ، إليهَا ترجعُ المحاكمُ الشرعيةُ في أمورِ الناسِ الني يختلفونَ ويتنازعونَ فيها والله يقول: وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ، وبسببِ التزامِ شعبِها بخلافِ أكثرِ شعوبِ الأرضِ بعقيدةِ أهلِ السنةِ والجماعةِ التي تلقوها عن علمائِهم بلزومِ الجماعة والسمعِ والطاعةِ لولاةِ أمورهِم على المنشطِ والمكره، وأَنَّ في أعناقهِم بيعةً لولاة الأمورِ لا يحلُ نزعهُا لقولِ رَسُولِ اللَّهِ : ((مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ حُجَّةَ لَهُ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً)).
ومن عقيدتهم عقيدةِ أهلِ السنةِ والجماعةِ أنَّ وقوعَ بعضِ الأخطاءِ لا يُجيزُ الخروجَ على ولاةِ الأمر، وإنَّما هيَ النصيحةُ الشرعيةُ كما قالَ النبي : ((إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ: أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا، وَأَنْ تُنَاصِحُوا مَنْ وَلاَّهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ)) رواه مسلم، وقوله : ((مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ خَرَجَ مِنْ السُّلْطَانِ شِبْرًا فَمَاتَ عَلَيْهِ إِلاَّ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً)).
ولذا فنحنُ في هذِه البلادِ ننعمُ بأمرينِ عظيمينِ تحققتْ بها مقوماتُ الجماعةِ لا يوجدُ لهُما نظيْرٌ في العالمِ اليومَ، لنْ يدخلَ علينا خللٌ إلاَّ بالإخلالِ بهما: فولايةٌ شرعيةٌ سلفيةٌ مرتبطةٌ بولايةٍ شرعيةٍ علميةٍ قائمةٍ على منهاجِ النبوةِ، يقولُ مؤسسُ هذه البلادِ الملكُ عبدُ العزيزِ -رحمه اللهُ- في يومِ حجِ سنةِ إحدى وخمسينَ وثلاثمائةٍ بعدَ الألفِ (1351هـ): "أننا سلفيونَ محافظونَ على دينِنَا، نتبعُ كتابَ اللهِ وسنةِ رسولِهِ، وليسَ بيننا وبينَ المسلمينَ إلا كتابُ اللهِ وسنةُ رسولِه".
فهذِه من أعظمِ مفاخرِ هذه البلادِ أن حكامَها يتشرفونَ بانتمائِهم لمنهجِ السلفِ الصالحِ، ويعلنُ أولُهم وآخرُهم تمسكَهم بالدعوةِ الإصلاحيةِ التي جددتْ منهجَ السلفِ الصالحِ في العصورِ المتأخرةِ.
عباد الله، وإن الخروجَ على الجماعةِ والإخلالَ بالسلمِ الاجتماعيْ هو أصلُ كلِ بلاءٍ وقعَ في تاريخِ المسلمينَ؛ لذا حذر منها أشدَّ التحذيرِ في المجتمعِ المسلمِ حتَّى أمرَ بقتل وإعدامِ كلِّ من يحاولُ الإخلالَ به ولو كان مسلمًا، كما روى مسلمٌ عنْ عَرْفَجَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: ((إِنَّهُ سَتَكُونُ هَنَاتٌ وَهَنَاتٌ، فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ أَمْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ وَهِيَ جَمِيعٌ فَاضْرِبُوهُ بِالسَّيْفِ كَائِنًا مَنْ كَانَ))، وفي رواية السننِ: ((فَمَنْ رَأَيْتُمُوهُ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ، أَوْ يُرِيدُ يُفَرِّقُ أَمْرَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ كَائِنًا مَنْ كَانَ فَاقْتُلُوهُ، فَإِنَّ يَدَ اللَّهِ عَلَى الْجَمَاعَةِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ يَرْكُضُ)).
وإنَّ وقوعَ المظالمِ والاستئثار بالدنيَا ليس مبررًا شرعيًا لتعكير أمن المجتمع بأي طريقةٍ كانت، فالأمنُ في الإسلامِ خطٌ أحمرُ يجبُ أنْ يقفَ دونَه الجميعُ، ففي الصحيحين عَن ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : ((سَتَكُونُ أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا))، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: ((تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ، وَتَسْأَلُونَ اللَّهَ الَّذِي لَكُمْ)). وقال للأنصار: ((سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أُثْرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ))؛ ولهذا وعى سلفُ هذه الأمةِ هذا الأصلَ العقديَّ الذي بينه النبيُّ في النهي الشديدِ عنْ محاولةِ تعكيرِ أمنِ المجتمع، فلنذكرْ موقفينِ:
الأول: حينَ كان الخليفةُ يزيدُ بنُ معاوية بلغ من الفسادِ في رعيتِه ما جعلَ بعضَ أهلِ المدينةِ يزمعون على الخروج عليه فأبى أفاضل الصحابة، فقد روى مسلم قَالَ: جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ حِينَ كَانَ مِنْ أَمْرِ الْحَرَّةِ مَا كَانَ زَمَنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ: اطْرَحُوا لأَبي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وِسَادَةً، فَقَالَ: إِنِّي لَمْ آتِكَ لأَجْلِسَ، أَتَيْتُكَ لأُحَدِّثَكَ حَدِيثًا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُهُ؛ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: ((مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ حُجَّةَ لَهُ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً))، وفي البخاري أنه جمعَ حَشَمَهُ وَوَلَدَهُ وقَالَ: (لاَ أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْكُمْ خَلَعَهُ وَلاَ بَايَعَ فِي هَذَا الأَمْرِ إِلاَّ كَانَتْ الْفَيْصَلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ)، وذكر قول النَّبِيَّ : ((يُنْصَبُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة: (4/529): "وكان أفاضل المسلمين ينهون عن الخروج والقتال في الفتنة كما كان عبد الله بن عمر وسعيد بن المسيب وعلي بن الحسين وغيرهم، ينهون عام الحرة عن الخروج على يزيد".
لكن غلبتْ العاطفةُ العقلَ والهوى الاتباعَ، فلم يستمع الناسُ لهدي النبيِّ وأصحابِه، فخلعوا بيعةَ يزيدَ، فأرسلَ إليهم مسلمٌ بنُ عقبةَ فأستباحَ المدينةَ ثلاثةَ أيامِ، قال الحافظ ابن كثير: "قتلَ خلقًا من أشرافِها وقرائِها، وانتهبَ أموالًا كثيرةً منها، ووقعَ شرٌ وفسادٌ عريضٌ... ووقعوا على النساءِ حتى قيلَ: إنه حبلتْ ألفُ امرأةٍ في تلكَ الأيامِ منْ غيرِ زوجٍ، والله أعلم".
الموقف الثاني: حينَ كان ابنُ عمرُ وغيره من الصحابةِ رضي الله عنهم يصلونَ خلفَ الحجاجِ على ظلمِه وجورِه، بل قدْ روى البخاريُّ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ قَالَ: أَتَيْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ مَا نَلْقَى مِن الْحَجَّاجِ فَقَالَ: ((اصْبِرُوا فَإِنَّهُ لاَ يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ إِلاَّ الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ)) سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ . وكان الحسنُ البصريُّ يقولُ: "إن الحجاجَ عذابُ اللهِ فلا تدفعوا عذابَ اللهِ بأيديِكم، ولكن عليكم بالاستكانةِ التضرعِ، فإنَّ اللهَ تعالى يقول وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ".
لكن ابن الأشعث كان له مطامحُ سياسيةٌ وكان يقول: والله لأجهدن أن أزيله عن سلطانه إن طال بي البقاء. فاستغلَ طيبةَ بعضِ الأخيارِ والصالحينَ من التابعينَ الذين يتميزونَ غيظًا من ظلمِ الحجاجِ وفجورِه، فهيجهمْ على خلعِ الحجاجِ ثم الخليفة عبدِ الملك، فخلعوه فتفرقتِ الكلمةُ وعظمَ الخطبُ، وبعدَ قتالٍ ذهبتْ فيه دماءٌ وأموالٌ انصرف المسلمون فيه عن قتالِ الكفارِ انهزمَ ابنُ الأشعثِ ومن معه، ففرَ هوَ إلى ملكِ التركِ الذي بعد أن كان يجاهدُهُ في اللهِ، فسلمَه لجندِ الحجاجِ، فلمَّا كَان في طريقِ العودةِ مات منتحرًا. وقُتَلَ من أتباعِهِ بينَ يدي الحجاج ثلاثونَ ومائة ألف. قال شيخَ الإسلامِ ابنُ تيمية وذكر أن مفسدةَ الخروجِ أعظمُ من مصلحتِهِ في منهاج السنة النبوية (4/527): "وقلَّ من خرجَ على إمامٍ ذي سلطانٍ إلا كانَ ما تولدَ على فعلِهِ من الشرِّ أعظمَ مما تولدَ من الخيرِ".
عباد الله، وإن الدعوةَ إلى المظاهراتِ في بلادنا هذه الأيامِ من شرذمةٍ خالفت منهج الإسلامِ بينتُ في خطبةٍ قبلَ ما يزيدُ على شهرٍ بقليلٍ أنه أمرٌ مخالفٌ لقواعدِ الشريعةِ التي جاءتْ بوجوبِ المحافظةِ على الأمنِ والسلمِ، ومعاقبةِ المتعدي عليه. وبينتُ تحريمَ المظاهراتِ من سبعةٍ أوجٍه أختصرها بما يلي:
- الأمر الأول: أنها مفارقة للجماعةِ إذا كانت مراغِمَةً للحاكم، ففي الصحيحين عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ قَالَ: ((مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَلْيَصْبِرْ، فَإِنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنْ السُّلْطَانِ شِبْرًا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً))، وقال: ((ومنْ خلعَ يدًا منْ طاعةٍ لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ حُجَّةَ لَهُ)).
- الأمر الثاني: أن المظاهراتِ قد دخلتْ على المسلمينَ من الخارج، فهي تقليدٌ للكفّار، والنّبيّ يقول كما جاء عن ابنِ عمرَ في سنن أبي داود وغيره: ((مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ))، وروى الشيخان عن النبي وقالَ: ((لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ)).
- الأمر الثالث: أن هذه المظاهرات من دعوى الجاهلية، وقد قال النبيُ : ((وَأَنَا آمُرُكُمْ بِخَمْسٍ اللَّهُ أَمَرَنِي بِهِنَّ: السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ، وَالْجِهَادُ وَالْهِجْرَةُ وَالْجَمَاعَةُ، فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ قِيدَ شِبْرٍ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الإِسْلامِ مِنْ عُنُقِهِ إِلاَّ أَنْ يَرْجِعَ، وَمَنْ ادَّعَى دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّهُ مِنْ جُثَا جَهَنَّمَ))، وفي البخاري قَالَ : ((أَبْغَضُ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ مُبْتَغٍ فِي الإِسْلامِ سُنَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ)). ودعوى الجاهلية هي التناصر على الباطل وبغير ما إذن الله به.
- الأمر الرابع: أن هذه المظاهرات إذا تضمنتْ مفارقةَ الجماعةِ وأدت إلى قطعِ الطريقِ وتخويفِ الناسِ وسلبِ الأموال فهي من الحرابةِ والإحداثِ في الدينِ، وقدْ قال تعالى فيها: إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ، وقالَ : ((لَعَنَ اللَّهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا)).
- الأمر الخامس: أن القيام بهذه المظاهراتِ بسببِ قلةِ الأرزاقِ أو شيءٍ من الظلمِ إذا وقعَ إضافةً إلى مخالفتِه للأمرِ بالصبرِ وللإيمانِ بالقضاءِ والقدرِ مخالف لمعرفةِ سننِ اللِه بأنَّ سببَ تسلطَ الحكامِ وجورِهم إذا وقع هو بذنوبِ العبادِ كما قال تعالى: وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ . قال ابن القيم في مفتاح دار السعادة: (1/25): "وتأملْ حكمتَه تعالى في أن جعلَ ملوكَ العبادِ وأمراءَهم وولاتَهم من جنسِ أعمالِهم، بل كأنَّ أعمالهَم ظهرتْ في صورِ ولاتِهم وملوكِهم، فإنْ استقاموا استقامتْ ملوكُهم، وإن عدلوا عدلت عليهم، وإن جاروا جارت ملوكُهم وولاتُهم".
- الأمر السادس: أنها من أعظمِ أسبابِ الفسادِ في الأرضِ بإهلاكِ الحرثِ والنسلِ، قالَ العلامةُ الشوكانيُ عند تفسيرِ قولٍه تعالى: وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا : "نهاهم اللهُ سبحانَه عن الفسادِ في الأرضِ بوجهٍ من الوجوهِ قليلًا كان أو كثيرًا، ومنه قتلُ الناسِ، وتخريبُ منازلِهم، وقطعُ أشجارِهم، وتغويرُ أنهارِهم".
ولذا صدر بيانُ كبارِ العلماءِ في الأسبوعِ الماضي، فبعدَ أنْ بينوا أن هذه البلادَ قد تشرفت بخدمةِ الحرمينِ وأنها قبلةُ المسلمينَ وأن المسلمين يؤمونها من كلِّ حدبٍ وصوبٍ في موسم الحج، قالوا: "فإن الهيئةَ تؤكدُ أن للإصلاحِ والنصيحةِ أسلوبها الشرعيّ الذي يجلبُ المصلحةَ ويدرأُ المفسدةَ، وليسَ بإصدارِ بياناتٍ فيها تهويلٌ وإثارةُ فتنٍ وأخذُ التواقيعِ عليها، لمخالفةِ ذلك ما أمرَ اللهُ عز وجل به في قولِه جل وعلا: وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلًا . وبما أن المملكةَ العربيةَ السعوديةَ قائمةٌ على الكتابِ والسنةِ والبيعةِ ولزومِ الجماعةِ والطاعةِ، فإن الإصلاحَ والنصيحةَ فيها لا تكونُ بالمظاهراتِ والوسائلِ والأساليبِ التي تثيرُ الفتنَ وتفرقُ الجماعةَ، وهذا ما قرره علماءُ هذه البلادِ قديمًا وحديثًا من تحريمِها والتحذيرِ منها. والهيئةُ إذ تؤكدُ على حرمةِ المظاهراتِ في هذه البلادِ فإن الأسلوبَ الشرعيَّ الذي يحققُ المصلحةَ ولا يكونُ معه مفسدةٌ هو المناصحةُ، وهي التي سنها النبي وسار عليها صحابتُه الكرامُ وأتباعُهم بإحسان".


الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ الواحدِ الأحدِ الذي لم يلدْ ولم يولدْ ولم يكنْ له كفوًا أحد، وأشهدُ أن لا إله إلا الله خالقُ السمواتِ والأرضينِ بلا مددٍ، ورافعُ السماءِ بلا عمدٍ القائلُ في كتابِهِ العظيم: إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ المُفْسِدِينَ ، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسوله خيرُ من صلى وصَام وعبدَ، القائلُ: ((لا ترجعوا بعدي كفارًا يضربُ بعضُكم رقابَ بعضٍ))، صلى اللهُ عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ، وسلمَ تسليمًا كثيرًا.
أما بعدُ: فمن مفاسد المظاهرات:
- الأمر السابع: أنَّه قدْ ظهرتْ تقاريرُ يصدقهَا الواقعُ أن هذه المظاهراتِ تدارُ بالخفاءِ من قبلِ زعماء الكفرِ الذين يريدونَ تفكيكَ البلادِ الإسلاميةِ ليسهلَ وضع اليدِ على ثرواتِها وخيراتِها باسمِ حمايةِ الحرياتِ والشعوبِ، فهو استعمارٌ بثوبٍ جديدٍ.
ولذا بلادنا تواجه فتنةً عظيمةً، فاليوم أذاعتْ الوكالاتُ العالميةُ عن اجتماعٍ سريٍّ بينَ كلابِ لدنٍ النابحةِ السفيهةِ والمسعرةِ التي تقفُ خلفَ هذه فتنةِ المظاهراتِ وبين مسؤولٍ كبير في المخابراتِ الإيرانيةِ لتنسيقِ حصولِ الاضطراباتِ في المملكةِ ودعمِها، وبلادُ الغربِ المنافقِ وعلى رأسِه رأسُ الكفرِ والطغيانِ الذي يدّعي الحرصَ على الحرياتِ يدعو بلادنَا إلى عدمِ التعرضِ للمظاهراتِ، وكأن به حرصا على الشعوب وهو الذي فعلَ ما فعلَ بالعراقِ وأفغانستانِ وغيرها، فافتعلَ الحروبَ الطاحنةَ لأجلِ مصِ الخيراتِ في هذه البلادِ، وهو الذي يدّعي عداءَ إيرانَ المجوسيةِ في الظاهرِ، مع أنه هو الذي مكّنَ لها في العراقِ واليمنِ، ويريد ذلك في البحرينِ والسعوديةِ لخلخلةِ أمنِ البلادِ العربيةِ.
ليست شريعتنا مستمدةٌ من أمريكا ولا الغرب، شريعتنا مستمدة من كتاب الله القائل: وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ، وسنة رسوله الذي يقول: ((فَمَنْ رَأَيْتُمُوهُ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ أَوْ يُرِيدُ يُفَرِّقُ أَمْرَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ كَائِنًا مَنْ كَانَ فَاقْتُلُوهُ))؛ ولذا فعقيدتُنا أن من خرجَ في المظاهراتِ خروجًا يدعو فيها لمنازعةِ الحاكمِ في ولايتِهِ أو لإثارةِ الفتنِ وإراقةِ الدماءِ فإنه يجبُ دفعُه بالأسهلِ فالأسهلِ، فإن لم يندفعْ إلا بالقتلِ فإنه يقتلُ.
ولا يفوت أن ننوه على عدوّ ثالث هم الليبراليون الذين أثبتتْ هذه الأحداثُ أنهم متمكنونَ ولهم أنصارٌ مرتبطةٌ بالسفاراتِ الغربيةِ كما صرحَ النائبُ الثاني ووزيرُ الداخليةُ حفظه اللهُ بمعرفتِهِ بزوارِ السفاراتِ، وأنه سيقطعُ ألسنتَهم، هؤلاء أثبتوا في هذا الأسبوع بما لا يدعُ مجالًا للشكِ أنهم العدو الباطنِ، هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ، فحينَ تواجه بلادنا أخطرَ فتنةٍ -والفتنُ من حولِنا في كلِّ مكانٍ- يصعدونَ من الهجومِ في الصحفِ على المتدينينِ ويصورونهم برسومٍ مقززةٍ، والشعبُ كلُه متدينٌ مما يدلُ على أن قصدَهم الأول والأخير هو خلخلةُ أمنِ البلدِ وإيجادُ الفتنِ بينَ الراعي والرعية، لكن سيثبتُ الشعبُ السعوديُّ وإن تأذتْ عيونه مما يكتبُ وتقرحتْ أكبادُه مما يقرأُ أنه ملازمٌ لشعارِ أهلِ السنةِ والجمعةِ من لزومِ الجماعةِ والسمعِ والطاعةِ.
يجبُ أن لا نساومَ على دولةٍ قامتْ على التوحيدِ والسنةِ مهما ظهرَ من الأخطاءِ، إن في أعناقِنا بيعةً يجبُ الوفاءُ بها طاعةً للهِ ورسولِه، يدُنا بيدِ ولاةِ أمرِنا في هذه الفتنةِ هم منَا ونحنُ منهم، سلمُنا سلمُهم وحربُنا حربهم، فنحنُ نناصحُ وهم يقبلونَ، نحن نخطئُ وهم يحلمونَ. هكذا سارت سفينة البلاد على مدار قرونٍ مضتْ.
حفظ الله بلادنا وشعبنا من كلِّ سوءٍ ومكروه، وجنبنا الفتن ما ظهر وما بطن...
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 21-03-2011, 12:45 AM
  #194
حمدان المري
عضو
تاريخ التسجيل: Mar 2011
المشاركات: 48
حمدان المري is on a distinguished road
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب

جزاك الله خيرااا
حمدان المري غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 25-03-2011, 06:35 AM
  #195
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب

وجوب الاجتماع وعدم الفرقة


الخطبة الأولى
الحمد لله الواحدِ الأحد، الفرد الصمَد، الذي لم يلِد ولم يولَد، ولم يكن له كفوًا أحد، تفرّد بالخلق والتدبير، وتعالى عن الشبيه والنظير، فاستحقَّ وحدَه أن يُعبد، أحمده تعالى وأشكره، خلقنا ورزقنا وكفانا وآوانا، وهدانا للإسلام، واختصَّنا ببعثةِ سيّد الأنام، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن لربِّه تعبَّد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، جعل الإسلامَ طريق الجنّة الأوحَد، وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله، من أطاعه فقد اهتدى ورشد، ومن عصاه فلن يضرَّ إلا نفسه، ولن يضرَّ الله شيئًا.
سمعنا ما دعت إليه قناة (الإفساد) التي تسمي نفسها بقناة الإصلاح،
والعاقل يقف ويسأل اي اصلاح تدعوا اليه

تدعو إلى التظاهر والخروج على ولاة الأمر وتحريض العوام على معصيتهم والخروج عليهم، وهذا من الفساد العظيم والشر المستطير، وهذه فتنة عظيمة يريد أهل الفساد إثارتها في مجتمعنا الآمن، يريدون التفريق بيننا وإثارة الفتن وقلاقل،
وذلك بمباركة وتشجيع من دول الكفر لهم التي تفتح لهم بلادَها وتؤمّن لهم الحماية والرعاية من أجل النيل من وحدتنا وإفساد بلادنا وتخريب أمننا، وحتى يسهل عليهم السيطرة على بلادنا وخيراتنا، وهذا الأمر يتنافى مع ديننا الحنيف وعقيدتنا الإسلامية التي تأمر بطاعة ولاة الأمر فيما لا معصية فيه لله تعالى، يقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ [النساء: 59]، ويقول النبي : ((من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني، ومن عصى الأمير فقد عصاني)).
فمن وصايا النبي طاعة ولي الأمر فيما لا معصية فيه لله، سواء أحب المرء ذلك أو كرهه، بمعنى أنك تطيع ولي الأمر في أي أمر ليس فيه معصية لله تعالى وإن أحبته النفس أو كرهته، يقول أبو ذر رضي الله عنه: إن خليلي أوصاني أن أسمع وأطيع وإن كان عبدا حبشيا مجدع الأطراف، وعند البخاري: ولو لحبشي كأن رأسه زبيبة. ويقول : ((خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنوكم))، فقلنا: يا رسول الله، أفلا ننابذهم بالسيف عند ذلك؟ قال: ((لا، ما أقاموا فيكم الصلاة، ألا من ولي عليه وال فرآه يأتي شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يدا من طاعة)).
فالخروج على ولاة الأمر شر كبير وخطره عظيم على الأمة كلها، فلا يجوز الخروج عليهم وإن كانوا ظلمة، وإن رأى منهم معصية فلا يجوز الخروج عليهم، يقول الإمام الطحاوي في عقيدته المشهورة: "ولا نرى الخروج علي أئمتنا وولاة أمورنا وإن جاروا، ولا ندعو عليهم، ولا ننزع يدا من طاعتهم، ونرى طاعتهم من طاعة الله عز وجل فريضة، ما لم يأمروا بمعصية، وندعو لهم بالصلاح والمعافاة".
فمن خلال النصوص السابقة من كتاب الله تعالى وسنة نبيه الكريم وكلام العلماء يتبين لنا أن طاعة ولاة الأمر أمر واجب، وقد أجمع العلماء على ذلك، وهو عبادة يتعبد بها المسلم ربّه، كما أن المسلم يطيع الله تعالى في إقامة الصلاة والزكاة وصيام رمضان وغيرها من العبادات فإنه كذلك يجب عليه طاعة الله تعالى وعبادته بطاعة ولاة الأمر وعدم الخروج عليهم مهما كان حالهم ما دام أنهم لم يأمروا بمعصية الله تعالى.
وينبغي أن نعلم ـ يا عباد الله ـ أن ولي الأمر الذي تجب طاعته هو كل من يتولى أمر المسلمين بمبايعة من أهل الحل والعقد، وكذلك كل من يوليهم الإمام من النواب كالوزراء والرؤساء والمدراء وغيرهم ممن لهم ولاية في أي أمر من الأمور أو في أي مجال من المجالات المختلفة، فإنهم تجب طاعتهم، لأن في طاعتهم طاعة ولي الأمر الأعظم الذي أوجب الله تعالى طاعته.
فعلى المسلم السمع والطاعة لولاة الأمر وإن رأى من ولي الأمر ما يكره، ولا يخرج على جماعة المسلمين، فإنه إذا مات فقد مات ميتة جاهلية، يقول النبي : ((من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر، فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات فميتته جاهلية)).
لعل البعض ـ يا عباد الله ـ يسأل: ما السبب الذي يجعل الإسلام يؤكد على طاعة ولاة الأمر وعدم الخروج عليهم مهما كانت الظروف والأحوال ومهما ظهر منهم من ظلم أو غيره؟! فالسبب في ذلك هو أن ما يترتب على معصيتهم والخروج عليهم من المفاسد أضعاف ما يحصل من ظلمهم، والحكمة أيضا حتى تجتمع كلمة الأمة، ولمنع الفرقة والشقاق، كل ذلك من أجل الحفاظ على الأمة من الفتنة التي لا تبقي ولا تذر، فظلم الولاة وإن كان مفسدة إلا أن الخروج عليهم أعظم مفسدة؛ لأن من القواعد الشرعية أن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة.
ينبغي أن نعلم أن الأمة لا تقوم لها قائمة ولا يرتفع لها ذكر إلا بوجود إمام مطاع يقوم على شؤونها ويرعى مصالحها بتنفيذ شريعة الله تعالى التي يتحقق فيها العدل وتستقيم بها الأمور، وبوجود محكومين يمتثلون أمر إمامهم في غير معصية الله تعالى. ولا يخفى على كل ذي عقل ما يحصل من المفاسد من قتل الأنفس وهتك الأعراض وتدمير البلاد وضياع الأموال والأمور في حال عصيان ولاة الأمر والخروج عليهم. ولا يخفى علينا في تلك البلاد التي حصل فيها من الفساد والفوضى والأمور التي يحمد عقباها حتى يومنا هذا.
وينبغي أن نعلم ـ يا عباد الله ـ أن هؤلاء الذي يمسون أنفسهم بأهل الإصلاح هم دعاة شر وفساد، فعلى المسلم أن يلزم جماعة المسلمين وإمامهم، فقد جاء في حديث حذيفة رضي الله عنه قال: فقلت: هل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: ((نعم، دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها))، فقلت: يا رسول الله، صفهم لنا، قال: ((نعم، قوم من جلدتنا، يتكلمون بألسنتنا))، قلت: يا رسول الله، فما ترى إن أدركني ذلك؟ قال: ((تلزم جماعة المسلمين وإمامهم))، فقلت: فإن لم تكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: ((فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض على أصل شجرة، حتى يدركك الموت وأنت على ذلك)) أخرجه مسلم.
أقول هذا وأستغفر الله...


الخطبة الثانية
الحمد لله نحمده على نعمه، ونستعينه على طاعته، ونستنصره على أعدائه، ونؤمن به حقا، ونتوكل عليه صدقاً، مفوضين إليه أمورنا، وملجئين إليه ظهورنا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بعثه على فترة من الرسل، ودُروس من العلم، وإدبارٍ من الدنيا، وإقبال من الآخرة، بشيراً بالنعيم المقيم، ونذيراً بين يدي عذاب أليم، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله، فأدى عن الله وعده ووعيده، حتى أتاه اليقين، فعليه من الله صلاة ورحمة وسلام إلى يوم الدين.

عن العرباض بن سارية قال: وعظنا رسول الله موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله، كأنها موعظة مودع، فماذا تعهد إلينا؟ فقال: ((أوصيكم بالسمع والطاعة، فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة)).
فهذه المظاهرات والتجمعات وغيرها من الأمور التي فيها التحريض على معصية ولاة الأمور والدعوة إلى الخروج عليهم هي من الأمور المبتدعة التي تفرّق شمل الأمة، وتزرع الشقاق بينها، وتنشر الفوضى والفساد، فاتقوا الله عباد الله، وعليكم بالسمع والطاعة لله تعالى ورسوله ، وطاعة ولاة الأمر، واحذروا من مسالك أهل الضلال والغواية ودعاة التحريض والفتنة من القنوات المنحرفة والأشخاص المشبوهين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون.
ومثلما نبهت في الجمعة الماضية انبه في هذه الجمعة لإخواني المقيمين واقول انتم اخوتنا وهذا البلد بلدكم ونحن اخوانكم واهلكم فنكن جميعا يدا واحده في وجه كل عابث وفي وجه كل مخرب
احمد الله انك في بلد امن وامان تنام وانت آمن تذهب الى عملك وزوجتك في بيتها آمنه اولادك بنين وبنات يذهبون الى مدارسهم ويعودون وانت في امن وامان تسافر متى شئت واسرتك في بيتك لا يعترك الخوف عليهك
تقف امام الصراف وتسحب ما تريد من المال وانت مطمئن تسافر بعائلتك من شرق المملكة الى غربها ومن شمالها الى جنوبها وانت آمن فلنحافظ على هذا الأمن

أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا } لا يشكر الله من لا يشكر الناس) إسناد صحيح رواه أحمد وأبو داود والترمذي

وروى أحمد من حديث الأشعث بن قيس مرفوعا مثل حديث أبي هريرة ورواه أيضا بلفظ آخر { إن أشكر الناس لله تعالى أشكرهم للناس

وعن عائشة رضي الله عنها مرفوعا } من أتى إليه معروف فليكافئ به فإن لم يستطع فليذكره فمن ذكره فقد شكره { رواه أحمد .

وفي حديث آخر } الأمر بالمكافأة فإن لم يستطع فليدع له) رواه أبو داود وغيره من حديث ابن عمر .

وعن أسامة مرفوعا { من صنع إليه معروف فقال لفاعله : جزاك الله خيرا فقد أبلغ في الثناء } رواه الترمذي . وقال : حسن صحيح غريب .

قال : قد روي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله .

وقال أبو داود : حدثنا عبد الله بن الجراح حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم } قال : من أبلى بلاء فذكره فقد شكره وإن كتمه فقد كفره )

وعن النعمان مرفوعا } من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير ، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله عز وجل ، والتحدث بنعمة الله عز وجل شكر وتركها كفر ، والجماعة رحمة ، والفرقة عذاب { رواه أحمد حديث حسن
وانني من هذا المنطلق النبوي اشكر الله عز وجل ثم اشكر خادم الحرمين الشريفين على ماقدم من مساعدات بلغت بالمليارات
في خدمة دين الله ممثلة فيما قدمه للهيىئات الآمره بالمعروف وللمساجد وللمواطنين سواء العاطل منهم او الموظف وليس هذا المقام مقام ايضاح
فجزاه الله عنا خيرا واسال الله ان يبارك في عمره وفي عمله
صلوا على من امركم الله بالصلاة والسلام عليه
الدعاء
عباد الله ان الله يامر بالعدل والاحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون اذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم لذكر الله اكبر والله يعلم ما تصنعون
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 12-04-2011, 08:49 AM
  #196
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب

ثلاث عشرة فضيلة في التبكير الى الصلاة

الخطبة الأولى
الحمد لله الذي أعزنا بالإسلام، وأكرمنا بالإيمان، ورحمنا بنبيه عليه الصلاة والسلام، فهدى به من الضلالة، وجمع به من الشتات، وألف به من الفرقة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، صدق أولياءه الوعد بالنصر على أعدائه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله خاتم رسله وأنبيائه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليما كثيرا.

أمّا بعد: فأوصيكم -أيها المسلمون- ونفسي بتقوى الله جل وعلا، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ.

عباد الله، إن الملاحِظَ لحال كثير من المصلين هذه الأيام يرى أن أكثرهم لا يحضر للصلاة إلا عندما يسمع الإقامة، وهذا قد فاته خير عظيم وثواب جزيل لا يعلم به إلا الله.

إن للحضور المبكِّر للصلاة أثرا عظيمًا في الخشوع فيها، فإن من يحضر إلى المسجد مبكرًا ويصلي ما كُتب له أن يصليه ويذكر الله ويدعوه -فإن الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة كما ثبت ذلك عنه- ليس كمن يحضر إلى المسجد مسرعًا ليدرك مع المصلين ما فاته، فشتان ما بين الاثنين.

فينبغي للمسلم أن يأتي إلى الصلاة مبكرًا، ويقرأ ما تيسر من القرآن بتدبّر وخشوع، فذلك أدعى للخشوع في الصلاة، يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي يرويه أبو هريرة: ((لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه)) رواه البخاري ومسلم، وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها سئلت عن حال النبي في بيته، فقالت: إنه يكون في خدمة أهله، ويعجن العجين أحيانًا، فإذا سمع "حيّ على الصلاة حي على الفلاح" فكأنه لا يعرفنا ولا نعرفه. متفق عليه. فكان يلبي نداء ربه حين يسمع النداء صلوات الله وسلامه عليه.

وتكبيرة الإحرام هي أوّل شجرة تُقطَف منها ثمرة الخشوع والذلّ والانكسار لله، تقطفها وتتذوق حلاوتها حينما تتصور وقوفك بين يدي الله، وحينما يستغرق تفكيرك في معاني التكبير، فتتصور قدر عظمة الله في هذا الكون، وتتأمل و أنت تكبّر في قول الله جل وعلا: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ، ثم تتأمل قول ابن عباس: (إن الكرسي موضع القدم)، فحينئذ تدرك حقيقة "الله أكبر"، تدركها وهي تلامس قلبك الغافل عن الله فتوقظه وتذكّره بعِظَم الموقف وعظم الأمانة التي تحمّلها الإنسان، التي عُرضت على السموات والأرض فأبين أن يحملنها وأشفقن منها.

تدرك حقيقة التكبير وأسراره، وتنظر إلى حالك مع الله وما فرطتَ في جنبه سبحانك، ثم تتيقّن أنه سبحانه قد نصَب وجهه لوجهك في لحظه التكبير، لتقيم الصلاة له راجيًا رحمته وخائفًا من عذابه، إنه لموقف ترتعش له الجوارح وتذهل فيه العقول.

وإن الحضور المبكر للصلاة ليجعل المسلم يُقبل على الصلاة بقلب متفرغ عن مشاغل الدنيا، ويهيئ نفسه وقلبه وجوارحه للوقوف بين يدي الله سبحانه، ومن داوم على ذلك وجد في ذلك لذة لا تعدلها لذة، ووجد راحة وطمأنينة لا يجدها إلا في بيوت الله، حتى إنه ليحمل هم خروجه من الصلاة، ولا يخرج وقت صلاة إلا وهو في شوق إلى الصلاة التي تليها، وهكذا حتى يصبح قلبه معلقا بالمساجد، ويكون من السبعة الذين يظلهم الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله كما في الحديث الصحيح. وقد ذكر شراح هذا الحديث معنى قوله: ((معلقٌ بالمساجد))، أي: أنه كلما حضرت صلاة وصلاها خرج من المسجد وهو في شوق إلى الرجوع إليه والعودة إليه، وقد روي عن عدي بن حاتم أنه قال: (والله، ما جاءت صلاة إلا وأنا في شوق إليها)، وروي عن ثابت أنه قال: "والله، إني لأدخل في الصلاة وأنا في همّ من خروجي منها". وهذا لا يأتي إلا بعد صبر ومجاهدة.

وقد ذكر أهل العلم عدّةَ فضائل في التبكير إلى الصلاة نذكر منها:

1- أن منتظر الصلاة لا يزال في صلاة ما انتظرها، قال عليه الصلاة والسلام: ((لا يزال أحدكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة)) متفق عليه، وفي رواية: ((لا يزال العبد في صلاة ما كان في المسجد ينتظر الصلاة)) رواه البخاري.

2- أن الذي ينتظر الصلاة تصلي عليه الملائكة وتدعو له بالمغفرة والرحمة ما دام في مصلاه ما لم يحدث أو يؤذ فيه، قال عليه الصلاة والسلام: ((الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه ما لم يحدث: اللهم اغفر له اللهم ارحمه)) متفق عليه، وفي رواية: ((ما لم يؤذ فيه)) رواه البخاري.

3- أن انتظار الصلاة بعد الصلاة سبب في محو الخطايا ورفع الدرجات، وهو من الرباط، قال عليه الصلاة والسلام: ((ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟)) قالوا: بلى يا رسول الله؟ قال: ((إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخُطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط)) رواه مسلم.

4- أن في التبكير إلى المسجد ضمانًا لإدراك صلاة الجماعة التي تفضل على صلاة المنفرد بسبع وعشرين درجة، كما في حديث ابن عمر المتفق عليه.

5- أن المبكّر إلى المسجد يدرك تكبيرة الإحرام مع الإمام، وقد قال عليه الصلاة والسلام: ((من صلى أربعين يومًا في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كُتب له براءتان: براءة من النار وبراءة من النفاق)) رواه الترمذي وصححه الألباني.

6- أن بالتبكير يدرك الصفّ الأول الذي قال عنه: ((لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا)) متفق عليه، وقوله: ((يستهموا)) أي: يضربوا قرعة. وقال عليه الصلاة والسلام: ((خير صفوف الرجال أوّلها وشرّها آخرها)) رواه مسلم، وقال أيضًا: ((إن الله وملائكته يصلون على الصف المقدّم)) رواه النسائي، وفي لفظ: ((الصف الأول))، وكان يستغفر للصف المقدّم ثلاثًا وللثاني مرة. رواه أحمد.

7- وكذا إدراك ميمنة الصف، وقد قال عليه الصلاة والسلام: ((إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف)) رواه أبو داود وحسنه ابن مفلح.

8- وإدراك التأمين وراء الإمام في الصلاة الجهرية، وفي ذلك فضل عظيم، قال: ((إذا قال الإمام: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ فقولوا: آمين، فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه)) متفق عليه، وفي لفظ: ((من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه))، وفي رواية: ((إذا قال أحدكم: آمين وقالت الملائكة في السماء: آمين، فوافقت إحداهما الأخرى غُفر له ما تقدم من ذنبه)) رواه البخاري.

9- أن المبكر إلى المسجد يتمكن من الإتيان بالنوافل المشروعة بين الأذان والإقامة من السنن الراتبة والنوافل المطلقة، وهو ما دلّ عليه حديث: ((بين كل أذانين صلاة، لمن شاء)) متفق عليه. والمراد بين كل أذان وإقامة، وحديث: ((ما من صلاة مفروضة إلا وبين يديها ركعتان)) رواه ابن حبان.

10- أن المبادرة إلى الصلاة دليل على تعلق القلب بالمسجد، وقد قال عليه الصلاة والسلام: ((سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله))، فذكر منهم: ((ورجل معلّق قلبه بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه)) متفق عليه.

11- أن التبكير إلى المسجد وانتظار الصلاة سبب في حضور القلب في الصلاة وإقبال المرء على صلاته وخشوعه فيها؛ وذلك أنه كلما طال مكثه في المسجد وذكر الله زالت مشاغله وتعلقاته الدنيوية عن قلبه، وأقبل على ما هو فيه من قراءة وذكر، بخلاف المتأخر فإن قلبه لا يزال مشغولاً بما هو فيه من أمور الدنيا، ولذا فإنك تلاحظ أن أوائل الناس دخولاً المسجد آخرهم خروجًا، وآخرهم دخولاً المسجد هم أوائلهم خروجًا في الغالب، وما ذلك إلا لما ذكرته. وقد قال عليه الصلاة والسلام مبينًا أهمية الخشوع وحضور القلب في الصلاة: ((إن الرجل لينصرف وما كتب له إلا عشر صلاته، تسعها، ثمنها، سبعها، سدسها، خمسها، رعبها، ثلثها، نصفها)) رواه أحمد.

12- أن المبكِّر يتمكن من الدعاء بين الأذان والإقامة، فالدعاء لا يردّ بين الأذان والإقامة. رواه النسائي وصححه ابن خزيمة. وكذلك يتمكن من الإتيان بأذكار الصباح في الصباح والمساء في المساء وقت الفجر والمغرب.

بارك الله لي ولكم في القرآن الكريم، ونفعني وإياكم بما في من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه، إنه كان غفارا.






الخطبة الثانية


الحمد لله هدانا لأقوم طريق، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان.

أيها الناس، اتقوا الله، فمن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب.

أيها الإخوة، المسلمون، ومن فضائل التبكير إلى المسجد أيضًا:

13- أن من يأتي مبكرًا غالبًا يأتي إلى الصلاة بسكينة ووقار، فيكون ممتثلاً أمر النبيِّ، بخلاف المتأخر فإنه غالبًا يأتي مستعجلاً غير متّصف بالسكينة والوقار، قال عليه الصلاة والسلام: ((إذا أتيتم الصلاة فعليكم بالسكينة، ولا تأتوها وأنتم تسعون)) متفق عليه.

فمن الآداب عند الخروج إلى المسجد الخروج إليه بسكينة ووقار وتذلّل وخضوع للباري سبحانه. وفي الصحيحين عنه أنه قال: ((إذا أتيتم الصلاة)) وفي لفظ: ((إذا سمعتم الإقامة فامشوا وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا))، وفي رواية: ((فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة)) رواه البخاري ومسلم.

وقد كان السلف رحمهم الله يحرصون على إدراك تكبيرة الإحرام وعلى الحضور المبكر إلى الصلاة، روي عن سعيد بن المسيب رحمه أنه قال لابنته قبل وفاته وهي تبكي عنده: "يا بنيّه، لا تبكي عليّ؛ فوالله ما فاتتني تكبيرة الإحرام أربعين عاما". فكيف الحال بمن تفوته تكبيرة الإحرام في اليوم الواحد مرات؟! وقد كان يعزي بعضهم بعضًا إذا فاتتهم تكبيرة الإحرام، روِيَ عن حاتم الأصمّ رحمه الله أنه فاتته تكبيرة الإحرام يومًا، فجاءه بعض أصحابه يعزّونه على ذلك، فلما رآهم بكى، فقيل له: ما يبكيك؟ فقال: فاتتني تكبيرة الإحرام، فعزّاني بعض أهل المدينة، ولو مات لي ولد لعزّاني أهل المدينة كلّهم، ولمَوت أبنائي جميعًا أحبّ إلي من أن تفوتني تكبيرة الإحرام. وقد روي عن محمد بن واسع رحمه الله أنه قال: "من رأيتَه يتساهل في تكبيرة الإحرام فاغسِل يديك منه".

فانظروا إلى شدة حرصهم على إدراك تكبيرة الإحرام، وما ذلك إلاّ لعلمهم بالأجر الذي قد أعدّه الله لمن أدرك هذه التكبيرة.

ثم صلوا وسلموا رحمكم الله على النبي الكريم كما أمركم بذلك المولى العزيزُ الرحيم...
__________________


التعديل الأخير تم بواسطة المناضل السليماني ; 12-04-2011 الساعة 08:51 AM
المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 12-04-2011, 06:17 PM
  #197
أبو عبد الرحمن
عضو جديد
تاريخ التسجيل: Apr 2011
المشاركات: 7
أبو عبد الرحمن is on a distinguished road
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب

أتقدم بالشكر الجزيل إلى الله أولاً ثم إلى الأخوة القائمين على مجالس قحطان عامة والأخوة القائمين على مجلس الإسلام والحياة خاصةفلهم مني الشكر والتقدير حيث أنني استفدت من هذا المجلس الكثير لأنني خطيب جمعة وأفادوني الأخوة بهذه الخطب القيمة وأتمنى منهم
1/ المزيد من الخطب
2/ أن يجعلوا سلسة من الخطب لكل شهر أو شهرين في موضوع وأحد متتابع ليستفيد منه الخطيب والسامع شكر الله لكم وجعل ذلك في موازين أعمالكم يوم تلقونه إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير
أخوكم أبو عبدالرحمن
hgodvd31@hotmail.com
أبو عبد الرحمن غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 18-04-2011, 08:08 AM
  #198
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب

السلام عيكم ورحمة الله وبركاته

احييك يالغالي وقرأت ردك في وأسعدني كثيرا استفادتك منه وآمل ان تدل غيرك عليه

بالنسبة لوجود سلسلة عن موضوع معين
فيوجد اخي سلسلة اشراط الساعة الصغرى
http://www.qahtaan.com/vb/showthread.php?t=49935&page=2

وهنا سلسلة اشراط الساعة الكبرى
http://www.qahtaan.com/vb/showthread.php?t=49935&page=4

وهنا سلسلة رحلة الى الدار الآخرة وكل ماسبق من اصول العقيدة وهو الايمان بالغيب
http://www.qahtaan.com/vb/showthread.php?t=49935&page=5
وجدت لها اثر عجيب ولله الحمد
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 18-04-2011, 04:16 PM
  #199
أبو عبد الرحمن
عضو جديد
تاريخ التسجيل: Apr 2011
المشاركات: 7
أبو عبد الرحمن is on a distinguished road
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب

لا فض فوك أخي الفاضل المناضل السليماني وأســـأل المولى جلا وعلا أن يبيض وجهك يوم تبيض وجوه وتسود وجوه كما اسأله أن يجعل هذا العمل في موازين أعمالك والقائمين على هذا الموقع المميز وأن يجعل منبركم منبر خير
تقبلوا تحياتي وتقديري
أبو عبد الرحمن غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 06-05-2011, 04:59 AM
  #200
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب

الصحابي الجليل عبد الله بن الزبير

الخطبة الأولى

الحمد لله ...................................

وبعد: أيها المسلمون، فاتقوا الله تعالى، فإنها وصيته سبحانه للأمم كلها: وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنْ اتَّقُوا اللَّهَ [النساء: 131].

ثم إنه مما يزيد الإنسان فخرًا أن يبقى في ضيافة أحد الكرماء الشرفاء النبلاء، وأن يرافق أحد الشجعان الأقوياء العظماء، وأن يستمع إلى سيرة أحد الصحابة الفضلاء الأصفياء. نحن وإياكم في هذا اليوم المبارك على مائدة من موائد السِّيَر، وعلى ضفاف بحر من بحور التربية الجادة، وفي بيت من بيوت الإيمان بالله تعالى. نتحدث عن حياة رجل وسيرة بطل وصفات فذّ من الصحابة الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم، رجل كانت ولادته للمسلمين فتحًا، وكانت حياته إيمانًا وتقوى، وكانت وفاته للناس عبرة ودرسًا.

أبوه هو الزبير حواريّ رسول الله وصفيه، وأمّه أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما ذات النطاقين، هل عرفتموه؟ إنه عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد القرشي.

كان مولده فتحًا للمسلمين؛ لأن المسلمين مكثوا في المدينة سنة لا يولد لهم، فقال اليهود: سحرناهم فلا يولد لهم ولد، فولد عبد الله بن الزبير، فكان يُعدّ أول مولود للمسلمين في المدينة بعد الهجرة، وفرح المسلمون بولادته فرحًا كبيرا، فأتت به أمّه الرسول، فوضعه في حجره، ثم دعا بتمرة فمضغها ثم وضعها في فمه، فكان أول شيء دخل بطنه ريق النبيّ، ثم دعا له بالبركة، وسماه عبد الله على اسم جدّه أبي بكر، وكناه بكنيته.

وظهرت عليه علامات الشجاعة منذ طفولته، فذات يوم تحدث بعض الصحابة مع النبي في أمر أبناء المهاجرين والأنصار الذين ولدوا في الإسلام حتى أمثال عبد الله بن الزبير وعبد الله بن جعفر وعمر بن أبي سلمة، وقالوا له: لو بايعتهم فتصيبهم بركتك ويكون لهم ذكر؟ وجاؤوا بهم إلى النبي فخافوا ووجلوا من النبي، إلا عبد الله بن الزبير الذي اقتحم أولهم، فرآه النبيّ فتبسَّم، وقال: ((إنه ابن أبيه))، وبايعه النبي وهو ابن سبع سنين. رواه مسلم.

ومرّ به عمر بن الخطاب وهو يلعب ففرّ الصبيان ووقف هو، فقال له عمر‏:‏ ما لك لم تفر معهم؟ فقال‏:‏ لم أجرم فأخافك، ولم تكن الطريق ضيقة فأوسّع لك‏.‏

وقد روي من غير وجه أن عبد الله بن الزبير شرب من دم النبيّ ، كان النبيّ قد احتجم في طست فأعطاه عبد الله بن الزبير ليريقه فشربه، فقال له: ((لا تمسك النار إلا تحلة القسم، وويل لك من الناس، وويل للناس منك))، وفي رواية أنه قال له: ((يا عبد الله، اذهب بهذا الدم فأهريقه حيث لا يراك أحد))، فلما بعد عمد إلى ذلك الدم فشربه، فلما رجع قال: ((ما صنعت بالدم؟)) قال: إني شربته لأزداد به علما وإيمانا وليكون شيء من جسد رسول الله في جسدي وجسدي أولى به من الأرض، فقال: ((أبشر، لا تمسك النار أبدا، وويل لك من الناس، وويل للناس منك)).

وذكر الذهبي في سير أعلام النبلاء أن مجاهدًا قال: كان ابن الزبير إذا قام إلى الصلاة كأنه عود، وقال ثابت البناني: كنت أمر بابن الزبير وهو خلف المقام يصلي كأنه خشبة منصوبة لا تتحرك، وقسم ابن الزبير الدهر على ثلاث ليال، فليلة هو قائم حتى الصباح، وليلة هو راكع حتى الصباح، وليلة هو ساجد حتى الصباح. انتهى كلام الذهبي.

وعن مسلم ابن يَنَّاق قال: ركع ابن الزبير يوما ركعة فقرأنا بالبقرة وآل عمران والنساء والمائدة وما رفع رأسه. وقال مجاهد‏:‏ لم يكن باب من أبواب العبادة يعجز عنه الناس إلا تكلفه ابن الزبير، ولقد جاء سيل طبق البيت فجعل ابن الزير يطوف سباحةً‏.‏

أيها المسلمون، ولقد كان عبد الله بن الزبير وهو لم يجاوز السابعة والعشرين بطلا من أبطال الفتوح الإسلامية، وشارك في فتح إفريقية والأندلس والقسطنطينية. وفي فتح إفريقية وقف المسلمون في عشرين ألف جنديّ أمام عدوّ قوامه مائة وعشرون ألفا، وألقى عبد الله نظرة على قوات العدو فعرف مصدر قوته التي تكمن في ملك البربر وقائد الجيش الذي يصيح بجنده ويحرضهم على الموت بطريقة عجيبة، فأدرك عبد الله أنه لا بد من سقوط هذا القائد العنيد، ولكن كيف؟ نادى عبد الله بعض إخوانه وقال لهم: احموا ظهري واهجموا معي، وشقّ الصفوف المتلاحمة كالسهم نحو القائد حتى إذا بلغه هوى عليه في كرَّة واحدة فهوى، ثم استدار بمن معه إلى الجنود الذين كانوا يحيطون بملكهم فصرعوهم ثم صاحوا: الله أكبر! وعندما رأى المسلمون رايتهم ترتفع حيث كان قائد البربر يقف أدركوا أنه النصر، فشدّوا شدَّة رجل واحد، وانتهى الأمر بنصر المسلمين. كما اشترك في الجيوش الإسلامية التي فتحت إصطخر من بلاد فارس.

ولما حوصر الخليفة عثمان بن عفان في بيته سنة 35هـ=655م كان عبد الله بن الزبير في مقدمة المدافعين عنه.

ومن المواقف المؤثرة في حياته ما ورد أن عائشة رضي الله عنها بلغها أن عبد الله بن الزبير كان في دار لها باعتها، فسخط عبد الله بيع تلك الدار فقال: أما والله لتنتهينّ خالتي عائشة عن بيع رباعها ودورها أو لأحجرن عليها، قالت عائشة: أوَقال ذلك؟! قالوا: قد كان ذلك، قالت: لله عليّ أن لا أكلّمه حتى يفرِّق بيني وبينه الموت، فطالت هجرتها إياه فأثر ذلك في حياة ابن الزبير، فاستشفع بكلّ أحد فأبت أن تكلّمه. فلما طال ذلك كلّم المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن الأسود أن يشملاه بأرديتهما ثم يستأذنا على عائشة، فإذا أذنت أدخلاه عليها، ففعلا ذلك، فدخلا وهي لا تشعر، فدخل معهما ابن الزبير فكشف الستر فاعتنقها وبكى وبكت عائشة بكاء كثيرًا، وناشدها ابن الزبير الله والرحم، ونشدها مسور وعبد الرحمن بالله والرحم، وذكرا لها قول رسول الله : ((لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث))، فلما أكثروا عليها كلّمته بعدما خشي أن لا تكلمه. ثم بعثت إلى اليمن بمال فابتيع لها أربعون رقبة فأعتقتها. قال عوف وهو أحد الرواة: ثم سمعتها بعد ذلك تذكر نذرها ذلك فتبكي حتى تبل خمارها.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.



الخطبة الثانية


الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

وبعد: مما يجدر ذكره هنا أن ابن الزبير حكم العراق والحجاز في عهد بني أمية تسع سنين، ولكن بني أمية أخذوا العراق منه بعد أن انتصروا على مصعب بن الزبير، فأعدّوا حملة عسكرية في عشرين ألف جندي، بقيادة الحجاج بن يوسف الثقفي، ووجهها عبد الملك بن مروان الأموي إلى الحجاز للقضاء على ابن الزبير المعتصم بمكة الذي لم يكن بمقدوره الصمود بعد أن فقد معظم دولته، ولم يبق له سوى الحجاز، ولم تكن بطبيعة الحال غنية بالمال والرجال، لكنه لم يسلّم الراية، ولم يستسلم مهما كلفه الأمر، فطبيعته وخلقه يأبيان ذلك.

توجه الحجاج إلى الحجاز، ونزل الطائف، وأخذ يرسل بعض جنوده لقتال ابن الزبير، فدارت بينهما عدة اشتباكات كانت نتيجتها في صالح الحجاج، ثم تقدّم إلى محاصرة عبد الله بن الزبير ونصب المنجنيق على جبل أبي قيس، فلما أهلّ ذو الحجة لم يستطع ابن الزبير أن يحجّ، وحجّ بالناس عبد الله بن عمر، وطلب من الحجاج أن يكفّ عن ضرب الكعبة بالمنجنيق؛ لأنّ الناس قد امتنعوا عن الطواف فامتثل الحجاج، وبعد الفراغ من طواف الفريضة عاود الحجاج الضرب، وتشدّد في حصار ابن الزبير حتى تحرّج موقفه، وانصرف عنه رجاله ومنهم ابناه حمزة وخبيب اللذان ذهبا إلى الحجاج وأخذا منه الأمان لنفسيهما.

فلما رأى عبد الله بن الزبير ذلك دخل على أمّه أسماء بنت أبي بكر حزينًا يشكو إليها ما هو فيه من هم وحزن، فشدّت من أزره، وأوصته بالصبر والثبات وعدم التراجع ما دام على الحقّ، فخرج من عندها وذهب إلى القتال، فاستشهد في المعركة في 17 من جمادى الأولى 73هـ، وبوفاته انتهت دولته التي استمرت نحو تسع سنين.

قال عمر بن عبد العزيز يومًا لابن أبي مُلَيْكة: صِفْ لنا عبد الله بن الزبير، فقال: والله، ما رأيت نفسًا رُكّبت بين جَنْبين مثل نفسه، ولقد كان يدخل في الصلاة فيخرج من كل شيء إليه، وكان يركع أو يسجد فتقف العصافير فوق ظهره وكاهله، لا تحسبه من طول ركوعه وسجوده إلا جدارًا أو ثوبًا مطروحا، ولقد مرَّت قذيفة منجنيق بين لحيته وصدره وهو يصلي، فوالله ما أحسَّ بها ولا اهتزّ له، ولا قطع من أجلها قراءته ولا تعجل ركوعه. وسئل عنه ابن عباس فقال على رغم ما بينهم من خلاف: (كان قارئًا لكتاب الله، مُتَّبِعًا سنة رسوله، قانتًا لله، صائمًا في الهواجر من مخافة الله، ابن حواريّ رسول الله، وأمّه أسماء بنت الصديق، وخالته عائشة زوجة رسول الله، فلا يجهل حقه إلا من أعماه الله).

كان عبد الله بن الزبير من العلماء المجتهدين، وما كان أحد أعلم بالمناسك منه، وقال عنه عثمان بن طلحة: كان عبد الله بن الزبير لا يُنازَعُ في ثلاثة: شجاعة، ولا عبادة، ولا بلاغة). وقد تكلّم عبد الله بن الزبير يومًا والزبير يسمع فقال له: أي بُنيّ، ما زلت تكلّم بكلام أبي بكر رضي الله عنه حتى ظننتُ أنّ أبا بكر قائمٌ، فانظُر إلى منْ تزوّج فإنّ المرأة من أخيها من أبيها. وأول من كسا الكعبة بالديباج هو عبد الله بن الزبير، وإن كان ليُطيِّبُها حتى يجد ريحها مَنْ دخل الحرم.

اللهم احشرنا في زمرة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقربنا إلى حبك.

عباد الله، صلوا على نبيكم وهاديكم محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وعلى آله وأزواجه وخلفائه وأصحابه وتابعيهم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم وفق الشباب للخير والصلاح، وجنبهم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، واجعلهم قرة عين لأمتهم يا رب العالمين...

__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
أذكار, أدعية, خطب, خطبة الجمعة, صلاة الجمعة, إسلاميات


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
من يوقف هدردماءاهل السنه يامسلمين في ايران المجوسيه الرافضية الصفوية ؟؟ ابومحمدالقحطاني فضائح وجرائم الروافض ضد أهل السنة 10 29-04-2015 06:44 PM
إبن سبأ اليهودي مؤسس الديانة الشيعية ابو عائشة الطائي فضائح وجرائم الروافض ضد أهل السنة 2 20-12-2009 10:31 PM
غزوات حدثت في شهر الانتصارات في رمضان المناضل السليماني مجلس الإسلام والحياة 5 30-08-2009 06:27 AM
أرقـــــــام وإيمـــيــلاتــ الدكـــتـــور جــــــــابـــــر القحطاني وبعض الوصفاتـــ سعيد الجهيمي عالم الصحه والغذاء 12 20-03-2008 12:02 PM
فتاوى السحر والمس والعين مفرغا من شريط للعلامة ابن باز : اعداد بعض طلبة العلم ابو اسامة مجلس الإسلام والحياة 11 26-05-2007 01:52 PM


الساعة الآن 05:37 PM

سناب المشاهير