ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب


مجلس الإسلام والحياة يهتم هذا القسم بجميع مايتعلق بديننا الحنيف

إضافة رد
قديم 07-06-2009, 10:22 AM
  #61
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت

الخطبة الأولى
الحمد لله................
عباد الله تحدثنا في الجمعة الماضية عن الصراط وقد نصب على متن جهنم وسمعنا بتساقط الناس في جهنم حديثنا اليوم عن النار دار البوار اللهم اجرنا منها ياعزيز ياغفار


عباد الله: إن الله جل وتعالى خلق الخلق ليعبدوه، ويخشوه ويخافوه، ونصب لهم الأدلة الدالة على عظمته وكبريائه، ليهابوه ويخافوه خوف الإجلال، ووصف لهم شدة عذابه ودار عقابه، التي أعدها لمن عصاه ليتقوه بصالح الأعمال، ولهذا كرر سبحانه وتعالى في كتابه ذكر النار، وما أعده فيها لأعدائه من العذاب والنكال، وما احتوت عليه من الزقوم والضريع والحميم والسلاسل والأغلال، إلى غير ذلك مما فيها من العظائم والأهوال.

لقد حذرنا الله عز وجل من النار في غير ما آية من كتابه، وأنذرنا منها رسوله صلى الله عليه وسلم في أكثر من حديث.

قال الله تعالى: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ قُواْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَـئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَّ يَعْصُونَ ٱللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6]، وقال تعالى: فَٱتَّقُواْ ٱلنَّارَ ٱلَّتِى وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَـٰفِرِينَ [البقرة:24]، وقال تعالى: لَهُمْ مّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مّنَ ٱلنَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذٰلِكَ يُخَوّفُ ٱللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يٰعِبَادِ فَٱتَّقُونِ [الزمر:16].

وعن عدي بن حاتم قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم النار، فأعرض وأشاح، ثم قال: ((اتقوا النار)) ثم أعرض وأشاح، حتى ظننا أنه كأنما ينظر إليها، ثم قال: ((اتقوا النار ولو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة)) أخرجه البخاري ومسلم.

وروى مسلم في صحيحه، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مثلي كمثل رجل استوقد ناراً، فلما أضاءت ما حولها جعل الفَراش وهذه الدواب التي في النار يَقَعْن فيها، وجعل يحجُزُهنّ ويغلِبْنَه فيتقحَّمْن فيها قال: فذلكم مثليَ ومثلكم، أنا آخذ بحُجَزِكم عن النار، هَلُمّ عن النار، هَلُمَّ عن النار، فتغلبوني وتقحَّمون فيها)).

ومقصود هذا الحديث كما ذكره النووي أنه صلى الله عليه وسلم شبّه تساقط الجاهلين والمخالفين لأمر الله بمعاصيهم وشهواتهم في نار الآخرة، وحرصهم على الوقوع في ذلك، من منعه إياهم وقبضه على مواضع المنع منهم، بتساقط الفراش في نار الدنيا لهواه وضعف تمييزه، وكلاهما حريص على هلاك نفسه، ساعٍ في ذلك بجهله، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية: وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلأَقْرَبِينَ [الشعراء:214]، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشاً فاجتمعوا فعَمَّ وخَصّ، فقال صلى الله عليه وسلم: ((يا بني كعب بن لؤي أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني مُرَّة بن كعب أنقذوا أنفسكم من النار..)) إلى أن قال عليه الصلاة والسلام: ((يا فاطمة أنقذي نفسك من النار فإني لا أملك لكم من الله شيئاً)).

يحكى عن يوسف بن عطية، عن المعلَّى بن زياد أنه قال: كان هَرم بن حيان يخرج في بعض الليالي وينادي بأعلى صوته: عجبت من الجنة كيف نام طالبها، وعجبت من النار كيف نام هاربها، ثم يقول: أَفَأَمِنَ أَهْلُ ٱلْقُرَى أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا بَيَـٰتاً وَهُمْ نَائِمُونَ [الأعراف:97].

أيها المسلمون، لقد امتدح الله عز وجل عباده المؤمنين، أولي الألباب بأنهم يخافون من النار فقال عز وجل: إِنَّ فِى خَلْقِ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأرْضِ وَٱخْتِلَـٰفِ ٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ لاَيَـٰتٍ لاِوْلِى ٱلاْلْبَـٰبِ ٱلَّذِينَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ قِيَـٰماً وَقُعُوداً وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِى خَلْقِ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَـٰطِلاً سُبْحَـٰنَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ ٱلنَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِنْ أَنْصَـٰرٍ [آل عمران:190-192].

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يستعيذ من النار كما يقول ذلك أنس رضي الله عنه فيما أخرجه البخاري في صحيحه: كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: ((ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار)). ويقول أبو هريرة رضي الله عنه: إنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((اللهم إني أعوذ بك من حر جهنم)).

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (لو نادى منادٍ من السماء، أيها الناس إنكم داخلون الجنة كلكم إلا رجل واحد لخفت أن أكون أنا هو).

وأخرج الإمام أحمد من طريق عبد الله بن الرومي قال: بلغني أن عثمان رضي الله عنه قال: لو أني بين الجنة والنار ولا أدري إلى أيتِها يؤمر بي، لاخترت أن أكون رماداً قبل أن أعلم إلى أيتِها أصير.

فيا عباد الله، إذا كان هذا حال رسولنا صلى الله عليه وسلم، وحال صحابته من بعده، فحري بنا أن يكون خوفنا من النار أشد منهم، لأن أعمالنا وإخلاصنا لا يقاس إلى أعمالهم وإخلاصهم. والخوف وحده لا يُنَجِّي أحداً من النار. فالقدر الواجب من الخوف ما حَمَلَ على أداء الفرائض واجتناب المحارم.

تأمل يا عبد الله إذا جيء بجهنم إلى الموقف، تقاد بسبعين ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها، قال تعالى: وَجِىء يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ ٱلإِنسَـٰنُ وَأَنَّىٰ لَهُ ٱلذّكْرَىٰ يَقُولُ يٰلَيْتَنِى قَدَّمْتُ لِحَيَاتِى فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُعَذّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ وَلاَ يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ [الفجر:23-26].

عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يؤتى بجهنم لها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها)) رواه مسلم.

أيها المسلمون، لقد أعدّ الله لأهل النار طعاماً هو الزقوم، وشراباً هو الحميم فقال سبحانه: ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا ٱلضَّالُّونَ ٱلْمُكَذّبُونَ لأَكِلُونَ مِن شَجَرٍ مّن زَقُّومٍ فَمَالِـئَونَ مِنْهَا ٱلْبُطُونَ فَشَـٰرِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْحَمِيمِ فَشَـٰرِبُونَ شُرْبَ ٱلْهِيمِ هَـٰذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ ٱلدّينِ [المعارج:51-56]. وقال تعالى: إِنَّ لَدَيْنَا أَنكَالاً وَجَحِيماً وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ وَعَذَاباً أَلِيماً [المزمل:12، 13]، وهو الشوك يأخذ بالحلق لا يدخل ولا يخرج. وقال جل وعلا: فَلَيْسَ لَهُ ٱلْيَوْمَ هَـٰهُنَا حَمِيمٌ وَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ لاَّ يَأْكُلُهُ إِلاَّ ٱلْخَـٰطِئُونَ [الحاقة:35-37]. (والغسلين): هو صديد أهل النار وهو شرابهم، وقال عز من قائل: وَسُقُواْ مَاء حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ [محمد:15]، وقال جل وعلا: لاَّ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلاَ شَرَاباً إِلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً [النبأ:24، 25]، وقال تعالى: هَـٰذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ وَءاخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوٰجٌ [ص:57، 58]، وقال جل وعلا: وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَاء كَٱلْمُهْلِ يَشْوِى ٱلْوجُوهَ بِئْسَ ٱلشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا [الكهف:29]، وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن على الله عهداً لمن يشرب المسكر، أن يسقيه من طِينة الخَبَال)) قالوا: يا رسول الله ما طينة الخَبَال؟ قال: ((عَرَق أهل النار أو عُصارة أهل النار)).

وأعد الله لأهل النار ثياباً فقال سبحانه: فَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ قُطّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مّن نَّارِ [الحج:19]، كيف يقوى الإنسان على لبس ثياب صنعت من النار، وهو لا يطيق ملابسه العادية في حر الصيف. وقال تعالى: سَرَابِيلُهُم مّن قَطِرَانٍ [إبراهيم:50].

وفي صحيح مسلم من حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((النائحة إذا لم تتب قبل موتها، تُقام يوم القيامة وعليها سِربال من قَطِران ودِرع من جَرَب)).

ثم إن تحية أهل النار عباد الله هو التلاعن كما قال تعالى: كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا [الأعراف:38]. فبدل السلام يتلاعنون، ويتكاذبون، ويكفِّرُ بعضهم بعضاً. فتقول الطائفة الأولى دخولاً للتي بعدها لا مرحباً بكم، وهذا إخبار من الله جل وعلا بانقطاع المودة بينهم، وأن مودتهم في الدنيا تصير عداوة، كما قال في الآية الأخرى: ٱلأَخِلاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ ٱلْمُتَّقِينَ [الزخرف:67].

فتأمل حال أولئك التعساء، الذين كان بعضهم يملي لبعض في الضلال، كيف تناكروا، وتلاعنوا في جهنم، وأصبحوا يتقلبون في أنواع العذاب، ويعانون من جهنم ما لا تطيقه الجبال، وما يُفَتِّتْ ذِكْرُه الأكبادَ، يقتحمون إلى جهنم اقتحاماً، فلا تسأل عما يعانونه من ثقل السلاسل والأغلال، قال الله تعالى: إِذِ ٱلأَغْلَـٰلُ فِى أَعْنَـٰقِهِمْ وٱلسَّلَـٰسِلُ يُسْحَبُونَ فِى ٱلْحَمِيمِ ثُمَّ فِى ٱلنَّارِ يُسْجَرُونَ [غافر:71، 72]، وقال تعالى: وَجَعَلْنَا ٱلاْغْلَـٰلَ فِى أَعْنَاقِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ [سبأ:33]، وقال تعالى: ثُمَّ فِى سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاْسْلُكُوهُ [الحاقة:32].

إن بين أيدينا يوم لا شك فيه ولا مراء، يقع فيه الفراق وتنفصم فيه العرى، فتدبره ـ يا عبد الله ـ أمرك قبل أن تُحضَر، قال الله تعالى: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا [آل عمران:30]، يا له من يوم يشيب فيه الولدان، وتسير فيه الجبال، وتظهر فيه الخفايا، وتنطق فيه الأعضاء، شاهدةٌ بالأعمال، فانتبه يا من قد وهى شبابه، وامتلأ بالأوزار كتابه.

أما بلغكم أن النار للكفار والعصاة أعدت، وإنها لَتَحْرِقُ كل من يلقى فيها قال الله تعالى: إِذَا أُلْقُواْ فِيهَا سَمِعُواْ لَهَا شَهِيقًا وَهِىَ تَفُورُ تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الغَيْظِ [الملك:7، 8]، وقال تعالى: إِنَّهَا تَرْمِى بِشَرَرٍ كَٱلْقَصْرِ كَأَنَّهُ جِمَـٰلَةٌ صُفْرٌ [المرسلات:32، 33].

يا غافـلاً عن منايا ساقها القـدرُ مـاذا الذي بعد شيب الرأس تتنظرُ

عـاين بقلبـك إن العين غافلـةٌ عـن الحقيقـة واعلم أنها سـقرُ

سـوداء تزفر من غيظٍ إذا سُعرت للظالميـن فمـا تُبقـي ولا تـذر

لو لم يكن لك غير الموت موعظةٌ لكان فيـه عن اللـذات مزدجـر

قال الله تعالى: لَهُم مّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ [الأعراف:41]، المِهاد هو الفراش، والغواشي هي الُّلحف. وقال عز وجل: وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَـٰفِرِينَ حَصِيرًا [الإسراء:8]، يروى أن رجلاً من سلف هذه الأمة كان إذا دخل المقابر نادى: يا أهل القبور بعد الرفاهية والنعيم، معالجة الأغلال في النار، وبعد القطن والكتَّان، لباس القَطِران، وبعد تلطف الخدم والحشم، ومعانقة الأزواج، مقارنة الشيطان في نار جهنم مقرنين في الأصفاد. ولما ماتت زوجة الفرزدق ودفنت وقف الفرزدق على قبرها وأنشد بحضور الحسن رحمه الله تعالى:

أخاف وراء القبـر إن لم يعافنـي أشد من القبر التهابـاً وأضيقـا

إذا جاء في يـوم القيامـة قائـدٌ عنيفٌ وسوّاق يسوق الفـرزدقا

لقد خاب من أولاد آدم من مشى إلى النار مغلول القـدادة أزرقـا

يساق إلى نـار الجحيم مسربـلاً سرابيل من قطرانٍ لباسـاً محرّقـا

إذا شربوا فيها الصـديد رأيتهـم يذوبون من حـر الصديـد تمزقا

فبكى الحسن رحمه الله تعالى.

النار ـ عافانا الله وإياكم ـ منها لها سبعة أبواب، كما أخبر الباري سبحانه وتعالى بذلك في قوله: وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلّ بَابٍ مّنْهُمْ جُزْء مَّقْسُومٌ [الحجر:43، 44]. وقال تعالى: وَسِيقَ ٱلَّذِينَ كَـفَرُواْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءوهَا فُتِحَتْ أَبْوٰبُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ ءايَـٰتِ رَبّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَـاء يَوْمِكُمْ هَـٰذَا قَالُواْ بَلَىٰ وَلَـٰكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ قِيلَ ٱدْخُلُواْ أَبْوٰبَ جَهَنَّمَ خَـٰلِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَـبّرِينَ [الزمر:71، 72].

وقد وصف الله الأبواب بأنها مُغلقة عليهم فقال تعالى: إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ [الهمزة:8]. يعني مطبقة عليهم.

وقد أخبر الله سبحانه وتعالى أن الكفار يحاولون الخروج من النار ولكنهم يرغمون على البقاء فيها قال الله تعالى: يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَ ٱلنَّارِ وَمَا هُم بِخَـٰرِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ [المائدة:37]. وقال تعالى: كُلَّمَا أَرَادُواْ أَن يَخْرُجُواْ مِنْهَا مِنْ غَمّ أُعِيدُواْ فِيهَا [الحج:22]، فلا يزالون يريدون الخروج مما هم فيه من الشدة وأليم العذاب، ولا سبيل لهم إلى ذلك، كلما رفعهم اللهب فصاروا في أعلا جهنم، ضربتهم الزبانية بمقامعِ الحديد فيردونهم إلى أسفلها. عندها يطلبون من المولى الخروج منها، فقال تعالى مخبراً عما قالوا: رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَـٰلِمُونَ [المؤمنون:107]، فيأتيهم الجواب: قَالَ ٱخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلّمُونِ [المؤمنون:108]، وقال جل وعز: وَنَادَوْاْ يٰمَـٰلِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَّـٰكِثُونَ [الزخرف:77]، وقال عز وجل: لاَ يُقْضَىٰ عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مّنْ عَذَابِهَا [فاطر:36].

روى البخاري في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسـلم: ((يؤتى بالموت كهيئة كبش أَمْلَح .. فيذبح ثم يقول: يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت)).

وهذا مما يدل على عدم فناء النار، وبقاء أهلها فيها يتقلبون في أنواع العذاب لا راحة ولا نوم، ولا هدوء ولا قرار، بل من عذاب إلى آخر، ولكل واحد منهم حد معلوم، على قدر عصيانه وذنبه، وأن أقلهم لو عرضت عليه الدنيا بحذافيرها لافتدى بها من شدة ما هو فيه، فكيف بمن يُسحبون في النار على وجوههم ويقال لهم: ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ [القمر:48]، وما أدراك ما سقر لا تُبقي ولا تذر، تأكل لحومهم وعروقهم وعصبهم وجلودهم، ثم تبدل غير ذلك. قال الله تعالى: يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِى ٱلنَّارِ يَقُولُونَ يٰلَيْتَنَا أَطَعْنَا ٱللَّهَ وَأَطَعْنَا ٱلرَّسُولاَ [الأحزاب:66]، ينادُون في وقت لا ينفع فيه النداء، ينادُون إلهاً ضيعوا أوامره، وارتكبوا نواهيه، فيا لها من حسرة، ويا لها من ندامة لا تشبهها ندامة، ويا لها من خسارة لا تعادلها خسارة قُلْ إِنَّ ٱلْخَـٰسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ أَلاَ ذَلِكَ هُوَ ٱلْخُسْرَانُ ٱلْمُبِينُ [الزمر:15].

بارك الله لي ولكم ..






الخطبة الثانية


أما بعد: عباد الله، اعلموا ـ رحمني الله وإياكم ـ أن في النار أودية، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد فيه ضعف قال: ((ويل وادٍ في جهنم يهوي فيه الكافر أربعين خريفاً قبل أن يبلغ قعره)) رواه الإمام أحمد والترمذي. ثم تأمل بعد ذلك في قعر جهنم وظلماتها وتفاوت دركاتها، فمما رواه مسلم في صحيحه من حديث خالد بن عمير قال خطب عُتْبة بن غزوان رضي الله عنه فقال: إنه ذُكر لنا أن الحجر يلقى من شفير جهنم فيهوي فيها سبعين عاماً ما يدرك لها قعراً والله لتملأنّ.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فسمعنا وَجْبَةً فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أتدرون ما هذا))، قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: ((هذا حجر رُمي به في النار منذ سبعين خريفاً، فهو يهوي في النار الآن، حين انتهى إلى قعرها)) رواه مسلم.

عباد الله، قال الله تعالى: وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ [فاطر:37]. وقال تعالى: وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ ٱلْمُجْرِمُونَ نَاكِسُواْ رُءوسِهِمْ عِندَ رَبّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَٱرْجِعْنَا نَعْمَلْ صَـٰلِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ [السجدة:12]، وقال سبحانه: وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى ٱلنَّارِ فَقَالُواْ يٰلَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذّبَ بِـئَايَـٰتِ رَبّنَا وَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ [الأنعام:27].

إن هذه الآيات لم تنـزل علينا عبثاً وإنّا ـ والله الذي لا إله إلا هو ـ لمحاسبون، فلا تُضيِّعوا أعماركم، وتَفَكَّروا ـ فو الله ـ لقد ذهب الكثير ولم يبقَ إلا القليل.

فيا ساهياً في غمرة الجهل والهوى *** صريع الأماني عـن قريب ستندم

أفق قد دنا الوقت الذي ليس بعده *** سوى جنةٍ أو حـرُ نـارٍ تضـرّم

وبالسـنة الغـراء كـن متمسكاً *** هي العروة الوثقى التي ليس تفصم

تمسك بها مسـك البخيـل بماله*** مـن الله يـوم العرض ماذا أجبتم

وخذ من تقى الرحمن أعظم جنّـة *** ليـوم بـه تبـدو عيانـاً جهنم

وينصبُ ذاك الجسر من فوق متنها *** فهـاوٍ ومخـدوش ونـاجٍ مسلم

وتشهد أعضاء المسيء بما جنـى*** كـذاك على فيـه المهيمن يختـم

فياليت شعري كيف حالك عندما *** تطايـر كتـب العالميـن وتقسم

أتـأخذ باليميـن كتابك أم تكن *** بالأخرى وراء الظهر منـك تُسلّم

فبادر إذاً مـا دام في العمر فسحة*** وعدلك مقبـول وصرفـك قيـم

وجد وسـارع واغتنم زمن الصبا *** ففي زمن الإمكان تسـعى وتغنم

وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((ناركم هذه ـ التي يوقِد ابن آدم ـ، جزء من سبعين جزءاً من حر جهنم))، قالوا: والله إن كانت لكافية يا رسول الله، قال: ((فإنها فضّلت عليها بتسعة وستين جزءاً، كلهنّ مثل حَرِّها)).

إن الطريق الوحيد لتخليص الإنسان نفسه من النار هو الابتعاد عن الشهوات، كما أخبر بذلك الصادق المصدوق عليه أفضل الصلاة والسلام بقوله: ((حُفَّت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات)) وفي رواية للبخاري: ((حجبت النار بالشهوات، وحجبت الجنة بالمكاره)) وهذا من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم، وبديع بلاغته في ذم الشهوات وإن مالت إليها النفوس، والحض على الطاعات وإن كرهتها النفوس وشق عليها، وقد ورد إيضاح ذلك من وجه آخر.

فقد روى غير واحد من أصحاب السنن من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال عليه الصلاة والسلام: ((لما خلق الله الجنة والنار، أرسل جبريل إلى الجنة فقال: انظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها، قال: فجاء فنظر إليها وإلى ما أعد الله لأهلها فيها، قال: فرجع إليه قال: وعزتك لا يسمع بها أحد إلا دخلها، فأمر بها فحُفت بالمكاره فقال: ارجع إليها فانظر إلى ما أعددت لأهلها فيها، قال: فرجع إليها فإذا هي قد حفت بالمكاره، فرجع إليه فقال: وعزتك لقد خفت ألا يدخلها أحد، وقال: اذهب إلى النار فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها، قال: فنظر إليها فإذا هي يركب بعضها بعضاً، فرجع إليه فقال: وعزتك لا يسمع بها أحد فيدخلها، فأمر بها فحفت بالشهوات فقال: ارجع إليـها، فرجع إليها فقال: وعزتك لقد خشيت أن لا ينجو منها أحد إلا دخلها)).

لابد أن يكون في تصور كل واحد قرب النار منه كما أخبر بذلك عليه الصلاة والسلام في حديث رواه البخاري بقوله: ((الجنة أقرب إلى أحدكم من شِرَاك نعله، والنار مثل ذلك)).

ومعناه أن الطاعة موصلة إلى الجنة وأن المعصية مقربة إلى النار، وأن الطاعة والمعصية قد تكون من أيسر الأشياء.

فينبغي للمرء أن لا يزهد في قليل من الخير أن يأتيه، ولا في قليل من الشر أن يجتنبه فإنه لا يعلم الحسنة التي يرحمه الله بها، ولا السيئة التي يسخط عليه بها. روي عن محمد بن كعب القرظي أنه قال: لأهل النار خمس دعوات، يُكلّمون في أربع منها، ويُسكت عنهم في الخامسة فلا يُكلّمون فيها. يقولون: رَبَّنَا أَمَتَّنَا ٱثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا ٱثْنَتَيْنِ فَٱعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَىٰ خُرُوجٍ مّن سَبِيلٍ [غافر:11]، فيرد عليهم: ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِىَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ كَـفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُواْ [غافر:12].

ثم يقولون: رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَٱرْجِعْنَا نَعْمَلْ صَـٰلِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ [السجدة:12]، فيرد عليهم: وَلَوْ شِئْنَا لاَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَـٰكِنْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ مِنْى لاَمْلانَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ فَذُوقُواْ بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَـٰذَا إِنَّا نَسِينَـٰكُمْ وَذُوقُـواْ عَذَابَ ٱلْخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [السجدة:13، 14].

ثم يقولون: رَبَّنَا أَخّرْنَا إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ ٱلرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُواْ أَقْسَمْتُمْ مّن قَبْلُ مَا لَكُمْ مّن زَوَالٍ [إبراهيم:44].

ثم يقولون: رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَـٰلِحاً غَيْرَ ٱلَّذِى كُـنَّا نَعْمَلُ [فاطر:37]، فيرد عليهم أَوَلَمْ نُعَمّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ ٱلنَّذِيرُ [فاطر:37].

وأما الخامسة فيقولون: رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالّينَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَـٰلِمُونَ [المؤمنون:106، 107]، فيرد عليهم: إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مّنْ عِبَادِى يَقُولُونَ رَبَّنَا ءامَنَّا فَٱغْفِرْ لَنَا وَٱرْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ ٱلرحِمِينَ فَٱتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً حَتَّىٰ أَنسَوْكُمْ ذِكْرِى وَكُنْتُمْ مّنْهُمْ تَضْحَكُونَ [المؤمنون:109، 110].

قال: فلا يتكلمون بعد ذلك أبداً.

اللهم ارحم ضعفنا وتول امرنا واجرنا من النار..


__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 07-06-2009, 03:22 PM
  #62
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت

الخطبتين السابقتين عن النار نفس الخطبتين مع وجود بعض التعديل في الخطبة الثانية من حيث الفصل بين الأبيات

الشعرية والخطبة الآتية ستكون عن النار ولكن حديثا مختلف إن شاء الله
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 07-06-2009, 03:36 PM
  #63
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت

وهذه احبتي ايضا عن النار


الخطبة الأولى
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره

أما بعد: النار هي الدار التي أعدها الله للكافرين، المتمردين على شرعه، المكذبين لرسله، وهي عذابه الذي يعذب فيه أعداءه، وسجنه الذي يسجن فيه المجرمين، وهي الخزي الأكبر، والخسران العظيم، الذي لا خزي فوقه، ولا خسران أعظم منه رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ ٱلنَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِنْ أَنْصَـٰرٍ [آل عمران:192]. إِنَّ ٱلْخَـٰسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ أَلاَ ذَلِكَ هُوَ ٱلْخُسْرَانُ ٱلْمُبِينُ [الزمر:15]. وكيف لا تكون النار كذلك وفيها من العذاب والآلام والأحزان، ما تعجز عن تسطيره الأقلام وعن وصفه اللسان إِنَّهَا سَاءتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً [الفرقان:66]، هَـٰذَا وَإِنَّ لِلطَّـٰغِينَ لَشَرَّ مَـئَابٍ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ [ص:55، 56].

النار يا عباد الله، شاسعة واسعة، بعيد قعرها، مترامية أطرافها، الذين يدخلونها أعداد لا تحصى. الذين يدخلونها يكون ضرس الواحد منهم في النار مثل جبل أحد، وما بين منكبيه مسيرة ثلاثة أيام. ومع ذلك فإنها تستوعب هذه الأعداد الهائلة التي وجدت على امتداد الحياة الدنيا، من الكفرة والمجرمين، ويبقى فيها متسع لغيرهم. روى البخاري ومسلم، حديث أنس رضي الله عنه، عن النبي قال: ((لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول هل من مزيد، حتى يضع رب العزة فيها قدمه، فينـزوي بعضها إلى بعض، وتقول: قَطْ قَطْ، بعزتك وكرمك)).

عباد الله، هل تعلمون أن نار جهنم تتكلم وتبصر، قال تعالى: إِذَا رَأَتْهُمْ مّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً [الفرقان:12]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي قال: ((تخرج عنق من النار، يوم القيامة، لها عينان تبصران، وأذنان تسمعان، ولسان ينطق، يقول: إني وكلت بثلاثة: بكل جبار عنيد، وبكل من دعا مع الله إلهاً آخر، وبالمصورين)) رواه الترمذي.

أيها المسلمون، هناك ذنوب متوعَّدٌ صاحبها بالنار، وهناك ما هو متحقق دخوله نار جهنم والعياذ بالله، نذكر بعضها:

أولها وفي مقدمتها، الكفر والشرك بالله جلّ وعلا قال تعالى: وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَـٰتِنَا أُولَـئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ [البقرة:39]، وقال جل وعز عن الشرك: إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَيهِ ٱلْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ ٱلنَّارُ وَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ [المائدة:72].

ومما متوعَّد صاحبه بالنار: النفاق إِنَّ ٱلْمُنَـٰفِقِينَ فِى ٱلدَّرْكِ ٱلاْسْفَلِ مِنَ ٱلنَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً [النساء:145]، وقال سبحانه: وَعَدَ الله الْمُنَـٰفِقِينَ وَٱلْمُنَـٰفِقَاتِ وَٱلْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَـٰلِدِينَ فِيهَا هِىَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ ٱللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ [التوبة:68].

ومن الذنوب الكِبْر، قال رسول الله : ((يقول الله تعالى: الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني واحداً منهما قذفته النار)) رواه أبو داود وابن ماجه.

ومن الذنوب والكبائر التي متوعد صاحبها بالنار، وهي بلية هذا الزمان ومصيبتها العظمى: الربا. قال الله تعالى في الذين يأكلونه بعد أن بلغهم تحريم الله له: وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ [البقرة:275]، وقال تعالى: يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ ٱلرّبَا أَضْعَـٰفاً مُّضَـٰعَفَةً وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَٱتَّقُواْ ٱلنَّارَ ٱلَّتِى أُعِدَّتْ لِلْكَـٰفِرِينَ [آل عمران:130، 131].

ومن الذنوب أيضاً: أكل أموال الناس بالباطل، قال الله تعالى: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوٰلَكُمْ بَيْنَكُمْ بِٱلْبَـٰطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَـٰرَةً عَن تَرَاضٍ مّنْكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ عُدْوٰناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً [النساء:29، 30].

ومن الذنوب عدم دفع الزكاة وَٱلَّذِينَ يَكْنِزُونَ ٱلذَّهَبَ وَٱلْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَبَشّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِى نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَـٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لانفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ [التوبة:34، 35].

ومما قد يُدخِل النار، الغفلة عن الآخرة والرضا والاطمئنان بالدنيا إَنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا وَرَضُواْ بِٱلْحَيوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَٱطْمَأَنُّواْ بِهَا وَٱلَّذِينَ هُمْ عَنْ ءايَـٰتِنَا غَـٰفِلُونَ أُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمُ ٱلنَّارُ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ [يونس:7، 8]، وقال سبحانه: مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ أُوْلَـئِكَ ٱلَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِى ٱلآخِرَةِ إِلاَّ ٱلنَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ [هود:15، 16]، ومما توعد صاحبه بالنار الركون والميل إلى الظلمة وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُمْ مّن دُونِ ٱللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ [هود:113].

الإجرام بكل صوره وأشكاله من الذنوب متوعد صاحبه بالنار وَتَرَى ٱلْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِى ٱلاْصْفَادِ سَرَابِيلُهُم مّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَىٰ وُجُوهَهُمْ ٱلنَّارُ [إبراهيم:49، 50]، وقال تعالى: وَرَأَى ٱلْمُجْرِمُونَ ٱلنَّارَ فَظَنُّواْ أَنَّهُمْ مُّوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُواْ عَنْهَا مَصْرِفًا [الكهف:53]، وقال سبحانه: إِنَّ ٱلْمُجْرِمِينَ فِى ضَلَـٰلٍ وَسُعُرٍ يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِى ٱلنَّارِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ [القمر:47، 48]. فلْيُفكِّرْ كل مجرم في حاله وليتذكر هذه الآيات خصوصاً إذا كان إجرامه في حق غيره.

ومما متوعد صاحبه بالنار، استبدال نعمة الله بالكفر، بل وإلزام الآخرين بذلك قال تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ ٱلْبَوَارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ ٱلْقَرَارُ وَجَعَلُواْ للَّهِ أَندَادًا لّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى ٱلنَّارِ [إبراهيم:28-30] .

ومما قد يوجب النار الفسق، بكل أنواعه ودرجاته: أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لاَّ يَسْتَوُونَ أَمَّا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ فَلَهُمْ جَنَّـٰتُ ٱلْمَأْوَىٰ نُزُلاً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فَسَقُواْ فَمَأْوَاهُمُ ٱلنَّارُ كُلَّمَا أَرَادُواْ أَن يَخْرُجُواُ مِنْهَا أُعِيدُواْ فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذّبُونَ [السجدة:18-20].

ومما متوعد صاحبه بالنار أيضاً معصية الله ورسوله، قال تعالى: وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَـٰلِدِينَ فِيهَا أَبَداً [الجن:23]، وقال تعالى: وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَـٰلِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ [النساء:14].

ومما متوعد صاحبه بالنار ـ والعياذ بالله منها ـ إضاعة الصلوات، وعدم الاهتمام بها، وهذا لا يكون إلا عن طريق اتباع الشهوات، فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ ٱلصَّلَـوٰةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوٰتِ فَسَوْفَ يَلْقُونَ غَيّاً [مريم:59].

ومن الذنوب التي يستحق فاعلها النار، الذي يقطع شجرة السدر التي يستظل بها الناس، عن عبد الله بن حبيش قال: قال رسول الله : ((من قطع سدرة، صَوّب الله رأسه في النار)) رواه أبو داود. هذا الذي يقطع ظل شجرة ينتفع الناس بها فكيف بالذي يقطع ظل الشريعة.

ومن الأمور أيضاً يا عباد الله، المتوعد صاحبها بأن يعذب بسببه في نار جهنم، وهذا خاص بطلاب العلم، وهو عدم الإخلاص في طلب العلم. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((من تعلم علماً مما يُبتغى به وجه الله عز وجل، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا، لم يجد عرف الجنة يوم القيامة)) ـ يعني ريحها ـ رواه ابن داود والحاكم. وعن جابر قال: قال رسول الله : ((لا تعلموا العلم لتباهوا به العلماء ولا تماروا به السفهاء، ولا تخيروا به المجالس، من فعل ذلك فالنار النار)) رواه ابن ماجه وابن حبان.

عباد الله، النار موعود بها مدمن الخمر وقاطع الرحم والمصدق بالسحر والمنان والنمام، وما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار، ومن أشد الناس عذاباً طائفتان المصورون الذين يضاهئون خلق الله، والذين يعذبون الناس في الدنيا.

أيها المسلمون، إن أهل النار ليسوا على درجة واحدة من العذاب، فهم يتفاوتون، وكل بحسب ما قدم من الأعمال. يقول عليه الصلاة والسلام، فيما رواه مسلم في صحيحه فقال في أهل النار: ((إن منهم من تأخذه النار إلى كَعْبيه، ومنهم من تأخذه النار إلى رُكْبتيه، ومنهم من تأخذه النار إلى حِقْوَيه، ومنهم من تأخذه النار إلى تَرْقُوَته)).

وكذلك يا عباد الله، فليس كل أحد يعذب كالآخر، وأيضاً فصور العذاب تختلف: فمن المعذبين في جهنم، أجارنا الله وإياكم منها من يُحرق جلده، وكلما احترقت بُدّل بجلد آخر ليحترق من جديد، وهكذا دواليك. إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـئَايَـٰتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَـٰهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً [النساء:56]، ومن الناس من يصب الحميم فوق رأسه، والحميم هو ذلك الماء الذي انتهى حره، فلشدة حره تذوب أمعاءه فَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ قُطّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مّن نَّارِ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُءوسِهِمُ ٱلْحَمِيمُ يُصْهَرُ بِهِ مَا فِى بُطُونِهِمْ وَٱلْجُلُودُ [الحج:19، 20].

ومن الناس من يأتيه العذاب عن طريق وجهه، وأكرم ما في الإنسان وجهه، ولذلك نهانا الرسول عن ضرب الوجه، ومن إهانة الله لأهل النار أنهم يحشرون يوم القيامة، على وجوههم عمياً وصماً وبكماً وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمّا مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا [الإسراء:97]، وقال تعالى: وَمَن جَاء بِٱلسَّيّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِى ٱلنَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [النمل:90]، ثم إن النار تلفح وجوههم، وتغشاها أبداً، لا يجدون حائلاً يحول بينهم وبينها، لَوْ يَعْلَمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ حِينَ لاَ يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ ٱلنَّارَ وَلاَ عَن ظُهُورِهِمْ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ [الأنبياء:39]، وقال جل وعز: تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ ٱلنَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَـٰلِحُونَ [المؤمنون:104]، وقال تعالى: سَرَابِيلُهُم مّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَىٰ وُجُوهَهُمْ ٱلنَّارُ [إبراهيم:50].

وانظروا ـ يا عباد الله ـ إلى هذا المنظر، الذي تقشعر لهوله الأبدان، وهو قول الله عز وجل: يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِى ٱلنَّارِ يَقُولُونَ يٰلَيْتَنَا أَطَعْنَا ٱللَّهَ وَأَطَعْنَا ٱلرَّسُولاَ [الأحزاب:66]، أرأيتم كيف يقلب اللحم على النار، كذلك تقلب وجوههم في النار نعوذ بالله من عذاب أهل النار.

ومن الناس من يسحب في النار إِنَّ ٱلْمُجْرِمِينَ فِى ضَلَـٰلٍ وَسُعُرٍ يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِى ٱلنَّارِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ [القمر:47، 48]، الذي يزيد في العذاب أنهم حال سحبهم في النار، يكونون مقيدين بالقيود والأغلال والسلاسل فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ إِذِ ٱلأَغْلَـٰلُ فِى أَعْنَـٰقِهِمْ وٱلسَّلَـٰسِلُ يُسْحَبُونَ فِى ٱلْحَمِيمِ ثُمَّ فِى ٱلنَّارِ يُسْجَرُونَ [غافر:70-72].

ومن الناس من يسود وجهه في النار، بفعله السيئات في الدنيا وَٱلَّذِينَ كَسَبُواْ ٱلسَّيّئَاتِ جَزَاء سَيّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُمْ مّنَ ٱللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِّنَ ٱلَّيْلِ مُظْلِماً أُوْلَـئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ [يونس:27].

أما سـمعت بأهـل النـار في النــار*** وعن مقاســاة ما يَلقُون في النار

أما سمعت بأكبــاد لهـم صَدَعــت *** خوفاً من النار قد ذابت على النار

أما سمعت بأغــلال تُنـاط بهـــم*** فيسحبـون بها سـحباً على النار

أما سمعت بضــيقٍ في مجالسهــم*** وفي الفــرار ولا فرار في النار

أما سمعت بحيــاتٍ تـدبُ بهـــا *** إليهم خُلقت من خالـص النــار

أما سمعت بأجسـادٍ لهـم نَضجــت *** من العذاب ومن غليٍ على النـار

أما سمعت بمــا يُكلَّفــون بـــه *** من ارتقاء جبال النار فـي النـار

حتى إذا ما علـوا على شواهقهـــا *** صُبوا بعنـف إلى أسـفل النـار

أما سمعت بزقــوم يُسوغـــــه *** ماءٌ صديـدٌ ولا تسويغ في النـار

يسقون منه كؤوسـاً مُلئت سقمـــاً*** ترمي بأمعـائهم رمياً على النـار

يشوي الوجوه وجوهاً ألبست ظُلمــاً*** بئس الشراب شـرابُ ساكن النار

ولا ينامون إن طـاف المنـام بهــم *** ولا منام لأهل النار في النــار

إن يستقيلوا فـلا تقـال عثرتهـــم*** أو يستغيثوا فلا غيـاث في النار

وإن أرادوا خـروجاً رُدّ خارجهــم*** بمقمع النـار مدحـوراً إلى النار

فهم إلى النار مدفوعـون بالنـــار*** وهم من النار يهرعون للنــار

ما أن يخفف عنهم مــن عذابهــمُ *** ولا تفتـ عنهـم سَـورَة النـار

فيا إلهي ومَـن أَحكامـه سـبقـت*** في الفرقتين من الجنـات والنار

رحماك يا رب في ضعفي وفي ضعتـي *** فما وَجودِك لي صـبرٌ على النار

ولا على حر شمـس إن بَـرزتُ لهـا *** فكيف أصبر يـا مـولاي للـنار

فإن تغمدنـي عفوٌ وثقـت بـــه*** منكـم وإلا فإنـي طعمـةُ النـار

ما ظنك بعذاب دار أهون أهلها عذاباً من كان له نعلان يغلي منهما دماغه، ما يرى أحداً أشد منه عذاباً وإنه لأهونهم، أما حال أهلها فشر حال، وهوانهم أعظم هوان، وعذابهم أشد عذاب، وما ظنك بقوم قاموا على أقدامهم خمسين ألف سنة، لم يأكلوا فيها أكلة، ولم يشربوا فيها شربة، حتى انقطعت أعناقهم عطشاً، واحترقت أكبادهم جوعاً.

ثم انصرف بهم إلى النار، فيسقون من عين آنية قد آذى حرها واشتد نضجها، فلو رأيتهم وقد أسكنوا داراً ضيقة الأرجاء، مظلمة المسالك، مبهمة المهالك، قد شدت أقدامهم إلى النواصي، واسودت وجوههم من ظلمة المعاصي، يسحبون فيها على وجوههم مغلولين، النار من فوقهم، والنار من تحتهم، والنار عن أيمانهم، والنار عن شمائلهم، لَهُم مّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذٰلِكَ نَجْزِى ٱلظَّـٰلِمِينَ [الأعراف:41]، فغطاؤهم من نار، وطعامهم من نار، وشرابهم من نار، ولباسهم من نار، ومهادهم من نار، فهم بين طبقات النيران وسرابيل القطران وضرب المقامع، وجر السلاسل يتجلجلون في أوديتها، ويتحطمون في دركاتها، ويضطربون بين غواشيها، ويطوفون بينها وبين حميم آن تغلي بهم كغلي القدر وهم يهتفون بالويل ويدعون بالثبور، يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُءوسِهِمُ ٱلْحَمِيمُ يُصْهَرُ بِهِ مَا فِى بُطُونِهِمْ وَٱلْجُلُودُ وَلَهُمْ مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ كُلَّمَا أَرَادُواْ أَن يَخْرُجُواْ مِنْهَا مِنْ غَمّ أُعِيدُواْ فِيهَا وَذُوقُواْ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ [الحج:19-22].

يتفجر الصديد من أفواههم، تتقطع من العطش أكبادهم، وتسيل على الخدود عيونهم وأهدابهم، كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَـٰهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ [النساء:56]، أمانيهم فيها الهلاك، وما لهم من أسرها فكاك، فما حال دار إذا تمنى أهلها تمنوا أن يموتوا؟ كيف بك لو رأيتهم وقد اسودت وجوههم؟ فهي أشد سواداً من الحميم، وعميت أبصارهم وأبكمت ألسنتهم وقصمت ظهورهم، ومزقت جلودهم وغلّت أيديهم إلى أعناقهم، وجمع بين نواصيهم وأقدامهم، يمشون على النار بوجوههم، ويطؤون حسك الحديد بأحداقهم، ينادون من أكنافها ويصيحون من أقطارها: يا مالك قد أثقلنا الحديد، يا مالك قد حق علينا الوعيد، يا مالك قد نضجت منا الجلود، يا مالك العدمُ خير من هذا الوجود، فيجيبهم بعد ألف عام، بأشد وأقوى خطاب وأغلظ جواب إِنَّكُمْ مَّـٰكِثُونَ لَقَدْ جِئْنَـٰكُم بِٱلْحَقّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقّ كَـٰرِهُونَ [الزخرف:77، 78].

فينادون ربهم وقد اشتد بكاؤهم وعلا صياحهم وارتفع صراخهم: رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالّينَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَـٰلِمُونَ [المؤمنون:106، 107]، فلا يجيبهم الجبار جل جلاله إلا بعد سنين، فيجيبهم بتوبيخ أشد من العذاب ٱخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلّمُونِ [المؤمنون:108]، فعند ذلك أطبقت عليهم وغلقت، فيئس القوم بعد تلك الكلمة أيما إياس، فتزداد حسراتهم وتنقطع أصواتهم فلا يسمع لهم إلا الأنين والزفير والشهيق والبكاء، يبكون على تضييع أوقات الشباب ويتأسفون أسف أعظم من المصاب، ولكن هيهات هيهات ذهب العمل وجاء العقاب.

بارك الله لي ولكم...



الخطبة الثانية


أما بعد: عباد الله، النار وما أدراكم ما النار، لله ما أشد عذابها، وما أبأس أهلها، فأنى لهم باحتمال حرها وسمومها، أي جزء من أجسامهم يقوى على آلامها؟!. كم تعلو لهم من صيحات، ويتردد منهم من صراخ، ولكن لا يجاب لهم نداء. يستغيثون من الجوع فيغاثون بشجرة الزقوم فيأكلون منها، فتنسلخ وجوههم، فإذا أكلوا منها ألقي عليهم العطش، فيستغيثون منه، فيغاثون بماء كالمهل، فإذا أدنوه من أفواههم أنضج حره الوجوه، فيصهر به ما في بطونهم والجلود، ويضربون بمقامع من حديد، فيسقط كل عضو على حياله يدعون بالثبور. ويذكرون الرجال الذين كانوا يعدونهم من الأشرار، فينادونهم بطلب الغوث منهم: وَنَادَىٰ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ أَصْحَـٰبَ ٱلْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ ٱلْمَاء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ قَالُواْ إِنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَا فَٱلْيَوْمَ نَنسَـٰهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَاء يَوْمِهِمْ هَـٰذَا وَمَا كَانُواْ بِـئَايَـٰتِنَا يَجْحَدُونَ [الأعراف:50، 51].

ويزيد في عذابهم تلك الخلقة التي زيدت فيهم. ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي قال: ((ما بين مَنْكِبيَ الكافر في النار مسيرة ثلاثة أيام للراكب المسرع)). وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن النبي قال: ((ضرس الكافر ـ أو ناب الكافر ـ مثل أُحُد، وغِلَظ جِلده مَسيرة ثلاث)) وهم في ذلك كله يتنقلون من عذاب إلى عذاب، ومن ألم إلى ألم، لا يفترون عن عويل وصياح: يا ويلنا يا ويلنا.

من يطيق زفرة من زفراتها؟ من يطيق لحظة من أيامها؟ من طيق لفحة من لهيبها؟ من يطيق لقمة من زقومها؟ من يطيق شربة من حميمها؟ من يطيق الحجاب عن ربه عز وجل، وهو أشد عذابها.

إلهـي لا تعذبـنـي فإنـي *** مقر بالـذي قـد كـان مني

فمـالي حيلـة إلا رجائـي*** لعفوك إن عفوت وحسن ظني

وكم من زلة لي في الخطايـا *** وأنت علـيّ ذو فضـل ومنّ

إذا فكرت فـي ندمي عليها *** عضضت أناملي وقرعت سنّي

أجن بزهـرة الدنيـا جنوناً *** وأقطع طـول عمري بالتمنّي

ولو أني صدقت الزهد عنها *** قلبت لأهلهـا ظهـر المجـنّ

يظـن الناس بي خيراً وإني*** لشرّ الخلق إن لـم تعف عنّي

النار عباد الله، دار الذل والهوان، والعذاب والخذلان، دار الشهيق والزفرات، والأنين والعبرات، دار أهلها أهل البؤس والشقاء، والندامة والبكاء، والأغلال تجمع بين أيديهم وأعناقهم، والنار تضطرم من تحتهم ومن فوقهم، شرابهم من حميم يصهر به ما في بطونهم والجلود، وأكلهم شجر الزقوم كالمهل يغلي في البطون كغلي الحميم، يدعون على أنفسهم بالموت فلا يجابون، ويسألون ربهم الخروج منها فلا يكلمون، كيف لو أبصرتهم وهم يسحبون فيها على وجوههم وهم لا يبصرون، أم كيف لو سمعت صراخهم وعويلهم وهم لا يسمعون: فَمَن زُحْزِحَ عَنِ ٱلنَّارِ وَأُدْخِلَ ٱلْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَا إِلاَّ مَتَـٰعُ ٱلْغُرُورِ [آل عمران:185].

جثت الأمم على الركب، وتبين للظالمين سوء المنقلب، انطلق المكذبون إلى ظل ذي ثلاث شعب، لا ظليلٍ ولا يغني من اللهب، وأحاطت بهم نار ذات لهب، سمعوا الزفير والجرجرة، وعاينوا التغيظ والزمجرة، ونادتهم الزبانية: فَٱدْخُلُواْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَـٰلِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَبّرِينَ [النحل:29].

الهاوية تجمعهم، والزبانية تقمعهم، في مضايقها يتجلجلون، وفي دركاتها يتحطمون. ترى المجرمين مقرنين في الأصفاد، سرابيلهم من قطران، وتغشى وجوههم النار. الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون، وبالنواصي والأقدام يؤخذون، وفي الحميم ثم في النار يسجرون. يصب من فوق رؤوسهم الحميم، يصهر به ما في بطونهم والجلود ولهم مقامع من حديد فوق رؤوسهم. تكوى جباههم وجنوبهم وظهورهم.

ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ طعامهم الزقوم والضَّريع، لا يسمن ولا يغني من جوع. شرابهم الحميم والغَسَّاق والماء الصديد، يشوي الوجوه ويقطع الأمعاء، ويملأ البطون: يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ [إبراهيم:17]، وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَـٰلِحاً غَيْرَ ٱلَّذِى كُـنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ ٱلنَّذِيرُ فَذُوقُواْ فَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِن نَّصِيرٍ [فاطر:37].

يتمنون الموت والهلاك، ولكن أين المفر؟ ومتى الفكاك؟ وَنَادَوْاْ يٰمَـٰلِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَّـٰكِثُونَ لَقَدْ جِئْنَـٰكُم بِٱلْحَقّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقّ كَـٰرِهُونَ [الزخرف:77، 78].

ثم يعلو شهيقُهم، ويزداد زفيرهم، وقد حيل بينهم وبين ما يشتهون، فيعظم يأسهم، ويرجعون إلى أنفسهم: سَوَاء عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ [إبراهيم:21]، نعوذ بالله ربِّنا من غضبه وأليم عقابه وعذابه.

عباد الله صلوا وسلموا على من امركم الله بالصلاة والسلام عليه
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-06-2009, 10:10 AM
  #64
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت


الخطبة الأولى : الجنة ونعيمها
الحمد لله الذي أمر بطاعته ، ونهانا عن معصيته ، ووعد الصالحين بجنته ، ومستقر رحمته ، وتوعد العصاة بدار نقمته ، وزوال نعمته وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له السيد المطاع ، له على خلقه الحجة [ البالغة ] بلا نزاع ، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله إلى خير أمة وأتباع ، .اللهم فصل وسلم على سيدنا محمد النبي المختار ، وعلى آله الأطهار ، وصحابته الأبرار ، وعلى التابعين لهم بإحسان في اقتفاء الآثار
حديثنا اليوم عن الجنة وما أعد الله فيها لأهلها وقبل ذلك اتكلم عن القنطرة وما ادراك مالقنطرة
في البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يخلص المؤمنون من النار، فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار، فيقص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هُذِّبُوا ونُقّوا أذن لهم في دخول الجنة، فوالذي نفس محمد بيده، لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله كان في الدنيا " وهذه القنطرة من أمور الغيب كالصراط والميزان، وأهل السنة والجماعة يؤمنون بهذا كله، فيؤمنون بكل ما أخبر الله به في كتابه، أو صح عن رسوله صلى الله عليه وسلم ، والقاعدة أن أمور الغيب يؤمن بها ولا يطلب العلم بكيفيتها، فلا نعلم كيفية الصراط وحقيقته على ما هو عليه، ولا نعلم كذلك كيفية هذه القنطرة، وبهذا يعلم أن السؤال عن مخطط لمراحل يوم القيامة سؤال غير لائق، فعلى المسلم أن يؤمن بهذه المغيبات تصديقاً لله ورسوله، ولا يطلب كيفيتها، فحقائق الآخرة لا يعلمها إلا الله، وسيدرك الناس من ذلك ما شاء الله لهم يوم القيامة إذا باشروا هذه الأحوال وعاينوا ما كان غيباً، والإيمان الذي مدح الله أهله هو الإيمان بالغيب، أما الأمور المعاينة كالشمس والقمر والأرض والجبال فليس مما يمدح الإيمان بوجوده، ولهذا قال سبحانه وتعالى: {هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون } [البقرة:2-4].
اسمحوليإخوة الإسلام في هذا اليوم العظيم ومن هذا المقام الكريم أتوجه إليكم بهذا الإعلان الهام والنداء العام، إنه دعوة إلى كل من انتسب إلى دين الإسلام، والداعي هو ربنا الرحمن في كتابه العظيم سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسوله وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين) .
إنها دعوة مهيبة ورسالة كريمة إلى حيث الراحة والاطمئنان والأمن والأمان والروح والريحان.
دعوة من الله جل جلاله لسكنى دار الخلد وجنة المأوى، صحتك فيها لا تقل ولا تفنى، وثيابك فيها لا تبلى، ووجهك فيها كالنجم في السما أو هو أصفى، وسنك فيه الثلاثة والثلاثين لا يتعدى، والجمال والكمال عليك فيها قد استولى حياتك فيها حياة رضية، وعيشك فيها سعادة أبدية، وأوقاتك فيها أوقات هنية، إنها دعوة تطير النفس في أجوائها وتحلق الروح في سمائها ويستروح القلب في قسماتها بعيدا عن الحياة الدنيا التي أكثر عيشها كدر ، إن سعد فيها المرء يوما شقي أياما، وإن تنعم ساعة تألم ساعات بل أعواماً. لا يخلو فيها فرح من ترح، ولا بهجة من حزن، ولا سرور من ألم.
إن كان فيها الإنسان فقيرا تعب في تحصيل قوته وقوت عياله، وإن رزقه المال فيها شقي في حفظه وإنمائه وإن ذاق فيها ما لذ وطاب ضاق بعدها بإخراج فضلاته، فما أحقر نعيم الدنيا الزائف أمام النعيم الحقيقي في الجنة، وما قيمة نعيم الدنيا من نعيم دار يقول الله عز وجل في كرامة أهلها وجزاهم بما صبروا جنة وحريراً متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريراً ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلاً ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قواريراً قوارير من فضة قدروها تقديراً ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا عينا فيها تسمى سلسبيلاً ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤاً منثوراً وإذا رأيت ثَمَّ رأيت نعيما وملكاً كبيراً عاليهم ثياب سندس خضر واستبرق وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شراباً طهوراً إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكوراً .


عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، والذين على أثرهم لأشد كوكب دري في السماء إضاءة، قلوبهم على قلب رجل واحد لا اختلاف بينهم ولا تباغض ولا تحاسد، لكل امرئ منهم زوجتان، كل واحدة منهما يرى مخ سوقهما من وراء لحمهما من الحسن، يسبحون الله بكرة وعشيا، لا يسقمون ولا يتمخطون ولا يبصقون، آنيتهم الذهب والفضة، وأمشاطهم الذهب، ووقود مجامرهم الألوة)) أي أعواد البخور.
وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن أدنى مقعد أحدكم من الجنة أن يقول له: تمن فيتمنى ويتمنى فيقول له هل تمنيت؟ فيقول: نعم، فيقول له: فإن لك ما تمنيت ومثله معه(
ما بالك ـ يا عبد الله ـ بجنة عرضها السماوات والأرض، ما بين مصراعي الباب مسيرة أربعين عامًا،
تفتح أبواب الجنة لأهل الجنة : جَنَّـٰتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ ٱلاْبْوَابُ وعدتها ثمانية، فإن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، وإن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، وإن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة، وإن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان. وقد يدعى العبد الصالح المحسن من تلك الأبواب كلها ، قال عتبة بن غزوان : وليأتين عليه يوم وهو كظيظ من الزحام
للمؤمن فيها خيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة، طولها ستون ميلاً، للمؤمن فيها أهلون، يطوف عليهم المؤمن فلا يرى بعضهم بعضًا، فيها غرف يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها، أعدها الله لمن أطاب الكلام، وأدام الصيام، وصلى بالليل والناس نيام.
فيها شجرة يسير الراكب الجواد المضمّر السريع مائة عام ما يقطعها، وساقها من ذهب، غراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، فيهما من كل فاكهة زوجان، وجنتان فيهما فاكهة ونخل ورمان، قد ذللت قطوفها تذليلاً، إن قام تناولها بيسر، وإن قعد تناولها بيسر، وإن اضطجع تناولها بيسر، كلما أخذ منها شيئًا خلفه آخر.
فيها أنهار من ماء غير آسن، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه، وأنهار من خمر لذة للشاربين، وأنهار من عسل مصفى، يطوف عليهم ولدان مخلدون، إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤًا منثورًا من جمالهم وانتشارهم في خدمة أسيادهم، يطوفون عليهم بكأس من معين، بيضاء لذة للشاربين، في آنية الفضة وصحاف من ذهب وأكواب من فضة في صفاء القوارير، شرابهم التسنيم والزنجبيل والكافور، وطعامهم فاكهة مما يتخيرون، ألين من الزبد وأحلى من العسل، ولحم طير مما يشتهون، يُعطى الواحد منهم قوة مائة في الأكل والشرب والجماع، ورشحهم المسك، ومجامرهم الألوّة، على خلق رجل واحد، على صورة أبيهم آدم ستون ذراعًا في السماء، جرد مرد مكحلون، ولو أن رجلاً من أهل الجنة اطلع فبدا أساوره لطمس ضوء الشمس، لا غل بينهم ولا حسد ولا بغضاء.


أما نساؤهم من الحور العين فلو اطلعت إحداهن إلى الأرض لأضاءت الدنيا، ولملأت ما بينها ريحًا، ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها، وللرجل من أهل الجنة زوجتان من الحور العين، على كل واحدة سبعون حلة يرى مخ ساقها من وراء الثياب، وأنشأهن الله إنشاءً فجعلهن أبكارًا، كلما أتاها زوجها رجعت بكرًا كما كانت، متوددة إلى زوجها متحببة إليه، قصرت طرفها عليه، طاهرة مطهرة من الأنجاس والأقذار والأرجاس، وإنهن ليغنين لأزواجهن بأحسن أصوات، ما سمعهن أحد قط.


وإن أهل الجنة لا يبولون ولا يتغوطون ولا يتمخطون ولا يتفلون، أمشاطهم الذهب، يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤًا ولباسهم فيها حرير، هم وأزواجهم في ظلال على الأراك متكئون، متكئون على فرش بطائنها من استبرق، وجنى الجنتين دان، يلهمون التسبيح كما تلهمون النفس.
وإن في الجنة لسوقًا يأتونها كل جمعة، فتهب ريح الشمال فتحثو في وجوههم وثيابهم فيزدادون حسنًا وجمالاً، فيرجعون إلى أهلهم وقد ازدادوا حسنًا وجمالاً، فيقول لهم أهلوهم: والله لقد ازددتم بعدنا حسنًا وجمالاً، فيقولون: وأنتم والله لقد ازددتم بعدنا حسنًا وجمالاً.
وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وهم فيها خالدون، لا يبغون عنها حولاً ولا هم منها مخرجون،
وينادي فيهم مناد: إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدًا، وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدًا، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدًا، وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا، فذلك قول الله عز وجل: وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمْ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [الأعراف:43]، ثم يحل عليهم رضوانه فلا يسخط عليهم بعده أبدًا، ويذبح الموت بين الجنة والنار.
فإذا دخل أهل الجنة الجنة نادى مناد: يا أهل الجنة، إن لكم عند الله موعدًا يريد أن ينجزكموه، فيقولون: ما هو؟ ألم يثقل موازيننا ويبيض وجوهنا ويُدْخِلَنا الجنة ويزحزحنا عن النار؟! قال: فيكشف لهم الحجاب فينظرون إليه، فوالله ما أعطاهم الله شيئًا أحب إليهم من النظر إليه ولا أقرّ لأعينهم منه، وهو أعلى نعيم أهل الجنة في الجنة. فإنهم ينعمون برؤية ربهم البر الرحيم الذي مَنّ عليهم حتى أوصلهم بفضله إلى دار السلام والنعيم، يرونه عيانًا بأبصارهم كما قال تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [القيامة:22، 23].
وإن سألت أخي عن أهلها والطريق الموصل إليها فاستمع إلى قول الحق جل وعلا: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ أُوْلَئِكَ هُمْ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
بارك الله لي ولكم ......

الخطبة الثانية
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فاتقوا الله ـ عباد الله ـ حق التقوى، وتزودوا من دنياكم بما ينفعكم في الأولى والأخرى، واعلموا أن خير الزاد التقوى.
عباد الله، ((إن آخر من يدخل الجنة رجل، فهو يمشي مرة ويكبو مرة، وتسفعه النار مرة، فإذا ما جاوزها التفت إليها، فقال: تبارك الذي نجاني منك، لقد أعطاني الله شيئًا ما أعطاه أحدًا من الأولين والآخرين، فتُرفعُ له شجرة فيقول: أي رب أدنني من هذه الشجرة لأستظل بظلها وأشرب من مائها، فيقول الله عز وجل: يا ابن آدم لعلّي إن أعطيتكها سألتني غيرها، فيقول: لا يا رب، ويعاهده أنه لا يسأل غيرها، وربّه يعذره؛ لأنه يرى ما لا صبر له عليه، فيدنيه منها، فيستظل بظلها ويشرب من مائها، ثم ترفع له شجرة هي أحسن من الأولى فيقول: أي رب، أدنني من هذه لأشرب من مائها وأستظل بظلها لا أسألك غيرها، فيقول: يا ابن آدم، ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها؟ فيقول: لعلّي إن أدنيتك منها تسألني غيرها، فيعاهده أن لا يسأله غيرها، وربه يعذره؛ لأنه يرى ما لا صبر له عليه، فيدنيه منها، فيستظل بظلها ويشرب من مائها، ثم تُرفع له شجرة عند باب الجنة هي أحسن من الأولين فيقول: أي رب، أدنني من هذه لأستظل بظلها وأشرب من مائها لا أسألك غيرها، فيقول: يا ابن آدم ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها؟ قال: بلى يا رب، هذه لا أسألك غيرها، وربه يعذره؛ لأنه يرى ما لا صبر عليه فيدنيه منها، فإذا أدناه منها فيسمع أصوات أهل الجنة، فيقول: أي رب أدخلنيها، فيقول: يا ابن آدم ما يصريني منك ـ أي: ما يقطع مسألتك مني ـ أيرضيك أن أعطيك الدنيا ومثلها معها، قال: يا رب، أتستهزئ بي وأنت رب العالمين؟! فيضحك الله فيقول: إني لا أستهزئ منك، ولكني على ما أشاء قادر)) رواه مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه.
وبعد: عباد الله، أسمعتم إلى حال أدنى أهل الجنة منزلة في الجنة، إنه لنعيم عظيم فما بالكم بأعلاها، إنها ـ والله ـ لفرصة عظيمة للراغبين في دخولها، لا سيما في هذا الشهر العظيم الذي يتفضل الله فيه على عباده فيعتقهم من النار ويدخلهم الجنات، فاعمل يا عبد الله.
واعمل لدار غدًا رضوان خازنها والجار أحمد والرحمن بانيها
عباد الله صلوا وسلموا على من امركم
__________________


التعديل الأخير تم بواسطة المناضل السليماني ; 08-06-2009 الساعة 10:11 AM
المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-06-2009, 06:00 PM
  #65
ابومحمدالقحطاني
مشرف سابق
تاريخ التسجيل: Apr 2007
المشاركات: 525
ابومحمدالقحطاني is a splendid one to beholdابومحمدالقحطاني is a splendid one to beholdابومحمدالقحطاني is a splendid one to beholdابومحمدالقحطاني is a splendid one to beholdابومحمدالقحطاني is a splendid one to beholdابومحمدالقحطاني is a splendid one to beholdابومحمدالقحطاني is a splendid one to beholdابومحمدالقحطاني is a splendid one to behold
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت

جزاك الله خير وكتبها الله بميزان حسناتك

يثبت الموضوع ليعم النفع للجميع من اعضاء وزوار
__________________
** تذكر أن من أحب الأعمال إلى الله : الصلاة على وقتها وبر الوالدين **







استمع للقرآن أثناء تصفحك http://www.tvquran.com

التعديل الأخير تم بواسطة ابومحمدالقحطاني ; 08-06-2009 الساعة 06:02 PM
ابومحمدالقحطاني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 10-06-2009, 12:59 PM
  #66
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت

اخوي ابو محمد جزاك الله خيرا وثبت الله قدمك يوم تزل الأقدام
----------------------------------------------------------------------------------------------
تم ولله الحمد الانتهاء من السلسلة ( سلسلة رحلة الى الدار الآخرة)
__________________________________________________ _____________________________________

هذه الخطبة بعنوان هل ضاع القدس هل فقدنا الأمل
الخطبة الأولى
ان الحمد لله نحمده ونستعينه_------------------

أما بعد:

عباد الله، فإن أحسن الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

ثم أما بعد، أيها المسلمون، بين جعجعة وأخرى، وبين كلمات وما في معناها، وبين مقالات وكتابات في صحف وغيرها لبعض المنافقين ومن في قلوبهم مرض، أن القدس ضاعت ولن تعود، مما أفاض على كثير من قلوب المسلمين القنوط واليأس من استردادها، وذلك لظنهم أن اليهود أصبحوا قوة عظيمة بالإضافة إلى حلفائهم. يطيب لنا الحديث وإظهار الحق للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.

فنقول: أيها المسلمون، إن القدس لم تضع ولن تضيع، لأن الله وعد بهذا، وكذلك رسوله صلى الله عليه وسلم.

يقول الله تعالى: وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا ٱلْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ ٱلْمَنصُورُونَ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَـٰلِبُونَ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّىٰ حِينٍ وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ [الصافات:171-175].

نعم:

أيها المسلمون، إن القائلين لهذه المقالة (القدس ضاعت ولن تعود من كفرة ومنافقين) إنما أرادوا إيقاظ اليأس ونشره في قلوب المسلمين، مع علمهم بأن القدس لم تضع. ولكننا نقول: أيها المسلمون باستقراء كتاب ربنا الذي يغرس فينا ـ أهل الإسلام ـ حقائق الوحي، ومن ذلك أن قوم موسى حين كانت تُستحيى نساؤهم ويذبح أطفالَهم فرعونُ يقول: وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَـٰهِرُونَ [الأعراف:127]، نزل قول الله تعالى بعد ذلك كله وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِى ٱلأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ ٱلْوَارِثِينَ وَنُمَكّنَ لَهُمْ فِى ٱلأرْضِ وَنُرِىَ فِرْعَوْنَ وَهَـٰمَـٰنَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَحْذَرونَ [القصص:5، 6].

نعم، عباد الله، هكذا وعد الله فلن تضيع القدس وذلك لأن الله كرمها بسكنى الأنبياء فلن يرجعها لقتلة الأنبياء، ولكن الأيام دول وَتِلْكَ ٱلاْيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ ٱلنَّاسِ [آل عمران:140]، مهما عمل اليهود وأتباع اليهود فالقدس عائدة وراجعة فلا تكونوا يائسين.

أيها المسلمون، المستقبل لدين الله، والعزة لأوليائه، ولا تكونوا مثل من رأى العدو يتبجح ويتقوى وتحت ظل هذه الرؤية رأى أنه مهما عملنا لن نغير من الواقع شيئاً ولن نجني سوى التعب والمشقة، فليس إذا في السعي فائدة، فإذا بكم تنظرون إليه متجهم الوجه عاقد الحاجبين مقطب الجبين رافعاً راية: "لو أسلم حمار الخطاب ما أسلم عمر"، حين يطلب منه خدمة دينه ولو بكلمة يقول: "أنت تؤذّن في خرابة، ولا أحد حولك"، "وتنفخ في قربة مقطوعة"، وغيرها من عبارات تصدأ بها الأفهام بعد صقالها، وترد ذكران العقول إناثاً، هلك الناس في نظره وقد هلك، وصف النبي صلى الله عليه وسلم هذه الحالة النفسية وصفاً دقيقاً بقوله كما ثبت عند مسلم: ((إذا قال الرجل: هلك الناس فهو أهلكهم)).

معاشر المؤمنين: مما لا شك فيه أن حقائق اليوم هي أحلام الأمس، وأحلام اليوم هي حقائق الغد، والضعيف لا يظل ضعيفاً أبد الآبدين، والقوي لا يظل قوياً أبد الآبدين وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِى ٱلأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ ٱلْوَارِثِينَ وَنُمَكّنَ لَهُمْ فِى ٱلأرْضِ وَنُرِىَ فِرْعَوْنَ وَهَـٰمَـٰنَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَحْذَرونَ [القصص:5، 6].

نعم يا عباد الله، إننا نملك الإيمان بنصر الله لنا، وثقة بتأييده لنا، ويقيناً بسنة الله تعالى في إحقاق الحق وإبطال الباطل ولو كره المجرمون، واطمئناناً إلى وعده الذي وعد به المؤمنين وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِى ٱلأرْضِ كَمَا ٱسْتَخْلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ ٱلَّذِى ٱرْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدّلَنَّهُمْ مّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِى لاَ يُشْرِكُونَ بِى شَيْئاً [النور:55]، نعم يعبدونني لا يشركون بي شيئاً، نعم عباد الله إنه وعد يشحذ الهمم ويستنفر العزائم ويملأ الصدور ثقة وإيماناً بأن الدور لنا لا علينا وأن التاريخ معنا لا علينا، وإنا لنحن المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون.

سنة الله رب العالمين ولن تجد لسنة الله تحويلاً، ولا تزال طائفة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم على الحق منصورة لا يضرها من خالفها، وليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل كما ثبت ذلك عنه صلى الله عليه وسلم.

وما أنتم أيها المسلمون إلا أُجراء عند الله كيفما أراد أن يعمل عملتم وقبضتم الأجر، ولكن ليس لكم ولا عليكم أن تتجه الدعوة إلى مصير، فذلك شأن صاحب الأمر لا شأن الأجير، وحسبكم أن من الأنبياء من يأتي يوم القيامة ومعه الرجل ومعه الرجلان والثلاثة، ومن يأتي وليس معه أحد، لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ [البقرة:272]، إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ ٱلْبَلَـٰغُ [الشورى:48].

وآية الآيات في هذا الدين ـ يا عباد الله ـ أنه أشد ما يكون قوة وأصلب ما يكون عوداً وأعظم ما يكون رسوخاً وشموخاً حين تنزل بساحته الأزمات وتحدق به الأخطار وتشتد على أهله الكرب وتضيق بهم المسالك وتوصد عليهم المنافذ، حينئذ ينبعث الجثمان الهامد ويتدفق الدم في عروق أبنائه ينطلق فينتفض، يقول فيُسمع، ويمشي فيُسرع، ويضرب في ذات الإله فيوجع، فإذا النائم يصحو، وإذا الغافل يفيق، وإذا الجبان يتشجع، وإذا الضعيف يتقوى، وإذا الشديد يتجمع، وإذا بهذه القطرات المتتابعة والمتلاحقة من هنا وهناك من جهود القلة تكون سيلاً عارماً لا يقف دونه حاجزاً ولا سداً.

لا يزخر الوادي بغير شباب وهل شمس تكون بلا شعاع

إن هذه الأمة تمرض لكنها لا تموت، وتغفو لكنها لا تنام، فلا تيأسوا، فإنكم سترون عزّكم.

نعم يا مسلمون، فإن قراءة متأنية لتاريخ الصليبيين وبيت المقدس تعطي الأمل بأن الواقع سيتغير.

فاسمعوا إلى ابن كثير رحمه الله وغيره من أهل السير وهم يسردون لكم ذلك الحدث العظيم في ضحى يوم الجمعة في شهر شعبان لسنة 492هـ: (دخل ألف ألف مقاتل بيت المقدس فصنعوا به ما تصنعه وحوش الغابة، وارتكبوا فيه مالا ترتكب أكثر منه الشياطين، لبثوا فيه أسبوعاً يقتلون المسلمين حتى بلغ عدد القتلى أكثر من ستين ألف، منهم الأئمة والعلماء والمتعبدون والمجاورون، وكانوا يجبرون المسلمين على إلقاء أنفسهم من أعالي البيوت لأنهم يشعلون النار وهم فيها فلا يجدون مخرجاً إلا بإلقاء أنفسهم من أعالي الأسطحة، جاسوا فيها خلال الديار، وتبروا ما علوا تتبيراً، وأخذوا أطنان الذهب والفضة والدراهم والدنانير، ثم وضعت الصلبان على بيت المقدس وأدخلت فيها الخنازير، ونودي من على مآذن لطال ما أطلق التوحيد من عليها، نودي: إن الله ثالث ثلاثة ـ تعالى الله وتبارك عما يقولون علواً كبيراً ـ فذهب الناس على وجوههم مستغيثين إلى العراق).

وتباكى المسلمين في كل مكان لهذا الحديث وظن اليائسون أن لا عودة لبيت المقدس أبداً إلى حظيرة المسلمين.

كم طوى اليأس نفوساً لو رأت منبتاً خصباً لكانت جوهرا

ويمضي الزمن.. وفي سنة 583هـ أعد صلاح الدين جيشاً لاسترداد بيت المقدس وتأديب الصليبيين على مبدئهم هم: "إن القوي بكل أرض يُتقى"

وفي وقت الإعداد تأتيه رسالة على لسان المسجد الأقصى تعجّل له هذا الأمر وهذه المكرمة، فإذا بالرسالة على لسان المسجد الأقصى تقول له:

يا أيها الملـك الذي *** لمعالـم الصلبـان نكّس

جاءت إليك ظُلامة *** تسعى من البيت المقدس

كل المساجد طهرت *** وأنـا على شرفي أنجس

فصاح رحمه الله : وا إسلاماه، وامتنع عن الضحك وسارع في الإعداد ولم يقارف بعدها ما يوجب الغسل.

من ذا يغير على الأُسود بغابها أو من يعوم بمسبح التمساح

وعندها علم الصليبيون أن هذا من جنود محمد صلى الله عليه وسلم، فتصالح ملوك النصارى وجاؤوا بحدهم وحديدهم وكانوا ثلاثة وستين ألفاً، فتقدم صلاح الدين إلى طبرية وفتحها بلا إله إلا الله فصارت البحيرة إلى حوزته ثم استدرجهم إلى الموقع الذي يريده هو، ثم لم يصل الكفار بعدها قطرة ماء، إذ صارت البحيرة في حوزته فصاروا في عطش عظيم، عندها تقابل الجيشان وتواجه الفريقان وأسفر وجه الإيمان، واغبر وجه الظلم والطغيان، ودارت دائرة السوء على عبدة الصلبان، عشية يوم الجمعة واستمرت إلى السبت الذي كان عسيراً على أهل الأحد، إذ طلعت عليهم الشمس واشتد الحر، وقوي العطش، وأضرمت النار من قبل صلاح الدين في الحشيش الذي كان تحت سنابك خيل الكفار، فاجتمع عليهم حر الشمس وحر العطش وحر النار وحر السلاح وحر رشق النبال وحر مقابلة أهل الإيمان، وقام الخطباء يستثيرون أهل الإيمان ثم صاح المسلمون وكبروا تكبيرة اهتز لها السهل والجبل، ثم هجموا كالسيل لينهزم الكفار ويؤسر ملوكهم ويقتل منهم ثلاثون ألفاً.

وذكر أن بعض الفلاحين رؤي وهو يقود نيفاً وثلاثين أسيراً يربطهم في حبل خيمته، وباع بعضهم أسيراً لنعل يلبسها، وباع بعضهم أسيراً بكلب يحرس له الغنم، ثم أمر السلطان صلاح الدين جيوشه أن تستريح لتتقدم لفتح بيت المقدس, وفي هذه الاستراحة وقفة، فكيف كانت النفوس المؤمنة التي لا تيأس يا ترى في هذه الاستراحة؟ إن الرؤوس يا عباد الله لم ترفع من سجودها، والدموع لم تمسح من خدودها إلا يوم عادت البيع مساجد، والمكان الذي يقال فيه: إن الله ثالث ثلاثة صار يشهد فيه أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.

ثم سار نحو بيت المقدس ليفتحه من الجهة الشرقية ويخرجهم منه، فكان له ذلك على أن يبذل كل رجل منهم عشرة دنانير ويخرج ذليلاً، وعن المرأة خمسة دنانير وعن الطفل دينارين، ومن عجز كان أسيراً للمسلمين، فعجز منهم ستة عشر ألفاً كانوا أسراء للمسلمين، فدخل المسلمين بيت المقدس وطهروه من الصليب وطهروه من الخنزير، ونادى المسلمون بالأذان ووحدوا الرحمن، وجاء الحق وبطلت الأباطيل، وكثرت السجدات وتنوعت العبادات وارتفعت الدعوات وتنزلت البركات وانجلت الكربات وأقيمت الصلوات وأذن المؤذنون وفر القسيسون، وأُحضر منبر نور الدين الشهيد عليه رحمة الله، الذي كان يأمل أن يكون الفتح على يديه، فكان على يد تلميذه صلاح الدين.

ورقى الخطيب المنبر في أول جمعة بعد تعطل الجمعة والجماعة في المسجد الأقصى دام إحدى وتسعين سنة، فكان مما بدأ الخطيب خطبته بعد أن حمد الله فقال: فَقُطِعَ دَابِرُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ [الأنعام:45]، فلله الأمر من قبل ومن بعد ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

معاشر المسلمين، إن الأقصى اليوم لم تعطل فيه الجمعة ولم تعطل فيه الجماعة، فالمؤمن لا يعرف اليأس ولا يفقد الرجاء، إذ هو واثق بربه، ثم هو واثق في حق نفسه، ثم هو واثق بوعد الله له، إن مرت به محنة اعتبرها دليل حياة وحركة، فإن الميت الهامد لا يضرب ولا يؤذى، وإنما يضرب ويؤذى المتحرك الحي المقاوم، كالحديد يدخل النار فيستفيد، إذ يذهب خبثه ويبقى طيبه.

إن علينا معشر المسلمين أن نكون بحجم التحديات في صبر وثبات، ولتعلم أن الوصول إلى القمة ليس الأهم، ولكن الأهم البقاء فيها، وإن الانحدار إلى القاع ليس هو الكارثة، ولكن الكارثة هي الاعتقاد أنه لا سبيل إلى الخروج من القاع، ليس والله الدواء في بكاء الأطلال وندب الحظوظ، إنه في الترفع عن الواقع بلا تجاهل له، بالاستعلاء النفسي عليه في تحرير الفكر من إرهاقه ويأسه، فبالإرادة الحرة القوية الأبية ـ أيها المسلمون ـ يمكن تحويل عوامل الضعف إلى قوة بإذن رب البرية، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حصل له في أحد ما حصل - شج وجهه وكسرت رباعيته وانخذل عنه من انخذل، وإذا به ينقل المسلمين إلى مواجهة جديدة في حمراء الأسد لملاحقة المشركين الذين كانوا حقاً منتصرين، ولولا ملاحقة المسلمين لهم لقضوا على البقية الباقية من المسلمين. وهذا يدل على حكمة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر يأتي من بعده وقد تربى على سنته بعد أن كادت نواة الإسلام تضيع في طوفان الردة فإذا به ينقل الأمة من نقلة إلى نقلة، ومن واقع إلى واقع، في استعلاء على اليأس وترفع عن الهزيمة.

اللهم اعز الاسلام والمسلمين وارفع راية الدين اقول ماتسمعون واستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه

الخطبة الثانية
الحمـــــــــــــــــــــــــــد لله--------------------

أيها المسلمون، إن المستقبل لهذا الدين بلا منازع، لكنه لا يتحقق بالمعجزات السحرية، وإنما هو بالعمل والبذل لله من منطلقات صحيحة على منهج أهل السنة والجماعة، ووعد الله لم يتخلف ولكنه لم يتحقق أبداً على أقوام لا يستحقونه ولا يفهمون سننه ولا يضحون من أجله.

حقق الله لنا آمالنا، وعلى الله بلوغ الأمل، واسمعوا عباد الله في الختام حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أعلمنا أن هذه الأرض بيت المقدس بلاد الشام ستكون موئلاً لأهل الإيمان، كلما تقارب الزمان، والحديث في مسند الإمام أحمد وصححه الشيخ أحمد شاكر رحمه الله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بينما أنا نائم إذا رأيت عمود الكتاب احتمل من تحت رأسي فظننت أنه مذهوب به، فاتبعته ببصري فعمد به إلى الشام، ألا وإن الإيمان حين تقع الفتنة سيكون في الشام)).

وأصرح من هذا ما رواه أبو يعلى كما في مجمع الزوائد، وقال الهيثمي: رجاله ثقات، يقول صلى الله عليه وسلم: ((لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أبواب دمشق وما حولها، وعلى أبواب بيت المقدس وما حوله لا يضرهم من خذلهم ظاهرين على الحق إلى أن تقوم الساعة)).

نعم، عباد الله، هذه المبشرات فلن تضيع القدس، فهذا كتاب ربنا وهذه سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا تاريخنا.

صلوا على من امركم الله بالصلاة والسلام عليه


__________________


التعديل الأخير تم بواسطة المناضل السليماني ; 10-06-2009 الساعة 01:01 PM
المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 12-06-2009, 09:10 AM
  #67
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت




http://www.qahtaan.com/vb/showthread...196#post593196 وبالإمكان الإستفادة من هذا الرابط حول موضوع هذه الخطبة
الخطبة الأولى
الحمد لله.الذي أمرنا بالدعاء ووعدنا بالإجابة فقال سبحانه وقال ربكم ادعوني استجب لكم والقائل وإذا سألك عبادي عني فإني قريب اجيب دعوة الداعي اذا دعان
وأصلى واسلم على افضل من دعا ربه وناجاه والقائل الدعاء هو العبادة ............................

أما بعدُ: فاتقوا الله القائل يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولاتموتن إلا وانتم مسلمون والقائل يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما
عبادَ الله، فإنها وصيةُ الله إليكم وإلى من كان قبلكم إذ قال: وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنْ اتَّقُوا اللَّهَ [النساء: 131]. وأهلُ التقوى هم خيرُ الناس، إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات: 13]. مَن رامَ عزًا وفلاحًا وطلب خيرًا وصلاحًا وابتغى رشدًا ونجاحًا فعليه بتقوى الله، فتقوى الله خروجٌ من المضايق ونجاةٌ من المآزق، تقوى الله أمانٌ من الرزايا وسلامةٌ من البلايا، تقوى الله عصمةٌ من الفتن ونجاةٌ من المحن.

معاشر المسلمين، لقد خلقكم الله تبارك وتعالى لهدفٍ عظيم وأمرٍ جسيم، ألا وهو تحقيقُ العبودية له سبحانه، يقول تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ [الذاريات: 56]. فمَن الذي خلقكم غيرُ الله؟! ومَن الذي رزقكم غيرُ الله؟! ومَن الذي يكلؤكم بالليل والنهار غيرُ الله؟!

أيها المسلمون، إن الله تعالى نوَّعَ سُبُلَ العبادات وطرقَ الخيرات، وفضَّل بعضها على بعض، وكان بعضُها أعظمَ أجرًا من بعض، وكان منها ما يجمعُ الخيرَ كله. من ذلك ما قاله مطرِّفُ بن عبد الله: "تفكرتُ في جماع الخير فإذا الخيرُ كثير، صيامٌ وصلاةٌ وغيرُها، وكلُ ذلك بيد الله، وأنت لا تقدرُ على ما في يد الله إلا أن تسأله فيعطيك، فإذا جماعُ الخير الدعاء".

والدعاءُ نعمةٌ كبرى ومنحةٌ جُلَّى، جاد بها المولى تبارك وتعالى وامتنَّ بها على عباده، حيثُ أمرهم بالدعاء ووعدهم بالإجابة والإثابة، فشأنُ الدعاء عظيم ونفعه عميم ومكانته عاليةٌ في الدِّين، فما استجلبت النعم بمثله، ولا استدفعت النقم بمثله؛ ذلك أنه يتضمنُ توحيدَ الله وافرادَه بالعبادة دون سواه، وهذا رأسُ الأمر وأصلُ الدين، فما أشدَّ حاجةَ العباد إلى الدعاء، بل ما أعظمَ ضرورتهم إليه، فالمسلمُ في هذه الدنيا لا يستغني عن الدعاء بحالٍ من الأحوال، بل ومن في الأرض كلهم جميعًا بأمس الحاجة للدعاء وإخلاصه لرب الأرض والسماء، ليصلوا بذلك إلى خيري الدنيا والآخرة، فإذا كان الدعاءُ بتلك المنزلة العالية والمكانة الرفيعة فما أجدر بالعبد أن يتفقه فيه، ويُلِمّ بشيء من أحكامه ولو على سبيل الإجمال، حتى يدعو ربه على بصيرةٍ وهدى، بعيدًا عن الخطأ والاعتداء، فذلك أرجى لقبول دعائه وإجابة مسألته.

وإن عبدًا يجيدُ فنَّ الدعاء حريٌ أن لا يهتمّ ولا يغتمّ ولا يقلق، كلُ الحبال تتصرمُ إلا حبله، وكلُ الأبواب توصدُ إلا بابه، وهو قريبٌ سميعٌ مجيب، يجيبُ المضطر إذا دعاه، يأمرك وأنت الفقيرُ الضعيفُ المحتاج وهو الغني القوي الواحد بأن تدعوه: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر: 60].

أيها المسلمون، إن دعاء الله عز وجل إما أن يكون دعاءَ مسألة، وإما أن يكون دعاءَ عبادة، قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله: "كلُ ما ورد في القرآن من الأمر بالدعاء والنهي عن دعاء غير الله والثناء على الداعين يتناولُ دعاءَ المسألة ودعاء العبادة، وهذه قاعدةٌ نافعة، فإن أكثر الناس إنما يتبادر لهم من لفظ الدعاء والدعوة دعاء المسألة فقط، ولا يظنون دخولَ جميع العبادات في الدعاء، وهذا خطأٌ جرَّهم إلى ما هو شرٌ منه، فإن الآيات صريحةٌ في شموله لدعاء المسألة والعبادة".

ودعاءُ المسألة: أن يطلب الداعي من الله تعالى ما يحتاجه وينفعه وما يكشف عنه ضرره وبلواه؛ كأن يقول: اللهم أعطني وأكرمني وارحمني واغفر لي. وأما دعاءُ العبادة: فهو شاملٌ لجميع القربات الظاهرة والباطنة من صلاة وصيام وحج وغير ذلك.

وللدعاء ـ عبادَ الله ـ فضائلُ عظيمة وثمراتٌ جليلة وأسرارٌ بديعةٌ عجيبة، فمن ذلك:

1- أن الدعاءَ طاعةٌ لله تعالى وامتثالٌ لأمره عز وجل، فقد أمرَ بذلك عبادَه بأن يدعوه ويطلبوا منه حوائجهم ويسألوه مقاصدهم ويرفعوا أكفهم إليه، ووعدهم أن يجيبهم ويعطيهم سؤلهم ويدفع عنهم ما يضرهم، وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [الزمر: 60]، وقال تعالى: وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [الأعراف: 29]. فمَن دعاه فقد أطاعَ اللهَ واستجابَ لأمرِ مولاه.

2- أن الدعاءَ سلامةٌ من الكبر؛ لأن الذي لا يدعو الله متكبرٌ متغطرسٌ، متعالٍ على الله تعالى، مظهرٌ الغنى وعدم الحاجة لربه جل وعلا، ولهذا قال في الآية السابقة: إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي أي: دعائي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ، فالدعاءُ تواضعٌ لله وتذللٌ له سبحانه.

3- الدعاءُ أكرمُ شيء على الله تعالى، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي أنه قال: ((ليس شيء أكرمَ على الله عز وجل من الدعاء)) رواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد.

4- الدعاءُ محبوبٌ لله تعالى، فيحبُ من عبده أن يدعوه، فعن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعًا: ((سلوا الله من فضله، فإن الله يحبُ أن يُسأل)) رواه الترمذي وضعفه، ومعناه صحيح وله شواهد.

5- أن الدعاءَ سببٌ لانشراح الصدر وتفريج الهموم وزوال الغموم وتيسير الأمور، دخل النبيُ المسجد ذات يوم فرأى فيه رجلاً من الأنصار يقال له: أبو أمامة، فقال النبيُ : ((ما لي أراك جالسًا في المسجد في غير وقت الصلاة؟)) قال: همومٌ لزمتني وديونٌ أثقلتني يارسولَ الله، فقال: ((أفلا أعلمك كلامًا إذا قلته أذهبَ الله همك وقضى دينك؟)) قلت: بلى يا رسول الله، قال: ((قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذُ بك من الهم والحزن، وأعوذُ بك من العجز والكسل، وأعوذُ بك من الجبن والبخل، وأعوذُ بك من غلبة الدَّين وقهر الرجال))، قال: ففعلتُ ذلك فأذهبَ الله همي وغمي وقضى ديني. رواه أبو داود

6- أن الدعاءَ سببٌ لدفع غضب الله تبارك وتعالى، فقد صحّ عن رسول الله أنه قال: ((من لم يسأل اللهَ يغضب عليه)) رواه أحمد والترمذي وابن ماجه وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وذلك أن العباد فقراءُ محتاجون إلى الله مهما كان لبعضهم مالٌ ومنصبٌ وجاه، يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ [فاطر: 15].

7- الدعاءُ دليلٌ على التوكل على الله والاستعانة به وتفويضُ الأمر إليه.

8- الدعاءُ دليلٌ على كبر النفس وعلو الهمة، فعلم الداعي أن الخلقَ ضعفاءُ فقراءُ وأن الذي بيده مقاليدُ الأمور يصرفها كيف يشاء وبيده قلوبُ العباد يقلبها متى يشاء هو الله جل جلاله، وبهذا يقطع الطمع مما في أيدي الناس، فيتخلص من أسرهم، ويتحرر من رقهم، ويسلم من منتهم، وهذا رأسُ الفلاح وأسُّ النجاح.

9- الدعاءُ سلامةٌ من العجز ودليلٌ على الكياسة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي قال: ((أعجزُ الناس من عجز عن الدعاء، وأبخلُ الناس من بخل بالسلام)) رواه ابن حبان وقال الألباني: "صحيح".

10- أن الدعاءَ ثمرته مضمونةٌ بإذن الله تعالى إذا جاء العبدُ بشرائطه.، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي قال: ((ما من مسلم يدعو ليس بإثم ولا بقطيعة ِرحم إلا أعطاه الله إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يدفع عنه من السوء مثلها))، قال: إذًا نُكثر؟ قال: ((اللهُ أكثر)) رواه البخاري في الأدب المفرد وقال الألباني: "صحيح".

11- الدعاءُ سببٌ لدفع البلاء قبل نزوله ورفعه بعد نزوله، قال : ((لا يردُّ القدرَ إلا الدعاء)) رواه أحمد وابن ماجه وحسنه الألباني، وقال : ((لا يغني حذرٌ من قدر، والدعاءُ ينفع مما نزل ومما لم ينزل، وإن الدعاءَ ليلقى البلاء فيعتلجان إلى يوم القيامة)) أخرجه الطبراني وحسنه الألباني.

بارك الله لي ولكم في الكتاب والسنة، ونفعنا بما فيهما من البينات والحكمة. أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ الله.






الخطبة الثانية


أيها المسلمون، من أجل أن يجيب الله دعاء الداعين ويعطي سؤل السائلين لا بد أن تتحقق الشروط، فإذا تمت أجاب الله الدعاء ورفع البلاء ودفع القضاء، فمنها:

أولاً: أن يكون الداعي عالمًا بأن الله وحده هو القادر على إجابة دعائه، موقنٌ بذلك، ومحسنٌ بالله الظن، غير مرتاب ولا شاك، كما قال تعالى: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ [النمل: 62].

ثانيًا: أن لا يسأل إلا الله ولا يستعيذ إلا بالله ولا يستغيث إلا به، فلا يجوز للعبد أن يدعو صنمًا أو ميتًا أو إنسانًا غائبًا أو عاجزًا، قال تعالى: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن: 18]. فلا تقل: يا بدوي، يا عبد القادر الجيلاني، يا حسن، يا حسين، يا علي. عن ابن عباس عن النبي قال: ((إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله)) رواه الترمذي وغيره.

ثالثًا: أن يتوسل الداعي بالله أو بأسمائه أو بصفاته، كأن يقول: يا رحمن ارحمني، يا كريم أكرمني. قال تعالى: وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا [الأعراف: 180]. أو يتوسل إلى الله بالعمل الصالح، كأن يتوسل بإيمانه بالله وبرسوله أو بحبهما، فيقول: اللهم بإيماني بك وبرسولك اغفر لي، أو بمحبتي لك واتباعي لرسولك، أو أن يذكر عملاً صالحًا أخلصه لله بين يدي دعائه مثل برِّه بوالديه أو عفافه عن الحرام أو بأمانته وصدقه مع الناس ونحو هذا. أو يتوسل بدعاء شخصٍ صالحٍ حيٍ قادرٍ حاضر، كما فعل الأعرابي حين توسل بدعاء النبي ربه أن يغيثهم، فأنزل الله المطر حتى سال على لحيته. رواه البخاري. ومن ذلك ما جاءَ من توسل الصحابة بدعاء العباس عم النبي ، وتوسل معاويةُ بدعاء الأسود بن يزيد الجرشي رحمه الله، وكذلك ما جاء في خبر أويس القَرَني صاحبِ الدعوة المستجابة لبره بأمه.

رابعًا: أن لا يستعجل الداعي بالإجابة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: ((يستجابُ لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوتُ فلم يستجب لي)) رواه البخاري

خامسًا: أن لا يدعو بإثم أو قطيعة رحم، قال : ((يستجابُ للعبد ما لم يدعُ بإثمٍ أو قطيعة رحم)) رواه مسلم.

سادسًا: إطابة المأكل، كما في الحديث الذي رواه مسلم: ((إن الله طيب لا يقبلُ إلا طيبًا))، ثم ذكر الرجل يطيلُ السفر أشعث أغبر، يمدُّ يديه إلى السماء: يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام: ((فأنى يستجابُ لذلك)).

سابعًا: تجنب الاعتداء في الدعاء، كأن يقول: اللهم اجعلني نبيًا، أو تقول المرأة: اللهم اجعلني رجلاً، أو أن يخلد في الدنيا، أو أن يرى الله في الدنيا، قال تعالى: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [الأعراف: 55].

أيها المسلمون، إن التضرعَ إلى الله وإظهار الحاجة إليه والاعتراف بالافتقار إليه من أعظم عرى الإيمان، وبرهانُ ذلك الدعاءُ والالحاحُ في السؤال، فالله يحبه من عبده، ويحبُ أن ينطرح العبدُ بين يديه، وأن يتوجه بالشكوى إليه، أمر عباده بالدعاء ووعدهم بالإجابة، في الحديث القدسي الذي رواه مسلم وغيره عن أبي ذر رضي الله عنه: ((قال الله تعالى: ياعبادي، كلكم ضالٌ إلا من هديته، فاستهدوني أهدكم. يا عبادي، كلكم جائعٌ إلا من أطعمته، فاستطعموني أُطعمكم. يا عبادي، كلكم عارٍ إلا من كسوته، فاستكسوني أكسكم. يا عبادي، إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعًا، فاستغفروني أغفر لكم)).

لقد غفلَ عن هذا كثيرٌ ممن قصروا نظرهم على الماديات، فكلَّت بصائرهم، وعشتْ أبصارهم عن إدراك سنن الله سبحانه وعجيب صنعه ولطيف أسراره، فلما رأى المؤمنون هؤلاء ورأوا سطوة الدنيا بأهلها وخداع الأمل لأربابه وتمكُّن الشيطانِ والانقياد لهوى النفس لجأوا إلى حصن الإيمان وسلاح الدعاء، فرُّوا إلى جناب الله ولجؤوا بحماه، لقد أدركوا أن الخلائقَ فقراءَ إلى الله، هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ [فاطر: 3]، فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ [الروم: 29]. من لم يتفضل الله عليه بالهداية والإيمان ومغفرة الذنوب فهو الهالك في الدنيا والآخرة. ولقد أدركوا فيما أدركوا أن المفزع في هذا الخضم من الحيرة والتذبذب والخوف والقلق بعد الإيمان هو الدعاءُ، السلاحُ الذي يستدفعُ به البلاء ويردُ به القضاء، وهل شيء أكرمُ على الله من الدعاء؟!

اللهم إنا نسألك الرضا بعد القضاء، وبردَ العيش بعد الموت، ولذةَ النظر إلى وجهك الكريم، وشوقًا إلى لقائك، من غير ضرَّاءَ مضرة، ولا فتنةٍ مضلة. اللهم إنا نسألك صحةً في إيمان، وإيمانًا في حسن خلُق، ونجاحًا يتبعه فلاح، ورحمةً منك وعافية، ومغفرةً منك ورضوانًا.

عبادَ الله، إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا.

اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر، وعلى صحابته وأهل بيته، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين...
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 17-06-2009, 06:21 AM
  #68
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت

هذه ثلاث خطب متوالية عن الاختبارات الأولى
-----------------------------------------------------------------------
الحمدُ للهِ ما انتظمتْ بتدبيرِهِ الأمُورْ ، وتوالتْ بحكمتِهِ السّينينَ والشهورْ ، وسبحتْ بسناءِ صنعتِهِ أسرابُ الطُيورْ، وسعَ المُقترفين بعفوِهِ وغُفرانِهْ ، وعمَّ المُفتقرين بفضلِهِ وإحسانِهْ ،خرتْ لعظمتِهِ جباهُ العابدينْ ، فطوبى لمن عبدْ ، واعترفتْ بوحدانيتِهِ قُلوبُ العارفينْ ، فويلٌ لمنْ جَحَدْ ، كم سُئلَ فأجزلْ ، وكم عُصي فأمْهلْ ، لا راتقَ لما فتقْ ، ولا فاتقَ لما رتقْ ، ولا رازقَ لمن حرمْ ، ولا حارمَ لمن رزقْ ، أشهدُ أن لا إلهَ لنا غيرُهْ ، ولا ربَّ لنا سواهُ ، وأشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولُهُ صلى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وأصحابِهِ وسلم تسليماً كثيراً : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ، أو ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً): أما بعدُ:أيُّها المُسلمونَ، قَبلَ أَشهُرٍ مَعدودةٍ ، بَدَأَ العامُ الدِّراسيُّ لِطُلابِ المَدَارسِ والجامعاتِ ، وفي أَوَّلِ يَومٍ منهُ ، نَظَرَ كثيرٌ مِنَ الطلابِ إلى ما أمامَهم من أيامٍ ، فَرَأَوا أنها طَوِيلةٌ مُمتدّةٌ ، وأنَّ بإمكانِهم أنْ يَلهُوا في أَولِها ويَلعبوا، ثم يَعكُفُوا على كُتُبِهِم وَدَفَاتِرهِم في آخِرِها عُكُوفَ الجَادِّينَ، فَيَلتهِموُا ما فِيها من قَوَاعدَ وَمَعلُوماتٍ، وَيَشرَبوُا مَا تَحوِيهِ مِن مَسَائِلَ وَتَفرِيعَاتٍ، وَمَا زَالوا على الإِهمالِ مُقِيمِينَ، يَأكُلُ التَّسويفُ أَوقَاتَهُم سَاعةً بَعدَ سَاعةٍ، وَيَلَتهِمُ التَّأجِيلُ فُرَصَهُم يَومًا بَعدَ يَومٍ، حَتى اقتربَ مَوعدُ الاختِبارِ ، وَحَانت سَاعةُ الصِّفرِ، فإذا بِهِم يَجِدُونَ نَتِيجَةَ تَفرِيطِهِم ، وإِضاعتِهِم الأوقاتَ، يَجِدُونهََا نَدَمًا وَأَلمًا وَحَسَرَاتٍ، فَاستبدَلَ كَثيرٌ مِنهُم ، بِفرْحةِ اللَّعِبِ طُوالَ العَامِ ، تَرْحَةَ َاَلمُذَاكَرَةِ ،وَبِجَلَسَاتِ الأحبَابِ ، العُكُوفَ على الكِتَابِ، بَل كَم مِن أبٍ وأمٍّ ، لم يَستَريحا في مَنَامٍ ، ولم يَهنَئَا بِطَعَامٍ ، تَضَامُنًا مَعَ أَبنائِهِم وبَنَاتِهِم ، وَخَوفًا على مُستقبلِهِم مِنَ الضَّيَاعِ.وَهَذا الشُّعورُ بِرَهْبةِ الامتحانِ مِن قِبَلِ الأبناءِ ، وَذَاكَ الخَوفُ مِن قِبَلِ الآباءِ والأولياءِ ، إنما هُوَ شُعُورٌ طَبيعِيٌّ وَخَوفٌ جِبِلِّيٌّ، لا غُبارَ عَلَيهِما ولا عَيبَ فَيهِما، وَلَكِنَّ المُصِيَبةَ العُظْمَى ، وَقَاصِمَةَ الظَّهرِ الكُبرَى ، أنْ تَرَى هذا الشُّعورَ ، أَوفرَ مَا يَكونُ عِندَ أُمُورِ الدّنيا وَاختِبَارِها اليَسِيرِ ، الذي أعظمُ ما يَحصلُ لِلطالبِ مِن جَرَّائِهِ ، أنْ يخُفِقَ فِيهِ أو يُحرَمَ مِنه ، فإذا جاء أمرٌ مِمَّا يَخُصُّ الآخِرةَ واختبارَهَا الحقيقيَّ ، رأيتَ الأبوينِ أَبرَدَ ما يَكونانِ شُعُورًا، وَوَجدتَ الأبناءَ ، أَقَلَّ ما يُلْفَونَ اهتِمَامًا. كم مِن أَبٍ وَأمٍّ ، حَرِصا عَلَى إيقاظِ أبنائِهِم عِندَ أَذَانِ الفَجرِ ، في أَيَّامِ الامتِحَانَاتِ ، بل في أيامِ الدِّراسةِ، وَبَذَلُوا كُلَّ ما في وُسعِهِم لِتَنبِيهِهِم وَتَنشِيطِهِم، لِئَلا يفوتَهُم مَوعدُ الدِّراسةِ أوِ الامتحانِ فيُخفِقُوا، وَكم قد ذَكَّرُوهُم بِفُلانٍ ، وعَلانٍ ، مِمَّن نَجَحُوا في دِرَاسَتِهِم وَتعلِيمِهِم ، وَهُمُ الآنَ يتقلَّدونَ أغلى المناصبِ وَيَتَرَبَّعُونَ على أعلى المَرَاتِبِ؛ لعلَّهُم يَقتدونَ بِهِم ، ويَصنعُونَ مِثلَ ما صَنَعُوا، وَلَكِنَّ هَذينِ الوَالِدينِ ، لم يَهتَمَّا في يَومٍ مَا بِإِيقَاظِ الأبنَاءِ لِصَلاةِ الفَجرِ صَلاةِ العَصرِ، مَعَ عِلمِهِمَا بِأَهَمِّيَّةِ الصلاةِ وَخَطَرِ تَركِها، وَلَم يَربِطاهُم في دِينِهِم بِالقُدُوَاتِ الحَقِيقِيينَ ، مِن سَلَفِهِمُ الصَّالِحِ ، وَعُلَمَاءِ الأمَّةِ الرَّبَانِيينَ.إنَّ مِنَ الشَّقَاءِ الوَاضِحِ ، وَالخَسَارَةِ الفَادِحَةِ ، أنَّ يَظَلَّ اهتِمامُ الإِنْسانِ مُنصَبًّا على هذهِ الدُّنيا وَزَخَارِفِها، وَأَن لا يَظْهَرَ حِرصُهُ إلاَّ عليها وَمِن أَجلِها، لا يُسعِدُهُ إلا نَجَاحُهُ في اختِبارِها، وَلا يُحزِنُهُ إلاَّ إِخفَاقُهُ في جَمعِ حُطامِها، ثم لا يُهِمُّهُ بَعدَ ذَلكَ أَمرُ الآخِرَةِ ، ولا أَينَ مُوقِعُهُ مِنها، مَعَ عِلمِهِ أنَّهُ لا بُدَّ أنْ يَصيرَ إليها يَومًا ما، وَأَنَّها هِيَ المَقَرُّ وَفِيها البَقَاءُ، إِنْ في سَعَادَةٍ وَإِنْ في شَقَاءٍ.إنَّ كُلَّ مُوَفَقٍ مِنَ العِبَادِ ، لا يَمُرُّ بِهِ مُوقِفٌ ، حتى وَإنْ كان دُنيويًا بَحْتًا ، إلاَّ تَذَكَّرَ بِهِ الآخِرةَ وَيَومَ الحِسَابِ. وَنحنُ مُقبِلونَ على امتحِانَاتِ الطُّلابِ، فَإِنَّ هَذِهِ الأيامَ العَصِيبَةَ على أبنَائِنا ، بل وَعَلى كَثيرٍ مِنَ الآباءِ ، لا بُدَّ أنْ نَتَذَكَّرَ بهَا يَومَ السُّؤَالِ والحِسَابِ ، وما أَعَدَّ اللهُ فَيهِ مِنَ الثَّوَابِ والعِقَابِ،يقولُ تعالى (ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ *وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لأَجَلٍ مَعْدُودٍ *يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ *فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ *خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ *وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) [هود:103-108].إِنَّهُ كَمَا أنَّ الطُّلابَ ، يُسْأَلُونَ في الامتِحَانِ ، وَلَن يَنجَحَ مِنهُم إلاَّ مَن كَانَ مُجِدًّا مجتَهِدًا ، وَلَن يُفلِحَ مِنهُم وَيَنَالَ الدَّرَجَاتِ العَالِيةَ ، إلاَّ مَنِ اغتَنَمَ عَامَهُ مِن أَوَّلِه، فَيَجِبُ أَنْ نَعلَمَ أنَّ كُلَّ عَبدٍ ، سَيُسْأَلُ يَومَ القِيامَةِ عَمَّا سَلَفَ مِنهُ وَكَان، وَلَن يَنجَحَ إلاَّ أَهلُ التَّقوَى وَالإيمَانِ ، الذين يَغتَنِمُونَ الأعمَارَ ويُبادِرُونَ الأوقَاتَ ، في التَّزَوُّدِ مِنَ البَاقِياتِ الصَّالِحَاتِ وَاكتِسَابِ الحَسَنَاتِ،يقولُ جلَّ في عُلاه (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ *عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [الحجر:92، 93]. فَكُلٌّ سَيُسْأَلُ لا مَحَالَةَ، دَاعِيًا كانَ أو مَدعُوًّا، رَسُولاً أو مُرسَلاً إليه، يقولُ سُبحانَه (وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ * فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ *وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ *وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ) [الأعراف:6-9] إنهُ وَإِنْ حَرِصَ أَهلُ الدُّنيا ، على إِخفَاءِ أَسئِلَةِ الاختِبَارِ عَنِ الطُّلابِ ، إلاَّ أنَّ اللهَ مِن رَحمتِهِ وَلُطفِهِ بِعبادِهِ ، جَعَلَ أَسئِلَةَ الاختِبَارِ الأُخرَوِيِّ مَكشُوفَةً ، وَمَعلُومَةً لِكُلِّ أَحَدٍ، فَقَد كَشَفَهَا مُعَلِّمُ البَشَرِيَّةِ الخيرَ بوحيٍ مِن ربِّهِ جل وعلا، وَنَصَحَ الأُمَّةَ بِتَوضِيحِها لهم، وَحَذَّرَهُم وَأَنذَرَهُم، فَقَالَ  : {لَن تَزُولَ قَدَمَا عَبدٍ يَومَ القِيامةِ حَتَّى يُسأَلَ عَن أَربعِ خِصَالٍ: عَن عُمُرِهِ: فِيمَ أَفنَاهُ؟ وَعَن شَبَابِهِ: فِيمَ أَبلاهُ؟ وَعَن مَالِهِ : مِن أَينَ اكتَسَبَهُ؟ وَفِيمَ أَنفَقَهُ؟ وَعَن عِلمِهِ: مَاذَا عَمِلَ فِيهِ؟} أّلاَ فَأَعِدُّوا لِلسُّؤَالِ جَوَابًا، وَأَعِدُّوا لِلجَوَابِ صَوَابًا، إحفظُوا الرَّأسَ وَمَا وَعَى، وَالبَطنَ وَمَا حَوَى، وَتَذَكَّرُوا المَوتَ والبِلَى، وَاترُكُوا زِينَةَ الحَيَاَةِ الدُّنيَا لِتَفُوزُوا بِالأُخرَى، وَاعلَمُوا أَنَّهُ لا خَيرَ في طُولِ العُمُرِ ، إلاَّ مَعَ حُسنِ العَمَلِ، وَلا في زَهرَةِ الشَّبَابِ ، إلاَّ بِالطَّاعَةِ ، وَلا في كَثرةِ المَالِ ، إلاَّ مَعَ حُسنِ الإنفَاقِ، وَلا في العِلمِ إلاَّ بِالعَملِ وَالتَّطبِيقِ إنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ ـ أيُّها الإِخوَةُ ـ قَد تَجَاوَزَتْ أَعمَارُهُمُ الأربَعينَ وَالخَمسينَ، وَمَعَ ذَلك مَا زَالُوا يَلعَبُونَ وَيَلهُونَ سَامِدِينَ، يَتَأَخَّرُونَ عَنِ الجُمُعَةِ وَالجَمَاعَةِ، وَيُقَصِّرُونَ في العِبَادَةِ وَالطَّاعَةِ، أَوقَاتُهُم تَضِيعُ في قِيلٍ وَقَالٍ، وَمَجَالِسُهُم غِيبةٌ ، وَنَمِيمَةٌ وَجِدَالٌ، أَضَاعُوا عَصرَ الفُتوَّةِ والشَّبَابِ ، وَمَا كَفَاهُم، فَيُرِيدُونَ أن يُلحِقُوا بِهِ عَصرَ الكُهُولةِ والشَّيخُوخَةِ ، وَإِنَّ إِخوَانًا لهم مِن أَهلِ الغِنى والثَّرَاءِ ، مَا زَالُوا يَتَخَوَّضُونَ في مَالِ اللهِ بِلا خَوفٍ ولا تَوَرُّعٍ، يَحرِصُونَ عَلَى جَمعِ الأَموَالِ ، مِن كُلِّ وَجهٍ وَسَبِيلٍ، لا يَتَوَرَّعُونَ عَن غِشٍّ وَلا رِبا، ولا يَأبَهُونَ بِمَا أَخَذُوهُ بِالحِيَلِ وَشَهَادَاتِ الزُّورِ، وَلا بِمَا كَسَبُوهُ بِالأَيمَانِ الكَاذِبَةِ ، وَالخُصُومَاتِ الفَاجِرَةِ. أمَّا مَعشرُ الشَّبَابِ ـ وَمَا أَدرَاكَ مَا حَالُهُم؟! ـ فَوَقتُهُم مُضَاعٌ ، وَفُرَصُهُم غَيرُ مُغتَنَمَةٍ، سَهَرٌ مُمْتَدٌ وَسَمَرٌ طَوِيلٌ ، في غَيرِ عِبادةٍ وَلا تَحصِيلٍ، نَومٌ عَنِ الصَّلاةِ وَتَثَاقُلٌ عَنِ الطَّاعَاتِ، وَصَحوٌ في البَاطِلِ ، وَخِفَّةٌ إلى المَعَاَصِي، عَلِمُوا فَلَم يَعمَلُوا، وَقَالُوا: سَمِعنَا وَعَصَينا، وَأُشرِبُوا في قُلُوبِهِم حبَّ المُوبقِاَت والشَّهَوَاتِ، فَلَبِئسَ العِلمُ عِلمُهُم، إذْ لم يُورِثْهُمُ العَمَلَ ، وَخَشيَةَ العَلِيمِ سُبحَانَه.أيُّهَا المُسلِمُونَ، إِذَا كَانَ هَذَا هُوَ حَالُ جُمهُورِ شَبَابِنَا وَشِيبنَِا، فَأَينَ الإِعدَادُ لاختِبَارِ الآخِرةِ؟! وَكَيفَ سَتَكُونُ الإِجَابَةُ عَنِ الأَسئِلَةِ ، بَينَ يَدِي رَبِّ العَالَمِينَ؟! (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) [النحل:111]..فاتقوا اللهَ ـ يَا طُلابَ الآخرةِ ـ وأطيعوهُ، وراجِعوا كتابَ ربِّكُم والزمُوهُ، واقتدوا بمعلمِكُم الخيرَ واتَّبِعُوهُ، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ *وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ *إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ ) بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم،
ونفعني وإيّاكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمَعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كلّ ذنب وخطيئة فاستغفِروه، فقد فاز المستغفِرون
الخطبة الثانية
الحمد لله حمداً لا ينفد، وأشهد أن لا إله إلا اللهُ الواحد الأحد الفردُ الصَّمَد ، وأشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولُه ، صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين ، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.أما بعدُ:فإنَّ أولادَنا أمانةٌ في أعناقِنا، وَسَنُسْأَلُ عنها فيما نُسألُ عنه ولا بُدَّ، قال صلى الله عليه وسلم : {كلُّكُم راعٍ وكُلُّكُم مسؤولٌ عن رعيتِهِ}.وإذا كان الأمرُ كذلكَ ، فَيَجِبُ أن لا يَكُونَ كُلُّ هَمِّنا أن يُحَصِّلَ أبناؤُنا دنيًا فانِيةً، أو يَحُوزُوا مَنَافِعَ زَائِلَةً، أو يتقلَّدُوا مَنَاصِبَ غَالِيةً ويَرتقوا رُتَبًا عَالِيةً، ثم نتركَهم بعدَ ذلك بِلا تربيةٍ إسلاميةٍ ، وتوجيهٍ سديدٍ؛ لأنَّ هَذهِ الأُمُورَ الدُّنيَوِيَّةَ البَحتةَ سَتُصبِحُ وَلا شَكَّ وَبَالاً عَلَيهِم ، إذا لَم تُربَطْ بَشَرْعِ اللهِ وَالدَّارِ الآخِرةِ، فَلْيكنْ هَمُّنا إِصلاحَهُم ، عَقِيدةً وَقَولاً وَفِعْلاً وَسُلُوكًا، لِيَستَفِيدُوا مِن دِرَاسَتِهِم ، وَمِن جَمِيعِ أُمُورِ حَيَاتِهِم، وليستَغِلُّوهَا في الخَيرِ ، وَنَشرِ الإسلامِ والدَّعوَةِ إليهِ.وَمَا دامَ الكَلامُ عَنِ الاختِبَارِ وَأَيَّامِهِ ، وَعَنِ التَّربِيَةِ وَأَهَمِّيَتِهَا، فَإِنَّ هُنَا أَمْرًا مُهِمًا جِدّ مُهِمٍّ ، مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالأبناءِ وَتَربيتِهِم، رَأَيتُ أنْ أُنَبِّهَ عَلَيهِ ،كُلَّ أَبٍ حَرِيصٍ غَيُورٍ ، يَعِي المَسؤوليةَ المُلقَاةَ عَلَى عَاتقِهِ ، وَيَشعُرُ بها، ذَلكم هُوَ أَنَّ أَيَّامَ الاختباراتِ والامتحاناتِ ، كَثيرًا مَا يَخرجُ الطَّالبُ فيها مِنَ المَدرَسَةِ مُبكِّرًا، وَهُنا مَكمَنُ الخَطَرِ وَمَنبَعُ الشَّرِّ، حَيثُ يَستَغِلُّ كَثيرٌ مِن عَبيدِ الشَّهَوَاتِ ، هَذا الوَقتَ الضَّائعَ الذي يَمتَدُّ إلى أَكثرَ مِن ثَلاثِ سَاعاتٍ أَحيَاَنًا، فَيَتَكَرَّمُون مَأْزُورِينَ غَيرَ مَأْجُورِينَ ، ويَجعَلُونَ مِن سَيَّارَاتِهِم ، مَأْوًى لِكَثِيرٍ مِنَ الأَيتامِ الضَّائِعِين ، الذينَ فَقَدُوا محَاَضِنَ التَّربيةِ السَّلِيمَةِ، وَبُلُوا بأمهاتٍ تَخَلَّينَ ، أَو آبَاءٍ مَشغُولِينَ ، فَيَحصُلُ في هذا الإرْكَابِ مِنَ الشَّرِّ مَا اللهُ بِهِ عَلِيمٌ، مِنِ استماعِ غِنَاءٍ وَمَزَامِيرَ، وَإِيذَاءٍ لِعِبادِ اللهِ في أَسوَاقِهِم وَشَوَارعِهِم، وَمُهَاوَشَاتٍ وَمُنَاوَشَاتٍ، إلى لوَاطٍ وَهَتْكٍ لأعرَاضِ هؤلاءِ الأبناءِ المَخدُوعيَن مِن قِبَلِ تِلكَ السِّباعِ الضَّارِيةِ، بَلِ البَهَائِمِ العَارِيَةِ ، التي تَشَبَّعَت بما في الدُّشُوشِ مِن خَلاعةٍ وَمُجُونٍ، فَعَادَت لا تُفَكِّرُ إلاَّ في كَيفيةِ قَضَاء ِالشَّهوَةِ والبَحثِ عَنها.ألا فَاتقوا اللهَ أيُّهَا الآبَاءُ، واحفَظوا أَبنَاءَكُم مِنَ الضَّيَاعِ ، وَمِمَّا لا يَليقُ بِكُم ولا بِهِم فَرَحِمَ اللهُ أبًا اهتَمَّ بِأَبنَائِهِ وَتَابَعَهُم ، وَأَخَذَ عَلَى أَيدِيهِم ، دَونَ كُلِّ شَرٍّ وَمَنَعَهُم ، وَطُوبَى لِمَن كَفَى النَّاسَ شَرَّ أَبنَائِهِ وَأَذَاهُم، ذَاكَ وَاللهِ هُوَ المُسلِمُ حَقًّا، قَالَ صلى الله عليه وسلم : {المُسلِمُ مَن سَلِمَ المُسلِمُونَ مِن لِسَانِهِ وَيَدِهِ، والمُهَاجِرُ مَن هَجَرَ ما نَهَى اللهُ عَنْه}. وَيَا لخسَارَةِ مَن ضَيَّعَ أَبنَاءَهُوَأَهمَلَهُم، وَتَرَكَ لهم الحَبلَ عَلَى الغَارِبِ، وَشَجَّعَهُم لِيُؤذُوا عِبَادَ اللهِ ، بِغَيرِ ما اكتسبوا، (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) [الأحزاب:58] عبادَ الله ،صلّوا على المعصومِ عليهِ الصلاةُ والسلام ، فَإنَّهُ يقولُ بأبي هوَ وأُمي {حيثما كنتم فصلوا عليَّ فإنَّ صلاتَكم تبلغني } ويقول{ من صلى علي صلاةً صلى اللهُ عليه بها عشراً } اللهم صلِّ وسلمْ وأنعمْ وأكرمْ وزدْ وباركْ ، على عبدِك ورسولِكَ محمدٍ ، وارضَ اللهم عن أصحابِهِ الأطهارِ ، ما تعاقبَ الليلُ والنهارُ ، أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ ، وعن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين ، وعن التابعينَ وتابعِيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ ، وعنَّا معَهم بمنِّكَ وفضلِكَ ورحمتِكَ يا أرحمَ الراحمينَ .اللهم أعزَّ الإسلامَ المسلمينَ ، ودمرْ أعداءَ الدينِ من اليهودِ والنصارى ، وجميعِ الكفرةِ الملحدينَ ، اللّهُم يا عظيمَ العفوِ ، ويا وسعَ المغفرةِ ، ويا قريبَ الرّحمةِ ، ويا ذا الجلالِ والإكرامِ ، هبْ لنا العافيةَ ، في الدُنيا والآخرةِ ، اللّهُم اجعلْ رزقَنَا رغداً ، ولا تُشمتْ بنا أحداً ، اللهم إنا نسألُكَ ، بعزِّكَ الذي لا يرامُ ، وملكِكَ الذي لا يُضامُ ، وبنورِكَ الذي ملأ أركانَ عرشِكَ ، أن تكفيَنا شرَّ ما أهمَنا وما لا نهتمُ به ، وأن تعيذَنا من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا ، اللهم رَغّبْنا فيما يبقى ، وَزَهّدْنا فيما يفنى ، وهبْ لنا اليقينَ ، الذي لا تسكنْ النفوسُ إلا إليهِ ، ولا يُعوَّلُ في الدينِ إلا عليهِ ، اللهم اجعلْ بَلدَنا هذا آمناً مطمئناً ، وسائرَ بلادِ المسلمينَ ، اللهم أيدْ إمامَنا بتأيدِكَ ، وانصرْ بهِ دينَكَ ، ووفقْهُ إلى هُدَاكَ ، واجعلْ عمَلَهُ في رضاكَ ، وارزقْهُ اللهم البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ ، التي تدلُهُ على الخيرِ ، وتعينه عليه، اللهم أرحمْ موتانا ، وعافي مُبتلانا ، واقضِ الدينَ عن مدينِنا ، وردَّ ضالَنا إليكَ رداً جميلاً ، ( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) ، عبادَ اللهِ ، ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ )
---------------------------
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 17-06-2009, 06:28 AM
  #69
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت

الثانية في نفس الموضوع موضوع الاختبارات
------------------------------------------------------------------------------------------
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.
ثم أمّا بعد: فاتقوا الله ـ عباد الله ـ، فبتقوى الله تُنال الدرجات، وتزكو الأعمال، وأكثروا من ذكره وشكره، فبذكره تطمئن القلوب، وبشكره تحفظ النعم، وتزودوا من الصالحات فخير الزاد التقوى.
في هذه الأيام وما مضى من أيام, تشتعل العزائم, وتتضافر الجهود, وتتهيأ المدارس والمؤسسات التعليمية, ويهتم الآباء بتوجيه أبنائهم وتشجيعهم, وينشط الطلاب للمذاكرة سهراً وجداً واجتهاداً.
العقول الخاوية تصبح بالامتحانات واعية, والنفوس الباردة تصير فيها جادة, والهمم الفاترة تحول بسببها عالية صامدة.
ونتساءل هنا لم كل هذا الاهتمام والجد؟ لماذا كل هذه التضحية والبذل؟ ولأي شيء كان هذا التوجيه والنصح؟
والجواب ولا أظنه يعزب عن أذهانكم أيها الأفاضل: لقد آمن الجميع بأن الامتحان يمثل اجتياز طريق للمستقل, أو هو لضمان وظيفة وعمل, أو نافذة للرزق والكسب, لذلك فإن تحطيم أستار الكسل في أيام الامتحانات لم يعد في حياة الناس غريباً.
ولفترة الامتحانات فوائد ومكتسبات غير الحصول على الشهادة, وارتفاع المعدلات, أوجز بعض هذه الفوائد كما يلي:
في فترة الامتحانات يقبل الطلاب على المساجد لما يجدوا فيه من طمأنينة وسكينة تخفف روعهم, وتزيل همهم, بصدق الالتجاء إلى ربهم, والوقوف بين يديه في ضراعة ورجاء بأن يسهل الله وييسر عليهم كل عسير.
وهنا لفتة للآباء الكرام, والمربين الأفاضل بحسن استغلال هذا التوجه لأبنائهم وترغيبهم فيما عند الله, وتذكيرهم بأن المحافظة على الصلاة في أوقاتها, والمسارعة إلى أدائها جماعة, إنما هو امتحان آخر يشترك فيه الجميع الأب والابن والمعلم, فالجميع داخل في هذا الامتحان, والسعيد الموفق من حافظ على صلاته بالقيام بأداء أركانها وواجباتها وشروطها دونما إخلال أو تقصير, ليجوز هذا الامتحان ويوفق في هذا الاختبار.
ولي مع الطلاب في هذا وقفة يسيرة, فأنت أيها الطالب الموفق المبارك عند استذكارك لدروسك, تجدك تحرص كل الحرص على استيفاء جميع ما قرر عليك بالقراءة والحفظ, وأسألك: هل أنت في شأن صلاتك كذلك؟؟؟
الصلاة التي هي الركن الثاني من أركان الإسلام, وعماد الدين, فقد قال صلى الله عليه وسلم: (بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة) أخرجه مسلم من رواية جابر بن عبد الله رضي الله عنه.
أيها الممتحن, والجميع في هذه الدنيا ممتحن, ارعي سمعك إلى ما هم به النبي صلى الله عليه وسلم, فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (...ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام, ثم آمر رجلا فيصلى بالناس, ثم أنطلق معى برجال معهم حزم من حطب, إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار) متفق عليه واللفظ لمسلم.
فينبغي علينا أن نجد كل الجد, وأن نحرص أشد الحرص على تفقد شأن صلاتنا, والقيام فيها على أكمل وجه, وأحسن حال, ففي الحديث: (أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة, فإن صلحت صلح له سائر عمله, وإن فسدت فسد سائر عمله) صححه الألباني, السلسلة الصحيحة 1358.
أيها المسلمون: في فترة الامتحانات يقبل الطلاب على عبادة جليلة, كثر مع صوارف الدنيا عنها اللاهون, ألا وهي الانطراح والالتجاء إلى فاطر الأرض والسماء, بالإكثار من الدعاء, وطلب العون والتوفيق.
أيها المؤمنون, إن مما يجب الإيمان به, أن العبد إذا دعا الله تعالى وهو مستوفي لشروط إجابة الدعاء, منتفية عنه موانعها, فإن الله تعالى يستجيب لدعائه, إما عاجلاً في الدنيا, وإما أن يدخره له يوم القيامة, أو يصرف عنه من السوء مثلها.
فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث إما أن يعجل له دعوته وإما أن يدخرها له في الآخرة وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها), قالوا: إذا نكثر, قال صلى الله عليه وسلم: (الله أكثر) رواه الإمام أحمد والحاكم وصححه الالباني, -1633 صحيح الترغيب والترهيب-, وفي الأثر: (لا يرد القدر إلا الدعاء) حسنه الألباني.
وفي الصحيحين واللفظ للبخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يستجاب لأحدكم ما لم يعجل يقول دعوت فلم يستجب لي).
فعليك أيها الأب المبارك وأنت أيها الطالب الموفق أن تستجيب لله تعالى وتؤمن به, وأن تثق بوعده, وأن تدعوه وتتحرى أوقات الإجابة, وأن لا تستعجل في دعائك, واستفتح دعائك بالثناء على الله تعالى والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم واختمه بذلك, ففي المسند والسنن عن عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول: اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد فقال صلى الله عليه وسلم: (لقد سألت الله بالاسم الأعظم الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب) صححه الألباني, صحيح الترغيب والترهيب 1640.
قال ربنا: (وَإِذَاسَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَالدَّاعِ إذَادَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْلِي وَلْيُؤْمِنُواْبِي لَعَلَّهُم ْيَرْشُدُونَ) – الآية 186 من سورة البقرة-.
بارك الله لي ولكم في القرآن الكريم, ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم, أقول ما تسمعون, واستغفر الله تعالى إنه هو الغفور الرحيم..

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه، وسلّم تسليمًا كثيراً, ثم أما بعد: فيا عباد الله: أوصيكم بتقوى الله تعالى, في السر والعلانية, فمن اتقى الله وقاه, وأرشده وسدده.
ومن فوائد فترة الامتحانات: استيقاظ الهمم العقول, والعزوف عن اللهو واللعب, والعيش بحياة جادة منظمة مرتبة, وترك حياة الكسل والنوم والبطالة.
ومنها كذلك ايقان الجميع بأن لكل ثمرة وكسباً, نصباً وجهداً, وأن الأمنيات لا تنال بالأحلام والتخيلات, وإنما بالهمة العلية, والنفس الأبية
قال الإمام يحيى بن أبي كثير رحمه الله: (لايستطاع او لا يحصل العلم براحة الجسم.(
يقول أحد الفضلاء: (لو أن همم ابنائنا للعلم, كهممهم في الامتحانات, لاخرجت الأمة علماء أجلاء كثيرين)
ثم اعلموا رحمكم الله أن الله يأمركم بالصلاة والسلام على نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم, قال تعالى: ﴿إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما﴾ الأحزاب: ٥٦،
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 17-06-2009, 06:32 AM
  #70
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت

هذه هي الخطبة الثالثة في نفس الموضوع الاختبارات

امتحانات الدنيا وامتحانات الآخرة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله ومبلِّغ الناس شرعه فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد:
معاشر المؤمنين عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى فإن تقوى الله جل وعلا عزّ وفلاح في الدّنيا والآخرة وهي خير زاد يبلّغ إلى رضوان الله وهي وصية الله جل وعلا للأولين والآخرين من خلقه كما قال جل وعلا: ﴿ولقد وصَّينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإيَّاكم أن اتقوا الله﴾ [ النساء: ١٣١ ]، وهي وصية الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته وهي وصية السلف الصالح فيما بينهم فاتقوا الله عباد الله وراقبوه في السر والعلانية والغيب والشهادة وتذكروا رعاكم الله وقوفكم بين يدي الله جل وعلا وسؤاله لكم يوم القيامة عمَّا قدمتم في هذه الحياة.
عباد الله لقد ثبت في الترمذي وغيره من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيما أفناه, وعن شبابه فيما أبلاه, وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه, وعن علمه ماذا عمل به" سؤالاتٌ خمس يُسألُ عنها كل عبد يوم القيامة, سؤال عن العمر, وسؤال عن مرحلة الشباب على وجه الخصوص مع أنها داخلة في العمر, وسؤالان عن المال من أين اكتسبه العبد وفي أي سبيل أنفقه وصرفه, وسؤال خامس عن العلم, عن العلم الذي تعلّمه ومن ذلك ما يسمعه في خطب الجمعة وفي الدروس العامة وما يقرؤه في كتاب الله وما يسمعه من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وغير ذلك من وجوه تحصيل العلم يسأل عنه يوم القيامة ماذا عمل به لأن مقصود العلم العمل.
عباد الله هذه سؤالات خمس توجّه للخلائق يوم القيامة فلا تزول قدما عبد من عند الله حتى توجه إليه هذه السؤالات والواجب على العاقل الحصيف أن يُعِدَّ للمسألة جوابا وأن يُعِدَّ للجواب صوابا.
عباد الله إننا نعلم أننا مسؤولون يوم القيامة ومختبرون وممتحنون ونعلم أيضا تحديدا سؤالات ذلك الامتحان, التي تلقى على الناس يوم القيامة فكم هو جدير بالعبد الموفق عباد الله أن يجعل هذه السؤالات الخمس بين عينيه ونصب عينيه مادام في ميدان العمل يتذكر سؤال الله جل وعلا له عن عمره, وسؤال الله تبارك وتعالى له عن شبابه, وسؤال الله تبارك وتعالى له عن ماله, وسؤال الله تبارك وتعالى له عن علمه, إننا مسؤولون حقا وصائرون إلى هذا الأمر حقا وواقفون بين يدي الرب العظيم جل وعلا وهو سائلنا. لقي بعض السلف رجلا كان مقصرا مفرطا في أمره فقال له: كم من العمر تبلغ؟ قال: ستون سنة, قال: أَوَ ما علمت أنك في طريق وقد أوشكت أن تبلغ نهايته فقال الرجل: إنا لله وإنا إليه راجعون فقال له: أَوَ تعلم تفسير هذه الكلمة قال: وما تفسيرها؟ قال: قولك: إنا لله أي أنا لله عبد, وقولك: وإنا إليه راجعون أي وأنا لله راجع, فإذا علمت أنك لله عبد وأنك إليه راجع فاعلم أنك مسؤول فإذا علمت أنك مسؤول فأعد للمسألة جوابا. تنبه الرجل وقال: فما الحيلة إذن؟ قال: الحيلة يسيرة أحسن فيما بقي يُغفَر لك ما قد مضى.
عباد الله كم هو جدير بنا ـ إيْ والله ـ أن نتذكر هذا الامتحان وأن نتأمل في هذا الاختبار وأن نتذكر وقوفنا بين يدي الرب الجبار جل وعلا ونعد لهذا الامتحان جوابا.
عباد الله إن أبناءنا وبناتنا في هذه الأيام يستقبلون امتحانا دنيويا على تحصيلهم في العام الدراسي يُمتحنون على ما حصلوه ويختبرون فيما تلقوه من علم وتُوَجَّهُ إليهم سؤالات في هذا الامتحان سؤالات لا يعرفونها على وجه التحديد لكنهم يفاجؤون بها وقت الاختبار ثم إن لهذا الاختبار هيبةً في نفوس الطلاب بل وهيبة في نفوس الآباء والأمهات.
عباد الله وكم هو جميل بالآباء والأمهات في إقبالهم على أبنائهم في هذه الأيام نصحا وتوجيها ومراجعة واستذكارا ومتابعة للمذاكرة كم هو جميل بهم هذا وهم الحريصون على نجاح الأبناء الراغبون في فوزهم الخائفون من إخفاقهم كم هو جميل بالأب والأم أن يكون مع أبنائه كذلك لكن أعظم من هذا وأعظم أن يكون حرص الأب والأم على ابنه وبنته في الاختبار الأعظم يوم القيامة عندما يقف هذا الابن بين يدي الله أو تلك البنت بين يديه فيسألون عن هذه الحياة.
احرصوا عباد الله على توجيههم وحسن دلالتهم ونصحهم في امتحانهم بين يدي الله أم أننا حدود اهتماماتنا دنيوية؟ لا لوم عباد الله على أب أو أم يحرص على نجاح ابنه في امتحانات الدنيا لا لوم عليه بل هذا من تمام التربية وكمال التوجيه لكن اللوم كلَّ اللوم أن يكون هذا هو حدود اهتمامه ومبلغ علمه وغاية نصيحته لابنه دون أن يرعاه فيما سيلقاه يوم القيامة بين يدي الله وقد جاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : (اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا) وتأمل هنا قال عليه الصلاة والسلام: (لا تجعل الدنيا أكبر همنا) وهذا فيه أن اهتمامك بالدنيا لا شيء فيه ولا ملامة عليك في هذا الاهتمام وإنما الملامةُ كل الملامة أن تكون الدنيا هي غاية اهتمامك ومبلغ علمك.
عباد الله إنها لفرصة عظيمة في مثل هذه الأيام أن نُقبِل على الله جل وعلا إقبالا صادقا في تحقيق رضاه وبلوغ ما يحبه جل وعلا من صالح الأعمال وسديد الأقوال إننا في هذه الأيام نرقب نتائج امتحانات أبنائنا الطلاب وكلنا يتمنى نجاح ابنه ويرغب في فوزه ولا يوَدُّ أن يكون مخفِقًا راسبا ولا شيء في ذلك كما قلت لكنها فرصة عظيمة لتقوية الاهتمامات والنهوض بالعزائم ليكون النصح بالغًا والتوجيه كاملا فيما يتعلق برضى الرب جل وعلا وفي الوقت نفسه لا يُنسى نصيب العبد وحضَّه من الدنيا. عباد الله إن مما يؤكد عليه في مثل هذه الأيام أهمية الأمانة وأن العبد يسأل عنها يوم القيامة أمانة عامة عباد الله في كل جانب من جوانب الحياة أمانة في العقيدة والتوحيد وأمانة في العبادة والعمل وأمانة في البيوع والمعاملات وأمانة في كل أوجه ومجالات الحياة, ومن ضمن الأمانة المتأكدة التي ينبغي أن تُرْعى أمانة المعلم في أسئلته وامتحانه وفي مراقبته لطلابه فإن هذه أمانة عظيمة يُسأل عنها أمام الله جل وعلا, وكذلك أمانة الطالب في أدائه لامتحاناته وبعده عن الأوجه المخلّة والطرائق المشينة في أداء الامتحانات وذلك بالغِش والخديعة والمكر ونحو ذلك وقد ثبت في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من غشَّنا فليس منَّا" وعموم الحديث يدخل فيه الاختبار وغيره عباد الله.
عباد الله وإن مما ينبغي أن يُعنى به في مثل هذه الأيام صدق الدُّعاء وتمام الالتجاء إلى الله جل وعلا بأن يحقق لأبنائنا وبناتنا النجاح في الدنيا والآخرة فالنّجاح بيده سبحانه والتوفيق منه جل وعلا فكم هو جميل أن يوجه الابن والبنت إلى الله جل وعلا يدعوه بصدق ويلح عليه بالدعاء بأن يكتبه من الناجحين وأن يجعله من الفائزين الرابحين.
عبادَ الله وإن مما يُنَبَّه عليه في هذا المقام ورقة تروَّج في بعض المدارس فيها أدعية محدّدة لأعمال معينة فيها دعاء يقال عند المذاكرة, ودعاء يقال عند دخول قاعة الامتحانات, ودعاء يقال عند كتابة الإجابة, ودعاء يقال عند الفراغ منها, أدعية محدّدة في كل مجال من هذه المجالات وهي عباد الله وهي تكلف ما أنزل الله به من سلطان وتخرُّصٌ لا دليل عليه وقول على الله وفي دين الله بلا علم وقد قال العلماء قديما من استحسن فقد شرع ولهذا يجب الحذر من مثل هذه الأوراق وإنما يُوَجَّه الطلاب عموما إلى الإقبال على الله بالدعاء وسؤاله التوفيق والنجاح دون أن يحدَّد أمورا لا دليل عليها ولا برهان من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم هذا وإني لأسأل الله جل وعلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يكتب لنا أجمعين النجاح في الدنيا والآخرة والفوز برضاه وأن يجنبنا سخطه إنه سميع الدُّعاء وهو أهل الرجاء وهو حسبنا ونعم الوكيل.

الخطبة الثانية

الحمد لله ولي التوفيق والسداد, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد:
عباد الله اتقوا الله تعالى فإن من اتقى الله وقاه وأرشده إلى خير أمور دينه ودنياه وتذكروا رعاكم الله أن تقوى الله جل وعلا هي العمل بطاعة الله على نور من الله رجاء ثواب الله وترك معصية الله وعلى نور من الله خوف عقاب الله فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن تقواه هو خير زاد يبلِّغ إلى رضوان الله واعلموا رعاكم الله أن الكيس من عباد الله من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني وعليكم رعاكم الله بالجماعة فإن يد الله على الجماعة ومن شذَّ شذَّ في النار وصلوا وسلموا على محمد بن عبد الله كما أمركم الله بذلك في كتابه فقال: ﴿إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما﴾ [ الأحزاب: ٥٦ ] وقال صلى الله عليه وسلم "من صلى عليَّ واحدة صلى الله عليه بها عشرا" اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد, وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين: أبي بكر الصديق وعمر الفاروق وعثمان ذي النورين وأبي الحسنين علي, وارض اللهم عن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بمنك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين, اللهم أعز الإسلام والمسلمين, اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين اللهم انصر إخواننا المسلمين المستضعفين في كل مكان اللهم انصرهم نصرا مؤزرا اللهم ارحم ضعفهم واجبر كسرهم يا ذا الجلال والإكرام. اللهم ارحم ضعف إخواننا المسلمين في العراق وفي فلسطين وفي كل مكان اللهم أيدهم بتأييدك واحفظهم بحفظك يا ذا الجلال والإكرام. اللهم وعليك بأعداء الدين فإنهم لا يعجزونك اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك اللهم من شرورهم. اللهم آمنّا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين. اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى وأعنه على البر والتقوى وسدده في أقواله وأعماله وألبسه ثوب الصحة والعافية وارزقه البطانة الصالحة الناصحة. اللهم وفق جميع ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك واتباع سنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم واجعلهم رحمة ورأفة على عبادك المؤمنين. اللهم آت نفوسنا تقواها زكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها. اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر. اللهم نَجِّح أبناءنا الطلاب وألهمهم الهداية والصواب يا ذا الجلال والإكرام. اللهم إنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. اللهم اغفر لنا ذنبنا كله دقه وجله أوله وآخره سره وعلنه. اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات. اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا وما أسررنا وما أعلنا وما أنت أعلم به منا أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك وأنعم على عبده ورسوله الأمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
أذكار, أدعية, خطب, خطبة الجمعة, صلاة الجمعة, إسلاميات


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
من يوقف هدردماءاهل السنه يامسلمين في ايران المجوسيه الرافضية الصفوية ؟؟ ابومحمدالقحطاني فضائح وجرائم الروافض ضد أهل السنة 10 29-04-2015 06:44 PM
إبن سبأ اليهودي مؤسس الديانة الشيعية ابو عائشة الطائي فضائح وجرائم الروافض ضد أهل السنة 2 20-12-2009 10:31 PM
غزوات حدثت في شهر الانتصارات في رمضان المناضل السليماني مجلس الإسلام والحياة 5 30-08-2009 06:27 AM
أرقـــــــام وإيمـــيــلاتــ الدكـــتـــور جــــــــابـــــر القحطاني وبعض الوصفاتـــ سعيد الجهيمي عالم الصحه والغذاء 12 20-03-2008 12:02 PM
فتاوى السحر والمس والعين مفرغا من شريط للعلامة ابن باز : اعداد بعض طلبة العلم ابو اسامة مجلس الإسلام والحياة 11 26-05-2007 01:52 PM


الساعة الآن 09:54 AM

سناب المشاهير