عرض مشاركة واحدة
قديم 08-04-2008, 03:47 PM
  #1
أبو يزيد السرواتي
عضو
تاريخ التسجيل: Jul 2006
المشاركات: 87
أبو يزيد السرواتي is a jewel in the roughأبو يزيد السرواتي is a jewel in the roughأبو يزيد السرواتي is a jewel in the rough
افتراضي ظاهرة انتساب حاضرة نجد الى قبيلة قحطان : دعوة للنظر والتأمل

عملت القبيلة في السابق على سد احتياجات رئيسية للانسان مثل : الأمن والغذاء وحاجة الانتماء والشعور بالقوة وعليه كانت القبيلة بناء اجتماعي يقوم رابطة النسب والتجاور ( كدخول المغارمين ) , في العصر الحديث وبعد بناء الدولة السعودية الحديثة لم يتبق من أهمية القبيلة سوى : حاجة الانتماء كحاجة رئيسية غريزية في الانسان ( انظر هرم ماسلو في علم النفس للحاجات الانسانية ) .

في خضم نمو وتطور الدولة ومن خلال عدم قدرة المجتمع على بلورة مساحات أخرى كثيرة تشجع على الانتماء والابداع كوجود مؤسسات حاضنة للأفراد بغض النظر عن انتمائهم القبيلي , حدثت ردة قبائلية كبيرة خصوصا في المجتمع النجدي الذي تحدد كثيرا من قيمة الانسان بناءا على أصوله النسبية ( من النسب) وغذى ذلك تعالي البناء الطبقي في ذلك المجتمع بحكم القرب أو البعد عن الطبقة الحاكمة وشجع ذلك الاعلام الذي يتحدث عن القبائلية كقيم وعادات معينة ومناشط اجتماعية ودعائية كبيرة : أنظر لمهرجانات المزايين و شاعر المليون.

قبيلة قحطان تعتبر أكبر القبائل العربية عددا ومساحة أراضي وتتنوع ما بين : حاضرة وبادية وتهامة , وهذا بالطبع يؤدي الى أن يكون مفهوم القبيلة وأسسها متعينة بحكم الجغرافيا والبيئة والتراكم الترايخي , فمثلا نجد أن الفرع البدوي من القبيلة لا يكاد يذكر شأنا للأرض بل يعلي دور رابطة النسب والحمية للنسب لكون النسب هو الثابت الذي يحمله معه البدوي كلما رحل وارتحل من مكان الى آخر وما يصاحب ذلك من معارك مع قبائل أخرى منافسة على الماء والكلأ الذي يعتبر كالنفط في عصرنا الحاضر ومن هنا نرى تمسك البادية من قبيلتنا بتراثها القبائلي الذي يعتمد على استثارة الحمية القبائلية والتحدث عن الغزوات للقبائل الأخرى كمنافسة على الماء والكلأ .

في حين أن قسم الحاضرة من قبائلنا يعلي مع قيمة النسب والأصل قيمة الأرض , فتحد كل قبيلة حدودها مع القبيلة الأخرى وتضع محاجرها ( نسب للمحجر ) وتمنع الاحتطاب في المناطق المشتركة قبليا كما ويوجد لديها نظام قبلي بخصوص الخلجان ( نسبة للخليج وهو جسر ترابي يوضع في الوديان لحرف المياه كي تدخل للمزارع ) كما أيضا تنظم الأسواق الأسبوعية ولعل منها على سبيل المثال : سوق خميس عبيدة في السراة وسوق رفيدة يوم الأحد ( وسميت على أثره مدينة أحد رفيدة) وغيرها من الأسواق الأسبوعية في الحرجة وظهران الجنوب وبلاد بني بشر وسنحان وغيرها حيث كانت كل قبيلة أو مجموعة قبائل تتناوب على حماية السوق وتأمينه فمثلا سوق سراة عبيدة المشهور كان تحت حماية قبيلتي ال معمر وال الصقر من عبيدة حيث كان ال معمر يحمونه 6 أشهر ويحميه ال الصقر 6 أشهر ويؤمه الكثير من القبائل من بني بشر ومن تهامة ومن رفيدة ومن الحباب ومن شريف بل ومن قبائل غير قحطانية كشهران وبني شهر والذين استوطن عدد من الأسر القحطانية من قبيلة ال معمر في بلادهم بحكم التجارة والبيع والشراء ( أنظر العوائل المعمرية في تنومة مثلا ) .

في منهج الحاضرة نجد أن عاملي ( النسب والأرض) قد لعبا في تشكيل هوية القبيلة وتحدياتها التاريخية فلم يكن الدفاع عن القبيلة فقط بقدر ما كان أيضا دفاعا عن الأرض ولذا قلت حروب هذه القبائل فيما بينهما مقارنة بالقبائل البدوية لكن كثرت حروبها تبعا لسياسة الأرض فمثلا عندما احتل الأتراك منطقة عسير عام 1288 هجرية , قاومت هذه القبائل هذا الاحتلال وقامت بعدد كبير من الثورات ضده لعل من أشهرها الحصار الذي قامت به هذه القبائل مع بقية القبائل من شهران ورجال الحجر حول أبها في حدود عام 1309 هجرية , وقد قاد الشيخ محمد بن عبدالله بن دليم ( شيخ شمل قحطان ) حربين كبيرين على الأتراك في بلاد بللحمر ( أنظر كتاب الرحلة اليمانية و مذكرات سلميان شفيق باشا) .






بعد هذا الشرح عن الخلفية القبلية لقبيلة قحطان , نجد أنها بأقسامها الثلاثة : حاضرة وبادية وتهامة ( والتي ميزها النمط التضاريسي ) تتشكل وفق هذه الأطر .


حاضرة نجد لم تتشكل على شاكلة قبائل بل تشكلت على شكل واحات صحراوية تسكنها عدد من العوائل التي تعود الى أصول قبلية متتوعة أو أصول غير قبلية فمثلا من المشتهر ال عائلة ال الشيخ تعود الى تميم ومن المشتهر أن السديري يعودون الى الدواسر وهلم جرا .

في هذا الاطار لم تعرف هذه القرى أو حاضرة نجد تشكل قبلي فلا وجود لقبيلة مختصة بمنطقة معينة ولها حدود واضحة المعالم ولها شيخ يحكمها بل تجد في عنيزة مثلا أسر تعود الى : سبيع وعتيبة وشمر وبني تميم وهكذا والولاء يكون هنا للمكان فقط بغض النظر عن الانتماء القبلي .


لكن بسبب ظهور القبيلة وظهورها كحاجة ماسة للانتماء وخصوصا في مجتمع يحتم ذلك أدى ذلك بهذه الأسر وخصوصا الأسر ذات الأصول التي تحتاج الى تدقيق كبير في صحة انتمائها , ظهرت ظاهرة جديدة وهي قبيلة هذه العوائل وذلك عن بحثها عن أصولها القبلية وظهرت مشجرات النسب ومحاولة معرفة ( سلوم القبائل) والتظاهر بها وأيضا الالتصاق بالقبيلة كآخر انجاز حيث أن حاضرة نجد قد حققت النسب الأعلى في المناصب بحكم قربها من صانع القرار ومركز الدولة , على عكس أفراد القبائل الذين اما يعيشون في الأطراف أو لم تكن هناك رغبة في انضمامهم لقوة انتمائهم لقبائلهم .


هذه الحاجة الماسة للانتماء وخصوصا اذا ما كانت هناك اشكالات في نسب هذه الأسر وفي خضم مجتمع شديد العنصرية , أدى بأسر عديدة في النبش والبحث ومحاولة الالتصاق بالقبائل ويعتمدون في ذلك على تشابهات في الأسماء ! أو حكايات في بعض الكتب ! وخصوصا تلك الكتب التي تتحدث عن الأسر المتحضرة !


المشكلة هنا هي أن :

1- القبيلة ليست نسبا فقط , بل هي منظومة متكاملة من القيم والعادات والسلوم والتاريخ والتراث والذاكرة والهوية والأرض , فمثلا لن يأتي شخص ويدعي مثلا الانتساب الى عبيدة قحطان ثم لا نجد بينه وبين عبيدة أية صلة لا في اللهجة ولا في الشكل ولا في المزاج ولا في السلوم وأكبر دليل على ذلك هو أن أسرا دخلت في القبيلة بالحلف لا بالنسب فصارت جزءا لا يتجزأ من القبيلة بحكم معايشتها للقبيلة وعيشها في أرضها وتطبعها بطباعها وسلومها ومزاجها ومنهم مثلا أسر الأشراف في قبائل قحطان في رفيدة أو شريف مثلا . فالمسألة ليست ( نسبا) - ان صح هذه النسب أصلا - بل هو منظمة متكاملة وتاريخ طويل كانت فيه القبيلة مغرما قبل أن تكون مغنما فمثلا كانت تجهز كل قبيلة عددا من المحاربين وتقوم بدفع الديات وبالصلح وغير ذلك من الأمور التي لها تكاليفها الى حد الموت , في حين يريد البعض أن يأخذ القبيلة مغنما الآن فتحقق له المكانة الاجتماعية التي تنقصه وعلى حساب تاريخ طويل من حياة الكفاح والجهاد !!

2- يظن البعض عندما يجد في بعض كتب الأنساب أنه العائلة الفلانية أو البطن الفلاني ينتسب الى قحطان أو أنه قحطاني فالمقصود بذلك نسبة الى قحطان وليس المقصود به قبيلة قحطان المعروفة ولذلك تجد أحدهم من بني زيد يدعي الانتساب الى قحطان في حين المقصود بذلك قحطان الجذم العربي المقابل لعدنان كما قال الشيخ العلامة عبدالله بن منيع وهو من بني زيد .

3- أن في ذلك تدليسا على الناس , فعندما يُذكر قحطان بين الناس فيقول أحد من الناس " أنا قحطاني " فلهذا القول لوازم وأمور وسلوم معروفة ولذلك ستجد مثلا أحدهم يقول العائلة الفلانية فعلوا كذا وهم قحاطين أو زوجوا فلان وهم قحاطين وعندما نأتي الى هذه العائلة لا نجدها تنتمي الى قبيلة قحطان بشيوخها المعروفين .

4- يتم التدليس على الناس وخصوصا في مسائل مهمة كالزواج بأن يدعي أحدهم الانتساب الى قحطان وهو ليس من القبيلة ولا له سلومهم ولا طباعهم ولا حتى أرضهم وهذا التدليس يتم على القبيلة وعلى القبائل الأخرى التي تنظر لهذا الشخص على أنه قحطاني في حين أنه لا ينتمي للقبيلة وقد حصلت قصة لأحد العوائل من قبيلة شهران العريضة يسكنون الرياض حيث خطب عندهم شخص يدعي أنه قحطاني , لكن أب هذه العائلة الشهرانية كان حصيفا فسأله ( من شيخ قبيلتكم ؟ ) فأسقط في يد هذا الشخص ذلك أن لكل قبيلة في قحطان شيخ معروف.


5- يحاول بعض أفراد هذه الأسر اغراء مشايخ القبائل وبعض المسوؤلين بالشهادة لهم أنهم من القبيلة مقابل مبالغ مالية أو نفوذ وواسطات في الدولة وهنا نقول للمشايخ أن يتقوا الله في أنساب الناس .






وختاما فالمسألة ليست كما قد يفهم البعض عنصرية أو قبلية بل هي في الحقيقة وضع النقاط على الحروف لمناقشة هذه الظاهرة ومحاولة فهمها .


بقي نقطة أخيرة وهي أن كثيرا من الأجيال الجديدة لا تفهم من القبيلة سوى ( الانتساب ) ولذلك نجد كثيرا من كتاباتها تغرد خارج السرب .
أبو يزيد السرواتي غير متواجد حالياً