عرض مشاركة واحدة
قديم 09-05-2006, 07:25 AM
  #6
عبدالله الوهابي
مراقب سابق
تاريخ التسجيل: Apr 2005
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 5,988
عبدالله الوهابي has a reputation beyond reputeعبدالله الوهابي has a reputation beyond reputeعبدالله الوهابي has a reputation beyond reputeعبدالله الوهابي has a reputation beyond reputeعبدالله الوهابي has a reputation beyond reputeعبدالله الوهابي has a reputation beyond reputeعبدالله الوهابي has a reputation beyond reputeعبدالله الوهابي has a reputation beyond reputeعبدالله الوهابي has a reputation beyond reputeعبدالله الوهابي has a reputation beyond reputeعبدالله الوهابي has a reputation beyond repute
Biggthum كونــي كأمــك خديجة

إلى أختي المسلمة عذراً في هذا المنتدى أننا نكتب لنا الرجال أكثر ولكن هذه لــك أولاً أرجو أن تعيها في قلبك وعقلك ، وللإخوة ثانياً من الدروس والعبــر

حينما تزدحم الأعمال على زوجك ، وتثقل عليه الأعباء ، وتعدد الألتزامات وتكثر المشاغل والطلبات ، ويتعرض لضغوطات الحياة المختلفة ، التي تجعله في قلق واضطراب وشد أعصاب.
أو حينما تقع له مشكلة ما خارج البيت : في العمل ، أو في الشارع ، أو في أي مكان آخر ، فيشعر وهو قريب منه بالسكينة والطمأنينة ، والراحة والهدوء، وربما يجد عنده رأياً سديداً وفكراً رشيداً .
أما إذا رجع إلى بيته فلم يرى السكينة ولا الراحة ، وإنما رأى نكداً وتعباً ، وهموماً وأحزاناً : رأى من لا تأبه بعودته ، ولا تصغي لحديثه ، ولا تشاركه همومه ، فضلاً عن أن تقدم له فكرة أو رأيا ، وإذا تكلم معها عن المشاكل التي صادفته في يومه نسبته إلى التقصير ، وأوقعت اللوم عليه .
إذا عاد إلى البيت فرأى من تستقبله بالتنكيد ، وتستفتح حديثها معه بجريدة المشاكل مع الأهل والجيران ، أو عدم الاهتمام بها وببيتها ، وتختتمه بأخبار مزعجة عن أثاث المنزل والأولاد ، فكيف تكون حال هذا المسكين ؟! وكيف يقضي أيامه ولياليه ؟ وكيف يكون عقله وفكره ؟ وكيف يكون عمله ونشاطه ؟ مما لا شك فيه أن الحالة التي يمر بها مؤثرة على صحته النفسية والعقلية والجسدية ، وتنعكس سلباً على حياته العائلية ، وعلى نشاطه وأعماله ومشاركته ، وهذه الحالة التي تعيشها هذه العائلة ليس هي الحالة الصحية لبيت اجتمع تحت سقفه زوجان على أساس من الدين والخلق والتفاهم .
فقد بين لنا القرآن الكريم الأصل في علاقة الزوج بزوجه ، والهيئة التي ينبغي أن تكون عليها ، فقال تعالى : ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ) [ سورة الروم : 21] .
فالزواج إنما شرعه الله تعالى ليجد كل واحد من الزوجين السكينة والطمأنينة والراحة النفسية حينما يأوي إلى الآخر ، ولتقوم حياتهما على أساس من المودة والرحمة.
وقد خلق الله تعالى الزوجة من عنصر الزوج ونفسه ، ليكتمل بها ، ولتكون سكنه الذي يأوي إليه ، وملاذه الذي يحقق لـه الأنس والطمأنينة ، وهذا المعنى إنما يتحقق عندما تكون العلاقة بين الزوجين قائمة على أساس متين من الدين والأخلاق الكريمة إلى جانب التفاهم والمحبة والرحمة .
ولا أبدع وأروع في تصوير العلاقة بين الزوجين من قوله سبحانه : ( هن لباس لكم وأنتم لباس لهن ... ) [ سورة البقرة : 187 ] .
إنها كلمات يسيرة ، لكنها بليغة في التصوير ، عظيمة في الأثر ، إنما تمثل العلاقة المادية والمعنوية بين الزوجين ، أعني بهذا علاقة الروح والجسد ، فكل منهما محافظ على الآخر ، فريق به ، عطوف عليه ، حريص على ما يسعد قلبه ويحقق لنفسه الراحة والسكون . وكل منهما وقاية للآخر ، وغناء له عن الفواحش والآثام ، وكل منهما ستر على الآخر : على أسراره فلا يفضحها ، وعلى علاقته فلا ينشرها ، وكل منهما يخفف آلام الآخر ، كاللباس الذي يدفع عن صاحبه ألم الحر والبرد .
لا شك أن من لم تحقق في حياته الزوجية هذه المعاني أنه في أسوأ حال ، وما يتعرض إليه من تكدير وعدم راحة في البيت يكون وقعه على نفسه أشد من الأعباء التي تصادفه في يومه كله ، ناهيك عن فقدان عنصر مهم في حياته ، هذا العنصر هو : القلب الكبير الذي يتسع لـه ، والصدر الدافئ الذي يضمه ، واليد الحانية التي تمسح جراحه ، والأذن المصغية التي تسمع مشاكله ، والعقل الذي يفكر بالحكمة ، واللسان الذي ينطق بالخير .
وإذا فقد الرجل هذا في بيته ، خرج يبحث عمن يعوضه هذا النقص خارج البيت ، فربما تزوج من ثانية أملاً بأن تعوضه ما افتقده عند الأولى وربما الثالثة أو الرابعة ، وربما بحث عن صديق يرى منه اهتماماً وتجاوباً ، يفضي إليه بأسراره ، ويبث إليه شكواه .
فوصيتي إليك أيتها الأخت المؤمنة أن تحافظي على حياتك بمحافظتك على زوجك ، كوني مهتمة به ، حريصة عليه ، تعهديه برعايتك وعنايتك وأفيضي عليه من لطفك وحنانك ، شاركيه الحديث ، وتابعيه باهتمام ، وأشعريه بالثقة بنفسه , ولا تقتلي فيه روح الطموح والتفاؤل ، وليكن ثناؤك على الجانب الإيجابي فيه ، ولا تؤذيه ولا تخذليه .. فبذلك تحافظين على زوجك ، وتنعمان بحياة هادئة إن شاء الله تعالى .
أيتها الأخت المؤمنة : لعلك قد قرأت عن موقف السيدة العاقلة خديجة بنت خويلد أم المؤمنين رضي الله عنها حينما جاءها النبي صلى الله عليه وسلم من غار حراء وكان قد نزل عليه جبريل ورآه لأول مرة ، فخاف صلوات ربي وسلاماته عليه على نفسه ، وأرجف فؤاده ، وأسرع إلى خديجة ، فماذا كان من خديجة ؟
هل قابلته بالعتاب ، وأن ما حل بك بسبب بعدك عن البيت ، وأنك .. وأنك .. أم تجاوبت وتفاعلت ، واهتمت للأمر ، وبادرت إلى ما يخفف الحالة عن زوجها وحبيبها صلوات ربي وسلاماته عليه ؟ ولنستمع إلى ما رواه البخاري في هذه الحادثة : ( ... فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده، فدخل على خديجة فقال : زملوني زملوني ، فزملوه حتى ذهب عنه الروع ، فقال لخديجة وأخبرها الخبر لقد خشيت على نفسي . فقالت خديجة : كلا والله ما يخزيك الله أبداً ، إنك لتصل الرحم وتحمل الكل ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق .
فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل ابن عمها وكان امرأ تتصرفي الجاهلية ، وكان يكتب الكتاب العبراني ، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب ، وكان شيخاً كبيراً قد عمي ، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خير ما رأى .. الحديث )
.


واستطيع أن أجمل موقف أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها مع هذا الأمر الطارئ الذي فاجأها به زوجها بالأمور التالية :

1- الاهتمام البالغ بالأمر ، وأخذها على محمل الجد ، وهذا يظهر جلياً من حسن استماعها لما حدث لزوجها ، ثم تأمين المكان المناسب الهادئ ليرتاح زوجها ، وطرح الغطاء عليه حتى يذهب عنه ما يجد من البرد والقشعريرة .

2- رفع الروح المعنوية عند زوجها ، فحينما قال لها : " لقد خشيت على نفسي " أسرعت إلى القول ، وأكدت قولها بالقسم : " كلا والله ما يخزيك الله أبداً " ثم واصلت رفع الروح وتثبيت الفؤاد قائلة : " إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكل ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق " تذكر مناقبه وفضائله .

3- إبداء الرأي وتقديم المشورة ، فهذا الأمر غريب على أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها ولا تستطيع أن تفتي فيه ، فما الحل ؟ إن الحل في الذهاب إلى أهل الاختصاص لنسمع منهم ونطمئن عليك ، فأشارت عليه بابن عمها ورقة ، فقد كان من علماء أهل الكتاب .

4- لم تقتصر السيدة خديجة على إبداء المشورة هكذا : أرى أن تذهب إلى ابن عمي ورقة ، ثم تشاغلت عنه ، لا ، فقد بلغ من اهتمامها بزوجها وخوفها وحرصها عليه أن اصطحبته ، لتسمع بنفسها ، وتطمئن عليه مباشرة
.


تلك هي أبرز النقاط في تعامل أم المؤمنين خديجة مع الحدث المفاجئ والمهم الذي حل برسول الله  ، أضعها بين يدي أختي المؤمنة لتكون نبراساً يضيء لها الطريق ، ودليلاً هادياً في الظروف الصعبة والمواقف الحرجة ، قائلاً لها: كوني كأمك خديجة تنعمي أنت وزوجك بالراحة والطمأنينة ، وتكتحل عيون المخلصين برؤية بيوت المؤمنين قد غمرها الحب والوئام والتفاهم ، وتنشأ الأجيال في أجواء صحيحة ، فيتحقق على أيديهم ما تصبوا إليه الأمة إن شاء الله
__________________

التعديل الأخير تم بواسطة عبدالله الوهابي ; 09-05-2006 الساعة 07:30 AM
عبدالله الوهابي غير متواجد حالياً