عرض مشاركة واحدة
قديم 27-12-2011, 10:55 AM
  #221
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد: ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب

قصة من كتاب الله ودروس

الحمد لله عالم السر والنجوى، يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور؛ أحمده، وأشكره، وأتوب إليه، وأستغفره. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.

عباد الله اوصيكم ونفسي بتقوى الله عزوجل

ثم أما بعد: فيقول المولى سبحانه: وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱبْنَىْ ءادَمَ بِٱلْحَقّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَـٰناً فَتُقُبّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ ٱلآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ لَئِن بَسَطتَ إِلَىَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِى مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِىَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنّى أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلْعَـٰلَمِينَ إِنّى أُرِيدُ أَن تَبُوء بِإِثْمِى وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَـٰبِ ٱلنَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء ٱلظَّـٰلِمِينَ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ فَبَعَثَ ٱللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِى ٱلأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِى سَوْءةَ أَخِيهِ قَالَ يَـٰوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـٰذَا ٱلْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِى فَأَصْبَحَ مِنَ ٱلنَّـٰدِمِينَ [المائدة:27-31].

إخوة الإسلام وأحباب الحبيب المصطفى محمد رسول الله :

مع قصة من قصص القرآن نعيش اليوم لنأخذ منها دروساً وعبراً، لَقَدْ كَانَ فِى قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِى ٱلأَلْبَـٰبِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ [يوسف:111].

يقول سبحانه وتعالى: وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱبْنَىْ ءادَمَ بِٱلْحَقّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَـٰناً فَتُقُبّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ ٱلآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ [المائدة:27].

وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱبْنَىْ ءادَمَ بِٱلْحَقّ أي اقصص عليهم هذا النبأ العظيم وهذا الخبر العجيب بالحق كما كان وكما حصل وكما حدث بلا زيادة أو نقصان.

قال أهل التفسير: "لما هبط آدم وحواء إلى الأرض بدأ التناسل والتكاثر، وولدت حواء عشرين بطناً كانت تلد في كل بطن ذكرا وأنثى، فكان أول أولادهما قابيل وأخته ثم هابيل وأخته، وكان من شريعة آدم عليه السلام أن يزوج بناته من بنيه لضرورة الحال، ولكن لا يجوز للأخ أن يتزوج بأخته التوأم ولكن يتزوج بأي أخت من أخواته غير التوأم التي لم تكن معه في نفس البطن، وكانت أخت قابيل جميلة وأخت هابيل دميمة، فطلب هابيل أن يتزوج أخت قابيل الجميلة – كما شرع الله – ولكن قابيل رفض وقال: أنا أحق بأختي مع أن هذا حرام في شريعة آدم عليه السلام.

وكان قابيل في طبعه خشونة وشدة، وأما هابيل فكان فيه ليونة ورقة، وكان قابيل يعمل في الزراعة، وأما هابيل فكان يعمل ويرعى الأغنام، وكان من شريعة آدم عليه السلام تقديم القرابين، والقربان هدية تهدى لله سبحانه وتعالى كهدي الحج، وكانت علامة قبول القربان أن تأتي نار فتأكل هذا القربان، وإذا لم تأكل النار هذا القربان فهذا علامة على عدم قبول هذا القربان، فقدم هابيل كبشاً وكان من أفضل المواشي عنده، وأما قابيل فجاء بزرع نتن غير صالح للأكل فقدمه قرباناً، فلما جاءا في اليوم التالي وجدوا أن قربان هابيل قد قبل وأكلته النار وأما قربان قابيل لم يتقبل بقي كما هو لم تأكله النار، فزاد حسده على أخيه وزاد حنقه وحقده وغضبه، وما كان من قابيل إلا أن قال لأخيه هابيل: أينظر الناس إليّ وأنت خير مني لا والله لأقتلنك، فقال له أخوه مع أنه كان أقوى من أخيه وقادرا على التغلب عليه، ولكن منعه الخوف من الله، يقول عبد الله بن عمرو قال هابيل: وما ذنبي أنا إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ [المائدة:27]، وسوس الشيطان لقابيل أن يقتل أخاه، وزين له ذلك ولم يكن القتل معروفاً ولم تحدث أي جريمة قتل قبل ذلك قال قابيل لأخيه هابيل: لأَقْتُلَنَّكَ فما كان من أخيه هابيل إلا أن ذكره بالله عز وجل وقال له: لَئِن بَسَطتَ إِلَىَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِى مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِىَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنّى أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلْعَـٰلَمِينَ [المائدة:28]. يعني لن أدافع عن نفسي ولن أقاوم ولن أعاملك بالمثل ولكن أذكرك الله رب العالمين، ولكن لم ينفع ذلك فأخذ هابيل يخوفه عذاب الله وانتقل من الترغيب إلى الترهيب وقال له: إِنّى أُرِيدُ أَن تَبُوء بِإِثْمِى وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَـٰبِ ٱلنَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء ٱلظَّـٰلِمِينَ [المائدة:29]. يعني لا تقتلني فإن فعلت ذلك فسوف تبوء بإثمي وإثمك، يعني سوف تحمل إثم قتلي فوق آثامك الماضية، وتكون من أصحاب النار عياذاً بالله. ولكن لم ينفع الترغيب ولا الترهيب لأن الشيطان قد استحوذ عليه، وأيم الله إن كان أشد الرجلين ولكن منعه الورع.

وملأ قلبه حسداً وحقداً على أخيه، فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ [المائدة:30]. حصلت الجريمة أول جريمة قتل في تاريخ الإنسانية سببها الحسد، فكان الحسد أول معصية يعصى بها الله سبحانه وتعالى في الأرض.

في ليلة سوداء بينما كان هابيل نائماً جاء قابيل بصخرة فهشم بها رأس أخيه فقتله، وكانت الجريمة.

احتار قابيل في جثة أخيه ماذا يعمل بها؟ كيف يستر جريمته فقد كانت أول جثة ولا يعرف ماذا يفعل؟ ما كان منه إلا أن حمل هذه الجثة على ظهره وأخذ يمشي بها في الأرض، وبينما هو كذلك إذ أنزل الله غرابين أخوين فتقاتلا وقتل أحدهما الآخر، ومات الغراب أمام نظر قابيل، ثم إن الغراب الحي بدأ يحفر التراب ثم دفع بجثة الغراب الميت وحثا عليه التراب، فتعلم قابيل من الغراب كيف يدفن أخاه، فحفر في الأرض، ووضع أخاه في الحفرة ثم حثا عليه التراب، وأصبح نادماً على ما فعل، ولكنه ما استغفر وما تاب وما أناب، وهذا قوله تعالى: فَبَعَثَ ٱللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِى ٱلأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِى سَوْءةَ أَخِيهِ قَالَ يَـٰوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـٰذَا ٱلْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِى فَأَصْبَحَ مِنَ ٱلنَّـٰدِمِينَ [المائدة:31].

أول هذه الدروس: من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة، يقول : ((لا تقتل نفس ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه كان أول من سن القتل))، ولذلك يقول سبحانه وتعالى بعد هذه الآيات: مِنْ أَجْلِ ذٰلِكَ أي من أجل قتل قابيل لأخيه هابيل: مِنْ أَجْلِ ذٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِى إِسْرٰءيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى ٱلأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِيعاً [المائدة:32].

الدرس الثاني: شناعة هذه الجريمة – جريمة القتل – وعظيم عقوبتها عند الله، فهي أعظم معصية عصي بها الله تعالى بعد الإشراك بالله تعالى يقول سبحانه وتعالى: وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً [النساء:93]. وفي الحديث الصحيح يقول : ((لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم)) وفي الحديث أيضاً يقول : ((ما من فعل أجدر أن يعجل الله عقوبته في الدنيا مع ما يدخر لصاحبه في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم)).

وقد اجتمع هذان الأمران – البغي وقطيعة الرحم – في قابيل أجارنا الله جميعاً وصرف عنا أسباب غضبه ومقته.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: مَّنْ عَمِلَ صَـٰلِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّـٰمٍ لّلْعَبِيدِ [فصلت:46].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أفضل رسله وخاتم أنبيائه محمدٍ الصادق الأمين، المبعوث إلى الأحمر والأسودِ وعلى من تبعهم بإحسان من الأئمة والهداة والدعاة والأتقياء والصالحين، وعلى كلِ من سلك سبيلهم إلى يوم الدين. وسلم تسليماً كثيراً.


أما بعد:

فالدرس الثالث في قصة ابني آدم عليه السلام أن الحسد مركوز في فطر الناس، قال الحسن رحمه الله: ما خلا جسد من حسد، ولكن المؤمن يدفعه، ويعتقد أن الحسد من أكبر الخطايا والذنوب وأنه من أقبح السيئات، وأنه يأكل الحسنات، وأنه ينحل الجسم، وأنه يذهب بالتقوى والورع، وأنه يغضب الرب على العبد.

أتدري على من أسأت الأدب
لأنك لم ترض لي ما وهب



ألا قل لمن بات لي حاسداً
أسأت على الله سبحانه




من حسد فقد أساء الأدب مع الله، وقد اعترض على القضاء والقدر، وقد ضيع نفسه وكره فضل ربه على الناس أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاسَ عَلَىٰ مَا ءاتَـٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ [النساء:54]. فالحسد مقيت وهو أول ما عصي به الله في الأرض – كما عرفنا – نعوذ بالله منه.

واجب الحاسد أن يتوب إلى الله، وأن يراجع حسابه مع الله، وأن يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وأن يحسن إلى المحسود، وأن يهدي له، وأن يدعو له، وأن يعلم أنه ارتكب خطيئة ما أعظمها من خطيئة.

الدرس الرابع: أن المحن تقع بين الإخوة إذا فضل بعضهم على بعض، فمن حسن التربية أن يساووا في كل شيء في الحب والعطاء والتكاليف، وفي كل شيء، فلا يقدم أحدهم على الآخر، ولو كان مطيعاً ولو كان باراً، فلا ينبغي أن يفضل على إخوانه، يقول النعمان بن بشير ما: ذهب بي أبي إلى رسول الله وقد ميزني بشيء من القسمة فقال : ((أفعلت هذا بولدك كلهم؟)) قال: لا يا رسول الله، قال: ((فلا تشهدني إذاً، فإني لا أشهد على جور)) يعني على ظلم، أو قال: ((فأشهد على هذا غيري)). فنهى أن يقدم ويفضل أحد الأبناء على الآخرين لأن هذا يؤدي إلى المكيدة والعداوة بين الأبناء أعاذنا الله جميعاً.

اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها.

__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس