بسم الله الرحمن الرحيم
في هذه السنة في حج عام 1428هجرية كانت هناك وقفات مع نفسي عند رؤيتي للحجيج ، الكل يدعو ، الكل طالب للرحمة وللمغفرة ولنداء الله في الحج ، يطلبون مغفرته ويرجون رحمته ، يرجع الحاج الذي لم يرفث ولم يفسق كيوم ولدته أمه..
نعم ، هناك محطات للتكفير عن الخطايا منها : الصلاة إلى الصلاة ، والجمعة إلى الجمعة ، والعمرة إلى العمرة ، ورمضان إلى رمضان....الخ ، ثم تأتي المحطة الكبرى الرجوع والحط من سيئات أعماله لمن تاب وأخلص النية كيوم ولدته أمه..
استوقفتني هذه الليالي والأيام المباركة المبيت في مزدلفة... والمبيت بمنى...
إخوتي نعلم أن أركان الحج هي أربعة : الإحرام ، الوقوف بعرفة ، والطواف بالبيت ، والسعي... وهناك واجبات ـ يجب على الحاج الإتيان بها حسب استطاعته ـ وهي الإحرام من الميقات ، والمبيت بمزدلفة وبمنى ، والرمي.. والحلق أو التقصيرونحوها
فإذا لم يدخل الحاج مزدلفة إلا صباحاً من زحاماً ونحوه فما الحكم.؟
وإذا حاول المبيت في منى ولم يستطع فما الحكم..؟
وإذا رمى الجمرات الثلاث بعد شروق الشمس وقبل الزوال فما الحكم...؟
وإذا رمي الجمرات وهو مستعد للذهاب إلى مكة وغربت عليه الشمس وهو بمنى هل يلزمه المبيت...؟
ومن سهى أو نسي عن ركعتي الطواف وتذكرها في بيته أو مخيمه أو ببلده فما الحكم..؟
ومن ترك واجباً , فهل يشمله قول ابن عباس رضي الله عنهما : " من نسي من نسكه شيئا أو تركه فليهرق دماً ".؟
وما هو ضابط المشقة وهل هي مشقة عادة أم هي خارجة عن المعتاد.؟
وهل الأحكام تدور على علتها وجوداً وعدماً...
أسئلة محيرة تواردت أثناء أدائي النسك تنمُ عما عانيته وعاناه كثيراً من الحجاج.. تحتاج إلى فقه الواقع...
رأيت فتوى لشيخنا ابن باز – رحمه الله - بأنه لا يحل للمسلم إلا أن يبيت بمنى ورأيت أنه - رحمه الله - في سنة من السنين قال يسقط الوجوب بالمبيت بمنى..
نحتاج إلى علماء وفقهاء يحاولون أن ينبهوا الشارع المسلم إلى هذه الأحكام وخاصة إذا علمنا أن الدين يسر وسهل وأن التعنت لا يأتي إلا بما يرهق المسلم وقد يدعوه التكاسل عما يستطيعه..
كنت في هذه السنة مع مفتي الديار السعودية - حفظه الله - ومعه بعض علماء هذه البلاد الكبار الذين يشار إليهم بالبنان ، وعندما أخبرته بما يجول به خاطري حول هذه الأسئلة.؟، قال أخي الفاضل يجب علينا قراءة فقه الواقع وتعريف الناس بمقاصد التشريع وقال علينا بأخذ أقوال الفقهاء الآخرين وكلهم فيهم خير وهم علماء لا نستطيع مجاراتهم فيسروا يامشايخ على عباد الله...
كلماته أنارت لي الطريق بالشيء الكثير... في قراءة أمور الحج بتروٍ وبصيرة ومن هم الذين يحق لهم الفتوى.. ومن هو الفقيه الورع الذي يخاف الله عز وجل في أمور حجاج بيت الله
أخواني يجب علينا أن نفرق بين الداعية والقارئ والعالم والفقيه والعلماء المتخصصين بالإنترنت ونحوهم ويجب علينا أن نعرف من أين نأخذ مصادر الفتوى والأحكام.
قد تكون هناك فتوى مكتوبة ولكنها نقضت من نفس العالم أو من غيره من العلماء حسب فقه الواقع...
أسئلة كثيرة دارت في فلك فكري وأنا أرى الحجاج يمنة ويسرة وهم في حرج شديد في الإتيان بالواجب والحرص على فعل السنن بل وربطها بالواجبات..
إن أمر المقاصد الشرعية أمر في غاية الأهمية بالنسبة لحملة العلم الشرعي والمتفقهين في كتاب الله والسنة من المبتدئين أو المجتهدين ، إذ أنها كالبوصلة التي تحدد للمسافر صحة اتجاهه من عدمه.
وما مثل من يتصدى لأمر الإفتاء والدعوة والتوجيه من غير إلمام بمقاصد الشرع ولا لمعرفة حقيقية بالواقع إلا كمثل من يبحث عن الثمرة في غير شجرتها ، أو يحاول استنبات البذرة في غير بيئتها ومكانها المناسب الذي لا تنمو وتنتج إلا فيه.. هذا الأمر الذي جعلني أفكر ملياً في تأليف بحث يختص بأمور الحج حسب مقاصد الشريعة وفقه الواقع الذي نعيشه والأخذ بأقوال العلماء..
ودمتم