عرض مشاركة واحدة
قديم 26-12-2008, 10:37 AM
  #1
عبدالله الوهابي
مراقب سابق
تاريخ التسجيل: Apr 2005
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 5,988
عبدالله الوهابي has a reputation beyond reputeعبدالله الوهابي has a reputation beyond reputeعبدالله الوهابي has a reputation beyond reputeعبدالله الوهابي has a reputation beyond reputeعبدالله الوهابي has a reputation beyond reputeعبدالله الوهابي has a reputation beyond reputeعبدالله الوهابي has a reputation beyond reputeعبدالله الوهابي has a reputation beyond reputeعبدالله الوهابي has a reputation beyond reputeعبدالله الوهابي has a reputation beyond reputeعبدالله الوهابي has a reputation beyond repute
Read تلغيـم الشريعـة

بسم الله الرحمن الرحيم

هناك في مجال الحوار الفكري المرتبط بقضايا الإسلام في واقنا المعاصر ، كثير من القضايا والاصطلاحات والتأصيلات المنهجية ، التي تمرر إلى ذهن القارىء المسلم دون بيان لما تحمله من معنى محدد ، وإنما يكتفى في شأنها بأن يثبت أصحابها وجودها في ساحة الفكر الإسلامي وحتى ولو كان وجوداً راكداً ميتاً لا يبرز على السطح ، أو لا يمارس فعالية مؤثرة في المشكلات الإسلامية المطروحة للنقاش والجدال.
هذه القضايا والاصطلاحات والتأصيلات المنهجية ، على الرغم من عدم وضوحها ، وعدم فاعليتها في ترجيح أو حسم وجهات النظر المتباينة في مشكلات الواقع والفكر الإسلاميَّين المعاصرين ، إلا أننا نلاحظ أن ثمة إلحاحاً غريباً ومريباً على تثبيت وجودها ، وترسيخ مكانتها في عقل القارىء ، ومرجعية التصورية . وعلى الرغم من كونها أموراً تمثل مستودعاً لبارود فكري ضخم ، إذا تفجر يصعب محاصرته أو السيطرة عليه ، إلا أن الأقلام التي تطرحها تكاد تكون حريصة على تعميم دلالاتها وإضفاء ظلال من الضبابية والتعتيم على مقصودهم منها ، لكنهم يتعمدون جعلها خافية خافتة راكدة إلى أجل مسمى ، أو معلوم! وكتفين بدفنها في أرض الحوار الفكري الإسلامي.
خذ مثلاً الحديث عن " التمييز " بين الدين والدولة ، وهي محاولة تأصيلية لاستبدال المعنى العلماني " الفصل " بين الدين والدولة ، والمعنى العلماني واضح ومفهوم ، ومن ثمّ تستيع التعامل معه سلباً وإيجاباً ، فهو مضبوط علمياً ومنهجياً ، أما " التمييز " فما هو؟ وعامة من يستخدمون هذا المعنى في كتاباتهم – وهو استخدام شائع جداً عندهم – لا يعطون له تفصيلاً علمياً ، أو ضبطاً منهجيّاً ، وإنما يكتفون بإثباته ، والإلحاح على العقل المسلم به ، دون تفريع عليه أو بناء واضح على أساسه بحيث يفهم القارىء مقصوده.
وخذ مثلاً أيضاً على ذلك تعبير " الثابت والمتغير " الذي يشيع استعماله في لغة الخطاب الفكري العام والإسلامي على حد سواء ، دون تحديد واضح لما هو الثابت وما هو المتغير سواء في العقيدة أو في العبادة أو في الشريعة أو في القيم والآداب الإسلامية ، لكأن المقصود هو " تثبيت " هذه القاعدة ، وجعلها مسلَّمة " غائمة " في أرض الفكر الإسلامي ، ساكنة ، وغبر فعالة في حسم وترجيح المشكلات العلمية ، إذ يبدو أن مجرد " دفنها " في هذه الأرض هو المقصود حتى حين!
وخذ مثلاً على ذلك " مصطلح " الاستنارة " أو " التنوير " وإن كان هذا المصطلح/ اللغم ، قد تفجَّر مؤخراً عندما رأى من " فخخوه " في أرض الفكر الإسلامي أن أوان تفجيره قد حلّ ، وذلك أنهم أرهقوا مسامع الأمة زماناً بالحديث عن الاستنارة والتنوير ، دون بيان محدد لماهية هذا التنوير ، أو مضمونه ، أو ضبطه العلمي والحضاري ، ولقد كان المسلمون يتحسسون ريح " التغريب " بالقرب من هذا المصطلح ، إلا أن أحداً من أصحابه لم يجرؤ على أن يضعه في مقابل الإسلام أو الأصالة ، وإنما حرصوا على أن يقربوه من معنى النهضة والانبعاث الحضاري ، حتى أستقر هذا المصطلح / اللغم ، في تاريخ فكرنا الإسلامي الحديث المعاصر ، ثم إذا ما دخل المشروع العلماني " في محاقة " الأخير ، مخلياً الساحة لشمس الصحوة الإسلامية المباركة ، فوجىء المسلمون " باللغم " يتفجر عبر تظاهرات ثقافية وإعلامية واسعة النطاق ، تتحدث عن المخاطر التي تهدد العلمانية والأفكار المستورد ، وذلك أن " لغم " التنوير " تفجر عن معانٍ فسدة ومضلة ، تخفت في بريق هذا المصطلح حيناً من الدهر ، وبقيت راكدة مدفونة ، لا يعمدون إلى تفجيرها صراحة ، حتى آن الأوان إلى استخدام " اللغم " ففجروه مؤخراً ليربكوا العقل المسلم ، ويضللوا الجيل الجديد عن طريق الإسلام.
إن هذا الأسلوب الغريب من أساليب العمل الفكري لا يليق بالباحث الشريف أن ينتهجه ، لأنه نوع من النفاق الفكري ، وخيانة الأمانة ، التي ائتمنه الأمة عليها ( لتبيننه للناس ولا تكتمونه ) وإن محاولات بث الألغام الموقوتة في الإسلام وشريعته ، لا يقل جرماً عن زرع الألغام في ديار الإسلام ومدائنه ، فهذه تنسف تلك الأبنية وتدمر أهلها ، وأن هذا العمل الفكري الشائن يتوجب يقظة من مفكري الإسلام ، وجهداً كبيراً لإفساد هذه الألغام الفكرية المبثوثة في ساحة فكرنا المعاصر ، ونزع الفتيل منها ، أي كشفها وفضح مستورها ، وربما فضح من فخخوها ونصبوا شراكها..!
__________________
عبدالله الوهابي غير متواجد حالياً