ماجد الخليفي وكريمته في جبال الملح الأثيوبية
الصور والخبر على الرابط
http://www.alwatan.com.sa/Dialogue/N...4&CategoryID=4
http://www.alwatan.com.sa/Dialogue/N...4&CategoryID=4
"جحيم الأرض"
سياح يستكشفون "غرائب الطبيعة"* "مي الخليفي".. أول سعودية تصل إلى جبال الملح بإثيوبيا
السكان يمارسون طرقا بدائية لاقتطاع طبقات الملح في داناكيل الإثيوبية (الوطن)
أبها: محمد آل عطيف 2013-04-30 1:15 AM
يخالف المواطن ماجد الخليفي وابنته مي، العرف السائد لدى أغلب السعوديين، خاصة عند رغبتهم في السفر إلى الخارج، لناحية السؤال عن أفضل المطاعم والمقاهي وأرقى المجمعات التجارية. فهما يتفقان مع الجميع على أن السفر له فوائد عدة، لكن الاختلاف في الاتجاهات والأهداف مضمون متباين. فهناك من يجد المتعة في التسوق والترفيه لا غير، وهناك من يحرص على تنوع الأماكن التي يزورها، لا سيما المناطق التاريخية والأثرية، وكذلك أشهر المعالم السياحية والمتاحف والمكتبات. إلا أن كثيرا من السياح يعشق السفر إلى الأماكن المشهورة، أو التي تنعم بتوفر الخدمات، لا سيما المناطق التي تمتلئ بالشواطئ وأحواض السباحة والمناخ المعتدل من أجل قسط من الراحة والاستمتاع بالمناظر أكانت بحرية أو جبلية خلابة.
جحيم الأرض
ومن الغريب أن يستقطب السياح مكان سماه سياح غربيون "الجحيم على الأرض" من شدة قسوته. وهذا المكان يوجد في القارة الأفريقية، ويسمى "صحراء داناكيل" ويقع شمال شرقي إثيوبيا، وجنوب إريتريا، وليس بعيدا من جيبوتي، ويقبع تحت مستوى سطح البحر بما يزيد عن 120 مترا.
ويقول الرحالة الخليفي، الذي يقيم في اليابان مع أسرته في مراسلات مع "الوطن"، إن صحراء "داناكيل" تعدّ من أكثر الصحاري في العالم صعوبة وجفافا، بل من أشدها، إذ ترتفع درجة الحرارة صيفا لتلامس الـ 50 درجة مئوية، مصحوبة بتلوث طبيعتها بالغازات السامة، نتيجة وجود كثير من البراكين الثائرة دوما، متزامنة مع وجود بحيرات كبريتية تتصاعد منها روائح كريهة، تؤثر سلبا في الجهاز التنفسي للإنسان والحيوان. ومن النادر من يخرج منها ولم يصب بزكام يستمر أياما طويلة، وقد يصاحبه ارتفاع في درجات الحرارة.
قسوة الطبيعة
ولفت الخليفي إلى أن المثير للدهشة، أنه يوجد أعداد كبيرة من السياح تتسابق لتذهب في رحلة إلى هذا المكان، لمدة تصل إلى 14 يوما، ويدفعون تكلفة لهذه الرحلة تصل إلى 4600 دولار من أجل أن يعيش أصعب تجربة يمكن أن يراها إنسان، ومع هذه المعاناة وقسوة الطبيعة وشدة الحرارة، إلا أن هذه الأماكن تستقطب الكثير من السياح، وليس أدل على ذلك من توافدهم بأعداد كبيرة، وعلى هيئة مجموعات، إلى هذه الصحراء القاحلة، على الرغم من خلوها من أبسط مقومات السياحة أي الفنادق أو الموتيلات، وأن الكثير منهم يعيش حياة البساطة وينام على سرير من الخشب في الخلاء، إلا من سقيفة مغطاء بصفائح حديدية لحجب مياه الأمطار.
ويرى الخليفي أن هذه التجربة أفضل من الأوقات التي قضاها في الأماكن السياحية الفاخرة، خاصة أنه رأى أفضل وأغرب مناظر طبيعية يمكن رؤيتها على وجه الأرض، وتصنف هذه الصحراء أنها أقسى مكان في الكرة الأرضية؛ لما بها من حمم بركانية متفجرة، وغازات سامة لا تنقطع، وأن هذه الصحراء كانت دائما تشهد تساقط الأمطار الموسمية عليها، كما يشير إلى ذلك ساكنوها، أما الآن فالجفاف يضرب أطنابه عليها، مما أدى إلى نفوق مئات من الإبل والماعز لتصبح جثثا، لا تلبث أن تتحلل وتذروها الرياح.
أول سعودية
وتلتقط الشابة السعودية مي ماجد الخليفي، الحديث من والدها فتقول: أنا وأخي "عصام" نشأنا على حب المغامرة مثل والدنا، فأصبحنا نحب السفر إلى الأماكن التي لا ترغب أي عائلة أو متزوج جديد أن يقضي إجازته فيها. فوالدي محب للسفر، والوالدة تشجعه على الذهاب واستكشاف الأماكن التي لا يطرقها السائح العادي، وكنا نرافقه في ذلك منذ الصغر، وساعدنا ذلك من خلال وجودنا الطويل خارج المملكة، فأنا درست الابتدائية في المنطقة الشرقية بالمملكة، والمتوسطة في سنغافورة، والثانوية والجامعة في اليابان.
ترتيب الرحلة
وأضافت "غالبا والدنا هو الذي يحدد المكان، ولكن خلال العام الماضي شاهدت برنامجا تلفزيونيا علميا عن منطقة داناكيل في شمال شرقي إثيوبيا على الحدود مع إريتريا، وكان حلمي أن أشاهدها على الطبيعة بالرغم من الصعوبات اللوجستية والأمنية" حيث تناقشت مع والدي وحددنا البرنامج والموعد، وتم ترتيب الرحلة مع شركة سياحية في مدينة "ماكالي" شمال إثيوبيا، وقبل يومين من سفرنا قام متسللون إريتريون بخطف مجموعة سياحية ألمانية – بريطانية وسرقة سياراتهم في تلك المنطقة، ذلك الحادث بات يؤرقنا، ويقض مضجعي ليل نهار، فأنا من طالب بهذه الرحلة، ولكن ماذا أفعل؟ لا بد من قرار. قررنا إلغاء سفرنا، إذ إن منطقة "داناكيل" منطقة صراع، وتعدّ منطقة حرب، إضافة إلى هاجس حقول الألغام التي تشكل تهديدا جديدا.. في بداية هذا العام، تحسن الوضع الأمني قليلا بوجود كثيف للجيش الإثيوبي في المنطقة، فكنا من أوائل المجموعات السياحية التي تدخل داناكيل بعد ذلك الحادث، وساعدتنا خبرة دليلنا في اكتشاف المنطقة وجنبتنا مخاطرها.
الحراسة
وتشير مي التي تعيش حاليا مع الأسرة في محافظة "ناغانو" اليابانية، إلى أنه للتوجه إلى منطقة البراكين، يجب أن تخرج مجموعة من السيارات محملة بالحرس، حتى وإن كان المسافر شخصا واحدا، إضافة إلى الدليل الإثيوبي ودليل عفاري "نسبة إلى قبيلة أو منطقة عفار" من سكان المنطقة ورجل شرطة من أهالي عفار وهناك ترافقك مجموعة من الجيش الإثيوبي للحراسة.
مقالع الملح
في منطقة داناكيل، لا يوجد شيء من الحياة العصرية، لا كهرباء ولا ماء ولا طرق ولا مبان ولا فنادق ولا بيوت، باستثناء أكواخ العفاريين الذين يعملون في مقالع الملح وأصحاب القوافل. ومنطقة داناكيل هي منخفض بركاني ينخفض 120 مترا تحت سطح البحر، تكثر بها الحركات الأرضية التكوينية الزلزالية، والتي أثرت في سطحة بتكوينات عدة. هناك لا يوجد سكن ولا فنادق، بل تنام على سرير من الخوص في العراء. وتقول: من حسن حظنا أن سبق توفير أكياس خاصة للنوم.
وتشير مي إلى أنها انطلقت في رحلتها من اليابان، واستغرقت الرحلة من مدينة ناغانو حتى مدينة ماكالي نحو 26 ساعة مع توقف ساعة في كل من طوكيو ودبي وأديس أبابا. وكان خط رحلتنا من ناغانو في وسط اليابان الى العاصمة طوكيو بالقطار، ومن طوكيو إلى دبي على الخطوط الإماراتية، ومن دبي إلى أديس أبابا فـ"ماكيلة" على الخطوط الإثيوبية، وفي منطقة داناكيل لم يكن معنا سوى الخبز والجبن والبيض البلدي وبعض معلبات التونا، والماء لمدة 3 أيام أما في قرية "براحيل" فكان اللحم المقلقل القاسي جدا، هو أكلنا صباح مساء.
قوافل الملح
وتتابع: بدأت رحلتنا بالوصول إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، ثم برحلة داخلية في أديس أبابا شمالا إلى مدينة ماكالي، إذ التقينا بالدليل والسيارات، وأكملنا تجهيزات الماء والطعام والمعدات، وسرنا 6 ساعات قطعنا خلالها سلسلة جبال وعرة حتى نزلنا إلى منطقة عفار وتحديدا قرية براحيل، إذ رافقنا شرطي مسلح للحراسة وبقي معنا حتى عودتنا. ثم اتجهنا نزولا إلى منخفض داناكيل إلى قرية "حامد آلة" التي ستكون هي محطة إقامتنا هناك، وهي قرية صغيرة يسكنها العفاريون الذين يعملون في قطع الملح وبيعه لأصحاب القوافل.
فوهة البركان
لم نتمكن لا في اليوم الأول ولا في اليوم الثاني من الصعود إلى فوهة بركان آرتا آلة، بسبب كثافة غازات الأمونيا والكبريت الخانقة، وبدلا منها توجهنا إلى مسطحات دلول، حيث التشكيلات والألوان العجيبة لما يخرج من باطن الأرض المنصهر من معادن وأملاح وغازات تشبه الشعب المرجانية البحرية والمشكلة أن الجو مشبع برائحة الكبريت والأمونيا الكريهه، وإذ إن قشرة الأرض هناك أخفت سكان المناطق الأخرى، لذا تشاهد خروج غازات وسوائل مياه ساخنة من تحت الأرض تتجمع في منخفضات تشاهدها تغلي من الحرارة كغلي الماء في القدر بينما تشاهد بعض الطيور النافقة بسبب الغازات والتسمم.
وعلى بعد نحو 50 كلم من دلول، توجد بحيرة كبيرة تجف بعد موسم الأمطار بسبب الحرارة الشديدة تاركة طبقة سميكة من الأملاح المعدنية يقوم خلالها أهالي عفار بقطع وتشكيل تلك الأملاح وبيعها إلى أصحاب القوافل التي تقوم بنقلها إلى مدينة ماكالي مسيرة سبعة أيام، إذ يعملون بظروف قاسية جدا بسبب الحرارة الشديدة ومشقة العمل وانعدام الوعي الصحي، فقد شاهدنا تقرحات أيديهم وأرجلهم بسبب قوة تركيز الملح وانعدام الماء.
مروي السودانية
بعد انتهاء زيارتنا إلى منطقة دناكيل، توجهنا إلى السودان لزيارة موقع تاريخي لا يعرفة إلا قلة من الناس، ألا وهي مدينة مروي الأثرية الواقعة في منطقة البجراوية، التي تبعد نحو 210 كلم شمال الخرطوم في منطقة صحراوية، إذ هي مدافن ملوك المرويين منذ القرن السادس قبل الميلاد، وبها 57 هرما متوسط الحجم.