الرياض - محمد عطيف
تتوقف الحكومة السعودية نهاية العام الجاري عن صرف "بدل غلاء المعيشة" للموظفين في القطاع العام. ويتخوف الخبراء من أن ينعكس ذلك على القدرة الشرائية للمستهلكين، وأجمعوا على ضرورة مواصلة الحكومة السعودية بدفع "بدل الغلاء" في ظل الظروف الاقتصادية الحالية واستمرار ارتفاع معدل التضخم والسلع الاستهلاكية.
واعتبروا أن تفعيل الرقابة على ارتفاع الأسعار لا يمثل إلا واحدة من الإجراءات التي يجب اتخاذها قبل وقف البدل.
معالجة المسببات الحقيقية
ورأى الخبير الاقتصادي والمحلل المالي تركي فدعق لـ"العربية.نت" أن "استمرار صرف بدل غلاء المعيشة يمثل عبئاً على ميزانية الدولة، لكن الحل الأمثل من وجهة نظر اقتصادية هو تعديل السياسات الاقتصادية ذات الشأن بالمواطنين والناس والمعيشة، بحيث تخفف من وطأة غلاء الأسعار ومراقبتها، وإعطاء الدعم لمن يستحقه".
وأشار فدعق إلى أنه "من الضروري أن لا ينظر بعض المواطنين لغلاء المعيشة على أنه جزء من الراتب، بل منحة ملكية محددة بإطار".
التضخم العالمي
بدوره، اعتبر الخبير الاقتصادي ناصر القرعاوي، في تصريحات لـ"العربية.نت" أن خيارات الحكومة مبنية على الوضع العام السائد في المجتمع، مؤكداً أن المعطيات الحالية تدعم خيار الإبقاء لاستمرار ارتفاع الأسعار عالمية وانعكاساتها المحلية على التضخم في السعودية، خصوصاً في الشهرين الماضيين".
وأضاف القرعاوي أن "كافة المبررات الاقتصادية والاجتماعية والقانونية لاستمرار الأمر الملكي الكريم متوفرة"، مشيراً إلى أنه "من خلال مسؤولية الدولة لتوفير مستوى معيشي كريم للأسر السعودية والمقيمين فإن "خيار الإبقاء على البدل محبذ على الأقل خلال سنة أو سنتين إلى حين استجلاء الوضع قبل إعادة النظر في هذا القرار".
وأوضح القرعاوي أن اللجوء لحل رفع الرواتب أو تحسين الأجور أمر غير مستحب لأنه يترافق مع موجة ارتفاع في الأسعار بشكل غير مبرر وغير مسيطر عليه، ومن الأفضل إعطاء محفزات في برامج الدولة والإعانات، مثل الإعانة الأخيرة لدعم خفض أسعار الشعير. الإعانة أشمل لكافة شرائح المجتمع ولا تقتصر على موظفي الدولة الذين ربما لا يزيد عددهم عن 800 ألف موظف".
وأضاف القرعاوي أن السعودية تحتاج إلى تفعيل القرارات الحكومية المتعلقة بمراقبة الأسعار والتجار الذين يذهب بعضهم لرفع الأسعار أحياناً بدرجة 50% أو أكثر.
ضعف الرقابة
وبرر القرعاوي أسباب فشل السيطرة على مراقبة ارتفاع الأسعار بضعف أدوات وصلاحيات وزارة التجارة التي لا تملك الآلية الرقابية الكافية، فحتى في المخالفات ليس من صلاحيات وزير التجارة إيقاع عقوبة بتاجر مخالف حتى يعود "للداخلية"، فلماذا لا تمنح التجارة الصلاحية لمعاقبة والتشهير بالتجار المخالفين".
من جهته، قال عضو مجلس الشورى السعودي د. فهاد الحمد إن "التوقعات والأوضاع الحالية تشير إلى الاستمرار بالأمر الملكي الكريم، ليس هناك من يقدم إجابة قاطعة".
وأشار إلى أنه يجب تصحيح مفهوم البعض بأن بدل غلاء المعيشة هو جزء من الراتب، معرباً عن أمله باستمرار البدل كون التوقعات تشير إلى ارتفاع التضخم.
وأضاف الحمد أن مسألة ارتفاع الأسعار عالمية كما أننا نستورد التضحم خاصة أن معظم السلع تستورد من الخارج. وتابع أن تطبيق الرقابة الصارمة لن يحل سوى جزء من المشكلة، ربما يكون رفع الأجور أو المرتبات أحد الحلول لمواجهة الغلاء العالمي.
مواجهة الغلاء
وكان مجلس الوزراء السعودي قد أقر في كانون الثاني (يناير) 2008 إضافة بدل يسمى (بدل غلاء المعيشة) إلى رواتب موظفي ومستخدمي ومتقاعدي الدولة سنوياً بنسبة خمسة بالمئة، وذلك لمدة ثلاث سنوات وزيادة مخصصات الضمان الاجتماعي بنسبة 10%.
وتم صرف البدل في السنة الأولى بنسبة 5% وتضاعف في السنة الثانية ليصبح 10% ليصل في السنة الثالثة إلى نسبة 15% وذلك من الراتب الأساسي. وشمل كافة شاغلي الوظائف في القطاع الحكومي بمختلف فئاتهم بما في ذلك المتعاقدين السعوديين وغير السعوديين.
ووفقاً لمؤسسة النقد العربي السعودي "ساما" فإن معدل التضخم بلغ 6.1% في شهر آب (أغسطس) الماضي، وتشير الإحصاءات إلى أن البطالة بين الجنسين بلغت (10.5%) من إجمالي قوة العمل في المملكة، التي تقدر بنحو أربعة ملايين عامل.
ورأت وزارة الاقتصاد والتخطيط أن رفع مستويات المعيشة وتحسين نوعية الحياة للمواطنين لا يزال بحاجة إلى مواجهة جملة من التحديات أهمها: مواجهة غلاء المعيشة، وتنمية الواقع المعيشي للمواطن مقارنة بحجم اقتصاديات المملكة، بالإضافة إلى عدم رفع الدخل وبقاء سلم رواتب الموظفين.
http://www.alarabiya.net/articles/20...20/122901.html