عرض مشاركة واحدة
قديم 19-03-2010, 07:52 AM
  #10
نديم الهوى
عضو
تاريخ التسجيل: Mar 2010
المشاركات: 77
نديم الهوى has a brilliant futureنديم الهوى has a brilliant futureنديم الهوى has a brilliant futureنديم الهوى has a brilliant futureنديم الهوى has a brilliant futureنديم الهوى has a brilliant futureنديم الهوى has a brilliant futureنديم الهوى has a brilliant futureنديم الهوى has a brilliant futureنديم الهوى has a brilliant futureنديم الهوى has a brilliant future
افتراضي رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية


الحلقة الثالثة



طيب نرجع لحكايتي مع لندن، بعد ما أستقريت في لندن أخذني الوالد ثالث يوم للملحقية العسكرية لأنها هي مرجعنا في العلاج عشان كنا جايين على حساب الأمير سلطان شفاه الله. رحنا للملحقية العسكرية وكانت في منطقة هولاند بارك، قريبة من نوتنينق هيل قيت، وشمال هاي ستريت كنجنستون الشهير. المهم رحنا لموقعها الجميل بجانب حديقة هولاند وسجلت اسمي مرافق جديد لأخي لأن الوالد وأخي الكبير سوف يغادران للسعودية قريب. بهذا التسجيل صار يصرف لي 250 باوند كل اسبوع، وأخي المريض 250 يعني 500 في الأسبوع، الصراحة كان مبلغ كبير وأكثر من حاجتنا ذيك الأيام. وفي الملحقية العسكرية قابلت واحد يشبه سبأ با هبري مذيع الأخبار في السعودية، سألته قلت أنت سبأ با هبري، قال لا أنا أخوه، قعدنا نسولف نص ساعة مع بعض و لما جيت أروح قال ترى أنا سبأ با هبري بس حبيت أمزح وياك، طلع ضابط ما شاء الله عليه.

وفي اليوم التالي أخذني الوالد لزيارة السفير السعودي في بريطانيا، ناصر المنقور، رحمه الله الذي كان صديقا قديم للوالد، عندما كان الوالد في يوم من الأيام يعمل في مجال المقاولات وكان السفير رئيسا لشركة اسمنت اليمامة. قابلنا السفير بود شديد وطلب مني الاتصال به بأي وقت به أو بمدير مكتبه إن احتجت أية مساعدة، وفجأة بدأ يتحدث معي باللغة الإنجليزية، ولما حس إنه قاعد يأذن في مالطا، قال شوف يا ابني إنت جاي مرافق لأخوك، وهذا عمل نبيل، لكن بيكون عندك وقت طويل ولازم تتعلم لغة انجليزية عشان تستفيد من وجودك هنا، وما انتظر ردي ونادى سائق سوري وقال تاخذ أبو نديم توصله سكنه وتروح لمدرسة اسمها لينك انقلش سكول وتسجل فيها نديم وتغطي مصاريف الدراسة من المحاسبة. شكرناها على مبادرته الطيبة، وأصلا كنت حاط في بالي أسجل في أي معهد عندما تستقر أموري، لكن سبقنا رحمة الله بطيبته وببعد نظره.

بعد مرور بضعة أيام عرفنا إن العلاج بيستمر أشهر طويلة، وأخوي المريض كان سلفيا متشدد زي ما ذكرت وكان ما ياكل طعام"أهل الكتاب" رغم وجود فتوى بذلك وآية كريمة تحلل أكلهم، بس وش نقول عاد. عشان كذا بدأ أبوي يعلمني فن الطبخ، علمني خطوة خطوة، كيف أولاً أطلب من الجزار تقطيع الخروف حسب الأكلة الي بعملها، مثلا، المشوي بالفرن يعمل دوائر مثل الإستيك، الريش كيف تكون، وعلمني الكبسات والمشخول وعلمني كيف أسوي أكله اسمها منتو، كان أخوي يحبها، وهي عجين وسطه لحم تم تحميسه وتطبخ على البخار. احتجنا لعمله أن نشتري قدر خاص، ولذلك ركبنا الأندرقراوند من الكوينز واي إلى منطقة أسواق شعبية غالبية البائعين فيها من اليهود وفيهم الكثير من اليهود العرب تسمى ليفربول ستريت. رحنا هناك وكان السوق فعلا شعبي وعربيات فيها تقليد للماركات وأسعار رخيصة جدا وتكثر فيها المطاعم الشعبية مثل الفش آند شبس الأكلة الشعبية الأولى للإنجليز. والفش آند شبس للمعلومية أصبحت الأكلة الشعبية للبريطانين منذ العام 1888م. والسبب لأنه في تلك السنة تقريبا بدأ تسيير القطار البخاري بين معظم المدن فأصبح من الممكن نقل السمك من الشواطئ إلى المدن الداخلية خلال ساعات بسيطة قبل أن يتلف السمك، وبذلك ازدهرت مطاعم الفش آن شبس. كانوا في السابق يلفونها بورق الجرائد وتؤكل باليد، الآن تلف في أوراق أو صحون بلاستيك مع شوك بلاستيك.
المهم مالكم بالطويلة، أخذنا قدر في وسطه مثل الشبك، عشان نضع تحت الشبك ماء وفوق نضع العجينة وداخلها اللحم المحموس، وبكذا تنضج الأكلة بالبخار ونحصل على أكلة منتو.
لكن بصراحة ودي أوقف لحظة وأخبركم عن والدي، لأن أحس إن قصة حياته قد تعجبكم رغم إن عندي كثير من الكلام عن حياتي في لندن تلك الفترة، بس معليه خلوني أعطيكم فاصل بقصة والدي.

والدي الآن عمر حوالي 84 أو 86 سنة الله يعطيه الصحة والعافيه ويشفيه، رجل عظيم بمعنى الكلمة، بنى نفسه من تحت الصفر ونجح في الحياة بعد توفيق الله بسبب ذكائه وحنكته وتوقد ذهنه وصبره. وكانت بداية حياته أنه سافر مشى على الأقدام مع ثلاثة من أخوانه: الكبير 12 سنة، والدي 9 سنوات وعمي الصغير 7 سنوات، سافروا مع الجمالة (قافلة تسافر بين المدن) من قريتهم إلى مكة بمسافة نحو 400كم. لم يكن لديهم مال لركوب الجمال، وكان حينما يصيب أبي التعب والإنهاك يقوم عمي الكبير بضربه حتى يكمل السير. لذلك كلما مررنا مع أبي ونحن في طريقنا للطايف على طريق الهدى يأخذنا إلى ناحية الطريق البري بين جبال الهدى الشاهقة، وهو الطريق الذي كانوا يمشون عليه للوصول لمكة المكرمة قبل عمل الطريق المعبد، وكان يحب كثيرا أن يجلس على صخرة كبيرة ملساء في منتصف الطريق الرجلي، وهو يحكي لنا ويقول جلست يوما أبكي فوقها من شدة التعب، وأتى رجل من قبائل هذيل وسأله لماذا تبكي يا أبني، فحكى له قصة معاناته والفاقة، وكيف أن عمي يضربه كلما تعب من الطريق، فعطف عليه الرجل جزاه الله خير وأعطاه بعض العنب والفواكه وريال فرنسي. المهم بعد أن وصلوا مكة المكرمة، اشتغلوا كخدام (يسمونها يجاودون، أو مجاوده) وكان من نصيب أبي أن عمل لدى عائلة تركية طيبة في مكة، كان يحكي أبي لنا كيف كانت المرآة التركية تعطف عليه وتخيط له الملابس الجميلة في العيد وتعامله مثل ابنها. المفارقة أن أبي لم يستسلم للأمر الواقع فقد كان طموحه كبير، لذلك بدأ بعد مدة في العمل طرق العمل الحر عندما وصل عمره 13 سنة، ففتح مقهى على المسعى في الحرم المكي، يعني الشخص الذي كان يجلس في القهوة كانت رجليه في المسعى، وبعد مدة ولأول مرة بدأت الأموال تتجمع بيده. ولكن من ملاحظاته الثاقبة في المسعى كان يرى كبار السن يسعون فوق صناديق (خشب على قولة الأفارقة) مثل تلك التي تستخدم في الطواف، ففكر في طريقة أفضل من ذلك تدر عليه دخل. هذا الحديث طبعا قبل 65 سنة. ففي أحد الأيام مر من أمام أحد المحلات لتاجر اسمه قزاز، قد يكون أب أو جد قزاز صاحب العطور الحالي، فوجد عنده عربتان فقط مثل عربات المرضى أو المعاقين فصرخ مثل نيوتن عندما اكتشف الجاذبية قائلا وجدتها وجدتها. فدلف على قزاز وقال لها تعطيني العربيتين سلف وأنا أسدد لك ثمنها بعد شهرين. رد عليها قزاز، يا ولدي هذي غالية، قيمتها 200 ريال فرنسي، كيف بتسددني، لها عندي ثمانية أشهر ما احد قدر يشتريهم. فأخبره أبي أنه سوف يستخدمها في المسعى لتحميل كبار السن أثناء السعي. فلما عرف غاية ابي منها قفز من مكانه وقال خذها من الآن، لأنه كان متأكد بأن أبي سوف يحصل على قيمة العربات في أسرع وقت ممكن من الحجاج والمعتمرين. اشتغل ابي مدة ليست بالبسيطة وكان أول من سن العربيات في المسعى التي استمرت حتى يومنا هذا. وقد حصل على أرباح كثيرة وشغل معه الكثير من أقربائي لمدة سنتين، حتى انتشرت الشغلة وبدأ يفكر في طريقة أخرى أفضل في كسب لقمة العيش، فإتجه للعمل في التابلاين في مدينة رفحاء (وهي الشركة الأمريكية التي كانت مسؤولة عن خط نقل الزيت من رأس تنورة في الخليج إلى حقل الزهراني في بيروت ومن ثم إلى أوربا وأمريكأ) وهنالك تعلم اللغة الانجليزية قراءة وكتابة (أبي يكتب ويقرأ لغة انجليزية فقط، ويقرأ القرآن بتعتعه إلى الآن وكل حساباته باللغة الانجليزية). عمل حتى وصل فور مان، وهي مرتبة لم يصلها أي موظف سعودي في تلك الفترة. عنده مقابلة في صحيفة للتابلاين باللغة الانجليزية وهم يكرمونه بعد أن استطاع أن يطفى النار لوحده في احد محطات الضخ في التابلاين، بينما كان المسؤول عنها في سابع نومة. كما عمل له مزرعة في رفحاء للراحة وكان في نفس الوقت يستفيد منها تجارياً. أما كيف تزوج أمي، فالوالد مهو بسيط، كان راجع من الدوام ورآى اثنين من الأطفال يبدو عليها الجمال (كانوا قادمين من العراق، لأن خوالي وجدي سعوديين بس كانوا عايشين أيام الفقر في العراق وعادوا عن طريق رفحاء) فتبعهم ولما عرف البيت أتاهم في الليل وسأل جدي هل عنده بنت للزواج؟ أجاب جدي بالايجاب، وتم الزواج بكل بساطه.
بعد أن تزوج أبي من أمي، وصل الخبر لأبناء عمها واحد اسمه بادي والآخر بداي، وأضمروا لأبي شرا، وكانت خطتهم هي قتله والتخلص منه، لأنهم يرون أنهم هما الأولى بالزواج من بنت عمهم، والله كما أخبركم، هذا الذي كان يحدث بكل بساطة بلغة أهل البادية قبل 60 سنة أو نحوها، ولكن أبي قدم استقالته أخذ حقوقه بعد عمل نحوة 16 سنة حوالي 150000 ريال سعودي وذهب لمدينة الطايف. وفقد أثره بادي وبداي لأن لم يكن معهم جي بي اس لاقتفاء اثر والدي قبل 60 سنة. بادي توفي رحمه الله، وبداي الآن عمر حوالي التسعين وهو من أعز أصدقاء أبي.
وصل أبي للطايف واشتري أجمل منزل في حي الريان وكان الشخص الوحيد في الحي الذي لديه سيارة، وكانت مرسدس بيضاء موديل 77 وكان بيتنا البيت الوحيد الذي لديه ثلاجة في الحارة. كانت السيارات البيوت التي فيها ثلاجات في ناحية الحارات التي يسكنها البخارية، والآخرين الذين هم من أصول تركية أو شوام، كنا ننظر لهام تلك الأيام وكأنهم فرنسيين أو ناس هاي هاي. قام أبي خلال وجوده في الطايف بالاستفادة من الأموال التي حصل عليها من التابلاين بشرا الكثير من الأراضي في الطايف، والأرض الواحدة كان يشتريها ب250 أو 300 ريال، وكان من زملائه في تجارة العقار بن بكر، والد مدير جامعة الملك فهد السابق، وسفير السعودية في تونس، وكذلك شخص اسمه الخريجي، وآخر اسمه الهطلاني وبن سليم وبن فرحة. أحدهم انتحر عندما خسر ابنه لاحقا حوالي 200 مليون ريال. يقول أبي عنه، أنه من غناه في لبنان ،أيام لبنان بداية السبعينات، كان بعد ان يغلي الماء ويضعون الشاي يقوم بتخدير الشاي باشعال الليرات تحت ابريق الشاي!!!!!

لم يكتف ابي بذلك بل عمل أول مزرعة نموذجية للدواجن هناك، وأصبح يستورد تريلات من لبنان من شخص يدعى أبي اللمع. أبي اللمع يأتي بها من ألمانيا ويحورها حسب مواصفات السعودية ويستوردها أبي للسعودية. في تلك الفترة بداية السبعينات كنت طفلا صغيرا، وكان أبي يقضي في لبنان ثلاثة أشهر ويقضي عندنا أسبوع، لدرجة أن مرة طرق باب بيتنا أحد الأشخاص وسأل عن أبي فقلت له أبي في لبنان، وبعد نصف ساعة خرجت ألعب مع الأطفال وعند نهاية الشارع وجدت أبي يجلس في (دكه مع العم سلطان الحربي)، وهذا يدل كثرة سفراته وانقطاعه عنا. في نهاية السبعينات بدأت الأراضي ترتفع بشكل جنوني وأصبحت بعض الأراضي تباع بالملايين، أذكر احداها بعيت على وزارة التعليم ب 9 مليون. ومن يومها بدأ والدي يدخل قائمة أصحاب الملايين بعد كفاح وتعب مرير يستحقه عن جدارة. كان أبي قبل الطفرة يبيع الأرض الواحده ب 1500 وأكثر الأحيان على أقساط، وبعدها أصبحت أصغر قطعة ب 100 ألف ريال.

أما المرحلة اللاحقة من حياته فهو انتقاله إلى المنطقة الشرقية وعمله في النقليات ليستفيد من خبرته في مركبات النقل التي كان يحضرها من لبنان (الآن توقف الاستيراد لبدء الحرب الأهلية اللبنانية). انتقلنا للمنطقة الشرقية وبدأ في تكوين اسطول نقليات، وكان يقوم بمجهود خرافي هو ومدير أعماله مستر حسين الجنتل مان مان الهندي. لم يكن مستر حسين هنديا بسيطا، لكنه هندي ترى فيه فخامة المهراجا وارستقراطية الرجل الإنجليزي، أتى للوالد بحنكته وذكائه بعقود بعشرات الملايين، أذكر منها تخليص ونقل منشآت مطار الملك خالد بالرياض كاملة والذي كانت كل مكوناته تستورد من الخارج. كذلك مصفاة الرياض أو القصيم، لم أعد أذكر. والأجمل منها هو عقد تموين شركة كورية اسمها هونداي لديها أكثر من 5000 موظف كان مسؤول عن تموينها بكل شئ، طعام سكن، ملابس، هدايا حتى عصي المكانس، كنت أسمع وانا أجلس في المكتب معهم، عصاية المكنسة تكلف ريال وتباع لهم ب 12 ريال، ولم يكن يوجد أحد منافس في السوق فالعالم كانت نايمه في ذيك الأيام. وكان الربح في الشهر الواحد حوالي ثلاثة ملايين، الأموال متوفرة، والمشاريع على قفا من يشيل، ليس مثل الآن نفق الدمام له ست سنوات مغلق ولم يستطيعون اصلاحه،،،،


شكلي طولت عليكم اليوم، وبعدكم من لندن ، بانتظر التعليقات، اذا بغيتوني اكمل موضوع ابي، كملت أو نرجع لموضوع لندن
نديم الهوى غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس