ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب


مجلس الإسلام والحياة يهتم هذا القسم بجميع مايتعلق بديننا الحنيف

إضافة رد
قديم 27-04-2013, 10:38 PM
  #1
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد: ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب

تربية الأبناء

الخطبة الأولى
الحمد لله الواحدِ الأحد، الفرد الصمَد، الذي لم يلِد ولم يولَد، ولم يكن له كفوًا أحد، تفرّد بالخلق والتدبير، وتعالى عن الشبيه والنظير، فاستحقَّ وحدَه أن يُعبد، أحمده تعالى وأشكره، خلقنا ورزقنا وكفانا وآوانا، وهدانا للإسلام، واختصَّنا ببعثةِ سيّد الأنام، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن لربِّه تعبَّد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، جعل الإسلامَ طريق الجنّة الأوحَد، وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله، من أطاعه فقد اهتدى ورشد، ومن عصاه فلن يضرَّ إلا نفسه، ولن يضرَّ الله شيئًا.

عن أنس قال: قال رسول الله : ((إن الله سائل كل راع عما استرعاه: أحفظ ذلك أم ضيعه؟ حتى يسأل الرجل عن أهل بيته)) رواه النسائي وابن حبان.
أيها الإخوة المسلمون، شباب اليوم هم رجال الغد وأمل المستقبل، وهم ثروة البلاد، وهم عدتها وعتادها وجنودها ورجالها. وإذا أردنا أن يكون أولادنا قرة لعيوننا وبهجة لقلوبنا فلا بد أن نرعاهم رعاية خاصة ونعطيهم كل اهتمامنا ونجعلهم أكبر همنا، فهم اليوم أمانة في أعناقنا، وغدا نسأل عنهم يوم القيامة؛ ولذلك نجد أن أمنية عباد الرحمن هي أن يرزقهم الله بذرية طيبة، يقول الله جل وعلا: وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا [الفرقان:74].
ولا يمكن للولد أن يكون قرة عين لأبيه إلا حينما ينشِّئه على الدين، ويحافظ عليه، ويحسن تربيته، ويتابعه في كل مرحلة من مراحل حياته، لا يتخلى عنه بأي حال من الأحوال. فالطفل يولد على الفطرة السليمة كما أخبرنا المصطفى عليه السلام، ولكن قد يأتيه الخلل من داخل البيت أو من خارجه، فيتحول الطفل من الفطرة السليمة إلى الانحراف المدمر.
نعم قد يبدأ انحراف الأولاد من البيت؛ لأن بعض البيوت ـ وللأسف ـ تدمر أخلاق الطفل؛ لأن بعض الآباء والأمهات جعلوا أولادهم آخر ما يفكرون فيه، فالأب مشغول والأم لاهية والبيت تدخل فيه المنكرات ولا أحد يدري, الخدم يعبثون في البيوت ويقومون بأعمال مشينة أمام الأولاد، فتنغرس هذه الأخلاق السيئة في ذهن الطفل الصغير الذي لا يميز، فتصبح جزء من سلوكه وأخلاقه. فنحن حينما نرى صبيّا يتسكع في الشوارع أو يدخن أو يأتي المنكرات أو يجهل دينه فلا تتعجبوا من الطفل، بل تعجبوا من ولي الأمر الذي وصلت به الغفلة والإهمال إلى هذا الحد وهو لا يدري عن ولده شيئا.
إهمال الأولاد ـ أيها الإخوة ـ يعرضهم إلى الضياع والانحراف, وأسوأ أنواع الإهمال حينما يعتمد الوالدان على الخدم في تربية أولادهم, فالخادمة هي التي ترضع الولد، وهي التي تطعمه، وهي التي تحمله وتحتضنه، وهي التي تنام معه، وهي التي تغسله وتنظفه، وهي التي تصنع له كل شيء إلى درجة أنه لم يبق للأم دور في حياة ولدها. هنا تتحطم نفسية الطفل؛ لأنه فقد أهم شيء بالنسبة له وهو حنان الأم وعطفها.
فترة الطفولة هي من أهم مراحل التربية والتعليم، ومع ذلك ضاعت حياة الطفل؛ لأنه قضى طفولته وهو يتنقل من خادمة إلى خادمة؛ ولذلك إذا أردنا أولادًا صالحين يكونون رحمة لنا في الدنيا ويشفعون لنا في الآخرة علينا أن نحرص على تربيتهم منذ الصغر. وأول شيء نبدأ به هو أن نعتمد على الله، ندعوه ونتوسل إليه بأن يرزقنا أولادًا صالحين، يقول الله سبحانه: هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ [آل عمران:38].
ومن الأشياء التي تعين على صلاح الأبناء أن يجلس ولي الأمر مع أولاده يسمع منهم، ويكلمهم ويتقرب إليهم ويرشدهم إلى ما فيه الخير، ويحذرهم من الشر، ويشعرهم بعطفه واهتمامه، ويفتح لهم صدره، أما أن ينشغل الأب عن أبنائه فلا يراهم ولا يرونه فهذا خطأ كبير.
ومن الأمور المهمة أن يغرس الوالدان الإيمان في نفوس أولادهم، الإيمان بالله واليوم الآخر، والإيمان بالرسل واحترامهم، والإيمان بالقرآن والعمل به، وهكذا يتعلم أصول الدين.
وأيضا لا بد وأن نعوّده على الصلاة منذ الصغر، ندعوه إلى الصلاة بالحكمة واللين، ونرغبه بالصلاة ونشجعه عليها، ونتابعه في صلاته كما نتابعه في دراسته بل وأكثر من ذلك، فالنبي أرشدنا إلى ذلك، فعن عبد الله بن عمرو قال: قال النبي : ((مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع)) رواه أحمد وأبو داود والحاكم.
ومن الأشياء المهمة في التربية أن يكون الوالدان قدوة حسنة لأولادهما؛ لأن الطفل أول ما ينظر ينظر إلى والديه، فعليهم أن لا يظهروا أمام أولادهم إلا بما يليق، ولا يأمر الوالد أولاده بشيء ويخالفه، ولا ينهى عن شيء ويأتيه. ولا بد للوالدين أن يغرسا في أولادهم الأخلاق الحميدة، كالصدق والوفاء والكرم والعفة واحترام المواعيد، فالصدق أساس الأخلاق وهو يهدي إلى البر، والكذب أساس الفجور وهو يهدي إلى النار.
ومن الأمور المهمة أن يتعرف الوالدان على أصدقاء أولادهم، فالطيور على أشكالها تقع، فمن صاحب الأخيار كان منهم، ومن صاحب الأشرار صار منهم. فعلينا أن نشجع أولادنا على مصاحبة الأخيار، ونحذرهم من رفقة السوء، عن أبي هريرة قال: قال النبي : ((الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل)) رواه أبو داود والترمذي، وعن أبي هريرة قال: قال النبي : ((إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)) رواه البخاري في الأدب المفرد ومسلم.


الخطبة الثانية
إخوة الإسلام، ومن لم يتعب في تربية أبنائه وهم صغار سوف يتعب معهم إذا كبروا وانحرفوا، ومن زرع في البداية خيرا سوف يحصد خيرا في النهاية.
جاء رجل إلى عمر بن الخطاب يشكو إليه عقوق ولده، فأمر عمر بإحضار الولد، وأنّبَ عمر الولد لعقوقه لأبيه، فقال الولد: يا أمير المؤمنين، أليس للولد حقوق على أبيه؟! قال: بلى، قال: فما هي يا أمير المؤمنين؟ قال عمر: أن ينتقي أمه، ويحسن اسمه، ويعلمه الكتاب ـ أي:القرآن ـ، قال الولد: يا أمير المؤمنين، إن أبي لم يفعل شيئا من ذلك؛ أما أمي فإنها زنجية كانت لمجوسي، وقد سماني جعلا، ولم يعلمني من الكتاب حرفا واحدا، فالتفت عمر إلى الرجل وقال له: جئت تشكو عقوق ابنك وقد عققته من قبل أن يعقَّك، وأسأت إليه من قبل أن يسيء إليك.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6].
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 29-06-2013, 01:01 PM
  #2
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد: ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب

استقبال شهر رمضان

الخطبة الأولى

الحمد لله الذي أنعم علينا بمواسم الطاعات التي تضاعف فيها الحسنات، وتمحى فيها السيئات، أحمده حمدا يليق بجلاله وعظيم سلطانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شىء قدير، يفتح لنا في رمضان أبواب الجنان ، ويغلق أبواب النيران ، وأشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله، وصفيه وخليله، خير من صلى وصام, وأطعم الطعام وألان الكلام، فاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا* يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما)




أيها المؤمنون: نحن على أبواب شهر رمضان، شهر الرحمة والغفران, يسعى فيه المؤمن ليكون من الفائزين، فيصوم نهاره، ويقوم ليله، ويكثر من الصدقات، ويتقرب إلى الله تعالى بالأعمال الصالحات، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتفي بمجيء هذا الشهر الكريم ويتهيأ لاستقباله، ويعرف الناس فضائله ومزاياه، ويذكر لهم ما فيه من خيرات ورحمات وبركات, فتقوى عندهم الهمة, وتشتاق القلوب والأرواح لقدوم هذا الشهر المبارك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن، وغلقت أبواب النار، فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وينادي مناد يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة ».
فلنحافظ على صوم شهر رمضان, ولنبتعد فيه عن اللغو والرفث والعصيان، والغيبة والنميمة وكل فعل لا يرضي الرحمن, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة فى أن يدع طعامه وشرابه ».
عباد الله: المراد من الصيام تقوى الله عز وجل, يقول تعالى( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون)
والتقوى هي امتثال أوامر الله تعالى، واجتناب نواهيه، ويحققها المسلم في رمضان بمراقبة الله تعالى في صيامه، وامتناعه عن الشهوات والمباحات في نهار رمضان، وبالإقبال على صلاة القيام، وقراءة القرآن، وفعل البر والإحسان, وإخراج الزكاة والصدقات, وبر الآباء والأمهات، وصلة الرحم والقرابات, وإطعام الطعام، وإفشاء السلام وكفالة الأيتام, والعطف على الفقراء والمساكين, وتفقد المحتاجين، والقيام بالواجبات بنشاط وهمة، وأداء المهمات بتميز وعزيمة، والتحلي بالصبر ليفوز بالجنة.
أيها المسلمون: ومن معاني الاستعداد لاستقبال شهر البر والخيرات أن نسارع بالتوبة النصوح الصادقة, وأن نعقد النية على الإخلاص في صيامنا وقيامنا, ليغفر الله تعالى لنا ما تقدم من ذنوبنا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه».
ويجب على الصائمين -استعدادا لشهر رمضان الكريم- أن يتعلموا أحكام الصيام ويسألوا عن ذلك أهل العلم الكرام, وينظموا فيه أوقات الليل والنهار, ويسلكوا فيه مسلك الأبرار، فوقت لتلاوة القرآن, وآخر لذكر الرحمن, وفسحة لدعوة الأقارب وإقامة المآدب، وزمن لتعلم العلم، والزيادة من الحكمة والفهم، وهمة لقضاء حوائج الناس، وساعة للترويح عن النفس، ويكون في كل أوقاته مراقبا لله تعالى في سلوكه وأعماله، فيرد الإساءة بالإحسان ويقابل الجهل بالصفح والغفران، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يفسق ولا يجهل، فإن جهل عليه فليقل إنى امرؤ صائم ».
اللهم بارك لنا فيما بقي من شعبان وبلغنا رمضان, وأعنا فيه على الصيام والقيام، وغض البصر وحفظ اللسان وقراءة القرآن.
نسأل الله سبحانه أن يوفقنا جميعا لطاعته وطاعة من أمرنا بطاعته, عملا بقوله( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم
ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم،
فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
عباد الله: ها هو شهر رمضان أقبلت نسماته، وهلت خيراته، تستعد فيه الجنة لاستقبال الصائمين من باب الريان، فعن سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :« إن في الجنة لبابا يدعى الريان يدعى له الصائمون، فمن كان من الصائمين دخله، ومن دخله لم يظمأ أبدا»
ألا فاستعدوا له استعداد الذي أعطي الفرصة ليفوز برحمة الله وجنانه، ويحظى بعفوه وغفرانه، ويعتق نفسه من نيرانه.
عباد الله: إن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه وثنى فيه بملائكته فقال تعالى(إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما)
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا»
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وعن سائر الصحابة الأكرمين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي.
اللهم سلمنا لرمضان، وسلم رمضان لنا، وتسلمه منا متقبلا، اللهم أهله علينا باليمن والإيمان والسلامة والإسلام، اللهم اجعلنا فيه ممن قبلتهم وغفرت لهم، وأعتقت رقابهم من النيران.
اللهم وفق ولاة أمر المسلمين لتحكيم كتابك واقامة شرعك
اللهم إنا نسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والسلامة من كل إثم والغنيمة من كل بر، اللهم إنا نسألك الفوز بالجنة والنجاة من النار، اللهم لا تدع لنا ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا دينا إلا قضيته، ولا حاجة إلا قضيتها ويسرتها يا رب العالمين، اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، اللهم إنا نسألك علما نافعا ورزقا طيبا وعملا متقبلا، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات اللهم اشمل بعفوك وغفرانك ورحمتك آباءنا وأمهاتنا وجميع أرحامنا ومن كان له فضل علينا.
اللهم أدم علينا الأمن والأمان وعلى سائر بلاد المسلمين.
اللهم عليك بطاغية الشام ومن عاونه وأيده وحارب معه اللهم احصهم عددا وأقتلهم بددا ولا تغادر منهم أحدا اللهم اجعل بأسهم بينهم شديد اللهم زلزل بلادهم وهدم ديارهم وقتل رجالهم ورمل نساءهم ويتم أطفالهم ياقوي ياعزيز
عباد الله
اذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم (وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون)
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 30-09-2013, 10:27 PM
  #3
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد: ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب

فضل العمل في عشر ذي الحجة

الْحَمْدُ لِلَّهِ نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، أَرْسَلَهُ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ مَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ إِلَّا نَفْسَهُ وَلَا يَضُرُّ اللَّهَ شَيْئًا
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ" ( آل عمران : 102 )
" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا " ( النساء : 1 )
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا " ( الأحزاب : 70 )
أما بعد ...
بعد أيام يظلنا هلال شهر ذى الحجة ، بعشره الأوائل المباركات ، إنها أفضل أيام الدنيا ، أقسم الله بها في كتابه العزيزبقوله سبحانه وتعالي : " وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ " والمراد بالفجر هنا فجر يوم النحر خاصة ، وهو خاتمة الليالي العشر ، والمراد بالوتر يوم عرفة ، والشفع يوم النحر تفسير ابن كثير
إنها الأيام المعلومات التي شرع الله فيها ذكرَه في قوله عز وجل: " وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ " وقوله سبحانه وتعالي : " وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ "
قال ابن عباس : الأيام المعلومات هي أيام العشر من ذي الحجة ، والأيام المعدودات هي أيام التشريق .
ما من أيام يحب اللهُ العملَ الصالحَ فيها أكثر من هذه الأيام وفى فضلها قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم : " مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ الْعَشْرِ " سنن الترمذي
وفى لفظ آخر : " مَا مِنْ عَمَلٍ أَزْكَى عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلاَ أَعْظَمَ أَجْراً مِنْ خَيْرٍ تَعْمَلُهُ فِى عَشْرِ الأَضْحَى "فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم : " وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ " الترمذي والدارمي
ففى الحديث تفضيل بعض الأزمنة على بعض كما تفضل الأمكنة بعضها علي بعض ، وفيه فضل أيام عشر ذي الحجة على غيرها من أيام السنة ، كأنه قيل ليس العمل في أيام سوى العشر من ذي الحجة أحب إلى الله من العمل في هذه العشر ؛ لأنها أيام زيارة بيت الله ، والوقت إذا كان أفضل كان العمل الصالح فيه أفضل .
وقد اختلف العلماء في فضل هذه العشر , والعشر الأخير من رمضان ، فقال بعضهم : هذه العشر أفضل لهذا الحديث , وقال بعضهم : عشر رمضان أفضل للصوم والقدر , والمختار أن أيام هذه العشر أفضل ليوم عرفة وليالي عشر رمضان أفضل لليلة القدر , لأن يوم عرفة أفضل أيام السنة , وليلة القدر أفضل ليالي السنة , ولذا قال ما من أيام ولم يقل ما من ليال .
وفي الحديث تعظيم قدر الجهاد وتفاوت درجاته ، وأن الغاية القصوى فيه بذل النفس لله ؛ ولهذا قال صلي الله عليه وسلم: (وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) أفضل من العمل الصالح في تلك الأيام ( إِلا ) جهاد (رَجُلٍ) رجلٍ : (خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ ) المال ولا من نفسه ( بِشَيْءٍ ) فهو قد بذل ماله ونفسه في سبيل الله ، فيكون هذا ــ فقط ــ هو العمل الأفضل من أي عمل صالح آخرفي أيام العشر أو مساويا له .
إنها العشر التي بها يوم عرفة ، يوم إكمال الدين وإتمام النعمة فيه نزل قول الله عز وجل : " الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا " ( [8] ) ولم ينزل بعدها حلال ولا حرام ، فهذه أكبر نعم الله سبحانه وتعالي على هذه الأمة ، حيث أكمل عز وجل لهم دينهم ، فلا يحتاجون إلى دين غيره ، ولا إلى نبي غير نبيهم صلي الله عليه وسلم.
إنها العشر التي يزينها يوم عرفة ، ذاك اليوم الذي يدنو الله سبحانه وتعالي فيه ثم يباهي بأهل الموقف ملائكة السماء ، فما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبيدًا من النار من يوم عرفة.
إنها العشر التي جمع الله فيها أمهات العبادات كلها فما من عبادة في الإسلام إلا ولها مكان في هذه العشر، إنها الموسم الأخير في هذا العام ، العمل الصالح فيها محبوب إلى الملك الديان ، أفلا تحب ما أحبه مولاك؟
إن بلوغ هذه العشر بعد رمضان نعمة عظيمة... فكم من نفس أدركت رمضان لم تدرك عيد الفطر بعده ، وكم نفس أدركت عيد الفطر لم تدرك عشر ذي الحجة ولا عيد الأضحي بعدها ، فاحمد الله على نعمة بلوغ هذا الموسم من مواسم الجنة.
إن هذه العشر هي العزاء لمن فرّط في رمضان ، فها هو مولاك عز وجل يمهلك ويمد في عمرك ... فماذا أنت فاعل؟!
كم مرت علينا في أوائل الشهور من عشرٍ لم يكن لها مزية ، أما هذه العشر فقد ميزها خالقها وجعلها خير أيام العام ، يقول النبي صلي الله عليه وسلم : " أفضل أيام الدنيا أيام العشر" ( [9] ) إنهاعشرذي الحجة ، الشهر الأخير من العام ، وعما قليل ستطوى صحائفه ، وتغلق خزائنه علي ما عملناه فيه من خير أو شر ، فاختم عامك أيها المسلم بخير فإن العبرة بالخواتيم .
علينا إذن أن نبذل أقصي الجهد لاستغلال هذا الموسم ... موسم الخير الذي فاق العمل الصالح فيه حبًا عند الله .. فاق الجهاد في سبيل الله ، مع أن الجهادَ ذروة سنام الدين ، فهي نفحة من الله قد لا ندرك مثلها مرة ثانية ــ فالأعمار بيد الله عز وجل ــ والعاقل من ينتهز الفرصة والمحروم من ضيعها.
فما هي أنواع العمل الصالح في هذه العشر التي قد لا تعود ؟؟
أولا: التوبة النصوح :
فحرى بالمسلم أن يستقبل هذه الأيام العشر ، بالتوبة الصادقة ؛ لأنه ماحرم عبد خيرا في الدنيا أوالآخرة إلا بسبب ذنوبه ، قال عز وجل : " وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ " والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنوب والمعاصي والندم على ما مضى والعزم على ألا يعود وأن تكون خالصة لله ، وأن يتمسك بشرع الله بعدها في كل الأمور ؛ فيكون بذلك ممن مدحهم الله سبحانه وتعالي بقوله : " إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا " ومع التوبة يكثر من أعمال الخير في هذه العشر ، فهى موسم من مواسم الخير العامة .
ثانيا: صيام تسعة أيام من هذه العشر أو ما تيسر:
كثير من الناس يركز علي الصيام ، والصيام عمل طيب بل قد استدل بالحديث الذي ذكرناه على فضل صيام عشر ذي الحجة ؛ لاندراج الصوم في العمل ، فاحرص على هذه القربةوخاصة يوم عرفة يقول النبي صلي الله عليه وسلم : " صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ " انظر إلى هذا الفضل العظيم ، كيف أن صوم عرفة وحده يمحو الله به ذنوب سنتين كاملتين، فالسعيد من اغتنم هذه الأوقات العظيمة وصام يوم عرفة وحفظ فيه لسانه وسمعه وبصره وجميع جوارحه عما يغضب الله تعالى ، وينبغي أخي المسلم أن تدعو أهل بيتك وأقاربك وأصدقاءك وجيرانك لصوم يوم عرفة المبارك ، فإن النبي صلي الله عليه وسلم قال : " مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ " وتذكر أن : " مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَاعَدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا "
ثالثا: التكبير والذكر:
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه :" وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ أَيَّامُ الْعَشْرِ وَالْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ يُكَبِّرَانِ وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا " فالتكبير هو شعار أهل الإيمان في هذه الأيام العشر ، ولا يمنعك الخجل أيها المسلم من الجهر بالتهليل والتكبير والتحميد والتسبيح ورفع الصوت بها في المساجد والدور والطرقات والأسواق في كل وقت ، فقد عرفنا من قول ابن عباس أن أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم ومنهم ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما كانا يخرجان إلى الأسواق لا لحاجة الشراء وإنما لإحياء هذه السنة وهي التكبير ويكبر الناس بتكبيرهما ، و صفته أن تقول : " الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد ".
رابعًا: أداء الحج والعمرة :
وليتذكر المسلم أن الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ، وأن جائزة أهل عرفات أن يقال لهم انصرفوا مغفورا لكم ، وأنت يا من تركت الحج مع استطاعتك ، تذكر زحام المحشر وحر جهنم ، ثم تذكر أن الحج باب لنفي الفقر والذنوب ، " تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ الْمَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إِلَّا الْجَنَّةُ " والبخيل من بخل على نفسه.
خامسًا: الصدقة والإحسان إلى الخلق :
وتذكر أخي أنك بهذا تحسن إلى نفسك قبل إحسانك إلى المحتاجين تصدق في كل يوم من هذه الأيام ولو بالقليل أو اليسير عسى أن يرفع اسمك إلى السماء مع اسماء المنفقين فـ" مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا وَيَقُولُ الْآخَرُ اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا ".
واعلم أن الله يقبل الصدقة ولو كانت تمرة وتمعن في قول الرسول صلي الله عليه وسلم : "مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَّا الطَّيِّبَ وَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ " فكم ضيعنا في مواسم الخير من جبال ومن فرص.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
سادسًا: الأضحية :
وهنا أذكركم بسنة نسيها الكثيرون ، وهي أن من أراد الأضحية فليمسك عن شعره وظفره وبشرته أيام العشر لحديث رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم :"َ مَنْ كَانَ لَهُ ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ فَإِذَا أُهِلَّ هِلالُ ذِي الْحِجَّةِ فَلا يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعْرِهِ وَلا مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا حَتَّى يُضَحِّيَ "( [19] )وهذا الحكم خاص بالمضحي فقط أمّا المضحى عنهم فلا يلزمهم الإمساك ، طبعا ما عدا اللحية فإنه لايجوز حلقها أو تقصيرها لا في هذه الأيام ولا في غيرها من الأيام ، واعلم أن من أخذ شيئًا من ذلك متعمدًا فإن ذلك لا يمنعه من الأضحية وعليه التوبة.
سابعا: الحرص على أداء الصلاة جماعة والاستزادة من الأعمال الصالحة :
فاحرص أخي المسلم على إدراك تكبيرة الإحرام ، وأداء السنن الرواتب والنوافل المطلقة ، وأن تعود إلى قيام الليل يا من تركته بعد رمضان ، ولا تتهاون في أداء صلاة العيد فإنها من إقامة ذكر الله ، وليعلم المسلم أن أفضل ما انشغل به أن يقف بين يدي الله مصليا.
واحرص أيضا على تلاوة القرآن ، وحاول أن تختمه ولو مرة واحدة في هذه العشر ، واحرص على البر وصلة الأرحام ... كل هذه أنواع من الأعمال الصالحة تستطيع أن تملأ بها هذه الأيام العشر.
ثامنا :أما أيام العيد :
وهي خاتمة هذه الأيام العشر فهي : " أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرِ اللَّهِ " عز وجل ... فرح ومرح في حدود المشروع ، فاحذر أن تجعلها أيام أشر وبطر وانتهاك لحرمات الله ، فتهدم بذلك ما سـبق أن بنيته من عمل صالح طيلة هذه العشر.
وتذكر ... أن الأجور في هذا الموسم تتضاعف ، فاجعلها نقطة الانطلاق إلى رحاب الإيمان وميادين المسابقة في الخيرات.
اللهم أعنا على استغلال هذا الموسم ، وبلغنا اللهم مواسم الخير دائمًا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلي آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 03-11-2013, 02:40 PM
  #4
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد: ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب

موقف بين موسى وفرون



الحمد لله العلي الكبير، المتفرد بالخلق والتقدير والتدبير، الذي أعز أولياءه بنصره، وأذل أعداءه بخذله، فنعم المولى ونعم النصير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمداًً عبده ورسوله البشير النذير، والسراج المنير، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم المآب والمصير وسلم تسليماً.

أما بعد أيها الناس، اتقوا الله تعالى واذكروا أيام الله لعلكم تتذكرون واذكروا أيام الله بنصر أوليائه لعلكم تشكرون واذكروا أيام الله بخذلان أعدائه لعلكم تتقون واذكروا أيام الله إذا نزل للقضاء بين عباده فقضى بينهم بفضله وعدله لعلكم توقنون إن نصر الله لأوليائه في كل زمان ومكان وأمة هو نصر للحق وذلة للباطل وأخذ للمتكبر ونعمة على المؤمنين إلى قيام الساعة لقد أرسل الله موسى -صلى الله وسلم عليه وعلى نبينا وإخوانهما من النبيين والمرسلين أرسله إلى فرعون بالآيات البينات ودعاه إلى توحيد رب الأرض والسماوات فقال فرعون منكراً وجاحدا: {وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ} فأنكر الرب العظيم الذي قامت بأمره الأرض والسماوات وكان له آية في كل شيء من المخلوقات فأجابه موسى: هو {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ} ففي السماوات والأرض وما بينهما من الآيات ما يوجب الإيقان للموقنين فقال فرعون لمن حوله ساخراً ومستهزئاً بموسى {أَلاَ تَسْتَمِعُونَ} فذكره موسى بأصله وأنه مخلوق من العدم وصائر إلى العدم كما عدم آباؤه الأولون فقال موسى: هو {رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ} [الشعراء:26] وحينئذ بهت فرعون فادعى دعوى المكابر المغبون فقال {إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ} [الشعراء:27] فطعن بالرسول والمرسل فرد عليه موسى ذلك وبين له أن الجنون إنما هو إنكار الخالق العظيم فقال: {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} [الشعراء:28]فلما عجز فرعون عن رد الحق لجأ إلى ما لجأ إليه العاجزون المتكبرون من الارهاب فتوعد موسى بالاعتقال والسجن وخاب فقال: {لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهاً غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ} [الشعراء:29]ولم يقل لأسجننك ليزيد في إرهاب موسى وإن لدى فرعون من القوة والسلطان والنفوذ ما مكنه من سجن الناس الذين سيكون موسى من جملتهم على حد تهديده وإرهابه وما زال موسى يأتي بالآيات كالشمس وفرعون يحاول بكل مجهوداته ودعاياته أن يقضي عليها بالرد والطمس حتى قال لقومه: {يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلاَ تُبْصِرُونَ * أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلاَ يَكَادُ يُبِينُ * فَلَوْلاَ أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلاَئِكَةُ مُقْتَرِنِينَ * فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ * فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ * فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمثلاً لِلْآخِرِينَ} [الزخرف:52-56]وكان من قصة إغراقهم أن الله أوحى إلى موسى أن يسري بقومه ليلاً من مصر فاهتم لذلك فرعون اهتماماً عظيماً فأرسل في جميع مدائن مصر أن يحشر الناس للوصول إليه لأمر يريده الله فجمع فرعون قومه وخرج في إثر موسى متجهين إلى جهة البحر الأحمر: {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} البحر من أمامنا فإن خضناه غرقنا وفرعون وقومه خلفنا فإن وقفنا أدركنا فقال موسى: {كَلاَ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} فلما بلغ البحر أمره الله أن يضربه بعصاه فضربه فانفلق البحر اثنى عشر طريقاً وصار الماء السيال بين هذه الطرق كأطواد الجبال فلما تكامل موسى وقومه خارجين وتكامل فرعون بجنوده داخلين أمر الله البحر أن يعود إلى حاله فانطبق على فرعون وجنوده فكانوا من المغرقين فانظروا -رحمكم الله- إلى ما في هذه القصة من العبر والآيات كيف كان فرعون يقتل أبناء بني إسرائيل خوفاً من موسى فتربى موسى في بيته تحت حجر امرأته وكيف قابل موسى هذا الجبار العنيد مصرحاً معلناً بالحق هاتفاً به ألا إن ربكم هو الله رب العالمين فأنجاه الله منه وكيف كان الماء السيال شيئاً جامداً كالجبال بقدرة الله وكان الطريق يبساً لا وحل فيه في الحال وكيف أهلك الله هذا الجبار العنيد
هذا ما سنبينه في الخطبة الثانية اقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم فاستغروه

الخطبة الثانية
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
وكيف أهلك الله هذا الجبار العنيد أهلكه الله بمثل ما كان يفتخر به فقد كان يفتخر بالأنهار التي تجري من تحته فأهلك بالماء ولا شك أن ظهور آيات الله في مخلوقاته نعمة كبرى يستحق عليها الحمد والشكر خصوصاً إذا كانت في نصر أولياء الله وحزبه ودحر أعداء الله وحزبه ولذلك لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة وجد اليهود يصومون اليوم العاشر من هذا الشهر شهر المحرم ويقولون إنه يوم نجى الله فيه موسى وقومه وأهلك فرعون وقومه فصامه موسى شكراً فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((فنحن أحق بموسى منكم فصامه وأمر الناس بصيامه)) وسئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن صيامه فقال: ((احتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله)) فينبغي للمسلم أن يصوم يوم عاشوراء وكذلك اليوم التاسع لتحصل بذلك مخالفة اليهود التي أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم -
عباد الله صلوا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه
الدعــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ اء
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 14-01-2014, 11:28 PM
  #5
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد: ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب

افحسبتم انما خلقناكم عبثا


الخطبة الأولى

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً} [الأحزاب:56]، اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه واستن بسنته إلى يوم الدين، {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران:102]، {يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ وٰحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِى تَسَاءلُونَ بِهِ وَٱلأَرْحَامَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء:1]، {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً % يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَـٰلَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب:70، 71].



أما بعد:
يقول المولى سبحانه: أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَـٰكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ فَتَعَـٰلَى ٱللَّهُ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَقُّ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْكَرِيمِ [المؤمنون:115-116]. ويقول سبحانه: تَبَارَكَ ٱلَّذِى بِيَدِهِ ٱلْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلّ شَىْء قَدِيرٌ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلْمَوْتَ وَٱلْحَيَوٰةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْغَفُورُ [الملك:1-2].

وأخرج الإمام الترمذي ومسلم في صحيحه عن النبي أنه قال: ((بادروا بالأعمال الصالحة فستكون فتن كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرض من الدنيا)).

إخوة الإسلام وأحباب الحبيب المصطفى محمد :

ما الهدف والغاية من وجودنا؟ لم خلقنا - يا عباد الله - ولم أوجدنا في هذه الحياة؟! هل خلقنا لنأكل ونشرب ونلبس! أم وجدنا لنجمع الأموال الوفيرة والكنوز والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث! أم الهدف والغاية من وجودنا وخلقنا أن نتمتع بزخرف هذه الحياة وزينتها!!

لا والله - يا عباد الله - ما خلقنا في هذه الدنيا عبثاً ولم نترك فيها سدى. أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَـٰنُ أَن يُتْرَكَ سُدًى أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مّن مَّنِىّ يُمْنَىٰ ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّىٰ فَجَعَلَ مِنْهُ ٱلزَّوْجَيْنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَـٰدِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِىَ ٱلْمَوْتَىٰ [القيامة:36-40].

لقد خلقنا والله لمهمة عظيمة وغاية جليلة، تبرأت منها السموات والأرض والجبال وأبين أن يحملنا وأشفقن منها وحملها الإنسان، لقد خلقنا لتوحيد الله الواحد الأحد وإفراده بالعبادة سبحانه وتعالى، والعبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُم مّن رّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلْقُوَّةِ ٱلْمَتِينُ [الذاريات:56-58].

أحد السلف يمر على صبية صغار يلعبون، وبينهم طفل صغير يبكي، فيظن الرجل أن هذا الطفل يبكي لأنه ليس له لعبة كما لهم لعب، فقال له: يا بني أتريد أن أشتري لك لعبة؟ قال: ما لهذا أبكي يا قليل العقل، إنما أبكي لأن هؤلاء يفعلون غير ما خلقوا له، أولم يسمعوا قول الله وهو يوبخ أهل النار: أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَـٰكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ فَتَعَـٰلَى ٱللَّهُ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَقُّ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْكَرِيمِ [المؤمنون:115-116]. فدهش الرجل من إجابة هذا الطفل الصغير وقال له: يا بني إنك لذو لب لذو عقل، وإن كنت صغيراً فعظني، فقال له الطفل بيتاً واحداً:

فما الدنيا بباقية لحي وما حيٌ على الدنيا بباق

فرضي الله عنكم أيها السلف يوم علمتم أن هذه الحياة بسنينها وأعوامها ينبغي أن تصرف في طاعة الله، ويوم علمتم أن هذه الحياة ليست حياة أكل وشرب وجماع وإنما حياة عبودية وتذلل وطاعة لله الواحد الأحد، والله - يا عباد الله - إننا لفي غفلة عما خلقنا لأجله، وإن قلوبنا في قسوة لا يعلم بها إلا الله، وإننا بحاجة للتفكير بهذه القضية الكبرى في كل أسبوع بل في كل يوم وفي كل لحظة، فحاجتنا إليها أعظم من حاجتنا إلى الأكل والشراب والهواء، وأعظم من حاجتنا إلى النوم والجماع واللباس.

فــزاد الـروح أرواح المعانـي وليس بأن طعمت ولا شربت

فأكثر ذكـره فـي الأرض دأبـاً لتذكر في السماء إذا ذكـرت

يا متعب الجسم كم تشقى لراحتـه أتعبت جسمك فيما فيه خسران

أقبل على الروح واستكمل فضائلها فأنت بالروح لا بالجسم إنسان

يا عامراً لخـراب الـدار مجتهداً بالله هل لخراب الدار عمران

معاشر المسلمين:

الله سبحانه وتعالى غني عنا وعن عبادتنا وطاعتنا، لا تنفعه طاعتنا ولا تضره معصيتنا، بل نحن بحاجة إلى الله ونحن الفقراء إلى الله: يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ أَنتُمُ ٱلْفُقَرَاء إِلَى ٱللَّهِ وَٱللَّهُ هُوَ ٱلْغَنِىُّ ٱلْحَمِيدُ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُـمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَمَا ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ بِعَزِيزٍ [فاطر:15-17]. وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُواْ أَمْثَـٰلَكُم [محمد:38].

((يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم، ما زاد ذلك في ملكي شيئاً، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم إنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاً، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه)).

وفي الأثر الإلهي يقول رب العزة: ((إني إذا أطعت رضيت، وإذا رضيت باركت، وليس لبركتي نهاية. وإذا عصيت غضبت، وإذا غضبت لعنت، ولعنتي تبلغ السابع من الولد، وعزتي وجلالي لا يكون عبد من عبيدي على ما أحب فينقلب إلى ما أكره إلا انتقلت له مما يحب إلى ما يكره، وعزتي وجلالي لا يكون عبدٌ من عبيدي على ما أكره فينتقل إلى ما أحب إلا انتقلت له مما يكره إلى ما يحب)).

فنحن يا عباد الله بحاجة إلى الله، ونحن مفتقرون إلى الله فلماذا نعصي الله؟! ولماذا لا نستشعر عبودية الله؟! ولماذا لا نستشعر حاجتنا لله وافتقارنا إلى الله؟!.

فليتك تعفـو والحيـاة مريـرة وليتك ترضى والأنام غضاب

وليت الذي بيني وبينك عامـر وبيني وبين العالمين خـرابٌ

إن صح منك الود يا غاية المنى فكل الذي فوق التراب تراب

والله إن الإنسان إذا لم يرتبط بالله الواحد الديان فهو كالبهيمة بل هو أضل لأن الله كرمه بالفعل وشرفه بالفكر وجعل له سمعاً وبصراً وفؤاداً.

فيا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم، ما الذي خدعك حتى عصيت الله؟ وما الذي غرك حتى تجاوزت حدود الله؟ وما الذي أذهلك حتى انتهكت حرمات الله؟! من أنت يا أيها المسكين الحقير الذليل الفقير؟!! أما أنت الذي تؤذيك وتدميك البقة؟! أما أنت الذي تنتنك العرقة؟! أما أنت الذي تميتك الشرقة؟! أما أنت الذي تحمل في جوفك العذرة؟! أما أنت الذي تتحول في قبرك إلى جيفة قذرة؟! من أنت يا أيها المسكين؟!! أما كنت نطفة؟! أما كنت ماءً؟! أما كنت في عالم العدم؟! قبل سنوات لم تكن شيئاً مذكوراً، وبعد سنوات أيضاً لن تكون شيئاً مذكوراً، إِنَّا خَلَقْنَا ٱلإِنسَـٰنَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَـٰهُ سَمِيعاً بَصِيراً [الإنسان:2].

مسكين هذا الإنسان، حقير هذا الإنسان، أتى من ماء، أتى من نطفة، أتى من عالم العدم، فلما مشى على الأرض تكبر وتجبر، ونسي الله الواحد. بصق الرسول يوماً في كفه فوضع عليها إصبعه، ثم قال: ((قال الله عز وجل: ابن آدم أنى تعجزني وقد خلقتك من مثل هذه، حتى إذا سويتك وعدلتك مشيت بين بردين وللأرض منك وئيد فجمعت ومنعت، حتى إذا بلغت التراقي، قلت: أتصدق!! وأنى أوان الصدقة)).

فيا أيها الإنسان تفكر في نفسك، تفكر في ضعفك وعجزك وافتقارك، وتفكر في عظمة الله وفي ملكوت الله، انظر إلى السماء بلا عمد، انظر إلى الأرض في أحسن مدد، انظر من أجرى الهواء ومن سير الماء ومن جعل الطيور تناظم بالنغمات، ومن جعل الرياح غاديات رائحات، من فجر النسمات، من خلقك في أحسن تقويم؟!!.

أهذا يعصى، أهذا يكفر، أهذا يجحد؟!! والله إن السماء بما فيها من ملكوت لا تعصي الله، وإن الأرض لا تقوى على أي معصية، وإن الجبال الرواسي الشامخات لا تعصي الله، وإن الشمس بحرارتها وقوتها لا تعصي، وإن القمر بجماله لا يعصي الله، فلا إله إلا الله كيف استطاع هذا الإنسان الضعيف الحقير أن يعصي ربه وخالقه ومولاه؟! كيف تجرأ هذا الإنسان أن يعصي جبار السموات والأرض الذي لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد؟!

يوم تنصب الموازين فيقول الله: يا آدم أخرج بعث النار من ذريتك، فيقول آدم: ما بعث النار؟ فيقول الله: من كل ألف تسعمائة وتسع وتسعين، عندها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد.

أما والله لو علم الأنــام لما خلقوا لما هجعوا وناموا

لقد خلقوا ليـوم لو رأتـه عيون قلوبهم ساحوا وهاموا

ممات ثم حشـر ثم نشـر وتوبيـخ وأهـوالٌ عظـام

ليوم الحشر قد عملت أناس فصلوا من مخافته وصـاموا

ونحن إذا أمـرنا أو نهينـا كأهـل الكهف أيقـاظ نيـام

يا عبد الله، والله لن يبقى معك إلا ما قدمت من أعمال صالحة في الدنيا والآخرة.

أما في الدنيا فـيُثَبّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَفِى ٱلآخِرَةِ وَيُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلظَّـٰلِمِينَ وَيَفْعَلُ ٱللَّهُ مَا يَشَاء [إبراهيم:27].

وأما في القبر فسوف يرجع أهلك ومالك ولن يبقى معك إلا عملك، فإن كان عملك صالحاً أتاك رجل حسن الوجه حسن الثياب حسن الريح، فتسأله: من أنت؟ فوجهك الذي يأتي بالخير، فيقول: أنا عملك الصالح، ولا أفارقك، وإن كان عملك خبيثاً فسوف يأتيك رجل قبيح الوجه قبيح الثياب قبيح الريح، فتقول له: من أنت؟ فوجهك الذي يأتي بالشر، فيقول لك: أنا عملك السيئ ولا أفارقك.

وليت أن الأمر ينتهي عند هذا الحد بل سوف تقف عارياً حافياً في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، يوم تدنو الشمس من رؤوس الخلائق على قدر ميل منهم، ويكون الناس في ذلك اليوم على قدر أعمالهم، فمنهم من يبلغ عرقه إلى كعبيه، ومنهم من يبلغ عرقه ركبتيه، ومنهم من يبلغ عرقه حقويه، ومنهم من يبلغ حنجرته، ومنهم من يلجمه العرق إلجاماً، فتفكر يا عبد الله يوم تقف بين يدي الله ليس بينك وبينه ترجمان، فتتلفت يميناً فلا تجد إلا ما قدمت، وتتلفت شمالاً فلا ترى إلا ما قدمت، فتتلفت أمامك فلا ترى إلا النار، وقد غضب الرب غضباً لم يغضب قبله ولا بعده قط، فعجباً لك يا ابن آدم كيف تجتهد وتتعب وتنصب وتشقى من أجل خمسين أو ستين سنة في هذه الحياة الدنيا - وهذا لمن بلغ الخمسين أو الستين - ولا تجتهد ولا تعمل من أجل يوم واحد فقط مقداره خمسين ألف سنة، ومن أجل موقف خطير ومصير مجهول إما إلى نار وإما إلى جنة مَّنْ عَمِلَ صَـٰلِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّـٰمٍ لّلْعَبِيدِ [فصلت:46].







الخطبة الثانية


الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

أما بعد:

فقد جاء رجل إلى إبراهيم بن أدهم أحد السلف الزاهدين العابدين، هذا الرجل أسرف على نفسه في المعاصي، فجاء إلى إبراهيم فقال له: عظني حتى لا أعود إلى معصية، قال له إبراهيم: إن استطعت على خمس أمور فلن تعصي الله: إذا أردت أن تعصي الله فاعصه حيث لا يراك، قال: وكيف ذاك وقد وسع علمه السموات والأرض؟ وإذا أردت أن تعصي الله فاخرج من داره، قال: وكيف ذاك وكل ما في السموات والأرض ملك لله؟ وإذا أردت أن تعطي الله فلا تأكل من رزقه، قال: وكيف ذاك وكل ما في السموات والأرض رزق الله؟ وإن أردت أن تعصي الله فإذا جاء ملك الموت فقل له: أخرني إلى أجل قريب، قال: وكيف ذاك وهو القائل: فَإِذَا جَآء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَـأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ [النحل:61]؟ وإن أردت أن تعصي الله فإذا جاءك زبانية جهنم ليأخذوك معهم فلا تذهب معهم، فما كاد أن يسمع إلى هذه الخامسة حتى بكى بكاءً شديداً وعاهد الله أن لا يعود إلى معصية.

فيا عبد الله، يا من أسرف على نفسه في المعاصي، يا من ابتعد عن الله، يا من أعرض عن الله، عد إلى الله فهو القائل: قُلْ يٰعِبَادِىَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ [الزمر:53]. وهو الذي يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها وهو القائل: ((يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني إلا غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني لغفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو جئتني بقراب الأرض خطايا ثم جئتني لا تشرك بي شيئاً لغفرت لك على ما كان منك ولا أبالي)).

سبحان من يعفو ونهفو دائماً ولا يزال مهما هفا العبد عفا

يعطي الذي يخطي ولا يمنعه جلاله من العطا لذي الخطا

لا يغرنك يا ابن آدم ستر الله فإن كنت سترت هنا فتذكر الفضيحة يوم الفضائح والكربات، يوم تبيض وجوه وتسود وجوه، تعرض لنفحات الله - يا عبد الله - ما دمت فوق الأرض قبل أن تصير في بطن الأرض، تزود من الأعمال الصالحة ما دمت في النور قبل أن تصير إلى ظلمة القبور، تعرض لرحمة الله وأنت تسمع المواعظ قبل أن تسمع قرع نعال من ودعوك وأودعوك في قبرك، تذكر يا عبد الله واتعظ وأنت في المهلة قبل النقلة، وأنت في دار العمل قبل أن تصير إلى دار الجزاء.

فيا نفس توبي قبل أن لا تستطيعي أن تتـوبــــي

واسـتغفري لذنـوبـك الرحمـن غفــار الذنـوب

إن المنــايــا كالريــــاح عليك دائمة الهبوب

يا ابن آدم أحبب ما شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك ملاقيه، وكن كما شئت فكما تدين تدان.

الدعاء
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 14-01-2014, 11:36 PM
  #6
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد: ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب

الاستقامة


الخطبة الأولى
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا اللـه وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله، أدى الأمانة وبَلَّغَ الرسالة ونصح للأمة فكشف اللـه به الغُّمة، وجاهد في اللـه حق جهاده حتى أتاه اليقين، فاللـهم اجزه عنا خير ما جزيت نبياً عن أمته ورسولا عن دعوته ورسالته وصلِّ اللـهم وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين .

عباد الله أوصي نفسي المقصرة وإياكم بتقوى الله سبحانه، ثم أما بعد:

يقول المولى سبحانه: فَٱسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُمْ مّن دُونِ ٱللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ طَرَفَىِ ٱلنَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ ٱلَّيْلِ إِنَّ ٱلْحَسَنَـٰتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيّئَـٰتِ ذٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذاكِرِينَ وَٱصْبِرْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ ٱلْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْفَسَادِ فِى ٱلأرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ [هود:112-117].

إخوة الإسلام وأحباب الحبيب المصطفى محمد رسول الله :

مع آيات بينات من القرآن الكريم نعيش اليوم، علّ الله سبحانه وتعالى أن يرحمنا بهذا القرآن، وأن يفتح علينا بهذا القرآن، وأن ينقذنا به من الغفلة والقسوة، ويخرجنا به من الظلمات إلى النور، كِتَـٰبٌ أَنزَلْنَـٰهُ إِلَيْكَ مُبَـٰرَكٌ لّيَدَّبَّرُواْ ءايَـٰتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُو ٱلأَلْبَـٰبِ [ص:29].

فيا من نام وما استيقظ، استيقظ بهذا القرآن.

ويا من غفل ولم يتذكر، تذكر بهذا القرآن.

ويا من فقد عقله، اعقل بهذا القرآن، وتدبر هذا القرآن.

أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْءانَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا [محمد:24].

أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْءانَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ٱخْتِلَـٰفاً كَثِيراً [النساء:82].

معاشر المسلمين المؤمنين الموحدين:

الله سبحانه وتعالى يأمر نبيه محمداً بالاستقامة في هذه الآيات فيقول سبحانه وتعالى مخاطباً نبيه محمداً قائلاً: فَٱسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ [هود:112]. الله سبحانه وتعالى يأمر نبيه محمداً عليه الصلاة والسلام بالاستقامة وهو المغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وهو خاتم الأنبياء والمرسلين، وهو سيد ولد آدم، ولذلك كانت هذه الآية من أشد الآيات وأشقها على رسول الله ، يقول ابن عباس : (ما نزل على رسول الله آية هي أشد ولا أشق من هذه الآية)، ولذلك لما رأى الصديق الشيب أسرع إلى رسول الله ، سأل الصديق رسول الله : ما شيبك يا رسول الله، فقال : ((شيبتني هود وأخواتها)).

وهذه الآية من سورة هود وأخواتها كما جاء في بعض الروايات: الواقعة وعم يتساءلون وإذا الشمس والمرسلات.

نعم – يا عباد الله – الرسول شيبته هود وأخواتها، ونحن شيبتنا الدنيا وهمومها وغمومها ومطامعها، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

فَٱسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ [هود:112]. فاستقم يا محمد كما أمرك الله عقيدة وعملاً وسلوكاً، فأخلص التوحيد لله الواحد الأحد، وائتمر بما أمرك الله، وانته عما نهى الله، وهذا الأمر ليس للرسول فحسب، بل للمسلمين جميعاً، لذا يقول سبحانه: فَٱسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ [هود:112] أي ومن آمن معك، واتبعك من المؤمنين.

والاستقامة – عباد الله - لا تكون إلا بما شرع الله، ووفق ما أمر الله، فلا يجوز للعبد أن يعبد الله بهواه ولا بمزاجه، حتى ولو كان هذا العمل خالصاً لوجه الله عز وجل، فلا بد أن يكون موافقاً لما شرع الله، كما قال : ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد))، يعني مردود عليه غير مقبول لذلك يقول سبحانه: وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [هود:112]، يعني لا تجاوزوا الحد الذي شرعه الله بغلو أو إحداث أو ابتداع في الدين، فإن الله مطلع على أعمالكم بصير بها.

إخوة الإسلام: الاستقامة كلمة جامعة آخذة بمجامع هذا الدين عقيدة وعملاً وسلوكاً، الاستقامة على دين الله كما أمر الله أمرها عظيم يا عباد الله، قرنها الله ورسوله بالتوحيد، فقال سبحانه وتعالى: إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَـٰمُواْ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ [الأحقاف:13]، وقال تعالى: إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَـٰمُواْ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ ٱلْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بِٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِى كُنتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَفِى ٱلآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِى أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ [فصلت:30-31].

يأتي سفيان بن عبد الله - كما في صحيح مسلم - ويقول: يا رسول الله، قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً غيرك، قال: ((قل: آمنت بالله، ثم استقم)).

فتأمل أخي - رعاك الله - في هذه الآثار، وانظر كيف جمع الله ورسوله بين التوحيد والاستقامة، وما أعده من ثواب عظيم لمن استقام على أمره ودينه، ثم انظر إلى حال السلف وكيف كانت استقامتهم لترى العجب العجاب؛ هذا المغيرة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي صحابي جليل وأرضاه، حضرته سكرات الموت فبكى أهله عليه، فقال: لا تبكوا عليّ فإني لم أتلطخ بخطيئة منذ أسلمت. فلله دره عاش اثنتي عشرة سنة بعد إسلامه لم يفعل خطيئة، وكانت حياته كلها طاعة لله.

وهذا الإمام الطبري - رحمه الله تعالى – أحد علماء الإسلام، أتى إلى سفينة فركبها فلما اقتربت من الشاطئ قفز إلى الشاطئ وهو في السبعين من عمره، فأراد الشباب أن يفعلوا مثله ويقفروا إلى الشاطئ فما استطاعوا، فقالوا لشيخهم: كيف استطعت أن تقفز وأنت شيخ وما استطعنا ونحن شباب؟ فقال: "هذه أعضاء حفظناها في الصغر فحفظها الله لنا في الكبر، والله ما عصيت الله بواحدة منها قط". فلله دره من إمام حفظ الله فحفظه الله ومتعه بجوارحه إلى أن مات.

وهذا الإمام ابن دقيق العيد - رحمه الله - يقول: "ما تكلمت كلمة ولا فعلت فعلاً إلا وأعددت له جواباً بين يدي الله عز وجل". فرحم الله السلف يوم علموا أن الحياة بسنينها وأعوامها ينبغي أن تصرف في طاعة الله، ويوم علموا أن الحياة ساعة فجعلوها طاعة.

فتشبهوا إن لم تكونوا كمثلهم إن التشبه بالكرام فلاح

ثم يقول سبحانه وتعالى بعد هذه الآية: وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُمْ مّن دُونِ ٱللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ [هود:113]. وهذا من لوازم الاستقامة فإن من استقام على دين الله وأمره وجب عليه أن يوالي أولياء الله المستقيمين على دينه، ويعادي أعداء الله الذين ظلموا أنفسهم بكفرهم وفسقهم وفجورهم، ولا يركن إليهم ولا يرضى بأعمالهم، ولا يجالسهم ولا يخالطهم، حتى لا يكون معهم ولا يحشر في زمرتهم، كما قال : ((المرء يحشر مع من أحب)).

أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من عباده المستقيمين على شرعه، المؤتمرين بأوامره والمجتنبين لنواهيه، والواقفين عند حدوده.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: مَّنْ عَمِلَ صَـٰلِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّـٰمٍ لّلْعَبِيدِ [فصلت:46]

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، واستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى والصلاةلسلام على نبي الهدى وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا

عباد الله
ما زلنا مع الآية الكريمة وهي قوله تعالى: وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ طَرَفَىِ ٱلنَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ ٱلَّيْلِ إِنَّ ٱلْحَسَنَـٰتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيّئَـٰتِ ذٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذاكِرِينَ [هود:114].

جاء في سبب نزول هذه الآية - كما في صحيح مسلم - من حديث ابن مسعود أن رجلاً جاء إلى رسول الله فقال: يا رسول الله، إني وجدت امرأة في بستان ففعلت بها كل شيء غير أني لم أجامعها؛ قبلتها ولزمتها ولم أفعل غير ذلك، فافعل بي ما شئت، فلم يقل رسول الله شيئاً، فذهب الرجل، فقال عمر: لقد ستر الله عليه لو ستر على نفسه، فأتبعه رسول الله بصره ثم قال: ((ردوه علي)) فردوه على الرسول فقرأ عليه: وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ طَرَفَىِ ٱلنَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ ٱلَّيْلِ إِنَّ ٱلْحَسَنَـٰتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيّئَـٰتِ ذٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذكِرِينَ [هود:114]. وفي رواية أخرى قال معاذ : يا رسول الله أله وحده أم للناس كافة؟ فقال: ((بل للناس كافة)).

هذه الآية - يا عباد الله – بشرى نزفها إلى كل من أذنب وزل وأخطأ وقصَّر أن يعود إلى الله وأن يتوب إليه توبة نصوحاً، وأن يعمل أعمالاً صالحة تكفر ما مضى، فلا تتعاظم ذنوبك - يا عبد الله - ولو بلغت عنان السماء ولو كانت كالجبال، فإن رحمة الله أعظم: قُلْ يٰعِبَادِىَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ [الزمر:23].

فالتوبة التوبة يا عبد الله، والبدار البدار وأنت في هذه الدنيا قبل أن تصير إلى الآخرة، وأنت في الحياة قبل أن تصير في عداد الموتى، وأنت فوق الأرض قبل أن تصير تحت الأرض، وأنت في النور قبل أن تنتقل إلى الظلمة، وأنت تسمع الوعظ والتذكير قبل أن تسمع قرع نعال من ودعوك وأودعوك قبرك.
يا ابن آدم أحبب ما شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك ملاقيه، وكن كما شئت فكما تدين تدان.
__________________


التعديل الأخير تم بواسطة المناضل السليماني ; 14-01-2014 الساعة 11:43 PM
المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 14-01-2014, 11:49 PM
  #7
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد: ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب

شباب الاسلام



الخطبة الأولى
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا اللـه وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله، أدى الأمانة وبَلَّغَ الرسالة ونصح للأمة فكشف اللـه به الغُّمة، وجاهد في اللـه حق جهاده حتى أتاه اليقين، فاللـهم اجزه عنا خير ما جزيت نبياً عن أمته ورسولا عن دعوته ورسالته وصلِّ اللـهم وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين .

أما بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل، فهي وصيته للأولين والآخرين، فإن من اتقاه وقاه، ومن أقرضه جزاه، ومن شكره زاده.

اليوم نتكلم عن شباب اليوم شباب الأمة، فأيّ شباب هم؟ كيف حالهم؟ هل هو حال المقبلين على الله المستقيمين على الطريق القويم، الذي يُطمئِن الأمّةَ على أن مستقبلها يسير على خير وإلى خير، أم هو حال الشباب المعرض عن تقوى الله، المنصرف إلى غياهب الضلال واللهو والعبث، والذي يُشعِر الأمة بأن مستقبلها في خطر؟ الشباب في ذلك على قسمين:

1- قسم هم أهل الصدق والاستقامة والصلاح، نظر الله إلى قلوبهم فرأى ما فيها من التقوى وحسن القصد، فكانوا أهلاً لهدايته وتوفيقه، نسأل الله لهم الثبات.

2- وقسم آخر قد تركوا طريق الخير والسعادة الذي يهدي إلى النور ويفضي إلى الضياء، وسلكوا طريق الشر، خُدِعوا بمظهره اللامع البراق الذي منتهاه إلى الظلام والويل والهلاك، نسأل الله لهم الصلاح والهداية، وهم حديثنا في هذه الجمعة.

أيها الشباب، هل سأل كل منكم نفسه يومًا: ما هدفي في الحياة، أم تريد أن تكون ضائعًا تائهًا في دروب الحياة؟! فلا أنت في شغل من الدنيا فتحمد، ولا أنت في عمل من الآخرة فتغبط.

أيها المسلمون، إن الحسرة كل الحسرة عندما نرى شباب الأمة وعماد المستقبل قد هجر كثيرٌ منهم المساجد، فأصبحت الصلاة في واقع بعضهم أمرًا محزنًا وحالاً مؤسفًا، تتلفّت بين الصفوف فينقلب إليك بصرك خاسئًا وهو حسير، متسائلاً: أين الشباب الذين يملؤون المدارس والمعاهد والجامعات؟! فتجد البعض منهم قد ضيّع الصلاة وترك قراءة القرآن، استنكف واستكبر عن عبادة ربه وخالقه ومدبّر أمره الذي وهبه الشبابَ وأنعم عليه بالصحة وأمدّه بالعافية، كأنه لا يعلم قول ربه جل وعلا: وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وِالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ [الذاريات: 56]، ما وعى قوله : ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر))! ما علم أنه لا قيمةَ لحياته ولا معنى لشبابه ولا بركة في عمره بدون طاعة الله، فما أعظمها من حسرة وندامة تكون منه يوم القيامة عندما يلقى في النار فيكون له العذاب والهوان.

وتجد آخرين يعكفون في البيوت ويقيمون الصلاة مع النساء فكأنهم من جملتهم، فقد سمعوا النداء ولكنهم صمّوا الآذان، فما كانوا من الرجال كما جاء في محكم الكتاب: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ [النور: 36، 37]، وما علموا أن مصيرهم إلى التراب، وموعدهم يوم الجزاء والحساب.

ويزيد الألم والحسرة عندما ترى كثيرا من شباب الأمة وقد ذابت شخصية بعضهم في تقليد أعمى وانسياق بهيمي، فتعجب من أمر ذاك الشاب كرمه الله بالإسلام وأعزه بهدي سيد الأنام، ثم يقلد الغرب في خنوثته وانحلاله وميوعته وشهواته ورذائله، تراه ربى شعره وهو ما يسمى بالكدش، وقد ملأه بالجل وهي مادة تثبت له شعره لها لمعان، وما تبع ذلك من تسريحات متنوعات لشعور بل والأذقان، فإذا أتاه النصح ممن يحب له الخير تجده يلهج بقوله: أنا أقتدي بالرسول في ذلك، فيا لله! ما أعظم قوله هذا وأشنَعَه، فنقول له: بل أنت متّبع لهواك وضلالك، تأخذ ما تمليه عليك نفسك، فلو كنت كما زعمت لاقتديت به في جميع شأنك، فاتبعته في ملبسه ومظهره وعبادته، وطبقت سنته لا في ما يمليه عليك عقلك وهواك.

تجده قد لبس البنطال، وقد بدت نصف إليته أو استه، فأظهر بعض عورته أو أظهر سروالا من تحت ذلك البنطال، قد بدت منه مختلف الألوان، فيا للهوان! طاح البنطال فطاحت معه الرجولة، فأين الرجال؟!

تراه مرتديًا قميصًا عليه عبارات باللغة الإنجليزية تدعو إلى العهر والفساد دون معرفة منه لمضمون تلك الكلمات، تراه قد لبس السلاسل والأساور في الأيدي والأعناق، وكل هذا مصداق لقوله : ((لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرًا شبرًا وذراعًا بذراعٍ، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم))، قالوا: من يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: ((فمن؟!)).

قلدوا الكفار وتشبهوا بهم بدعوى الحضارة، فتراهم في ترف وميوعة وغرام وآهات وأغان تسبح بك في غياهب الظلمات، ساروا خلف من اعتدوا على كتاب ربّ السموات وطعنوا في عرض نبيّ الأمة عليه أفضل الصلوات بدعوى الحريات لعنهم الله وشلّ أركانهم وأرانا فيهم العبر والآيات، فهل يعد من كان هذا دأبه من الرجال؟! لا والله، فهذا كله لا يليق بالرجال، الرجال تجد فيهم الخشونة، فلا حظَّ لهم في الميوعة لأنهم علموا أن الميوعة للنساء، وقد وعوا ما روِيَ عن نبيّ الهدى: ((تمعددوا واخشوشنوا وانتضلوا وامشوا حفاة)) أو كما قال .

فانعدمت في هؤلاء الذين انساقوا وراء الغرب الكافر معالم الذكورة وصفات الرجولة حتى أصبحتَ لا تفرق بينهم وبين النساء، فهذا والله من أعجب العجب، وكما قيل:

ولا عجب أنّ النساء ترجّلت ولكنّ تأنيث الرجال عُجاب

وأين ذهب هؤلاء من الوعيد الشديد للمتشبهين من الرجال بالنساء وبالعكس؟! قال : ((لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء، ولعن الله المتشبهات من النساء بالرجال))، فمن يصبر على لعن الله سبحانه وتعالى؟! واللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله.

تزداد الحسرة ـ أيها الأحبة ـ عندما نرى أولئك الشباب يجولون الشوارع بسياراتهم، يعبثون بها، فيضايقون المارة، ويزعجون السكان، فيعرضون أنفسهم والناس للخطر بلا حسيب ولا رقيب، يتطاولون على الكبير ويحقرون الصغير، وما علموا أن من إجلال الله توقير ذي الشيبة الكبير، وما وعوا أن ليس منا من لم يوقر كبيرنا. يظنون أن الرجولة هي بأذية الخلق في الطرقات، فتجدهم يمشون في الأرض مرحا وكبرا وتيها، تراهم قد ارتادوا المقاهي وضيعوا أوقاتهم في الشاتات والمنتديات والدردشات، فانشغلوا بذلك عن الصلوات.

وتزداد الحسرة عندما تراهم يجولون الأسواق يضايقون ويعاكسون ويؤذون المسلمات في الطرقات؛ ولهذا الموضوع وقفات في الأيام المقبلات.

ترى البعض منهم عشاقًا للرياضة والفضائيات، قبلته هي الكرة، فهو دائما يخرج فيلعب ويلعب حتى منتصف الليل، ثم يرجع لينام ليبدأ مشواره من جديد في اليوم الثاني، وهكذا حياته لا يدري لم خلق، ولا يفكر حتى أن يصليَ أو يساعد والديه، لكنه كما قيل عنه وعن أمثاله: (جيفة بالليل وحمار بالنهار، عالم بأمر الدنيا جاهل بأمر الآخرة)، فلو سألته من صاحب القدم الذهبية والرأس الذهبي والكأس الفضي وغير ذلك لتشدق بملء فمه وأجاب إجابة العارف، ولكن لو سألته عن الفاتحة تجده لا يحسن قراءتها إن لم يكن لا يحفظها، ولو سألته عن بعض السلف والتابعين بل عن بعض أصحاب النبيّ تجده يتخبّط ذات اليمين وذات الشمال ويتلعثم ثم لا يحير جوابًا.

أيها اللاهي بلا أدنى وجَل، اتق الله الذي عزّ وجلّ، واستمع قولاً به ضرب المثل، اعتزل ذكر الأغاني والغزل، وقل الفصل وجانب من هزل، كم أطعت النفس إذ أغويتها، وعلى فعل الخنا ربيتها، كم ليالٍ لاهيًا أنهيتها، إنّ أهنى عيشةٍ قضَيتها، ذهبت لذّاتُها والإثم حل.

ترى أولئك الشباب في زهرة ومقتبل أعمارهم، لكنهم في أعمالهم وهمتهم يحبُون حبوًا، لا ترى في عيونهم بريقًا، ولا في خطاهم عزمًا، شاخت أفئدتهم وماتت همتهم، فاستشرى شرهم وعظم خطرهم وصاروا يهددون من يحاول نصحهم أو ينكر عليهم، وما علموا أنّ كل تلك التيارات من عدوهم ليصدوهم عن دينهم فيضعفوا بذلك عزم الأمة وتكون لهم الصولة والجولة، فالشباب إذا فسدوا انهدم بناء الأمة وتسلط عليها أعداؤها كما هو الحال في كثير من بلاد المسلمين اليوم.

فيا شباب الإسلام، من يرفع راية لا إله إلا الله إذا توليتم؟! ومن ينصر هذا الدين إذا أعرضتم؟! زيادة المرء في دنياه نقصان، وربحه غير محض الخير خسران.

وكـلُ وجدان قومٍ لا ثبـات لـه فإنمـا هو في التحقيـق خسـران

يـا متعب الجسم كم تسعى لراحته أتعبـت جسمك فيما فيه خسران

أقبل على الروح واستكمل فضائلها فأنـت بالروح لا بالْجسم إنسان

يـا عـامرًا لخراب الـدار مجتهدًا بـالله هل لِخراب الدار عمرانُ؟!

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.






الخطبة الثانية

حمدًا لمـن نبيـه قـد بعثـا فدوخـت بعوثه من قد عثا

ثم الصلاة والسلام ما حكت حَمـائمٌ حمـائمًا إذا بكت

علـى النبي محمّـدٍ وآلـه وصحبـه وتابعـي منواله

أما بعد: أيها الناس، إن مرحلة الشباب فرصة عظيمة لا تعوّض، يجب اغتنامها فيما ينفع الإنسان في دينه ودنياه وآخرته، وهو فرصة ثمينة تمرّ بسرعة، فإن لم تُشغل بخير شغلت بشر ولا بد، فالأوقات محدودة، والأنفاس معدودة، فعودوا إلى الله يا شباب الأمة، فأنتم الرجال الذين بهم تقوم الأمة، عودةً إلى الله حتى نريَ الأعداء زمجرة الأسود، فنحن اليوم بأشدّ الحاجة إلى شباب مؤمن يشعر بواجبه تجاه دينه وأمته وبما عليه من تبعات تجاه بناء الدين وإشادته، نحن بأشدّ الحاجة إلى شباب مؤمن يحمل نفسًا مطمئنة يشعر بأنّ أكبر سروره في إخلاص العمل لله، فما ظهر الدين وعرف الناس شرائع المرسلين إلا بفضل الشباب الصالحين الذين استجابوا لله والرسول، والتاريخ أصدق شاهد على فضل الشباب الناشئين في طاعة الله أمثال علي وأسامة بين زيد وعبد الله بن عباس وابن عمر ومحمد بن القاسم وغيرهم رضي الله عنهم وأرضاهم، فهنيئا لشاب تقيّ تعلق قلبه بالمساجد ومجالس الخير وعمل الصالحات، واغتنم شبابه قبل هرمه وصحته قبل سقمه وغناه قبل فقره وفراغه قبل شغله وحياته قبل موته.

شباب الْجيل للإسلام عودوا فأنتم روحه وبكم يسـود

وأنتم سـر نهضتـه قديمًـا وأنتم فجره الزاهي الجديد

عباد الله، صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه، فقال: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56]، ويقول : ((من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرًا)).

اللهم صل وسلم على نبيك وحبيبك محمد، واعرض عليه صلاتنا وسلامنا في هذه الساعة المباركة يا رب العالمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداءك أعداء الدين، اللهم من أراد بالإسلام والمسلمين سوءًا فأشغله في نفسه، واجعل تدبيره في تدميره يا رب العالمين، اللهم اهد شباب وفتيات المسلمين وردّهم إليك ردًا جميلاً يا رب العالمين...


__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 05-02-2014, 04:04 PM
  #8
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد: ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب



احذروا أعراض العلماء والدعاة


إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} (102) سورة آل عمران. {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (1) سورة النساء. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (70) (71) سورة الأحزاب، أما بعد
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد – صلى الله عليه وسلم – وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، أما بعد عباد الله
أيها المسلمون:
العلماء، حملة الدين وورثة الأنبياء وهم سبب عصمة للأمة من الضلال، وهم سفينة نوح من تخلف عنها لا سيما في زمن الفتن كان من المغرقين، وهم أولياء الله الذين قال فيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أولياء الله: الذين إذا رؤوا ذكر الله)1
قال الإمام أبو حنيفة: إن لم يكن الفقهاء أولياء الله فليس لله ولي.
وقال الشافعي: إن لم يكن الفقهاء أولياء الله في الآخرة فما لله ولي.
وقال عكرمة - رضي الله عنه -: إياكم أن تؤذوا أحداً من العلماء، فإن من آذى عالماً فقد آذى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
والعلماء هم حراس الدين وحماته من الابتداع والتزييف فعن جماعة من الصحابة - رضي الله عنهم – منهم علي بن أبي طالب ومعاذ وابن عمر وغيرهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال: (يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين). وقد قيل لابن المبارك: هذه الأحاديث المصنوعة؟!! فقال: يعيش لها الجهابذة). وعن ابن علية قال: أخذ هارون الرشيد زنديقاً فأمر بضرب عنقه، فقال له الزنديق: لم تضرب عنقي؟ قال له: أريح العباد منك.

قال: فأين أنت من ألف حديث وضعتها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم – كلها ما فيها حرف نطق به؟! فقال الرشيد: فأين أنت يا عدو الله من إسحاق الفزاري وعبد الله بن المبارك ينخلانها نخلاً فيخرجونها حرفاً حرفاً.
أيها المسلمون:- إن العلماء صمام أمان الأمة وإن بقاؤهم نجاة الأمة وهلكتهم وهلكتها.
قال هلال بن خباب: سألت سعيد بن جبير؛ قلت: يا أبا عبد الله ما علامة هلاك الناس؛ قال: إذا هلك علماؤهم. هذه هي منزلة العلماء ومكانتهم في الدين. ويجب على كل مسلم أن يتأدب معهم أشد الأدب قال الطحاوي - رحمه الله -: (وعلماء السلف من السابقين، ومن بعدهم من التابعين، أهل الخير والأثر، وأهل الفقه والنظر – لا يذكرون إلا بالجميل، ومن ذكرهم بسوء فهو على غير سبيل)5
قال الشاعر:
أفضل أستاذي على فضل والدي وإن نالني من والدي المجد والشرف
فهذا مربي الروح والروح جوهر وذاك مربي الجسم والجسم كالصدف

قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: (من حق العالم عليك إذا أتيته أن تسلم عليه خاصة، وعلى القوم عامة، وتجلس قدامه، ولا تشر بيديك، ولا تغمز بعينيك، ولا تقل: قال فلان خلاف قولك,ولا تأخذ بثوبه، ولا تلح عليه في السؤال، فإنه بمنزلة النخلة المُرطبة التي لا يزال يسقط عليك منها شيء.6
وعن سعيد بن المسيب أن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه – قال أيضاً: إن من حق العالم ألا تكثر عليه بالسؤال، ولا تعنته في الجواب، وألا تلح عليه إذا كسل، ولا تأخذ بثوبه إذا نهض، ولا تفضي له سراً، ولا تغتابن عنده أحداً، ولا تطلبن عثرته، وإن زل قبلت معذرته, وعليك أن توقره وتعظمه لله ما دام يحفظ أمر الله، ولا تجلس أمامه، وإن كانت له حاجة سبقت القوم إلى خدمته.
وقال طاووس بن كيسان: إن من السنة أن توقر العالم.
وعن الحسن قال: رئي ابن عباس يأخذ بركاب أبي بن كعب فقيل له: أنت ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم – تأخذ بركاب رجل من الأنصار؟! فقال: إنه ينبغي للحبر أن يعظم ويشرف وعن الشعبي قال: صلّى زيد بن ثابت على جنازة، ثم قربت له بغلة ليركبها فجاء ابن عباس فأخذ بركابه فقال له زيد: خل عنك يا ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال ابن عباس: هكذا يفعل بالعلماء والكبراء. وفي رواية عنه قال: أمسك ابن عباس بركاب زيد بن ثابت فقال: أتمسك لي وأنت ابن عم رسول الله - صلى ال قال: إنا هكذا نصنع بالعلماء.

أيها المسلمون: انظروا إلى الأدب الذي ينبغي أن يكون من العلماء ورثة الأنبياء، واليوم نرى عكس ما كان من احترام العلماء وتقديرهم إذ نرى أناساً انسلخوا من أخلاق السلف كما تنسلخ الحية من جحرها، لا يراعون لشيخ حرمة، ولا يوجبون لطالب ذمة. وهاك صوراً من عدوانهم وتطاولهم: فهذا أحدهم يعير العلماء بأنهم: فقهاء الحيض والنفاس! وآخر يخاطبهم قائلاً: متى تخرجون من فقه المراحيض ودورات المياه؟! وثالث يصف لجنة الفتوى في السعودية بأنها فاتيكان المسلمين! ويتكلم على أساس أن تكفير العلامة ابن باز من البديهيات التي لا تحتاج إلى نقاش!!!, ورابع ينكر في أحد المؤتمرات على من يصفهم بأنهم: العلماء من عينة المنخنقة، والموقوذة، والمتردية، والنطيحة، وما أكل السبع!. وخامس يضع نفسه في صف الحافظ ابن حجر العسقلاني ويقول متهكماً: هو ابن حجر وأنا ابن زلط! وسادس يمارس التكفير المقنَّع باتهام هذا العالم بأنه ماسوني!، وذاك الداعية بأنه عميل كذا!، أو جاسوس كذا! مما يرجفون.
وكم نرى من الصحف العلمانية الخبيثة الطاعنة في الإسلام والخادمة للكفر والإلحاد؛ نراها تطعن في العلماء وتسخر منهم. وقد هالني صورة رأيتها في إحدى هذه الجرائد لشيخ علم مشهور يجلس على كرسي وبجواره امرأة تغزل ثوباً من لحيته، إن ذلك استهزاء بسنة الرسول - صلى الله عليه وسلم –قبل أن يكون استهزاء بذلك الشيخ.وقد قال تعالى: {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبين}. (الأحزاب: 58).
ولقد كفر الله جماعة من المنافقين إذ سخروا من مجموعة من الصحابة القراء: ووصفوهم بالجبن وكبر البطن فأنزل الله - تعالى- قوله: {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ}(التوبة 65- 66).
أيها المسلمون: إن الجناية على العلماء خرق في الدين، احذر أخي المسلم: الوقيعة في أهل العلم وإلا حشرت نفسك في خندق واحد تظاهر أعد الإسلام الذين يحاولون تحطيم قمم الإسلام باعتبار ذلك أقصر طريق لطعن الإسلام نفسه، فلا تكونن ظهيراً للمجرمين، واستحضر قول موسى الكليم عليه وعلى نبينا الصلاة والتسليم {قال رب بما أنعمت عليّ فلن أكون ظهيراً للمجرمين} القصص: 17.
وإن محاولة (هدم القمم) للتوصل بذلك إلى هدم الدين وإطفاء نوره هي سياسة قديمة قِدم الكائدين لهذا الدين: فمن محاولاتها الأولى: ما جرى من حديث الإفك في حق الصديقة بنت الصديق، الطاهرة البتول، المبرأة من فوق سبع سماوات أم المؤمنين - رضي الله عنها -، فقد كان الإفك طعنة موجهة في المقام الأول إلى صاحب الرسالة - صلى الله عليه وسلم – ثم للرجل الثاني في الإسلام أبوبكر ثم لعائشة الصديقة التي ُحمل عنها ربع الشريعة.
ومن هذه المحاولات: اجتهاد أعداء السنة والتوحيد من المستشرقين، وأذنابهم من الذين نافقوا في الطعن في راوية الإسلام أبي هريرة - رضي الله عنه -، وهو أكثر الصحابة رواية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا عين ما يقال في المحاولات الخائبة للطعن في صحيح البخاري باعتباره أصح كتاب بعد القرآن العظيم. ومن ذلك ما يدأب فيه الرافضة- قبحهم الله,ونكس رايتهم – من الطعن في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتصويرهم -إلا خمسة منهم- في أشنع صورة وأقبحها، وكلما عظم بلاء الصحابي في رفع راية الإسلام ونصرته بالعلم والعمل والجهاد، عظم حظه من تطاولهم وأحقادهم كالخلفاء الثلاثة، والمجاهدين الفاتحين الذين أطفأوا نار المجوسية، وكسروا ظهر الكسروية.

ومن ذلك: حرص الأبواق المنافقة على الطعن في المجددين الذين بَعثوا سنَّة النبي - صلى الله عليه وسلم – وذبوا عن دعوة التوحيد كشيخ الإسلام ابن تيمية، وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب؛ وغيرهم من المجددين إلى يومنا هذا. فمن وافق القوم في تطاولهم على رموز الإسلام، فقد أعانهم من حيث لا يدري أو من حيث يدري على تحقيق غاياتهم الخبيثة، وشمّت بنا أعداء الدين,
كل المصائب قد تمر على الفتى وتهون غير شماتة الأعداء
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا وإياكم بما في من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم إنه هو الغفورُ الرحيم.


الخطبة الثانية:

الحمد لله حمداً حمداً، والشكر له شكراً شكراً، والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه والتابعين؛ أما بعد
معاشر المسلمين
لقد أدرك أعداء الله - عز وجل – أهمية صلة الأمة بعلمائها, فسعوا ليل نهار إلى تشويه صورة العلماء أمام الأمة حتى يفقد الناس ثقتهم بعلمائهم.
وسنتكلم عن هذه أسباب ظاهرة التطاول على العلماء؛ وسنذكر هذه الأسباب سبباً سبباً.
أول هذه الأسباب: هم أعداء الله - عز وجل – المنافقون ومن ورائهم اليهود والنصارى.
وأنهم يسعون ليل نهار في ذلك عبر وسائل الإعلام والصحف والمجلات، وأنى لهم ذلك ولن يستطيعوا بإذن الله فالأمة متمسكة وواثقة بعلمائها بإذن الله - تعالى-.
ومن الأسباب: التأثر بفوضوية الغربيين ونعراتهم ويتضح هذا في سلوك بعض الشباب الذين يبتلون بالإقامة في ديار الغرب، فيتشربون منهم بعض القيم، وبخاصة سلوكهم إزاء أكابرهم وعظمائهم، بحجة حرية الرأي والتعبير، واعتزازاً بما يدينون به من الفوضوية، التي يسمونها (ديمقراطية) دون أن يتفطن هؤلاء الشباب إلى الفروق بين القيم الإسلامية، وبين القيم الغربية. فمن مظاهر الديمقراطية (تحكيم) رجل الشارع، في قضايا الأمة المصيرية حتى لو كان ساقط العدالة، أو غارقاً في الجهالة, يحتاج ليتعرف على مرشحه أن يوضع له الرمز الانتخابي كالساعة والسيارة والنخلة، في حين أن الإسلام يجعل الحكم في ذلك إلى أولي الأمر، أهل الحل والعقد المؤهلين للنظر في هذه القضايا دون غيرهم، قال تعالى: {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً} (83) سورة النساء. وهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم – يسمي رجل الشارع هذا بالرويبضة، ويجعل إقحامه في القضايا العامة المصيرية من أشراط الساعة، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه – قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (سيأتي على الناس سنوات خداعات، يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة). قيل: وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه، يتكلم في أمر العامة.
ومن الأسباب: التعصب الحزبي، والبغي، وعقد الولاء على غير الكتاب والسنة؛ فبعض الناس يربون أتباعهم على الولاء لأشخاصهم والانتماء لذواتهم، أو جماعاتهم، ويوالون في ذلك ويعادون دون اعتبار لمبدأ الحب في الله والبغض في الله، وفي هؤلاء يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "وليس لأحد أن ينتسب إلى شيخ يوالي على متابعته ويعادي على ذلك، بل عليه أن يوالي كل من كان من أهل الإيمان، ومن عرف منه التقوى من جميع الشيوخ وغيرهم، ولا يخص أحداً بمزيد موالاة إلا إذا ظهر له مزيد إيمانه وتقواه فيقدم من قدم الله ورسوله عليه، ويفضل من فضله الله ورسوله."
ونذكر بقية الأسباب سرداً للاختصار. ومنها: تشييخ الصحف وافتقاد القدوة. وكذلك: استعجال التصدر قبل تحصيل الحد الأدنى من العلم الشرعي بحجة الدعوة. وكذلك التعالم وتصدر الأحداث (الصغار) وكذلك: الاغترار بكلام العلماء بعضهم في بعض.
ومن الأسباب الرئيسية: جهل المنتقدين بأقدار من ينتقدونهم من العلماء. ومنها عدم التثبت في النقل؛ وكذلك: التحاسد والتنافس والرياسة والفراغ، والجحود وعدم الإنصاف. وأخيراً من الأسباب استثمارالمغرضين لزلات العلماء.
ألا ياعباد الله اقدروا للعلماء قدرهم,واعرفوا لهم فضلهم, وتمسكوا بهم فذاك قوتكم وعزكم وصلوا وسلموا على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

__________________


التعديل الأخير تم بواسطة المناضل السليماني ; 05-02-2014 الساعة 04:09 PM
المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 04-12-2014, 11:13 AM
  #9
نونة87
عضو جديد
تاريخ التسجيل: Jun 2014
المشاركات: 1
نونة87 is on a distinguished road
افتراضي رد: ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب

بارك الله فيك ،،،،
نونة87 غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 19-03-2009, 11:12 AM
  #10
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت

هذه الخطبة عن اشراط الساعة الصغرى وهي بداية لسلسة اشراط الساعة الصغرى ثم الكبرى اسأل الله العون والسداد والاخلاص والنفع لي ولإخواني
_________

الحمد لله المتفرد بوحدانية الألوهية، المتعزز بعظمة الربوبية، القائم على نفوس العالم بآجالها، والعالم بتقلبها وأحوالها، المانّ عليهم بتواتر آلائه، المتفضل عليهم بسوابغ نعمائه، الذي أنشأ الخلق حين أراد بلا معين ولا مشير، وخلق البشر كما أراد بلا شبيه ولا نظير، فمضت فيهم بقدرته مشيئته، ونفذت فيهم بعزته إرادته. وأشهد أن لا إله إلا الله فاطر السموات العلا، ومنشىء الأرضين والثرى، لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه {لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْـئَلُونَ} [الأنبياء:23]. وأشهد أن محمداً عبده المجتبى ورسوله المرتضى، بعثه بالنور المضيء والأمر المرضي، على حين فترة من الرسل، ودُروس من السبل، فدمغ به الطغيان، وأكمل به الإيمان، وأظهره على كل الأديان، وقمع به أهل الأوثان، فصلى الله عليه وسلم ما دار في السماء فلك، وما سبح في الملكوت ملك، وعلى آله وصحبه أجمعين.

اعلموا رحمني الله وإياكم بأن الساعة آتية لا ريب فيها، قال تعالى: اقتربت الساعة وانشق القمر وقال الله تعالى: اقترب للناس حسابهم وهم في غفلةٍ معرضون ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون لاهية قلوبهم .

إن الساعة قريبة أيها الأحبة، لذا ينبغي التنبه إلى أن الباقي من الدنيا قليل، بالنسبة إلى ما مضى منها، روى البخاري في صحيحه عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إنما بقائكم فيما سلف قبلكم من الأمم ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس)).

إنهم يرونه بعيداً، ونراه قريباً.. عن عتبة بن غزوان قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ((أما بعد فإن الدنيا قد آذنت بصرم، وولت حذاء ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء، ليصابها صاحبها، وإنكم منتقلون منها إلى دار لا زوال لها، فانتقلوا منها بخير ما يحضرنكم)) رواه مسلم.

إن الله جلت حكمته، قد أخفى على كل أحد وقت قيام الساعة، وجعل ذلك من خصائص علمه لم يطلع عليها أحداً، لا ملكاً مقرباً، ولا نبياً مرسلاً، يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفيّ عنها قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون .

ولكنه سبحانه وتعالى، قد أعلمنا بأماراتها وعلاماتها، وأشراطها، لنستعد لها فهناك كثير من أشراط الساعة، ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم تحذيراً لأمته، وقد ظهرت هذه الأشراط، وهذه العلامات منذ عهد الصحابة رضي الله عنهم وهي في ازدياد، وقد تكثر في أماكن دون بعض.

ومن هذه الأشراط، ما ظهر وانقضى، ومنها ما يزال يتتابع ويكثر، والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا به، ومنها ما لم يظهر إلى الآن ويكون قرب قيام الساعة، وتكون في أمور غير معتادة على الناس.

إليكم أيها الأحبة بعض أشراط الساعة، مع بعض الوقفات اليسيرة مع بعضها، لعلها تعلم جاهلنا، وتذكر ناسينا، وتزيد المتذكر إيماناً على إيمانه.

إن أول أشراط الساعة، بعثة النبي صلى الله عليه وسلم فهو النبي الأخير، فلا يليه نبي آخر، وإنما تليه القيامة كما يلي السبابة الوسطى، وهذا هو معنى قوله صلى الله عليه وسلم: ((بعثت أنا والساعة كهاتين)) ويشير بأصبعيه، فضم السبابة والوسطى رواه البخاري.

قال الله تعالى: ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين .

ومن أشراط الساعة: موت النبي صلى الله عليه وسلم روى البخاري في صحيحه عن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اعدُدْ ستاً بين يدي الساعة: موتي ثم فتح بيت المقدس ثم ..)) ذكر بقية الستة.

إن موت النبي صلى الله عليه وسلم علامة من علامات قرب الساعة، لقد كان موت النبي صلى الله عليه وسلم من أعظم المصائب التي وقعت على المسلمين، فقد أظلمت الدنيا في عيون الصحابة رضي الله عنهم، عندما مات عليه الصلاة والسلام، قال أنس بن مالك رضي الله عنه: (لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أضاء فيها كل شيء، فلما كان اليوم الذي مات فيه أظلم منها كل شيء، وما نفضنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الأيدي، وإنا لفي دفنه حتى أنكرنا قلوبنا).

قال ابن حجر رحمه الله: (يريد أنهم وجدوها تغيّرت عمّا عهدوه في حياته من الألفة والصفاء والرقة، لفقدان ما كان يمدهم به من التعليم والتأديب).

بموت النبي صلى الله عليه وسلم انقطع الوحي من السماء، وكما قال القرطبي أول أمر دهم الإسلام، وماتت النبوة، وكان أول ظهور الشر بارتداد العرب وكان موته أول انقطاع الخير وأول نقصانه.

ومن أشراط الساعة: أن يكثر المال في أيدي الناس، فقد روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تقوم الساعة حتى يكثر فيكم المال حتى يُهمّ رَبَّ المال أن يقبله منه صدقة ويُدَعى إليه الرجل فيقول: لا أرب لي فيه)).

وعن أبي موسى رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ليأتين على الناس زمان يطوف الرجل فيه بالصدقة من الذهب، ثم لا يجد أحداً يأخذها منه)). لقد تحقق كثير مما أخبرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فكثر المال في عهد الصحابة رضي الله عنهم بسبب الفتوحات الإسلامية، وبسبب الجهاد في سبيل الله، واقتسموا أموال الفرس والروم، ثم فاض المال في عهد عمر بن عبدالعزيز، رحمه الله، بسبب بركة عدله، فكان الرجل يعرض المال للصدقة فلا يجد من يقبله، لأن عمراً قد أغنى الناس عن السؤال.

وسيكثر المال في آخر الزمان حتى يعرض الرجل ماله فيقول الذي يعرض عليه: لا أرب لي به. وهذا والله أعلم سيكون في زمن المهدي وعيسى عليه السلام حيث ستخرج الأرض كنوزها فيكثر المال.

ولا مانع من أن يتخلل هذه الفترات، بعض فترات يسود الفقر والمجاعة بعض الأمة، كما هو حاصل الآن، من وجود شعوب ومجتمعات من هذه الأمة تموت فقراً وجوعاً، ولا يكاد يسلم بلد، من وجود محاويج لا يعلم بحالهم إلا الله.

ومن أشراط الساعة: أن تقلِّد هذه الأمة أمم الكفر كاليهود والنصارى، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها شبراً بشبر، وذراعاً بذراع. فقيل يا رسول الله كفارس والروم، فقال: ومن الناس إلا أولئك)) رواه البخاري. وفي رواية: ((قلنا يا رسول الله: اليهود والنصارى، قال: فمن؟)).

إن ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم واقِع ومُشَاهد، فقد تشبه عدد غير قليل من المسلمين بالكفار، من شرقيين وغربيين، فتشبه رجالنا برجالهم، ونساؤنا بنسائهم، ويستحي الشخص أن يقول بأن بعض رجالنا تشبهوا بنسائهم، وافتتنوا، حتى أدى الأمر بالبعض بأن خرجوا من الدين والعياذ بالله.

إن من عرف الإسلام الصحيح، عرف ما وصل إليه حال المسلمين، في الفترة الراهنة، من بعدهم عن تعاليم الإسلام، بسبب تقليدهم للغرب الكافر، انحراف في العقائد، تحكيم لقوانين الكفار، ابتعاد عن شريعة الله، تقليد للغرب في الملبس والمأكل والمشرب وليس هناك أبلغ من وصف النبي صلى الله عليه وسلم لهذه المحاكاة من قوله: ((شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه))، ماذا جنت الأمة، وماذا استفادت، عندما تمركنت (أصبحت أمريكية، وتفرسنت (أصبحت فرنسية)، وتغرّبت، ماذا جنينا سوى الذل والهوان، ونهب للخيرات، وضرب فوق الرؤوس، والعيش كالعبيد، وبعد هذا كله، خسران الدين، وقبله كان خسران الدنيا، كم نتمنى من أولئك الذين يستوردون للأمة من الغرب مساحيق التجميل، والأخلاق السيئة والعادات، أن يستوردوا النظم الإدارية الجيدة وتنظيم الأعمال التقنية الحديثة، نظم المعلومات، أن يرتقوا بشعوبهم في هذه النواحي، تحديث في نظم المستشفيات، المؤسسات، المقاولات، التحديث في رصف الشوراع، في بناء المعاهد، الجامعات، المدارس.

كم هو المحزن، عندما تجول العالم من أقصاه إلى أقصاه، فترى التخلف في هذه النواحي والقصور، ثم في المقابل تشاهد أنصاف رجال يتسكعون كالنساء، مفتخرين أنهم تفرنجوا، وأصبحت حياتهم غربية، ويدعون للتغريب، إنها فتن أيها الأحبة، نسأل الله جل وتعالى أن يخلص منها هذه الأمة.

ومن أشراط الساعة: انتشار الأمن في بعض فترات الأمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تقوم الساعة، حتى يسير الراكب بين العراق ومكة لا يخافُ إلا ضلال الطريق)) رواه أحمد وقال الهيثمي رجاله رجال الصحيح.

وهذا قد وقع في زمن الصحابة رضي الله عنهم، وذلك حينما عمّ الإسلام والعدل البلاد التي فتحها المسلمون، أيضاً زمن عمر بن عبدالعزيز، فإن الأمن أيها الأحبة مرتبط بالإسلام والعدل، فإذا رأيت الأمن قد عمّ البلاد فأعلم بأن راية الإسلام مرفوعة والعدل قائم، وهذا يؤيده حديث عدّي رضي الله عنه في صحيح البخاري قال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((يا عدي: هل رأيت الحيرة، قلت: لم أرها، وقد أنبئت عنها، قال: فإن طالت بك الحياة لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله، قلت فيما بيني وبين نفسي: فأين ذعّار طيء – أي قطاع الطرق من قبيلة طيء – الذين قد سعروا البلاد؟ ولئن طالت بك حياة لتُفتحنَّ كنوز كسرى، قلت: كسرى بن هرمز؟ قال: كسرى بن هرمز، ولئن طالت بك حياة لترين الرجل يخرج ملئ كفه من ذهب أو فضة، يطلب من يقبله منه فلا يجد أحداً يقبله منه)). قال عدي: فرأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله، وكنت فيمن افتتح كنوز كسرى بن هرمز، ولئن طالت بكم حياة لترون ما قال النبي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم يخرج ملئ كفه.

وسيتحقق هذا الأمن، وسينتشر في زمن المهدي في آخر الزمان، وفي زمن عيسى بن مريم عليه السلام بعدما ينزل، لأن زمنهما سيعم العدل مكان الجور والظلم، وسيملأن الدنيا قسطاً وعدلاً، كما ملئت ظلماً وجوراً.

ومن أشراط الساعة: قتال الترك، روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون الترك، قوماً وجوههم كالمجان المطرقة، يلبسون الشعر، ويمشون في الشعر)). وقد قاتل المسلمون الترك في عصر الصحابة رضي الله عنهم، وذلك في أول خلافة بني أمية، في عهد معاوية رضي الله عنه وقد كان عند بعض الصحابة تخوف من قتال الترك بعدما سمعوا حديث عبدالله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنه، قال: كنت جالساً عند النبي صلى الله عليه وسلم فسمعنا النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن أمتي يسوقها قوم عراض الأوجه، صغار الأعين كأن وجوههم الحجف [وهو الترس] حتى يلحقوهم بجزيرة العرب، أما السابقة الأولى، فينجومن هرب منهم، وأما الثانية، فيهلك بعضهم وينجو بعض، وأما الثالثة فيصطلون كلهم من بقي منهم، قالوا يا بني الله من هم؟ قال: (هم الترك) قال أما والذي نفسي بيده ليربِطُنّ خيولهم إلى سواري مساجد المسلمين)) رواه الإمام أحمد.

فبعدما سمع بريدة هذا الحديث كان لا يفارقه بعيران أو ثلاثة ومتاع السفر والأسقية للهرب من البلاء الذي سينزل بسبب أمراء الترك.

وقد دخل كثير من الترك في الإسلام، ووقع على أيدهم خير كثير للإسلام والمسلمين، وكونّوا دولة إسلامية قوية، عزّ بها الإسلام، وحصل في عهدهم كثير من الفتوحات العظيمة، منها فتح القسطنطينية، عاصمة الروم، وهذا مصداقٌ لما قاله المصطفى صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة عند البخاري، بعد ذكره صلى الله عليه وسلم لقتال الترك قال: ((وتجدون من خير الناس أشدهم كراهية لهذا الأمر، حتى يقع فيه والناس معادن، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام)).

بارك الله لي ولكم في . . .


الخطبة الثانية


الحمد لله رب العالمين . . . وبعد:

ومن أشراط الساعة أيضاً: ضياع الأمانة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة، قال كيف إضاعتها يا رسول الله؟ قال: إذا استند الأمر إلى غير أهله، فانتظر الساعة)) رواه البخاري. وبين عليه الصلاة والسلام كما في حديث حذيفة: ((أن الأمانة ترتفع في آخر الزمان من القلوب، وأنه لا يبقى منها في القلب إلا أثرها، فيقال: إن في بني فلان رجل أميناً)).

إن من أشراط الساعة، أن الأمانة سترفع من القلوب، حتى يصير الرجل خائناً بعد أن كان أميناً، وهذا إنما يقع لمن ذهبت خشيته لله، وضعف إيمانه، وخالط أهل الخيانة فيصير خائناً، لأن القرين يقتدي بقرينه.

وقد أخبر صلى الله عليه وسلم أنه ستكون هناك سنون خدّاعة، تنعكس فيها الأمور، يكذب فيها الصادق، ويصدق فيها الكاذب، ويخون الأمين، ويؤتمن الخائن.

ومن مظاهر تضيع الأمانة، إسناد أمور الناس من إمارة وخلافة وقضاء ووظائف على اختلافها إلى غير أهلها القادرين على تسييرها والمحافظة عليها، لأن في ذلك تضييعاً لحقوق الناس، واستخفافاً بمصالحهم، وإيغاراً لصدورهم، وإثارة للفتن بينهم.

فإذا ضيّع من يتولى أمر الناس الأمانة، والناس في الغالب تبع لمن يتولى أمرهم، كانوا مثله في تضيع الأمانة، عمّ بذلك الفساد في المجتمعات.

ثم إن إسناد الأمر إلى غير أهله، دليل واضح على عدم اكتراث الناس بأمر الدين، حتى أنهم ليولون أمرهم من لا يهتم بدينه، والله المستعان.

ومن أشراط الساعة: قبض العلم وظهور الجهل، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويثبت الجهل)) رواه البخاري ومسلم.

إن المراد بالعلم هنا، علم الكتاب والسنة، وهو العلم الموروث عن الأنبياء عليهم السلام، فبذهاب هذا العلم، تموت السنن وتظهر البدع ويعم الجهل، أما علم الدنيا فإنه في زيادة وليس هو المراد في الأحاديث، ويكون قبض العلم إما بقبض العلماء كما قال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالماً، اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا)) رواه البخاري.

وأما، وهذه صورة أخرى من صور قبض العلم، أن لا يعمل العلماء بعلمهم، بمعنى غياب العلماء الحقيقيون الربانيون عن واقع الأمة.

ما الفائدة إذا كنت أحفظ المتون، وأحفظ الكتب والمجلدات، ثم لا أثر لي ولا ينتفع بيّ الناس.

إن العلماء الحقيقيون هم الذين يعملون بعلمهم، ويوجهون الأمة، ويدلونها على طريق الهدى، ويشاهدون في المواقف التي تحتاجهم الأمة، فإن العلم بدون عمل لا فائدة فيه، بل يكون وبالاً على صاحبه.

قال مؤرخ الإسلام الإمام الذهبي رحمه الله عن طائفة من علماء عصره: (وما أوتوا من العلم إلا قليلاً، وأما اليوم، فما بقي من العلوم القليلة إلا القليل في أناس قليل، ما أقل من يعمل منهم بذلك القليل، فحسبنا الله ونعم الوكيل). هذا في عصر الذهبي، فما بالك بزماننا هذا؟ فإن العلماء الحقيقيون أعز في وجودهم من الكبريت الأحمر.

ولا يزال أيها الأحبة، العلم ينقص والجهل يكثر، فكلما بعد الزمان من عهد النبوة قل العلم حتى يأتي على الناس زمان لا يُعرفون فيه فرائض الإسلام، وهذا يكون قرب قيام الساعة كما في حديث حذيفة الذي أخرجه ابن ماجة بسند صحيح قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يُدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب، حتى لا يُدرى ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة، ويسري على كتاب الله في ليلة، فلا يبقى في الأرض منه آية، وتبقى طوائف من الناس: الشيخ الكبير والعجوز يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة يقولون – لا إله إلا الله – فنحن نقولها)).

وروى مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض: الله، الله)).

ومعنى هذا أن أحداً لا ينكر منكراً ولا يزجر أحداً إذا رآه قد تعاطى منكراً، وذلك عندما يبقى عجاجةٌ من الناس لا يعرفون معروفاً ولا ينكرون منكراً وذلك عند فساد الزمان، ودمار نوع الإنسان، وكثرة الكفر والفسوق والعصيان.

نسأل الله جل وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العليا، أن يرحمنا برحمته.
المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
أذكار, أدعية, خطب, خطبة الجمعة, صلاة الجمعة, إسلاميات


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
من يوقف هدردماءاهل السنه يامسلمين في ايران المجوسيه الرافضية الصفوية ؟؟ ابومحمدالقحطاني فضائح وجرائم الروافض ضد أهل السنة 10 29-04-2015 06:44 PM
إبن سبأ اليهودي مؤسس الديانة الشيعية ابو عائشة الطائي فضائح وجرائم الروافض ضد أهل السنة 2 20-12-2009 10:31 PM
غزوات حدثت في شهر الانتصارات في رمضان المناضل السليماني مجلس الإسلام والحياة 5 30-08-2009 06:27 AM
أرقـــــــام وإيمـــيــلاتــ الدكـــتـــور جــــــــابـــــر القحطاني وبعض الوصفاتـــ سعيد الجهيمي عالم الصحه والغذاء 12 20-03-2008 12:02 PM
فتاوى السحر والمس والعين مفرغا من شريط للعلامة ابن باز : اعداد بعض طلبة العلم ابو اسامة مجلس الإسلام والحياة 11 26-05-2007 01:52 PM


الساعة الآن 10:57 AM

سناب المشاهير