تاريخ التسجيل: Oct 2005
الدولة: الواديين(ال دمام)
المشاركات: 2,542
جميع المذاهب الهدامة باختصار
الإباضية
الإباضية هي إحدى فرق الخوارج الكبرى, وقد رأينا تقديمها بشكل مستقل كون هذه الفرقة ما زالت منتشرة بنفس هذا الإسم ولها تواجد في أنحاء مختلفة من العالم الإسلامي وخاصة في سلطنة عُمان.
والحديث عن الإباضية يدفعنا للحديث قليلاً عن الفرقة الأم وهي الخوارج, والتي تفرَّعت منها الإباضية, فالخوارج هم الذين يكفّرون بالمعاصي, ويخرجون على أئمة المسلمين وجماعتهم, ويشمل ذلك الخوارج الأولين, ومن تفرّع عنهم من الأزارقة والصفرية والنجدات (وهذه الثلاث قد انقرضت) والإباضية (وهم باقون إلى اليوم).
كما يشمل اسم الخوارج كل من أخذ بأصولهم وسلك سبيلهم, كجماعات التكفير والهجرة في هذا العصر ونحوهم, وتعتبر الخوارج أول الفرق ظهوراً في التاريخ الإسلامي.
التسمية والنشأة:
وعودة إلى الإباضية التي هي إحدى فرق الخوارج رغم أن أصحابها والمنتسبين إليها ينفون عن أنفسهم هذه النسبة إذ يعدون مذهبهم مذهباً اجتهادياً فقهياً سنيّاً يقف جنباً إلى جنب مع الشافعية والحنفية والمالكية والحنبلية.
وسميت هذه الفرقة بالإباضية نسبة إلى عبد الله بن إباض, أحد بني مرة بن عبيد من بني تميم, ويُعُّد عبد الله بن إباض من طبقة التابعين, ولم تذكر المصادر الموثوقة تاريخ ولادته ووفاته, لكنها تجمع على أنه عاصر عبد الملك بن مروان المتوفى سنة 86هـ, وأنه أحد رؤوس الخوارج, وقد أجمعت الإباضية قديماً وحديثاً على إمامته فيهم وانتسابهم إليه.
الأفكار وأبرز الشخصيات:
نشأت الإباضية على أصول الخوارج, وتلتقي معها على أغلب الأصول.
ومما يؤمن ويعتقد به الإباضيون ويخالف منهج أهل السنة والجماعة قولهم بأن مرتكب الكبيرة كافر, ويفسرون بأن معناها كفر النعمة, هذا في الدنيا أما في الآخرة فيرونه مخلداً في النار, وينكرون رؤية المؤمنين لربهم في الجنة بأبصارهم, ويقولون إن صفات الله هي عين ذاته, وأن الاسم والصفة بمعنى واحد, كما أنهم يؤولون صفات الله الخبرية كالاستواء والنزول والمجيء, وكاليد والوجه والعين والنفس.
ووقعت الإباضية في صحابة النبي صلى الله عليه وسلم, وطعنت في عدد من أجلاّء الصحابة كعثمان وعلي وعمرو بن العاص ومعاوية وطلحة والزبير وأصحاب الجمل.
ومن أبرز شخصياتهم جابر بن زيد (21-96هـ), وأبو عبيدة مسلمة بن أبي كريمة, والربيع بن حبيب الفراهيدي صاحب (مسند الربيع) الذي جمع فيه الأحاديث, ويعتبره الإباضية أصح كتاب بعد كتاب الله, ومن أبرز شخصياتهم كذلك الإمام الحارث بن تليد وأبو الخطاب عبد الأعلى بن السمح, وأبو حاتم يعقوب بن حبيب وحاتم الملزوزي, ومنهم سلمة بن سعد الذي قام بنشر مذهبهم في إفريقيا أوائل القرن الثاني الهجري.
وفارق الإباضية جماعة المسلمين كغيرهم من الخوارج, ورأوا أن الإمام إذا ارتكب كبيرة حل دمه, ولا يقرون لأئمة المسلمين – من غيرهم – بإمامة شرعية عدا أبا بكر وعمر وعمر بن عبد العزيز.
وتعتبر مسائل مرتكب الكبيرة, والنظرة إلى الصحابة، والخروج على الأئمة، ومفارقة جماعة المسلمين من الفوارق الرئيسية بينهم وبين أهل السنة, ومن الأصول الكبرى التي أخرجتهم عن منهج السلف وجعلتهم في عداد الفرق والأهواء.
تاريخ الإباضية:
بما أن تاريخ الإباضية لا يتجزأ من تاريخ الخوارج, فإنه يمكن تقسيمه إلى مرحلتين:
المرحلة الأولى: مرحلة ما قبل تمييز الإباضية عن بقية الخوارج, أي المرحلة التي بدأت فيها حركات الخوارج الغلاة الذين قاتلوا عليّاً وواجهوا الصحابة, ثم واجهوا الدولة الأموية في عهد معاوية ومن بعده, وانضموا إلى ابن الزبير وكان منهم عبد الله بن إباض مؤسس الإباضية مع رؤوس الخوارج كنافع بن الأزرق وابن الصفار وأبي بيهس ونجدة الحنفي.
المرحلة الثانية: المرحلة التي صاحبت ظهورها ثم تلت بعد ذلك, وفيها استقل ابن إباض عن بقية الخوارج حين خالفهم في مسألة حكم المخالفين لهم في عهد عبد الملك, وفي هذه الحقبة (القرن الأول للهجرة) لم يكن للإباضية دولة ولا مواقف مشهورة إلا أنهم كانوا يشكلون جبهة معارضة عقدية وسياسية إمامة لإمامة بني أمية.
وكما نشأ مذهب الإباضية في القرن الأول في البصرة وخراسان ثم عُمان وحضرموت في جزيرة العرب, فقد امتد مع بداية القرن الثاني إلى الشمال الأفريقي.
تاريخها:
1- تاريخها في عُمان:
أول نشأة للإباضية بدأت في البصرة وما حولها ثم في عُمان وخراسان تبعاً لفلول الخوارج في عهد الدولة الأموية, ولكنها تركزت فيما بعد في عُمان.
وفي أول الدولة العباسية وأيام المنصور عقد الإباضية البيعة لأول إمام لهم بعُمان عام (134هـ) اسمه (الجلندا بن مسعود) وهم يعدون ذلك –الخروج على أئمة المسلمين وجماعتهم– من مفاخرهم ومواقفهم الدينية والسياسية والتاريخية التي يبنون عليها أصولهم وأمجادهم.
وظلت الإباضية في صراع طويل مع أئمة المسلمين, وكانوا في أثناء ذلك ينصبون إماماً تلو آخر, وفي سنة 1161هـ بايع الإباضية (أحمد بن سعيد) حيث انتقلت الإمامة إلى آل سعيد, ولا تزال دولتهم قائمة حتى اليوم في عُمان.
2-تاريخها في الشمال الأفريقي:
أول حركة للإباضية عُرفت في التاريخ بجهة المغرب العربي ظهور (الحارث وعبد الجبار) الإباضيين ومواجهتهما للدولة الأموية أيام آخر خلفائها مروان بن محمد, وانتزعا طرابلس وسيطرا على تلك الناحية حيناً من الدهر وقتلا سنة 121هـ.
وفي سنة 140هـ, بايع الإباضيون هناك (عبد الأعلى بن السمح) في ليبيا, ودانت له طرابلس ثم القيروان وبرقة وفزان, وأعلن الخروج على الدولة العباسية, وبعده التف فريق منهم حول (عبد الرحمن بن رستم) من سلالة كسرى ملك الفرس, الذي تمكن في النهاية من إقامة دولة (بني رستم الإباضية) وعاصمتها تاهرت، وتولى بعده ابنه عبد الوهاب الإمامة سنة 171هـ, ثم توالت إمامتهم في عقبه.
وفي سنة 269هـ تقريباً انتهت الدولة الإباضية الرستمية بالمغرب العربي على يد الفاطميين, وبعدها صاروا يقيمون إمارات صغيرة ومشيخات طائفية إقليمية تنزع إلى الاستقلالية خاصة في (جبل نفوسة) وقد تتوسع أحياناً إلا أنه لم تقم لهم دولة ذات سلطان نافذ أو مدة طويلة في المغرب العربي بعد الدولة الرستمية.
وما يزال لهم في الوقت الحاضر وجود في عُمان وحضرموت واليمن وليبيا وتونس والجزائر وفي واحات الصحراء الغربية.
اليزيدية
ظهرت في السنوات القليلة الماضية في عدد من الدول الإسلامية كالمغرب ولبنان والأردن ومصر طوائف من " عبدة الشيطان " معظمهم من الشباب المنحرف الذين يعتقدون بمباديء وأفكار غريبة ويقدسون الشيطان ويلبسون ملابس غريبة, وحاول البعض أن يربط بين أفكار هؤلاء الشباب مع الطائفة أو الديانة اليزيدية التي تنتشر منذ زمن طويل في عدد من البلدان كالعراق وسوريا, خاصة أنهم يشتركون في تقديس الشيطان, وهو أصل من الأصول العقائدية والفكرية للجماعتين.
الديانة أو الطائفة اليزيدية من الطوائف المنتشرة في كردستان العراق وإيران وتركيا وسوريا وجمهوريات الإتحاد السوفييتي السابق مثل أرمينيا وجورجيا وأتباعهم من الأكراد المنتشرين في هذه الدول.
وفي البداية كانت اليزيدية طريقة صوفية تعرف بالطريقة العدويّة, وكانت طريقة مستقيمة وسليمة من الإنحرافات في عهد مؤسسها الشيخ عديّ بن مسافر الأموي (467-557هـ) والذي قدم من قرية يقال لها بيت فار من أعمال بعلبك في لبنان. وكان الشيخ عدي بن مسافر على منهج أهل السنة, وعندما مات خلفه ابن أخيه واسمه صخر بن صخر بن مسافر ويكنّى بأبي البركات, وكان محباً لأهل الدين شديد التواضع حسن الأخلاق, وبعد موته خلفه ابنه عدي (عدي الثاني) وكان على شاكلة أبيه صخر وعم أبيه (الشيخ عدي الأول).
ويمكن القول أن الطريقة العدوية سارت على منهج سليم طوال فترة تولّي هؤلاء الثلاثة مشيخة الطريقة.
ولكن بعد وفاة الشيخ عدي والشيخ صخر والشيخ عدي الثاني بفترة تولّى مشيخة الطريقة الشيخ حسن وهو ابن عدي الثاني, وفي عهده تحولت الطريقة إلى حزب سياسي معارض للحكم العباسي, وقد حاول بسط نفوذه على المنطقة ولكن تم القضاء عليه وعلى أنصاره من قبل صاحب الموصل بدر الدين لؤلؤ, فالشيخ عدي بن مسافر كما هو معروف من الأمويين, وينتهي نسبه إلى مروان آخر الخلفاء الأمويين.
ولما رأى حسن هذا كثرة الأتباع حوله, والذين كانوا دوماً رهن إشارته, ألقى هالة من القداسة حول نفسه, وانعزل عن أتباعه ست سنوات زاعماً أنه سوف يأتي بشيء جديد للملّة, فجاء لهم بكتاب " الجلوة لأهل الخلوة " وأحاط أفكاره بسياج من السريّة والكتمان, كما أمرهم بالإبتعاد عن التعلّم والقراءة والكتابة, كي يسهل انقيادهم له والتحكم في مصائرهم, وبدأت العدوية أو اليزيدية بالإنحراف شيئاً فشيئاً, ومن الذين أثروا على الشيخ حسن وغيروا أفكاره وعقيدته ابن عربي (550-638هـ) أثناء تردد الشيخ حسن إلى الموصل حيث كان يقيم ابن عربي.
إذاً فاليزيدية في البدء كانت طريقة صوفية, ثم تحولت إلى حركة سياسية, وأخيراً أصبحت ديانة مستقلة عن الإسلام, حيث يظنون أن يزيد دخل في دينهم.
سبب التسمية:
وردت في سبب تسميتهم باليزيديين أقوال عديدة أهمها:
1-نسبة إلى الخليفة الأموي يزيد بن معاوية, حيث يظنون أنه دخل في دينهم, وهذا يعني أنهم كانوا مسلمين في يوم من الأيام, إلا أنهم ابتعدوا عن الإسلام شيئاً فشيئاً إلى أن صاروا طائفة مستقلة عن الإسلام.
2-نسبة إلى يزيد بن أنيسة الخارجي, كما ورد في " الملل والنحل " للشهرستاني حيث أن هناك فرقاً عديدة سميت باليزيدية مثل أتباع يزيد الجعفي, ويزيد بن أنيسة الخارجي وغيرهما, وقد خلط البعض بين هذه الفرق وبين اليزيدية التي تقدس الشيطان والتي نحن بصد الحديث عنها.
3-نسبة إلى مدينة (يزد) الإيرانية, حيث يعتقد البعض بظهور اليزيدية للمرة الأولى في تلك المدينة.
4-نسبة إلى كلمة (يزدان) أو (إيزدان) التي تعني " الله " في اللغة الكردية, وأن هذه الديانة كانت موجودة قبل مجيء الإسلام واليهودية والمسيحية, وأنها تتبع نبي الله إبراهيم وإسماعيل.
5-هناك من يربط بين اليزيدية والمثرائية, تلك الديانة القديمة التي انتشرت في مناطق من إيران قبل ميلاد المسيح بفترة من الزمن, حيث أنهم قد وجدوا طقوساً مشتركة بينهما.
والراجح في الأدلة أن اليزيديين ينتسبون إلى يزيد بن معاوية, حيث كان عدي بن مسافر يرى أن يزيد من أئمة الهدى والصلاح, وغرس هذا المفهوم في نفوس أصحابه, وقد أدّى ذلك إلى محبة هذه الطائفة ليزيد, وكان الغلو والإطراء يزداد يوماً بعد يوم إلى أن وصل ببعضهم إلى ما يشبه تأليه يزيد.
أماكن إنتشارهم وأعدادهم:
حيث أن اليزيديين من الأكراد, فهم بالتالي موزّعون على ست دول هي العراق, سوريا, إيران, تركيا, أرمينيا, وجورجيا بالإضافة إلى هجرة الكثير منهم إلى الدول الأوروبية وغيرها.
وتعيش الغالبية العظمى من اليزيديين في كردستان العراق في منطقتي الشيخان وسنجار التابعتين إدارياً لمحافظة نينوى (الموصل).
وقد نشأت هذه الطائفة في أول أمرها في منطقة الشيخان ومنها انتشرت في باقي المناطق.
وبالرغم من عدم وجود إحصائيات دقيقة لليزيديين لأسباب عديدة, فإن التخمينات تجعل أعدادهم كما يلي: في العراق 40 ألف نسمة, في سوريا 25 ألفاً, في تركيا 50 ألفاً, في أرمينيا 55 ألفاً, في جورجيا 45-50 ألفاً, وبذلك فإن عددهم في العالم يتجاوز 200 ألف يزيدي.
أصول الإعتقاد لدى اليزيدية:
يدّعي اليزيديون أنهم على التوحيد الخالص وبأنهم يتبعون أبا الأنبياء إبراهيم ويفتخرون بذلك, إلا أن لهم معتقدات تخالف التوحيد كاعتقادهم بآلهة موكل إليها شأن من شؤون الدنيا, ومن ذلك (بري أفات) وهو إله الفيضانات والطوفان و (خاتونا فخران) وهي إلهة الولادة عند النساء... الخ, وكاعتقادهم بوجود أنصاف آلهة مثل (مم شفان) وهو إله الغنم و (العبد الأسود) إله الآبار, و (ميكائيل) إله الشمس... الخ.
وفيما يتعلق بالشيطان الذي ارتبطت به الديانة اليزيدية, فإنهم يقدسونه ويحترمونه ويحلفون به, ويعتبرونه رمزاً للتوحيد بزعمهم لرفضه السجود لآدم عليه السلام, ويسمون الشيطان (طاووس ملك) أي طاووس الملائكة.
ولليزيدية سبعة طواويس لكل منها اسمه الخاص, وقد صنعوا لكل طاووس تمثالاً خاصاً, وسبب ذلك هو عدم كفاية طاووس واحد لجميع اليزيدية لأنهم منتشرون في أقاليم متباعدة جداً.
ويعتقدون أن أصل الملائكة من نور الله سبحانه, وأنهم قد شاركوا الله في خلق الكون, وأما الكتب المقدسة لديهم فهناك " مصحف رش " وينسبونه إلى الشيخ عدي بن مسافر ويتحدث عن بداية خلق الكون ومراحل تكوينه وخلق آدم, وامتناع عزازيل (الشيطان) عن السجود لآدم, كما أنه يحتوي على بعض الأوامر والنواهي وذكر بعض المحرمات.
والكتاب الآخر هو " الجلوة لأصحاب الخلوة " وينسبونه إلى الشيخ حسن, ويعتقد اليزيديون أن الله خاطبهم فيه, ويتكلم عن قدم الله تعالى وبقائه والوعيد لمن يقاوم الله سبحانه, ويوجد كذلك بعض الوصايا الخاصة للطائفة اليزيدية.
أما موقفهم من كتب الأديان الثلاثة, فإنهم يؤمنون بها ويقدسونها ويقرأونها ولكنهم يتجنبون التلفظ بالكلمات التي تأباها عقيدتهم مثل: شيطان, التعوذ, إبليس اللعنة...., وتقدس اليزيدية سوراً وآيات خاصة من القرآن الكريم ويولونها اهتماماً مثل يس والفاتحة والإخلاص وأية الكرسي....
واليزيدية وبالرغم من تقديسهم للكتب السماوية, إلا أنهم يعتقدون أن أصحاب هذه الكتب قد حرّفوها وغيّروا فيها أشياء كثيرة, وبعضهم يعتقد أن القرآن الكريم هو من صنع محمد صلى الله عليه وسلم, وأن أحد القساوسة قد كتبه له في بلاد الحجاز !.
ويؤمن اليزيديون بالأنبياء ويدّعون الإنتساب إلى شريعة إبراهيم وأنهم يسيرون على نهجه, ولا يعتقدون أن الله أرسل إليهم رسولاً خاصاً بهم.
وفيما يتعلق باليوم الآخر, فإنهم يؤمنون ببقاء الروح وأنها لا تفنى, بل الذي يفنى هو الجسد فقط, ولا يؤمنون بحصول البعث وإعادة إحياء الجسد.
وحيث أن اليزيدية كانت في البدء طريقة صوفية, فإن العديد من عقائد الصوفية المنحرفة ما زالت باقية عندهم كعقيدة الحلول, ويعتقدون أن روح الله قد حلّت في خواصهم وصالحيهم, كما أنهم يقدسون أقطاب التصوف, ولا سيما الذين دافعوا عن إبليس, مثل الحلاج وابن عربي والبسطامي.
عبادتهم:
لليزيدية عبادات عديدة بعضها يَومِي وبعضها موسمي, كما أن بعضها يتشابه مع عبادات المسلمين, وليس لهم مكان خاص للعبادة, بل يجوز عندهم التعبد في كل مكان, إذ أنهم يعتقدون أن الله موجود في كل مكان, وعندهم الوضوء والصلاة والأدعية, ويتجهون في صلاتهم إلى الشمس إلا في صلاة الظهر فإنهم يتجهون إلى وادي لالش المقدس عندهم والذي يضم قبر عدي بن مسافر.
وعندهم الصدقات التي يدفعها الغني والفقير على حد سواء, وتعطى للشيخ, ولديهم ثلاثة أنواع من الصوم, أهمها (صوم يزيد) وهو ثلاثة أيام, ويبدأ من يوم الثلاثاء الأول من شهر كانون الأول (ديسمبر) حسب التقويم الشرقي, ويستمر يومي الأربعاء والخميس أيضاً, ويكون يوم الجمعة يوم عيد, وإضافة إلى صوم يزيد, لديهم صوم خضر إلياس ويستغرق ثلاثة أيام وصوم الأربعينية أو الجلخانة, وهو شاق طويل, ويصومه الخاصة.
ويحجون الآن إلى مرقد الشيخ عدي بن مسافر في وادي لالش في كردستان العراق, ويطوفون بقبره 7 مرات, واتخذ يزيديو كل منطقة فترة معينة لأداء الحج فيه.
ولليزيدية عدد كبير من الأعياد, أخذوا اثنين منها عن المسلمين, وأخذوا أعياداً أخرى من بعض الأديان والطوائف الأخرى, وبعضها من أبتكارهم هم أنفسهم, ومنها عيد رأس السنة الشرقية وعيد صوم يزيد وعيد الجماعية وعيد المربعانية, والقربان وخضر إلياس.
مجتمع اليزيديين:
مجتمع اليزيديين مبني على النظام الطبقي, ويتكون من طبقتين سياسية ودينية.
أولاً: الطبقة السياسية:
وتتمثل في " الأمير " وهو صاحب أعلى سلطة في الطائفة, و " البسمير " وهم أبناء عمومة الأمير, ثم " العوام " وهم من سواد الشعب, ويقع عليهم تنفيذ ما يُملى عليهم من أوامر وواجبات من قبل الأمير وحاشيته.
والأمير الحالي لليزيدية هو الأمير تحسين بك ابن سعيد بك ابن علي بك.
ثانياً: الطبقة الدينية:
وعلى رأسها " البابا شيخ " ومنها الشيخ والبير والقوّال والفقير والكوجك والمريد.
من مؤسساتهم:
أنشأ اليزيديون في عدد من البلدان عدة مؤسسات ثقافية واجتماعية منها:
1-مركز لالش الثقافي الاجتماعي في مدينة دهوك (العراق) وتأسس سنة 1993 م.
2-المكتب الأموي للدعوة العربية في شارع الرشيد في بغداد.
3-المركز الديني لليزيدية الزرادشتية في بون (ألمانيا), وقد تأسس بعد الهجرة المتزايدة لليزيديين إلى أوروبا وخاصة من تركيا.
الإسماعيلية
تمهيد:
الإسماعيلية هي إحدى الفرق الباطنية المنتشرة اليوم. و"الباطنية" لقب عام مشترك تندرج تحته مذاهب وطوائف عديدة, الصفة المشتركة بينها هي تأويل النص الظاهر بالمعنى الباطن تأويلاً يذهب مذاهب شتى, وقد يصل التباين بينها حد التناقض الخالص, فهو يعني أن النصوص الدينية المقدسة رموز وإشارات إلى حقائق خفيّة وأسرار مكتوبة, وأن الشعائر, بل والأحكام العملية هي الأخرى رموز وأسرار, وأن عامة الناس هم الذين يقنعون بالظواهر والقشور, ولا ينفذون إلى المعاني الخفية المستورة التي هي من شأن أهل العلم الحق, علم الباطن.
ويدخل تحت مسمى الباطنية فرق عديدة أهمها: الاسماعيلية والقرامطة والنصيرية والدروز.
إذاً الاسماعيلية هي إحدى الفرق الباطنية, التي تزعم أن للدين ظاهراً وباطناً: ظاهراً يظنه عامة الناس, وباطناً لا يعلمه إلا الخاصة والعلماء, وهو المراد والمطلوب من العقائد والأحكام الشرعية, وبذلك صرفوا أحكام الإسلام عن مرادها, وأوّلوها تأويلات باطلة.
النشأة وسبب التسمية:
سميت هذه الفرقة بهذا الاسم نسبة إلى اسماعيل بن جعفر الصادق الذي يعتبرونه أحد أئمتهم وقد توفي في حياة أبيه, وهنا افترقت الاسماعيلية مع الشيعة الاثنى عشرية, فالاسماعيلية اعتبروا إسماعيل الأحق بوراثة أبيه في الإمامة كونه الإبن الأكبر وأنكروا موته, أما الإثنى عشرية فقد نقلوا الإمامة بعد جعفر الصادق إلى ابنه موسى (الكاظم), وهو الإمام السابع عندهم.
وهنا افترقت الاسماعيلية إلى فرقتين:
الأولى: منتظرة لإسماعيل بن جعفر, رغم موته في حياة أبيه, ونفوا موته, وادّعوا أن أباه خاف عليه فغيبه.
الأخرى: نقلوا الإمامة بعد جعفر الصادق إلى حفيده محمد بن اسماعيل بن جعفر.
أهم عقائدهم :
1- ضرورة وجود إمام معصوم منصوص عليه من نسل محمد بن إسماعيل على أن يكون الابن الأكبر, وقد حدث خروج على هذه القاعدة عدة مرات.
2- من مات ولم يعرف إمام زمانه, ولم يكن في عنقه بيعة له مات ميتة جاهلية.
3- يضفون على الإمام صفات ترفعه إلى ما يشبه الإله, ويخصونه بعلم الباطن, ويدفعون له خمس ما يكسبون.
4- يؤمنون بالتقية والسرية, ويطبقونها في الفترات التي تشتد عليهم فيها الأحداث.
5- الإمام هو محور الدعوة الاسماعيلية, ومحور العقيدة يدور حول شخصيته.
6- الأرض لا تخلو من إمام (ظاهر) مكشوف أو (باطن) مستور, فإن كان الإمام ظاهراً جاز أن يكون حجته مستوراً, وإن كان الإمام مستوراً فلا بد أن يكون حجته ودعاتهم ظاهرين.
7- يقولون بالتناسخ, والإمام عندهم وارث الأنبياء جميعاً ووارث كل من سبقه من الأئمة.
8- ينكرون صفات الله أو يكادون لأن الله عز وجل –في نظرهم- فوق متناول العقل, فهو لا موجود ولا غير موجود, ولا عالم ولا جاهل, ولا قادر ولا عاجز, وليس بالقديم وليس بالمحدث, فالقديم أمره وكلمته والحديث خلقه وفطرته.
يقول الإمام الغزالي عنهم في كتابه "فضائح الباطنية": (المنقول عنهم الإباحة المطلقة ورفع الحجاب, واستباحة المحظورات واستحلالها, وإنكار الشرائع, إلا أنهم بأجمعهم ينكرون ذلك إذا نسب إليهم).
جذورهم العقائدية والفكرية:
نشأ مذهب الاسماعيلية في العراق, ثم فروا إلى فارس وخراسان وما وراء النهر كالهند وتركستان, فخالط مذهبهم آراء من عقائد الفرس القديمة والأفكار الهندية.
واتصلوا ببراهمة الهند والفلاسفة الإشراقيين والبوذيين, وبقايا ما كان عند الكلدانيين والفرس من عقائد وأفكار حول الروحانيات والكواكب والنجوم, وقد ساعدتهم سريتهم على مزيد من الانحراف.
وبعضهم اعتنق مذاهب مزدك وزرادشت في الإباحية والشيوعية كالقرامطة مثلاً.
وبالعموم فإن عقائدهم ليست مستمدة من الكتاب والسنة, فقد دخلتهم فلسفات وعقائد كثيرة أثّرت فيهم وجعلتهم خارجين عن الإسلام.
دولهم وجماعاتهم:
قامت فيما مضى للاسماعيلية دول وجماعات عديدة, بعضها ما زال موجوداً إلى وقتنا الحاضر.
أولاً: الاسماعيلية القرامطة:
كان ظهورهم في البحرين والشام بعد أن شقوا عصا الطاعة على الإمام الاسماعيلي نفسه ونهبوا أمواله ومتاعه فهرب من "سلمية" في سوريا إلى بلاد ما وراء النهر خوفاً من بطشهم, ومن شخصياتهم:
-عبد الله بن ميمون القداح الذي ظهر في جنوبي فارس سنة 260هـ.
-الفرج بن عثمان القاشاني (ذكرويه) في العراق وأخذ يدعو للإمام المستور.
-حمدان بن قرمط الذي ينسب إليه القرامطة, ونشر الدعوة قرب الكوفة سنة 278هـ.
-أحمد بن القاسم الذي بطش بقوافل التجار والحجيج.
-الحسن بن بهرام, الذي ظهر في البحرين, ويعتبر مؤسس دولة القرامطة.
-سليمان بن الحسن بن بهرام, وقد حكم ثلاثين سنة, وفي عهده حدث التوسع والسيطرة, وقد هاجم الكعبة سنة 319هـ وسرق الحجر الأسود لأكثر من عشرين سنة.
-الحسن الأعصم بن سليمان, الذي استولى على دمشق سنة 360هـ.
ثانياً: الاسماعيلية الفاطمية:
وهم قد نسبوا أنفسهم زوراً إلى فاطمة ابنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم, وقد أسس عبيد الله المهدي أول دولة اسماعيلية فاطمية في شمال أفريقيا سنة 297هـ وادّعى أنه المهدي, ثم جاء بعده المنصور بالله ثم المعز لدين الله, وفي عهده تم احتلال مصر سنة 358هـ, ثم العزيز بالله, ثم الحاكم بأمر الله الذي ادّعى الألوهية والذي كان يصدر الأوامر الغريبة والمتناقضة وكان يبالغ في القتل وسفك الدماء, واستمرت دولتهم حتى سنة 567 هـ (1172م) حيث زالت على يد القائد صلاح الدين الأيوبي رضي الله عنه, الذي أعاد مصر إلى مذهب أهل السنة والجماعة الذي كانوا عليه قبل احتلال الاسماعيليين الفاطميين لمصر, وأعاد الدعوة إلى الخليفة العباسي.
ثالثاً: الاسماعيلية الحشاشون:
وهم طائفة اسماعيلية انشقت عن الفاطميين, أسسها شخص فارسي اسمه (الحسن بن صباح) الهالك سنة 528هـ وانتشروا في إيران, وقد تميزت هذه الطائفة باحتراف القتل والاغتيال وسموا بالحشاشين لأنهم كانوا يكثرون من تدخين الحشيش, وكان شعارهم في بعض مراحلهم (لا حقيقة في الوجود وكل أمر مباح).
من دعاتهم-إضافة إلى الحسن بن صباح- كيابزرك أميد, والحسن الثاني بن محمد, وركن الدين خورشاه الذي كان آخر حكام دولتهم التي أسقطها جيش هولاكو المغولي.
رابعاً: إسماعيلية الشام:
بالرغم من جهرهم بعقيدتهم, إلا أنهم ظلوا طائفة دينية ليست لهم دولة, ولا يزالون إلى الآن في "سلمية" وفي القدموس ومصياف وبانياس والخوابي والكهف.
ومن شخصياتهم (راشد الدين سنان) الملقب بشيخ الجبل.
خامساً: الإسماعيلية البهرة:
وهم إسماعيلية الهند واليمن, تركوا السياسة وعملوا بالتجارة, فوصلوا إلى الهند واختلط بهم الهندوس الذين أسلموا وعُرِفوا بالبهرة.
وقد اتقسمت البهرة إلى فرقتين:
1-البهرة الداودية: نسبة إلى الداعي قطب شاه داود, وهم في الهند وباكستان منذ القرن العاشر الهجري, وداعيتهم يقيم في بومباي في الهند.
2-البهرة السليمانية: نسبة إلى الداعي سليمان بن حسن, وهؤلاء مركزهم في اليمن حتى اليوم, ويسمون أيضاً (المكارمة) ويتركزون في منطقة "حراز".
سادساً: الاسماعيلية الأغاخانية:
وظهرت في إيران في الثلث الأول من القرن التاسع عشر الميلادي ومن دعاتهم: حسن علي شاه وهو الأغاخان الأول, وآغا علي شاه وابنه محمد الحسيني وكان يفضل الإقامة في أوروبا, وكريم وهو الآغاخان الرابع منذ 1957م. وقد مات مؤخراً.
يتبع