مــعــــنــــــــــــــــى الــــحـيـــــــــــــا ـه ..........................؟


المجلس الـــــعــــــــام للمواضيع التي ليس لها تصنيف معين

إضافة رد
قديم 31-05-2009, 01:32 PM
  #1
شامخ ال عليان
عضو متميز
 الصورة الرمزية شامخ ال عليان
تاريخ التسجيل: Mar 2009
المشاركات: 641
شامخ ال عليان has much to be proud ofشامخ ال عليان has much to be proud ofشامخ ال عليان has much to be proud ofشامخ ال عليان has much to be proud ofشامخ ال عليان has much to be proud ofشامخ ال عليان has much to be proud ofشامخ ال عليان has much to be proud ofشامخ ال عليان has much to be proud ofشامخ ال عليان has much to be proud ofشامخ ال عليان has much to be proud of
افتراضي مــعــــنــــــــــــــــى الــــحـيـــــــــــــا ـه ..........................؟



الســـلام عليكـــــم ورحمـــــــة اللـــــــــه وبركــاتـــــــــــه



معنى الحياة ؟!

تعليق على كتاب الكاتب ثيودوثيس دوبجانسكي

(4)

الفصل الرابع

الوعي بالذات والوعي بالموت

د.عمر القراي











هذا الفصل، من أقصر فصول الكتاب، لأنه يركز فقط، على قضية الوعي بالذات، والوعي بالموت. ولعلّ الكاتب يمهد به للفصل اللاحق، الذى يطرح فكرة الكاتب عن الحياة..



يركز الكاتب على ان الإنسان يختلف من الحيوان، في انه يتوق دوماُ الى معرفة اللانهائي. على ان الغريب في هذا الأمر، حسب رأي الكاتب، هو ان التطور منفعي، وان التغيرات التطورية تجئ استجابة لتحديات البيئة، ويوظفها الاصطفاء الطبيعي، لصالح استمرارية النوع. وتعمل التغيرات التى يتم اصطفاءها، للمحافظة على تكييف الكائن، وترقيته، وزيادة إمكانية توآؤمه مع البيئة، أي زيادة قدرته على التوالد، والبقاء في تلك البيئات. الاشكالية التى يراها الكاتب هنا، ان هذا التوق للمطلق، لا يبدو انه يؤدي الى ترقية التكييف، بل انه في واقع الأمر، يحد من فرص بقاء حامليه، خصوصاً، أولئك الذين يكون التعبير عنه، لديهم أشد.



على ان الكاتب يرى ان تفسير ووصف الإنسان، ومشاعره، التى تولاها علم النفس، لم تخرج على نطاق العبارات الفضفاضة، عديمة المعنى.. وهو لهذا يرى ان عالم الأحياء، يدهش لما يجد علم النفس من اهتمام، رغم ان نتائجه، في معرفة الفرق بين الإنسان والحيوان، لا تزال بائسة. ويصف الكاتب، عبارات علماء النفس، في تعريف الإنسان، بقوله : "اذ يقال ان الإنسان كائن يتميز بالعيش بالمنطق عوضاً عن الغريزة، الإنسان مدرك لنفسه واع بذاته، له عقل، له ذات ايقو وضمير سيوبر ايقو قادر على التبصر والتجريد وتأليف الرموز، والتفكير الرمزي، واستخدام اللغة الرمزية"، يعلق الكاتب على هذه التعريفات، بقوله "تلك الكلمات محكوم عليها بان تكون مبهمة بأكثر مما يلزم وغير دقيقة وغير مجدية كمفاهيم اجرائية للبحث في علم النفس".



وحين يرى الكاتب ان علماء النفس قد عجزوا عن تعريف الإنسان، يقبل محاولات العلماء الطبيعيين، ويقف باعجاب، عند هريك (1956) الذى ساوى العقل بالوعي، وقال بأننا لا يمكن ان نختزل العقل الى مجرد كيمياء، وقرر ان "الوعي هو الوعي بالذات"، ولا يستطيع ان يدرك ذلك، الا ذات الشخص المعني، الذى لا يقدر على تمييزه الا الاستبطان. وهو يرى ان الوعي ليس طرازاً من القوى الحيوية، وإنما هو ظاهرة، تتعلق بالكائن الحي. فالجسد يصنع العقل، ولكن العقل ليس ناتجاً يصنعه الجسد، كما تصنع المعدة العصارة المعدية. انه الجسد فاعلاً، نمط عمل مميز، بجهاز جسماني من نوع خاص. هكذا يؤكد هريك.



يعزز الكاتب، نظرة هريك، بنظرة عالمين فسيولوجيين آخرين، هما بنفيلد وروبرتس (1959) اللذين قالا بأن "تقديم تعريف وافي للعقل يصعب اليوم تماماً كما في أي وقت مضى. الوعي هو إدراك، تفكير، تركيز انتباه، تخطيط فعل، تفسير تجربة حاضرة، إدراك حسي". على ان هذه العبارات، لم تأت بجديد، في نظر الكاتب، رغم إيراده لها!! فهو يقول بأن "هذه الكلمات وصفية، لكنها بالكاد تشكل تعريفاً مقنعاً". على ان الكاتب يتفق مع هؤلاء العلماء، في ان تفرد الذات، لا يمكن ان يستمد كلياً، من الطاقم الوراثي للفرد، لأن كل من التوائم المتطابقة، المتشاركة في الطواقم الوراثية الابتدائية، يختبر ذاته الواعية، بصورة متميزة عن توأمه.



يحدثنا الكاتب، بعد ذلك، عن رؤية الوجوديين، الذين يرون ان الإنسان، هو وحده، الذى يوجد حقاً. وهذا الوجود هو الذى يميز الإنسان، عن كافة أشكال الحياة الأخرى. على ان الكاتب يفضل رأي فروم (1964) الذى يقول بأن الإنسان "يمتلك ذكاءً مثل الحيوانات الأخرى يتيح له استخدام العمليات العقلية بطريقة تمكنه من تحقيق أهداف عملية مباشرة لكنه يمتلك إضافة لذلك خاصة عقلية أخرى يفقدها الحيوان. انه مدرك لذاته، واع بتاريخه وبمستقبله الذى هو الموت. انه عليم بضآلته وبعجزه، وهو يدرك الآخرين كآخرين كأصدقاء أو أعداء أو قرباء. يتجاوز الإنسان كل الحياة الأخرى لأن حياته تدرك ذاتها للمرة الأولى في تاريخها. الإنسان كائن في الطبيعة يخضع لاملاءاتها وصدفها لكنه يتجاوزها لأنه يفقد تلك الغفلة التى يكون الحيوان بسببها جزءاً مندمجاً في الطبيعة - واحداً منها". يخلص دوبجانسكي من ذلك الى ان "الوعي بالذات هو احد أهم خصائص النوع الإنساني الجوهرية، وربما كان أهمها. وهو ابداع تطوري فلم يكن النوع البيولوجي الذى انحدر منه الإنسان يملك سوى بدايات الوعي بالذات أو ربما كان يفقدها تماماً".. على انه يرى، ان الوعي بالذات، لم يكن دائماً، أمراً مفرحاً، فقد جلب معه الخوف والقلق. يعتمد الكاتب في هذه الرؤية، على ما ذكره مناكر ومناكر (1965) "كان القلق - أو فلنقل الخوف - في العالم الحيواني الذى جئنا منه يخدم وظيفة البقاء على قيد الحياة، ويمثل انذاراً بالخطر المحدق الذى يتم التفاعل معه بكامل معدات البقاء الاتوماتية الغريزية المتوفرة للفرد. يطرح التطور الإنساني مسألة جديدة هنا، وان كانت مدفوعة بالحاجة نفسها للبقاء. اذ من الواضح انه لا بد لهذا الانجاز التطوري العظيم، الإدراك، من ان يضيف بعداً خاصاً للخوف".



يرى الكاتب، ان الوعي بالذات صاحبه أيضاً الوعي بالموت. ومن ناحية التطور، فان الوعي بالذات أولي، والوعي بالموت ثانوي، وهو ثمرة لتزايد الوعي بالذات. ويعتقد الكاتب ان الأهمية التطورية، التكييفية، للوعي بالذات، إنما تجئ من تنظيم، وتوحيد، قدرات الإنسان البدنية، والعقلية، التى يقوم عن طريقها بالتحكم في بيئته. يستانس الكاتب هنا، برأي هالويل (1961) الذى كتب. "كان أهم ما حدث في البعد النفسي لتطور عائلة الإنسان تنامي بنيته الشخصية الإنسانية التى صار للوعي بالذات المستند الى الأنا الايقو أهمية محورية بها"؛ والى رو (1963) الذى قال ان هذه البيئة، تشكل مركباً يضم التفكير الرمزي والاتصال، واللغة الرمزية، والذكاء، والتفكير المنطقي، كما يضم بطريقة غير مباشرة، استخدام الآلات وصنعها والثقافة.



بعد ذلك، يحدثنا الكاتب، عن كيف ان الوعي بالموت، قد عرف لدى الإنسان البدائي الأول، بدليل دفن الموتى، الذى وجدت آثاره، عند إنسان نياندرثال، وفي مدافن العصور الحجرية، والآثار القديمة، التى تزخر بالحديث عن الموت، ومدى تباين التعامل مع جثمان الموتى، بين الحرق، والدفن، والطقوس المختلفة، التى تصاحب هذه الأعمال، بوصفها مشاهد دينية، بالغة الأهمية في معتقدات مختلف الشعوب.



ورغم ان الكاتب يرى بأن الوعي بالذات، والوعي بالموت، مكيفان وراثياً، لكن هذا لا يعني انهما خصلتان وراثيتان بسيطتان. فليس هنالك شئ اسمه جينة للوعي بالذات، أو للوعي، أو الأنا الايقو أو العقل. هذه القدرات الإنسانية الأساسية، مستمدة في رأيه من الهبة الوراثية بكاملها، لا من نوع معين من الجينات الخاصة. يطرح الكاتب سؤالاً مهماً هو : هل القول بأن الوعي بالذات وبالموت، مكيفان وراثياً، يعني ان نشأتهما، أو تناميهما، عملية بيولوجية، خضعت لفعل الاصطفاء الطبيعي، بحسبانها عناصر مساعدة لما يسمى غريزة حفظ الذات؟ هل يمكن ان يكون اكتساب الوعي بحتمية الموت، حدثاً مستقلاً، ومعقداً بالمعنى البيولوجي؟ يرى الكاتب ان الإجابة عن السؤال الأخير بالنفي. وذلك لأن الوعي بالموت، يكون مواتياً، لو انه يمد الأب، بالحافز لتوفير متطلبات الحفاظ على نسله، وبقائه توقياً لوفاته. لكن هذا يفترض قدراً من السعة العقلية، ويتعذر تصور التنامي الثقافي، خارج إطار ما يقارب العقلية الإنسانية، كما هي موجودة الآن.



يرى الكاتب، ان مفهوم غريزة حفظ الذات، مفهوم مربك، وغير واضح. وهو يعتقد بأننا ينبغي ألا نتصور ان الكائن "يعرف" ما يلزم ان يفعله، ليبقى على قيد الحياة، عن طريق إدراك غريب ومفارق للطبيعة. بدلاً من هذا، يقدم الكاتب هنا رأيه بأنه من الـ "صحيح تماماً ان الكائنات من الأدنى الى الأعلى تتفاعل مع المؤثرات التى تتوفر عادة في بيئتها المعتادة بأساليب تتوخى الاحتمال الأقصى لبقائها. الكلمات المفتاحية في العبارة السابقة هى تتوفر عادة وبيئتها المعتادة. ذلك ان افراد النوع اذا وضعوا في بيئات مختلفة فانهم يفقدون حكمتهم وغالباً ما يتبلدون بصورة مذهلة".



يخبرنا الكاتب عن اعتقاد فرويد، بأن هناك أيضاً غريزة للموت، مثلما ان هناك غريزة الحياة، وهو يرى ان هذا الوصف، يمكن ان يكون مجازياً رفيعاً، يصف بعض جوانب النفس البشرية، ولكنه لا يستقيم، اذا قصد منه، ان يكون نظرية علمية بيولوجية.



هناك علاقة في رأي دوبجانسكي بين نشأة الدين والوعي بالموت. وهو يخبرنا انه ليس هناك اتفاق بين العلماء، عن كيف نشأ الدين، ويذكر رأي تايلور، العالم الأنثروبولوجي المعروف، الذى ذكر بأن نشأة الدين، بدأت بعبادة الأرواح، المشخصنة في الطبيعة الحية، وغير الحية. ولكنه أميل الى رأي مالينونسكي (1931) الذى يقول بأنه "يمكن توضيح الارتباط الجوهري للدين ان لم يكن المباشر باحتياجات الإنسان الأولية أي البيولوجية. ان الدين يجئ مثل السحر من لعنة التروي والخيال التى تصيب الإنسان حال بزوغه فوق مستوى الطبيعة الحيوانية البهيمية". يرى الكاتب ان أهم الأشياء التى يركز عليها الخيال، هو وقت زوال الإنسان، وذلك لأن حقيقة الموت، من أكثر الحقائق زعزعةً، واحباطاً، لخطط الإنسان. وهذه في رأي الكاتب، أهم أسباب نشأة الدين. ان الإنسان يتوق الى اثبات ان الموت ليس حقيقياً، وان للإنسان روحاً خالدة، تظل باقية دوماً. هذا الشعور، ينشأ من حاجة عميقة، ولا ينبع من غريزة سيكولوجية. وهو إنما تحدده الثقافة، والتعاون، ونمو العاطفة الإنسانية. يرجح الكاتب رأي فيبلمان (1963) الذى يقول بأن "الأديان اتساق استجابة نوعية تعد بالبقاء. وبغض النظر عن صدقها أو زيفها فان الاحصاءات الغامرة بانتشارها تدل على ضرورتها لاختزال حاجة ضرورية لدى الإنسان. هذه بالطبع هى الحاجة للبقاء، للأمن الأولي، ولتجاوز أسى الموت. الفرد الإنساني يعرف انه سيموت لكن أفكاره أكبر من مصيره. الدين مسعى للانخراط في مجال أوسع وأكثر ثباتاً من الوجود المجرد".



يطرح الكاتب ان قصة الحياة والموت، كانت أهم مباحث الفلسفة الإغريقية القديمة. ويستدل على ذلك بمقولة سقراط بأن "الفلاسفة الحقيقيون يدرسون الموت أبداً" كما يثمن من مقولة شوبنهور بأن "كل الانساق الدينية والفلسفية موجهة بصفة رئيسة لهذه الغاية وهى أساساً الترياق المضاد لحتمية الموت التى يصل إليها العقل التأملي بطبعه".



يختم الكاتب الفصل، برؤيته التى يتفق فيها، مع من يقررون ان الموت ليس نهاية المطاف، وإنما هو بداية لحياة أخرى. ويعتقد انه بدون هذا الاعتقاد، تصبح الحياة بلا جدوى، رغم ان الاهتمام بالموت يشمل أيضاً، الذين لا يعتقدون في وجود حياة أخرى، ويعتبرون الموت هو النهاية. يقول دوبجانسكي بأن "الوجود الزمني ليس الا مجرد تهيئة للحياة القادمة بالنسبة للذين يؤمنون بالبعث والخلود، أما بالنسبة للذين يعتقدون ان الموت هو الفناء والتحلل النهائي فان معنى الحياة يكرسه ما يحدث بين الميلاد والموت وألا يكون هنالك أي معنى. يمكن للذى يعتقد في الخلود اذن ان يعد خلاصه الشخصي همه الشاغل، والهدف من حياته. ولو لم يكن هنالك خلود فان المسألة تكون معقدة وصعبة لأبعد مدى. فلا يمكن العثور على معنى للحياة إلا في شئ أكبر من الوجود الشخصي لكنه يتضمنه في الوقت نفسه".



من حسن التوفيق، ان يفتتح دوبجانسكي حديثه عن الوعي بالذات، بتعلق الإنسان، وتوقه للمطلق!! على انه كعالم طبيعي، استغرب هذا الأمر، لأن التطور منفعي، وان التغيرات التطورية تجئ استجابة لتحديات البيئة، ويوظفها الاصطفاء الطبيعي، لصالح استمرارية النوع. وتعمل التغيرات التى يتم اصطفاءها، للمحافظة على تكييف الكائن، وترقيته، وزيادة إمكانية توآؤمه مع البيئة، أي زيادة قدرته على التوالد والبقاء، في تلك البيئات. وهو لا يرى ان هنالك علاقة بين التطلع الى المطلق، والتطور الذى يتم في الطبيعة، بالصورة التى وصفها. والحق غير ذلك!! فان تطلع الإنسان للمطلق، وولعه باللانهائي، هو الذى وسع خياله، وجعله يحلم بغير واقعه، ومن ثم حفزه لتغيير الواقع، حتى يطابق الحلم!! ولئن لم يحدث هذا التطابق تماماً، الا ان هذا الشعور الدافق، هو الذى حفز التطور. ان الفكر نفسه، هو حركة الوعي بين الذاكرة والخيال. والذاكرة هي خزينة تجاربنا السالفة، والخيال هو تصورنا لما لم يحدث، وهو يمكن ان ينسرح بلا حدود، وهذا هو التطلع الى المطلق. وإنما من هذا الاطلاق، الذى يفوق قدرة الإنسان العادية، جاءت أمهات الأفكار، التى غيرت العالم. والفكرة التى تهبط على الإنسان، قد تفاجئه، فلا يدري من أين أتت، ولعلّ من أبلغ ما بلغنا، في تصوير ذلك قول الشاعر :

رب فكر لاح في لوحة نفسي وتجلى

خلته مني ولكن لم يقم حتى تولى

مثل طيف لاح في بئر قليلاً واضمحلا

كيف وافى؟! ولماذا فر مني؟!

لست أدري!!(1)



وانه لحق، ان التغيرات التطورية، تجئ استجابة لتحديات البيئة، وبغرض الحفاظ على النوع، واستمراره، ولكن مبلغ القدرة على تحدي البيئة، وتسخيرها لخدمة حياة الإنسان، إنما يعتمد على الذكاء البشري، الذى يطرد بتوسع الخيال، وقدرته في خلق تعدد الخيارات، في التعامل مع البيئة. لقد رفع الإنسان بصره الى السماء، فاهتدى الى المطلق، بينما نظرت الحيوانات الأخرى، الى الأرض، في دلالة واضحة، الى تقيدها ومحدوديتها!! والى ذلك الإشارة بقوله تعالى ﴿أفمن يمشي مكباً على وجهه أهدى أم من يمشي سوياً على سراط مستقيم﴾؟!.. فالمطلق اذن، لا يسير التطور بالقوانين التى تحكم المادة فقط، وإنما أيضاً، من خلال إلهامه للإنسان، الذى صار بهذا الإلهام طليعة الحياة، ومحسنها في كل وقت.



ومن ناحية أخرى، وهي الأهم، فان الإنسان لم يأت من العدم، وإنما أتى من المطلق!! قال تعالى في ذلك ﴿يا أيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة﴾!! وهى نفسه تبارك وتعالى، ولهذا فهو يحن الى الوطن القديم، الذى ركز في كيانه، فلم يستطع نسيانه تماماً، وظل متعلقاً به، رغم تقلبه في مختلف الصور. وحين جاءت مصاعب الحياة، التى حفزت تطوره، كانت في كل تجربة معاناة، تذكره بالحياة الخالدة، التى لم تكن تؤوفها آفة، والتى كان يعيشها بعيداً، عن العنت، في كنف الرحيم. وكان يعتقد انه يكتشف الاشياء، وهو إنما يتذكرها فقط، لأنها كانت، جميعاً، منطوية في العلم المطلق، الذى عنه صدر في سحيق الآماد. قال تعالى ﴿وعلم آدم الأسماء كلها﴾ فالخوف الشديد، الذى يخافه أحدنا من الموت، لم يكن ليحدث، لو لا انه مات من قبل، في حيواته السابقة!! وهو حين نسى كثيراً من تجارب حياته، في عمر الجنس البشري، لم يستطع ان ينسى تماماً التجارب بالغة القسوة، وفي قمتها الموت.. فالإنسان إذن، حمل الخوف في اهابه، من مراحل بعيدة، قبل ان يدخل البشر في مسرح الحياة.



لقد رفض دوبجانسكي، تعريف علماء النفس، للإنسان وحسب عباراتهم انشائية، ومبهمة!! وقبل الى حد ما، بعض تعريفات علماء الطبيعة، ثم عاد، وقال انها بالكاد يمكن ان تشكل تعريفاً. ولعلّ الاشكال، إنما هو في تعريف العقل، وذلك لأن الجسد معلوم لعلماء الطبيعة، وهو لا يميز الإنسان عن الحيوان. يقول الأستاذ محمود محمد طه "العقل هو القوة الدرّاكة فينا. وهو لا يختلف عن الجسد اختلاف نوع، وانما يختلف عنه اختلاف مقدار. فالعقل هو الطرف اللطيف من الحواس. والحواس هى الطرف اللطيف من الجسد. وإنما بصهر كثائف الجسد تحت قهر الإرادة الإلهية، ظهرت لطائف الحواس ثم لطائف العقول. وعن حركة بروز العقل، ووسيلة بروزه، يخبرنا الله تبارك وتعالى، فيقول ﴿انا خلقنا الإنسان من نطفة، أمشاج، نبتليه، فجعلناه سميعاً بصيراً* انا هديناه السبيل اما شاكراً واما كفوراً﴾. فالنطفة الأمشاج تعني الماء المخلوط بالطين، وذلك عند ظهور الحياة بالمعنى الذى نعرفه. ثم أخذت الحياة، تلد الحياة، بطريقة، أو بأخرى، وذلك في مراحلها الدنيا، وقبل ان تتطور، وتتعقد، وتبرز الوظائف المختلفة، للأعضاء، وللأنواع. وقبل ان تبرز الأنثى بشكل مستقل عن الذكر. وتمثل هذه الحقبة طرفاً من المرحلة الثانية من مراحل نشأة الإنسان. ثم عندما ارتقت الحياة، وتوظفت الوظائف، أصبحت الحياة تجئ من التقاء الذكر بالأنثى، وأصبحت النطفة الأمشاج تعني ماء الفحل، المختلط ببويضة الأنثى. وكل السر في عبارة نبتليه لأنها تشير الى صهر العناصر في الفترة التى سبقت ظهور المادة العضوية. وتشير الى صراع الحي مع بيئته الطبيعية، بعد ظهور أول الأحياء، والى يوم الناس هذا.. فجعلناه نتيجة لهذا الابتلاء، والبلاء، سميعاً بصيراً اشارة الى بروز الحواس في الحي، الواحدة تلو الأخرى. وبعد ان اكتملت الحواس الخمس، وأصبح الحي حيواناً سوياً انختمت المرحلة الثانية من مراحل النشأة البشرية، وبدأت المرحلة الثالثة، وذلك ببروز لطيفة اللطائف - العقل - والى ذلك الاشارة بالآية السابقة ﴿انا هديناه السبيل اما شاكراً واما كفوراً﴾.. وإليه أيضاً الاشارة بقوله تعالى ﴿ألم نجعل له عينين* ولساناً وشفتين* وهديناه النجدين﴾.. قوله ألم نجعل له عينين؟ اشارة الى الحواس جميعها.. قوله ولساناً وشفتين اشارة الى العقل.. فانه هنا لم يعن باللسان مجرد الشريحة المقدودة من اللحم، والتى يشارك الإنسان فيها الحيوان، وإنما أشار باللسان الى النطق باللغة، ولذلك ذكر الشفتين لمكانهما في تكوين الأصوات، المعقدة، المختلفة، التى تقتضيها اللغة. واللغة ترجمان العقل، ودليله"(2).



لقد ذكر دوبجانسكي، معتمداً على آراء علماء الطبيعة، ان الإنسان هو الحيوان الوحيد، الذى يملك خاصة الوعي بالذات، والوعي بالموت، وان هذه الخاصة، لم تكن في أسلافه الحيوانات، وإنما هى من صنع التطور، ولكنه لم يسق دليلاً على ذلك الزعم!! ان الوعي بالذات، طرف من الشعور بالحياة، وهو لهذا ملازم للكائن الحي، ومن أدلة حياته.. ولكن التعبير عن هذا الشعور، هو الذى يعكس مقدار الوعي، وهو مقدار يزيد في الإنسان، عن الحيوان، دون ريب، ولكنه لا ينعدم في الحيوان. ان كل مخلوق يشعر بوجوده، ويخاف من الموت، ويسعى لتجنبه. وهو أيضاَ، يشعر بخالقه، فان لم يقع هذا الشعور في عقله الواعي، كان في اللاوعي. ذلك ان القيوم، هو الذى قامت به الأحياء، والأشياء، فلولاه ما وجدت، في المكان الأول، ثم لم يتماسك لها كيان، في المكان الثاني. حتى الذى ينكر وجود الله، من البشر بلسانه، وبعقله، يحس به، حين تعجز حيلته، وتشل قدرته، فلا يقدر على شئ، مما كان يفعل من قبل. ان التطور قد حسّن في النوع الحيواني، حتى انجب البشر. وفي هذا المضمار، زاد وعي الإنسان بالحياة، وبنفسه، وبالبيئة التى يعيش فيها، وزادت، تبعاً لذلك، قدرته على التعبير عن الحياة. وفي هذا المضمار، صنع جميع أنواع الفنون، كوسائل لرصد تجاربه، في التعبير عن الحياة. والحيوان أيضاً يشعر بذاته، ويسعى لحمايتها بكل سبيل، ولكن وعيه بذاته في مستوى إرادة الحياة، فهى التى تحركه، وتوجه تعبيره عن حياته تلقاء شهوته، وتكاد تحصره، في السعي لتحصيل اللذة، والفرار من الالم.



أما الإنسان، فان إرادة الحرية، بالإضافة الى إرادة الحياة، تحفزان سيره. وإنما من إرادة الحرية، جاء تساؤله عن مصيره، واهتمامه بمستقبله، وتطلعه للكمال المستقبلي. يقول الاستاذ محمود محمد طه "ولكن الله تعالى سير الجمادات، والغازات، والسوائل، تسييراً قاهراً مباشراً، ثم خلق الحياة في مراتب النبات، والحيوان، فسيرها بإرادة الحياة وهى إرادة تعمل بدوافع البقاء للاحتفاظ بالحياة .. وقانونها اجتلاب اللذة، ودفع الألم، وأصبح تسيير الله تعالى للمخلوقات في هذا المستوى من وراء حجاب إرادة الحياة التى تتمتع بما يسمى الحركة التلقائية، لأن دوافع حركتها، وقوى حركتها كالمودعة فيها. ثم لما ارتقى الله تعالى بالحياة الى مرتبة الإنسان زاد عنصر جديد على إرادة الحياة هذا العنصر هو إرادة الحرية وهو عنصر يختلف عن إرادة الحياة اختلاف مقدار، لا اختلاف نوع. سير الله البشر بإرادة الحياة وإرادة الحرية معاً وأصبح بذلك تسييره لنا غير مباشر. فالإرادة البشرية هي إرادة الحرية هذه، وبها تميز الإنسان عن الحيوان، وهى الإرادة التى بممارستها عصى آدم ربه، إذ نهاه عن أكل الشجرة. والإرادة البشرية أو إرادة الحرية قبس من الله العظيم، وإليها الاشارة بقوله تعالى ﴿اذ قال ربك للملائكة اني خالق بشراً من طين، فاذا سويته ونفخت فيه من روحي، فقعوا له ساجدين﴾ فكلمة سويته اشارة الى إرادة الحياة" وعبارة ونفخت فيه من روحي اشارة الى إرادة الحرية"(3).



والوعي بالموت، ليس شيئاً آخراً، غير الوعي بالذات، وغريزة حفظ الحياة، لأنه الوجه الآخر، لهما ذلك ان الإنسان والحيوان، إنما يحفظان حياتهما من الموت، ومما يمكن ان يؤدي إليه. أما قول دوبجانسكي بأن الوعي بالموت، قد عرف لدى الإنسان البدائي الأول، بدليل دفن الموتى الذى وجدت آثاره عند إنسان نياندرثال، وفي مدافن العصور الحجرية والآثار القديمة الخ.. فيحتاج الى مراجعة.. فان الوعي بالموت، تم بمجرد حدوثه!! وقبل ان يتعلم الإنسان دفن الموتى، أما الدفن فانه نتيجة الوعي بالحياة الأخرى، التى بعد الموت، وذلك من أول المفاهيم التى نشأت عليها الأديان، ولقد ساقت الأحلام الى تصور الحياة الأخرى.. فالإنسان كان يرى أخاه الذى مات، في منامه، وهو يصيد كما كان يفعل عندما كان حياً، فقام في باله بانه في حياة أخرى، يمارس حياته نفسها، ولهذا حرص على دفن الجثمان، ووضع أدوات الصيد معه.



يرى دوبجانسكي، ان مفهوم غريزة حفظ الذات، مفهوم وغير واضح، وهو يعتقد باننا ينبغي ألا نتصور ان الكائن "يعرف" ما يلزم ان يفعله، ليبقى على قيد الحياة، عن طريق إدراك غريب ومفارق للطبيعة. بدلاً من هذا يقدم الكاتب هنا رأيه بأنه "صحيح تماماً ان الكائنات من الأدنى الى الأعلى تتفاعل مع المؤثرات التى تتوفر عادة في بيئتها المعتادة بأساليب تتوخى الاحتمال الأقصى لبقائها. الكلمات المفتاحية في العبارة السابقة هي تتوفر عادة وبيئتها المعتادة. ذلك ان أفراد النوع اذا وضعوا في بيئات مختلفة فانهم يفقدون حكمتهم وغالباً ما يتبلدون بصورة مذهلة". والحق ان غريزة حفظ الحياة، تدفع نحو تصرف تلقائي، مركوز في بنية الحيوان، من وراء وعيه، عند استشعار الخطر.. ولا يعني هذا بالضرورة، ان ينجح دائماً في الابقاء على حياته، ولكنه يسعى لذلك بكل سبيل، وقد يكون سبب اخفاقه، هو ان البيئة لم تك مواتيه، لأنه لم يعتد عليها، كما ذكر الكاتب ولكنه على كل حال، يتواءم مع البيئة، ويقلل بذلك فرص فشله، في حفظ حياته.



يطرح الكاتب، رأي فرويد في وجود غريزة للموت، مثلما ان هناك غريزة للحياة، وهو لا يوافقه على ذلك، من الناحية العلمية. ولقد ذكر فرويد رأيه حول غريزة الموت، في دراسات عديدة، وفي كتابات خاصة وعامة. فحين كلفت عصبة الأمم، اينشتين، بالبحث مع عدد من الخبراء، عن طريقة تحول دون تكرار الحروب، قام بمخاطبة فرويد، بسؤال، عن ما هى الدوافع النفسية وراء الحروب. وبعد حديث طويل قال فرويد "ان الافعال البشرية على قدر من التشعب نادراً ما يكون الفعل المعني الذى يصدر عن الإنسان نتاج دافع غريزي واحد. فالدوافع مزيج مركب من طاقة شبقية وأخرى تهديمية وحسب ما تنص عليه القاعدة العامة لا بد من التقاء عدة دوافع متساوية التركيب من حيث عناصرها التكوينية لكي يحدث الفعل... حقاً مثل هذا النزوع يستحق تسمية غريزة الموت في حين ان الحوافز الشبقية تمثل الجهد الذى يبذل في اتجاه الحياة".. الى ان يقول "فان كان النزوع الطبيعي الى الحروب ناتجاً عن الدافع التهديمي يستنتج من ذلك انه يترتب علينا ان نستنجد بالخصم النقيض الذى يقف في وجه تلك النزعة الحربية اي دوافع الشبق فكل ما يتولد من علاقات عطف بين البشر لا بد ان يقوم برد فعل ضد الحرب"(4).. ان عبارة فرويد السابقة، عبارة سطحية، ومعممة، في حين ان المقام يحتاج الى الدقة، والتحديد.. فليس كل تعبير عن الغريزة الشبقية، ينتج عنه بالضرورة، اتساع لنطاق الحب والوئام بين البشر.. وإنما الممارسة الجنسية، التى تسوق الى الحب، لا بد ان تتم عن وعي، ورضا الطرفين، وتحت سمع وبصر وموافقة المجتمع، وأعرافه وتقاليده، حتى تعتبر العلاقة شرعية، ولا يعاني أطرافها بسببها أي ضيق.. وإلا فان الزنا، والاغتصاب، والتعدي، والجرائم الجنسية لا ينتج عنها سوى الحقد والكراهية والاحتقار.. وقد تؤدي الى اشعال الحروب، بل ان بعض أسباب قيام الحروب، هو الرغبة في اغتصاب النساء، وارغامهن على الجنس عنوة، وما يصاحب ذلك من عنف، وشعور بالغلبة والامتلاك، يكون مبعث اثارة ولذة للرجل.. ان القضاء على العنف والحرب، يتم في الوقت نفسه الذى يقضي فيه الإنسان على جهله بالبيئة التى يعيش فيها، وجهله بأخيه الإنسان، وهو الوقت الذى يحل فيه الحب محل الكراهية، بعد ان يقبر الظلم الى غير رجعة.. هنا فقط تنشط غرائز الحب بعد ان تكون قد اطلقت من عقالها، بزوال الخوف، الذى كان فيما مضى، يكبلها، فيتسامى الحب ويطرد كل يوم جديد"(5).



ورغم ان الكاتب أخبرنا، عن عدة آراء حول نشأة الدين، إلا انه يرجح ان الوعي بالموت، هو الذى دفع الإنسان لاختراع الدين!! وذلك لأن الموت، من أكبر الحقائق التى تصدم الإنسان، وهو لا يملك الغائه، ولهذا فكر في حياة أخرى، بعد الموت، ومن الايمان بهذه الحياة، وبالأرواح، نشأ الدين.. ولهذا يرجح الكاتب رأي فيبلمان (1963) بأن "الأديان اتساق استجابة نوعية تعد بالبقاء. وبغض النظر عن صدقها أو زيفها فان الاحصاءات الغامرة بانتشارها تدل على ضرورتها لاختزال حاجة ضرورية لدى الإنسان. هذه بالطبع هى الحاجة للبقاء، للأمن الأولي، ولتجاوز أسى الموت. الفرد الإنساني يعرف انه سيموت، لكن أفكاره أكبر من مصيره.. الدين مسعى للانخراط في مجال أوسع وأكثر ثباتاً من الوجود المجرد".. وبالرغم من ان في التعلق بالحياة الأخرى، عزاء للإنسان الشقي في هذه الحياة، وان الايمان بها مبعث طمأنينة للإنسان، الا ان الدين نشأ قبل هذا، من عجز الإنسان من مناجزة قوى الطبيعة، التى تدمر حياته بلا مبالاة، مثل العواصف والفيضانات، والزلازل والبراكين، فقد ظن انها آلهه جبارة، فتزلف إليها، وقرب لها القرابين، وأقام الطقوس لعبادتها، ومن هنا نشأ الدين، بمعنى الايمان بقوة أكبر من الإنسان، والشعائر في التعامل معها.. أما فكرة الايمان بالآخرة، فانها جاءت بعد فكرة وجود الآلهه، ولم يدل عليها مجرد الموت، وإنما ساقت إليها الأحلام.. فقد رأى الإنسان البدائي الأول، أباه أو أمه أو أخاه الذى مات في نومه، وهو يمارس حياته نفسها، التى كان يمارسها، فلم يهده تفكيره، الى تفسير لهذه الظاهرة أقرب من ان هذا الشخص، يعيش في عالم آخر، بعيداً عن الأرض، وأقرب الى الآلهه، ولهذا لا يمكن التواصل معه. ولقد كانت الأديان، التعددية، كثيرة الآلهة، ولكن كان عدد الآلهة، يقل كلما الف الإنسان احدى الظواهر، واستطاع ان يقلل من خطرها عليه.. أو كلما هزمت قبيلة أخرى، فان إله القبيلة المهزومة، يتبع لإله القبيلة المنتصرة، ثم تتلاشى عبادته، وتحل محلها عبادة الإله الجديد.



يختم دوبجانسكي هذا الفصل بقوله بأن "الوجود الزمني ليس إلا مجرد تهيئة للحياة القادمة بالنسبة للذين يؤمنون بالبعث والخلود، أما بالنسبة للذين يعتقدون ان الموت هو الفناء والتحلل النهائي فان معنى الحياة يكرسه ما يحدث بين الميلاد والموت وألا يكون هنالك أي معنى. يمكن للذى يعتقد في الخلود إذن ان يعد خلاصه الشخصي همه الشاغل، والهدف من حياته. ولو لم يكن هنالك خلود فان المسألة تكون معقدة وصعبة لأبعد مدى. فلا يمكن العثور على معنى للحياة الا في شئ أكبر من الوجود الشخصي لكنه يتضمنه في الوقت نفسه".. ان تصوير الموت باعتباره نهاية، هو الذى رسخ في اهابنا الخوف الشديد منه، وذلك مرده الى جهلنا بحقيقة الموت، وانه ميلاد جديد في مكان مختلف، تكون حياتنا فيه، أفضل من حياتنا في الدنيا.. و "لن نخاف الموت" يقول الدكتور، ثم يردف: "وكيف يخاف ميت، من الموت؟؟" فهل رأيت كيف يرى الدكتور انتصارنا على الخوف من الموت؟؟ هو يراه في اليأس من الحياة، وفي اليأس من القدرة على الفرار من الموت.. والحق غير ذلك.. فان انتصارنا على الخوف من الموت إنما يجئ من اطلاعنا على حقيقة الموت، ومن استيقاننا ان الموت، في الحقيقة، إنما هو ميلاد في حيز جديد، تكون فيه حياتنا أكمل، وأتم، وذلك لقربنا من ربنا.. وبالموت تكون فرحتنا، حين نعلم ان به نهاية كربنا، وشرنا، وألمنا.. قال تعالى عنه ﴿لقد كنت في غفلة من هذا، فكشفنا عنك غطائك، فبصرك اليوم حديد﴾ .. وإنما بالبصر الجديد ترى المشاكل بوضوح، وتواجه بتصميم.. وعندما اشتدت بالنبي غصة الاحتضار، وقالت السيدة فاطمة البتول "واكرباه لكربك يا أبي!!"، أجابها المعصوم "لا كرب على ابيك بعد اليوم".. وقد سمى الله، تبارك وتعالى، الموت اليقين فقال ﴿واعبد ربك حتى يأتيك اليقين﴾ واليقين أيضاً، العلم الذى لا يكاد يكون فيه شك، والذى به تتكشف الحقائق المستورة وراء الظواهر.. وإنما سمي الموت اليقين لأن به اليقين، ولأن به يتم اليقين الذى يكون قد بدأ هنا عند العارفين، وإنما يكون بدأه بالموت المعنوي الذى هو نتيجة العبادة المجودة.. وعن هذا الموت المعنوي قال المعصوم "موتوا قبل ان تموتوا" وقال عن أبي بكر الصديق: "من سره ان ينظر الى ميت يمشي في الناس فلينظر الى أبي بكر" هذا هو اليقين الذى باطلاعنا عليه، لا نتحرر من خوف الموت فحسب، وإنما به قد يكون الموت أحب غائب الينا"(6).



[1] ايليا ابو ماضي : الجداول بيروت : كاتب وكتاب ص 139

[2] محمود محمد طه (1970) رسالة الصلاة أمدرمان السودان ص20-22

[3] محمود محمد طه (1968) الاسلام . امدرمان السودان الطبعة الثانية ص 17-19

[4] أينشتين وفرويد : لماذا الحرب ؟ - مجلة الفرسان العدد 683 - 11 مارس 1991 م

[5] عمر القراي : تعليق حول موضوع : اينشتين وفرويد لماذا الحرب؟ - مقال لم ينشر مارس 1992

[6] محمود محمد طه (1971) القرآن ومصطفى محمود والفهم العصري – أمدرمان السودان ص 28-30

نقل للفائده

__________________
بعــــــض البشـــر مـن طـبـعـــه مقـــدر و محشـــــوم

وبعـــــــض البشـــــر عيــب عليـــك احتـــرامــــــــــه


اللـــي ستـــــــر عيبـــه عـن النـاس بهــــــــــــدوم

وش يستــــــــــره لاصــار عيبـــــــه كــلامـــــــــــــــه
شامخ ال عليان غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 31-05-2009, 05:53 PM
  #2
رائد نملان الحبابي
عضو فضي
 الصورة الرمزية رائد نملان الحبابي
تاريخ التسجيل: Aug 2006
الدولة: ارض الجزيره
المشاركات: 1,640
رائد نملان الحبابي has a reputation beyond reputeرائد نملان الحبابي has a reputation beyond reputeرائد نملان الحبابي has a reputation beyond reputeرائد نملان الحبابي has a reputation beyond reputeرائد نملان الحبابي has a reputation beyond reputeرائد نملان الحبابي has a reputation beyond reputeرائد نملان الحبابي has a reputation beyond reputeرائد نملان الحبابي has a reputation beyond reputeرائد نملان الحبابي has a reputation beyond reputeرائد نملان الحبابي has a reputation beyond reputeرائد نملان الحبابي has a reputation beyond repute
افتراضي رد : مــعــــنــــــــــــــــى الــــحـيـــــــــــــا ـه ..........................

يعطيك العافيه اخوي الغالي

على هاذي المعلومات المفيده ولك جزيل الشكر

على هاذى المجهود الطيب ..
__________________
رائد نملان الحبابي غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 01-06-2009, 04:34 PM
  #3
ابو حمد الجروي
عضو
 الصورة الرمزية ابو حمد الجروي
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 42
ابو حمد الجروي is just really niceابو حمد الجروي is just really niceابو حمد الجروي is just really niceابو حمد الجروي is just really nice
افتراضي رد : مــعــــنــــــــــــــــى الــــحـيـــــــــــــا ـه ..........................

شـــأمــخ والله ان تغــامصت عيــوني من القــرايه ولكــن الله لا يهينكــ




مـــع تحـــيـــأإأت اخــــوكـــ ابو حمد الجـروي
ابو حمد الجروي غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 02-06-2009, 03:51 AM
  #4
خالد بن محمد آل صمعه
عضو
 الصورة الرمزية خالد بن محمد آل صمعه
تاريخ التسجيل: Apr 2007
المشاركات: 97
خالد بن محمد آل صمعه is just really niceخالد بن محمد آل صمعه is just really niceخالد بن محمد آل صمعه is just really niceخالد بن محمد آل صمعه is just really nice
افتراضي رد : مــعــــنــــــــــــــــى الــــحـيـــــــــــــا ـه ..........................

شامخ آل عليان

يعطيك العافيه على هذي المعلومات
خالد بن محمد آل صمعه غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 02-06-2009, 04:21 AM
  #5
صالح ابو مريحة البشري
عضو ذهبي
 الصورة الرمزية صالح ابو مريحة البشري
تاريخ التسجيل: Apr 2006
المشاركات: 3,702
صالح ابو مريحة البشري has a reputation beyond reputeصالح ابو مريحة البشري has a reputation beyond reputeصالح ابو مريحة البشري has a reputation beyond reputeصالح ابو مريحة البشري has a reputation beyond reputeصالح ابو مريحة البشري has a reputation beyond reputeصالح ابو مريحة البشري has a reputation beyond reputeصالح ابو مريحة البشري has a reputation beyond reputeصالح ابو مريحة البشري has a reputation beyond reputeصالح ابو مريحة البشري has a reputation beyond reputeصالح ابو مريحة البشري has a reputation beyond reputeصالح ابو مريحة البشري has a reputation beyond repute
افتراضي رد : مــعــــنــــــــــــــــى الــــحـيـــــــــــــا ـه ..........................

لاهنت يالغالي
صالح ابو مريحة البشري غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 02-06-2009, 11:02 AM
  #6
منصور العبدالله
مـــراقــــب
 الصورة الرمزية منصور العبدالله
تاريخ التسجيل: Jun 2005
الدولة: أمجاد الرياض
المشاركات: 11,034
منصور العبدالله has a reputation beyond reputeمنصور العبدالله has a reputation beyond reputeمنصور العبدالله has a reputation beyond reputeمنصور العبدالله has a reputation beyond reputeمنصور العبدالله has a reputation beyond reputeمنصور العبدالله has a reputation beyond reputeمنصور العبدالله has a reputation beyond reputeمنصور العبدالله has a reputation beyond reputeمنصور العبدالله has a reputation beyond reputeمنصور العبدالله has a reputation beyond reputeمنصور العبدالله has a reputation beyond repute
افتراضي رد : مــعــــنــــــــــــــــى الــــحـيـــــــــــــا ـه ..........................

السلام عليكم ورحمه الله


فصل رائع اخوي شامخ ال عليان


انا حقيقة قرأت بعضة وحفظتة عندي


جميل جدا


والجميل التفكير المنطقي في الخلق

وكذلك فيها أشياء إيمانيه عن الموت والنشر والحياة الآخرى بعد الموت



رائع اخوي شامخ


بيض الله وجهك


تحياتي يالغالي لك على هالحضور المتميز جدا جدا


وفقك الله وسدد خطاك
__________________



اللهم أرحم والدتي ..وأجعل قبرها روضه من رياض الجنه..واسكنها جناتك
منصور العبدالله غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 03-06-2009, 10:47 PM
  #7
شامخ ال عليان
عضو متميز
 الصورة الرمزية شامخ ال عليان
تاريخ التسجيل: Mar 2009
المشاركات: 641
شامخ ال عليان has much to be proud ofشامخ ال عليان has much to be proud ofشامخ ال عليان has much to be proud ofشامخ ال عليان has much to be proud ofشامخ ال عليان has much to be proud ofشامخ ال عليان has much to be proud ofشامخ ال عليان has much to be proud ofشامخ ال عليان has much to be proud ofشامخ ال عليان has much to be proud ofشامخ ال عليان has much to be proud of
افتراضي رد : مــعــــنــــــــــــــــى الــــحـيـــــــــــــا ـه ..........................

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو حمد الجروي مشاهدة المشاركة
شـــأمــخ والله ان تغــامصت عيــوني من القــرايه ولكــن الله لا يهينكــ




مـــع تحـــيـــأإأت اخــــوكـــ ابو حمد الجـروي
هلابك يابوحمد

اهم شي عيونك طال عمرك

ولاهنت
__________________
بعــــــض البشـــر مـن طـبـعـــه مقـــدر و محشـــــوم

وبعـــــــض البشـــــر عيــب عليـــك احتـــرامــــــــــه


اللـــي ستـــــــر عيبـــه عـن النـاس بهــــــــــــدوم

وش يستــــــــــره لاصــار عيبـــــــه كــلامـــــــــــــــه
شامخ ال عليان غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 03-06-2009, 10:53 PM
  #8
شامخ ال عليان
عضو متميز
 الصورة الرمزية شامخ ال عليان
تاريخ التسجيل: Mar 2009
المشاركات: 641
شامخ ال عليان has much to be proud ofشامخ ال عليان has much to be proud ofشامخ ال عليان has much to be proud ofشامخ ال عليان has much to be proud ofشامخ ال عليان has much to be proud ofشامخ ال عليان has much to be proud ofشامخ ال عليان has much to be proud ofشامخ ال عليان has much to be proud ofشامخ ال عليان has much to be proud ofشامخ ال عليان has much to be proud of
افتراضي رد : مــعــــنــــــــــــــــى الــــحـيـــــــــــــا ـه ..........................

خالد

صالح

منصور العبدالله


ارحبوا واشكركم على مروركم

واشكركم على التعليق المحفز صراحه.
__________________
بعــــــض البشـــر مـن طـبـعـــه مقـــدر و محشـــــوم

وبعـــــــض البشـــــر عيــب عليـــك احتـــرامــــــــــه


اللـــي ستـــــــر عيبـــه عـن النـاس بهــــــــــــدوم

وش يستــــــــــره لاصــار عيبـــــــه كــلامـــــــــــــــه
شامخ ال عليان غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ياغـــــــــــــــــــزهـ جــديــد.. انشاد فه مطر الحجري الازدي الصوتيات الإسلامية 4 04-05-2009 08:33 PM
قصه قصيييييره إبن ناشر المجلس الـــــعــــــــام 4 31-12-2008 07:57 PM
يامعدّي الفنجال من صافي الكيف .. عدّه على ابن خريم تقدير واعجاب عبدالله ابن شايع الزهيري مـجـلـس الـشـعـر الـنـبـطـي 12 30-12-2008 10:35 PM


الساعة الآن 10:55 AM

سناب المشاهير