مذيع (الجزيرة) الظفيري
مذيع (الجزيرة) الظفيري لـ (الوفاق) : السعوديون يظنون أنهم "مركز الكون" و (العربية) رفضت انضمامي بدون صك الغفران
علي الظفيريالدوحة : عبد العزيز محمد
لم يكن علي الظفيري عابرا في كلام عابر ، ولم يكن يمضي من الذاكرة برحيله عن الشاشة الفضية السعودية ، وإن كان ابتعد عن السعودية جغرافياً إلا أنه يؤكد في حواره مع (الوفاق) أنه أقرب مما نتخيل ، من خلال معرفته بما يدور في المشهد الإعلامي الحالي جيدا .
لم يكن يختار الدروب السهلة ليسير فيها ، كان يبتعد عن الجدران التي يتظلل بها الآخرين ، ويسير في الطرق الوعرة لإيمانه بأن مسؤولية الإعلامي تبيان ما خفي على المشاهد لا تلميع ما يعلمه .
"ضيفنا" كان يمشي عبر دروب هجرت ، لينبش عن تاريخ سكت عنه ، أو يتكلم في حاضر غض الطرف له .
علي الظفيري ، يفتح قلبه لـ (الوفاق) يتحدث بما لم يتحدث عنه في سنين طوال , يتكلم عن تجاربه السابقة في الإعلام السعودي و اللاحقة في قناة (الجزيرة) ، بوصفه أول سعودي يدخل هذه المنظومة الإعلامية المثيرة ، في لقاءنا معه يتكلم ضيفنا بكل أريحيّة ، متحدثا عن أبرز خطوة اتخذها في حياته وماذا تلاها من خطوات .
لماذا خرجت من التلفزيون السعودي ؟
ببساطة شديدة.. استطيع القول أنه منذ دخولي التلفزيون نهاية عام (1999م ) وأنا مؤمن تماما بأن التلفزيون الرسمي ليس الحاضنة الطبيعية لعمل الصحافة الحقيقي , وبالتالي كانت المسألة عبارة عن بحث مستمر لما هو أفضل , فكانت الإذاعة والصحافة المطبوعة بالعمل في جريدتي (اليوم ؛ الوطن ) والانتقال من الدمام إلى الرياض, حتى انتهى بي المطاف إلى دولة قطر وكانت (الجزيرة) . وهذا نتاج طبيعي لتلك الحالة من القلق المستمر والبحث عن الأفضل لي .
هل انضمامك إلى قناة (الجزيرة) كان عبر عرض تلقيته من القناة ؟ أم انك قدمت نفسك للقناة ؟
أبدا .. أنا من تقدم بطلب الانضمام للقناة ومرّت العملية بالإجراءات المعتادة لأي طلب التحاق آخر .
عندما قررت الذهاب إلى (الجزيرة) ألم تخشى ردة الفعل التي قد تواجهها داخل السعودية ؟
فعلا .. كان هناك نوع من التخوف , ولكن التوكل على الله أولا وأخيرا , والاعتماد على ما بالنفس من ثقة وإيمان شكلا داعما رئيسيا لاتخاذ مثل القرار.
كيف كانت ردة فعل زملاء المهنة في (الجزيرة) وقد انضم إليهم مذيعا من السعودية؟
كثير من الترحيب , وكثير من الاحترام , خاصة بعد تجاوز مسألة (سعودي) والانتقال إلى مرحلة (مذيع) لديه ما يقدمه ويضيفه .
كيف تصف لنا الفارق المهني بين عملك في قناة (الجزيرة) والتلفزيون السعودي؟
الفارق كبير جدا ومن المجحف أن نعقد هذه المقارنة الظالمة للتلفزيون السعودي كجهاز ولبقية الأجهزة الرسمية كذلك, فالهدف مختلف وكذلك الآليات والأدوات والعناصر والإدارة والعقليات والعائد إضافة للقيود المفروضة على الأجهزة الرسمية وسقف الحرية المحدود جدا. و لك أن تتصور أن عدد العاملين في التلفزيونات الحكومية يصل إلى أكثر من عشرة أضعاف العاملين بالفضائيات المتخصصة ومع ذلك فارق الإنتاجية واضح جدا لصالح المحطات المتخصصة , مما يعد مؤشرا على التصنيف الذي يمكن أن نضع فيه المحطات الحكومية والذي لا يبتعد عن كونها أجهزة حكومية (خدمية) وليس غير ذلك.
وما صحة ما يقال من أنك ذهبت إلى (الجزيرة) نكاية في التلفزيون السعودي الذي وقف أمام انتقالك لقناة (العربية)؟
لم أذهب نكاية بأحد, وأنا اكبر من ذلك, والقرار الذي اتخذته أكبر من أن يكون رد فعل أو نتيجة حالة انفعالية. قلت لك إني قلق باستمرار تجاه عملي وتطوري ولم أتصور يوما أني سأستمر قارئا جامدا لأخبار مملة أو مقدما لبرامج معلبة وميتة , أكثر ما يستفزني بالحياة هو السكون والجمود , و كـ (شاب) لي الحق بان أحلم وأن أتقدم وأن يرتفع سقف طموحي إلى ما لا نهاية , وهذا مالا يتحمله أو يستوعبه التلفزيون الرسمي .
من هنا .. وبعد رفض التلفزيون السعودي إعارتي لقناة (العربية), ورفض (العربية) انضمامي إلا بصك "الغفران" و "التحرر" من التلفزيون السعودي , هو ما دفعني للبحث عن فضاء آخر فأنا لم اعتد أن أكون أسيرا لدى أحد مهما كلف الأمر . فكانت (الجزيرة) الخيار الأفضل والأكثر أهمية والفرصة التي طالما حلمت بها.
يرى البعض أن (السعودي) علي الظفيري هو من دخل قناة (الجزيرة) وليس المذيع علي الظفيري ؟
لم تعد هذه التهمة تستفزني كثيرا, قاتلت كثيرا داخل وخارج (الجزيرة) من أجل إثبات العكس. قاتلت وحدي بعيدا عن أعين الجميع , وقد نجحت داخل (الجزيرة) لأن الكل هناك مقتنع تماما بأن شاشة (الجزيرة) العالمية والمهمة جدا لا يمكن أن تقبل بسعودي رديء وسيء , فقط لأنه (سعودي) فهي ليست بحاجة لذلك حتى وإن تصورتم العكس. وعلى فكرة هناك أزمة لدى بعض السعوديين يتصورون أنهم (مركز الكون) وأن كل ما يجري خارج دائرتهم ما هو إلا مؤامرة تستهدفهم ! وأعتقد أن هذا البعض قد باع كثيرا وتكسب من ذلك بشكل جيد.
نأتي لخارج (الجزيرة) .. خلال عام ونصف عملتها بـ (الجزيرة) أظن (والظن هنا إثم محمود) أن ما قدمته كان الرد الأنسب على هذا الاتهام الجارح والخطير في نفس الوقت وعلى مروجيه , وما أتلقاه يوميا من ردود أفعال جيدة على ما أقوم به والتطور الحاصل والسريع على مستوى الظهور من كافة متابعي (الجزيرة) في كل بقاع الأرض , لهو أكبر رد على هذا الاتهام البغيض الذي يجد صدى لدى أصحاب النفوس المريضة .
مهنة التقديم التلفزيوني يا صديقي وفي (الجزيرة) تحديدا , مسألة لا تحتمل العبث والمجاملة والمحسوبية كما هو حاصل في أماكن أخرى.
البعض يرى أن وجودك في قناة (الجزيرة) مكسبا للسعودية رغم عدم وجود رضا رسمي في السعودية على القناة.. ما تعليقك ؟
أحسب أن صحفيا واعيا متمكنا من أدواته مدركا لأبعاد العمل الإعلامي والسياسي هو فعلا مكسب من ناحية (الهوية) لبلده, وشخصيا أتمنى أن أكون ذلك الصحفي وأسعى بقوة لذلك, كي أكسب رضا نفسي أولا وأشبع شيئا من غرورها , وبعد ذلك سيكون لي الشرف أن أعد مكسباً لوطني ومواطنيه ولكل من يحترم ويقدر العمل الصحفي الحقيقي الصادق غير المزيف . أما عن كوني مكسباً من عدمه في الوقت الحالي , فهذا أمر متروك لتقدير الآخرين وتقييمهم وأحيانا رضاهم..!
هل واجهت إحراجا بسبب قراءتك لنوع ما من الأخبار التي تتناول الشأن السعودي أم أن هناك تنسيقا أو اتفاقا داخل القناة برفع الحرج عنك في مثل هذه الحالة؟
أنا وكل من في (الجزيرة) نتعامل مع الخبر والحدث بأقصى قدر من الحياد, ونحن نتوحد جميعا تحت راية وشعار (الجزيرة), ونلتزم بما تفرضه علينا القواعد المهنية المؤصلة لعملنا الصحفي. أما مسألة التنسيق والاتفاقات فهذا أمر غير وارد نهائيا.
يقال أن علي الظفيري يصف التلفزيون السعودي بأنه قاتل للمواهب، ومكانا للشللية، وأن المحسوبية تستشري في أركانه.. تعليقك ؟
أبدا, أنا لم أقل ذلك ولم أتفوّه به, ونَسْبُه لي غير صحيح تماما, لكني في نفس الوقت لم أقل أنه جاذب للمواهب وراعي لها, ولم أقل انه مكان تنتشر فيه قيم العدل والمساواة, وأن الكفاءة هي الحَكَم فيه دائما..!
ما دور الظفيري في قناة (الجزيرة) بعيداً عن الشاشة؟
الدعم وتقديم كل ما يلزم لمساندة العمل في غرفة الأخبار .
فضلا عن المكاسب التي حققتها من خلال ظهورك في قناة شهيرة, هل هناك مكاسب أخرى حققتها بعد انضمامك لـ (الجزيرة) ؟
أظن أن الرؤية من زاوية أوسع وأشمل للأمور هو أهم ما أضافه لي العمل بـ (الجزيرة), والبعد عن النظرة المحلية والضيقة للأحداث وتأطير الفكر والحكم على الأحداث من زاوية واحدة .
في (الجزيرة) نفكر جميعا بعقل أكثر انفتاحا وتحررا من العقد المحلية و المناطقيّة والوطنية. ونحاول خلق صورة أكثر وضوحا لما يدور في العالم من حولنا .
قيل أنك قابلت أمير منطقة الرياض الأمير سلمان بن عبد العزيز في مكتبه بالعاصمة بعد انضمامك لقناة (الجزيرة) هل كان اللقاء بهدف تأنيبك ولومك على قرارك المتمثل في ترك التلفزيون السعودي والانضمام إلى (الجزيرة)؟
أنا من طلب اللقاء لأمر يتعلق بخدمة العمل , وكان اللقاء بمنزل سموه في الرياض واستمر قرابة ساعة ونصف بحضور الرجل الرائع عساف أبو اثنين , وقد وجدت سموه متجاوزا كثير من السعوديين بوعيه وسعة اطلاعه وثقافته ورؤيته للأمور , وقد فاجأني بمتابعته الدقيقة لكل ما يجري بالساحة الإعلامية والسياسية. وكان في تقييمه لعملي بـ (الجزيرة) أكثر توازنا وعقلانية من الكثير لدرجة أنه أبدى إعجابه واحترامه وكذلك دعمه وتأييده لعملي قائلا : (لا يمكن لي ولأي شخص أن يزايد على وطنيتك وحبك لهذه الأرض , وأرى في عينيك حباً وانتماء لهذا الوطن , وأنا معك وأؤيدك وأدعمك , وافتخر بوجودك وبعملك ). فهل أحتاج أكثر من هذا !!
وكان بكلماته الأبوية الحانية هذه قد أزال من نفسي كثير من الحزن والأسى لمواقف البعض القاسية والظالمة, أما تأنيبي ولومي فهذا أمر لم يحدث أبدا.
هل تواجه صعوبة في استضافة شخصية سعودية للتعليق على خبر أو المشاركة في برنامج ما , خاصة ان الأكثرية يرفضون ؟
لابد من التوضيح أولا أنه ليس من دوري في العمل الاتصال بالشخصيات السعودية والطلب منها الظهور والتعليق , فنحن أكثر تنظيما, وهذا الأمر له قسم كامل مختص يضم عناصر صحفية على دراية عالية بما يدور في العالم من أحداث , ألا وهو قسم المقابلات. ولا مانع هنا من تقديم المساعدة باقتراح أسماء وشخصيات مميزة قادرة على التعبير والظهور. وهنا يتوقف دوري وتبقى المسألة مرتبطة برغبة الشخص بالمشاركة من عدمها. وأنا اقدر لكل إنسان مواقفه وخياراته والمبادئ التي يؤمن بها, ولكني كذلك ضد التشنج والتعصب والمزايدة أكثر مما يجب, البعض يصرخ بوطنيته وحبه كأنه يشكو من علة أو نقص ما, والشخصيات السعودية التي تظهر على (الجزيرة) هي خير تعبير للإنسان السعودي الواعي والمثقف والمدرك لقضايا أمته وما يدور حوله .
ومسالة أني أواجه برفض البعض للظهور والتعليق على الأحداث, فهذا لم يحدث كثيرا وأغلب من طلبت منهم التعليق تجاوبوا شاكرين, وتجلت المسالة بوضوح في تغطيتنا لوفاة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد رحمه الله والتي شارك بها عدد من المختصين السعوديين مما أضفى على التغطية الأهمية التي تستحق .
هل تعتقد أنه من الحكمة مقاطعة القنوات التي تتخذ موقفا ما من السعودية مثلا أم أن الأكثر حكمة تكون بالمشاركة بالرأي والحضور .. ولماذا؟
أنا ضد المقاطعة, وهذه المنابر الإعلامية يجب أن تستثمر بالتواجد والمشاركة الفعالة لإيضاح وجهات النظر والتعبير عن وجود الإنسان السعودي الحقيقي وليس كما يتصورنا البعض أو يحاول تصويرنا .
وفقا لمعايشتك وزمالتك للعديد من الإعلاميين العرب كيف ترى تقييمهم للإعلام السعودي؟
أعتقد أن التجربة السعودية المحلية باتت تحظى بكثير من التقدير والاحترام, ولنأخذ جريدة (الوطن) مثالا, فهذه الصحيفة أحدثت منذ نشأتها انقلابا في الوعي السعودي وصل صداه إلى الخارج , فلا يمضي يوم في برنامج الصحافة على (الجزيرة) إلا ويتم الاقتباس منها ونقل أخبارها , ليس ما يتعلق منها بالشأن المحلي بل حتى في تغطيتها للأحداث الإقليمية والعالمية. والصحافيون السعوديون اليوم يأتون على رأس قائمة الصحفيين العرب وهذا ما يقر به الكثير من الزملاء العرب.
هل يستفاد منك في القناة بإستشارتك في بعض المواضيع المتعلقة بالشأن السعودي ؟
في (الجزيرة) تُعتمد المصداقية والدقة والتحري قدر الإمكان قبل التعاطي مع أي خبر, وبالتالي كل العاملين يتم استشارتهم والتأكد منهم في الأخبار المتعلقة ببلدانهم لأنهم الأقرب والأكثر معرفة بالتفاصيل .
- سؤالنا الأخير.. ماذا تقول لهؤلاء:
- وزير الثقافة والإعلام السعودي إياد مدني :
( نحن جميعا نثق بك وبمهنيتك وقدرتك على الإدارة الإعلامية, رجائي الكبير حاول قدر المستطاع تصحيح الأوضاع وأن تصلح أخطاء من سبقوك, الفرصة متاحة لأن تسجل اسمك بحروف من ذهب في سجل المسيرة الإعلامية السعودية , أنت لها وأتمنى أن تكون كذلك )
- طارق ريري :
( أتمنى لك حياة سعيدة وعادلة )
- قناة (العربية) :
( كل الاحترام والتقدير )
- الزملاء السابقون من المذيعين في التلفزيون السعودي:
- ( أنا ممتن ومدين لكل ما تعلمته منكم, ولكل محبة ورعاية حظيت بها من كبار المذيعين اللامعين وأخص هنا أستاذي الكبير وأخي وصديقي سعيد اليامي الرجل الاستثناء والذي لولاه بعد الله سبحانه وتعالى لما وصلت لما أنا عليه الآن . سعيد اليامي والمخرج محمد العنزي واللامع عبدالله المسواري محطة مهمة في حياتي مستمرة حتى الآن . تعلمت وأتعلم منها الكثير الكثير, وهؤلاء الثلاثة أدين لهم بالفضل الكبير على كل شيء.
30-01-2006, 09:54 PM
تعليمات المشاركة
العرض العادي
