ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب


مجلس الإسلام والحياة يهتم هذا القسم بجميع مايتعلق بديننا الحنيف

إضافة رد
قديم 04-12-2009, 11:16 AM
  #131
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت


هذه الخطبة في مدح الله
الخطبة الأولى
الحمد لله أبداً سرمدا، ولا نشرك معه أحد، تبارك فردا صمدا، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، ولا شريكا ولا عضدا، الحمد لله على نعمته، الحمد لله على منته، الحمد لله على حكمته، الحمد لله تلألأت بأجل المحامد أسماؤه، وتوالت بأسنى الهبات آلاؤه وتواترت بأبرك الخيرات نعماؤه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق العلي الكبير، تعالى في إلهيته وربوبيته على الشريك والوزير،وتقدس في أحديته وصمديته عن الصاحبة والولد والولي والنصير، وجل في بقاه وديمومته وغناه وقيمومته عن المطعم والمجير، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله السراج المنير، والبشير النذير أعظم رجل عظّم الله، وقدّس الله، وأجلّ الله، وأكبر الله، وهاب الله، اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه الذين عظّموا الله.
عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: جاء حَبرٌ حبر: العالم من علماء اليهود . إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد إن الله يضع السماء على إصبع، والأرض على إصبع، والجبال على إصبع، والشجر والأنهار على إصبع، وسائر الخلق على إصبع، ثم يقول بيده: أنا الملك. فضحك رسول الله، وقال: { وما قدروا الله حق قدره } متفق عليه.
عبد الله بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوي الله السماوات يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى ثم يقول أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون ثم يطوي الأرضين ثم يأخذهن قال ابن العلاء بيده الأخرى ثم يقول أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون
ولفظ مسلم عن عبيد الله بن مقسم في هذا الحديث يأخذ الله - تبارك وتعالى - سماواته وأرضيه بيده ويقول أنا الملك ، ويقبض أصابعه ويبسطها أنا الملك حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شيء منه حتى إني لأقول أساقط هو برسول الله صلى الله عليه وسلم
يتعاظم الإنسان في نفسه عند رؤية قوة كثير من مظاهر الطبيعة "كالرياح" "الزلازل" "البراكين" ويقيس قوتها بما تحدثه من دمار هائل في الأرض والإنسان والحياة بشكل عام، ولكنه ينسى في خضم انشغاله بما يراه من قوة مظاهر الطبيعة القوة الحقيقة التي تحرك كل تلك القوى، وهي قوة الله سبحانه الذي يملك مقاليد الأمر في الأرض والسماء .
والتذكير بهذه القوة ليس لتخويف العباد من ربهم بل من أجل زرع تعظيمه في نفوسهم تعظيما يولد حباً، ويعين على طاعته وشكر نعمه فالنبي - صلى الله عليه وسلم - أقرَّ الحبر في كلامه حول عظمة الله وقوته، وكيف أنه بقوته يضع الرحمن السموات بعظمها على إصبعه، والأرض باتساعها وثقلها على إصبع، وهذه الجبال التي تتصاغر أنفسنا أمام علوها وارتفاعها يضعها الرب جميعا على إصبع، والأشجار بكثرتها، والأنهار بطولها، وسائر الخلق بتعدده وتنوعه يضعه الرب على إصبع، فأي عظمة هي عظمة الله، وأي قوة هي قوته سبحانه، فكيف يعصيه بشر، وكيف يكفر به إنسان، ألا ما أعظَمَ حلم الله على عباده
الله عز وجل يحب المدح، والله مهما أثنى عليه البشر فهو سبحانه أعظم وأجل، كم نسمع من الفصحاء والشعراء يمدحون الفنان الفلاني واللاعب الفلاني ويمدحون العبيد ، ونسوا أن يمدحوا الواحد القهار، بل تفننوا في مدح العيون السود، والقدود، والخدود، ولم يمدحوا الغفور الودود، ذو العرش المجيد، الفعال لما يريد، المبدي المعيد، إليك وإلا لا تُشدُّ الركائبُ - ومنك وإلا فالمؤمِّل خائبُ
وفيك وإلا فالغرام مضيّعٌ - وعنك وإلا فالمحدِّثُ كاذبُ
هذه الخطبة في مدح الله
الله أهل العظمة والكبرياء.. الله تفرد بالبقاء.. وجل عن الشركاء.. وأبدع كل شيء كما يشاء.
الله أهل العظمة والكبرياء.. الله أهل التسبيح والتحميد والتمجيد والتقديس والثناء.
سبحانه ما أعظم شانه.. سبحانه ما أدوم سلطانه.. سبحانه ما أوسع غفرانه.. سبحانه سبحت له السموات وأملاكها، والنجوم وأفلاكها والأرض وسكانها، والبحور حيتانها، والسادات وعبيدها، والأمطار ورعودها، والأشجار وثمارها، والديار وأطلالها "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ"
سبحانك كل معترف بجودك، فإنك لفطرته خالق، ولفاقته رازق، وبناصيته آخذ، وبعفوك من عقابك عائذ، وبرضاك من سخطك لائذ، إلا الذين حقت عليهم كلمة العذاب.. فالقضاء فيهم نافذ.. ووالله ورب الكعبة لو سبحناك ليلاً ونهاراً وسرا جهارا ما بلغنا حقك وعظمتك ومجدك وكبريائك مثقال ذرة."فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ"
سبحان من هو لا يزال مسبّحاً *** أبداً وليس لغيره السبحان
سبحان من لاشيء يحجب علمه *** فالسر أجمع عنده إعلان
سبحان من تجري قضاياه على *** ما شاء منها غائب وعيان
سبحان من هو لا يزال ورزقه **** للعالمين به عليه ضمان
سبحان من في ذكره طرق الرضى *** منه وفيه الروح والريحان
لماذا الحديث عن الله أهل العظمة والكبرياء؟ لأن الحديث عنه أعظم كلام، وأجمع كلام، وأحلى كلام، لماذا الحديث عن الله؟ لأن القرآن كله جاء في الحديث عنه في عظمته في خلقه في أمره في نهييه في قضائه في تصريفه في تدبيره.
لماذا الحديث عن عظمة الله؟ لأن عظمة العظيم العزيز الجبار ضعفت في قلوب كثير من البشر، فاعتدوا على محارم الله وطغوا، وفرطوا في جنب الله وبغوا، فضعفت في قلوبهم هيبة الله، وتناسوا سطوة الله، وتغافلوا عن جبروت الله، وما قدروا قوة الله وبطش الله، فها نحن اليوم نتكلم عنه والحياء يملأ وجوهنا، والخجل يعم قلوبنا، فمن نحن حتى نمدحه أو نمجده أو نثني عليه لكن نقدم العذر بين يديه أننا لا نستطيع أن نتكلم عن كل عظمته أو نحيط بها قدراً وعلماً، لكن حديثنا اليوم ما هو إلا ذرة في عظمته، وبيانا لهمسته من جلالته وهيبته.
الله أحق من مدح وأجل من ذكر وأعظم من عُبد:
"وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ" روى البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد إنا نجد أن الله عز وجل يجعل السموات على إصبع والأرضين على إصبع، فيقول: أنا الملك، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقاً لقول الحبر ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم "وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ..."
فهذا الكون كله جباله ووديانه، صحراؤه وبحاره، كل هذا الكون إنما هو على أصابع القوي القهار يوم القيامة. ومن عظمته ما ورد في بعض الآثار الإسرائيلية يقول عز وجل: "أيؤمل للشدائد غيري والشدائد بيدي وأنا الحي القيوم؟ ويرجى غيري ويطرق بابه بالبكرات، وبيدي مفاتيح الخزائن، وبابي مفتوح لمن دعاني؟ ومن ذا الذي أمّلني لنائبة فقطعت به؟ أو من ذا الذي رجاني لعظيم فقطعت رجاءه؟ أو من ذا الذي طرق بابي فلم أفتح له؟ أنا غاية الآمال، فكيف تنقطع الآمال دوني؟ أبخيل أنا فيبخلني عبدي؟ أليست الدنيا والآخرة، والكرم والفضل كله لي؟ فما يمنع المؤملين أن يؤملوني؟ لو جمعت أهل السموات والأرض ثم أعطيت كل واحد منهم ما أعطيت الجميع، وبلّغت كل واحد منهم أمله، لم ينقص ذلك من ملكي عضو ذرة، كيف ينقص ملك أنا قيّمه؟ فيا بؤساً للقانطين من رحمتي ويا بؤساً لمن عصاني، وتوثب على محارمي.
عظمة علم الله:
الله أكبر إذا كانت هذه المواهب والقدرات والفهوم والعقول هي خلق من خلقه، ورزق من رزقه فكيف بقدرة مانحها؟ وعلم معطيها؟ وعظمة واهبها.
علمه سبحانه علم من اطلع على السرائر، وكشف ما في الضمائر، وأحاط بالأول والآخر، والباطن والظاهر.. "وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ".
سبحانه علم ما كان وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف يكون،سبحانه الورقة تسقط بعلمه، الهمسة تنبس بعلمه، الكلمة تقال بعلمه، النية تعقد بعلمه، والقطرة تنزل بعلمه، والخطوة تنقل بعلمه، جاءت خولة بنت ثعلبة تشتكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجها، تُسرّ إليه بحديثها وعائشة في ناحية الغرفة ما تسمع حديثها، وينزّل الله على رسوله "قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ"، فماذا أمام عائشة أن تقول إلا: سبحان الذي وسع سمعه الأصوات.
أرسل موسى إلى فرعون فشكا له موسى جبروت فرعون، وظلمه وبطشه فقال الله "إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى". بات نفر من المنافقين يحيكون الدسائس للمسلمين فأنزل الله "يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطاً".

اقول ماتسمعون واستغفر الله

الخطبة الثانية
الحمد لله الحمدلله الحمد لله
سبحان الله من سجد لعظمته العظماء، ووجل من خشيته الأقوياء، وقامت بقدرته الأرض والسماء، يا الله أي عظمة تلك في ملائكته، وأي خلقة تلك خلقتهم، جاء في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أُذن لي أن أتحدث عن ملك من ملائكة العرش قرناه عند عرش الرحمن، ورجلاه تخطان في الأرض السابعة، وما بين أذنه ومنكبه مسيرة سبعمائة عام".
يا الله هذا ملك من ملائكته عبد من عبيده فكيف بمالك الملائكة؟ جاء في الحديث: "خلق الله الملائكة أصنافاً وإن منهم لملائكة قياماً صافّين من يوم خلقهم إلى يوم القيامة، وملائكة ركوعاً خشوعاً من يوم خلقهم إلى يوم القيامة، وملائكة سجوداً منذ خلقهم إلى يوم القيامة، فإذا كان يوم القيامة تجلّى الله تبارك وتعالى، ونظروا إلى وجه الكريم، قال سبحانك ما عبدناك حق عبادتك".
وأي شيء تلك هي جهنم تجر يوم القيامة بسبعين ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك، ما أعظم شفيرها وما أبعد قعرها وما أعظم خلقها، وما أشد بأسها "تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ" ومع هذا كله أي شيء هو خوفها من ربها، له خاضعة وبين يديه طائعة، في الحديث الصحيح يقول صلى الله عليه وسلم: "لا تزال جهنم تقول هل من مزيد ؟! حتى يضع رب العزة فيها قدمه، فتقول: قط قط، وعزّتك، ويزوي بعضها إلى بعض".
يا سبحانه ما أعظمه شديد القهر، عليّ القدر، المتكبر، "إنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ"، "إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ" من الذي أرغم أنوف الطغاة عداه، ومن الذي خفض رؤوس الظلمة سواه، أهلك الفراعنة، وكسر الأكاسرة، وقصر الأقاصرة، ومزق الجبابرة، شمخت عاد واستكبرت، واغترت وعلى العظيم تألّت، وقالوا من أشد منا قوة فأجابهم الله قولاً وفعلاً: "أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ * فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنصَرُونَ".
نافع مانع قوي شديد *** قاصم ظهر كل باغٍ وعات
كم تألّى ذوو عناد وكفر *** فاستحالت عروشهم خاويات
كم أتى بطشه فأردى شعوباً *** لاهيات في دورها آمنات
وله الكبرياء هل من ولي *** غيره قد أباد كل الولاة
عباد الله صلوا وسلموا على من امركم الله بالصلاة والسلام عليه
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 10-12-2009, 07:52 AM
  #132
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت



هذه الخطبة بعنوان أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا

الحمد لله القائل: [أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا] وأشهد أن لا إله إلا الله جعل القرآن معجزة خالدة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله الذي أوتي القرآن ومثله معه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد:


فاتقوا الله عباد الله: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ].

عباد الله : لقد نزل القرآن يتحدى الإنس والجن في وقت قد بلغت العرب مبلغاً عظيماً من الفصاحة والبلاغة والبيان وصدق الله العظيم :[ قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً]، بل تحداهم القرآن أن يأتوا بعشر سور بل بسورة واحدة فعجزوا رغم ما بلغوا من الفصاحة والبلاغة والقوة في البيان وقد جاء في الحديث أن جبير بن مطعم بن عدي رضي الله عنه قال قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم المدينة: (في وفد أسارى بدر) فسمعته يقرأ في المغرب بالطور فلما بلغ الآية [أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمْ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بَل لا يُوقِنُونَ * أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمْ الْمُسَيْطِرُونَ]، كاد قلبي أن يطير.

عباد الله: لقد أثَّر القرآن على عباد النصارى كما قال الله تعالى: [وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنْ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنْ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ].

وهكذا الجن الذين استمعوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يتلو القرآن كما قال تعالى: [قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنْ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً] وقال تعالى: [وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنْ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ].

إن القرآن العظيم يؤثر في القلوب القاسية ويتغلغل إلى النفوس اللاهية يحرك فيها مكامن الاتعاظ والاعتبار كيف لا وهذا القرآن لو أنزل على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً قال تعالى: [لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ]، وقال تعالى: [أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا].

قال بعض التابعين تأملت في قول الله تعالى: [مَا عِنْدَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ] فبذلت ما أملك من الدنيا لوجه الله ليكون ذخراً لي عنده فما عند الله باق وما عندنا ينفذ، وتأملت في قول الله تعالى: [إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ] فاخترت التقوى وأعرضت هما يرى فيه الناس عزَّهم وشرفهم من مظاهر الدنيا [وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ]، وتأملت في قول الله تعالى: [نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا] فعلمت أن القسمة كانت من الله في الأزل فلم أحسد ولم أحقد ورضيت بقسمة الله تعالى، وتأملت في قول الله تعالى: [وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا] فعلمت أن رزقي على الله وقد ضمنه فلم يشغلني طلب الرزق عن عبادته وقطعت طمعي فيما سواه، وتأملت في قوله تعالى: [فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه] وقوله تعالى: [وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً] فعلمت أنه لا يدخل مع الإنسان في قبره إلا عمله فإن كان صالحاً فهو سراج له يؤانسه في قبره ولا يتركه وحيداً فاتخذت العمل الصالح محبوباً لا يفارقني شأن من يحبه الناس ويطمعون في نفعه.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: [وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والعظات والذكر الحكيم فاستغفروا الله يغفر لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.




الخطبة الثانية:


الحمد لله الذي جعل القرآن عظة وعبرة يتزود منه الصالحون ويتلوه الخاشعون ويتذكر به الغافلون وأشهد أن لا إله إلا الله أحيا بالقرآن قلوباً فكانت تحيي ليلها قراءة وركوعاً وسجوداً وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله أفضل من تلا القرآن وعلمه وتعلمه صلى الله عليه وسلم أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن أثر القرآن امتد إلى الجمادات والحيوانات والملائكة في السماوات فلقد قربت من أسيد بن حضير وهو يقرأ حتى جالت فرسه من رؤية الملائكة وقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: (تلك الملائكة دنت لصوتك ولو أنك قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها لا تتوارى عنهم).

عباد الله: وها هو الفضيل بن عياض التقي العابد يتأثر بالقرآن ويعلن توبته وكان يقطع الطريق على الناس وقد عشق جارية وذات ليلة كان يرتقي الجدران إليها إذ سمع تالياً يتلو: [أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ] فلما سمعها قال بلى يا رب فرجع وترك الجارية فآواه الليل إلى خربة فإذا فيها مسافرون فقالوا نرحل في ليلتنا وقال بعضهم نخشى من الفضيل فإنه يقطع الطريق في هذا المكان والفضيل يسمع كلامهم فقال أنا أسعى في الليل بالمعاصي وقوم يخافونني ما أرى الله ساقني إليهم إلا لأرتدع وأتوب اللهم إني تبت إليك وتاب توبة صادقة وأصبح من كبار العباد رحمه الله رحمة واسعة وهكذا القرآن يحول هذه القلوب العاصية إلى قلوب خاشعة عابدة، وصدق الله العظيم [لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ].

اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين اللهم، صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم وفق ولاة أمر المسلمين عامة للحكم بكتابك والعمل بسنة نبيك ووفق ولاة أمرنا خاصة لكل خير، اللهم ارزقهم البطانة الصالحة التي تعينهم على الخير وتدلهم عليه اللهم، اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين،[رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ].

عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون، وأقم الصلاة.
__________________


التعديل الأخير تم بواسطة المناضل السليماني ; 10-12-2009 الساعة 07:54 AM
المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 11-12-2009, 06:46 AM
  #133
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت

آخر جمعة في هذا العام
الخطبة الأولى
الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون، ولا يحصي نعماءه العادون، ولا يؤدي حقه المجتهدون، المعروف من غير رؤية، والخالق بلا حاجة، والمميت بلا مخافة، والباعث بلا مشقة، فطر الخلائق بقدرته، ونشر الرياح برحمته، مبدئ الخلق ووارثه، وإله الخلق ورازقهم، لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله: البشير النذير والسراج المنير، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على طريقهم واتبع نهجهم إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً. أما بعــد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله فإنها وصية الله إلى عباده. {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران:102]. {يَـأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ وٰحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِى تَسَاءلُونَ بِهِ وَٱلأَرْحَامَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء:1]. {يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً % يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَـٰلَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب:70-71].
إخوة الإسلام: كيف نودع عاماً، وبم نستقبل عاماً آخر؟ سؤال يفرض نفسه هذه الأيام، ترى كم هم الذين يشغل بالهم هذا السؤال؟ وكم من المسلمين لا يلفت نظرهم على الإطلاق هذا السؤال؟ إلا بفارق السنة الهجرية، أو تذكر العلاوة السنوية؟ ودعونا نحسن الظن بالناس ونقول: إن فئة من المسلمين يشغل بالهم هذا السؤال من ذوات أنفسهم، وفئة أخرى قد تكون غافلة لكنها إذا ذكرت تذكرت… ولنعد إلى السؤال: بم نستقبل وكيف نودع؟
إن نهاية عام تعني ذهاب ثلاث مئة وستين يوماً من عمر الإنسان، وتلك تحوي أعداداً كثيرة من الساعات وأضعافها من الدقائق والثواني، كما تحوي عدداً من الأعمال دقت أو جلت، صلحت أم خبثت، وتحوي في طياتها عدداً من الخطرات، وأنواعاً من الهواجس، وألواناً من الحركات… وهذه فيها الصالح والطالح، وفيها ما هو في سبيل الله وابتغاء مرضاته، وفيها ما تهوى الأنفس وتلذ الأعين وإن كانت في غير مرضاة الله، ومخالفة لهدي رسول الله صللى الله عليه وسلم .
في هذه الأيام والساعات والدقائق أعمال صالحة تسر النفس لذكراها، ويود المرء لو كانت حياته كلها على منوالها، وقد يكون فيها من أعمال السوء ما يود صاحبها أن يتناساها، ويرغب أنه لم يقترفها، ويوم القيامة يود لو كان بينه وبينها أمد بعيد…
ترى هذه الأعمال والحركات والرصيد المتجمع خلال عام أليس خليقاً بالمحاسبة والتذكر؟ والمحاسبة النافعة هي التي تقود صاحبها إلى استدامة عمل الخير، وقصر النفس قدر المستطاع عن عمل السوء، والنظر في العواقب تلقيح العقول – كما قيل – ومن أقوال الحكماء: شيئان إذا عملت بهما أصبت خير الدنيا والآخرة. تحمل ما تكره إذا أحبه الله، وتترك ما تحب إذا كرهه الله.
وقال العارفون: ما أحببت أن يكون معك في الآخرة فاتركه اليوم، وانظر كل عمل كرهت الموت من أجله فاتركه، ثم لا يضرك متى مت؟.
كم تلهينا الدنيا وهي متاع الغرور، فتمر الأيام والأعوام سراعاً بلا تفكير، وكم تفتنا بزينتها، ومتاعها في الآخرة قليل، وإن يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدون… وكل نفس مصيرها إلى الموت والفناء… ولكن المهم ما بعد ذلك: { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُور} (آل عمران:185).
وكم ننخدع بوساوس الشيطان، وقد عسي فلم يضر، وأطيع فما نفع… ويوم القيامة يتبرأ من متبوعيه ويقول حين يقضى الأمر: { إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (ابراهيم: من الآية22).
من قدوتك في هذه الحياة؟ وما نوع الخليل الذي تتخذه لك صديقاً، والله يقول: { الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} (الزخرف:67)، ويقول صلى الله عليه وسلم: ( المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل).
هل تفكر جاداً في الموت وما بعده؟
عباد الله: وكم نتساهل بالذنوب وهي – كما قيل – مهلكات تفوت على الإنسان سعادة الدنيا والآخرة، وتحجبه عن معرفة ربه في الدنيا، وعن تقريبه في الآخرة: { إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ } (الانفطار: من الآية 13-14)، ومصيبة حين تتراكم علينا الذنوب ونحن لا نشعر، فيكون الران على القلوب { كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الْجَحِيمِ} (المطففين: من الآية 14-16)، ويرحم الله أقواماً كانت ذنوبهم قليلة، وحياتهم عبادة وخشوعاً وزهداً وورعاً، ومع ذلك يقول أحدهم تورعاً وتواضعاً وخشية: "لو كان للذنوب ريح ما جلس إلي أحد" هكذا كان يقول محمد بن واسع الأزدي رحمه الله، الذي قال عنه سليمان التيمي رحمه الله: (ما أحد أحب أن ألقى الله بمثل صحيفته مثل محمد بن واسع).
يا عبدالله: كم في صحائفك الماضية من توبة واستغفار، والله يقول: { وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ} (هود:90)، ويقول: { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى} (طـه:82).
وفي الأثر: "طوبى لمن وجد في صحيفته استغفاراً كثيراً".
وهذا سيد البشر المغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر يقول: ( والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة).
كم تراغم الشيطان بالتوبة، وكم تحت الخطايا بالاستغفار، فكيف إذا كانت التوبة واجبة ثابتة بنصوص الكتاب والسنة كما قرر العلماء؟!.
وينسب للإمام أحمد رحمه الله قوله:
ذنوب على آثارهن ذنوب لهونا عن الأيام حتى تتابعت
ويأذن في توباتنا فنتوب فيا ليت أن الله يغفر ما مضى
وخلفت في قرن فأنت فيهم غريب إذا ما مضى القرن الذي أنت فيهم

عباد الله: وفي سبيل محاسبة أنفسكم في نهاية عام وابتداء عام، تذكروا أن أشق شيء على النفوس جمعيتها على الله، وهي تناشد صاحبها أن لا يوصلها إليه، وأن يشغلها بما دونه، فإن حبس النفس على الله شديد، وأشد منه حبسها على أوامره، وحبسها عن نواهيه، فهي دائماً ترضيك بالعلم دون العمل …
أيها المسلمون: ما أجمل الأعمار تختم بالتوبة والاستغفار، وسبيل المسلم في ذلك أن نختم كل عمل، وكل مجلس، وكل خطأ أو ذنب بالتوبة والاستغفار… ولا يزال الله يعفو ما أحدث العبد توبة وندماً واستغفاراً… فإن نسيت التوبة أو فاتك الاستغفار في شيء من أيام العام، فلا يفوتنك ذلك في نهاية العام، فالأعمال بالخواتيم، وصحائف العام لم تطو بعد، فأشهد ربك على توبتك، ولا تصر على صغيرة، أو تحقرن من الذنوب شيئاً وإن داخلك الشيطان بتعاظم ذنبك وعدم مغفرة ربك، فاعلم أ، رحمة الله وسعت كل شيء، والله يغفر جميعاً… ربنا كريم يحب عبده إذا اقترب منه، ويمحو عنه زلاته، قال الله عز وجل – في الحديث القدسي: ( من عمل حسنة فله عشر أمثالها أو أزيد، ومن عمل سيئة فجزاؤه مثلها، أو أغفر، ومن عمل قراب الأرض خطيئة ثم لقيني لا يشرك بي شيئاً جعلت له مثلها مغفرة، ومن اقترب إلي شبراً اقتربت إليه ذراعاً، ومن اقترب إلي ذراعاً اقتربت غليه باعا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة).
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ} (الزمر: من الآية 53-54).

الخطبة الثانية
الحمد لله كل شيء هالك إلا وجهه، له الحكم وإليه ترجعون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له: { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ } (الرحمن: من الآية 26-27)، وأشهد أن محمد الله عبده ورسوله، أدركت سنة الله في المرسلين قبله: { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُم} (آل عمران: من الآية144).
اللهم صل وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين.
أيها المسلمون: أما العام الجديد فهو صفحة بيضاء ينتظر الحفظة الكاتبون ما أنتم عاملون، ألا فاستقبلوه بعزائم قوية، ونية صادقة على فعل الخير، وسيحفظ لكم النقير والقطمير، ولن تكفروا من أعمالكم شيئاً: { فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ} (الانبياء:94).
تذكروا أن عاماً بأكمله سيجري الله فيه من الأحداث ما يجري ويقدر ما يشاء، ألا فاسألوه من خير هذا العام الذي سيأتي، واستعيذوا به من شروره وفتنه، فلا يرد القضاء إلا الدعاء، وكم من فتنة حصلت؟ وكم من أمراض ومصائب وشرور حدثت في العام المنصرم؟
فإذا سلمكم الله منها فيما مضى فاسألوه أن يحفظكم منها، ويعيذكم من شورها فيما تستقبلون من عامكم الجديد.
استقبلوا العام الجديد بوضع عدد من التساؤلات والنقاط تحددون بها مساركم، وتقيمون فيها بعدكم أو قربكم من الخير، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فمن هذه النقاط في التقويم، ما نوع العلاقة مع الله؟
وما نوع العلاقة مع الخلق؟ كيف أنت في العبادات؟ وكيف أنت في المعاملات؟

ما هي الخطيئة أو الخطايا التي لازمتك في عامك المنصرم وتنوي الخلاص منها في عامك الجديد؟
ما في الفضيلة أو الفضائل التي فاتتك في عامك الماضي، وتفكر جاداً ألا تفوتك في العام المقبل؟ كيف أنت وفتنة الأهواء والشهوات والشبهات والفضائيات؟
ما قيمة الوقت عندك؟ وبماذا تستثمره؟ طاقاتك كيف تصرف، وقدراتك بماذا تستثمر؟ مانوع اهتمامك، هل تحمل هم الإسلام؟ وهل تستشعر قضايا المسلمين؟ وبماذا ساهمت فيها؟ ما مدى شعورك بانتصار الحق وأهله؟ وما مدى أسفك لغلبة الباطل وكثرة المبطلين؟ هل تشكل الدعوة إلى الله جزءاً من حياتك، وما نصيب أهلك وأبنائك وذوي رحمك وجيرانك وزملائك وعموم المسلمين منها؟ هل تجدد في أساليب دعوتك، وهل تتحرى الحكمة في قولك وفعلك؟ ما مدى قيامك بواجبك الوظيفي، وعلى أي نحو تؤدي الأمانة التي أؤتمنت عليها في أي موقع كنت؟ حاسب نفسك في نوع مطعمك ومشربك، وملبسك، وماذا تسمع وتبصر، وبم تنطق، وماذا تضمر في فؤادك: { إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} (الاسراء: من الآية36).
راجع نفسك في أداء الفرائض، وكم قدر الاحتياطي عندك في السنن، فهن مكملات لنقص الفرائض، مسددات للخلل، رافعات للدرجات، مكفرات للسيئات، ما نصيبك من ذكر الله؟ وكيف صلتك بكتاب الله؟ وكيف أنت والنفقات الواجبة والمستحبة؟
أيها المسلمون: هذه وأمثالها مراجعات يحسن بالمرء أن يراجع نفسه ويسألها عنها على الدوام… وهي خليقة بالمحاسبة مع انصراف عام وبدء عام، وإذا أخرجت لنفسك ميزانية في آخر العام عرفت قدر المكاسب فيها والخسران، وإذا علمت ذلك سددت وقاربت قدر الإمكان، وتلك الميزانية والمحاسبة، وربي، أولى من غيرها في موازين الدنيا ومحاسباتها… والغفلة ثورت الهلكة… وما أعظم الحسرة حين يرد الناس يوم القيامة بحسنات كالجبال، ويرد المفرطون الغافلون بالخيبة والخسران، يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء ما يزرون.
عباد الله: نهاية عام وبدء عام مذكرة بسرعة الأيام وانقضاء الأعمار، فإذا كانت الساعة تشكل قدراً في أجل الإنسان، فكيف مما يزيد على ثمانية آلاف وست مئة ساعة في السنة، والله يقول: { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ} (لأعراف:34).
يا عبدالله: وبين عام مضى وعام يوافي عبر توقظ الضمير الغافي، وهل نسيت أنه حصل ف بالعام المنصرم علل وأسقام، وفتن وهموم، وفقر وحروب، وأموات رحلت، ودماء أزهقت، وأطفال ونساء تأيمت… فإذا سلمك الله من هذا كله فاحمد الله واشكره، واعلم أن ما تخطاك لغيرك سيتخطى غيرك إليك، فكن مستعداً للقاء ربك، مغتنماً شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل مرضك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك، والكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني.
أيها المسلم: ومما يفيدك في المحاسبة – بشكل عام – أن تنظر في أمور دينك إلى من فوقك فذلك أدعى لرفع همتك، وتنظر في أمور دنياك إلى من هو دونك حتى لا تزدري نعمة الله عليك.
إخوة الإسلام: نهاية العام فرصة للتأمل في المتغيرات التي تحصل في المجتمعات فما موقع المسلمين في خارطة العالم، وما نوع القوى التي تحظى بالنفوذ والسيطرة؟ إلى أين يسير الشباب؟ وماذا يراد للمرأة المسلمة؟ وماذا تصنع القنوات، وكم هي ضحايا الخمور والمخدرات؟ وكيف السبيل لتصحيح المسار، والوقاية خير من العلاج.
{ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} (البقرة: من الآية251)،
{ فَلَوْلا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} (هود: من الآية 116-117).

عباد الله صلوا على من امركم الله بالصلاة والسلام عليه........................

اللهم احفظ علينا أمننا وإيماننا، واجمع كلمتنا على الحق والهدى، واغفر لنا ما سلف من ذنوب وأخطاء فيما مضى من عامنا واجعل عامنا الجديد عام خير وبركة ونصر للإسلام والمسلمين، اللهم أعنا فيه على عمل الصالحات وجنبنا الموبقات والمهلكات.
__________________


التعديل الأخير تم بواسطة المناضل السليماني ; 11-12-2009 الساعة 07:00 AM
المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 18-12-2009, 07:39 AM
  #134
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت

الخطبة الاولى عن الهجرة


الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون، ولا يحصي نعماءه العادون، ولا يؤدي حقه المجتهدون، المعروف من غير رؤية، والخالق بلا حاجة، والمميت بلا مخافة، والباعث بلا مشقة، فطر الخلائق بقدرته، ونشر الرياح برحمته، مبدئ الخلق ووارثه، وإله الخلق ورازقهم، لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله: البشير النذير والسراج المنير، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على طريقهم واتبع نهجهم إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً. أما بعــد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله فإنها وصية الله إلى عباده. {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران:102]. {يَـأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ وٰحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِى تَسَاءلُونَ بِهِ وَٱلأَرْحَامَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء:1]. {يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَـٰلَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب:70-71].
فاتقوا الله ـ أيها المسلمون ـ حق التقوى، فتقوى الله فوز لكم في الحياة الدنيا وفي الحياة الأخرى.
عباد الله، إن عِظم الواجب وكبر المسؤولية وضخامة الغاية والهدف، كل ذلك يستدعي بذل الجهد والطاقة والوقت والمال، وقد تلْقى النفس الموت في سبيل الواجب العظيم والغاية الكبرى، مع ما يضاف إلى ذلك من فقدان الأصدقاء، وكثرة الأعداء، والتعرض للسخرية والاستهزاء، ومكر الماكرين، وخصومات الألداء، وقلة المستجيبين والأنصار والأولياء. وهذا الحال هو بعينه حال سيد البشر التي بعثه الله لتحقيقها.
لقد أرسل الله خير خلقه إلى البشرية أحوج ما تكون إلى رسالته، وأشدَّ ما تكون ضرورة إلى دينه، بعد أن غير أهل الكتاب وبدلوا، وصار العالم في ظلمات الشرك والجهل، فأرسل الله عبده محمداً إلى الناس جميعاً، قال الله تعالى: قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنّى رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا ٱلَّذِى لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأرْضِ لا إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ يُحْىِ وَيُمِيتُ فَـئَامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ٱلنَّبِىّ ٱلأمّىّ ٱلَّذِى يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَكَلِمَـٰتِهِ وَٱتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [الأعراف:158].
فوجدهم يعبدون آلهة شتى، منهم من يعبد الأشجار، ومنهم من يعبد الأحجار، والشمس والقمر والملائكة، والجن وعيسى بن مريم عليه السلام، والقبور والأولياء، فيدعونهم من دون الله، ويستغيثون بهم، ويلجؤون إليهم في كشف الشدائد والكربات، ويرغبون إليهم في جلب النفع والخيرات، ويذبحون لهم، وينذرون لهم، ويجعلونهم وسائط يقربونهم إلى الله، ليرفعوا دعاءهم إلى الرب جل وعلا. ووجد الرسول الناس يتحاكمون إلى الكهان والسحرة والعرافين، ويغشون الفواحش والمحرمات، ويسيئون الجوار، ويقطعون الأرحام، ويكسبون الأموال لا يبالون بالحلال أو الحرام، الربا والبيع عندهم سواء، والغصب والميراث قرناء، وتأسس على هذا الدين الجاهلي مصالح ومنافع، واعتبارات مادية ومعنوية، وتراكمت عليه عادات وأعراف، يشق على النفوس الفطامُ عنها، والتخلي عن عوائدها. فجاء رسول الله بدعوة الناس إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، بكل ما تضمنته هذه الشهادة من معنى، بإفراد الله وحده بالدعاء والذبح والنذر والاستعانة والاستعاذة وطلب النفع ودفع الضر والطواف والسجود ونحو ذلك من أنواع العبادة التي هي حق الله وحده، قال الله تعالى: وَأَنَّ ٱلْمَسَـٰجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُواْ مَعَ ٱللَّهِ أَحَداً [الجن:18]، وقال تعالى: قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً [الأنعام:151]، وإفراد الرسول بالاتباع، قال تعالى: وَمَا ءاتَـٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَـٰكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُواْ [الحشر:7].
جاء نبي الرحمة يدعو الناس إلى العفاف والطهر والخلق الكريم والاستقامة وصلة الأرحام وحسن الجوار والكف عن المظالم والمحارم، ويدعوهم إلى التحاكم إلى الكتاب العزيز، لا إلى الكهان وأمر الجاهلية، وكسب المال من وجوه الحلال، وإنفاقه في الطرق المشروعة والمباحة، وجعل الناس كلهم أمام شريعة الله سواء، يتفاضلون بالتقوى، قال الله تعالى: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبّيَ ٱلْفَوٰحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَٱلإِثْمَ وَٱلْبَغْىَ بِغَيْرِ ٱلْحَقّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزّلْ بِهِ سُلْطَـٰناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ [الأعراف:33]، وقال تعالى: إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَٱلإْحْسَانِ وَإِيتَآء ذِى ٱلْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَاء وَٱلْمُنْكَرِ وَٱلْبَغْى يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ .[النحل:90].
وروى ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما مرض أبو طالب، دخل عليه مشيخة من قريش فيهم أبو جهل فقالوا: إن ابن أخيك يشتم آلهتنا، ويفعل ويفعل، ويقول ويقول، فأنصفنا من ابن أخيك، فليكف عن شتم آلهتنا وندعه وإلهه، فقال أبو طالب: يا ابن أخي، ما بال قومك يشكونك، ويزعمون أنك تشتم آلهتهم؟! قال: ((يا عم، أريد أن يقولوا كلمة تدين لهم بها العرب، وتؤدي لهم بها العجم الجزية))، فقال أبو جهل: نقولها وعشراً، فقال عليه الصلاة والسلام: ((قولوا: لا إله إلا الله)) ففزعوا. وولوا مدبرين، وهم ينفضون ثيابهم، ويقولون: أَجَعَلَ ٱلآلِهَةَ إِلَـٰهاً وٰحِداً إِنَّ هَـٰذَا لَشَىْء عُجَابٌ اخرجه احمد والترمذي وابن حبان.
فقد عرفوا مدلول هذه الكلمة، وأنها تصوغ الإنسان صياغة جديدة على مقتضى الإسلام في عبادته ومعاملاته وسلوكه وحياته كلها، كما يدل على ذلك قوله تعالى: قُلْ إِنَّ صَلاَتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاىَ وَمَمَاتِى للَّهِ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْمُسْلِمِينَ [الأنعام:161، 162]، فهذا معنى لا إله إلا الله الذي نفر منه المشركون.
دعا رسول الله الناس كلَّهم إلى هذا المعنى العظيم، وقام بهذا الواجب الكبير، الذي هو أكبر واجبٍ في تاريخ البشرية كلها، دعا إلى دين قويم يرقى به الإنسان إلى أعلى المنازل، ويسعد به في الآخرة سعادةً أبدية في النعيم المقيم، فاستجاب له القلة المؤمنة المستضعفة في مكة، فأذاقهم المشركون أنواع العذاب، كالحرق بالنار، وتقليب العريان في شدة الرمضاء.
ووقف في وجه دعوة رسول الله ثلاثة أنواع من الناس: المستكبرون الجاحدون العالمون بالحق، والحاسدون المحترقون، والجهال الضالون. وكوّن هذا الثالوث جبهة عنيدة وحزباً شيطانياً لا يترك من سبيل ولا وسيلة إلا سلكها للصد عن سبيل الله، يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوٰهِهِمْ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَـٰفِرُونَ [الصف:8].
واشتد الكرب في مكة، وضيّق الخناق على الدين الإسلامي، وائتمر المشركون بمكة أن يقتلوا رسول الله ، فقال جبريل عليه السلام: ((إن الله أذن لك يا محمد بالهجرة إلى المدينة، فلا تبت هذه الليلة في فراشك))

وفي هذه الجمعة وهي اليوم الأول في هذه السنة تظلّنا هذه الأيام ذكرى حادثة عظيمة من حوادث وأحداث تاريخنا الإسلامي، هذه الحادثة كانت إيذانا بعهد جديدٍ وتحوّل مهمّ في تاريخ الدعوة الإسلامية، تلكم هي هجرة رسول الله من مكة بيت الله الحرام إلى المدينة دار الهجرة، هذا الحدث يمثل أهمّ حدث من أحداث التاريخ الإسلامي، به بدأ بناء الدولة الإسلامية وبناء الأمة التي تعبد الله وحده لا شريك له وتبلّغ دينه الحنيف إلى كل الناس، هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا [الفتح:28].
تجدُّد هذه الذكرى ـ عباد الله ـ يزيد في أعمارنا عامًا كلّما تكرر، ويذكرنا بانصرام الأيام ويبيَّن لكل مسلم أن حياته على هذه الأرض محدودة وأن كل يوم يمضي يقرب الإنسان من نهايته وأجله، فهذه أول عبرة من عبر مرور الأيام وتجدد ذكريات الأحداث، فما من مظهر من مظاهر الزمان والمكان إلا هو آية وعبرة للإنسان: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُِوْلِي الألْبَابِ [آل عمران:190].
جاءت هجرة رسول الله بعد الرسالة بثلاثة عشر عاما، بعد أن أمضى رسول الله هذه المدة وهو يجاهد من أجل إبلاغ دين الله سبحانه ومن أجل أن يهدي قومه والناس إلى طريق الله سبحانه صابرا محتسبا، يؤذى في سبيل الله ويرى أصحابه يؤذون ويعذَّبون ويقتلون ولا يزداد مع ذلك إلا صبرا ويقينا وطاعة لله سبحانه، وقد جاء الأمر بالهجرة إلى يثرب بعد أن بايع سكانها الأوس والخزرج رسول الله على الإيمان وعلى حمايته مما يحمون منه أنفسهم وأهليهم وكان ذلك حين جاؤوا مكة حاجين فكانت هذه البيعة مقدمة للهجرة المباركة.
خرج رسول الله إلى المدينة مهاجرا إلى ربه وقد وعد الله من هاجر إليه أجرا عظيما، يقول سبحانه: وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْت فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا [النساء:100]. خرج إلى الهجرة بعد أن أعدت قريش العدة لقتله أو حبسه أو طرده، ولكن مكرهم عاد عليهم لأن هذا المكر لن يحيق بمن يرعاه الله ويؤيده ويسدده: إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُون [آل عمران:160]. أعدت قريش العدة لقتل رسول الله عن طريق عدد من شباب قبائلها حتى يتفرّق دمه بين القبائل، ولكن جبار السموات والأرض أبطل سحرهم ورد كيدهم إلى نحورهم، يقول سبحانه: وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ [الأنفال:30].
فتوجه الحبيب إلى حبيبه أبي بكر الصديق رضي الله عنه ليخبره بأمر الهجرة، فما إن سمع الصديق بأمر الهجرة حتى كان همه الوحيد والكلمة الوحيدة التي قالها: (الصحبة يا رسول الله). عن عائشة أن رسول الله جاء إلى بيت أبي بكر في ذلك اليوم ظهرا على غير عادته، فلما دخل على أبي بكر قال: ((أخرج من عندك))، قال: يا رسول الله، إنما هما ابنتاي، يعني عائشة وأسماء، قال: ((أشعرت أنه قد أذن لي في الخروج؟)) قال: الصحبة يا رسول الله؟ قال: ((الصحبة))، قال: يا رسول الله، إن عندي ناقتين أعددتهما للخروج، فخذ إحداهما، قال: ((قد أخذتها بالثمن)) أخرجه البخاري.
هكذا كان شغف الصديق بنصرة الدين: (الصحبة يا رسول الله)، وهذا هو طلبه: الصحبة، وهي ـ عباد الله ـ ليست صحبة رجل ذا ثراء وأموال، وليست صحبة رجل ذاهب في نزهة، وليست صحبة رجل يسافر إلى دولة يترفه فيها ويتنعم، وليست صحبة رجل له موكب وحاشية وخدم وحشم، إنها صحبة رجل مطارد مطلوب رأسه، فعلام يحرص الصديق على هذه الصحبة ويفرح ويفتخر بها؟! إنه الإيمان الذي تميز به صديق هذه الأمة رضي الله عنه، والذي جعله يُسخِّر نفسه وأهله وماله من أجل الدعوة ومن أجل الهجرة، فقد عرض نفسه لمصاحبة وخدمة وحماية رسول الله في الهجرة، وأنفق ماله في إعداد العدة لذلك وفي استئجار الدليل، وعرَّض ابنه عبد الله للخطر حيث كان يمسي عندهما عندما كانا في الغار ويصبح عند قريش يتسقط الأخبار، وكان مولاه عامر بن فهيرة يسرح بغنمه عند الغار ليسقيهم من لبنها، وكذلك فعلت أسماء التي حفظت السر والتي شقت نطاقها لتضع فيه طعامهما فسميت ذات النطاقين، فكانت عائلة الصديق كلها مجندة في سبيل الله وخادمة لرسول الله .
لقد هاجر رسول الله من أجل الدين لا من أجل الدنيا، فقد بقي في مكة طيلة هذه المدة رغم الأذى الذي يتعرض له هو وأصحابه، لأنه كان يسير بأمر الله سبحانه، وكان يريد أن يبلغ دين الله سبحانه وأن يهدي البشرية إلى طريق السعادة الأبدية، يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا [الأحزاب:45، 46]. هاجر من أجل الله ومن أجل الدعوة إلى الله سبحانه، وكذلك هاجر أصحابه رضوان الله عليهم من أجل دينهم ومن أجل المحافظة على دينهم لا من أجل الدنيا، بل إنهم تركوا الدنيا في مكة، فمنهم من هاجر وترك ماله، ومنهم من هاجر وترك بيته ومتاعه؛ لأنهم لما نظروا إلى المال وإلى الدين وجدوا أن ضياع المال يُعوَّض، ولكن ضياع الدين لا يعوّض أبدا، وجدوا أن كسر المال والبيت والأهل يُجبر، أما كسر الدين فإنه لا يُجبر.
وكل كسر فإن الدين يجبره وما لكسر قناة الدين جبران
والهجرة إلى المدينة تعتبر ثالث هجرة بالنسبة لأصحاب الرسول ، فقد هاجروا قبلها إلى الحبشة مرتين، وركبوا البحر وصارعوا الأمواج وتعرضوا للأخطار من أجل دينهم، وها هم يتركون مكة موطنهم وموطن آبائهم ومرتع طفولتهم وصباهم إلى المدينة استجابة لأمر الله سبحانه وأمر رسوله .
أمضى في غار ثور ثلاث ليال هو وصاحبه أبو بكر ينتظران أن يخفّ عنهما الطلب حتى يخرجا إلى المدينة، وكانت قريش تبحث عنهما في جنون وتبعث بعيونها في كل مكان وتجعل الأموال الطائلة لمن يأتيها بمحمد ، وقد وصل كفار قريش إلى الغار الذي يختبئ فيه رسول الله وصاحبه، ولكن الله سبحانه صرفهم عنه وردهم خائبين، يقول أبو بكر كما في صحيح البخاري: قلت للنبي وأنا في الغار: لو أنّ أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا، فقال: (ما ظنك ـ يا أبا بكر ـ باثنين الله ثالثهما؟!). إذا كان الإنسان في معية الله وفي عناية الله وإذا أيّد الله عبده ونصره فإن الكون كل الكون لن يضره بشيء إلا بشيء قد كتبه الله عليه، ((ما ظنك ـ يا أبا بكر ـ باثنين الله ثالثهما؟!)).
هكذا ـ عباد الله ـ لا يخاف العبد إذا أيقن أن الله معه، وهكذا يكون مسددا موفقا في كل ما يقدم عليه إذا كان مراعيا لمرضاة الله عز وجل، إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيم [التوبة:40].
لقد كانت الهجرة نتيجة صبر ثلاثة عشر عاما من الخوف والجوع والحصار والأذى، فكانت الثمرة على قدر التعب وعلى قدر الصبر، وهكذا هذا الدين لا يعطي ثمرته إلا لمن صبر وثابر، أما من استعجل النتائج فإنه يُحرَم وهذه سنّة كونية: "من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه"، فدولة المدينة التي شعّ منها النور إلى كلّ الأرض كانت نتيجة لصبر مكّة، ورسول الله الذي خرج من مكة سرّا والناس يبحثون عنه وكانوا في المدينة كل يوم يخرجون الشيوخ والشباب والأطفال من الصبح حتى الظهيرة ينتظرون المقدم الميمون ينتظرون اعظم موكب عرفته الأرض فيعودون وقد احرقتهم الشمس ويخرجون من بعد العصر الى غروب الشمس دخل المدينة في احتفال عظيم يحفّ به الناس من كلّ جانب، كلّ منهم يطلب منه أن ينزل عنده، وتحقق للنبي ولأصحابه قول الله تعالى ووعده لعباده الصالحين: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا [النور:55].
وها هي الدعوة التي انطلقت من رجل فقير من قريش هو رسول الله ، معه رهط يسير ممن سبقوا إلى التصديق والإيمان أكثرهم من الضعفاء والموالي، ها هي يحملها اليوم أكثر من مليار إنسان في كافة أنحاء الدنيا، وها هو الإسلام يدخل كل بيت، ونداء الحق يرتفع في كل مكان، يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ [الصف:8، 9]، يقول : ((ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز أو ذل ذليل، عزا يعز الله به الإسلام، وذلا يذل الله به الكفر)) أخرجه أحمد عن تميم الداري.
هذا وعد صادق من الله لرسوله، ووعد صادق من الله لأمة رسوله ولكل من سار على هدي رسوله سير السلف الصالح دون تبديل ولا تغيير ولا زيادة ولا نقصان، فاتقوا الله عباد الله، واحرصوا على أن تكونوا ممن ينصر الله بكم الدين في هذا الزمن الذي كثرت فيه الفتن، أسأل الله أن يوفقنا لمرضاته، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه يغفر لكم، إنه هو الغفور الرحيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، أحمده سبحانه حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، وأصلي وأسلم صلاة وسلاما دائمين متلازمين على أفضل خلقه وخيرة رسله محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
لقد كانت الهجرة النبوية كما أسلفنا حدَثا عظيما من أحداث تاريخ هذه الأمة، وكانت محطّة مهمّة من محطات مسيرة الدعوة الإسلامية، فلا بد للأمة التي تريد الرفعة في الدنيا والرفعة في الآخرة والتي تريد هداية الناس إلى الحق والخير، لا بد لها أن تستخلص من حادث الهجرة الدروس الكافية الكفيلة بأن تخرج الأمة من هذه الوهدة التي سقطت فيها وتعيدها إلى صدارة الأحداث، تعيدها إلى صناعة التاريخ، تعيدها إلى موقع الفعل، فتكون فاعلة منفعلة كما كانت أيام النبي وأيام الصحابة والسلف الصالح، بدل أن تكون مفعولا بها على الدوام مقهورة ومغلوبة على أمرها كما هي طيلة القرون المتأخرة.
في الهجرة دروس في الامتثال لأمر الله ودروس في الإيمان واليقين ودروس في التخطيط وعدم التسرع ودروس في التضحية والإيثار ودروس في الحكمة وحسن التصرف، كل هذا وغيره ينبغي أن نستنبطه من أحداث الهجرة؛ لأن كل جوانب سيرة رسول الله وسيرة أصحابه هي منار للأمة وعبرة وتوجيه على الأمة أن تعمل به، يقول سبحانه: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا [الأحزاب:21]، ويقول سبحانه موجّها الأمة إلى الاعتبار بقصص الأمم السابقة وقصص الأنبياء عليهم السلام: لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُِوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُون [يوسف:111]، فإذا سارت الأمة بهدي هذا النهج وهذه السيرة العطرة وبسيرة السابقين نالت العزّ في الدنيا والآخرة وإذا فرّطت انفرطت وضاعت.
واعلموا ـ عباد الله ـ أنه كما هاجر الصحابة من أرض مكة إلى أرض المدينة امتثالا لأمر الله فإنهم هاجروا قبل ذلك هجرة لا تقلّ أهمية عن هذه الهجرة حيث هاجروا من الكفر إلى الإيمان ومن المعصية إلى الطاعة، فهذه أيضا هجرة مهمة ينبغي لكل مسلم أن يهاجرها إن كان صادقا في التوجه إلى الله، ينبغي أن يترك معاصي الله سبحانه ومساخطه ويسعى إلى حياض الطاعة والنور، ينبغي أن يهجر كل ما نهى الله عنه حتى يكون مهاجرا إلى الله سبحانه، أخرج ابن ماجة عن فضالة بن عبيد أن رسول الله قال: ((المؤمن من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب))، فهل فكّرنا في هذه الهجرة التي لا تتطلب مالا ولا سفرا ولا تعرضا لخطر، بل تتطلب عزما وحزما، وتتطلب صدقا وإخلاصا في التوجه إلى الله سبحانه وفي نصرة دينه وإقامة شرعه؟!
أسأل الله سبحانه أن يوفقنا إلى صالح الأقوال والأفعال، وأن يجنبنا مواطن الزيغ والضلال، وأن ينصرنا بدينه وينصر بنا دينه
__________________


التعديل الأخير تم بواسطة المناضل السليماني ; 18-12-2009 الساعة 09:09 AM
المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 24-12-2009, 01:11 AM
  #135
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت

موسى وفرعون وفضل عاشوراء

الخطبة الاولى

الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون، ولا يحصي نعماءه العادون، ولا يؤدي حقه المجتهدون، المعروف من غير رؤية، والخالق بلا حاجة، والمميت بلا مخافة، والباعث بلا مشقة، فطر الخلائق بقدرته، ونشر الرياح برحمته، مبدئ الخلق ووارثه، وإله الخلق ورازقهم، لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله: البشير النذير والسراج المنير، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على طريقهم واتبع نهجهم إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً. أما بعــد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله فإنها وصية الله إلى عباده. {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران:102]. {يَـأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ وٰحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِى تَسَاءلُونَ بِهِ وَٱلأَرْحَامَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء:1]. {يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَـٰلَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب:70-71].
أما بعد:
يقول الله تعالى: لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثًا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه ويقول الله عز وجل: فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين إن إهلاك الظالمين نعمة من نعم الله تبارك وتعالى ينبغي لعباده المؤمنين أن يشكروا الله تعالى على هذه النعمة, ونحن مقبلون على يوم من هذا الشهر الحرام يوم عظيم نجى الله فيه فريقًا من المؤمنين وأنجاهم من الظالمين, فبدأ المؤمنون يشكرون الله عز وجل من ذلك الزمان على هذه النعمة التي أنعمها الله عز وجل على الثلة المؤمنة, وذلك أن فرعون لما بغى في الأرض وعلا وجعل أهلها شيعًا يستضعف طائفة منهم يستضعف بني إسرائيل وهم الشعب الذين هم من سلالة يعقوب بن إسحاق بن خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام, جعل أهلها شيعًا يستضعفهم في الأرض, فأذلهم وسخرهم لمهن رخيصة, ولمّا رأى رؤيا ـ كما قال المفسرون ـ رأى رؤيا أنه من بني إسرائيل سيخرج رجل ويورثه الله عز وجل مكان فرعون, أخذ يقتل أبناءهم ويستحي نساءهم كما قال الله جل وعلا: جعل أهلها شيعًا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحي نساءهم فكان في ذلك مسرفًا.
فبعث الله عز وجل موسى عليه السلام, وضعته الأم فأشفقت عليه, فأوحى الله عز وجل إليها أن اجعليه في التابوت ثم ألقيه في اليم, فذهب به اليم إلى قصر فرعون فألقى الله محبته في قلب امرأة فرعون فأحبته حبًا شديدًا فقالت: قرة عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدًا .
وسخر الله عز وجل له ذلك الظالم لكي يتبناه فرُبيّ في بيته, فكان يركب ما يركب فرعون ويلبس مما يلبس, بعد أن بلغ أشده واستوى آتاه الله ـ وهو في طريقه إلى مصر من مدين ـ النبوة فأوحى الله عز وجل إليه بالرسالة وأمره أن يذهب إلى فرعون لكي يذكره لعله يتذكر أو يخشى, يتذكر فيحذر من عقاب الله تعالى, فيخشى: فيورثه خشية وطاعة وإخباتًا لله عز وجل, فقال له الله عز وجل: فقولا له قولاً لينًا لعله يتذكر أو يخشى قالا ربنا إنا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى .
فأتاه موسى عليه السلام وأخوه هارون فقالا له قولاً لينًا, فأبى واستكبر وعاند, ووسم موسى عليه السلام بالسحر والشعوذة, وأمر السحرة أن يلتقوا معه في يوم الزينة فنصر الله عز وجل موسى عليه السلام وسجد السحرة لرب هارون وموسى, وأنزل الله عز وجل على يد موسى الآيات البينات وحذر موسى فرعون من مغبة ما هو فيه وقومه, فقال فيهم الله عز وجل وعنهم: فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقُمَّل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قومًا مجرمين .
بعد ذلك أوحى الله سبحانه وتعالى لموسى عليه السلام بأن يخرج بني إسرائيل من أرض مصر في ليلة كما قال الله عز وجل ـ في سورة الشعراء ـ: وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي ليلاً إنكم متبعون وفرعون علم بخروج بني إسرائيل خلسة فأرسل في المدائن حاشرين, أرسل في مدائن مملكته حاشرين للناس والجنود ولماذا يحشرون عددًا كبيرًا وفيهم رجل يزعم بأنه إله؟ إذ قال أنا ربكم الأعلى, فقال معللاً: إن هؤلاء لشرذمة قليلون وإنهم لنا لغائظون قالها معللاً: أي ما حشدنا هذا العدد وما جمعنا هذا الجمع إلا لأنهم قد أبلغونا مبلغًا كبيرًا من الغيظ وإنهم لنا لغائظون وإنا لجميعٌ حاذرون أي كنا على حذر مما يفعلون, فأخرجهم الله عز وجل مما كانوا فيه, فخرجوا في وقت الإشراق.
قال ابن عباس رضي الله عنهما ـ في تفسيره لسعيد بن جبير في قوله تعالى: وفتناك فتونًا ـ في قصة الفتون ـ القصة موقوفة عليه رضي الله عنه كما قال ذلك ابن كثير ونقله عن أبي الحجاج المزي رحمهما الله تعالى ـ قال ابن عباس: فأوحى الله عز وجل إلى موسى أن يخرج بقومه ليلاً, فلما أصبح فرعون أرسل في المدائن حاشرين, فجمع الجنود فخرجوا إلى موسى وقومه, فجاء موسى عليه السلام والبحر من أمامه فأدركه فرعون بجنوده فلما رأى قوم موسى هذا قالوا: إنا لمدركون, قالوا: يا موسى إنّا لمدركون؛ البحر من أمامهم وفرعون من خلفهم, إنا لمدركون أي سيدركنا فرعون وذلك بعد أن تراءى الجمعان كما قال الله عز وجل: فلما تراءى الجمعان جمع موسى وجمع فرعون وجنوده, فلما تراءى الجمعان , أي رأى بعضهما بعضًا قال أصحاب موسى إنا لمدركون فقال موسى عليه السلام: كلا بكل توكيد وثقة "كلا" لسنا بمدركين, "كلا" لسنا بمفتنين, "كلا" لسنا بمن سيكون في أيدي هؤلاء الظالمين.
ولماذا قال: كلا بهذه الثقة وبهذه الطمأنينة؟ إن العلة في ذلك إن معي ربي سيهدين فأوحى الله سبحانه وتعالى إليه: فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم إن السنة التي أجراها الله عز وجل للماء لكي تسير على اليابسة في لحظة من اللحظات, بقدرته تعالى يتحول هذا الماء ليصبح كالجبل الشامخ, وتصبح الأرض التي كان فيها الماء طريقًا يبسًا وكأن الماء ما مسته يومًا وفي قوله تعالى: فأوحينا إلى موسى فيه أن هذا الأمر كان عند لقائه بفرعون.
وفي حديث الفتون, قال ابن عباس رضي الله عنهما: "وكان الله عز وجل قد أوحى إلى موسى عليه السلام ـ أي قبل أن يخرج ببني إسرائيل ـ أن اضرب بعصاك البحر وقال للبحر إذا ضربك عبدي موسى فانفلق فرقتين, فلما قدم موسى إلى البحر نسي أن يضرب بعصاه البحر فقال له أصحابه: إن الله عز وجل لم يكذب ولم تكذب, فقال موسى: إن الله وعدني أني إذا أتيت البحر انفلق فرقتين ثم تذكر عليه السلام أمر الله عز وجل إياه بضرب البحر بالعصا, فضربه فانفلق فرقتين" هذا ما ذكره ابن عباس رضي الله عنه.
ولما رأى فرعون ذلك الأمر دخل بجنوده في الطريق اليبس بعد أن دخل موسى وقومه, فلما اجتازوا البحر وأصبح قوم فرعون في سواء الطريق اليبس أطبق الله تعالى عليهم البحر وأعاد سنة الماء في ذلك للماء فأغرقهم الله تعالى في ذلك المكان, فقال الله عز وجل عنه ـ أي عن موسى ـ: ثم أزلفنا الآخرين وأنجينا موسى ومن معه أجمعين ثم أغرقنا الآخرين إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين إن في هذا الحدث الذي حدث لآية على مر القرون وإن قوم موسى طلبوا من موسى أن يريهم فرعون فأخرجه الله عز وجل فقال سبحانه وتعالى: فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرًا من الناس عن آياتنا لغافلون , ففي هذا الحدث آية على مر القرون ولكن أكثرهم لا يعلمون؛ ولهذا الله عز وجل قال: إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الحكيم وكانت هي آخر خرجة من خرجات هذا الظالم من بلده, قال سبحانه وتعالى: فأخرجناهم من جنات وعيون وزروع ومقام كريم كذلك وأورثناها بني إسرائيل , وقال في سورة الدخان: فأخرجناهم من جنات وعيون وزروع ومقام كريم ونعمة كانوا فيها فاكهين كذلك وأورثناها قومًا آخرين فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين , وقال تعالى ممتنًا على بني إسرائيل: ولقد نجينا بني إسرائيل من العذاب المهين من فرعون إنه كان عاليًا من المسرفين ولقد اخترناهم على علم على العالمين .
فماذا كان موقف كليم الله موسى بن عمران من هذه النعمة؟ صام موسى عليه السلام هذا اليوم شكرًا لله تعالى في العاشر من محرم, صامه شكرًا لله سبحانه وتعالى فيأتي الرسول حين يقدم المدينة كما ورد ذلك في الصحيحين في حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله لمّا قدم المدينة وجد يهودًا تصوم عاشوراء فقال رسول الله : ((ما هذا؟)) فقالوا: هو يوم صالح نجى الله فيه موسى وبني إسرائيل وأغرق فيه فرعون وقومه, فقال النبي : ((نحن أحق بموسى منكم)) فصامه وأمر بصيامه, وذلك قبل فرض رمضان, فلما فرض رمضان قال عليه الصلاة والسلام: ((من شاء صامه, ومن شاء تركه)).
وفي قوله : ((نحن أحق بموسى منكم)) كلام صائب صحيح؛ فالرسول عليه الصلاة والسلام أقرب إلى موسى من هؤلاء اليهود الذين كفروا برسالة محمد وكذبوا رسولهم كذلك موسى, فالرسول عليه الصلاة والسلام في قوله: ((نحن أحق بموسى منكم)) صدق؛ إذ هو عليه الصلاة والسلام رسول الله وكليمه كما أن موسى عليه السلام رسول الله عز وجل كليمه كذلك فهو عليه الصلاة والسلام يفرح لفرح موسى وصدق الله عز وجل: فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين أي ينبغي أن يُحمد الله تعالى عند إهلاكه للظالمين فهي نعمة من نعمه تعالى.
فأسأل الله عز وجل أن ينفعنا بالقرآن العظيم وبسنة سيد المرسلين إنه هو القادر على ذلك, وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين, ولا عدوان إلا على الظالمين, والصلاة والسلام على البشير النذير المبعوث رحمة للعالمين من بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وتركها على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
إن لموسى عليه السلام فضيلة على أمة محمد عليه الصلاة والسلام, ولذلك لا تعجب أيضًا عند قوله : ((نحن أحق بموسى منكم)) فثبت في صحيح البخاري في كتاب الصلاة في قصة الإسراء الطويلة من حديث أبي بكر بن حزم, وأنس بن مالك رضي الله عنهما أن الرسول قال في قصة الإسراء: ((ففرض الله عز وجل على أمتي خمسين صلاة فنزلت على موسى عليه السلام فقال: ما فرض الله تعالى عليك؟ فقلت: خمسون صلاة, فقال: ارجع إلى ربك فسله التخفيف, فإن أمتك لا تطيق, قال: فرجعت إلى ربي فسألته فأنزل شطرها فرجعت إلى موسى فقال: ما فعل؟ قال: أنزل شطرها ـ أي أنزل الله شطرها فجعلها خمسًا وعشرين صلاة ـ فقال له موسى: ارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق ـ رأفةً على أمة محمد عليه الصلاة والسلام فإنه جَرّب بني إسرائيل ووجد بأنهم لم يتحملوا ما أوجب الله عليهم من التكاليف ـ فقال : ارجع, فرجع النبي فأنزل الله عز وجل شطرها, فرجع إلى موسى, فقال: ارجع فإن أمتك لا تطيق, فرجع مرة أخرى, فقال الله عز وجل: خمس وهي خمسون ـ أي جعلتها خمسًا, وفي أجرها بخمسين صلاة ـ لا يبدل القول لدي, فرجع النبي إلى موسى بن عمران فقال: ارجع إلى ربك فسله التخفيف, فقال النبي : ((استحييت من ربي)).
هكذا فإن الله سبحانه وتعالى قد خفف على أمة محمد عدد الصلوات وجعل موسى عليه السلام سببًا في ذلك, فله أيضًا فضل على أمة النبي عليه الصلاة والسلام, فصدق النبي عليه الصلاة والسلام إذ قال: ((نحق أحق بموسى منكم)) وهكذا المسلمون كالجسد الواحد ينظر بعضهم إلى آلام بعض, إذا اشتكى منهم عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى, فالرسول يفرح لفرح موسى فيصوم يوم عاشوراء.
ومن قبيل هذا قوله والحديث عند البخاري في صحيحه وكذاك مسلم من حديث سعيد بن المسيب عن أم شريك رضي الله عنها أن الرسول أمر بقتل الوزغ وقال : ((إنه كان ينفخ على إبراهيم عليه السلام)), وفي رواية للإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها, أن النبي قال: ((اقتلوا الأوزاغ ـ جمع وزغ ـ فإنه كان ينفخ النار على إبراهيم عليه السلام)), وفي رواية ثالثة: أن امرأة دخلت على عائشة رضي الله عنها فوجدت عندها حربة فقالت: ما هذا؟ قالت عائشة رضي الله عنها: نقتل به الأوزاغ فإن النبي قال: ((إنه كان ينفخ على إبراهيم عليه السلام النار)).
هكذا يا سبحان الله, يا سبحان الله, الرسول عدو لمن عادى إبراهيم عليه السلام.

صلوا على من امركم الله بالصلاة والسلام عليه الدعاء لا تنسى ان تدعوا على الحوثيين
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 29-12-2009, 02:57 PM
  #136
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت

الخطبة الأولى

هذه الخطبة عن الكسوف


الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون، ولا يحصي نعماءه العادون، ولا يؤدي حقه المجتهدون، المعروف من غير رؤية، والخالق بلا حاجة، والمميت بلا مخافة، والباعث بلا مشقة، فطر الخلائق بقدرته، ونشر الرياح برحمته، مبدئ الخلق ووارثه، وإله الخلق ورازقهم، لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله: البشير النذير والسراج المنير، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على طريقهم واتبع نهجهم إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً. أما بعــد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله فإنها وصية الله إلى عباده. {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران:102]. {يَـأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ وٰحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِى تَسَاءلُونَ بِهِ وَٱلأَرْحَامَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء:1]. {يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَـٰلَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب:70-71].
أما بعد:
أيها الناس اتقوا الله تعالى، وتفكروا في آياته وما يخلقه في السموات والأرض، فإن في ذلك لآيات لقوم يعقلون، تفكروا في هذه السموات السبع التي رفعها الله بقوّته، وأمسكها بقدرته ورحمته أن تقع على العباد، تفكروا كيف أحكم الله بناءها، فمالها من فروج أي مالها من شقوق، ومالها من فطور أي ليس فيها عيب ولا نقصان.
انظروا كيف زينها الله بالمصابيح التي عمتها بالجمال والنور، وكيف جعل فيها سراجاً وقمراً منيراً، ثم تفكروا كيف كانت هذه النجوم والشمس والقمر تسير بإذن الله في فلكها الذي وضعها الله فيه منذ خلقها الله حتى يأذن بخرابها، لا تنقص عن سيرها ولا تزيد، ولا ترتفع عنه ولا تنزل، ولا تحيد، فسبحان الله، من سيّرها بقدرته ورتب نظامها بحكمته، وهو القوي العزيز.
عباد الله: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله تدل على كمال قدرته وعظيم حكمته وسعة رحمته، فإذا نظرت إلى عظمتهما وانتظام سيرهما أيقنت عند ذلك بقدرة الله، واذا نظرت إلى ما في اختلاف سيرهما من المصالح والمنافع تبيّن لك كمال حكمة الله وسعة رحمته بعباده، ألا وإن من حكمة الله في سير الشمس والقمر ما يحدث فيهما من الكسوف والخسوف وهو ذهاب ضوئهما إما كله أو بعضه، فإن هذا الكسوف وهذا الخصوف يحدث بأمر الله، يخوف الله به عباده ليتوبوا إليه ويستغفروه ويعبدوه ويعظموه.
ولقد كسفت الشمس في عهد النبي فخرج فزعاً خائفاً يجرّ رداءه حتى أتى المسجد ثم نودي: الصلاة جامعة، الصلاة جامعة. فاجتمع الناس، فتقدم النبي فصلى بالناس ركعتين في كل ركعة ركوعان وسجودان، كبر ثم قرأ الفاتحة وسورة طويلة نحو البقرة حتى جعل أصحابه يخرّون من طول القيام ثم ركع فأطال الركوع ثم قال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، ثم قرأ الفاتحة وسورة طويلة دون الأولى ثم ركع ركوعاً طويلاً دون الأول ثم قال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، وأطال القيام ثم سجد فأطال السجود ثم جلس بين السجدتين وأطال ثم سجد فأطال، ثم فعل في الركعة الثانية مثلما فعل في الأولى غير أنه لم يطل بمثل الركعة الأولى حتى انجلت الشمس، وقد سمعه بعض الصحابة يقول في سجوده: ((رب ألم تعدني أن لا تعذّبهم وأنا فيهم، ألم تعدني أن لا تعذبهم وهم يستغفرون)) ثم خطب الناس ووعظهم موعظة بليغة فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهل له سبحانه ثم قال: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة، فافزعوا إلى المساجد، فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه واستغفاره)) وفي رواية: ((فادعوا وتصدقوا وصلوا)) ثم قال: ((يا أمة محمد، والله ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته. يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً)). وقال: ((ما من شيء توعدونه إلا قد رأيته في صلاتي هذه وأوحي إلي أنكم تفتنون في قبوركم مثل أو قريباً من فتنة الدجال)) قالوا يا رسول الله: لقد أريناك تأخرت وتقدمت في مقامك في الصلاة قال: ((لقد رأيت النار جيء بها يحطم بعضها بعضاً فتأخرت مخافة أن يصيبني من لهبها حتى رأيت فيها عمرو بن لحي – الذي سن لقريش عبادة الأصنام – يجر أمعاءه في النار، ورأيت صاحبة الهرة التي ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت جوعاً ورأيت أكثر أهلها النساء – قالوا: لم يا رسول الله قال: لأنهن يكفرن العشير ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئا قالت: ما رأيت منك خيراً قط ورأي الجنة حتى تقدمت في مقامي، فأردت أن أتناول منها عنقوداً ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا)).
فيا أمة محمد إن كسوف الشمس أو القمر لحدث عظيم مخيف، وأكبر دليل على ذلك ما حصل لرسول الله عند كسوف الشمس من الفزع إلى الصلاة، وما حصل له فيها من أحوال ومشاهد، ثم تلك الخطبة البليغة التي خطبها، فعلينا عباد الله أن نفزع ونخاف لحدوث الكسوف وأن نلجأ إلى مساجد الله للصلاة والدعاء والاستغفار، وأن نتصدق لندفع البلاء، وقد أمر النبي بإعتاق الرقاب في كسوف الشمس لأن عتق الرقبة معناه نجاة المعتق من النار، فأسباب البلاء والانتقام عند حدوث الكسوف قد انعقدت والفزع إلى الصلاة والدعاء والتوبة والاستغفار والصدقة وغيرها من أفعال الخير تدفع تلك الأسباب بإذن الله.
فيا أيها الناس: إذا حصل الكسوف كما أخبر بذلك من له علم بحساب جريان الشمس والقمر في أي وقت وفي أية ساعة، فافزعوا إلى الصلاة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك، ولم يحدّد لها وقتاً من الأوقات وإنما وقتها إذا رأيتم الكسوف فلا تصلي إلا إذا شاهدنا ذلك، ولأن صلاة الكسوف هي صلاة فزع ومدافعة بلاء وخوف انتقام العزيز الجبار لدينه ومحارمه.
واعلموا أن السنة أن تصلى جماعة في المساجد كما صلاها النبي صلى الله عليه وسلم وصلى خلفه الرجال والنساء، فإن صلاها الإنسان وحده فلا بأس لكن الأفضل مع الجماعة.
فاللهم إنا نعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك، ونعوذ بك منك لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك، والحمد لله رب العالمين.




الخطبة الثانية
وبعد:
فإن بعض الناس يزعمون أن كسوف الشمس وخسوف القمر وزوال هذه النجوم عن مطالعها وما يحدث أحياناً من تغير يزعمون أن شيئا من هذا يحدث لموت رجال عظماء من أهل الأرض كما حدث أن بعض الناس ظنوا أن كسوف الشمس الذي حدث على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان لأجل موت ولده إبراهيم. ألا إن هؤلاء قد كذبوا، ولكنها آيات من آيات الله تبارك وتعالى يعتبر بها عباده كما قال النبي : ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموه فافزعوا إلى الصلاة)) وبين في رواية أخرى أن كسوف الشمس وخسوف القمر سبب لنزول عذاب الله بالناس فقال: ((ولكنها آيتان من آيات الله يخوف بهما عباده)) فإن الله إنما يخوف عباده بما يخافونه إذا عصوه وعصوا رسله، وإنما يخاف الناس إذا جاءهم ما يضرهم، فلو لم يحصل بالناس ضرر عند الكسوف أو الخسوف ما كان ذلك تخويفاً وقد قال تعالى: وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفاً . وأمر النبي بما يزيل الخوف، أمر بالصلاة والدعاء والاستغفار والصدقة حتى يكشف الله ما بالناس.
وأما العلم بوقت الكسوف والخسوف فهو ممكن إذا أخبر به من يعرف حساب جريان الشمس والقمر ومنازلهما، وليس خبر الحاسب بذلك من باب العلم بالغيب، ولا يترتب على خبره حكم شرعي، فهو كمثل من يعلم أوقات الفصول كأول الربيع والصيف والخريف والشتاء لأنه يعلم أن الشمس تكون قريبة من ذلك النجم، غير أننا لا نصدق الذي يخبر بذلك إلا إذا علمنا أنه صادق، ولا نكذبه إلا إذا علمنا كذبه عملاً بقول النبي : ((إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم، فإما أن يحدثوكم بحق فتكذبوهم، وإما أن يحدثوكم بباطل فتصدقوهم)) ومع هذا فلا يترتب على هذه المسألة علم أو حكم شرعي طالما أننا لا نصلي هذه الصلاة إلا إذا شاهدنا الكسوف وإن الواجب علينا إذا رأينا هذه الآية أن نسارع إلى التوبة إلى الله وأن يراجع كل واحد منا نفسه مع ربه وأن لا نأمن مكر الله فإنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الكافرون.
وأذكركم ثانية ينبغي إذا حصل الكسوف أن نلجأ إلى المسجد للصلاة والدعاء والاستغفار متى رأينا الكسوف، وكلنا خوف وعزيمة على الرجوع إلى دين الله بصدق، ومن كانت له خصومة أو شحناء مع أخيه فليتصارح معه، فإن كل ذلك سبب لرفع البلاء ودفع نقمة الله وغضبه لمحارمه التي انتهكها كثير من الناس دونما خوف ولا حياء. فاللهم لا تؤاخذنا بما فعله السفهاء منا، ولا تسلط علينا بذنوبنا عقابك، واكشف عنا العذاب فإننا مؤمنون. وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
صلوا على من امركم الله بالصلاة والسلام عليه........الدعاء
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 07-01-2010, 10:12 AM
  #137
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت

هذه الخطبة بعنوان والصدقة برهان



الخطبة الأولى:-
الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون، ولا يحصي نعماءه العادون، ولا يؤدي حقه المجتهدون، المعروف من غير رؤية، والخالق بلا حاجة، والمميت بلا مخافة، والباعث بلا مشقة، فطر الخلائق بقدرته، ونشر الرياح برحمته، مبدئ الخلق ووارثه، وإله الخلق ورازقهم، لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله: البشير النذير والسراج المنير، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على طريقهم واتبع نهجهم إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً. أما بعــد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله فإنها وصية الله إلى عباده. {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران:102]. {يَـأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ وٰحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِى تَسَاءلُونَ بِهِ وَٱلأَرْحَامَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء:1]. {يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَـٰلَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب:70-71].
أما بعد:

عباد الله:إتقوا الله تعالى وتذكروا قول الله جل وعلا : ( آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه ) يقول الله سبحانه مادحاً عباده المؤمنين : ( والذين في أموالهم حق معلوم * للسائل والمحروم ) أي : أن في أموالهم نصيباً مقرراً لذوي الحاجات من الناس سواءٌ كان هذا الحق واجباً أو مستحباً.
والسائل: هو الذي يسأل الناس حاجته ويطلبها بنفسه.
والمحروم: هو المتعفف الذي يتعفف عن سؤال الناس ولا يُظهر فاقته إليهم قال صلى الله عليه وسلم : ( ليس المسكين بالطواف الذي ترده اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان ولكن المسكين الذي لا يجد غِنًى يُغْنيه ولا يُفْطَن له فيُتَصَدق عليه ) وفي رواية : ( ولا يسأل الناس شيئاً ) كما قال تعالى: ( يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف ). فالمؤمنون الكُمَّل هم الذين يتفقدون الجميع فيعطون السائل والمحروم.
عباد الله:
إن مال العبد في الحقيقة هو ما قدم لنفسه ليكون له ذخراً بعد موته ، وليس ماله ما جمع فاقتسمه الورثة بعده ، في الصحيح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله ،قالوا يا رسول الله ، ما منا أحد إلا ماله أحب إليه ، قال فإن ماله ما قدم، ومال وارثه ما أخر ).
وفي الترمذي عن عائشة رضي الله عنها ، أنهم ذبحوا شاة فتصدقوا بها سوى كتفها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( بقى كلها غير كتفها ).
عباد الله:
إن الصدقة دليل على إيمان العبد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( والصدقة برهان ) أي دليل وعلامة على صدق الإيمان.
وهي سبب للشفاء والسلامة من الأمراض قبل وقوعها وبعد وقوعها قال صلى الله عليه وسلم داووا مرضاكم بالصدقة ).
وعندما يحشر الناس حفاةً غرلا وتدنو منهم الشمس ويلجمهم العرق يكون المسلم في ظل صدقته قال صلى الله عليه وسلم كل امرئ في ظل صدقته حتى يُفصل بين الناس ).
والصدقة تطفئ غضب الرب سبحانه قال صلى الله عليه وسلم: ( صدقة السر تطفيء غضب الرب ).
وهي سبب لنيل محبة الله عز وجل قال عليه الصلاة والسلام: ( أحب الأعمال الى الله عز و جل سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعا ولأن أمشي مع أخي في حاجه أحب إلي من أن اعتكف في هذا المسجد شهراً ).
وهي سبب لزيادة الرزق ونزول البركات قال الله تعالى: ( يمحق الله الربا ويربي الصدقات ) وقال صلى الله عليه وسلم: ( ما نقص مال من صدقة ).
والصدقة من أعظم أبواب البر والإيمان وذوق حلاوته قال تعالى: ( لن تنالو البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنقوا من شيء فإن الله به عليم )
والصدقة الجارية يبقى ثوابها حتى بعد الموت قال صلى الله عليه وسلم: ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: ـ وذكر منها ـ صدقة جارية )
وهي سبب لإطفاء الخطايا وتكفير الذنوب قال صلى الله عليه وسلم: ( الصوم جنة والصدقة تطفيء الخطيئة كما يطفيء الماء النار ).
وهي حجاب عن النار قال صلى الله عليه وسلم: ( اتقوا النار ولو بشق تمرة )
والصدقة من أفضل صنائع المعروف قال صلى الله عليه وسلم: ( صنائع المعروف تقي مصارع السوء )
فيالها من فضائل يغفل عنها كثير من الناس.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ؛ ونفعني وإيّاكم بما فيه من الآيات والذكّر الحكيم ؛ أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عُدوان إلا على الظالمين
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد:-

عباد الله:
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما من يوم يصبح على العباد إلا وملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفا ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفا ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل: ( ابن آدم: أنفِق أُنْفِق عليك ).
وهذان الحديثان يدلان على فضل النفقة عموماً ولا يختصان بالصدقة.
فيدخل في ذلك: النفقة في الجهاد، وبناء المساجد وترميمها ، وإكرام الضيف ، وإغاثة الملهوف ، وطباعة الكتب ، وقضاء الديون ، وإعانات الزواج ، والنفقة في نشر الدعوة إلى الله ، وعلاج المرضى وغير ذلك.
رجل قابلته قبل اسبوع واخبرني بهذه القصة ويقول ان هذه المرأة في المحافظة التي يسكن بها يقول : عندنا امرأة مريضة بمرض اقعدها فاستقدموا اناؤها لها خادمة لتخدمها فرأت هذه المرأة من الخادمة شيء لفت نظرها وهي ان الخادمة تدخل الحمام اكرمكم الله واكرم هذا المكان فسألتها صاحبت المنزل فقالت لها أنجبت طفلا قبل المجي اليكم فأخبروني بالعمل فتركت ابني وأتيت الى هنا فكلما تذكرت ولدي درت ثدياي بالحليب فأدخل الحمام لأخرج الحليب فبكت هذه المرأة من رحمتها وقالت لأولادها أعطوها من حسابي راتب سنتين واشتروا لها تذاكر وردوها إلى بلدها لتبقى مع ابنها وكانت هذه المرأة تراجع المستشفى فذهبت للمستشفى للكشف قالوا والله لم يبقى للمرض اي أثر
هذا من بركة الصدقة
عباد الله تذكروا قول الله تعالى: ( ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ) وأنفقوا من مال الله الذي بأيديكم وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون.

صلوا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه
اللهم ‏عليك بأعداء الملة واعداء الدين ‏فإنهم ‏لا ‏يعجزونك ‏يا ‏جبار ‏السموات ‏والأرض ‏
اللهم ‏إحصهم ‏عددا ‏واقتلهم ‏بددا ‏ولا ‏تغادر ‏منهم ‏أحدا . ‏وأنزل ‏عليهم ‏عاجل ‏نقمتك ‏اليوم ‏أوغدا‏
اللهم ‏أحزنهم ‏كما ‏أحزنونا ‏وآسفهم ‏كما ‏آسفونا
اللهم ‏يتّـم ‏أطفالهم ‏ورمّـل ‏نساءهم ‏وعقّـم ‏أرحامهم ‏وأرّق ‏نومهم يامن ‏قلت ‏في ‏كتابك ادعوني استجب لكم
‏اللهم ‏آتي‏اليهود والروافض والحوثيين ‏وكل ‏من ‏والاهم ‏ضعفين ‏من ‏العذاب ‏والعنهم ‏لعنا ‏كبيرا ‏بقوتك ‏يا ‏جبار‏
اللهم ‏اجعل ‏بيوتهم ‏عليهم ‏ردما ‏اللهم ‏اجعل ‏قنابلهم ‏عليهم ‏دمدما ‏وعويل ‏نساءنا ‏عليهم ‏همهم
‏اللهم ‏اجعلهم ‏عبرة للمعتبرين اللهم ‏ومن ‏أرادنا وبلادنا ‏والإسلام ‏بخير ‏فوفقه ‏لكل ‏خير
‏ومن‏أرادنا ‏والإسلام ‏بسوء ‏فاقسم ظهره ‏واجعل ‏كيده ‏في ‏نحره ‏ولا ‏تمهله بين ‏يومه ‏وأمسه
اللهم ارسل عليهم حجارة من سجيل و ارمي الرعب و الذعر في قلوبهم
اللهم ابعث عليهم رياح عاتية تقتلع جبروتهم اللهم
اللهم إننا ضعفاء فقونا اللهم اننا فقراء فاغننا اللهم اننا جياع فاطعمنا اللهم اننا ضياع فأونا..
اللهم لاملجا لنا سواك ياحي ياقيوم اللهم دمر اليهود الحاقدين والرافضة المجرمين ومن يؤيدهم وشتت شملهم وأأسر
جنودهم واربك جيشهم ومخططهم آآآآآآآآآآآآآآمين يارب العالمين
عباد الله ان الله يأمر بالعدل والاحسان وإيتاء ذي القربى وينهى الفحشاء والمنكر يعظكم لعلكم تذكرون
__________________


التعديل الأخير تم بواسطة المناضل السليماني ; 07-01-2010 الساعة 10:14 AM
المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 14-01-2010, 11:20 PM
  #138
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت


القدوة في زمن قل فيه القدوات
الخطبة الاولى

الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون، ولا يحصي نعماءه العادون، ولا يؤدي حقه المجتهدون، المعروف من غير رؤية، والخالق بلا حاجة، والمميت بلا مخافة، والباعث بلا مشقة، فطر الخلائق بقدرته، ونشر الرياح برحمته، مبدئ الخلق ووارثه، وإله الخلق ورازقهم، لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله: البشير النذير والسراج المنير، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على طريقهم واتبع نهجهم إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً. أما بعــد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله فإنها وصية الله إلى عباده. {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران:102]. {يَـأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ وٰحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِى تَسَاءلُونَ بِهِ وَٱلأَرْحَامَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء:1]. {يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَـٰلَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب:70-71].
أما بعد:
نقف اليوم مع عَلَمٍ من أعلام التابعين، ومن كبار الفقهاء والعُبَّاد والزُّهَّاد، من أهل الوَرَع والخشية، مع الذي جعل الله له ذكرًا في العالمين، مع الذي نشأ منذ نعومة أظفاره على طاعة الله، وفَطَمَ نفسه منذ حداثته على تقواه، مع أحد خريجي مدرسة الصحابة - رضي الله عنهم - مع من تَتلمذَ على يد سيدنا عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - صاحب رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وقد تعلَّق هذا التابعي بأستاذه تعلُّق الوليد بأمِّه، وأحبَّ الأستاذ تلميذه حبَّ الأب لوحيده، حتى قال له ابن مسعود في ذات يوم: "يا أبا يزيد، لو رآك رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لأحبك، وما رأيتك إلا ذكرت المخبتين".

إنه التابعي الجليل: (الرَّبيع بن خُثَيْم )، والتابعي هو الذي أدرك زمن الصحابة ورآهم ولم يرَ الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم.

وأنا اليوم سأسلِّط الضوء؛ لألتقط صورًا من سيرته العطرة، ونقف معها؛ لنهتدي بها في حياتنا وتعاملنا، فالأمَّة اليوم بحاجة إلى من يحدثها عن سِيَر هولاء الأعلام، أمثال: الرَّبيع بن خُثَيْم؛ لتقتدي بها وترى أصحاب الهِمم العالية والعزيمة الصادقة؛ قال الله – تعالى –: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [سورة يوسف: 111].

الصورة الأولى: الربيع يغض بصره عن الحرام:
إن إطلاق البصر سببٌ لأعظم الفتن، فكم فسد بسبب النظر من عابد! وكم انتكس بسببه من شباب وفتيات كانوا طائعين! وكم وقع بسببه أناس في الزنا والفاحشة، والعياذ بالله!

فالعين مِرآة القلب، فإذا غضَّ العبد بصره، غض القلب شهوته وإرادته، وإذا أطلق العبد بصره، أطلق القلب شهوته وإرادته، ونقش فيه صور تلك المبصَرات، فيشغله ذلك عن الفكر فيما ينفعه في الدار الآخرة.

ولذلك؛ كان السلف الصالح يبالغون في غضِّ البصر؛ حذرًا من فتنته، وخوفًا من الوقوع في عقوبته، فكان الربيع بن خُثَيْم - رحمه الله - يغضُّ بصره، فمرَّ به نسوة، فأطرق - أي: أمال رأسه إلى صدره - حتى ظنَّ النسوة أنه أعمى، فتعوذن بالله من العمى.

وفي ذات يوم قِيلَ له: يا ربيع، لم لا تجلس في الطرقات مع الناس؟ فقال: أنا أخشى ألاَّ أردَّ السلام ولا أغضَّ بصري.

هكذا يبالغ الربيع بالغضِّ، حتى يحافظ على قلبه الذي ربَّاه على الإيمان، فأين شباب اليوم من هذه الخصلة، التي هي غض البصر؟! أين الذين ينظرون إلى النساء المتبرِّجات في الطرقات والأسواق؟! أين الذين ينظرون إلى النساء من خلال الأفلام والمسلسلات والأغاني؟! أين الذين يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله إذ يسترقون النظرات إلى النساء؟!

فهذا درسٌ عظيم من الربيع إلى كلِّ المسلمين، وخاصة الذين يجلسون في الطرقات والأسواق: أن كفُّوا أبصاركم عن النظر إلى الحرام.

الصورة الثانية: الربيع يشتغل بعيوبه عن عيوب الآخرين:
لقد اشتغلَ الربيع بعيوب نفسه، وترك الاشتغال بعيوب الآخرين، وطبَّق في حياته ما قاله الله -تعالى - في كتابه الخالد: {والَّذينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} [المؤمنون: 3]، في ذات يوم قِيلِ له: يا أبا يزيد، ألا تذمُّ الناس؟ فقال: والله ما أنا عن نفسي براضٍ فأذمَّ الناس, إن الناس خافوا الله على ذنوب الناس وأمنوه على ذنوبهم.

نعم والله صدق الربيع، ألا ترون أيها الناس، أننا في مجالسنا نتحدث ونقول: والله نخشى من عذاب الله من أفعال فلان وعلان، ونخاف من عذاب الله من أقوال فلان وفلان، ولكننا ننسى أن نخافَ على أنفسنا من عذاب الله من ذنوبنا وأفعالنا وأقوالنا.

هذا إبراهيم التيمي، قال - وهو يتحدث عن أخلاق الربيع -: "أخبرني من صحب الربيع بن خُثَيْم عشرين سنة: ما سمع منه كلمة تعاب"، الله أكبر.

أيُّ تربية هذه التي كان ينتهجها الربيع مع نفسه، حتى كانت هذه السيطرة على لسانه، فلا يُسمعُ منه كلمة تُعاب مع طول مدة الصُّحبة؟!

جاء رجلٌ إلى الربيع بن خثيم, فاغتاب أخًا له, فقال الربيع بن خثيم: أقاتلت الروم؟ قال: لا، قال: أقاتلت فارس؟ قال: لا، قال: فيَسلَمُ منك فارس والروم، ولا يسلم منك المسلم؟! قُمْ عني.

فهذا درسٌ من الربيع لكلِّ من أطلق العنان للسانه بالتكلم على المسلمين، وبذكر عيوبهم، ليشتغل بعيوب نفسه عن عيوب إخوانه من المسلمين، فطُوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس.
الخطبة الثانية
الصورة الثالثة: الربيع يعفو ويقابل السيئة بالحسنة:
كان الربيع من الرجال الذين ترجموا قول الله – تعالى -: {وَالكَاظِمِينَ الغَيْظَ وَالعَافِينَ عَنِ النَّاسِ} [آل عمران: 134]، في واقع حياتهم، من الذين جرَّدوا نفوسهم من الانتقام والثأر والغضب إلا لله.

في ذات يوم، وبينما هو في المسجد ورجل خلفه، فلمَّا قاموا إلى الصلاة، جعل الرجل يقول له: تقدَّم، ولا يجد الربيع مكانًا أمامه، فرفع الرجل يده وضرب بها عنق الربيع، ولا يعرف أن الذي أمامه هو الربيع بن خُثَيم.

فماذا تظنون من الربيع أن يفعل؟ ضربه هذا الرجل، وأهانه أمام الناس وبدون سبب.

وأنا على يقين أن نفس الربيع في تلك اللحظات دعته للانتقام أمام هذه الإهانة، ولكنه داس على نفسه، وقابلها بعكس ما تريد، أتدرون ماذا فعل؟

التفت الربيع إلى الرجل الذي ضربه، فقال له: رحمك الله، رحمك الله، وإذا بالرجل يبكي بكاءً شديدًا حين عرف الربيع، أرأيتم كيف قابله بهذا الخلق العظيم؟!

وفي ذات يوم اشترى فرسًا بثلاثين ألفًا، فغزا عليها، ثم أرسل غلامه يحتشُّ، وقام يصلي وربط فرسه، فجاء الغلام، فقال: يا ربيع أين فرسك؟ قال: سرقت يا يسار، قال: وأنت تنظر إليها؟ قال: نعم يا يسار، إني كنت أناجي ربي - عز وجل - فلم يشغلني عن مناجاة ربي شيء اللهم إنه سرقني ولم أكن لأسرقه، اللهم إن كان غنيًّا، فاهده، وإن كان فقيرًا، فأغنِه (ثلاث مرات).

سُرِق له فرس، والفرس يعادل في زماننا السيارة الحديثة الغالية الثمن، ومع ذلك دعا له بالخير!

أما في زماننا، فهناك من المسلمين إذا سُرِق حذاؤه من المسجد، أقام الدنيا ولم يقعدها على السارق، ويبدأ يسبُّ ويشتم ويلعن ويدعو عليه بالهلاك! وهناك من يفعل مثلما فعل الربيع. فالربيع من خلال موقفه يخاطب المسلمين، فيقول لهم: اجعلوا قول الله – تعالى -: {وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أحْسَنُ فَإذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [فصلت: 34 - 35]، شعاركم في مواجهة من اعتدى عليكم، وعوِّدوا ألسنتكم على الكلمة الطيبة، فالكلمة الطيبة صدقة.

الصورة الرابعة: الربيع يثبت أمام إغراء النساء:
اسمع إلى هذا الموقف، وهذه القصة، وتدبَّر ما فيها من عِبرة، كان الربيع معروفًا بجماله، كان جميلاً كأشد ما يكون الجمال، حتى إن المرأة إذا نظرت إليه لا تستطيع أن تملك نفسها، وقيل عنه: إنه كان يغطي على جزء من وجهه حتى لا يفتن النساء، ولكن كان مع هذا من أعظم عباد الله خوفًا من الله، وكان عُمره لا يجاوز الثلاثين؛ وكان في بلده فُسَّاق وفُجَّار يتواصون على إفساد الناس، وليسوا في بلد الربيع فقط، بل هم في كل بلد، ثُلَّة تسمى فرقة الصدِّ عن سبيل الله، يهمُّها أن تقودَ شباب الأمة وشيبها ونساءها إلى النار.

تواصوا على إفساد الربيع، فجاؤوا بأجمل امرأة عندهم، وقالوا: هذه ألف دينار، قالت: علام؟ قالوا: على قُبْلة واحدة من الربيع، قالت: ولكم فوق ذلك أن يزني، ثم ذهبت وتعرَّضت له في ساعة خلوة، وأبدت مفاتنها، ووقفت أمامه، فلما رآها صرخ فيها قائلاً: يا أمة الله، كيف بك إذا نزل ملك الموت، فقطع منك حبل الوتين؟! أم كيف بك يوم يسألك منكر ونكير؟! أم كيف بك يوم تقفين بين يدي الربِّ العظيم؟! أم كيف بك إن لم تتوبي يوم تُرمَيْن في الجحيم؟! فصرخت وولَّت هاربة تائبة عابدة عائدة إلى الله - عز وجل- تقوم من ليلها ما تقوم، وتصوم من أيامها ما تصوم، فلقِّبت بعد ذلك بعابدة الكوفة، وكان هؤلاء المفسدون يقولون: أردنا أن تفسد الربيع فأفسدها الربيع علينا؛ {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللهِ} [الأنعام:116].

يا تُرى ما الذي ثبَّت الربيع أمام هذه الفتنة؟ هل هي قلة الشهوة؟ إن الشهوة لعظيمة؛ إذ هو في سن أوج الشهوة وعظمتها - سن الثلاثين - ومع ذلك ما الذي ثبَّته هنا، وما الذي عصمه؟ إنه الإيمان بالله، إنها الخشية من الله تعالى.

الصورة الخامسة: الربيع شديد الخوف من الله:
كان الربيع بن خثيم يتجهَّز لتلك الليلة التي سيفارق فيها أهله وماله، فيروى أنه حفر في بيته حفرة، فكان إذا وجد في قلبه قساوة دخل فيها، وكان يمثل نفسه أنه قد مات وندم وسأل الرجعة، فيقول: {رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ} [المؤمنون : 99 ، 100]، ثم يجيبُ نفسه، فيقول: "قد رجعت يا ربيع"، فيُرى فيه ذلك أيَّامًا؛ أي: يرى فيه العبادة والاجتهاد والخوف والوجل.

وكانت أمُّ الربيع بن خُثَيْم تنادي ابنها الربيع , فتقول: يا بني، يا ربيع، ألا تنام؟ فيقول: يا أمّاه من جنَّ عليه الليل، وهو يخاف البيات، حقَّ له ألاَّ ينام، فلمّا بلغ ورأت ما يلقى من البكاء والسَّهر، نادته، فقالت: يا بني، لعلك قتلت قتيلاً؟ فقال: نعم يا والدة، قد قتلت قتيلاً، قالت: ومن هذا القتيل يا بني حتى تَتحمل على أهله، فيعفون؟ والله لو يعلمون ما تلقى من البكاء، والسَّهر بعد، لرحموك، فيقول: يا والدة، هي نفسي؛ أي: قتلتُ نفسي بالمعاصي.

وهكذا هم طلاب الآخرة في صراع دائم مع أنفسهم التي تدعوهم إلى السوء، ويدعونها للصلاح، تجذبهم بقوة خارج الصراط، ويجذبونها بقوة نحو الصراط.

وقالت ابنةُ الربيع للربيع: يا أبت، لم لا تنام والناس ينامون؟ فقال: إن البيات في النار لا يدع أباك أن ينام.

الصورة السادسة: الربيع محافظ على الصلاة في المسجد:
كان الرَّبيع بعدما سَقَطَ شِقُّه؛ يهادى بين رجلين إلى مسجد قومه، وكان أصحاب عبدالله يقولون: يا أبا يزيد، لقد رخَّص الله لك، لو صليتَ في بيتك، فيقول: إنه كما تقولون، ولكني سمعته ينادي: حي على الفلاح، فمن سمع منكم ينادي: حي على الفلاح، فليجبْه، ولو زحفًا, ولو حَبوًا.

فأين شبابنا وأقوياؤنا الذين تركوا الصلاة في المساجد، ويصلون في بيوتهم، وقد رزقهم الله الصحة والعافية؟!

أين الذين إذا بعد المسجد عن بيوتهم قليلاً، تركوا الصلاة فيه، وأصبحوا يصلون في بيوتهم؟! لا أخالهُم الآن يجدون جوابًا لهذه التساؤلات.

وفي الختام، قيل للربيع بن خُثَيْم: ألا ندعو لك طبيبًا؟ قَالَ: أَنْظِروني، فتفكَّر، ثم قَالَ: {وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا} [الفرقان : 38]، قَالَ: فذكر حرصَهم على الدُّنيا ورغبتهم، فيها، وقال: قد كانت فيهم أطباء، وكان فيهم مَرضَى، فلا أرى المداوي بقي، ولا أرى المداوى، وأُهلِك النّاعتُ والمنعوت، لا حاجة لي فيه.
فنسأل الله أن يعاملنا بعفوه وكرمه، اللهمَّ اغفر لنا وارحمنا، وعافنا واعفُ عنا، اللهم توفَّنا مسلمين، وألحقنا بالصالحين، أقول قولي هذا واستغفر الله.


الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عُدوان إلا على الظالمين
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد:-كم نحن بحاجة في هذا الزمن للأب القدوة والمدرس القدوة والطبيب القدوة والعسكري القدوة والمهندس القدوة والامام القدوة
الذي تراه يمثل هذا الدين في جميع أموره في معاملاته واخلاقه وبيعه وشراءه

صلوا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه اللهم صلي ةسلم وزد وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..................
اللهم ‏عليك بأعداء الملة واعداء الدين ‏فإنهم ‏لا ‏يعجزونك ‏يا ‏جبار ‏السموات ‏والأرض ‏
اللهم ‏إحصهم ‏عددا ‏واقتلهم ‏بددا ‏ولا ‏تغادر ‏منهم ‏أحدا . ‏وأنزل ‏عليهم ‏عاجل ‏نقمتك ‏اليوم ‏أوغدا‏
اللهم ‏أحزنهم ‏كما ‏أحزنونا ‏وآسفهم ‏كما ‏آسفونا
اللهم ‏يتّـم ‏أطفالهم ‏ورمّـل ‏نساءهم ‏وعقّـم ‏أرحامهم ‏وأرّق ‏نومهم يامن ‏قلت ‏في ‏كتابك ادعوني استجب لكم
‏اللهم ‏آتي‏اليهود والروافض والحوثيين ‏وكل ‏من ‏والاهم ‏ضعفين ‏من ‏العذاب ‏والعنهم ‏لعنا ‏كبيرا ‏بقوتك ‏يا ‏جبار‏
اللهم ‏اجعل ‏بيوتهم ‏عليهم ‏ردما ‏اللهم ‏اجعل ‏قنابلهم ‏عليهم ‏دمدما ‏وعويل ‏نساءنا ‏عليهم ‏همهم
‏اللهم ‏اجعلهم ‏عبرة للمعتبرين اللهم ‏ومن ‏أرادنا وبلادنا ‏والإسلام ‏بخير ‏فوفقه ‏لكل ‏خير
‏ومن‏أرادنا ‏والإسلام ‏بسوء ‏فاقسم ظهره ‏واجعل ‏كيده ‏في ‏نحره ‏ولا ‏تمهله بين ‏يومه ‏وأمسه
اللهم ارسل عليهم حجارة من سجيل و ارمي الرعب و الذعر في قلوبهم
اللهم ابعث عليهم رياح عاتية تقتلع جبروتهم اللهم
اللهم إننا ضعفاء فقونا اللهم اننا فقراء فاغننا اللهم اننا جياع فاطعمنا اللهم اننا ضياع فأونا..
اللهم لاملجا لنا سواك ياحي ياقيوم اللهم دمر اليهود الحاقدين والرافضة المجرمين ومن يؤيدهم وشتت شملهم وأأسر
جنودهم واربك جيشهم ومخططهم آآآآآآآآآآآآآآمين يارب العالمين
عباد الله ان الله يأمر بالعدل والاحسان وإيتاء ذي القربى وينهى الفحشاء والمنكر يعظكم لعلكم تذكرون
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 15-01-2010, 11:19 AM
  #139
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت

هذه الخطبة عن اضرار المعاصي


الخطبة الأولى

الحمد لله...............

...
إخوة الإسلام، إن الله جل وعلا لا يأمر إلا بما يتضمَّن كلَّ خير للعباد، وما يحقِّق المصالحَ في المعاش والمعاد. ومن هنا فالذنوبُ والمعاصي من أعظم الأضرار على العباد والبلاد، بل كلّ شرٍّ في الدنيا والآخرة فأساسُه ارتكابُ القبائح والموبقات، وسببُه اجتراحُ المعاصي والسيئات.
الذنوبُ والمعاصي كم أزالت من نعمة، وكم جلبت من نقمة، وكم أحلَّت من مذلّة وبَلية.
معاشرَ المسلمين، للمعاصي من الآثار القبيحة المذمومة ما يعود على الفرد والجماعة، وما يصيب القلبَ والبدن، وما يعمّ الدنيا والآخرة، ما لا يعلمه إلاّ الله جل وعلا. وإن من أضرار الذنوب والآثار السيئة للمعاصي يعود على الناس كافة، ويضرّ بالمجتمعَ عامة.
فمن تلك الأضرار البالغةِ والآثار السيئة أن المعاصي سببٌ لحرمان الأرزاق، وسببٌ لفشوّ الفقر وحرمان البركة فيما أُعطي العباد، جاء في المسند عن النبي : ((إن الرجل ليُحرَم الرزقَ بالذنب يصيبُه)) أخرجه أحمد وابن ماجه والطبراني في الكبير ، والبيهقي من حديث ثوبان رضي الله عنه، وصححه ابن حبان ، والحاكم ، وحسنه العراقي كما في مصباح الزجاجة،]، يقول ابن عباس رضي الله عنهما: (إنّ للحسنة ضياءً في الوجه، ونوراً في القلب، وسَعة في الرزق، وقوَّة في البدن، ومحبةً في قلوب الخلق. وإن للسيئة سواداً في الوجه، وظلمة في القلب، ووهناً في البدن، ونقصاً في الرزق، وبُغضاً في قلوب الخلق) ومدارج المسالكين.
المعاصي والذنوبُ متى تفشَّت في المجتمع تعسَّرت عليه أمورُه، وانغلقت أمامَه السبل، فيجدُ أفرادُه حينئذ أبوابَ الخير والمصالح مسدودةً أمامهم، وطرقَها معسَّرة عليهم، ولا غرو فالله جل وعلا يقول: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً [الطلاق:4].
المعاصي سببٌ لهوان العبد على ربّه وسقوطه من عينه، قال الحسن البصري رحمه الله "هانوا عليه فعصوه، ولو عزُّوا عليه لعصمهم" جامع العلوم والحكم
ومتى هان العبدُ على الله جل وعلا لم يُكرمْه أحد كما قال سبحانه: وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ [الحج:18].
وإن المجتمعَ المسلم متى فشت فيه المعاصي والموبقاتُ وعمّت بين أبنائه الذنوبُ والسيئات كان ذلك سبباً في ذلته وصغاره أمام المخلوقات جميعهاً، ففي مسند أحمد عن النبي : ((وجُعلت الذلة والصغارُ على من خالف أمري)) ابو داوود ، فالعزَّة إنما هي في تحقيق طاعة الله وطاعة رسوله ، مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً [فاطر:10].
لما فُتحت قُبرص بَكى أبو الدرداء رضي الله عنه فقيل له: ما يبكيك في يوم أعزَّ الله فيه الإسلامَ وأهله؟ فقال: (ما أهون الخلق على الله إذا أضاعوا أمره، بينما هي أمة قاهرة ظاهرة لهم الملكُ تركوا أمرَ الله فصاروا إلى ما ترى)الطبراني وابو نعيم في الحلية.
جاء في المسند عن النبي أنه قال: ((يوشك أن تتداعى عليكم الأمم من كلِّ أفق، كما تتداعى الأكلةُ على قصعتها))، قلنا: يا رسول الله، أمن قلة يومئذ؟ قال: ((لا، وأنتم كثير ولكنكم غثاءٌ كغثاء السيل، تنزَع المهابة من قلوب عدوّكم، ويُجعل في قلوبكم الوهن))، قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: ((حبُّ الدنيا، وكراهة الموت))رواه احمد وابو داوود
، وفي المسند أيضاً وسنن أبي داود بسند حسن عن النبي أنه قال: ((إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهادَ سلَّط الله عليكم ذلاً، لا ينزعه حتى تراجعوا دينكم)) وفي روايةٍ: ((أنزل الله عليكم من السماء بلاءً، فلا يرفعه عنكم حتى تراجعوا دينكم)) رواه الامام احمد. ولذا كان من دعاء بعض السلف: "اللهم أعزَّني بطاعتك، ولا تذلَّني بمعصيتك". روي هذا من دعاء جعفر بن محمد، أخرجه أبو نعيم في الحلية

إخوة الإسلام، من آثار الذنوب والمعاصي على البلاد والعباد أنها تُحدث في الأرض أنواعاً من الفساد في الماء والهواء والزروع والثمار والمساكن وغيرها، قال جل وعلا: ظَهَرَ الْفَسَادُ فِى الْبَرّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِى النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِى عَمِلُواْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [الروم:41]. والمراد بالفساد في الآية النقصُ والشرور والآلام التي تحدث في الأرض عند معاصي العباد، فكلَّما أحدثوا ذنباً أحدث الله لهم عقوبة، قال بعض السلف: "كلّما أحدثتم ذنباً أحدث الله لكم من سلطانه عقوبةً"، قال مجاهد: "إذا ولي الظالمُ وسعى بالظلم والفساد فيحبس الله بذلك القطرَ، حتى يهلك الحرثُ والنسل"، ثم قرأ هذه الآية ثم قال: "أما والله، ما هو ببحركم هذا، ولكن كلّ قرية على ماءٍ جارٍ فهو بحر" اخرجه ابن جرير في تفسيره، وبمثله قال غيره من المفسرين.
جاء في سنن ابن ماجه من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال : ((يا معشر المهاجرين، خمسُ خصالٍ أعوذ بالله أن تدْركوهن: ما ظهرتِ الفاحشة في قوم حتى أعلنوا بها إلاّ ابتُلوا بالطواعين والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا، ولا نقص قومٌ المكيالَ والميزان إلا ابتُلوا بالسنين وشدَّة المؤنة وجَور السلطان، وما منع قومٌ زكاةَ أموالهم إلاّ مُنعوا القطرَ من السماء، ولولا البهائمُ لم يُمطروا، ولا خفَر قومٌ العهدَ إلا سلَّط الله عليهم عدوًّا من غيرهم فأخذوا بعضَ ما في أيديهم، وما لم تعملْ أئمتُهم بما أنزل الله جل وعلا في كتابه إلا جعل الله بأسهم بينهم)) ] أخرجه ابن ماجه في الفتن والبيهقي في الشعب ، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وصححه الألباني بمجموع طرقه في السلسلة الصحيحة
، وفي المسند من حديث أم سلمة: ((إذا ظهرت المعاصي في أمتي عمَّهم الله بعذاب من عنده))اخرجه احمد والطبراني.
إخوة الإيمان، ومن آثار المعاصي على العباد تسلّطُ الأعداء وتمكّن الأشرار من الأخيار، جاء عن النبي أنه قال: ((والذي نفسي بيده، لتأمرُنّ بالمعروف ولتنهونَّ عن المنكر، أو ليوشكنَّ الله أن يبعثَ عليكم عذاباً من عنده، ثم تدعونَه فلا يُستجاب لكم)) رواه الترمذي وقال: "حديث حسن"، وحسنه المنذري وغيره.
معاشر المسلمين، من عقوبات الذنوب والمعاصي أنها تزيل النعم، وتحلّ النقم، وتقلب الأمنَ مخاوف، والسعادةَ شقاءً والصلاح فساداً، وَمَا أَصَابَكُمْ مّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ [الشورى:30]، قال علي رضي الله عنه: (ما نزل بلاءٌ إلا بذنب، ولا رفع إلا بتوبة)
. فمتى غيَّر العبادُ طاعةَ الله جل وعلا بمعصيته، وغيَّروا شكرَه بكفره وأسبابَ رضاه بأسبابِ سخطه غُيِّرت عليهم النعمُ التي هم فيها، ومتى غيَّروا المعاصي بالطاعة غيَّر الله عليهم العقوبة بالعافية والذلَّ بالعز والشقاءَ بالسعادة والراحة والطمأنينة، إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مّن دُونِهِ مِن وَالٍ [الرعد:11]، ذالِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيّراً نّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ [الأنفال:53].
أيها المسلمون، من عقوبات المعاصي والآثام انتشارُ الأمراض النفسيّة بين أفراد المجتمع، وحلولُ المخاوف والقلق، وحصولُ الهمّ والضجر. ذلكم أن الذنوبَ تَصرِف القلوبَ عن صحّتها واستقامتها إلى مرضها وانحرافها، فلا يزال القلبُ مريضاً معلولاً لا ينتفع بالأغذية التي بها حياتُه وصلاحُه، فتأثير الذنوب في القلوب كتأثير الأمراض في الأبدان، بل الذنوبُ أمراضُ القلوب وداؤها، ولا دواء لها إلا بتركها.
قال جل وعلا: إِنَّ الأبْرَارَ لَفِى نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِى جَحِيمٍ [الانفطار:13، 14]، قال العلامة ابن القيم رحمه الله: "ولا تحسبنَّ أنّ النعيم في هذه الآية مقصورٌ على نعيم الآخرة وجحيمها فقط، بل في دورهم الثلاثة هم كذلك، أعني: دار الدنيا ودار البرزخ ودارَ القرار. فهؤلاء ـ أي: أصحاب الطاعة ـ في نعيم، وهؤلاء ـ أصحابُ العصيان ـ في جحيم، وهل النعيم إلاَّ نعيمُ القلب؟! وهل العذاب إلا عذاب القلب؟! وأيّ عذابٍ أشدّ من الخوف والهمّ والحزن وضيق الصدر؟!" انتهى كلامه رحمه الله.
ولذا ـ عباد الله ـ فأهلُ الطاعة والتقوى في مأمن من الهموم والغموم، وفي بعد عن الضجر والقلق، ذلك بأنهم حقّقوا طاعةّ الله، واجتنبوا معاصيَه، فربنا جل وعلا يقول: فَمَنْ ءامَنَ وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ [الأنعام:48]، ويقول عز من قائل: إِنَّ الَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُواْ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ [الأحقاف:12].
فاتقوا الله عباد الله، وحقِّقوا طاعتَه تفلحوا، واجتنبوا معاصيَه تسعَدوا، وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:71].
بارك الله لي ولكم في القرآن، ونفعنا بما فيه من الآيات والبيان، أقول قولي هذا، وأستغفر الله إنه هو الغفور الرحيم.



الخطبة الثانية
الحمد لله حمداً لا ينفد، وأشهد أن لا إله إلا الله الواحد الفرد الصمد، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله أفضل من تعبّد، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه إلى يوم الدين.
أما بعد: فيا أيها المسلمون، أوصيكم ونفسي بوصية الله جل وعلا للأولين والآخرين: وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللَّهَ [النساء:131].
إخوة الإيمان، الذنوبُ والمعاصي تمحقُ بركةَ الدنيا والدين، تمحقُ بركةَ العمر والرزق، وبركة العلم والعمل وغيرها، بل ما مُحقت البركةُ من الأرض إلاّ بمعاصي الخلق، والله جل وعلا يقول: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى ءامَنُواْ وَاتَّقَوْاْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مّنَ السَّمَاء وَالأرْضِ وَلَاكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ [الأعراف:96]، والله جل وعلا يقول: وَأَلَّوِ اسْتَقَامُواْ عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقاً [الجن:16].
ولذا فيا عباد الله، إن معصيةَ العاصي تعود على غيره بشؤم هذا الذنب، فيحصل الضرر حينئذ على الجميع، قال أبو هريرة رضي الله عنه: (إن الحُبارى لتموت في وكرها من ظلم الظالم) أخرجه ابن جرير في جامع البيان ، والبيهقي في الشعب
، ويقول غير واحد من أهل السلف: "إنّ البهائم تلعن عصاةَ بني آدم إذا اشتدَّت السنة وأمسك المطر، تقول: هذا بشؤم معصية ابن آدم". أخرجه سعيد بن منصور وابن جرير في جامع البيان
الذنوبُ والمعاصي تجرِّئ على العبد ما لم يكن يجترئْ عليه من أصناف المخلوقات، فتجترِئ عليه الشياطينُ بالأذى والإغواء والوسوسة والتخويف والتحزين وإنسائه ما به مصلحتُه في ذكره ومضرّته في نسيانه، ويجترِئ عليه حينئذ شياطينُ الإنس بما تقدر عليه من أذاه في غيبته وحضوره، بل ويجترِئ عليه أهلُه وخدمه وأولادُه وجيرانه، قال بعض السلف: "إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خُلق دابّتي وامرأتي" روي من كلام الفضيل بن عياض، أخرجه عنه أبو نعيم في الحلية
، ذلكم أن اللهَ يدفع عن المؤمنين الطائعين شرورَ وأضرارَ الدنيا والآخرة، فالله جل وعلا يقول: إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ ءامَنُواْ [الحج:38].
عباد الله، إن الله أمرنا بأمر عظيم، ألا وهو الصلاة والسلام على النبي الكريم.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد، وارض الله عن الخلفاء الراشدين...
اللهم ‏عليك بأعداء الملة واعداء الدين ‏فإنهم ‏لا ‏يعجزونك ‏يا ‏جبار ‏السموات ‏والأرض ‏
اللهم ‏إحصهم ‏عددا ‏واقتلهم ‏بددا ‏ولا ‏تغادر ‏منهم ‏أحدا . ‏وأنزل ‏عليهم ‏عاجل ‏نقمتك ‏اليوم ‏أوغدا‏
اللهم ‏أحزنهم ‏كما ‏أحزنونا ‏وآسفهم ‏كما ‏آسفونا
اللهم ‏يتّـم ‏أطفالهم ‏ورمّـل ‏نساءهم ‏وعقّـم ‏أرحامهم ‏وأرّق ‏نومهم يامن ‏قلت ‏في ‏كتابك ادعوني استجب لكم
‏اللهم ‏آتي‏اليهود والروافض والحوثيين ‏وكل ‏من ‏والاهم ‏ضعفين ‏من ‏العذاب ‏والعنهم ‏لعنا ‏كبيرا ‏بقوتك ‏يا ‏جبار‏
اللهم ‏اجعل ‏بيوتهم ‏عليهم ‏ردما ‏اللهم ‏اجعل ‏قنابلهم ‏عليهم ‏دمدما ‏وعويل ‏نساءنا ‏عليهم ‏همهم
‏اللهم ‏اجعلهم ‏عبرة للمعتبرين اللهم ‏ومن ‏أرادنا وبلادنا ‏والإسلام ‏بخير ‏فوفقه ‏لكل ‏خير
‏ومن‏أرادنا ‏والإسلام ‏بسوء ‏فاقسم ظهره ‏واجعل ‏كيده ‏في ‏نحره ‏ولا ‏تمهله بين ‏يومه ‏وأمسه
اللهم ارسل عليهم حجارة من سجيل و ارمي الرعب و الذعر في قلوبهم
اللهم ابعث عليهم رياح عاتية تقتلع جبروتهم اللهم
اللهم إننا ضعفاء فقونا اللهم اننا فقراء فاغننا اللهم اننا جياع فاطعمنا اللهم اننا ضياع فأونا..
اللهم لاملجا لنا سواك ياحي ياقيوم اللهم دمر اليهود الحاقدين والرافضة المجرمين ومن يؤيدهم وشتت شملهم وأأسر
جنودهم واربك جيشهم ومخططهم آآآآآآآآآآآآآآمين يارب العالمين



__________
__________________


التعديل الأخير تم بواسطة المناضل السليماني ; 15-01-2010 الساعة 11:23 AM
المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 21-01-2010, 11:14 PM
  #140
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت

الحمد لله المتوحد في الجلال بكمال الجمال تعظيماً وتكبيراً، والمتفرد بتصريف الأحوال على التفصيل والإجمال تقديراً وتدبيراً، المتعالي بعظمته ومجده، {تَبَارَكَ ٱلَّذِى نَزَّلَ ٱلْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَـٰلَمِينَ نَذِيراً} [الفرقان:1]. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. صلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.


أما بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل، فهي وصيته للأولين والآخرين، فإن من اتقاه وقاه، ومن أقرضه جزاه، ومن شكره زاده.
واليوم نتكلم عن شباب اليوم شباب الأمة، فأيّ شباب هم؟ كيف حالهم؟ هل هو حال المقبلين على الله المستقيمين على الطريق القويم، الذي يُطمئِن الأمّةَ على أن مستقبلها يسير على خير وإلى خير، أم هو حال الشباب المعرض عن تقوى الله، المنصرف إلى غياهب الضلال واللهو والعبث، والذي يُشعِر الأمة بأن مستقبلها في خطر؟ الشباب في ذلك على قسمين:
1- قسم هم أهل الصدق والاستقامة والصلاح، نظر الله إلى قلوبهم فرأى ما فيها من التقوى وحسن القصد، فكانوا أهلاً لهدايته وتوفيقه، نسأل الله لهم الثبات.
2- وقسم آخر قد تركوا طريق الخير والسعادة الذي يهدي إلى النور ويفضي إلى الضياء، وسلكوا طريق الشر، خُدِعوا بمظهره اللامع البراق الذي منتهاه إلى الظلام والويل والهلاك، نسأل الله لهم الصلاح والهداية، وهم حديثنا في هذه الجمعة.
أيها الشباب، هل سأل كل منكم نفسه يومًا: ما هدفي في الحياة، أم تريد أن تكون ضائعًا تائهًا في دروب الحياة؟! فلا أنت في شغل من الدنيا فتحمد، ولا أنت في عمل من الآخرة فتغبط.
أيها المسلمون، إن الحسرة كل الحسرة عندما نرى شباب الأمة وعماد المستقبل قد هجر كثيرٌ منهم المساجد، فأصبحت الصلاة في واقع بعضهم أمرًا محزنًا وحالاً مؤسفًا، تتلفّت بين الصفوف فينقلب إليك بصرك خاسئًا وهو حسير، متسائلاً: أين الشباب الذين يملؤون المدارس والمعاهد والجامعات؟! فتجد البعض منهم قد ضيّع الصلاة وترك قراءة القرآن، استنكف واستكبر عن عبادة ربه وخالقه ومدبّر أمره الذي وهبه الشبابَ وأنعم عليه بالصحة وأمدّه بالعافية، كأنه لا يعلم قول ربه جل وعلا: وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وِالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ [الذاريات: 56]، ما وعى قوله : ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر))! ما علم أنه لا قيمةَ لحياته ولا معنى لشبابه ولا بركة في عمره بدون طاعة الله، فما أعظمها من حسرة وندامة تكون منه يوم القيامة عندما يلقى في النار فيكون له العذاب والهوان.
وتجد آخرين يعكفون في البيوت ويقيمون الصلاة مع النساء فكأنهم من جملتهم، فقد سمعوا النداء ولكنهم صمّوا الآذان، فما كانوا من الرجال كما جاء في محكم الكتاب: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ [النور: 36، 37]، وما علموا أن مصيرهم إلى التراب، وموعدهم يوم الجزاء والحساب.
ويزيد الألم والحسرة عندما ترى كثيرا من شباب الأمة وقد ذابت شخصية بعضهم في تقليد أعمى وانسياق بهيمي، فتعجب من أمر ذاك الشاب كرمه الله بالإسلام وأعزه بهدي سيد الأنام، ثم يقلد الغرب في خنوثته وانحلاله وميوعته وشهواته ورذائله، تراه ربى شعره وهو ما يسمى بالكدش، وقد ملأه بالجل وهي مادة تثبت له شعره لها لمعان، وما تبع ذلك من تسريحات متنوعات لشعور بل والأذقان، فإذا أتاه النصح ممن يحب له الخير تجده يلهج بقوله: أنا أقتدي بالرسول في ذلك، فيا لله! ما أعظم قوله هذا وأشنَعَه، فنقول له: بل أنت متّبع لهواك وضلالك، تأخذ ما تمليه عليك نفسك، فلو كنت كما زعمت لاقتديت به في جميع شأنك، فاتبعته في ملبسه ومظهره وعبادته، وطبقت سنته لا في ما يمليه عليك عقلك وهواك.
تجده قد لبس البنطال، وقد بدت نصف إليته أو استه، فأظهر بعض عورته أو أظهر سروالا من تحت ذلك البنطال، قد بدت منه مختلف الألوان، فيا للهوان! طاح البنطال فطاحت معه الرجولة، فأين الرجال؟!
تراه مرتديًا قميصًا عليه عبارات باللغة الإنجليزية تدعو إلى العهر والفساد دون معرفة منه لمضمون تلك الكلمات، تراه قد لبس السلاسل والأساور في الأيدي والأعناق، وكل هذا مصداق لقوله : ((لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرًا شبرًا وذراعًا بذراعٍ، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم))، قالوا: من يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: ((فمن؟!)).
قلدوا الكفار وتشبهوا بهم بدعوى الحضارة، فتراهم في ترف وميوعة وغرام وآهات وأغان تسبح بك في غياهب الظلمات، ساروا خلف من اعتدوا على كتاب ربّ السموات وطعنوا في عرض نبيّ الأمة عليه أفضل الصلوات بدعوى الحريات لعنهم الله وشلّ أركانهم وأرانا فيهم العبر والآيات، فهل يعد من كان هذا دأبه من الرجال؟! لا والله، فهذا كله لا يليق بالرجال، الرجال تجد فيهم الخشونة، فلا حظَّ لهم في الميوعة لأنهم علموا أن الميوعة للنساء، وقد وعوا ما روِيَ عن نبيّ الهدى: ((تمعددوا واخشوشنوا وانتضلوا وامشوا حفاة)) أو كما قال .
فانعدمت في هؤلاء الذين انساقوا وراء الغرب الكافر معالم الذكورة وصفات الرجولة حتى أصبحتَ لا تفرق بينهم وبين النساء، فهذا والله من أعجب العجب، وكما قيل:
ولا عجب أنّ النساء ترجّلت ولكنّ تأنيث الرجال عُجاب
وأين ذهب هؤلاء من الوعيد الشديد للمتشبهين من الرجال بالنساء وبالعكس؟! قال : ((لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء، ولعن الله المتشبهات من النساء بالرجال))، فمن يصبر على لعن الله سبحانه وتعالى؟! واللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله.
تزداد الحسرة ـ أيها الأحبة ـ عندما نرى أولئك الشباب يجولون الشوارع بسياراتهم، يعبثون بها، فيضايقون المارة، ويزعجون السكان، فيعرضون أنفسهم والناس للخطر بلا حسيب ولا رقيب، يتطاولون على الكبير ويحقرون الصغير، وما علموا أن من إجلال الله توقير ذي الشيبة الكبير، وما وعوا أن ليس منا من لم يوقر كبيرنا. يظنون أن الرجولة هي بأذية الخلق في الطرقات، فتجدهم يمشون في الأرض مرحا وكبرا وتيها، تراهم قد ارتادوا المقاهي وضيعوا أوقاتهم في الشاتات والمنتديات والدردشات، فانشغلوا بذلك عن الصلوات.
وتزداد الحسرة عندما تراهم يجولون الأسواق يضايقون ويعاكسون ويؤذون المسلمات في الطرقات؛ ولهذا الموضوع وقفات في الأيام المقبلات.
ترى البعض منهم عشاقًا للرياضة والفضائيات، قبلته هي الكرة، فهو دائما يخرج فيلعب ويلعب حتى منتصف الليل، ثم يرجع لينام ليبدأ مشواره من جديد في اليوم الثاني، وهكذا حياته لا يدري لم خلق، ولا يفكر حتى أن يصليَ أو يساعد والديه، لكنه كما قيل عنه وعن أمثاله: (جيفة بالليل وحمار بالنهار، عالم بأمر الدنيا جاهل بأمر الآخرة)، فلو سألته من صاحب القدم الذهبية والرأس الذهبي والكأس الفضي وغير ذلك لتشدق بملء فمه وأجاب إجابة العارف، ولكن لو سألته عن الفاتحة تجده لا يحسن قراءتها إن لم يكن لا يحفظها، ولو سألته عن بعض السلف والتابعين بل عن بعض أصحاب النبيّ تجده يتخبّط ذات اليمين وذات الشمال ويتلعثم ثم لا يحير جوابًا.
أيها اللاهي بلا أدنى وجَل، اتق الله الذي عزّ وجلّ، واستمع قولاً به ضرب المثل، اعتزل ذكر الأغاني والغزل، وقل الفصل وجانب من هزل، كم أطعت النفس إذ أغويتها، وعلى فعل الخنا ربيتها، كم ليالٍ لاهيًا أنهيتها، إنّ أهنى عيشةٍ قضَيتها، ذهبت لذّاتُها والإثم حل.
ترى أولئك الشباب في زهرة ومقتبل أعمارهم، لكنهم في أعمالهم وهمتهم يحبُون حبوًا، لا ترى في عيونهم بريقًا، ولا في خطاهم عزمًا، شاخت أفئدتهم وماتت همتهم، فاستشرى شرهم وعظم خطرهم وصاروا يهددون من يحاول نصحهم أو ينكر عليهم، وما علموا أنّ كل تلك التيارات من عدوهم ليصدوهم عن دينهم فيضعفوا بذلك عزم الأمة وتكون لهم الصولة والجولة، فالشباب إذا فسدوا انهدم بناء الأمة وتسلط عليها أعداؤها كما هو الحال في كثير من بلاد المسلمين اليوم.
فيا شباب الإسلام، من يرفع راية لا إله إلا الله إذا توليتم؟! ومن ينصر هذا الدين إذا أعرضتم؟! زيادة المرء في دنياه نقصان، وربحه غير محض الخير خسران.
وكـلُ وجدان قومٍ لا ثبـات لـه فإنمـا هو في التحقيـق خسـران
يـا متعب الجسم كم تسعى لراحته أتعبـت جسمك فيما فيه خسران
أقبل على الروح واستكمل فضائلها فأنـت بالروح لا بالْجسم إنسان
يـا عـامرًا لخراب الـدار مجتهدًا بـالله هل لِخراب الدار عمرانُ؟!
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.



الخطبة الثانية

حمدًا لمـن نبيـه قـد بعثـا فدوخـت بعوثه من قد عثا
ثم الصلاة والسلام ما حكت حَمـائمٌ حمـائمًا إذا بكت
علـى النبي محمّـدٍ وآلـه وصحبـه وتابعـي منواله
أما بعد: أيها الناس، إن مرحلة الشباب فرصة عظيمة لا تعوّض، يجب اغتنامها فيما ينفع الإنسان في دينه ودنياه وآخرته، وهو فرصة ثمينة تمرّ بسرعة، فإن لم تُشغل بخير شغلت بشر ولا بد، فالأوقات محدودة، والأنفاس معدودة، فعودوا إلى الله يا شباب الأمة، فأنتم الرجال الذين بهم تقوم الأمة، عودةً إلى الله حتى نريَ الأعداء زمجرة الأسود، فنحن اليوم بأشدّ الحاجة إلى شباب مؤمن يشعر بواجبه تجاه دينه وأمته وبما عليه من تبعات تجاه بناء الدين وإشادته، نحن بأشدّ الحاجة إلى شباب مؤمن يحمل نفسًا مطمئنة يشعر بأنّ أكبر سروره في إخلاص العمل لله، فما ظهر الدين وعرف الناس شرائع المرسلين إلا بفضل الشباب الصالحين الذين استجابوا لله والرسول، والتاريخ أصدق شاهد على فضل الشباب الناشئين في طاعة الله أمثال علي وأسامة بين زيد وعبد الله بن عباس وابن عمر ومحمد بن القاسم وغيرهم رضي الله عنهم وأرضاهم، فهنيئا لشاب تقيّ تعلق قلبه بالمساجد ومجالس الخير وعمل الصالحات، واغتنم شبابه قبل هرمه وصحته قبل سقمه وغناه قبل فقره وفراغه قبل شغله وحياته قبل موته.
شباب الْجيل للإسلام عودوا فأنتم روحه وبكم يسـود
وأنتم سـر نهضتـه قديمًـا وأنتم فجره الزاهي الجديد
عباد الله، صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه، فقال: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56]، ويقول : ((من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرًا)).
اللهم صل وسلم على نبيك وحبيبك محمد، واعرض عليه صلاتنا وسلامنا في هذه الساعة المباركة يا رب العالمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداءك أعداء الدين، اللهم من أراد بالإسلام والمسلمين سوءًا فأشغله في نفسه، واجعل تدبيره في تدميره يا رب العالمين، اللهم اهد شباب وفتيات المسلمين وردّهم إليك ردًا جميلاً يا رب العالمين...
__________________


التعديل الأخير تم بواسطة المناضل السليماني ; 19-02-2010 الساعة 06:32 AM
المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
أذكار, أدعية, خطب, خطبة الجمعة, صلاة الجمعة, إسلاميات


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
من يوقف هدردماءاهل السنه يامسلمين في ايران المجوسيه الرافضية الصفوية ؟؟ ابومحمدالقحطاني فضائح وجرائم الروافض ضد أهل السنة 10 29-04-2015 06:44 PM
إبن سبأ اليهودي مؤسس الديانة الشيعية ابو عائشة الطائي فضائح وجرائم الروافض ضد أهل السنة 2 20-12-2009 10:31 PM
غزوات حدثت في شهر الانتصارات في رمضان المناضل السليماني مجلس الإسلام والحياة 5 30-08-2009 06:27 AM
أرقـــــــام وإيمـــيــلاتــ الدكـــتـــور جــــــــابـــــر القحطاني وبعض الوصفاتـــ سعيد الجهيمي عالم الصحه والغذاء 12 20-03-2008 12:02 PM
فتاوى السحر والمس والعين مفرغا من شريط للعلامة ابن باز : اعداد بعض طلبة العلم ابو اسامة مجلس الإسلام والحياة 11 26-05-2007 01:52 PM


الساعة الآن 06:01 PM

سناب المشاهير