رد : جميع المذاهب الهدامة باختصار
الدروز
التعريف والتأسيس:
فرقة باطنية تؤله الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله الذي يمثل محور العقيدة الدرزية, وقد أخذت جلّ عقائدها عن الإسماعيلية(1)ﻫ واتصل بالحاكم, وكان أول من أعلن ألوهية الحاكم.. وتنسب فرقة الدروز إلى محمد بن إسماعيل الدرزي(2) المعروف بنوشتكين وهو من أصل فارسي جاء إلى مصر سنة 408
وشاركه في جريمته هذه رجل فارسي أيضاً اسمه حمزة بن علي من أهالي زوزن بإيران. وقد جهر الدرزي بهذه العقيدة أمام الناس في الجامع الأزهر في القاهرة دون انتظار أوامر حمزة مما ألّب عليه الناس, وهموا بقتله بسبب القول بألوهية الحاكم, فهرب الدرزي إلى بلاد الشام, وظل يدعو إلى عقيدته هناك حتى هلك سنة 410 ﻫ.
وهمّ الناس بقتل حمزة أيضاً لولا تدخل الحاكم. وحمزة الزوزني هو المؤسس الفعلي لعقائد الدروز.
أهم العقائد:
1- يعتقدون بألوهية الحاكم بأمر الله وهو التجلي الأخير للألوهية عندهم , ولما مات قالوا برجعته آخر الزمان.
2- إنكار الأنبياء والرسل ونسبتهم إلى الجهل, وتلقيبهم بالأبالسة.
3- لا يعترفون باليوم الآخر, ولا بالثواب والعقاب في ذلك اليوم, بل يرون أن الثواب والعقاب يكون عن طريق تناسخ الأرواح.
4- نبيهم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو سلمان الفارسي الذي تناسخت روحه في زمن الحاكم في شخص حمزة.
5- يعتقدون أن المسيح هو داعيتهم حمزة.
6- ينكرون القرآن الكريم ويقولون إنه من وضع سلمان الفارسي, ولهم مصحف خاص بهم يسمى المنفرد بذاته.
7- يعتقدون أن الحاكم أرسل خمسة أنبياء هم حمزة وإسماعيل ومحمد الكلمة وأبو الخير وبهاء.
8- التستر والكتمان من أصل عقيدتهم, والوقوف مع القوي والمتمكن.
9- نقض الشريعة, فإن أركان الإسلام وفرائضه استبدلوها بطلاسم كما سيأتي بيانه.
شعائرهم:
تقوم الشريعة عند الدروز على نقض أركان الإسلام وفرض " سبع دعائم تكليفية " بدلاً منها, وهذه الدعائم هي:
1- سدق (صدق) اللسان وجعلوها عوض الصلاة.
2- حفظ الإخوان: وهذا لا يعني الأخوة الإنسانية, بل " الأخ" عندهم هو من يشاطرهم هذه الخصال. وجعلوها عوض الزكاة.
3- ترك ما كان عليه الموحدون وما اعتقدوه من عبادة العدم والبهتان: أي أن كل عبادة تقدم لسوى الحاكم لا تصادف إلاّ عدما. وجعلوها عوض الصيام.
4- البراءة من الأبالسة والطغيان – ويقصدون الأنبياء – وجعلوها عوض الحج.
5- التوحيد للمولى في كل عصر وزمان وجعلوها عوض الشهادتين.
6- الرضا بفعله كيفما كان وجعلوها عوض الجهاد.
7- التسليم لأمره في السر والحدثان وجعلوها عوض الولاية.
1- الشهادتين في نظر الدروز تدلان على عبادة الحاكم وعلى أئمة دعوة الدروز, ولا يقصد بها ما يقصده أهل السنة ولا الاسماعيلية.
2- الصلاة هي صلة قلوب الدروز بعبادة الحاكم على يد خمسة حدود, وهذه هي الصلاة الحقيقية في نظرهم.
3- الزكاة عندهم هي عبادة الحاكم, وتزكية قلوبهم وتطهيرها وترك ما كانوا عليه.
4- الصوم هو صيانة قلوبهم.
5- الحج أيضاً صار له معنى مختلف وهو توحيد الحاكم.
6- أما الجهاد فقد أسقطوه عن الناس, لأن الجهاد الحقيقي – كما يزعمون – هو السعي والاجتهاد في توحيد الحاكم ومعرفته وعدم الإشراك به.
وهكذا فإن هدم الشريعة الإسلامية هو الهدف الأول والأخير لجميع الفرق الباطنية, وفي مقدمتهم الدروز, لذلك ليس بمستغرب أن يقول حمزة الزوزني زعيمهم في رسالة "التحذير والتنبيه": ((أنا ناسخ الشرائع ومهلك أهل الشرك والبدائع, أنا مهدم القبلتين, ومبيد الشريعتين ومدحض الشهادتين)).
الزواج والطلاق والوصية:
الزواج:
توجب التعاليم الدرزية على الرجل أن يساوي المرأة بنفسه إذا أراد الزواج منها, وينصفها من جميع ما في يده.
الطلاق:
وإذا طلق الدرزي زوجته فلا يجوز له أن يتزوجها مرة أخرى, سواء بمحلل أو غير محلل, فهم لا يميزون بين الطلاق الرجعي, والطلاق البائن بنوعيه بينونة صغرى وبينونة كبرى, بل الطلاق عندهم طلاق واحد, ولا يجوز بعده أن يرجع الرجل إلى مطلقته.
ويرى بعض الدروز كما جاء في كتاب "الدروز والثورة السورية" لكريم ثابت أن المقصود من الزواج هو إيلاد البنين فقط, لا اقتضاء الشهوة, ومتى صار للرجل من زوجته أربعة أولاد إذا كان غنياً, وإذا كان فقيراً حتى لا يكون ضيق عليه في تقديم لوازم المعيشة, فيجب عليه حينئذ أن يبتعد عن زوجته بقية العمر.
لكن سعيد الصغير في كتابه (بنو معروف – الدروز) يقول: وهذه القاعدة لا يحافظ عليها إلاّ أفراد قلائل من عقالهم الذين يعتبرون أن الزواج لحفظ النسل فقط.
ولا يجوز عندهم زواج الدرزية من غير الدرزي. ولا زواج الدرزي من غير الدرزية, فإن حدث فإنه يكون باطلاً, ولا يجوز عندهم أيضا تعدد الزوجات، بل يجب الاقتصار على زوجة واحدة.
الوصية:
الوصية عند الدروز تجوز بجميع المال لوارث ولغير وارث, فللدرزي أن يوصي قبل موته بأملاكه لمن يشاء, ولكن بشرط أن تكون الوصية بالمال الذي اكتسبه بسعيه هو نفسه, أما إذا كان قد ورثه فلأولاد الموصي أن يطلبوا القسمة إن كان قد ورث ما في يده عن آبائه, لأن ذلك – ما للبيت – تستوي فيه الأصول والفروع, فإن كان قد اكتسبه بسعيه لم يكن لهم ذلك, لأن مال الشخص ينفرد فيه بنفسه.
ويطلب من الدروز أن يوصوا بجزء من أموالهم, وخاصة الموسرين منهم, لعقّالهم ومساكينهم.
وقد جاء في كتاب "الدروز في ظل الاحتلال الإسرائيلي" لمؤلفه الدرزي غالب أبو مصلح ص222 أن نابليون بونابرت امبراطور فرنسا وجّه في 20 آذار 1798 رسالة إلى الدروز وأميرهم بشير([1]) ... جاء فيها:
((بعد السيطرة على مصر دخلت صحراء سيناء في سوريا, فأتيت إلى قلعة العريش ثم إلى غزة, ثم إلى يافا بعد أن التقيت جيوش الجزار([2]) وسحقتها ومنذ يومين وصلت إلى عكا, وأنا أحاصره هناك.
وأسرع إلى إعلامك بكل ذلك, لأنني لا أشك أنك تفرح لهزائم هذا الطاغية الذي سبب الكثير من الذعر إلى الإنسانية عامة والدروز الأباة بشكل خاص, ورغبتي المخلصة هي أن أقيم للدروز استقلالهم وأعطيهم مدينة بيروت ذات المرفأ كمركز تجاري لهم.
لذلك فإني أرغب في أن تأتي شخصياً لمقابلتي, أو ترسل حالاً من يمثلك لرسم خطة للتغلب على عدونا المشترك, ويمكنك أن تذيع في جميع القرى الدرزية, أن كل من يأتي لنا بالمؤن, وخاصة الخمر, سيكافأ بسخاء)).
ويقول الكابتن بورون أن الأمير بشير لم يجب على رسالة نابليون ولكن قوة من الدروز والموارنة انضمتا إلى جيوش نابليون الذي كان يحاصر عكا.
ويعلق الكاتب الدرزي فريد أبو مصلح على موقف الدروز هذا فيقول :
((لا شك أن الأمير بشير كان مشدوداً إلى نابليون لولا شكه بفرص انتصاره, لأعطى الامبراطور الفرنسي, من كل قلبه دعمه النشيط)).
وفي سنة 1948, أوفد الدروز زعيمهم الأمير حسن الأطرش على رأس وفد درزي إلى أمين عام جامعة الدول العربية أثناء زيارته إلى سوريا في الأيام التي سبقت الحرب وعرض عليه –حسب ما يذكره الكاتب الدرزي فؤاد الأطرش في كتابه "الدروز: مؤامرات وتاريخ وحقائق"- أن ينفرد الدروز بحرب إسرائيل شريطة أن تسمح لهم الأنظمة العربية بالاستيطان في الأراضي التي يتم تحريرها, وبشكل أكثر صراحة أن تسمح لهم الحكومات العربية بإقامة وطن خاص بهم.
ويتواجد الدروز حالياً في الجليل في شمال فلسطين وجبل الكرمل, وهي جزء من المناطق التي احتلها اليهود سنة 1948. ويقدر عددهم بـ 90 ألفاً.
وغني عن القول أن العلاقات التي تربط اليهود بالدروز في فلسطين هي علاقات وثيقة, ولا يجد الدروز حرجاً بانتمائهم إلى (إسرائيل) وهذا ما جعل اليهود يجندون الدروز في الجيش الإسرائيلي,لأنهم يعلمون ولاءهم. وهذا ما تدل عليه مجريات الانتفاضة حيث كثيراً ما يكون قمع المواطنين الفلسطينيين المسلمين على أيدٍ درزية, وقد مات بعض الجنود من الدروز في الجيش الإسرائيلي في مواجهات الانتفاضة.
ب- الأردن
يتركز الدروز في منطقة الأزرق غرب الأردن, وهي منطقة صحراوية قليلة السكان, كما أنهم يتواجدون في مناطق الزرقاء والرصيفة وعمّان وأم القطين. ويقدر عددهم بـ 12 – 15 ألف شخص.
وبدأ ارتباط الدروز بالأردن في العقود الأخيرة للقرن التاسع عشر باعتبار أن المنطقة –جغرافيا – لم تكن مجزأة, وكانت منطقة الأزرق لقربها من أراضي جبل الدروز تتبع له.
وكان توافد الدروز إلى الأردن يتزايد بسبب سوء الأوضاع في ظل الاستعمار الفرنسي لسوريا ولبنان حيث موطن الدروز.
ج-لبنان
يتركزون في جبل الدروز (جبل حوران) ويقدر عددهم بـ 200 ألف شخص. ومن عائلاتهم البارزة آل أرسلان وآل جنبلاط وآل يزبك.
د-سوريا
يتواجدون بشكل خاص في هضبة الجولان المحتلة وفي محافظة السويداء وجبل الدروز ويقدر عددهم بـ 300 ألف. ومن عائلاتهم البارزة آل الأطرش في جبل الدروز وآل كنج في الجولان.
((فلما وقع ما وقع في حوادث لبنان عام 1860 قضت الطبيعة على بعض رجال طائفة الدروز أن يهاجروا إلى جبل حوران, فرحلوا إليه في فريق من إخوانهم أهل وادي التيم والجبل الأعلى وصفد وعكل وغوطة دمشق وإقليم البلان, وكان منهم طائفة فروا من وجه القضاء في الأصقاع الأخرى, وآخرون أتوا حوران بدافع الحاجة, فكثروا سواد من قد حلوا في هذه الربوع أيضاً من أبناء مذهبهم, وأول نزول الدروز في حوران بعد وقعة عين دارة المشهورة في لبنان سنة 1710م (1122هـ) فتألفت كتلة منهم هناك وقويت عقيب حوادث الشام.
إذاً وجودهم في جبل حوران يعود إلى ما بعد سنة 1710م (1122هـ), حيث بدأوا يستللون إلى الجبل ويعتدون على أهل حوران, وذكر المؤرخ محمد كرد علي أنه منذ نزول الدروز في حوران ما برحوا يناوشون النصارى والسنيين من أهل القرى والبادية للقتال, حيث استقلوا به استقلالاً تاماً, وذكر من جرائمهم في الجبل هجومهم على أهل بُسر الحرير سنة 1296هـ وقتلهم ثمانية أو عشرة من أهلها, وفي سنة 1298هـ هجموا على قريتي الكرك وأم ولد وذبحوا سكانهما عن بكرة أبيهم.
وقد حاولت الدولة العثمانية تأديبهم أكثر من مرة لكنها فشلت وتراجعت أمام ضغوط الإنجليز.
ويزعم الدروز أنهم سكنوا حوران هرباً من الاضطهاد الذي كانوا يتعرضون له في لبنان, وبالرغم من أنهم تعرضوا لشيء من الاضطهاد إلا أن هجرتهم كانت تخطيطاً من أجل إقامة دولة خاصة لهم.
وعند دخول المستعمرين الفرنسيين إلى سوريا سنة 1920م رحب الدروز بالغزاة, وقد ذكر الدرزي ذوقان قرقوط أنه عندما عين الجنرال غورو مفوضاً سياسياً وقائداً عاماً لجيوش فرنسا في الشرق اختار حرسه الخاص من الدروز بمعرفة متعب الأطرش, وخص الجبل بأكثر من ثلاثة آلاف صورة من صوره وهو في زيه العسكري ويحيط به حرسه الدروز بثيابهم العربية المزركشة وسيوفهم المتوهجة.
وقويت علاقة الدروز مع الفرنسيين المحتلين, وجرت اتصالات بين الطرفين من أجل استقلال الجبل عن سوريا, وقد وضعوا برنامجاً لاستقلال الجبل, وفيما يلي رسالتهم إلى رئيس البعثة الفرنسية في دمشق:
"بناء على بلاغاتكم المتكررة للرؤساء الروحانيين, لنا الشرف, أن نقدم لسيادتكم بالنيابة عن الشعب الدرزي في جبل حوران, برنامج الاستقلال المدرج أعلاه الذي يطلبه الشعب لكي تتكرموا بتقديمه لحضرة صاحب الفخامة المندوب السامي راجين أن يتوسل بالتصديق عليه من قبل حكومة الجمهورية الفرنسية المعظمة".
أبرز شخصياتهم المعاصرة:
أ- في فلسطين
1- الشاعر سميح القاسم: عضو في الحزب الشيوعي الإسرائيلي "ركاح".
2- مصباح الحلبي: صحفي, صاحب كتاب "الدروز في إسرائيل".
3- النائب صالح طريف: الذي كان وزيراً بلا وزارة أو وزير دولة في حكومة شارون التي تشكلت سنة 2001, وهو ينتمي إلى حزب العمل الإسرائيلي, وقد خرج من الحكومة بسبب فضائحه الجنسية والاتهامات التي وجهت له بالرشوة.وقد عمل في الجيش الإسرائيلي ضابط مظلات وكان رئيساً للمجلس المحلي في منطقته.
4- النائب أيوب قرا: يرفض أن يوصف بأنه عربي ويفتخر بأنه شارك شارون في زيارته وتدنيسه للمسجد الأقصى التي فجرت الانتفاضة, كما يفتخر بحبه ((لدولة إسرائيل الصهيونية)).
5- موفق طريف:
6- عزام عزام: الجاسوس الشهير الذي اعتقلته مصر, وكان يعمل لحساب الكيان الصهيوني, ويبذل اليهود جهوداً كبيرة لإطلاق سراحه.
7- كمال قاسم: أول قاضٍ درزي في الكيان الصهيوني.
8- يوسف مشلب: ضابط برتبة لواء, يشغل الآن منصب منسق الأنشطة الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة. وكان قبل ذلك قائد الجبهة الداخلية في الجيش الإسرائيلي.
9- د. نجيب صعب: رئيس المجلس المحلي في قرية أبو سنان في الجليل الغربي. وقد تم اختيار ابنته رغدة لإشعال النار في المشاعل خلال الاحتفال بقيام ((دولة إسرائيل)) حسب التقويم العبري في 16/4/2002.
10- المحامي: أسامة حلبي: صاحب كتاب من طائفة إلى شعب.
11- جمال معدي: رئيس حركة النهضة الدرزية ورئيس حركة المبادرة الدرزية المستقلة.
12- محمد نفاع: سكرتير الحزب الشيوعي الإسرائيلي.
ب- في الأردن
1- الكاتب تيسير أبو عاصي: يكتب عن الدروز من وقت لآخر في صحيفة الرأي الأردنية.
2- الكاتب تيسير أبو حمدان صاحب كتاب (بنو معروف في واحة بني هاشم) و"الدروز مسلكاً ومعتقداً".
3- الكاتب جمال أبو حمدان له رواية قطف الزهرة البريّة.
4- شكيب السومري: مؤسس فرقة الأزرق للفنون الشعبية سنة 1992.
5- رشيد طليع: أول رئيس وزراء للأردن في عهد الإمارة, وهو لبناني درزي.
ج- في لبنان
1- كمال جنبلاط: زعيم سياسي لبناني أسس الحزب التقدمي الاشتراكي وقتل سنة 1977.
2- وليد جنبلاط: ابن كمال, ورث والده في رئاسة الحزب والزعامة السياسية للطائفة. يشير دائماً إلى تربيته ونشأته العلمانية.
3- الوزير غازي العريضي: كان وزيراً للإعلام, وهو يشغل الآن منصب وزير الثقافة في حكومة الحريري.
4- ابو حسن عارف حلاّوي: الزعيم الروحي للطائفة, وقد مات في شهر ديسمبر (كانون الأول) من عام 2003 عن 104 سنوات.
5- الأمير طلال أرسلان: وزير دولة في حكومة الحريري.
6- الأمير فيصل أرسلان: شقيق طلال.
7- سمير القنطار: أقدم أسير لبناني لدى الكيان الصهيوني. ينتظر الإفراج عنه في صفقة تبادل الأسرى بين حزب الله وإسرائيل.
8- الشيخ بهجت غيث, وهو شيخ عقل الطائفة في لبنان.
9- الشيخ مرسل نصر رئيس المحكمة الاستئنافية الدرزية العليا.
د- في سوريا
1- الشيخ شبلي الحناوي شيخ الطائفة في سوريا, وتوفي في شهر مايو (أيار) سنة 2001.
2- سلمان فخر الدين, ناشط في حقوق الإنسان في الجولان المحتل.
3- زيد علي سكيكر, صاحب كتاب ((الموحدون عرب مسلمون.. لا دروز)).
شخصياتهم التاريخية:
- سلطان باشا الأطرش: ولد سنة 1891 في سوريا, وتوفي سنة 1982. وقد أرسل رئيس وزراء الكيان الصهيوني –آنذاك- مناحيم بيغن برقية تعزية إلى دروز الجولان وفلسطين بوفاته.
وبدأت شهرته تنتشر منذ بداية الحرب العالمية الأولى, وكان قد أعلن تأييده للإنجليز ضد الدولة العثمانية, وكان في طليعة الذين استقبلوا جيش لورنس عند دخوله إلى سوريا.
وقد كتب سلطان في 19 ذي الحجة سنة 1336هـ رسالة إلى ابن عمه سليم الذي كان قائداً للجيش التركي في الجبل سجل فيها موقفه من بريطانيا بكل صراحة وجاء فيها: نحن أعلنا الحرب المقدسة على بواقي جيوش الترك الجائعة وننصحك أن تعود إلى جادة الصواب لئلا تندم بعد قليل حيث لا ينفع الندم.
وقد جاء في صحيفة التلغراف اللبنانية سنة 1950م أن رئيس بلدية حيفا الإسرائيلي أرسل سيفاً كهدية رمزية له, وفي سنة 1953م أرسل حاكم سوريا العسكري أديب الشيشكلي قوات عسكرية لتأديب الدروز الذين تمردوا عليه في جبل حوران, وأدت هذه القوات مهمتها, ووضعت يدها على كميات كبيرة من الأسلحة التي استخدمها الدروز في ثورتهم, وكانت هذه الأسلحة قد دخلت الجبل عن طريق إسرائيل.
- الأمير شكيب أرسلان يلقب بأمير البيان, ولد سنة 1869 في الشويفات في لبنان, صاحب مؤلفات كثيرة. (لكن لم يكن على توافق مع هذه العقائد)
المجتمع الدرزي
ينقسم المجتمع الدرزي من الناحية الدينية إلى قسمين:
1- روحاني: هو الذي بيده أسرار الطائفة. وينقسم إلى:
أ-رؤساء: بيدهم مفاتيح الأسرار العامة.
ب- عقال أو عقلاء: بيدهم مفاتيح الأسرار الداخلية.
ج- أجاويد: بيدهم مفاتيح الأسرار الخارجية.
2- جثماني: الذي لا يبحث في الروحانيات, إنما يعتني بالأمور الدنيوية وينقسم إلى:
أ- أمراء: هم الذين بيدهم مفاتيح الأسرار الخاصة.
ب- جهال: ويكون بيدهم قبضة السيف والزعامة.
والعقال يجتمعون في أماكن العبادة التي تعرف بالخلوات لسماع ما يتلى عليهم, وبعد تلاوة المقدمات, يخرج من الخلوة الطبقة الدنيا من العقال, ثم بعد تلاوة بعض الرسائل البسيطة التي ليس بها تأويلات تخرج الطبقة الثانية بحيث لا يبقى إلاّ رجال الدرجة الأولى الذين لهم وحدهم الحق في سماع الأسرار العليا للعقيدة, أما الجهال فلا يسمح لهم بحضور هذه الخلوات, أو سماع شيء من كتبهم المقدسة إلاّ في يوم عيدهم الوحيد, الذي يوافق عيد الأضحى عند المسلمين.
ولا يسمح لطبقة الجهال بالانتقال إلى طبقة العقال إلاّ بعد امتحان عسير شاق يقوم على ترويض النفس وإخضاع شهواتها مدة طويلة. وقد يستمر الامتحان أكثر من سنة حتى يثق الشيوخ بأحقية الطالب قبل أن ينتقل من طبقة الجهال إلى طبقة العقال.
والعقال في المجتمع الدرزي يعرفون بعمائمهم ولبس القباء الأزرق الغامق, ويطلقون لحاهم.
والنساء ينقسمن أيضاً إلى عاقلات وجاهلات مثل الرجال, والنساء العاقلات يلبسن النقاب وثوباً اسمه (صاية).
وإذا وجدت هناك عاقلة زوجة لأحد الجهال, فلا يجوز لها أن تخاطبه بشيء من أمور الديانة, ولا تطلعه على شيء منها.
ومن الناحية الاجتماعية, يسود النظام الإقطاعي الديني, وهم عليه منذ عدة قرون, فالقرى خاضعة لشيخ القرية الذي يختاره الأمير, وشيوخ القرى خاضعون للأمراء الذين يتوارثون الإمارة, لذلك يأبى الدروز منذ عصورهم الأولى الخضوع إلاّ لمشايخهم فقط, ولا يعترفون بسلطة أحد سوى أمرائهم.
الزيدية
التعريف والتأسيس:
تنسب الزيدية إلى الإمام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبى طالب (80 - 122 هـ) وقد تلقى العلم عن والده زين العابدين بن علي بن الحسين، ثم عن أخيه الأكبر محمد بن علي الباقر. وتنقل في البلاد الشامية والعراقية بحثا عن العلم أولا، وعن حق آل البيت في الإمامة ثانيا، وكان تقيّا شجاعا، وقد اتصل برأس المعتزلة واصل بن عطاء، وتدارس معه العلوم، فتأثر به وبأفكاره التي نقل بعضا منها إلى الفكر الزيدي، وبالمقابل تتلمذ أبو حنيفة على الإمام زيد وأخذ منه العلم.
لم يكن فقه الإمام زيد قد دوّن في حياته، ومع ذلك فالزيدية ينسبون إليه كتابين يعتبران عماد الفقه الزيدي: الأول " المجموع في الحديث " والآخر " المجموع في الفقه "، وهما مجموعان في كتاب واحد اسمه " المجموع الكبير" وراوي هذين الكتابين عن الإمام زيد تلميذه أبو خالد عمرو بن خالد الواسطي، وقد اتهمه أهل الحديث بالوضع والكذب.
أهم العقائد:
تعتبر الزيدية إحدى فرق الشيعة، وتتشابه بعض عقائدهم مع عقائد الشيعة الإثنى عشرية الذين يشكلون العدد الأكبر من الشيعة اليوم[1] فالزيدية يتفقون مع الشيعة في زكاة الخمس وفي جواز التقية إذا لزم الأمر، وأحقية أهل البيت في الخلافة، وتفضيل الأحاديث الواردة عنهم على غيرها، وتقليدهم، ويقولون " حي على خير العمل " في الأذان، ويرسلون أيديهم في الصلاة،ويعدون صلاة التراويح بدعة، ويرفضون الصلاة خلف الفاجر،....
الإمامة:
يجيز الزيدية أن يكون الإمام في أولاد فاطمة، سواء من نسل الحسن أم الحسين. والإمامة عندهم ليست بالنص، وليست وراثية بل تقوم على البيعة، ويتم اختيار الإمام من قبل أهل الحل والعقد.
ويجيزون وجود أكثر من إمام واحد في وقت واحد في بلدين مختلفين، وتقول الزيدية بالإمام المفضول مع وجود الأفضل، إذا لا يشترط عندهم أن يكون الإمام أفضل الناس جميعا، ومعظمهم يقرّون بصحة خلافة أبي بكر وعمر وعثمان مع مؤاخذته على بعض الأمور.
الاعتزال:
ويميل الزيديون إلى الاعتزال فيما يتعلق بذات الله، والجبر، والاختيار، ومرتكب الكبيرة يعتبرونه في منزلة بين المنزلتين كما تؤمن المعتزلة، ولكنه غير مخلد في النار، إذ يعذب فيها حتى يطهر من ذنبه ثم ينتقل إلى الجنة، وقالوا بوجوب الإيمان بالقضاء والقدر مع اعتبار الإنسان حرا في طاعة الله أو عصيانه، ففصلوا بين الإرادة وبين المحبة أو الرضا، وهو رأي أهل البيت من الأئمة.
ونتيجة للأوضاع التي عاش بها الإمام زيد أسس مذهبا فقهيا يجمع بين فقه أهل البيت والاعتزال، وأسس قاعدة مشروعية الخروج على الحاكم الظالم، وهي القاعدة التي طبقها الزيدية جيلا بعد جيل. وقد قاد الإمام زيد ثورة ضد الأمويين، زمن هشام بن عبد الملك سنة 122هـ، مدفوعا من أهل الكوفة الذين سرعان ما تخلوا عنه عندما علموا انه لا يتبرأ من الشيخين أبي بكر وعمر ولا يلعنهما، وقد التقى بالجيش الأموي وما معه سوى 500 فارس، وقيل 200 فقط، حيث أصيب بسهم قضى عليه.
إذا الملامح الشيعية واضحة في المذهب الزيدي،رغم اعتدالهم ومخالفتهم للإمامية في كثير من الأصول والفروع، كما أن فكر المعتزلة أيضا له وجوده كما سبق ذكره.
فرق الزيدية:
خرجت عن الزيدية ثلاث فرق طعن بعضها في الشيخين، كما مال بعضها عن القول بإمامة المفضول، وهذه الفرق هي:
1ـ الجارودية: أصحاب أبي الجارود زياد بن أبي زياد.
2ـ السليمانية: أصحاب سليمان بن جرير ويقال لها أيضا الجريرية.
3 ـ البترية: أصحاب النوى الأبتر والحسن بن صالح ويقال لها الصالحية.
نظرة الإثنى عشرية إلى الزيدية
رغم أن الزيدية تشكل إحدى فرق الشيعة، شأن الإثنى عشرية والشيخية والإسماعيلية، إلاّ أن الزيدية كان لها نصيب وافر من كره وحقد الإمامية والإفتاء بكفرهم، واعتبارهم نواصب [2]، ذلك أن الشيعة يؤمنون بكفر كل من لا يؤمن بالأئمة الاثنى عشر.
وروى الكليني في الكافي (8/235) حديث رقم 314 عن عبد الله ببن المغيرة، قال: " قلت لأبي الحسن علية السلام: إن لي جارين أحدهما ناصب والآخر زيدي، ولا بد من معاشرتهم، فمن أعاشر؟ فقال: هما سيّان، من كذب بآية من كتاب الله فقد نبذ الإسلام من وراء ظهره، وهو المكذب بجميع القرآن والأنبياء والمرسلين، وقال إن هذا نصب لك وهذا الزيدي نصب لنا ".
ويقول أحد علمائهم, وهو محمد الموسوي الشيرازي الملقب بـ (سلطان الواعظين) في كتاب ليالي بيشاور ص129-130: "إني لم أذكر في الليلة الماضية أن الشيعة على مذاهب, وإنما الشيعة مذهب واحد, وهم المطيعون لله وللرسول محمد صلى الله عليه وسلم والأئمة الاثنى عشر (ع), ولكن ظهرت مذاهب كثيرة بدواعٍ دنيوية وسياسية زعمت أنها من الشيعة, ونشروا كتباً على هذا الأساس الباطل من غير تحقيق وتدقيق.
وأما المذاهب التي انتسبت إلى الشيعة عن جهل أو عمدٍ لأغراض سياسية ودنيوية, فهي أربعة مذاهب أولية, وقد اضمحل منها مذهبان وبقي مذهبان: تشعبت منها مذاهب أخرى, والمذاهب الأربعة هي: الزيدية, الكيسانية, القداحية, الغلاة".
نظرة الزيدية إلى الاثنى عشرية:
في المقابل كان علماء الزيدية –إلا من شذّ منهم- يعرفون ضلال الشيعة الروافض ويحذرون منهم, ويتساوى في ذلك الاثنا عشرية والجارودية, وهم قسم من الزيدية عرفوا بالغلو والميل إلى الرفض والتشيع. وجاء عن الإمام زيد في رسائل العدل والتوحيد 3/76 نقلاً عن التحف شرح الزلف ما نصّه: "اللهم اجعل لعنتك ولعنة آبائي وأجدادي ولعنتي على هؤلاء القوم الذين رفضوني, وخرجوا من بيعتي, كما رفض أهل حرواء علي بن أبي طالب عليه السلام حتى حاربوه".
وسبب هذا اللعن هو أن الشيعة في الكوفة طلبوا منه أن يتبرأ من أبي بكر وعمر حتى ينصروه ضد الجيش الأموي, فأبى ذلك فرفضوه فقال: أنتم الرافضة, وقال أيضاً: الرافضة مرقوا علينا.
وكان الإمام الهادي يحيى بن الحسين يقول: "هؤلاء الإمامية الذين عطلوا الجهاد وأظهروا المنكر في البلاد" الأحكام في الحلال والحرام 1/454.
أما الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة المتوفى سنة 614هـ فقد رد عليهم بمئات الصفحات في كتابه العقد الثمين. وفنّد أساطيرهم, وربطهم بعبد الله بن سبأ, وغير ذلك.
ومن المعاصرين, يقول مجد الدين المؤيدي (التحف شرح الزلف ص68) وهو يشرح خروج زيد على الأمويين: "ولم يفارقه إلا هذه الفرقة الرافضة التي ورد الخبر الشريف بضلالها".
أهم الشخصيات:
-الإمام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
-الإمام يحيى بن الحسين بن القاسم المعروف بالهادي (245-298هـ), ويعود نسبه إلى الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب, وولد في المدينة المنورة, وهو حفيد الإمام القاسم بن إبراهيم صاحب الطائفة "القاسمية" بالحجاز.
الانتشار:
تعتبر اليمن أهم مكان لوجود المذهب الزيدي, ويرتبط دخول الزيدية إلى اليمن بالإمام الهادي, الذي عكف على دراسة الفقه على مذهب زيد, ومذهب أبي حنيفة, ورحل إلى اليمن سنة 280هـ, فوجدها أرضاً صالحة لبذر آرائه الفقهية, لكن الإمام الهادي عاد بعد ذلك إلى الحجاز, ولم يكن قد دعا إلى إمامته في هذه الرحلة, وأحس أهل اليمن بالفراغ الذي تركه, فراسلوه ليرجع إليهم فأجابهم, وعاد إلى اليمن سنة 284هـ, واستقر في صعدة شمال اليمن, وأخذ منهم البيعة على إقامة الكتاب والسنة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
واستمر حكم الأئمة الزيديين لليمن حتى قيام الثورة اليمنية سنة 1382هـ (1962م) على أنقاض المملكة المتوكلية اليمنية, وهي أطول فترة حكم في التاريخ لآل البيت استمرت أحد عشر قرناً من الزمان.
ورغم عدم وجود إحصاء رسمي دقيق عن نسبة الزيدية في اليمن إلا أن بعض المصادر تشير إلى أنهم يشكلون حوالي 30-35% من سكان اليمن الموحد, حيث أن الزيديين يتركزون في المحافظات الشمالية من اليمن الشمالي مثل صنعاء وصعدة وحجة وذمار, بينما ينتشر السنة الشافعية في المحافظات الوسطى والجنوبية مثل تعز وإب والحديدة ومأرب وعدن وحضرموت, بل الجنوب بأكمله, حيث أن ما كان يعرف باليمن الجنوبي سكانه سنة على مذهب الإمام الشافعي.
وكانت بعض المصادر تشير إلى أن نسبة الزيدية تشكل 45% من اليمن الشمالي, وباحتساب عدد السكان في الشمال والجنوب تكون نسبة 30-35% في اليمن الموحّد هي نسبة واقعية ومقبولة, مع ملاحظة أن الجنوب بالرغم من كبر مساحته هو أقل سكاناً من الشمال, وأن المحافظات السنيّة هي في الغالب أكثر سكاناً من المحافظات التي يكثر فيها الزيدية, خاصة محافظة تعز التي يصل عدد سكانها إلى حوالي مليوني نسمة من أصل 20 مليوناً أو أكثر قليلاً هم سكان اليمن شماله وجنوبه.
وبالإضافة إلى الوجود التاريخي للزيدية في اليمن, فإنه كان هناك دعوات زيدية في طبرستان والجبل والديلم, وأسست لهم دول لكنها لم تعمر طويلاً, ومنها حركة الحسن بن زيد بن محمد الملقب "الداعي إلى الحق" والذي ظهر سنة 250هـ في طبرستان, ثم احتل آمل وساري والري وجرجان وقومس هازماً بني طاهر ثم توفي سنة 270هـ, واستمرت تلك الدولة 95 عاماً (250-345هـ).
نشاط الزيدية في اليمن:
جدير بالقول أن الزيدية ظلت لسنوات طويلة زيدية صرفة يحارب أئمتها التشيع والرفض, إلا أن قيام الثورة الإيرانية سنة 1979 شكل بارقة أمل لقادة العمل الزيدي في اليمن, خاصة وأن إيران مدّت يدها لهؤلاء في خطتها لتصدير الثورة ونشر التشيع في العالم ومنه اليمن.
وصارت الكثير من الهيئات والمؤسسات والمطبوعات الزيدية تنحى منحى إمامياً اثنى عشرياً, وللزيدية في اليمن الكثير من المؤسسات والأنشطة منها:
أولاً: الأنشطة التعليمية والدينية
1-تقريب الزيدية إلى الإمامية, والترويج للفكر الإمامي.
2-إدارة عدد من المساجد والمراكز العلمية ومدارس تحفيظ القرآن, مثل الجامع الكبير, ودار العلوم العليا, ومركز بدر العلمي, ومركز ومسجد النهرين في صنعاء, ومركز الإمام القاسم بن محمد في مدينة عمران, ومركز الهادي في صعدة.
ثانياً: الأنشطة الإعلامية والثقافية
1-طباعة الكتب والنشرات وتوزيعها بالمجان أحياناً مثل كتاب "الوهابية في اليمن" لبدر الدين الحوثي, أو "ثم اهتديت" للتيجاني.
2-إصدار بعض الصحف والمجلات خاصة في ظل أجواء الانفتاح التي عاشها اليمن بعد تحقيق الوحدة اليمنية سنة 1990م ومنها صحيقة الشورى الناطقة باسم اتحاد القوى الشعبية, وصحيفة الأمة الناطقة باسم حزب الحق, وحصيفة البلاغ التي يصدرها إبراهيم بن محمد الوزير.
3-الترويج لعدد من وسائل الإعلام الشيعية التي تصدر خارج اليمن مثل مجلة النور التي تصدرها مؤسسة الخوئي في لندن, ومجلة العالم التي تصدرها إيران.
ثالثاً: الأنشطة السياسية:
بادر الزيدية في اليمن إلى دخول المعترك السياسي بعد السماح بإنشاء الأحزاب سنة 1990م, ومن أحزابهم:
1-حزب الحق, ويرأسه أحمد محمد الشامي, وهو من علمائهم المعاصرين.
2-اتحاد القوى الشعبية, ويرأسه إبراهيم علي الوزير, وهذان الحزبان ليس لهما وزن يذكر على الساحة اليمنية.
رابعاً: الاحتفالات:
ازدادت في الآونة الأخيرة الاحتفالات التي لم تكن مألوفة عند الزيدية في اليمن مثل:
إحياء ذكرى استشهاد الحسين, وإقامة المجالس الحسينية, وإحياء وفاة بعض الأئمة مثل جعفر الصادق ومحمد الباقر وعلي زين العابدين, واتخاذ بعضهم جبلاً في مدينة صعدة أسموه (معاوية) يخرجون إليه في يوم عاشوراء ويطلقون عليه نيران أسلحتهم, والاحتفال بيوم الغدير.
خامساً: الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية
إنشاء "جمعية الإيمان الخيرية", ومما يجدر ذكره أن الجمهورية الإيرانية تقدم مساعدات مالية للشيعة في اليمن مثل تقديم المنح الدراسية للطلاب اليمنيين لدراسة العلوم الدينية في إيران, وإنشاء المركز الطبي الإيراني في صنعاء.
تاريخ العلويين في بلاد الأناضول
إبراهيم الداقوقي
مجلة النور السنة الخامسة عشر ـ العدد 163ـ
ربيع أول 1427هـ/ آذارـ نيسان 2006م
( هذا المبحث كاتبه معجب بالعلوية ! والمجلة الناشرة شيعية ! ولذلك لا يمكن اتهامهم بالوهابية أو السلفية ! ولأهمية بعض الحقائق التي أوردها الباحث عن حقيقة العلوية نشرنا هذا البحث ولقلة الكتابات عن العلوية في تركيا ، ونحن لا نوافق على كل ما ورد فيها ،وقد سبق للراصد التعريف بهم في العدد التاسع عشر . الراصد)
كنت مشاركا في ندوة (الحياة الفكرية في الولايات العربية في العهد العثماني في تونس العاصمة عام 1986 عندما قام الأستاذ الدكتور عبد الجليل التميمي، عميد معهد الدراسات العثمانية في تونس، بتقديمي إلى البروفيسورة الروسية الدكتورة مليكوف المتخصصة في التركيات:
ـ أقدم إليك الدكتور إبراهيم الداقوقي، الذي قدّم رسالة دكتوراه عن أمير الشعر التركي (فضولي البغدادي) إلى كلية اللغات في جامعة أنقرة عام 1972، والحاصل على درجة الدكتوراه عن رسالته حول (حرية الإعلام) من كلية الحقوق بجامعة أنقرة عام 1975 ثم التفت الدكتور التميمي إلي قائلا:
ـ البروفيسورة مليكوف، من المعجبات بالجانب الصوفي ـ البكتاشي في الشعر التركي، وستهتم بالتأكيد بورقتك المعنونة (فضولي البغدادي والحياة الفكرية في العراق في القرن السادس عشر) التي ستقدمها في الندوة.
وبعد الترحيب بها، سألتها مباشرة:
ـ إذاً، أنت شيعية من أذربيجان؟
أجابت بابتسامة مشرقة:
ـ كلا. إنني مسيحية كاثوليكية.
ـ إذاً، ما هو سر العلاقة بين الكاثوليكية والبكتاشية التي تعد من طرق الشيعة التصوفية؟
ـ إن التسامح هو الذي يجمع بينهما، كما إنني لست شيعية وإنما علوية. أو بمعنى آخر: إنني من محبي الإمام علي بن أبي طالب ومن المعجبين به سيرة وسلوكا وفلسفة وأخلاقاً وإنسانية، ومن هنا تستطيع أن تقارن علاقتي بالعلوية بعلاقة المسيحي اللبناني جورج جرداق مؤلف أعظم كتاب عن الإمام علي، بالعلوية والعلويين.
تداعت إلي ذاكرتي نقاشاتي مع المرحوم رشيد علي، مختار قصبة داقوق وقارئ مقتل الطالبيين في ليالي عاشوراء باللغة التركمانية في التكية البكتاشية هناك والشارح الأكبر لديوان فضولي البغدادي (888 ـ 963هـ)، وتشجيعه لي لتحقيق ديوانه العربي المفقود الذي أصبح موضوع رسالتي للدكتوراه في كلية آداب أنقرة عام 1972 إضافة إلى الجلسات الفلسفية مع الشيوخ العلويين الأتراك في أنقرة واسطنبول لدى زياراتي لبيوت (الجمع)، وهي المنتديات البديلة عن الجوامع، التي أقامها العلويون في تركيا إثر إلغاء الزوايا والتكايا والمذاهب والطرق الصوفية في تركيا بعد إلغاء الخلافة. ثم علاقاتي الحميمة مع الشعراء والأدباء والإعلاميين والسياسيين العلويين في تركيا خلال مكوثي لأكثر من اثني عشر عاماً فيها، دبلوماسيا في البداية، ثم طالب دكتوراة، ثم أستاذاً في جامعاتها، وأخيراً باحثاً متخصصاً في الشؤون التركية ومترجما للعديد من المؤلفات التركية إلى اللغة العربية.
العلوية
تعني الفكرة العلوية اصطلاحاً: شيعة الإمام علي بن أبي طالب وسالك نهجه في الحياة بالالتزام بالحق والعدالة ومكارم الأخلاق مع احترام الآخر (الإنسان والحيوان والجماد) لأن الإنسان خليفة الله على الأرض وصورة من الإمام علي وفاطمة الزهراء ـ قطبا الإمامة الإثنا عشرية). إضافة إلى ضرورة المحافظة على الحيوان والجماد، باعتبارهما من مخلوقات الله. أما من حيث المضمون، فإن العلوية نظرية فلسفية ـ أخلاقية قائمة بذاتها، حتى أن الجامعات الألمانية بدأت بتدريسها منذ بداية العام الدراسي 2001ـ 2002 في كليات الإلهيات جميعها.
ومن هنا فإن الأمر الأساس الذي يؤكد عليه المثقفون الأتراك ـ وكان معظمهم من إخواننا الأكراد ـ في النقاشات حول العلوية والعلويين معهم، هو: "أن العلوية ليست ديانة ولا مذهبا دينيا إنما نظرة شمولية إلى الكون والإنسان والإله في إطار من التسامح، وبإيمان مطلق بالعدالة والحق، نظراً لالتزامها بالديموقراطية كمنهج وبحقوق الإنسان كممارسة بعيداً عن الاستبداد والإرهاب والديكتاتورية، ويغلفها التراث الشرقي بأديانه البدائية والسماوية، وطرقها الصوفية والابدالية.
ومن هنا فإننا نعد البكتاشية والمولوية وأهل الحق والبابائية ـ وليست البهائية ـ كلها اتجاهات متعددة في هذه النظرة الكلية الإنسانية للوجود التي يمتزج في إطارها العرب والأكراد والأتراك والعجم". ألم يردد الشاعر الشيخ جلال الدين الرومي، مؤسس الطريقة المولوية في مثنويته (ديوان شعره) باللغة الفارسية:
"تعالَ،
تعالَ لتكون معنا،
مَن تكن،
كافراً، وثنيا، أو مجوسيا.
تعالَ، وإن تكن قد تبتَ مائة مرّة، يكفي أن
نكون معاً.
لأن هذا المحفل لا يؤمن باليأس والقنوط".
ونظراً لتعدد الآراء حول العلوية ومذهبها وفلسفتها وأنماطها الصوفية، فإننا سنتناول العلوية بالدراسة ضمن المباحث الثلاثة التالية:
المبحث الأول ـ هوية العلويين
قال النبي (محمد صلى الله عليه وسلم) لعلي بن أبي طالب (رضي الله عنه) مرة "إن فيك لشبها من عيسى بن مريم" وفي مرة أخرى "لا يبغضك إلا منافق" وقال الرسول في مرة ثالثة، وقد شكا إليه بعض أصحابه شأنا من شؤون علي: "ما تريدون من علي؟ ما تريدون من عليّ؟ ما تريدون من عليّ؟ عليّ منّي وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي".
إن هذه الأحاديث الصحيحة تؤكد على حقيقة ناصعة، هي "أن النبي كان يشعر بنوع من الإخاء لعلي بن أبي طالب، وإن عليا كان ممتلئا بهذا الإخاء. ثم إن النبي كان يوجه الأنظار إلى العظمة الإنسانية التي تتمثل في شخصية عليّ، وإلى أنه خير من يستطيع أن يتمم شروط الرسالة من بعده". ومن هنا فقد ولدت فكرة التشيع لعليّ، وتوطدت فكرة الشيعة بخلافه مع معاوية بن أبي سفيان وتوسعت وانتشرت بعد قتله على يد عبد الرحمن بن ملجم.
أما الفكرة العلوية، التي اعتمدت على فكرة التصوف بمؤثراتها الأجنبية، فقد ولدت أيام إمامة المهدي صاحب الزمان أواخر القرن الثامن (الرابع عشر الميلادي) نتيجة الخلاف بين طوائف الشيعة حول قضية "الباب" المعروفة في الفقه الشيعي، بعد أن كان الإسماعيليون قد انفصلوا عن الإمامية الإثني عشرية بسبب الاختلاف على الشخص الأجدر بتوليه الإمامة من أولاد الإمام جعفر الصادق: حيث اختارت المجموعة الثانية إسماعيل بن جعفر الصادق للإمامة، فأطلقت عليهم تسمية الإسماعيليين، أو السبعيين في الفقه الإسلامي، كمذهب من مذاهب الشيعة وإحدى طرق التصوف المعروفة في العالم الإسلامي.
غير أن بعض الباحثين الأتراك يعتقدون أن الفكرة العلوية قد وجدت في آسيا الوسطى، لاسيما في أوساط الشعراء المتصوفة الذين تغنوا بالعشق الإلهي وبالحق والعدالة وحب آل البيت، وقد عمل أولئك المتصوفة الأتراك الأوائل على مقاربة الإسلام مع عناصر تقاليدهم الاجتماعية لتسهيل قبوله واعتناقه من جهة ولترسيخ العقائد الإسلامية لدى الأتراك من جهة أخرى. ولذلك يقول الشاعر المتصوف الشيخ أحمد اليسوي، وهو من شعراء القرن الثاني عشر الميلادي، في ديوان الحكمة:
Seriatin sartlarini bilen Asik
Tarikatin manasini bilir Dostlar
Tarikatin islerini eda edip
Hakikatin Deryasina batar Dostlar
"إن العاشق الذي يعرف شروط الشريعة، يعرف ـ أيضا ـ أيها الأحبة، معنى الطريقة. وإن من يؤدي شعائر الطريقة، يخوض في بحر الحقيقة، أيها الأحباب". لأن العلوية تؤمن بأن الطريقة قرين الحقيقة والشريعة معاً".
ومن هنا أيضاً يعتقد بعض الفقهاء الإيرانيين والأتراك بأن العلوية قد تطورت وتكاملت منذ القرن الثاني عشر الميلادي في مدينة خراسان الإيرانية على أيدي لقمان بارندة ثم أحمد يسوي ويونس أمره ،الذي توفي العام 1321م في آسيا الوسطى، والحاج بكتاش ولي (1210ـ1270م) وهو من تلاميذ الشيخ أحمد اليسوي الذي دفعه للذهاب إلى النجف الأشرف لدراسة الفقه، والشاه إسماعيل الصفوي (1486 ـ 1524م)، وفضولي البغدادي في العراق.
وقد انتقل الحاج بكتاش ولي إلى بلاد الأناضول ليؤسس فيها الطريقة البكتاشية العلوية، التي تناغمت مع الطريقة المولوية الصوفية لمؤسسها جلال الدين الرومي، ومع بابا الياس الذي كان قاضيا في مدينة قيصري العثمانية وشعراء الساز، (وهي آلة موسيقية وترية يستخدمها الشعراء الشعبيون، الذين يطلق عليهم أيضاً الشعراء العشّاق ومعظمهم من الشعراء العلويين) لتكتمل بذلك مذاهب التصوف الإسلامي في الدولة العثمانية.
ولذلك فإن الفكرة العلوية تضم اليوم معظم الاتجاهات الصوفية في البلاد الإسلامية من أفغانستان شرقاً إلى المغرب الأقصى واتجاهاتها الفكرية المختلفة: اليسوية والبكتاشية والمولوية والقلندرية والقزلباشية والأبدالية العبدالية والصفوية والخلوتية والنصيرية والكاكائية والأخيّة الفتوّة والخشّابية وغيرها من الاتجاهات العلوية التي تؤطرها مبادئ التسامح والعلمانية والتقدمية الإنسانية، لأنها جميعا قالت بالحق والعدل وتخلّقت بأخلاق القرآن "لإيمانها بأن العلم لا يدرك بالعقل فقط وإنما بالعرفان أيضاً". غير أن أكبر وأعظم الفرق العلوية هي البكتاشية التركية، التي تفرعت منها معظم الفرق العلوية الأخرى. وكذلك الصفوية الإيرانية والنصيرية العربية المنتشرة في بلدان الهلال الخصيب.
الاتنوغرافي العلوية
يقطن العلويون اليوم في منطقة شاسعة من بقاع الشرق الأوسط، تمتد من أفغانستان إلى المغرب الأقصى مرروا بتركيا ومصر، وهي البقعة الجغرافية التي انتشر فيها أولاد وأحفاد الأئمة الحسن والحسين ولدي علي بن أبي طالب بعد القرن الثامن الميلادي، من العراق إلى خراسان والديلم وطبرستان وتركستان في الشرق وإلى سوريا ومصر وأقطار المغرب العربي، وتمركز معظمهم في المنطقة الجنوبية الشرقية من تركيا وفي مدن ارزنجان وموش وبنغول وأراغلي واورفا وقونيا وأرضروم، ثم درسيم (توني إيلي) وأطرافها بشكل كثيف.
وإذا كانت العلوية العربية قد ولدت في مدرستي الكوفة والبصرة خلال القرن الثامن الميلادي، وانتشرت من خلال الأئمة العلويين في البلاد العربية وإيران وبلاد تركستان، فإن السلاجقة هم الذين حملوها إلى بلاد الأناضول.
وكان للمتصوف الشيخ بكتاش ولي، الذي جاء من خراسان إلى مدرسة الكوفة لدراسة الفقه، حيث مكث في المنطقة سنتين ثم سافر إلى بلاد الأناضول، دور كبير في نشر البكتاشية فيها، رغم أن البكتاشية ـ كطريقة صوفية ـ قد تكاملت بعد بكتاش ولي بقرن تقريبا. وقد التزم الشيخ بكتاش ولي في آماسيا، التي استقر فيها الشيخ العلوي بابا إسحاق الذي ثار مع أتباعه التركمان ضد السلاجقة العام 1240 الميلادي، غير أن السلاجقة قبضوا عليه وأعدموه فتولى بكتاش ولي رئاسة الجماعة البابائية ـ نسبة إلى بابا إسحاق ـ إلى أن توفى في مدينة صولوجا هويوك، حيث يحتفل بذكرى وفاته هناك خلال أغسطس ـ آب من كل عام.
وإذا كانت المصادر العلوية التركية تقدر نفوس العلويين ـ وحوالي 60 بالمائة منهم من الأكراد ـ بحوالي عشرين مليون نسمة، فإن المصادر الرسمية التركية تؤكد بأنهم لا يزيدون عن خمسة أو ستة ملايين فقط من مجموع سبعين مليون نسمة، وهم عدد سكان تركيا اليوم. وحوالي مليون نسمة منهم يعملون كعمال في البلدان الأوروبية منذ عام 1962 ويتركز معظمهم في ألمانيا حيث توجد لهم اليوم أربع جمعيات وعشرات رجال الأعمال والمتاجر وثلاثة نواب في البرلمان. ولهم في النمسا جمعيتان وعشرات المتاجر.
ويتميز العلويون بثلاث مزايا اتخذوها تقاليد متوارثة لا يحيدون عنها: إجراء ختان الأولاد في ذكرى ميلاد الإمام عليّ من كل عام، وإقامة احتفال كبير عند الزواج ـ عادة ـ في ذكرى ميلاد الإمام الحسين الشهيد، والاجتماع في بيوت (الجمع) لإجراء المقابلات في المناسبات ولقراءة الأنفاس البكتاشية والأشعار المولوية والخاصة بالشعراء العشّاق العلويين ومقتل الطالبيين ـ لاسيما أيام عاشوراء ـ وعقد الندوات الثقافية والتداول في أمور الجماعة بكل ديموقراطية وتسامح وعلمانية ظاهرة.
ومن هنا تتردد في الأوساط الاجتماعية التركية ثلاثة اتهامات ضد العلويين: بأنهم ملحدون وكفّار لعدم إيمانهم بشعائر الدين الإسلامي ولتمسكهم بالعلمانية، وبأنهم من غلاة الشيعة لأنهم يمارسون شعائر طريقتهم بصورة سرّية وبنوع من الإباحية، إضافة إلى اجتماع الرجال والنساء واختلاطهم في المناسبات والاحتفالات الخاصة بهم دون مراعاة للتقاليد الاجتماعية المعروفة في المجتمعات التي يعيشون بينها.
غير أن العلويين يردّون على هذه الاتهامات الثلاثة، بثلاث حجج دامغة، هي: لا علاقة للعلويين بالمذهب الشيعي ولا بالمذاهب الأخرى، لأنها نظرة جديدة للوجود والإنسان من خلال الالتزام بالعدالة والحق والإنصاف في إطار الإعجاب بالإمام علي بن أبي طالب ومحاولة السير على نهجه في الحياة والأخذ بمثله العليا الأخلاقية في المعاملات والعلاقة مع الآخر لاسيما وأن مؤسس العلوية في آسيا الوسطى، وهو الشيخ المتصوف الزاهد أحمد اليسوي الذي توفي العام 1176 هو فقيه سنّي. إضافة إلى أن الشيخ بابا الياس، الذي يعد من أوائل العلويين في بلاد الأناضول كان قاضيا سنيا في مدينة قيصري.
كما أن العثمانيين الذين تبنوا البكتاشية ـ وهي أصل العلوية التركية، رغم اختلافها عنها من بعض الوجوه ـ كانوا من السنّة الحنفية، في حين أن بين المذاهب العلوية التركية والكردية، العديد من الطرق الصوفية السنّية كالنقشبندية والكاكائية والخشّابية والبابائية وغيرها.
أولاً ـ باب الشريعة ودرجاتها،هي:
1ـ حب الأئمة
2ـ السعي وراء العلم
3ـ العبادة
4ـ الابتعاد عن المحرمات
5ـ أن يكون الفرد نافعا لعائلته
6ـ أن لا يلحق الأذى بالبيئة
7ـ اتباع أوامر النبي
8ـ أن يكون مشفقاً وذا رحمة
9ـ أن يكون نظيفا
10ـ الابتعاد عن الأعمال الضارة وغير المجدية.
ثانيا ـ باب الطريقة ودرجاتها، هي:
1ـ التوبة
2ـ اتباع نصائح المريد "شيخ الطريقة"
3ـ الهندام النظيف
4ـ الكفاح وخوض الصراع من أجل الخير
5ـ تقديم الخدمات للمحتاجين
6ـ الخوف من ضياع الحقوق
7ـ تجنب اليأس
8 ـ أخذ العبرة
9ـ توزيع الخيرات
10ـ أن لا يتجبّر أو يتعالى أو يستكبر على الآخرين.
ثالثا ـ باب المعرفة:
1ـ التحلي بالأدب
2ـ الابتعاد عن الحقد والأنانية وسوء النية
3ـ عدم الإفراط في كل شيء
4ـ الصبر والقنا
5ـ التحلي بالحياء
6ـ إبداء الكرم
7ـ تعلم العلم
8 ـ التسامح واحترام الآخرين على اختلاف مشاربهم
9 ـ معرفة الآخر
10ـ معرفة الذات.
رابعاً ـ باب الحقيقة:
1ـ التواضع
2ـ التغاضي عن عيوب الآخرين
3ـ عدم التردد في تقديم المعونة عند المقدرة.
4ـ حب كل مخلوقات الله
5ـ أن يرى الناس متساوين
6ـ التوجه نحو الاتحاد وعدم الفرقة
7ـ عدم إخفاء الحقيقة
8 ـ الاهتمام بمعرفة الفراسة
9ـ التوجه لمعرفة السر الإلهي
10ـ الوصول إلى الوجود الإلهي.
ومن هنا يعتقد العلويون، بأن الإسلام يتكون من ثلاثة مذاهب ـ وليس مذهبين فقط ـ هي: السنة والشيعة والعلوية الذين ـ أي العلويين ـ يعدون أكثر الفرق الإسلامية التصاقا بجوهر الإسلام وقيمه الفاضلة. فإذا كان المسلمون ـ بعد النبي ـ ينقسمون إلى 72 فرقة، فإن من يتبع طريق أهل البيت والأئمة الإثنى عشر، هم من (الفرقة الناجية). والذين يتلخص شعارهم بجملة (تولي وتبري) بمعنى "اتبع أهل البيت والأئمة الإثنى عشر ومن ثم سر في طريقهم واترك من لا يحبهم" فإنهم جميعاً من أهل النار. ولكن ذلك لا يعني رفضهم أو إقصاءهم للآخر أو عدم التعامل معه.
ولذلك فإن أولئك الذين لا يفقهون معنى التصوف الإسلامي، الذي يستهدف تربية النفس البشرية من خلال المعرفة والحب، قربة للحق (الله) وكسبا لرضائه، الذي هو ـ أي الرضا ـ هدف الخلق والوجود، فإنهم يعدّون جميع هذه المذاهب الصوفية كفراً وإلحاداً في حين "أن التصوف يحاول جاهداً تنمية البشر من خلال المعرفة الحقيقية بالله وطاعته من جهة والتعامل مع البشر وصولاً لسرّ فكر الإنسان (خليفة الله على الأرض) أو ليست تلك الفكرة أساس الإسلام أيضاً؟".
تجيب الدكتورة آيرين مليكوف، أستاذة كرسي التركيات في جامعة ستراسبورغ الفرنسية، والمتخصصة بالدراسات البكتاشية ـ العلوية، على هذا السؤال بنعم، وتضيف قائلة": ولذلك فإن الفكرة العلوية التي وجدت منذ القرن الثالث عشر الميلادي وتطورت بالطريقة البكتاشية منذ القرن الخامس عشر في بلاد الأناضول، تستمدان أصولهما من المذهب الشيعي الذي اتجه في إيران بعد أخذه بالحداثة نحو التطرف والأصولية، في حين حافظت العلوية الأناضولية ـ رغم أخذها أيضاً بالحداثة ـ على نظرتها الإنسانية وتسامحها وإيمانها بفكرة التصالح الاجتماعي والإخاء الإنساني، لأنها فوق المذاهب والأديان.
ومن هنا، يدافع العلويون عن كل المظلومين والمضطهدين، بغض النظر عن أديانهم وقومياتهم وألوانهم، في جميع أنحاء العالم. فكان هذا هو الاختلاف الأول بين البكتاشية والعلوية. أما الاختلاف الثاني فإنه ناجم عن تأثر البكتاشية بالتنظيمات السرية من حيث تنظيم المحافل وإقامة الشعارات والسلوك الاجتماعي، بعد القضاء على الانكشارية ـ التي كانت تربى وفق التعاليم البكتاشية ـ وغلق (الاوجاغات) المنتديات البكتاشية وتشريدهم ومصادرة ممتلكات محافلهم كافة وتحويلها إلى التكايا النقشبندية. وكانت البكتاشية قد أخذت فكرة الأعداد، على شكل الاقانيم الثلاثة التي سمّاها العلويون الله ـ محمد ـ عليّ.
أما الاختلاف الثالث بينهما، فيكمن في ممارسة العلويين لفنون الرقص والغناء الصوفيين ـ التي يشاركهم المولويون فيها ـ بينما لا يمارسهما البكتاشيون ولا يعترفون بمرتبة المصاحبة العلوية.
إن ثمة تجديدات عدة لدى العلويين، مقارنة بالإسلام الأرثوذكسي، ولكن العلويين باطنيون رغم وجود العناصر الإيجابية العديدة لديهم والتي يستطيعون تطويرها إلى الأفضل. ومن هنا أعتقد أن العلوية وممارساتها تجري في إطار الإسلام، وبأنها كانت رد فعل لاضطهاد الشيعة الأصولية والسنّة المتزمتة لهم. إضافة إلى أن العلوية توليفة فكرية متكاملة: العادات التركية القديمة والشامانية والإسلام ولهذا فإن هذه التوليفة تضم أفكار التصوف والإمامية الإثنى عشرية والعلي اللّهية والحروفية (لاسيما القبّالة التوراتية) والاخيّة (الفتوّة العربية) والتقديس المسيحي لبعض الرهبان حيث يقدس العلويون بعض الشيوخ من الآباء والددوات في إطار تقديس خضر الياس ومشاركة المرأة العلوية في أداء الشعائر، إضافة إلى ايلائهم الأهمية لطير الكركي crane واتجاههم نحو الشمس عند الشروق لرؤية وجه الإمام عليّ ـ حيث كان الأتراك القدماء يسجدون للشمس عند الشروق ولذلك أطلقوا على الله تسمية Tanri المحرّفة عن Tan Yeri التي تعني مكان شروق الشمس لطلب تحقيق الأمنيات منه.
ورغم أن المولوية ـ أيضاً ـ متأثرة ببعض الشعائر الأرثوذكسية، غير أن للمولوية جوانبها الثقافية والفنية التي تختلف عن البكتاشية، كطريقة صوفية فلسفية."
ومهما يكن من أمر، فإن ثمة رأيين ـ من الناحية الدينية ـ حول العلويين: يذهب الرأي الأول إلى أنهم فرقة من المتصوفة الدراويش الذين لا يتقيدون بالشعائر الدينية ولا يلتزمون بفرائض الإسلام التي يفسرونها على هواهم، في حين يؤمن أصحاب الرأي الثاني بأن العلويين هم من الفرق الإسلامية الغالية، ولذلك فإنهم أقرب إلى الشيعة الإمامية ـ كما قال البروفيسور عز الدين دوغان رئيس مؤسسة بيوت الجمع، في تصريحاته إلى صحيفة Star التركية في بقية المذاهب الإسلامية، ولهذا فإن أعظم المنتديات الثقافية ذا الصبغة الصوفية هو المنتدى الثقافي العلوي ـ البكتاشي (ABKB) في أنقرة العاصمة. في حين أكد رئيس الوزراء السابق بولند اجاويد "أن العلويين والسنّة في هذه البلاد قد ترعرعوا في أحضان الثقافة نفسها ونالوا الفيض الإلهي من روضة الثقافة التركية في إطار التصوف الإسلامي".
غير أن البروفيسور عز الدين، يضيف إلى ذلك قائلاً: "ليست للعلويين أية مشكلة مع الإسلاميين الحقيقيين والصادقين في نظرتهم إلى الإسلام المتسامح، وإنما تكمن مشكلتنا مع أولئك المسلمين الذي يتخذون الدين الإسلامي ـ والفكر العلوي تحديداً ـ وسيلة لتحقيق أهدافهم السياسية، لأن العلوية ـ مثلها مثل الحنفية والشافعية والحنبلية تؤمن بأنها جزء من الإسلام، ويعرفون الإسلام بوجهه العلمي والمعرفي والإنساني المتكامل، خلال حياتهم التي تمتد إلى أكثر من ألف عام.
ومن هنا فإننا نعتقد بأن على الجميع أن يعترفوا ويحترموا خيارات الآخرين في إطار حقوق الإنسان وتقديس حرية الآخرين، والسماح لهم بإقامة المؤسسات التي يمارسون فيها شعائرهم ومناسكهم الدينية، بعيدا عن الاستغلال والاستثمار والإقصاء التي تؤدي في كثير من الأحيان بالعلويين للتوجه نحو الإلحاد واللادينية" (جريدة ترجمان التركية ـ في 10/11/2003).
ولكن رغم هذا الاختلاف الجذري بين الرأيين، فإنهما يعتقدان بأن العلويين أكثر الفرق الدينية تسامحاً وديموقراطية وإنسانية وتواضعاً، ويتجلى ذلك في احتفالات الزواج التي تقام صباحاً وتستمر حتى الظهر حيث يقدم الغداء فيها ومن الأطعمة المختلفة للجميع: الفقير والغني والشيعي والسني والعلوي والمسيحي والمشهور وابن السبيل، وفي الهواء الطلق اعتباراً من احتفالات النوروز (الربيع) وحتى نهاية الصيف. إضافة إلى إقامتهم لموائد (السبيل) أيام الآحاد من كل أسبوع لإطعام الفقراء وأبناء السبيل والمعوزين. كما أن العلويين يهتمون جداً بالعلاقات العامة مع الآخرين واحترام آرائهم وإجراء الحوار معهم بكل حرية وديموقراطية، إضافة إلى مساندتهم للمظلومين ودفاعهم عنهم في جميع المجالات.
المبحث الثالث ـ العلوية السياسية
عرف العلويون، منذ ظهورهم على المسرح السياسي، كمدافعين عن حقوق الطبقات المسحوقة وكمناضلين من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية وإنصاف المظلومين، بالروح الإنسانية الوثابة وبالتسامح الفكري ومناهضة الاستبداد والتمسك بالمطالبة بحقوقهم مهما كانت الظروف. ومن هنا فإن تاريخ العلويين في بلاد الأناضول عبارة عن سلسلة من الثورات ضد السلطات الحاكمة الاستبدادية أو دفاعا عن حقوقهم المهضومة. فقد ثار الشيخ بابا إسحاق، أحد مريدي بابا الياس شيخ العلويين التركمان ومؤسس الطريقة البابائية الصوفية، ضد السلاجقة الذين أثقلوا كاهل جماعته بالضرائب العديدة العام 1208 الميلادي والتي استمرت حتى العام 1210 وشملت معظم مناطق بلاد الأناضول. وقد خشي السلاجقة من مغبة هذه الثورة العارمة، فقاموا بتجنيد معظم الشبان التركمان للخدمة العسكرية ما أدى إلى إضعاف قوة بابا إسحاق ومن ثم القضاء عليه وعلى ثورته.
كما ثار العلويون البابائيون والعشائر الأوغوزية (التركمان، اوسطاجالي، روملو، تكه لي، ذو القدرية، شاملي آفشار، قاجار) المساندة لهم ضد الدولة العثمانية الفتية. ولكن العثمانيين قمعوا هذه الثورة بقسوة ما اضطر معظم تلك العشائر إلى الهجرة إلى أذربيجان الإيرانية. ولعل أخطر مشكلة سياسية واجهتها الدولة العثمانية كانت دعوة الإصلاح الاجتماعي ـ الاقتصادي التي أطلقها الشيخ بدر الدين محمود سماونالي (1359 ـ 1420) قاضي عسكر السلطان موسى تشلبي (ابن السلطان ييلدرم بايزيد الأول) الذي أعلن نفسه سلطانا على الدولة العثمانية وبدأ بمحاربة إخوانه الثلاثة الآخرين المطالبين بالسلطة بعد وفاة والدهم السلطان بايزيد الأول.
غير أن محمد تشلبي ـ الابن الأصغر للسلطان بايزيد الأول ـ استطاع التغلب على أخويه الآخرين وإعلان نفسه سلطانا على الدولة العثمانية باسم السلطان محمد الثاني (1432 ـ 1481) الذي عرف في ما بعد باسم السلطان محمد الفاتح، الذي قام بنفي الشيخ المتصوف بدر الدين سماونالي إلى مدينة أزنيك. ولكن الشيخ بدر الدين استطاع الهروب ـ بمساعدة مريديه من التركمان العلويين ت- إلى منطقة صامصون على البحر الأسود حيث أعلن هناك بأنه سيقوم بتأسيس دولة الحق ثم قام بتوزيع الأراضي الزراعية على الفلاحين المعدمين ونشر نوعا من الاشتراكية البدائية من خلال مبدئه القائل "كل شيء مشاع عدا وجه الحبيبة" فكانت تلك الدعوة أول ثورة مادية في الإسلام في بلاد الأناضول.
وقد انتشرت هذه الدعوة ـ التي كانت سرّية في البداية ـ بسرعة مذهلة وامتدت إلى المناطق المجاورة، نتيجة انشغال الدولة العثمانية بالغزو المغولي الذي قاده تيمور لنك، لاسيما بعد انتصاره على السلطان بايزيد الأول (1347ـ 1403) في معركة أنقرة العام 1402، وانشغال أبنائه الأربعة في الصراع على السلطة طيلة عشرة أعوام (1403ـ1413) التالية، إلى أن اعتلى عرش السلطنة محمد الفاتح العام 1413 ليتفرغ لمحاربة "العصاة الخارجين عن الدولة العثمانية". فجهز حملة كبيرة لتحرير الأراضي التي استولى عليها أولئك "العصاة" ابتداءً من منطقة قونية، فتم القضاء على بوركلوجة مصطفى أولاً ثم على طورلاك كمال وبعد درزماجة مصطفى.
ورغم مقاومة الفلاحين المعدمين لقوات السلطنة دفاعا عن مكتسباتهم بقيادة الشيخ بدر الدين، إلا أن قوات السلطنة تغلبت عليهم وألقي القبض على الشيخ بدر الدين، الذي خلّده الشاعر المبدع ناظم حكمت في ملحمة رائعة ـ وتم إعدامه العام 1420 في القضية المعروفة في التاريخ العثماني باسم "حادثة سَرَز" لأن الشيخ بدر الدين قد اعدم في سوق مدينة سرز المزدحمة آنذاك.
ومنذ بدايات القرن الخامس عشر استطاع الشيخ حيدر بن جنيد بن صفي الدين التركماني، جمع عدد غفير من الدراويش التركمان في منطقة بحر قزوين الأذربيجانية الإيرانية حول دعوته الصفوية وخاض صراعاَ مريرا ضد العشائر الفارسية بمساندة الأمير اوزون حسن (1428ـ 1478م) زعيم دولة الآق قويونلية (الخروف الأبيض) التركمانية وحمو الشيخ حيدر بن جنيد الصفوي، فانتصر عليهم بقواته الجرّارة والذين أطلق عليهم تسمية (القزلباشية) ذوي الرؤوس الحمر لأنهم كانوا يعتمرون قطعة حمراء، إشارة إلى انتسابهم للطريقة العلوية، وأعلن ابنه إسماعيل الصفوي (1486ـ 1524) شاها ـ ملكاً ـ على إيران العام 1501 الذي قام بدوره بإعلان المذهب الشيعي، مذهباً رسمياً لبلاده، فأصبح بذلك مؤسس الدولة الصفوية في التاريخ.
وهنا يتبادر إلى الأذهان السؤال الوجيه التالي: لماذا لم يعلن إسماعيل الصفوي العلوي التركماني، العلوية مذهبا دينيا بدل المذهب الشيعي في إيران، رغم اشتراكهما في محبة الإمام علي وآل البيت؟
إننا نعتقد، أن الشاه إسماعيل الصفوي ـ وهو أحد الشعراء الأتراك الكلاسيكيين الذي نشر له ديوانان بالتركية ـ كان يفكر تفكيراً منطقيا لأنه اعتقد ـ وهو على حق ـ بأن العلوية ليست مذهبا دينيا وإنما هي طريقة صوفية ـ متميزة ومختلفة عن الطرق الصوفية الأخرى ـ لا يمكن إجبار الناس الانتساب إليها بالأوامر والقرارات الرسمية وإنما بالإقناع والحوار والإقتداء.
ومن هنا فإن الطريقة الصفوية ـ العلوية ـ الصوفية أكثر الطرق الصوفية انتشاراً في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى من جهة، ولأنه أراد تعبئة الشعب الإيراني الشيعي ضد الدولة العثمانية السنّية في حربه الدينية ـ السياسية لنشر المذهب الشيعي في المنطقة للهيمنة السياسية على الشرق، من جهة أخرى. ولذلك بقيت الرابطة الروحية بين الإمامية الإثنى عشرية والصفوية قائمة ووثيقة إلى اليوم، كما ظل الشاه إسماعيل الصفوي أحد شيوخ العلويين المرموقين حتى يوم الناس هذا.
وإذا كان السلطان ياووز سلطان سليم (1470ـ1520) قد انتهز الاضطرابات المذهبية التي حدثت بين الشيعة والسنة في منطقة جنوب شرقي بلاد الأناضول لشن حملة قمع واضطهاد ضد العلويين هناك، ما دفع بهم إلى القيام بسلسلة الثورات "الجلالية" ضد السلطنة العثمانية، فانتهزها السلطان ياووز سليم لإعلان الحرب على الصفويين بعد اتهامه للشاه إسماعيل الصفوي بخلق تلك الاضطرابات فكانت معركة تشالديران (23 آب ـ أغسطس 1514) التي انتصر فيها السلطان العثماني على الشاه إسماعيل الصفوي واحتل عاصمته تبريز حيث استولى على خزائنه ونقل عرشه الذهبي المطعّم بالماس إلى اسطنبول ـ وهو معروض اليوم في متحف طوبقبو ـ فإن السلطان سليم قد أراد بتلك الحملة العسكرية الجرّارة ضد الصفويين، تحقيق هدفين في آن: التوجه بالفتوحات العثمانية شرقاً، وضرب الحركة الصفوية العلوية المتنامية في بلاد الأناضول، بعد أن تبنّى الجند الانكشاريون (الجند الجدد) وهم مشاة القوات المسلحة العثمانية من المرتزقة ومعظمهم من العلويين، التي تأسست العام 1362 الميلادي، في (اوجاقاتهم أي منتدياتهم البالغ عددها 196 اوجاقا) اعتباراً من أواخر القرن السابع عشر، الطريقة البكتاشية أسلوباً في الحياة والمعاملات وبذلك ساهموا في نشرها في أنحاء بلاد الأناضول كافة ما أثار حفيظة السلطان محمود الثاني (1785ـ1839) فأقم وليمة عشاء لزعماء تلك الاوجاقات البكتاشية في قصره العام 1826 فقضى عليهم جميعاً. كما أنه أصدر فرمانا (أمرا سلطانيا) يقضى بإلغاء التشكيلات الإنكشارية وتجريدها من السلاح والامتيازات وملاحقة كل من يشتبه بالانتساب إلى الطريقة البكتاشية حتى تم قتل حوالي أربعين ألف علوي خلال تلك الفترة. ولذلك فقد تبنى العلويون مبدأ التقية لدفع الأذى عن أنفسهم والانعزال عن المجتمع العثماني الذي بدأ يطلق عليهم تسميات: الكفار واللادينيين والأتراك المعتوهين وغيرها من الأوصاف الرديئة والألقاب المشينة.
إن محاربة العثمانيين للعلويين في شخص البكتاشيين ومحاولة تهميشهم أدى بمعظمهم إلى الهجرة إلى الأقسام الشرقية والجنوبية الشرقية من بلاد الأناضول ليمارسوا هناك شعائرهم بصورة سرية ردحا من الزمن، إلى أن كانت الثورة الكمالية التي أخذت بأنظمة الحكم الحديثة بإعلان الجمهورية والدستور العلماني العام 1923 إضافة إلى إلغاء الخلافة والأخذ بنظام وحدة التدريسات وإنشاء مؤسسة الشؤون الدينية "التي تنص على وحدة الدين والدولة في نطاق اتخاذ الإسلام كدين والتركية كقومية ضمن حدود الجمهورية التركية في إطار الميثاق الوطني" المعلن عنه العام 1924.
وقد هيأ القانون المذكور، الأرضية الملائمة لإصدار قانون إلغاء الزوايا والتكايا العام 1937 الذي كان يعني سحب الاعتراف بالاقليات الدينية والإثنية خارج نطاق الإسلام كدين والتركية كقومية.
ورغم أن العلويين كانوا قد استبشروا خيراً بإعلان الجمهورية العلمانية، فإنهم شعروا بالغبن الفاحش نتيجة عدم اعتراف مصطفى كمال اتاتورك وخلفائه من بعده بالعلوية ـ ولو ضمنيا ـ رغم كون العلويين علمانيين مثلهم من جهة ولائهم كانوا يمثلون آنذاك حوالي ربع سكان الجمهورية التركية الفتية. ولهذا ظلت معاناة العلويين مستمرة في العهد الجمهوري أيضاً، وما زاد في الطين بلّة وضع الضرائب الباهظة على الماشية إضافة إلى ضريبة الطريق التي أرهقت كاهل الفلاحين في المناطق الشرقية والجنوبية الشرقية التي تقطنها الأكثرية العلوية. بل إن الجندرمة والتحصيلدار (مأمور الضرائب) كانا يقومان بضرب وسجن وتعذيب الفلاحين الذين لا يستطيعون دفع تلك الضرائب، ما أدى إلى تذمّر عام في المنطقة وتمرد بعض القبائل التركمانية وامتناعها عن دفع تلك الضرائب العام 1937 وفي العشرين من أغسطس ـ آب 1937 عسكر الجنود قرب مجموعة قرى درسيم (تونجلي الحالية) ثم قاموا بتطويق تلك القرى، فساد الخوف بين سكان تلك القرى بعد أن تسربت إليهم الأنباء التي تؤكد بأن الجنود سيعتقلون شيوخ وددوات وباباوات (شيوخ) الطرق الصوفية البكتاشية والعلوية والمولوية والصفوية كافة".
ثم يتحدث لاتشين عن التحريض الذي مارسته القوات المسلحة التركية لحمل الفلاحين على التمرد بالقول "قام المقدّم الذي حاصر القرى التابعة لقضاء داريكنت موهوندي بجمع كل من يستطيع حمل السلاح بحجج مختلفة: تارة امتلاك السلاح ـ وإن كان مجازا ـ أو باتهامه بأنه من الأشقياء وقطّاع الطرق أو بأنه شيخ أو دده أو بابا للعلويين، وكان معظمنا يعرف الآخرين لأننا كنا من المنطقة نفسها. ثم ساقهم، وهم مقيدون إلى جهة مجهولة، حيث أن معظمهم أصبحوا ضحايا مجزرة 14 آب ـ أغسطس الرهيبة". وتعتقد المصادر العلوية الموثوقة "أن حوالي 40 ألف علوي قد قتلوا في تلك المجزرة البشعة".
غير أن حكومة عصمت اينونو، خليفة اتاتورك ورئيس الجمهورية وكالة آنذاك والعسكري الصارم قرر مواجهة هذه المطالب وثورة الأكراد العارمة التي زلزلت أركان الدولة خلال السنوات الثلاثة من عمرها، بالقوة فجهز جيشا عرمرما للقضاء عليها بتعزيز الفيلق السابع المعسكر في منطقة ديار بكر بفيلقين آخرين مع المدرعات والطائرات الإضافية التي نسفت الجبال ودمرت القرى وأحرقت الزرع والضرع. بعد أن أخذ ابنونو خلال حكمه (1938 ـ 1950) بالفكرة الفاشية "زعيم واحد لشعب واحد ذي إيديولوجية واحدة "المتأثرة بالفكرة النازية وإيديولوجية "هندسة البشر على شكل واحد" الستالينية.
وبعد الحرب العالمية الثانية أسدل ستار كثيف على العلويين بخاصة والحركة الكردية بعامة في تركيا، رغم أنهم استبشروا خيرا بأخذ تركيا بالتعددية السياسية أملاً في إتاحة المجال لهم للمشاركة في الحكم وتحقيق أمانيهم في إقامة المجتمع الديموقراطي الذي يتمتع فيه كل مواطن بالحريات العامة على قدم المساواة مع الآخرين.
غير أن الأحزاب السياسية التي تشكلت بعد الخمسينيات لم تطرح في برامجها الانتخابية مطالب الأكراد والعلويين في إتاحة المجال لهم لممارسة ثقافتهم في الإذاعة والنشر وتمثيل العلويين في رئاسة الشؤون الدينية لكسر الطوق السني المفروض على إدارتها وقراراتها. ولذلك فقد كان العلويون والأكراد يناضلون ضمن الأحزاب السياسية القائمة لتحقيق تلك الحقوق، حيث كانوا يؤلفون دائما ما بين 16 ـ 18 في المائة من عدد نواب البرلمانات القائمة خلال 1950 ـ 1980 عندما قام الجنرال كنعان ايفرين بانقلابه العسكري ـ وهو الانقلاب العسكري الثالث بعد انقلابي 1960 و 1971 ـ في 12 أيلول ـ سبتمبر من العام المذكور، ليلغي الأحزاب السياسية والدستور والبرلمان توطئة لوضع دستور جديد للبلاد العام 1982 والذي نص على تدريس مادة الدين في المراحل الدراسية كافة مع التوسع في فتح مدارس الأئمة والخطباء، دون الالتفات إلى مطالب العلويين في الاعتراف ببيوت الجمع الخاصة بهم كمراكز لممارسة الشعائر العلوية ورعايتها مع تحديد نسبة معينة في رئاسة الشؤون الدينية وبنسبة نفوسهم إلى مجموع سكان تركيا.
ومن هنا فقد دخل البروفيسور عز الدين دوغان، رئيس مؤسسة بيوت الجمع العلوية، في مساومات مع جميع الأحزاب السياسية التي تشكلت بعد العام 1983 من أجل تحقيق مطالب العلويين لقاء تأييدهم لمرشحي تلك الأحزاب، غير أنها جميعا لم تلتزم بوعودها. ولكن رغم ذلك فإن العلويين لا ينوون تأسيس منظمة سياسية مستقلة خاصة بهم وإنما سيناضلون ضمن الأحزاب السياسية التي تساند تطلعاتهم في التمتع بهويتهم الثقافية، ولذلك فقد صرح دوغان لصحيفة الزمان: "رغم أننا لا نرغب في تأسيس حزب سياسي خاص بنا إلا أنني أشجع كل العلويين للانخراط في العمل السياسي لأن الظروف السياسية تستدعي ذلك من جهة ولأن الأحزاب القائمة تتطلع لتعاون العلويين معهم من جهة أخرى، رغم أنني سوف لن أرشح نفسي للانتخابات". وكان العلويون قد طرحوا المطالب التالية على الأحزاب السياسية العلمانية ـ عدا حزب العدالة والتنمية ـ لقاء تأييد مرشحيهم أو ترشيح خمسين إلى سبعين علويا وهي:
1ـ تمثيلهم في الهيئة الإدارية لرئاسة الشؤون الدينية تعادل نسبتهم إلى عدد السكان.
2ـ تخصيص مبالغ محددة من ميزانية الدولة لمساعدة مؤسسة بيوت الجمع، أسوة بمساعدتها لإنشاء الجوامع.
3ـ اقر الدستور قيام المدارس بتدريس نوعين من الدروس الدينية: درس الدين والأخلاق الإلزامي ودرس الدين الاختياري. غير أن المدارس كافة تقوم حاليا بتدريس الإسلام ـ وفق المذهب الحنفي السنّي ـ فقط في حين يجب تدريس أسس العلوية كمذهب فلسفي أخلاقي ضمن تلك الدروس، وفي الشعائر الدينية.
4ـ تخصيص وقت محدد ضمن البرامج الدينية المذاعة في هيئة الإذاعة التركية TRT لنشر الفلسفة الأخلاقية العلوية أيضاً.
ويبدو أن حزب الشعب الجمهوري العلماني بزعامة دنيز بايكال قد قبل التعاون مع العلويين في انتخابات 3 تشرين الثاني ـ نوفمبر 2002 ولذلك فقد فاز فيها بـ 178 مقعداً من مجموع 550 في البرلمان الجديد ليصبح الحزب الثاني فيه بعد حزب العدالة والتنمية ذي الصبغة الإسلامية، بزعامة رجب طيب اردوغان.
وكان من ثمار ذلك التعاون قيام محمد نوري ييلماز، رئيس الشؤون الدينية بإصدار أول تعميم يخص العلويين عندما ألزم المساجد التركية كافة ـ داخل البلاد وخارجها ـ بأن تكون خطبة صلاة التراويح ليوم الثلاثاء 26 تشرين الثاني 2002 الموافق 21 رمضان 1423هـ عن حياة الإمام علي بن أبي طالب وذلك بمناسبة ذكرى وفاته. وقد أعرب البروفيسور عز الدين دوغان، رئيس اتحاد بيوت الجمع العلوية "عن امتنانه لهذه الخطوة التي تأخرت كثيرا، والتي رفعت الحواجز بين السنة والعلويين في تركيا، والتي ستكون وسيلة لتحقيق السلام والوئام بين الموطنين في الجمهورية التركية" (صحيفة الصباح التركية الصادرة في 26/11/2002).
أما على الصعيد العالمي، فإن للعلويين جمعيات ومنتديات وبيوت الجمع في كل من ألمانيا وهولندا وبلجيكا وفرنسا والدانمارك والنمسا وكندا والولايات المتحدة الأميركية. بل إن فلسفة الأخلاق العلوية تدرّس في الجامعات الألمانية، ويحاول العلويون اليوم إدخالها للجامعات النمساوية، لأن العلويين يعتقدون بأن نظرتهم إلى الله والإنسان والوجود نظرة جديدة تختلف عن النظرتين الرأسمالية والشيوعية. فهل يمكننا اعتبار فلسفة الأخلاق العلوية، هي الطريق الثالث ـ أو رديفة لذلك الطريق ـ التي دعا إليها طوني بلير، رئيس وزراء بريطانيا الحالي؟!
تعيش المجتمعات الغربية التي أخذت العقل منارا للحياة المادية العصرية غير المتوازنة، ضياعا روحيا ونفسيا ملموسا على صعيد العائلة والمجتمع، ولذلك فقد دعا بعض المفكرين والسياسيين الغربيين ـ وعلى رأسهم الأمير تشارلز ولي عهد إنكلترا ـ إلى استلهام قيم التراث الإسلامي "لإعادة التوازن" إلى المجتمعات الغربية المادية المدمرة في نتائجها على المدى البعيد، بدمج روحانية التراث الإسلامي مع التراث المادي العقلاني الغربي" وتعني هذه الفكرة دمج مكونات الذات وسمات الشخصية مع منهج الحياة في بوتقة حضارة القرن الحادي والعشرين، في وئام وسلام بعيداً عن صراع الأفكار المحتدم بضراوة في أيام الناس هذه والمرشح لحرب حضارية مدمرة مستقبلا.
لأن الفكرة العلوية المتسامحة والمغلّفة بالروحانية الشفافة وبمظاهر الحياة الإنسانية الدافقة والنظرة العلمية الواقعية بخلق نوع من التوازن بين الجانبين الروحي والمادي في حياة الإنسان واستجابتها لمتطلبات العصر، قد يكون بديلا ـ أو رديفا ـ للطريق الثالث الذي يدعو إليها الغرب. ولكن هذا الأمر يجب أن لا يفسر بأننا نضع العلوية بديلا للإسلام المعتدل، وإنما نقوم بمحاولة التقريب بين الفلسفة العلوية الروحانية التي تستهدي بنور القلب وبين الفلسفة الغربية المادية التي تستهدي بنور العقل في توليفة ثقافية ـ مدنية معاصرة، لصهر قيم التراث الإسلامي والعلمانية المستنيرة ـ غير الملحدة ـ في بوتقة حضارة القرن الحادي والعشرين، نبذا للحروب والصراعات المدمرة التي يروج لها تجار الأسلحة ودعاة إقامة الإمبراطوريات المسيطرة ذات المبادئ الدولية الحاكمة لتحقيق الهيمنة على عالم اليوم.
ومن هنا فقد دعا الدكتور محمد آيدين، عميد كلية الإلهيات (الشريعة سابقاً) ووزير الدولة لشؤون الأديان في وزارة عبد الله غول السابقة، في المقابلة التي جرت معه على صفحات جريدة حرييت التركية (8/12/2002) إلى ضرورة "عقد ندوة فكرية حول العلوية في تركيا لبحث طروحاتهم حول الدين، ولمناقشة تفسيراتهم للدين الإسلامي ـ وأضاف ـ وأتمنى عقد هذه الندوة الفكرية في مدينة ازمير المعروفة بالتسامح وروحها التجديدية وأفكار مثقفيها الحية".
وقد علق الدكتور عز الدين دوغان رئيس اتحاد بيوت الجمع العلوية على دعوة الدكتور محمد آيدين بالقول "رغم اقتناعنا بحسن نية الدكتور آيدين فإننا ندعو أيضاً إلى عقد ندوة حول المذهب السني نظرا لوجود الاختلافات المذهبية بين السنة أيضا. كما أنني اعتقد بأن التقرير المرفوع إلى الاتحاد الأوروبي حول الأوضاع العامة في تركيا العام 2002 لم يتضمن مشاكل العلويين القائمة اليوم".
وقد أيد معظم المفكرين الإسلاميين الأتراك عقد مثل هذه الندوات الدينية ليس من أجل الإصلاح الديني، وإنما لتقديم نمط إسلامي ديموقراطي إلى العالم "للرد على الاتهامات الموجهة إلى المسلمين بممارسة الإرهاب والاستبداد الفكري غير الديموقراطي وعدم احترام حقوق المرأة" (حرييت في 9/12/2002). فقد أكد خضر الماس، رئيس مؤسسة غازي الثقافية في اسطنبول ـ وقف آل البيت البكتاشية العلوية سابقا ـ تأييده الكامل ومساندته لفكرة عقد الندوة العلوية في ازمير، في حين أكد الباحث الديني المعروف إسماعيل نجار بأنه "يشكر الوزير آيدين على دعوته، لأن الدين الإسلامي ليس بحاجة فقط إلى الإصلاح وإنما إلى حركة نهضة شاملة تنقذ الإسلام والمسلمين من الاتهامات الموجهة إليهما ـ لاسيما بعد أحداث 11 أيلول ـ سبتمبر الإرهابية ـ بوصفهما بالإرهاب والتخلف الفكري". أما فرماني آلتون، رئيس الاتحاد العالمي لجمعيات آل البيت العلوية، فقد أكد ضرورة "عدم تسييس هذه القضية، إنما بحثها في إطار الواقع ومعطيات الفلسفة العلوية".