شبكة قحطان - مجالس قحطان - منتديات قحطان

شبكة قحطان - مجالس قحطان - منتديات قحطان (https://www.qahtaan.com/vb/index.php)
-   ملتقى الكتاب والمؤلفين (https://www.qahtaan.com/vb/forumdisplay.php?f=40)
-   -   مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية (https://www.qahtaan.com/vb/showthread.php?t=59937)

نديم الهوى 15-03-2010 05:40 AM

مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
السلام عليكم ورحمة الله


يسعدني أن تشاركوني في متابعة مذكراتي الحقيقية والتي دارت أحداثها في مدينة الضباب لندن

اسم القصة

الطريق إلى لندن


الحلقة الأولى


تعود بي الذكريات للعام 1984 عندما تخرجت من الثانوية العامة في مدرسة الخليج في الدمام، وأصيب أخي الذي يكبرني بمرض اللوكيميا ولم يكن له العلاج متوفر في السعودية تلك الأيام. أنا بعد أن أنهيت مرحلة الثانوية العامة قدمت في كلية الملك عبد العزيز الحربية في الرياض، وتوسط لي زوج أختي للتسجيل في الكلية، وكان عقيد ركن في قسم حساس، وأذكر أنه طلب مني فقط ورقة بيضاء عادية وكتب عليها توصية بخط يده لقائد كلية الملك عبد العزيز الحربية بالرياض. عندما وصلت الرياض قدمت أوراقي للكلية وقبلوني بكل بساطة بواسطة الورقة المهترئة إلي كتبها زوج أختي، ماكان القبول صعب في تلك الأيام، الآن لو يتوسط لك أمير كبير جداً من الصف الأول، لن تضمن القبول أو حتى التسجيل.

بعد ما قدمت أوراقي الأولية للكلية، تم تحويلنا إلى المستشفى العسكري بالرياض لعمل الفحوصات اللازمة ، ولما استلمت أوراقي وطلب مني الظابط الذهاب للمستشفى، سألت الضابط، وكان من أهل الجنوب، بلهجة أهل الشرقية التي كنت متأثر بها كثيرا رغم اني مش من أهل الشرقية (ما عندكم باااااااااص يودينا للمستشفى؟)، كانت لهجة غريبة قريبة للهجة أهل البديع في البحرين..... نظر الضابط لي شذراً وقال بأعلى صوته (أفلللللللللح) أي أقلب وجهك، الناس يا بابا تتسابق لإكمال عملية التسجيل وحضرتك تبي باااص، لا وش رايك أرسل معاك سواق العائلة يوديك,,هيهيهيه.

لكن لحسن الحظ لقيت في الصالة بعض اقراني الذين درست معاهم في المرحلة الابتدائية في مدينة الطايف، وكانوا مثلي جايين يسجلون، وشاءات الأقدار أن نجتمع بعد سنوات عديدة في الرياض. رحت معاهم المستشفى العسكري وعملنا الفحص وأتذكر إنهم اكتشفوا سرطان في الرئة لأحد الأشخاص. كان على فكرة معانا واحد دبوس يسوي نفسه يسجل معانا ويرافقنا بكل عمليات التسجيل، بس كان واضح جدا انه دبوس، لأن عمر حوالي أربعين سنة وحنا يا دوب 18 سنة، وبعدين ما كان يعرف يعبي الأوراق زي العالم ويبدو أنه كان أمياً. وبعد أن أنهينا الفحص في المستشفى رحت نمت معاهم في عزبة مثل الخرابة، بيت طين، مجمع فيه عشرين ألف خارج عن القانون، غصب عني لأن أبوي أعطاني بس 500 ريال، شاملة تذكرة سفر والإقامة لمدة يومين والسكن في عزبة حونشية.
بعد ما قبلت، مبدئياً سافرت مع زوج أختي إلى مكة المكرمة وكنا في العشر الأواخر من رمضان ورافقنا والدي، لمقابلة سمو الأمير سلطان بن عبد العزيز لطلب المساعدة في علاج أخي على حساب سموه حفظه الله. دخل زوج أختي للمختصر الخاص بسمو الأمير ورجع لنا بعد أقل من دقيقة، وسأله الوالد عسى ما شر، شكلك ما قدرت تتكلم معاه، أو إنه سموه مشغول، ابتسم زوج أختي وقال لا يا عمي، طويل العمر وافق؟؟؟، كيف وافق في أقل من 40 ثانية فقط،،،،،،،،،،،،،، سبحان الله، أقل من 40 ثانية كانت تعني علاج لأخي في لندن بحوالي 8 مليون ريال في بريطانيا ، كما أطلعت على الفواتير بنفسي، ورحلة لمدة سنة وأربعة أشهر في شوارع لندن عشتها بالطول والعرض،،،،جلها وحيداً أو تورطت فيها في الكثير من المغامرات، مما غير مجرى حياتي تماما وللأبد.

بدأت التجهيزات لسفر أخي، وكان أخي الأصغر هو المتبرع، بعد أن عملنا الكشف عند الدكتور السوداني الأنيق عز الدين إبراهيم في المستشفى التعليمي في الخبر.

سافر أخي المريض، مع أخي الصغير الذي سوف يتبرع له بالنخاع الشوكي وأخي الكبير ووالدي إلى لندن، وبقيت أنا مع الأسرة في انتظار الدخول للكلية الحربية. بعد حوالي شهر اتصل فينا أبوي من لندن وقال يا نديم (اسمي المستعار طوال الرحلة) جهز التأشيرة عشان بتجي ترافق أخوك، لأن المسألة زي ما عرفنا من الدكتور قولدمان بتطول وأخوك الصغير لازم يرجع عنده دور ثاني، وأنا وأخوك الكبير لازم نرجع عندنا أشغال وإنت قدها وقدود، قلت حاضر يا أبوي هذا واجب علي، لكن والكلية العسكرية الي سجلت فيها بتضيع علي، رد علي قال بعوضك بالي يرضيك بس تعال أخوك محتاجك، قلت على بركة الله.

نسيت الكلية، وجهزت أوراقي في انتظار السفر لبريطانيا، ورحنا خيمنا في شاطيء الهاف مون لبعض الأيام وكان من زملائي الأعزاء راشد الماجد الذي اصبح مشهور في عالم الطرب، ونبيل وسعد الشعيبي ومحمد وليد، وكلهم فنانين على مستوى كبير، بل أن نبيل الشعيبي (الشعيبي وليس نبيل شعيل) كان صوته أجمل من صوت راشد الماجد بكثير، كان صوته حزين وفيه بحة جميلة، خاصة إذا أشدى بأغنية كلها شجن على العود ( يا حبيبي أهواك وروحي فداك،،، ودي أسأل والله أسأل على حبيبي إلي راح، راح وخلاني وحيد راح وخلاني حزين)

كنت نائم في الخيمة وذرات الرمال تملأ اذني والجو حار رغم وجودتكييف في الخيمة، فأتى موظف عند أخي اسمه عم حسين الشربيني، مصري أعتبره مثل أبوي يوقضني من النوم،،،،،قوم يا نديم، قوم يا عم إنت مسافر الليلة إلى لندن، قوم أمال. قمت متثاقل وغسلت وجهي وقلت لرشود ونبيل، بروح الليلة لندن، لازم تجون معاي المطار تودعوني، قالوا كذا بسرعة تونا مالنا يومين حاطين الخيام والأغراض. بس أنا ما ترددت ورحت العصر لسوق عيال بن ناصر في الدمام، الي قريب من سوق الأرزاق، وسوق الحب واشتريت بناطيل ماركة أبو رفسة وجاكيت طويل من مخلفات الحرب العالمية الثانية أو الأولى، ماني متأكد:0msq2:ورجعت البيت وأخذت كل ملابس أخوي الكبير إلي كان يدرس في أمريكا والي هو موجود حاليا في بريطانيا.

في المغرب جاء رشود ونبيل وصديق آخر اسمه ناشر وعزموني في بوفية عزيز وشربت ثلاثة أكواب منقة لأول مرة في حياتي، كنت ضعيف مرة ، حوالي 58 كيلو.

رحنا المطار وأضن الخطوط كانت برتش كاليدونيا، وهي خطوط اندثرت أو انقرضت بفعل المنافسة التجارية، ركبت في الطيارة وجلست بين واحد ياباني وثاني انقليزي، ولغتي الانجليزية كانت تفشل، لذلك لم أتحرك من كرسيي طوال الرحلة مستحي أقول للي جنبي اكسكيوزمي، خفت يكلمني وبعدين اتوهق. بعد العشاء جابو عصير وأخذت سفن آب، واكتشفت انه خمر من ريحته رغم اني ما عمري شفت خمر في حياتي، وتورطت كيف أناديها كنت خجلان مرة من فتح أي حوار، بس شفت الجماعة ناموا قمت كبيته في الأرض، وتعال شم الريحة طوال الرحلة.

لما جات تعبية نماذج الهجرة التي تسلم عند الوصول كلمت الياباني الي جنبي عشان يساعدني، لقيته مايفهم شي، حتى حسبته اصقه، ما يفهم لا يس ولا نو، كلمت البريطانيا وقعد يحاول يفهمني كيف اعبيها، تعب معاي نص ساعة بس عشان يفهمني مكان الميلاد وتاريخ الميلاد، عبيت الورق شخابيط وخط شي كبيتل وشي سمول وادعيت ان عنواني في السعودية يقع في شارع الأمير سعد، اي سعد الله يرحم والديك، أصلا ما اعرف اسم شارعنا إلي ساكن فيه عشر سنوات، لا كاتب أمير بالانجليزية shria alamerr saaaaaad اصلا:1mjqc:المهم لما نزلنا نختم الجوازات عند الدخول صفيت في سرا قصير، طلع الخط هذا حق البريطانيين فقط، ولما وصلت عند موظف الجمارك فهمت منه على غفلة إني في مكان غلط، وأشرلي على سرا ثاني، رحت وبعدين رجعت له أقوله بكل ثقة "آر يو شور"، مسوي نفسي فاهم، صرخ علي قدام الله وخلقه مع صباح الله خير صرخة مدوية ودتني لآخر السرا في المكان المخصص للمنبوذين، قصدي الي ماهم بريطانيين.

طلعت بعد جهد خرافي لصالة الوصول في مطار قيت ويك، وهو المطار الثاني بعد هيثرو، وسمعت واحد يناديني نديم نديم، وتوالت الأصوات وطالعت مصدر الصوت، شفت أبوي ومعاه اثنين جزائريين شباب، سلمت على أبوي وحبيت راسه وعرفني على الجزائريين نسيم، وعبد الرحمن. واتجهنا لمحطة القطار ولأول مرة أشوف الناس بشكل ما أنساه طول حياتي، كأني كنت في السعودية أشوف تلفزيون ابيض واسود وفي المحطة بدأت اتفرج على تلفزيون ألوان 1000 بوصة وبوسة:31x02:، أول مرة اشوف البوليس الأنجليزي في ملابسه التقليديه أمامي وطوله الفارع وأناقته والناس جميلة وأنيقة والابتسامة لا تفارقهم خصوصا لما يتفجأون بنظراتي المتفرسة والمسترسلة :1qd9e:، وركنبا القطار لمحطة فكتوريا بوسط لندن، جلست خلالها في القطار أمام صبية بريطانية في العشرينات، وعلى طول من الفقر بادلتها النظرات المشفوحة فابتسمت لي وقلت في نفسي ليت أبوي يروح ياخذ كوفي، شكلها حبتني:350nd:والله كنت اتحلم ، مصدق روحي، جاي من الحر والرطوبة وصحاري النفوذ والحين راكب في قطار خمسة نجوم الخضرة من خلف شرفة القطار والماء حولها وأمامي يضيء الوجه الحسن. وعلى ما يبدو أن الصدمة الثقافية بدأت أعراضها دون أن تأخذ حتى دور الحضانة، لذلك أعتقد أن البنت كانت تبتسم اندهاشا من ملابسي الغير متناسقة، نعال وانتم الكرامة نجدية، بنطلون أبيض نايلون من سوق الخميس بالقطيف ، جكيت بلوفر رمادي من عصر هتلر، بلوزه من سوق عيال بن ناصر ، شاري ثنتين بخمستعش ريال. بس كان والله العالم يشفع لي تلك الأيام وسامتي ورشاقتي، رغم المصيبة الي كنت مرتكبها أو لابسها:3utns:

يتبع


الرابط

http://travel.maktoob.com/vb/travel321921/

ndeemo9999@hotmail.com

جناب الهضب 15-03-2010 06:11 AM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
مشكوووووووووووور

المهلهل 15-03-2010 08:54 AM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
لاهنت وننتظر منك المزيد
من المشاركات الممتعة

العبدي 15-03-2010 01:44 PM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
متابع بشغف :)

مشاري بن نملان الحبابي 15-03-2010 02:46 PM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
مرحبا يا نديم الهوى ..

في انتظار بقية سلسلة مذكراتك ..

سجلني متابع لك وبقوة ..

نديم الهوى 15-03-2010 02:54 PM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
الحلقة الثانية



وصلنا محطة فكتوريا وأخذنا باص واتجهنا إلى كوينز واي وكنا نسكن في نهاية الشارع في عمارة تسمى رالف كورت، شقة رقم 41. عندما دخلت الشقة صدمت عندا رأيت أخي وقد سقط شعره وذقنه وحواجبه بسبب العلاج الكيماوي. بل أنه أصبح كأنه هيكل عضمي. ضممته وبكيت من حزني عليه خاصة أنه قبل أربعة أشهر كان شاب وسيم وطويل ويدرس في السنة الثانية طب في جامعة الملك فيصل. وأصيب بجرح في ركبته وحاول علاجه ولكن بدأ الجرح يزداد سوءأ، لذلك عمل فحص دم وظهرت النتيجة ايجابية باصبته باللوكيميا (سرطان الدم). بحثنا له عن علاج في كل مكان في السعودية، حتى أن أبي أشترى له ناقة ب 25 ألف ريال، وكان هذا اعلى سعر في تلك الأيام قبل مزايين الأبل، ووضعنا الناقة مع حلال رجل أعمال أجودي اسمه بن هندي وكان يحضر لنا يوميا دلواً من حليب الناقة نسقيه لأخي لعله يشفيه.

جلست في الشقة الجميلة رغم صغر مساحتها بالنسبة لبيوتنا في السعودية وعرفت أن أخي الكبير اشتراها بحوالي 45 ألف جنيه من صاحبها العراقي، وكان سعر الجنيه 4.30 ريال فقط، يعني شقة ببلاش. باعها أخي لاحقا في العام 2000 ب 770 ألف جنيه.

نمت في الشقة حتى العصر، وصحوت على شلة جزائريين مطاوعة يرحبون في ويتحمدون علي بالسلامة. أخي كان من منظري ورواد صحوة الثمانينات الهجرية في السعودية، ورغم صغر سنه وقلة خبرته كما يبدو لي الآن، إلا أنه كان يقرأ ويحفظ ويفكر بطريقة تختلف عن الكثير من أقرانه. اذكر قبل سفره إلى لندن للعلاج أنه كان من النشطين في دعم الجهاد في أفغانستان وكان يجمع التبرعات الهائلة ويجتمع مع (أمراء حرب كاموا كان يطلق عليهم) مستحيل تصدقوني لو ذكرت اسمائهم الآن، ولن أذكرهم ابدا، لأن في تلك الأيام كانوا مدعومين من كل الجهات والآن أصبحوا غير مرغوب فيهم. الحاصل سلمت على المطاوعة الجزائريين وبصراحة انسدت نفسي منهم، انا جاي لندن عندي مهمة معينة مرافقة أخي وأبي أشوف لندن الي دايم نسمع عنها ، أبي اشوف الطبيعة والأسواق والناس المتحضرة، شبعت من المطاوعة الي كانوا مخلين بيتنا مزار شريف، وما شاء الله على الأهل ما يقصرون معاهم، يسون لهم ولائم ولا ألف ليلة وليلة، وما يحلى لهم النقاش ولا يحمى وطيسهم إلى مع وجود ما لذ وطاب من النعم. لكن الغريبة انهم ما قدروا يسيطيرون على عقلي، لهم رغم احترامي لمستواهم التعليمي فأكثرهم كانوا في كلية الطب. وأذكر أنه كان عندي سيارة زوزوكي وكان أخوي يستخدمها كثير لتوصيل شباب كلية الطب لمدة سنة لأنهم كانوا مفلسين ، وكنت اجنن المطاوعة لما اتأخر عليهم ، بس ما كانوا يقدرون يقولون لي شئ كانوا محتاجيني. الآن ما شاء الله، كلهم مستشارين ومن الطبقة العليا في المجتمع، وحتى الطواعة بعضهم لحسها.
نرجع للجزائريين، الي قعدوا يتفحصوني وشكلهم ما استبشروا خير حسبوني من ربعهم، بس شافوا شخص ثاني ما راق لهم. تركتهم وطلعت بعد ما لبست بالطو هتلر واتجهات لأخر الشارع لأتنفس الصعداء، تونا في أغسطس، الجو عليل والناس حلوة ومحلات القهوة في كوينز واي على الرصيف فيها ناس كلاس أوربيين وقليل من العرب، لأنه في تلك الأيام ما كان كل العرب يجون زي الحين. تقدمت لأخر الشارع حتى وصلت لحديقة كنزقتون التي تقع في الطرف الآخر من الشارع، وهي الحديقة التي تعتبر امتداد للهايدبارك من ناحية الغرب وتسكن فيها الليدي ديانا، وتشارلز ولي العهد البريطاني. يعني صرت جار الليدي ديانا بعد ما كنت جار عبد الله بن غرم الله بن يعن الله وأولاده في السعودية. دخلت الحديقة ولأول مرة في حياتي أرى خضرة منقطعة النظير وأشجار باسقة وحمام ما يهرب لما أقرب منه، وبحيرة يسبح بها البط والوز، ولم أجد أثر للنخيل الموجود في شارع أبو مية في الدمام، الي يصبون عليه ماء مالح ليل نهار ولسنوات وطولها ما تعدى مترين ولونها مشهب ومغبر. أنا أول مرة أطلع برا السعودية، وحسيت اني بحلم ودي ما ينقطع ابد. رجعت لشارع الكوينز واي وجلست على قهوة عربية في نفس الشارع جنب مكتبة رمضان وجلست وكان جواري واحد سوداني، سلم علي وقالي انت عربي قلت نعم وقعدنا نسولف وكان يشرب بيرة، قلت له بلقافة ليه تشرب خمر ، قال هذا مهو خمر، هذا بيرة، قلت له كلها حرام، قال حتى بعض السعوديين يشربون اش معنى بتنصحني انا، رديت له بكل براءة، يا أخي أنا كل السودانيين إلي شفتهم بحياتي كانوا دايم أول ناس في المسجد، بس اول مرة اشوف سوداني يشرب خمر. أنا قلت الكلمة هذي وشكل السوداني انظرب بشحنة 200 ألف فولط تغير وجه وبكى المسكين، قال يا أخي والله أنا في قلبي مسجد ومئذنه بس ضروف هروبي من السودان خلتني اصير كذا...وطلب الحساب وغادر بسرعة لا يلوي على شي زيا ما يقولون باللغة العربية،،، وطلبت كيكه وكافي كني ما سويت شي وقعدت أفكر....وقلت لنفسي شكلي أنفع أصير مصلح اجتماعي ليش لا،،،،،بس إلا شلة الجزائريين مستحيل اعطيهم وجه، أنا ما صدقت افتكيت من الي عندنا في السعودية ألقاهم عندي هنا في لندن، شكلها التجربة الوعظية طاحت في راس السوداني،،،،هاهااهاها

العبدي 15-03-2010 11:02 PM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
هههههه

خرّبت جو الزّول :)

واصل

مشاري بن نملان الحبابي 15-03-2010 11:26 PM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
هههههههههههههه

أما الزول فحرقت كبده يا نديم ..

حلوة كلمتك ليه تشرب خمر ..

حبّذا لو كان كل جزء من القصة في موضوع منفصل ..

وفي انتظار باقي السلسلة ..

فيصل بن مسفر القحطاني 16-03-2010 01:15 AM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
لاهنت ياخوي على الطرح الرائع والأروع صاحبه.

ودوري لي كرسي كثرو متابعينك.

تقبل مروري .

نديم الهوى 19-03-2010 07:52 AM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 

الحلقة الثالثة



طيب نرجع لحكايتي مع لندن، بعد ما أستقريت في لندن أخذني الوالد ثالث يوم للملحقية العسكرية لأنها هي مرجعنا في العلاج عشان كنا جايين على حساب الأمير سلطان شفاه الله. رحنا للملحقية العسكرية وكانت في منطقة هولاند بارك، قريبة من نوتنينق هيل قيت، وشمال هاي ستريت كنجنستون الشهير. المهم رحنا لموقعها الجميل بجانب حديقة هولاند وسجلت اسمي مرافق جديد لأخي لأن الوالد وأخي الكبير سوف يغادران للسعودية قريب. بهذا التسجيل صار يصرف لي 250 باوند كل اسبوع، وأخي المريض 250 يعني 500 في الأسبوع، الصراحة كان مبلغ كبير وأكثر من حاجتنا ذيك الأيام. وفي الملحقية العسكرية قابلت واحد يشبه سبأ با هبري مذيع الأخبار في السعودية، سألته قلت أنت سبأ با هبري، قال لا أنا أخوه، قعدنا نسولف نص ساعة مع بعض و لما جيت أروح قال ترى أنا سبأ با هبري بس حبيت أمزح وياك، طلع ضابط ما شاء الله عليه.

وفي اليوم التالي أخذني الوالد لزيارة السفير السعودي في بريطانيا، ناصر المنقور، رحمه الله الذي كان صديقا قديم للوالد، عندما كان الوالد في يوم من الأيام يعمل في مجال المقاولات وكان السفير رئيسا لشركة اسمنت اليمامة. قابلنا السفير بود شديد وطلب مني الاتصال به بأي وقت به أو بمدير مكتبه إن احتجت أية مساعدة، وفجأة بدأ يتحدث معي باللغة الإنجليزية، ولما حس إنه قاعد يأذن في مالطا، قال شوف يا ابني إنت جاي مرافق لأخوك، وهذا عمل نبيل، لكن بيكون عندك وقت طويل ولازم تتعلم لغة انجليزية عشان تستفيد من وجودك هنا، وما انتظر ردي ونادى سائق سوري وقال تاخذ أبو نديم توصله سكنه وتروح لمدرسة اسمها لينك انقلش سكول وتسجل فيها نديم وتغطي مصاريف الدراسة من المحاسبة. شكرناها على مبادرته الطيبة، وأصلا كنت حاط في بالي أسجل في أي معهد عندما تستقر أموري، لكن سبقنا رحمة الله بطيبته وببعد نظره.

بعد مرور بضعة أيام عرفنا إن العلاج بيستمر أشهر طويلة، وأخوي المريض كان سلفيا متشدد زي ما ذكرت وكان ما ياكل طعام"أهل الكتاب" رغم وجود فتوى بذلك وآية كريمة تحلل أكلهم، بس وش نقول عاد. عشان كذا بدأ أبوي يعلمني فن الطبخ، علمني خطوة خطوة، كيف أولاً أطلب من الجزار تقطيع الخروف حسب الأكلة الي بعملها، مثلا، المشوي بالفرن يعمل دوائر مثل الإستيك، الريش كيف تكون، وعلمني الكبسات والمشخول وعلمني كيف أسوي أكله اسمها منتو، كان أخوي يحبها، وهي عجين وسطه لحم تم تحميسه وتطبخ على البخار. احتجنا لعمله أن نشتري قدر خاص، ولذلك ركبنا الأندرقراوند من الكوينز واي إلى منطقة أسواق شعبية غالبية البائعين فيها من اليهود وفيهم الكثير من اليهود العرب تسمى ليفربول ستريت. رحنا هناك وكان السوق فعلا شعبي وعربيات فيها تقليد للماركات وأسعار رخيصة جدا وتكثر فيها المطاعم الشعبية مثل الفش آند شبس الأكلة الشعبية الأولى للإنجليز. والفش آند شبس للمعلومية أصبحت الأكلة الشعبية للبريطانين منذ العام 1888م. والسبب لأنه في تلك السنة تقريبا بدأ تسيير القطار البخاري بين معظم المدن فأصبح من الممكن نقل السمك من الشواطئ إلى المدن الداخلية خلال ساعات بسيطة قبل أن يتلف السمك، وبذلك ازدهرت مطاعم الفش آن شبس. كانوا في السابق يلفونها بورق الجرائد وتؤكل باليد، الآن تلف في أوراق أو صحون بلاستيك مع شوك بلاستيك.
المهم مالكم بالطويلة، أخذنا قدر في وسطه مثل الشبك، عشان نضع تحت الشبك ماء وفوق نضع العجينة وداخلها اللحم المحموس، وبكذا تنضج الأكلة بالبخار ونحصل على أكلة منتو.
لكن بصراحة ودي أوقف لحظة وأخبركم عن والدي، لأن أحس إن قصة حياته قد تعجبكم رغم إن عندي كثير من الكلام عن حياتي في لندن تلك الفترة، بس معليه خلوني أعطيكم فاصل بقصة والدي.

والدي الآن عمر حوالي 84 أو 86 سنة الله يعطيه الصحة والعافيه ويشفيه، رجل عظيم بمعنى الكلمة، بنى نفسه من تحت الصفر ونجح في الحياة بعد توفيق الله بسبب ذكائه وحنكته وتوقد ذهنه وصبره. وكانت بداية حياته أنه سافر مشى على الأقدام مع ثلاثة من أخوانه: الكبير 12 سنة، والدي 9 سنوات وعمي الصغير 7 سنوات، سافروا مع الجمالة (قافلة تسافر بين المدن) من قريتهم إلى مكة بمسافة نحو 400كم. لم يكن لديهم مال لركوب الجمال، وكان حينما يصيب أبي التعب والإنهاك يقوم عمي الكبير بضربه حتى يكمل السير. لذلك كلما مررنا مع أبي ونحن في طريقنا للطايف على طريق الهدى يأخذنا إلى ناحية الطريق البري بين جبال الهدى الشاهقة، وهو الطريق الذي كانوا يمشون عليه للوصول لمكة المكرمة قبل عمل الطريق المعبد، وكان يحب كثيرا أن يجلس على صخرة كبيرة ملساء في منتصف الطريق الرجلي، وهو يحكي لنا ويقول جلست يوما أبكي فوقها من شدة التعب، وأتى رجل من قبائل هذيل وسأله لماذا تبكي يا أبني، فحكى له قصة معاناته والفاقة، وكيف أن عمي يضربه كلما تعب من الطريق، فعطف عليه الرجل جزاه الله خير وأعطاه بعض العنب والفواكه وريال فرنسي. المهم بعد أن وصلوا مكة المكرمة، اشتغلوا كخدام (يسمونها يجاودون، أو مجاوده) وكان من نصيب أبي أن عمل لدى عائلة تركية طيبة في مكة، كان يحكي أبي لنا كيف كانت المرآة التركية تعطف عليه وتخيط له الملابس الجميلة في العيد وتعامله مثل ابنها. المفارقة أن أبي لم يستسلم للأمر الواقع فقد كان طموحه كبير، لذلك بدأ بعد مدة في العمل طرق العمل الحر عندما وصل عمره 13 سنة، ففتح مقهى على المسعى في الحرم المكي، يعني الشخص الذي كان يجلس في القهوة كانت رجليه في المسعى، وبعد مدة ولأول مرة بدأت الأموال تتجمع بيده. ولكن من ملاحظاته الثاقبة في المسعى كان يرى كبار السن يسعون فوق صناديق (خشب على قولة الأفارقة) مثل تلك التي تستخدم في الطواف، ففكر في طريقة أفضل من ذلك تدر عليه دخل. هذا الحديث طبعا قبل 65 سنة. ففي أحد الأيام مر من أمام أحد المحلات لتاجر اسمه قزاز، قد يكون أب أو جد قزاز صاحب العطور الحالي، فوجد عنده عربتان فقط مثل عربات المرضى أو المعاقين فصرخ مثل نيوتن عندما اكتشف الجاذبية قائلا وجدتها وجدتها. فدلف على قزاز وقال لها تعطيني العربيتين سلف وأنا أسدد لك ثمنها بعد شهرين. رد عليها قزاز، يا ولدي هذي غالية، قيمتها 200 ريال فرنسي، كيف بتسددني، لها عندي ثمانية أشهر ما احد قدر يشتريهم. فأخبره أبي أنه سوف يستخدمها في المسعى لتحميل كبار السن أثناء السعي. فلما عرف غاية ابي منها قفز من مكانه وقال خذها من الآن، لأنه كان متأكد بأن أبي سوف يحصل على قيمة العربات في أسرع وقت ممكن من الحجاج والمعتمرين. اشتغل ابي مدة ليست بالبسيطة وكان أول من سن العربيات في المسعى التي استمرت حتى يومنا هذا. وقد حصل على أرباح كثيرة وشغل معه الكثير من أقربائي لمدة سنتين، حتى انتشرت الشغلة وبدأ يفكر في طريقة أخرى أفضل في كسب لقمة العيش، فإتجه للعمل في التابلاين في مدينة رفحاء (وهي الشركة الأمريكية التي كانت مسؤولة عن خط نقل الزيت من رأس تنورة في الخليج إلى حقل الزهراني في بيروت ومن ثم إلى أوربا وأمريكأ) وهنالك تعلم اللغة الانجليزية قراءة وكتابة (أبي يكتب ويقرأ لغة انجليزية فقط، ويقرأ القرآن بتعتعه إلى الآن وكل حساباته باللغة الانجليزية). عمل حتى وصل فور مان، وهي مرتبة لم يصلها أي موظف سعودي في تلك الفترة. عنده مقابلة في صحيفة للتابلاين باللغة الانجليزية وهم يكرمونه بعد أن استطاع أن يطفى النار لوحده في احد محطات الضخ في التابلاين، بينما كان المسؤول عنها في سابع نومة. كما عمل له مزرعة في رفحاء للراحة وكان في نفس الوقت يستفيد منها تجارياً. أما كيف تزوج أمي، فالوالد مهو بسيط، كان راجع من الدوام ورآى اثنين من الأطفال يبدو عليها الجمال (كانوا قادمين من العراق، لأن خوالي وجدي سعوديين بس كانوا عايشين أيام الفقر في العراق وعادوا عن طريق رفحاء) فتبعهم ولما عرف البيت أتاهم في الليل وسأل جدي هل عنده بنت للزواج؟ أجاب جدي بالايجاب، وتم الزواج بكل بساطه.
بعد أن تزوج أبي من أمي، وصل الخبر لأبناء عمها واحد اسمه بادي والآخر بداي، وأضمروا لأبي شرا، وكانت خطتهم هي قتله والتخلص منه، لأنهم يرون أنهم هما الأولى بالزواج من بنت عمهم، والله كما أخبركم، هذا الذي كان يحدث بكل بساطة بلغة أهل البادية قبل 60 سنة أو نحوها، ولكن أبي قدم استقالته أخذ حقوقه بعد عمل نحوة 16 سنة حوالي 150000 ريال سعودي وذهب لمدينة الطايف. وفقد أثره بادي وبداي لأن لم يكن معهم جي بي اس لاقتفاء اثر والدي قبل 60 سنة. بادي توفي رحمه الله، وبداي الآن عمر حوالي التسعين وهو من أعز أصدقاء أبي.
وصل أبي للطايف واشتري أجمل منزل في حي الريان وكان الشخص الوحيد في الحي الذي لديه سيارة، وكانت مرسدس بيضاء موديل 77 وكان بيتنا البيت الوحيد الذي لديه ثلاجة في الحارة. كانت السيارات البيوت التي فيها ثلاجات في ناحية الحارات التي يسكنها البخارية، والآخرين الذين هم من أصول تركية أو شوام، كنا ننظر لهام تلك الأيام وكأنهم فرنسيين أو ناس هاي هاي. قام أبي خلال وجوده في الطايف بالاستفادة من الأموال التي حصل عليها من التابلاين بشرا الكثير من الأراضي في الطايف، والأرض الواحدة كان يشتريها ب250 أو 300 ريال، وكان من زملائه في تجارة العقار بن بكر، والد مدير جامعة الملك فهد السابق، وسفير السعودية في تونس، وكذلك شخص اسمه الخريجي، وآخر اسمه الهطلاني وبن سليم وبن فرحة. أحدهم انتحر عندما خسر ابنه لاحقا حوالي 200 مليون ريال. يقول أبي عنه، أنه من غناه في لبنان ،أيام لبنان بداية السبعينات، كان بعد ان يغلي الماء ويضعون الشاي يقوم بتخدير الشاي باشعال الليرات تحت ابريق الشاي!!!!!

لم يكتف ابي بذلك بل عمل أول مزرعة نموذجية للدواجن هناك، وأصبح يستورد تريلات من لبنان من شخص يدعى أبي اللمع. أبي اللمع يأتي بها من ألمانيا ويحورها حسب مواصفات السعودية ويستوردها أبي للسعودية. في تلك الفترة بداية السبعينات كنت طفلا صغيرا، وكان أبي يقضي في لبنان ثلاثة أشهر ويقضي عندنا أسبوع، لدرجة أن مرة طرق باب بيتنا أحد الأشخاص وسأل عن أبي فقلت له أبي في لبنان، وبعد نصف ساعة خرجت ألعب مع الأطفال وعند نهاية الشارع وجدت أبي يجلس في (دكه مع العم سلطان الحربي)، وهذا يدل كثرة سفراته وانقطاعه عنا. في نهاية السبعينات بدأت الأراضي ترتفع بشكل جنوني وأصبحت بعض الأراضي تباع بالملايين، أذكر احداها بعيت على وزارة التعليم ب 9 مليون. ومن يومها بدأ والدي يدخل قائمة أصحاب الملايين بعد كفاح وتعب مرير يستحقه عن جدارة. كان أبي قبل الطفرة يبيع الأرض الواحده ب 1500 وأكثر الأحيان على أقساط، وبعدها أصبحت أصغر قطعة ب 100 ألف ريال.

أما المرحلة اللاحقة من حياته فهو انتقاله إلى المنطقة الشرقية وعمله في النقليات ليستفيد من خبرته في مركبات النقل التي كان يحضرها من لبنان (الآن توقف الاستيراد لبدء الحرب الأهلية اللبنانية). انتقلنا للمنطقة الشرقية وبدأ في تكوين اسطول نقليات، وكان يقوم بمجهود خرافي هو ومدير أعماله مستر حسين الجنتل مان مان الهندي. لم يكن مستر حسين هنديا بسيطا، لكنه هندي ترى فيه فخامة المهراجا وارستقراطية الرجل الإنجليزي، أتى للوالد بحنكته وذكائه بعقود بعشرات الملايين، أذكر منها تخليص ونقل منشآت مطار الملك خالد بالرياض كاملة والذي كانت كل مكوناته تستورد من الخارج. كذلك مصفاة الرياض أو القصيم، لم أعد أذكر. والأجمل منها هو عقد تموين شركة كورية اسمها هونداي لديها أكثر من 5000 موظف كان مسؤول عن تموينها بكل شئ، طعام سكن، ملابس، هدايا حتى عصي المكانس، كنت أسمع وانا أجلس في المكتب معهم، عصاية المكنسة تكلف ريال وتباع لهم ب 12 ريال، ولم يكن يوجد أحد منافس في السوق فالعالم كانت نايمه في ذيك الأيام. وكان الربح في الشهر الواحد حوالي ثلاثة ملايين، الأموال متوفرة، والمشاريع على قفا من يشيل، ليس مثل الآن نفق الدمام له ست سنوات مغلق ولم يستطيعون اصلاحه،،،،


شكلي طولت عليكم اليوم، وبعدكم من لندن ، بانتظر التعليقات، اذا بغيتوني اكمل موضوع ابي، كملت أو نرجع لموضوع لندن

مشاري بن نملان الحبابي 19-03-2010 03:01 PM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
مرحبا يا نديم ..

قصة أكثر من رائعة ..

أكمل قصة كفاح والدك ومن ثمّ قصتك في لندن ..

لأنني الصراحة معجب بهذه القصة الرائعة ..

منصور العبدالله 19-03-2010 07:54 PM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
السلام عليكم ورحمه الله

اهلا اخوي نديم الهوى


واهلا بمذكراتك اللندنيه


وبالتأكيد هي مذكرات ممطرة تكسوها الضباب


ولكنها دافئة عكس مدينتها الباردة


بها صور كثيرة وجميله


في التربيه


في الأخوة


في العمل


في النجاح


في التضحيه


في الوفاء


وكثير وكثيرا


حقيقة اخوي نديم الهوى ما أوردته عن والدك حفظة الله ورعاه والبسه ثوب الصحة والعافيه


شيء رائع وتاريخ مشرف لرجل عصامي خلق من ضعفة جسرا للنجاح ومن صغر سنة سلما للوصول للقمة


أسال الله ان يحفظك ويحفظ والدك اخوي نديم الهوى


واسمح لي بالمتابعة لهذا المسلسل من مذكراتك اللندنيه

وتابع وفقك الله تميزك وإبداعك



تحياتي اخوي نديم الهوى وفي رعاية الله وحفظة


استودعك الله


-----------------------------------------------------------------------------------------------

أخوك / منصور العبدالله ( وااااادي الغلااااا )

نديم الهوى 20-03-2010 03:29 PM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
مشاري بن نملان الحبابي

منصور العبد الله


شكراً لكما على المتابعة والكلمات الرائعة، ويسعدني جداً والله التواصل معكم عبر المذكرات، وهذه الحلقة الرابعة بين أيديكم


الحلقة الرابعة




بعد أن قحش والدي الملايين والخيرات من مدينة الدمام حتى نهاية حرب الخليج الثانية، أي غزو صدام الكويت، بدأت بوصلة الدراهم أو الحنين تشير له بالتوجه نحو المنطقة الغربية، ومدينة جدة تحديداً،خاصة عندما تقدم به العمر، وفعلا تخلص من النقليات والمقاولات في عز ذروتها بعد تحرير الكويت بأقل من سنة، حيث ما لبثت أن تدهورت بعد ذلك ووصلت للحضيض. لكن أمكنه التخلص منها في الوقت المناسب وجمع أكبر قدر من الأموال الكاش وذهب إلى مدينة جدة وأستقر بها بشكل نهائي. في تلك الفترة غادر السعودية الكثير من الجالية اليمنية وتركوا خلفهم الكثير من المحلات التجارية ومن ضمنها عمائر سكنية وتجارية، فقام بشراء العديد من العمائر والعقار بأسعار متهاودة، فالعمارة التي قيمتها 6 ملايين كانت تعرض ب 3 ملايين ولا تجد من يشتريها. فكانت مرة أخرى نقلة نوعية ونهائية على ما أعتقد في مسيرة أبي في النجاح في التجارة. والآن ولله الحمد هو جالس في جدة يسبح بحمد الله ويأتيه خراج تلك العمائر وهو يتابع محطة الجزيرة أو يلعب مع أحفاده وزوراه الذين لا ينقطعون بعد أن خرج طفلاً عمره نحو 9 سنوات مشيا على الأقدام لمسافة 400 كلم بحثا عن لقمة العيش. بقي شيء واحد لم أذكره لكم، فأبي يطبق بحرفية على ثروته مبدأ (ما لقيصر لقيصر) يعني access denied to his treasure

أعود بكم إلى لندن، فقد غادر أبي وأخي الكبير والصغير وبقيت أنا وأخي المريض لوحدنا في الشقة، وبدأت في العناية به بشكل مكثف فقد كنت أختار له بحرص شديد أفضل الوجبات المغذية والصحية وأحاول أن تكون السلطات والفواكة والأغذية كلها معقمة لأن مناعته كانت أقل من المستوى المطلوب بعد أن قام بعملية نقل نخاع من أخي الصغير إليه. كنت أعمل له إفطار الصباح كورن فلكس محلى بالعسل من أجود أنواع العسل من هارودز وحليب طازج يوميا يصل إلى عتبة العمارة كل صباح كعادة وهو تقليد بريطاني بدأ عام 1880 بعربات تجرها الخيل، قبل ذلك كان العربات تجر خزان حليب كبير وتعبى في دلال أصحاب المنازل، وأذهب بعد ذلك إلى Link School of English لتعلم الإنجليزية، والمدرسة لحسن الحظ على بعد خطوات من السكن، في شارع Westbourne grove أي أنه أثناء السير في الكوينز واي، يكون مركز الوايت ليز على الشمال، وعندما ينتهي المركز يكون في نهاية الشارع PUP، تتجه لليسار وهنالك بعد حوالي خمس محلات تجارية توجد المدرسة، وهي في الدور الثاني. بعد المدرسة أعود فأشتري له من محلات الحلال الموجودة تحت المدرسة، الدجاج، أو لحم الخراف الطازجة، وهي لذيذه جدا أكثر لذة من اللحوم الموجودة في السعودية، فتخيل خرفان تتغذى على الأعشاب الطبيعة الممتدة على مدى البصر وتشرب من مياه الأنهار أو الأمطار التي لا تنقطع، لا شعير مجفف ولا كيماوي ولا حرارة تقطع أنفاسها أو أحواش ضيقة تؤثر على طراوة لحومها, فكان الفرق كبير في الطعم، حتى لو لم يستخدم سوى الملح والفلفل الأسود أثناء شيها، يكون لها طعم غاية في اللذة. وبعد أن أشتري اللحوم أعرج على بائع خضار في مدخل نهاية شارع الكوينز واي، وهم عائلة يهودية لا تزال إلى الآن تمتهن نفس العمل وصداقتي مستمرة معهم وأزورهم كلما نزلت إلى لندن حتى يومنا هذا، فكنت أبتاع منهم مقدار طبخة ليوم أو يومين فقط، حرصا أن يكون الطعام طازج قدر الإمكان. ومن ثم أعمل له غداء وعادة يكون غداء وعشاء. وكالعادة الأخوة الجزائرين لا زالو يأتون زرافات ووحدانا وكنت أعمل حسابهم يوما بعد يوم، حتى أصبحت طباخ رسمي لحضراتهم. بدل الدجاجة صرت أضع دجاجتين أو ثلاث، أو فخذ خروف كامل، بل أن بعضهم أصبح يقترح بقوة عين أن أتعلم الكسكسي، عشان أرضي جميع الأذواق ولا أكون "متعصب لأكل السعودية على قولته". كان أخي يعتبر مرشدا عاما "للإخوان الجزائريين" بينما أنا "الطباخ العام" لهم، فإزداد حنقي علي ما آلت إليه الأوضاع فأخبرت أحد زملائي في المعهد واسمه حمدي المصري وآخر اسمه فارس وهو ايراني الأصل، حمدي كان يشتغل في مطعم رمضان في شارع الكوينز واي، وكان يدرس في المعهد فقط للحصول على الاقامة والغرض من وجوده في لندن هو العمل فقط وليس اللغة، فارس كان من أبناء اللاجئين السياسين الإيرانيين. أخبرني حمدي المصري بأن الحل لديه، وبما أن أخي لن يأكل إلا طعام المسلمين فهو متبرع أن يعمل له الطعام يوميا من المطعم مقابل مبلغ بسيط، هو نفس المبلغ الذي يكلفني ثمن المقاضي، ولكن لكمية تكفي 2 أو 3 أشخاص على الأكثر، وبهذا قطعنا التموين عن "الإخوة" أو "تجفيف منابع الدجاج" مما نتج عنه أن خفت حركة الرجل عن الشقة 41 Ralph Court. فأصبح لدي وقت أكبر للحركة والخروج في شوارع لندن وزيارة متاحفها وحدائقها والسينما وما إلى ذلك. ومع مرور الأيام بدأت أتقن اللغة الإنجليزية بسرعة رهيبة لأن الجو العام وطريقة التدريس جعلت تعلمها سهل جدا بالنسبة لي، وقد كنت أعاني كثيرا قبل ذلك من الصف الأول متوسط وحتى الثالث ثانوي لم أستطيع أن أنجح إلا بالغش واللف والدوران في هذه المادة. حتى مظهري العام قد تغير 180 درجة، فقد انتظرت إلى أن أتى مناسبة Guy Fawkes وهي عيد يقوم في البريطانيين باشعال الحرائق في المنتزهات العامة وفي الساحات، احتفالا بنجاة الملك جمس الأول في العام 1570 عندما قام بعض رجال الدين بمحاولة نسف البرلمان عليه لإعتقادهم بأنه لا يطبق التعاليم الدينية المسيحية كما يجب، أي أنه كان ليبراليا أكثر مما يجب، ولكن المؤامرة كشفت بالصدفة وتم حرق رجل الدين Guy Fawkesـ وأصبح ذلك اليوم يحتفل فيه كل سنة باحراق الأشجار والألعاب النارية. قمت باستغلال هذا الحفل الكبير وحرقت بها جميل الملابس التي أتيت بها من الدمام من سوق عيال ناصر وسوق الخميس بالقطيف وعلى رأسها بالطو هتلر عديم اللون، كريه الرائحة. كما قمت بقصة شعري لدى Andrew Jose وبسبب توفر السيولة المالية، صرت ألبس أجمل الملابس من Top man و Selfridges وغيرها من المحلات التي كانت مشهورة تلك الأيام. فأصبح شكلي مقبول، أي مقبول يا عمي، كنت والله وسيم لدرجة كانت الفتيات هن اللائي يتحرشن بي، وأنا أتهرب خجلا وكذلك لعدم وجود الثقة الكاملة بأني أستطيع أن أعبر عن نفسي كما يجب، فأقول يا ولد خلهم يحسون إنك ثقيل ولا تتورط بسوالف منت قدها.

وفي أحد الأيام وعند بداية فصل الخريف كنت سائراً بجوار بحيرة السربنتاين في وسط الهايدبارك وحفيف الأشجار حولها يصدح في إذناي، والرياح الباردة تتلاعب في الأوراق الذهبية المتساقطة من فروع الأشجار فتأخذها بعيدأ نحو المجهول. وقد أصبح اليوم قصيرا جدا والمساء يأتي بسرعة، والأشجار التي كانت خضراء باسقة أصحبت الآن جرداء موحشة وفروعها كأنها أشباح تحيط بي من كل اتجاه. فجلست خارج أحد الأكواخ التي الواقعة قبالة البحيرة وتستخدم كمقهى ،وكانت الاضاءة خافته كأنها تزيد المكان وحشة. طلبت كوبا من القهوة لعلها تبعث الدفء في داخلي وجلست بالقرب مني فتاة جميلة تضع مساحيق براقة يعكسها الضوء في العتمة. ابتسمت لي وأخذت تتحدث معي عن الجو وكيف أنه موحش ويزيد الشعور من الوحدة، وافقتها الرأي وتحدثنا قليلا، وبدون مقدمات طويلة طلبت مني أن أرافقها للسهر سويا في أحد النوادي الليلية في الجهة المقابلة من الهايدبارك، يسمى sombrero، وافقت مترددا فهذه أول تجربة لي أن أواعد فتاة، ولكن في تلك الأيام كنت شابا غرا فقررت أن أخوض التجربة، فأخذت منها العنوان ووعدتها أن أكون هنالك بعد أن أطمأن على أخي وأتأكد أنه قد تناول عشاءه.

عددت للشقة وأعددت العشاء لأخي وأخبرته أنني سوف أتأخر بعض الشيء فدعى للي بالتوفيق وأن يحفظني الله من كل سوء وخرجت وركبت الاندر قراوند من Bayswater station إلى High street kingston station، بحثت عن النادي الليلي ووجده دون عناء وكان في الطابق السفلي، أي تحت الأرض. عندما دخلت وجدت أحد لاعبي الخليج المشهورين يلبس ثوب عماني (جنسيته ليست عمانية، لكنه كان أحد هدافي دورات الخليج) وجالس في النادي وكأنه في قهوة أبو حمدان (أول مرة أدخل نادي ليلي) جلست في أحد الطاولات والناس من حولي سكارى وهم سكارى وحثالة كذلك وعبق الدخان يتكم الأنفاس في جميع أرجاء المكان وصوت الموسيقى الصاخب يخترق الأذان. وصلت الفتاة التي كنت في معيتها في حديقة الهايدبارك، ولم أتبين ملامحها مرة أخرى لأن المكان لا تضيئة سوى الأنوار التي تتراقص مع الموسيقى، رحبت بها وطلبت لها قهوة سكر زيادة، لأني رفضت أن أطلب لها خمرا، وطلبت لي عصير برتقال. ضحك الجرسون من طلبي ولكنها سرعان ما عاد وقدم لنا الطلبات. أثناء الحديث معها طلبت مني أن نرقص سويا خاصة عندما أتت أغنية مشهورة تلك الأيام وهي أغنية Careless Whisper، عندما هممت بالوقوف رأيت زميل قد تعرفت عليه من قبل اسمه أحمد الحبتور من الإمارات العربية، كان يدرس في لندن، فنظر لي نظرة غريبة وكأنها متضايق من شيء. ابتسمت له وتقدمت وسلمت عليه وقلت ما بك يا أحمد تنظر إلي هكذا، رد علي بضيق شديد، نديم هل تعلم مع من تجلس الآن، رددت لا، فتاة تعرفت عليها عشية هذا المساء في الهايدبارك، ودعتني الليلة، لا أعرف سوى اسمها الأول. قال يا حبيبي هذيه الفتاة الآن كانت رجلاً حتى السنة الماضية وهي معروفة في هذا المكان وقد عملت عملية وتحولت إلى فتاة، ولا أظن أنك ترضى بالوضع المهين هذا. لم ينهي كلامه إلا وتذكرت ذنب السوداني الذي قابلته في الحلقة الأولى وأصبت مثله بشحنة كهرباء 200 ألف فولط، وذهبت مسرعاً نحو الحمام، كرمتم، وأفرغت ما في جوفي وأحسست كأني في سجن أو في قبر وذنوب الدنيا قد اقترفتها وحلت مصيبة كبيرة فوق رأسي. صعدت السلالم هربا من هذا الماخور ولحق بي أحمد ليطمئن علي، وكان لديه سيارة زد أكس حمرا اللون وقال أركب معي، سأخذك لمقهى ترتاح فيه أو إلى السكن لتنام، قلت لا ، لا تأخذني للسكن خذني للمسجد الرئيسي في لندن في green park ، وسرعان ما وصلت هنالك قبل صلاة الفجر فصليت ركعتين استغفرت فيها رب العباد وطلبت المغفرة وفتحت المصحف وقرأت، بسم الله الرحمن الرحيم (طه ، ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ،إلا تذكرة لمن يخشى ، تنزيلا ممن خلق الأرض والسماوات العلا ، الرحمن على العرش استوى ،له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى ،وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى ،الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى )
يتبع

علي آل جبعان 20-03-2010 06:03 PM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
سبحااااان من حماااااك يا نديم
أنت محظوظ بقدوم زميلك الإماراتي

؛؛؛
جميل طرحكـ
وجميل برك بأخيكـ
وجميل عصامية أبيكـ

؛؛؛
استمر فنحن نتابع مذكراتك اللندنية

ودمت بودّ


مشاري بن نملان الحبابي 20-03-2010 09:55 PM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
سبحان الله اللي حفظك ..

في انتظار الجزء الخامس ..

عبدالله آل عباد 21-03-2010 06:58 AM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
نديم الهوى

تشكر على الطرح

هل أنت صاحب الموضوع الاصلي

كان يفترض أنني أراسلك على الخاص ولاكن يبدو أن الرسائل الخاصه غير مفعله عندك

أنتضر ردك

وبلا شك أطمع في أستكمال القصه الرائعه

نديم الهوى 21-03-2010 09:31 AM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
السلام أخي عبد الله آل عباد،،،

نعم هذه مذكراتي الخاصة، وسوف أكملها هنا لأن الموقع الذي بدأت فيه الكتابة له شروط كثيرة صعبة من ضمنها عدم تواصل القراء مع الكتاب


وصلت في الموقع المذكور الحلقة 18 وتوقفت

أخوك نديم

يمكنك التواصل عن طريق الاتصال الداخلي في المنتدى

تحياتي

نديم الهوى 22-03-2010 08:26 AM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
الحلقة الخامسة



من أفضل الأشياء التي كانت تتميز بها لندن قبل عصر الإنتر نت كانت الكتب المتوفرة بها والمكتبات العريقة باللغتين العربية والإنجليزية، وهي الكتب الحقيقية التي ألفها كتاب مهنيون بعضهم من المستشرقين، كما أن الثمانينات كانت سنوات هجرة الصحافة العربية والكتاب الكبار لأسباب سيساية وأمنية، فأصبحت لندن تعج بالصحف الرصينة والأخرى الصفراء التي كانت تعتمد على الابتزاز والفضائح والإثارة. ومنذ نعومة أظافري كنت شغوفا بالقراءة بشتى أنواعها، فكنت أقرأ بمعدل كتابين في الأسبوع. أكثر ما كنت أقرأ تلك الأيام قصص المغامرات البوليسية، مثل سلسلة المغامرون الخمسة تختخ و لوزة و نوسة و عاطف و محب، وهم عبارة عن مجموعة من الأطفال الذين يقومون بحل الألغاز البوليسية والجرائم التي تحصل بمحيطهم. كذلك قرأت معظم روايات أجاثا كرستي وطرزان، ومن بعدها صرت أقرأ لأنيس منصور وسيد قطب وطه حسين ومحمد أسد وغيرهم. ولعدم وجود مصادر متعددة للتسلية في تلك الازمان كانت القراءة تسحرني لأبعد حدود، فأتفاعل مع الشخصيات والأحداث كأني جزء من الحبكة. وعندما تقدم الزمن صرت أقرأ بنهم أكبر ليل نهار، حتى أنه أصبح يسبب لي بعض المشاكل الشخصية مع من حولي لأني أقرأ أكثر مما أتحدث. أذكر مرة كنت مسافر في رحلة من لندن إلى لوس أنجليس وكانت الرحلة 11 ساعة قضيتها كلها في قراءة كتاب محارب من الصحراء لخالد بن سلطان. وكان بجانبي رجل انجليزي ينام ويصحى، يأكل ويشرب، يذهب ويعود، وأنا أعيط، قصدي وأنا أقرأ حتى انتهيت من الكتاب قبل نهاية الرحلة بدقائق، ووالله لم أحس بالرحلة شئ. قالي لي الرجل الإنجليز، بعد ذلك كنت أعتقد أننا أكثر شعوب العالم قرأة، لكن عندما رأيتك علمت أننا أمة لا تقرأ. قلت هون عليك أيها الإنجليزي العجوز ولا تقس علي فأنا أقرأ أي نعم، ولكن للأسف المعلومات التي أقرأها لا أتذكرها جيدا، فذاكرتي أعتبرها أضعف ذاكرة في العالم، ولو كانت ذاكرتي قوية لكنت الفيلسوف اليوناني سقراط بسبب نهمي للقراءة. وعندما نزلت مطار لوس انجليس أخرجت كتاب ثاني أقرأه مما سبب خناقة لي من عائلتي أمام صاحب التكسي. لذلك بدأت باقتناء الكتب اللندنية من مكتبة الساقي العظيمة التي أسستها الراحلة مي غصوب، فاعدت قراءة الكتب التاريخية والدينية والسياسية ومذكرات المستشرقين، ومن أول كتاب تاريخي قرأته تلمست الفرق بين الكتب التي تكتب لدينا، فالكتاب يكون حجمه خمسمائة صفحة ولو دققت وتمحصت جيداً لوجدت أنه يمكن اختصاره في ورقه ونصف والباقي جله حشو وكذب ومضيعة للوقت. وأشد ما أعجبني قصة توحيد المملكة بأقلام المستشرقين والتي كانت تكتب بشكل مغاير عما قرأته، وخاصة 7 مجلدات قد قرأتها سابقا للزركلي باسم "شبه الجزيرة العربية في عهد الملك عبد العزيز"، ولكن للأمانة كل الكتاب كانوا مسحورين بشخصية الملك عبد العزيز ودهائه وأنه تفوق حتى على القواد والملوك التاريخيين كمثل تشرشل والملكة فكتوريا. كنت أرى مي صاحبة ومؤسسة المكتبة باستمرار ولم أعرف قيمتها ككاتبة أو كمؤسسة لأهم المكاتب العربية في المهجر إلا بعد مدة طويلة، كانت نحيلة ومثقفة تتحدث الانجليزية والفرنسية، تأتي خلفي كلما بحثت في الجدار عن الكتب وتقوم باعدة تصفيفها لأني كنت لا أعيدها كما يجب، تحملتني بعض كثيرا، يمكن تشجيع، أواستظراف، فهي رحمها الله تجوزت سبعة أشخاص في حياتيها، بالرغم من أنها توفيت وعمرها 54 سنة فقط. ومن كثر عيادتي للمكتبة تعرفت على شخص سوري اسمه عبد الوهاب الفتال، رجل مرتبك ولجوج ومزعج ونكدي وأحمق وتطول قائمة سيئاته إلى مالا نهاية، ولكن جذبني إليه نقده اللاذع وتحويله كل حكاية إلى نكته، فالنكت عنده لا تتوقف، فذهبت معه مرة بعد أن ابتعت صحيفة صفراء ابتزازية (كانت سماوية اللون) وذهبنا إلى مقهى أخينا السوداني والتي كانوا يطلقون عليها فيما بينهم "مقهى الفكر العربي" لنتجاذب أطراف الحديث والحش في الأنظمة العربية، هم يحشون في الخليج وأنا أحش في دولهم من شرقها لغربها، كانوا شلة كذابين وكنت أتعبهم بمناكفاتي وطولة لساني وصحتي، لأنهم كانوا مرضى بالضغط والسكر فكانوا لا يستطيعون مجاراتي وإفحامي، بل أن بعضهم تأتي عليه أيام ووجه محمر ويشير علي بعدم فتح أي موضوع فالأمراض لا تساعده على النقاش. في ذلك اليوم المشهود استلمت الجريدة السماوية اللون واسمها "الشرق الجديد" وبدأت أقرأها وأنا اتبسم من اسلوبها الساخر في نقد الأنظمة العربية، بل أنني رميتها ولم أستطيع أن أكملها من كثرة الضحك خشية أن يسئ الظن بي الزبائن الذين حولي. سألني عبد الوهاب الفتال ما رأيك بها، قلت صحيفة قذره وصاحبها أقذر منها وشكله مبتز، ينقد دول الخليج بالذات ويتناول الأمور الشخصية ولو عطوه المال لقبل أيديهم وقفل المجلة أوجعلها تمجد بهم ليل نها. زعل مني عبد الوهاب وحاول التبرير والتماس الأعذار لنهج الصحيفة ولكن كنت أحاججه وافحمه في كل مرة. في المساء وأنا أتصفح ما بقي من جريدة الشرق الجديد وأنا ممدد على السرير نظرت في العمود الذي يكتب به معلومات عن الجريدة وصاحبها أو رئيس التحرير واكتشفت ويا للعجب أن اسمه "عبد الوهاب الفتال" هاهاهاهاهاها، يعني كنت طول النهار في قهوة الفكر العربي أسب في الرجال في وجهة المغسول بمرق ولم أكن أعلم،،،، ازددت ضحكا على ضحك وسقطت من السرير من كثرة الضحك وأتى أخي المريض يقول خير وش ضحك المجانين هذا، قلت تعال أعطيك السالفة، قلتها له من هنا، وفطس المسكين من هنا رغم المرض والآلام التي به.
في أحد الأيام اللاحقة صادفت عبد الوها الفتال عند "قهوة الفكر العربي" وحاول يتجاهلني وقلت له يا عم عبد الوهاب تعال أنا فهمت حكاية دفاعك المستميت عن الصحيفة، يا أخي قولي أنا صاحبها وريحني، قال خلاص عرفت اني صاحبها، اش رايك الحين، قلت رأيي زي ما قلت لك، ابتززززززززززاز. أخذني على القهوة وقال شوف يا عمي ولا ابتزاز ولا شي، أنا رجل سوري كنت عايش عندكم في الشرقية في وزارة التعليم، كرفت لين طلعت ريحتي ما كنت قادر اعيش لآخر الشهر، الآن اشتم جهة معينة أو المح اني بشتمهم يجون يعطوني فلوس من فلوسهم الي يسرقونها، يعني الي سارق من حرامي مثل الي وارث من أبوه. بس بصراحة قالي مرة على شيئ للآن ماني متأكد منه، قال إن بعض موظفي السفارات يزودونه بمعلومات يقول هدد في أحد الأعداد بانك ستكتب عن الموضوع الفلاني في العدد القادم، ويعطونه بعض الأدلة للتهويش، ولما يكتب التهديد، يجون موظفين السفارات وعندهم ميزانية معينة لشراء ذمم أمثاله، فيعطونه جزء من المال ويأخذون جزء، وكانهم أعطوه المبلغ كامل لكي يخرس ولا يفضحهم، فأصبح هذا العمل مصدر دخل اضافي لموظفي السفارات، بل أنه لو تلكأ عن الكتابة للكزوه حتى يستنهض الهمم وتبدأ عملية النهب والإحتيال.

بعيدا عن الفتال، وهو على فكرة رجع لسوريا الآن وأرى في كتابته في الانتر نت أنه بدأ يتوب لله بعد أن كسب ما كسب، غفر الله له ولنا، كنت دوما أحب أن أجلس على النافذة المنيفة في الدور الثاني من العمارة التي أقطن بها، وأفتح الشباك بعض الشيئ فينعشني الهواء البارد، حيث يحلو لي القراءة كتابا كتابا، وقد أختلس بعض نحو الأسفل أرقب المارة الذين لا ينقطعون في هذا الشارع الذي لا يهدأ ليلاً نهارا. في الجهة المقابلة من عمارتنا وفي شقة مواجهة لنا تماما، كانت هنالك إمرأة برونزية اللون تقوم كل يوم بالتريض مع كلبها الصغير من نوع بودل، كانت ترمقني بنظرات وابتسامات غاية في الروعة، فلونها البرونزي مع أسنانها البيضاء كأنها قطاف الثلج منظرا لم أكن متعودا عليه البتة، وأنا لازلت رغم مرور بضعة أشهر أعاني شيئا ما من الصدمة الثقافية خاصة من ناحية الجنس اللطيف.
في أحد الايام كنت عائدا لتوي من المدرسة، ورأتني فحيتي باللغة العربية وقالت شو ما بدك تبطل قراية عى الشباك، عامل حالك عبد الحليم حافظ. يا ساتر طلعت عربية، ابتسم لها وبصوت سعودي مصلوخ ومتهدج، قلت لها جنابك عربية، قالت يا عيب الشوم ولو عربية أبا عن جد، أنا اسمي جاكولين من لبنان، تشرفنا أنا نديم، من مدينة العمال في الدمام، شارع أبو مية،قصدي من السعودية.
سألتني شو بتعمل هون وشو العجئة في شئتكن، قلت لها على السالفة والعجئة، تعرفين سكان الجزائر كثير وبعضهم هاجر لشقتنا بحثا عن المأوى!!، ضحكت وقالت الله بيعين. مشيت معها قليلا وعندما لمحت لي لشرب فنجال قهوة، تذكرت حكايتي الأولى وقعدت أقز فيها قز لأتأكد إنها إمرأة حقيقية ونسيت نفسي بعض الشيء، فقالت لي شو بك نديم، بشو سرحان، قلت لا لا، بقلك على حكاية بتفطسك من الضحك بس بعدين. جاكلين أو جاكو كانت تشتغل في محلات ماكس مارا، يعني بنت كلاس عشان كذا بدل قهوة الفكر العربي الفاشلة أخذنتني إلى مقهى في فندق رتز والذي اشتراه في تلك الفترة النصاب الدولي محمد الفايد، صاحب محلات هارودز الشهيرة وصاحب شركة هاوس أوف فريزر. استقلينا تاكسي وشربنا شاي في بهو الفندق وأشارت لي إلى مقعد جميل محاط بحبال حمراء كسياج وسألتني تعرف لمن هيدا الكرسي، أجبت لا، قالت هيدا الكرسي محجوز منذ العام 1955 لمهراجا هندي، لأنه جنابه أتى يوما من الأيام لشرب الشاي فلم يجد مقعدا متوفراً فقام بحجز المقعد إلى الآن ليستخدمه متى ما شرف. يا ساتر، يعني حوالي ثلاثين سنة سجن، قصدي حجز، يا الله، والله لندن فيها غرايب وعجايب، وإلي عنده فلوس يقدر يسوي فيها أشياء كثيرة ما تخطر على البال هنا. والمهراجا يا ساده يا كرام هم ملوك الهندوس القدماء الذين بدأو بالانقراض حاليا ولم تعد لهم صلاحيات سوى صلاحيات شكلية، وهذا الكرسي قد يكون أهم صلاحياتهم في الوقت الحالي والله أعلم.

في اليوم التالي اتصل بي أخي من السعودية واخبرني بأن شخص كويتي عزيز عليه سوف يأتي إلى لندن ويرغب في لقائنا لأنه سوف يكون لوحده ويرغب في أن يجد أحد ليقضي وقته معه خاصة وأننا في وسط الخريف ولا يوجد الكثير من العرب هنا. هذا الشخص قد يعرفهو الكثير منكم، وسوف أسرد قصته معي أو معنا ومن أول لقاء معه في لندن، إلى أن... سأترك لكم القصة:

اسمه تعس كويتي الجنسية (لا يزعلون الأخوان الكويتين، كلنا أهل بس عشان اوضح القصة)، استقبلته في مطار هثرو وكان يبدو عليه الذكاء الشديد والفهلوة، يعني بلغة الكويتين كلكشجي. رغم أنه كويتي كان معاه كما أخبرني بطاقة هوية الخطوط السعودية استخدمها للحصول على خصم في فندق انتركونتننتال في البارك لين. كنا نجلس طوال اسبوعين في بهو الفندق فترة الظهيرة مع بعض الأصدقاء من المغرب وتعزف لنامرأة ا على البيانو اغنية أهواك وأتمنى لو أنساك وجلسات جميلة نتجاذب بها أطراف الحديث ونحدق في المارة في الهايدبارك أو في شارع الباركلين. كان الرجل كريما ، ورغم طريقة الخصم التي استخدمها في الفندق إلا أنه كان ينفق بكرم حاتمي، لكن في بعض الأحيان عندما أقول له هيا نتمشى في البارك لين، يخرج معي وبعد مدة بسيطة يقول لي يجب أن لا نمش كثيرا فأنا أخاف على حذائي تراه غالي، أخاف عليه من كثرة المشي كان حذائه من جلد النعام. تعجبت من بعض تصرفاته المتناقضة، ولكن لتتعجبون أكثر مني أتعلمون ماذا أصبح هذا الشخص بعد حوالي عشرة سنوات من تلك المقابلة، لقد حصل على الجنسية السعودية، بمساعدة منا، وهو يعلم ذلك لو قرأن هذه القصة، وأصبح من أغنى أغنياء العرب بسرعة صاروخية تدور حولها علامات استفهام كبيرة جدا. وتطورت العلاقة معه مع الأيام والسنون وأصبحنا بعد ذلك مثل الأخوان أو أكثر، وكان كل سنة يضحي بأحد من أعز اصدقائنا المشتركين، بل أنه عندم يبطش يبطش جبارا ويلاحق الناس حتى في لقمة عيشهم ليتأكد من انتقامه منهم وأنهم لن تقوم لهم قائمة. يعز أصدقائه في البداية كثيرا، وبعضهم كما رأيت وعاشرت لاحقاً أغتنى من وراءه وكان يلبس الساعات الالماس وسيارات الفيراري والبنتلي في لندن، وعندما غضب عليهم، هوى بهم إلى الأرض، أحدهم فلسطيني كان من أقرب الناس له يركب الطيارات الخاصة، ويعيش عيشة الملوك، لما غضب عليه أتى يوما يبحث عن سلفة ليشتري دفاتر وشناط المدرسة لأبنائه.
من حبه لنا أنا وأخي الكبير، أنه في أحد الايام كنا قادمين إلى لندن واستقبلتنا مندوبة عن أحد شركاته داخل الصالة الخاصة، وفي الخارج مرسدس ليموزين سترتش، وسكنا في عمارته الوثيرة في 74 بارك لين، وسعرها في اليوم الواحد 4 آلاف جنيه. وفر لنا بطاقات ائتمان لم نكن بحاجة لها، ولكن أتت لنا كهدية مقابل خدمات تعد بالملايين له، صرفنا منها حتى وصلت مئات الألوف، قد يسأل أحد وهل يعقل بطاقة تصل مئات الألوف، نعم لأنه هو من يأمر بفتح السقف الإئتماني لها. وعندما حانت ساعة الصفر وبدأت الحالة السادية تتوجه نحونا قام بشكوانا للحقوق المدنية للدفع أو السجن. تفجأت لما رأيت الإستدعاء من الشرطة وذهبت إليهم لعله خطأ من أحد الموظفية وأن تعسأ لا يمكنه عمل ذلك، لكن تأكدت أنه الشكوى منه شخصيا ورايت تعنت الضابط في شرطة الظهران، وكأنه يريد أن يدخلني السجن، وقال بالحرف الواحد تدفع الآن أو السجن، قلت له هل هذا حكم منك من أول لقاء أدفع أو السجن، قال نعم، قلت هل تعتقد أني قادم ومعي مبلغ بمئات الألوف رد هي مشكلتك. عندها أيقنت أن انفلونزا تعس قد ألمت بنا، وعرفت أنه بدأ بشراء الذمم كما رأيت من قبل ليتمتع بمنظرنا خلف الأسوار أو ليذلنا، فأنتفظت أمام الضابط وقلت بأعلى صوتي له إذا كان تعس قد إشتراك بامواله فهو لن يشتري نايف بن عبد العزيز، والله لأخرج من هنا وأتجه للرياض مباشرة لنايف بن عبد العزيز حفظه الله وأقول له ما سمعت منك وأنا أتهمك لحماسك ومحاولتك إدخالي السجن دون وجه حق، وأتحداك وأتحدا من خلفك أن تدخلني السجن الآن. تفاجأ الضابط من ردة فعلي الصاخبة خاصة أنني انفجرت غضبا أمام المراجعين الذين غصت حلوقهم من طريقتي في تأديب ذلك المتخاذل، فخرجت لمدير شرطة الظهران ولم يقل لي الضابط شيئا، وكان مدير الشرطة الذي اتجهت اليه على ما أعتقد المقدم سعيد الزهراني، إن شاء الله الاسم صحيح، وكنت في بادئ الأمر أعتقد أنه سيكون شريك له، لأني أعرف تعسا وألاعيبه، فأحببت أن أتأكد بنفسي. لكن عندما تناقشت معه لم يكن يعلم المسكين شئيئا وهدأ من روعي وقال أنت عليك قضية مالية إعتيادية ولك الحق في التعامل كما يفرضه القانون، واذهب واحضر المبلغ براحتك. خرجت من شرطة الظهران وكانت تلك الأيام لا توجد جوالات بل بياجر، ومن عنده بيجر فقد كان علية القوم الذين يشار لهم بذي بيجر، أو أبا بيجر. المهم مالكم بالطويلة أصبحت تأتيني عشرات المكالمات على البيجر كالسيل لا يتوقف، ارقام تبدأ من الدمام والظهران والخبر، وعند اتصالي بها عرفت أنه من قبل أذناب تعس (عليه من الله ما يستحق، قصدي الله يسامحه) فهو لم يتوقع ردة فعلي العنيفة، ويطلبون مني حل الموضوع بشكل ودي. أحيه ياودي خفت من نايف يا باب، غصب عنك تخاف من عمك، تحسبني مثل ربعك إلي خسفتك فيهم، أنا أخو نورة يا تعس. بعد كذا رحت لقصره عشان أقابله، وأقوله إنه مهو معاي الغبي يتصرف كذا، قبل ما أعرف اسرارك أو فضايحك، ماني ضعيف تخوفين بالشرطة يا بابا، لأن الحرامي إلي يخاف مهو الشريف. عند باب قصره جاو السيكورتي يفتشوني يحسبون عندي سلاح، قلت لهم أنا ما عندي سلاح أنا مان مجنون أنا بدخله بثوبي وهو يعرفني أنا بقابله إذا فيه ذرة رجولة. لم يقابلني إلى الآن من العام 1996. بل أنه لوضاعة وكل مدعي من قبيلتي علي في الشرطة لتشويه سمعتي، ولكن ابن قبيلتي ماذا تحسبونه قد فعل، عمل معي اتفاق بصفته الوكيل عن تعس، على أن أدفع سبعمائة ريال حتى ينقضي المبلغ يعني انتطر يا حبيبي حوالي 25 سنة،. أبي عندما علم بالمشكلة حول المبلغ كاملا إلي ولم يعلم أني وصلت لحل ولم يعلم أني استطيع الدفع اضعاف المبلغ ولكن المسألة لم تكن مسألة فلوس.
والمحظوظ من أتعض بغيره، فلو تعلمن أن تعسا الآن محجوز عليه وعلى أمواله لأنه لم يحمد النعمة أو قد تكون دعاوي خلق الله عليه، وغيه وضلمه لعباد الله. لكن لكي أكون منصفا، فالرجل له تبرعات كثيرة في المجالات الخيرية والعلاج ومساعدة المحتاجين وبناء المساجد، لكن مبتلى بمرض متأصل به وهو الساديه وقد وقع في شر أعماله. مرة أخرى وللعيش الذي بيننا ولأني بطبعي متسامح أتمنى من الله أن يفك كربتك ويعيد لك راحة البال، وأعلم بأن الحياة حق للجميع ولا يجب أن تصادر حرية أحد لأن عندك الأموال. تذكر عندما كنا نسير سويا في لندن في البارك لين وفي ريجنت ستريت. تتذكر عندما كنا نريد أن نشترتي سرج للخيل التي لديك، وعندما قال لك البائع جرب السرج وركبت بالمقلوب، فخرجنا نذحك مثل المساطيل على غبائنا، وكلمتك التي لن أنساها، مسوين روحنا عيال نعمة وحنا عيال فقر، الا تذكر رحلتنا إلى ألتون تاورز مع شركة نيفرتيتي وصاحبها المصري العجوز الطيب، لما عزمتك على الرحلة وكنت تقول (هذي الينة الينة "الجنة") مانت مصدق روحك من الطبيعة والجمال، تذكر والأوقات الجميلة لما كنا نروح نسهر في stringfellow لما شفت joan collins الممثلة المشهورة في مسلسل Dynasty وبغيت تجيب مصيبة لنا لو ما فكيناك من البدي قارد. ليتك ترجع لأيام البساطة ونرجع نسافر ونجلس في بهو فندق انتركونتنتال نشرب الشاي الإنجليزي بعد الظهر مع البسكويت ونسمع أغنية أهواك وأتمنى لو أنساك.

يتبع

علي آل جبعان 22-03-2010 03:34 PM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
أحي فيك هذا الطرح ,
وطولة البال ,
وجمال السرد القصصي الممتع مع تحفضي على بعض السرد الذي
ألمحت فيه إلى بعض الشخصيات التي أثريت بها طرحك ..
؛؛؛؛
أخي الغالي
نديم
هناك مذكرات لندنية
في بعض المنتديات
أمثال المسافرون , ملتقى الأسد للحوار
ما علاقتك بهذه العناويين والمعرفات التي تتحدث عن هذه المذكرات مع تحفظي على بعضها؟؟ّّ!!

ودمت بودّ


نديم الهوى 22-03-2010 07:02 PM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
السلام عليكم أخي علي آل جبعان

أشكر لك الإطراء الذي يعني لي الكثير والله، بالنسبة للمذكرات هذه فهي خاصة بي، وقد بدأتها في منتدى المسافرون العرب باسم الطريق إلى لندن. توقفت عند الحلقة 18 لسببين في ذلك المنتدى. أولا لعدم إعطاء حرية كاملة للتفاعل مع القراء والكاتب، ثانياً لوجود مباحثات مع بعض دور النشر والتي تسير بشكل بطيء جداً.

القصة قد تكون نقلت لمواقع أخرى تحت اسماء وهمية، لكن الفيصل في اكمال القصة، أو التعليق على بعض التساؤلات التي تكون ضمن الأحداث، ويمكني الإجابة عليها أو توضيحها، بينما الناقل ليس لديه الوقت للتعليق أو حتى لتفسير بعض الغموض في القصة


شكرا لك وأتمنى أن تعجبك المذكرات

نديم

نديم الهوى 25-03-2010 07:52 AM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
الحلقة السادسة




في أحد الأيام الشتوية وأنا أتناول الكستناء التي كانت تشوى فوق عربيات منتشرة بكثرة في تلك الأيام في البيكاديلي سيركس وهي تعتبر صرة لندن وتربط أهم الشوارع بعضها البعض، مثل ريجينت ستريت المليئ بالمحلات الراقية والمفضل لدى الملكة اليزابيث الثانية للتسوق، وشارع البيكاديلي، ومنطقة الويسد اند الشهيرة وليستر سكوير ومنطقة سوهو المليئة بالمواخير، لمحت شخصا أعرفه حق المعرفة اسمه "وسيم مذاكر"، وسيم ابن عائلة سعودية راقية تمتلك الشركة السعودية للدفاتر والتسويق ومجموعة شركات "تحت السواهي دواهي" تضم مجموعة متعددة من الماركات العالمية، وهو مسؤول عن الشركة في المنطقة الشرقية. الولد بدأ العمل من الصفر في بزنس العائلة وكان يذكر لنا أول ماتم توظيفه في الشرقية قادما من جدة أنه بدأ العمل بمرافقة العمال لتوزيع الدفاتر على مدن المنطقة الشرقية وفي عز الحر دون مكيف لمدة ثلاثة أشهر، ينام في القهاوي أو المساجد، حتى أثبت وجوده لأجداده فأصبح المدير العام بعد سنة واحدة فقط. أما أجداده فكانا كتاب درجة ثالثة أو رابعة، لكنهم أصحاب بزنس درجة أولى، أصبحو معارضين أيام الملك فيصل وذهبا للعيش في لبنان، وبعد مدة وظفهم كمال أدهم مدير الاستخبارات وفتح لهم دفتر وجه ووجه في لندن بمئة مليون دولار ليكون بوقا سعوديا يعمل يشتغل على النفط ليخرس جميع الأبواق التي كانت تعمل على الفحم الحجري، وهو ما حصل بالفعل. سلمت على وسيم وقلت وش إلي جابك وسط الشتاء إلى لندن، أخبرني بكل زهو أنه قادم من البرتغال بعد أن فتحوا أكبر مصنع في العالم لتعليب السردين. رحبت به ورافقني للشقة وتغدينا سويا، وفي الليل قال نريد أن نذهب ونغير جو، قلت حلو، الليلة ويكيند بكلم جاكو، إلي وافقت سعيدة وكلمت صديق لي اسمه مسفر وصاحبه المغربي. تقابلنا في محطة البيكاديلي سيركس في الساعة العاشرة مساء واتجهنا نحو ملهى هيبودروم في الركن المواجه لمحطة لسترسكوير، والمكان مصمم مثل ملاعب كرة اليد أو الطائرة المغلقة، أي أنه مكون من دورين حيث يمكن لمرتاديه الجلوس في الأعلى. طلب كل منا بعض من السندوتشات والعصيرات بينما لم يطلب وسيم شيئا، ومن وقت لآخر كنا نتجول في أرجاء الملهى وفي تلك الأيام كان المكان مليئ بالبانكس وهم الشباب الثائرين على كل تقاليد وخاصة في المظهر، فترى وجوههم وقد لطخت بالألوان البراقة والمخيفة وقصات شعورهم مثل سنام الديناصورات ولا يهتمون بالنظافة الشخصية البتة، وقد بدأت حركة البانكس في السبعينات وانتهت على نهاية الثمانينات الميلادية، كنا نقوم بالتصوير معهم ، وعندما رآها أحد أصحابي في السعودية لم يستغ هم وقال هؤولاء هم حطب جهنم. رجعنا لطاولة الطعام ولم نجد أثر للطعام ولا للعصير فطلبنا المزيد ضنا بأنه قد تناولها بعض المساطيل هنا أو بعض البانكس، بالرغم من أن البانكس أناس مسالمون. بعد مدة أخبرتني جاكو بشئ غريب وقالت، دخلك هيدا وسيم ابن عيلة زي ما خبرتني، أجبتها نعم وبكل تأكيد، قالة ييي شبه عم ياكل آكلنا ويزلط العصير زلط، قلت مش معقول يا جاكو تظلمين الرجال، قالت تعا وشوف بعينيك. قطعا لم أصدق ما سمعت لمعرفتي بمن يكون وسيم، لكن جاكو وضعت خطة محكمة لكي أرى بعيني، نزلنا للدور الأرضي والذي توجد به طاولتنا وطلبنا أشهى المأكولات والعصيرات مرة أخرى وآخر مرة، ولم نأكل أو نشرب سوى القليل منها، وابتعدنا ونحن بين ضحك وحنق عليه للدور الثاني وبدأنا بعملية المراقبة عن كثب، بقينا في الأعلى للحظات وشاهدنا وسيم ينظر يينه وشماله بارتاك ، ثم ينقض كجارح على فريسته لياتي بزمن قياس على جميع السندوتشات والعصيرات ولم يبق سوى قطمير هنا وهناك لنا، لا ينفع حتى لذر الرماد في العيون. تأكدنا الآن أن وسيم يستحق أن نخلع عليه اسم اشعب وبطن اكبر من ملعب وأنه رجل مستلطخ، والذي أغاظني أكثر أنه ولد نعمة، بش وش نسوي بها البلشة، وقد فضحني قدام جاكو وبقية القروب. قال مسفر لدي الحل، قلت هات ماهو، قال أنا سوف أؤدب صاحبك المستلطخ بس عطني محفظتك، قلت ليه محفظتي، قال بقلك بعدين أنت تستحي بس أنا ما بستحي منه، أعطيته المحفظة وبعدين فتشني لقى بعض الباوندات وأخذها. أنهينا الحفل بسرعة واقترح مسفر أن نذهب إلى مطعم فخر الدين الراقي في البيكاديلي لنتعشى عشاء فاخر وليس سندونتشات لا تسمن ولا تغن من جوع، وافق الجميع وكان أكثر المتحمسين وسيم، لأنه رأى عرضا مغريا جديدا. وصلنا فخر الدين وطلبنا مقبلات مما لذ وطاب، كبة نية لأول مرة آذقها في حياتي واستمريت عليها للآن في المحلات الراقية فقط لأنها لا تأكل في المحلات غير النظيفة، وطلبنا جميع المشويات اللبنانية التي تكفي لعشرة اشخاص وحلى وغيرها ولم نأكل نصف الطعام، عند الحساب قال لي مسفر نديم هل يوجد لديك المال للدفع، عندها عرفت مغزى مسفر من أخذ محفظتي حتى لا أنحرج وأظطر للدفع، قلت والله ليس في جيبي بنسا واحدا، قال وأنا كذلك لقد صرفت جميع ما لدي في الهيبدروم، نظرت لوسيم وكأن أباجورة المطعم وقعت فوق رأسه وأخذ يشرب وكأنه يتجرع السم، بعد أن عرف المقلب المرتب بدقة من مسفر، وأخرج من جيبه بطاقة أمريكان اكسبرس ذهبية بيد ترجف رجف المكينة، وعندما سحبت البطاقة على الجهاز أصيب جسمه بقشعريرة وضحكنا عليه حتى الثمالة. عندما عدنا في التاكسي نحو سكن مسفر كنا نغنيى ونرقص في التاكس، ابعاد كنت ولا قريبين المراد انكم دايم سالمين، ووسيم ضارب بوز وفي وادي آخر تماما. وعندما توقف التاكس كان الحساب ستة جنيهات، وقال يا الله يا نديم ويا مسفر كل واحد 2 باوند عشان ندفع ستة باوند، ضحكنا وقلنا يا حبيبي قلنا لك ما عندنا فلوس، فلوس ماكو، قال يا حبيبي خلاص المقلب وأكلتوني إياه من الحين ورايح فيفتي فيفتي، انفجرنا في الضحك عندما اعترف بكل صراحة وقلت لمسفر وجاكو يا عمي هذا ولد جدة ما تضحك عليه إلا برضاه، عطيني محفظتي يا مسفر.

علي آل جبعان 25-03-2010 04:54 PM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نديم الهوى (المشاركة 673848)
الحلقة السادسة



أما أجداده فكانا كتاب درجة ثالثة أو رابعة، لكنهم أصحاب بزنس درجة أولى، أصبحو معارضين أيام الملك فيصل وذهبا للعيش في لبنان، وبعد مدة وظفهم كمال أدهم مدير الاستخبارات وفتح لهم دفتر وجه ووجه في لندن بمئة مليون دولار ليكون بوقا سعوديا يعمل يشتغل على النفط ليخرس جميع الأبواق التي كانت تعمل على الفحم الحجري،

لا زلنا نتابع مذكراتك اللندنية التي عشقناها من خلال
طرحك الراااائع ..
؛؛؛؛
لكن أخي الغالي
لدي تسأل ماذا يعني أجداده من الدرجة الثالثة أو الرابعة ؟
!!!!!!!!!
اللاحظ أن أصدقائك من الطبقة المخملية في كل مذكراتك السابقة يا نديم الهوى هههههه
؛؛؛
شكرا وسر على بركة الله ؛؛؛

ودمت بودّ


نديم الهوى 25-03-2010 06:47 PM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
السلام عليك أخي علي

أنا كتبت أجداده كانوت كــــــــــــــتاب من الدرجة الثالثة أو الرابعة

بالنسبة لأصحابي أنهم من الطبقة المخميلة،،،،نعم جزء كبير منهم ولكن جلهم من الطبقة المتوسطة والدنيا،،،، وأنا أعتبر نفسي من الطبقة الوسطى. لكن لو تتابع القصة للأخر بتشوف (كفاحي) خخخخخ، قريب من كفاح أبي بس مودرن على خفيف.

طبعاً كأني أتكلم ألغاز،،،، بس تابعني وبتشوف سوالف غريبة عجيبة، بعضها لو قصها علي أحد لوجدت صعوبة في تصديقة.

تحياتي لك يا الغالي

نديم الهوى 26-03-2010 06:57 PM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
الحلقةالسابعة



كما أن لندن جميلة وتتنوع فيها مباهج الحياة، إلا أنها تعج بالنصابين والأفاقين وبعضهم حرام والله يكونون فيها، فهم يشوهون ديكور لندن الجميل ويسيئون للذوق العام. في أحد الأيام وأنا أتناول إفطار الصباح مع صديق يمني شمالي اسمه قاسم يدرس الطيران الحربي "أيام اليمن يمنين ونص" في محل شاورما بالكوينز واي الموجود بجانب محل التزلج على الثلج، وجلس بركن غير قصي عنا رجل بطيني ضخم يلبس ثوبا بني اللون وشبشب حمام وأنتم الكرامة، شكله كأنه طفل ضاع من أمه فكبر في مكانه ومع الزمن انتفخ حتى شاب شعره. أثناء تناول الشاورما الساخنة الملفوفة بالخبز العربي الحار والطازج ذي العبق الشهي والمحشو بمخلل الفلفل التفاحي اللون، لاحظت وأنا أتحدث مع قاسم عن فوز المنتخب السعودي لأول مرة بكأس آسيا، أن ذلك الشخص الغريب الشكل والأطوار والشبيه بشدة بالممثل الراحل محمد رضا مشغولا باستراق السمع منا ويرقب كل كلمة نتفوه بها، بل أنه عيناه جحظتا عندما قلت بأن شريط فيدو مباراة كأس آسيا والتي فاز فيها منتخبنا عام 84 سوف يصلني غدا من السعودية مع شحنة الطائرة العسكرية التي تأتي تباعاً للملحقية العسكرية في لندن. لم يكن هنالك قنوات فضائية ولا انترنت وكان المتداول في تلك الأيام الغابرة المغبرة هي أشرطة الفيديو من نوعي JVC و VHS، لذا لم يعد مسترق السمع يكتفي بالتلصص بل قفز من منضدته وهو يرفع طرف ثوبه تماما مثل الفنان محمد رضا، ودخل بكل ما أوتي من دفاشة معنا في الحديث وبدأ بتعريف نفسه أخوكم محمد رضا السكرتير الثاني في السفارة السعودية، منورين والله، مبروك فوز المنتخب، أنا وأنا وأنا ...وأخذ يعدد مناقبه وبطولاته التي خاضها في الأحلام لما صدع رأسي. وفي نهاية المطاف سأل عن شريط الفيديو وقال ممكن نشوفه سوا، قلت ممكن جدا، بس أنا أحتاج أن أشتري جهاز فيديو أولا لكي نتفرج عليه، رد قال أنا عندي فيدو، قلت حلو، أتيت بالشريط لاحقا حسب الاتفاق وأخذه مني وقال خلاص تجون في الليل الساعة 8 نتفرج. جات الساعة ثمان وطرقنا عليه باب شقته، كان يسكن العمارة التي فيها محل الشاورما فوق الاسكيتنق، لكن للأسف لم نجد إجابة، وراح اليوم الأول والثاني وما لقينا الأخ، أخيرا رأيته في المطعم وقلت وين يا عمي اختفيت، رد علي بكلام ما له علاقة بموضوعنا أبدا " أنت شفت أحد أطيب مني؟، آذيتك بشئ؟، وأضاف أنا خطيبتي في جدة ردت لي الساعة إلي أرسلتها في البريد هدية لها، وأظهر لي الساعة من جيبه حسبتها شباصة شعر من أبو ريالين،"، والله خلاني أنسى موضوع شريط الفيديو وقلت يا أخي هذي ساعة واحد يرسلها من لندن لخطيبته، المفروض تروح بوند ستريت، وإلا هارودز وتأخذ شيء مميز، وش ذي، نعن أبوك لو جدتي شرتها من سوق الصورايخ في جدة كان ما ركبتها سيارتي، هو ما صدق إنه ضيعني بالكلام، وقال خلاص بسمع نصيحتك وأروح اشتري لها ساعة الآن من بوند ستريت، مع السلامة. لكني استدركت إنه ما رد لي الشريط، وتأكدت انه أفاك أثيم، قلت كلمة واحدة بترد الشريط وإلا لا يا محمد يا رضا، قال "أصله علق في الجهاز والجهاز عند المصلح" ما خليته يكمل، وتركته يذلف وهو رافع ثوبه كأنه كرته ، بس عرفت وش دواه هالخرتيت.

في اليوم الثاني رحت للسفارة السعودية وقابلت السفير وقلت له على حكاية السكرتير الثاني وكيف شلح علينا شريط مباراة المنتخب، وأنه لم يعيد الشريط، تعجب السفير كيف من الممكن لسكرتير السفارة أن ينزل لهذا المستوى من التعامل مع الناس، لكن بحنكته وخبرته قال لي لا تنبس بشفة واتبعني نذهب لمكتبه، دلفنا لمكتب السكرتير الثاني المزعوم ورأيت إنسان يختلف تماما عن محمد رضا المأفون، رأيت إنسان محترم ومهذب اسمه سليمان المتروك، وقدمه السفير لي وقال، هذا الأستاذ سليمان سكرتير السفارة الثاني وهذا نديم ولد أبو نديم، تعارفنا وتبادلنا المجاملات ثم ما لبثنا أن عدنا لمكتب السفير، وقال لي بابتسامة تعلوها الشفقة علي، أكيد ليس الشخص الذي تبحث عنه، قلت طبعا وش جاب الثرى للثريا، هذا شكله محترم هذاك أصالا استغربت يكون سكرتير ثاني أو سكرتير في مدرسة، سألني ما عرفت اسمه أو أي شي يدل عليه، قلت اسمه محمد رضا، رد اش قلت، محمد رضا، الله لا يعطيه العافية، روح يا ابني انزل تحت في القبو وناده لي، نزلت وتحت الدرج لقيت محمد رضا لابس طاقية لها أذنين وفي أعلى الأذنين كرة صوف منتفة كي تقيه من قسوة البرد في القبو، وسرعان ما حاول الهروب مني عندما لمحني قادم إليه واتجه نحو حمام صغير يصنعه الانجليز عادة تحت الدرج أو يستخدم أحيانا كمخزن، تبسمت من شكله وهو يحاول الفرار وقلت تعال يا سكرتير الغفلة وكلم السفير يبيك ضروري، طلع ويقول أنت وش سويت، شكلك خربت بيتي، في ستين داهية المنتخب والشريط ووو، دخل على السفير وقال له جملتين فقط، نقلناك للعمل في غينيا بيساو بعد شهر جهز حالك، بس لا تنس ترجع الشريط لنديم قبل ما تسافر،،، ورجع الشريط لي في نفس اليوم مساءً، وأصبح محمد رضا يلطم ويولول ودعاني للعشاء في مطعم إيراني في أيرلز كورت وهي منطقة يسكن بها ويملكها الكثير من أخواننا من دولة قطر الحبيبة لقلبي، وطلب مني أن اشفع له عند السفير، كسر خاطري الصراحة ما كنت ناوي أسبب له أي أذية بس هو السبب. رحت للسفير بعد يومين وقلت له سامحه عشان خاطري، رد علي إلي سواه انتحال شخصية مهمة في السفارة وأنا ماني رايح أنقلة أنا عندي عجز في الموظفين، بس خليه يخاف شوي عشان يتوب، رحت بسرعة بشرته، وهو ما صدق راح لكبينة تلفونا لندن الحمراء واتصل على أمه الست فتو وقال يا ماما باركيلي، ماني رايح أكون سفير في غنيا، أنا بكمل سكرتير أول في السفارة في لندن!!!!!.[/size]

نايف بن جليد 26-03-2010 11:28 PM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
الاخ العزيز
نديم الهوى

بداية هناك توافق عجيب فيالمسميات..فإسمي المستعار في المنتديات
الاخرى "نديم الحرف"

لقد شدني وأعجبني وراق لي طرحك وأسلوبك في سرد الأحداث ...وقد إطلعت على كامل
المذكرات في منتدى العب المسافرون ...وقد إنهيتها في 18 ساعه تقريبآ
وقد حزنت أيما حزن على عدم إكمالها ...وقد إستفدت منها كثير...خصوصآ أني أنوي أبتعث
لإكمال الدراسات العليا .....وكل التوفيق والأمنيات أن أرى هالمذكرات منتشرة في مكاتبنا...فهي تستحق ذلك

======
لقد عشت أجواء القصه كامله...بل وكأني معك في تجوالك وترحالك
ولقد أعجبت بشخصية والدك ....الله يخليه لك...ويخليك له...ويمتعكم بالصحه والعافيه

فقد ضحكت كثيرآ مع أحداث مجله عبدالوهاب
وحزنت بل دمعة عيني حينما قرروا الأطباء بوفاة أخيك
وتضجرت من تعس الكويتي مع أقرانه
وغيرها الكثير والكثير من الأحدااااث الراااائعه والممتعه
خصوصآ مع شفاء ودبي

ولدي بعض التساؤلات...ولك الأحقيه بالإعتذار عن الاجابه

لماذا لم تكمل بقية المذكرات..؟؟
لاحظتك تبني علاقاتك وصداقاتك بسرعه غريبه؟؟هل هي ثقه أم طبيعه..؟؟
هل سأرى مذكراتك قريبآ في المكتبات والأسواق

لك خالص شكري وودي

مشاري بن نملان الحبابي 27-03-2010 02:38 AM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
إبداع أخي نديم الهوى ..

واصل في نشر بقية السلسلة ..

في انتظار الحلقة الثامنة ..

نديم الهوى 29-03-2010 08:49 PM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
نايف بن جليد شكراً لك على الإهتمام بالمذكرات وأحمد الله أنها أعجبتك،،، لم أكملها في ذلك المنتدى لأسباب كثيرة، وقد أكملها هنا إن شاء الله،، وأتمنى لك التوفيق في الدراسة

مشاري بن نملان الحبابي، يشرفني استمرارك معي من بداية المذكرات،،، وأرجو أن لا تقعطنا يا الغالي من تعليقك على كل حلقة،،، تحياتي لك





الحلقة السادسة



كلما قلبت ألبوم الصور يزداد حنيني لتلك الأيام الصافيات، فلدي مئات من الصور التي التقطتها داخل الحدائق الجميلة الغنية بالورود والأزهار بكل ألوان الطيف، وأجملها الصور التي التقطتها أثناء رحلات مدرسة اللغة مع أقراني الطلاب من جميع أنحاء العالم. بعضهم من فرنسا وايطاليا وسويسرا ومن أمريكا الجنوبية وعرب وكل الملل والنحل. صورنا جميعها دون استثناء تعلوها الابتسامة وتتجلى فيها السعادة بوضوح، لم أجد صورة واحدة فيها تكشيرة أو عبوس كبقية الصور الأخرى التي التقطها لأصحابي هنا في السعودية، حتى لو كانت في حفل زفاف لا تفرقها عن صور العزاء. في أحد الأيام درسنا قصة عن روبن هود، وهو شخصيه إنجليزية تمثل فارسا شجاعا طائشا وخارجا عن القانون، عاش في العصور الوسطى وكانت لديه براعة في رمي السهام، يعيش في الغابات ومهنته سلب وسرقة الأغنياء وإطعام الفقراء. فقررنا بعدها التخييم لمدة أسبوع خلال عطلة عيد الايستر في غابة نوتينغهام وهي المنطقة التي كان يختبئ فيها روبن هود في العصور الوسطى. في تلك الرحلة فقط عرفت حقا معنى الحياة الجميلة، كنا نسهر ليلا حول النيران المشتعلة نشدو بأجمل الأغاني ونرقص ونشوي ما لذ وطاب من الطعام، وعندما نخلد للنوم ننظر كالأطفال للسماء الصافية والنجوم تتلألأ والقمر مرسوم بعناية إلهية، ومن حولنا في أعلى الروابي أنوار خافته تنبعث من الأكواخ العتيقة بمداخنها التي تبعث نحونا رائحة الحطب المشتعل. ننام نوما لذيذا بينما الهواء المنعش يدغدغ أحلامنا، ثم نصحو فجرا على صوت البلابل والكروان وطيور الوروار، فنجلب الماء القراح من نهر ترنت الرقراق لنعمل قهوة الصباح على الجمر فتكون ألذ فنجان قهوة لو ذاق طعمه الملوك لجالدونا عليه بالسيوف. وعندما يجهز الجميع نقوم بزيارة بعض مخابئ روبن هود التي درسناها سابقاً ونكتب بعض الملاحظات ومن ثم نقارنها بما لدينا من مواد دراسية.

أما صور المتاحف التي قمت بزيارتها سوءا مع المدرسة أو وحيدا فهي كثيرة، فلندن مدينة غنية بالمتاحف أجملها المتحف البريطاني وهو أكبر متحف في بريطانيا، وأحد أهم المتاحف في تاريخ وثقافة البشر، ويعتبر أقدم المتاحف في العالم وتأسس عام 1753 واعتمد في البداية على مجموعات العالم الفيزيائي السير هانز سلون، ويحتوي على أكثر من 13 مليون قطعة من جميع القارات. كذلك المتحف الوطني National Gallery ، الموجود في ساحة الطرف الأغر، ويسميها العرب ساحة الحمام، وللأسف ترى العرب يجلسون الساعات الطوال يطعمون الحمام ويلهون حول النوافير ولا يعلمون أصلا أنهم أمام أجمل المتاحف العالمية، فهذا المتحف فيه أكثر من 2300 من اللوحات التي يرجع تاريخها من منتصف القرن الثالث عشر إلى العام 1900. أحد اللوحات العالقة في ذاكرتي لحفلة شاي ما بعد الظهيرة، وهو تقليد بريطاني عريق تناول الشاي فيما بين الثالثة عصرا والخامسة، ويقدم الشاي مع البسكويت وقطع الكعك وسندوتشات الجبن أو الدجاج. كانت الصورة تعود لعصر النهضة أي القرن السادس عشر، وهي لوحة جدارية طولها نحو ستة أمتار وارتفاعها متران، مرسومة في الهايدبارك عند البحيرة الايطالية، وحضورها كن الكثير من الأميرات اللائي يرتدين اللباس الانجليزي التقليدي الضيق عند الخصر وينفرج بشدة حول الردفين ويزداد كلما اقترب من الأقدام بسبب استخدام أقفاص داخل بطانة الفساتين تشكل أجساد الحسناوات، وقبعات مزخرفة ويحمل عصي قصيرة كعصي راعي الأغنام ، وخلف الأميرات بعض الرقيق من شمال أفريقيا أو من الهند بلباسهم التقليدي، وتجر الأميرات كلاب صغيرة جميلة بسلاسل مذهبة. بينما ينظر للأميرات بشوق الفرسان الأمراء من أمراء اسكتلندا وويلز وانجلترا. الصورة تحكي دون كلام مدى رفاهية الطبقة الارستقراطية والتقليد الانجليزي العريق، والطريقة الإنجليزية القديمة في تعارف الأمراء والأميرات بغرض الزواج، والترف المادي في تلك الأيام، ولو تركت القلم لشرح ما تقوله تلك اللوحة لما اكتفيت بمائة صفحة. أما متحف مدام تيسو ، ويعرف عند العرب بمتحف الشمع فهو من أشهر متاحف الشمع في العالم، وأسسته مدام تيسو عــام 1761 والتي توفي والدها قبل أن تولد ، فرعاها طبيب اسمه كورتيس حيث كانت أمها تعمل لديه كأجيرة. فعلمها فن صناعة الشمع فأتقنته حتى أنشئت معرضها الخاص، وهو يحتوي على تماثيل للشخصيات العالمية البارزة في جميع المجالات . كان هنالك تمثال للملك فيصل رحمة الله في العام 1984، ولكنه قد أزيل ولا أعرف ماهو السبب، أما تمثال هتلر فلشدة كره الانجليز له وضع في مخرج الطوراىء تحت الدرج وكأنه زائد عن الحاجة.
لدي صور عديدة لها وسأحاول أن أضع بعض منها لكم ولكن أنتظر رأيكم.

أحد الصور التقطتها فجرا من نافذة شقتنا في 41 رالف كورت، وكان أحد أيام ديسمبر القارصة البرودة، عندما ذهبت للنوم بعد أن أشعلت المدفأة، وتركت الستارة مشرعة لأرقب جمال السماء ولأنظر لنافذة جاكو التي لا زالت مضيئة. لم أستمر طويلا حتى غطيت في نوم عميق أحلم أني عدت للسعودية وأنا في حوض العراوي أجربع "أطارد الجرابيع" في النعيرية والبرد الربيعي يلفح وجهي ويكاد يخترق عظمي، لكن من شدة البرودة صحوت فجأة فأدركت أني كنت أحلم، بيد أن البرد القارص جعل برودة جسمي مثل برودة دجاج الأخوين. فكرت بأن المدفأة قد تكون توقفت عن العمل، ولكني لاحظت أن الغرفة شبه مضيئة بالرغم من أن الصبح لم يحن بعد، اتجهت نحو النافذة فوجدت الشارع وقد امتلأ بالرمال التي غطت السيارات المتوقفة وواجهات المنازل. تشوش ذهني خاصة مع حلمي وأني كنت في براري النعيرية، فتساءلت، من أين إذن أتت هذه الرمال، لا ، لا إنها ليست رمال، إنها الثلوج يا نديم، اصحي يا عمي، يا الله أول مرة في حياتي أرى الثلوج حقيقية أمامي، وهذا الضوء الساطع الذي أضاء الغرفة ما هو إلا انعكاس ضوء أنوار الشارع على ندف الثلج البيضاء. وفي صباح الغد الباكر خرجت واشتريت حذاء خاص بالثلوج، وذهبت للحديقة المجاورة لمنزلي، حديقة كنجنستون والتي يوجد فيها قصر الأميرة الراحلة ديانا. أمام القصر كنا نلعب مع من نعرف ومن لم نعرف، نتقاذف بالثلج حتى مع رجال الشرطة، وصنعنا رجلا من الثلج، ووضعنا له أنف من جزر، وطاقية مزركشة واسكارف أحمر. صورة رجل الثلج تلك استخدمها الآن كسطح للمكتب. وعندما توغلت داخل الحديقة اكتشفت أن جميع البحيرات في الهايدبارك تحولت إلى ثلج يمكن السير فوقه ، حتى نهر السربنتاين تحول إلى ثلج وكانت هنالك لوحة تقول أن الغرامة تصل 200 باوند لمن يحاول أن يمشي فوقه نظرا لخطورة انكسار الثلج ووقوع الناس داخل البحيرة. الصور كثيرة، سوف أرفع بعضها عشان خاطركم
يتبع

مشاري بن نملان الحبابي 29-03-2010 11:51 PM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
مرحبا يا نديم الهوى ..

كتبت ورويت وقصصت فأبدعت في أسلوبك الرائع ..

الذي لا يشعر القارئ بالملل ..

نحن في انتظار بعض الصور لأيامك في لندن ..

وحبّذا لو كانت في موضوع منفصل في استراحة المجالس ..

حلوة دجاج الأخوين ..

أشكرك وفي انتظار الحلقة السابعة ..

@ابوريان@ 30-03-2010 12:34 AM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
نديم الهوى

أرحب وحياك يالغالي وسعدت بتواجدك معنا


كانني عرفت من انت



واصل


متابع

نايف بن جليد 30-03-2010 12:45 AM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
الأخ نديم

أرجو إكمالها فهي بالفعل رااااااائعه

ولكن تساؤلاتي لم تجب عليها

لك ودي

بوماجد 31-03-2010 05:24 PM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
هلا اخوي نديم

مذكرات رائعة بصراحة واكمل الله يوفقك
وفي امان الله

نديم الهوى 01-04-2010 09:45 AM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
أخي نايف بن جليد شكراً لك على المشاركة ووالله سعدت جداً إنك قضيت 18 ساعة لقراءة كامل القصة،،، ف 18 ساعة من وقتك الثمين يبين لي أن الوقت الذي أقضيه في استرجاع الأحداث وتنسيقها لم يذهب هدراً فهنالك أناس كرام أمثالك يعطوني من وقتهم الكثير،، فهذا أفضل مقابل يدفعني لاستئناف الكتابة،،، وسوف أكمل الحلقات هنا إن شاء الله

بالنسة لنشر المذكرات،،، أنا كسلان شوي في البحث عن دور نشر،، وكذلك من قابلتهم لهم شروط لم ترق لي الصراحة،،، ولكن أتوقع أن أنشرها في أي لحظة،،، قد يكون خلال الصيف والله أعلم
شكراً لك

مشاري بن نملان الحبابي،،، شكراً لك أنت من المتابعين الغاليين من البداية

أبو ريان شكراً لك على الإنضمام لمتابعة مذكراتي،،، بس تقول كأنك عرفتني ،،، الله يستر لا تكون واحد من الديانة


الحلقة السابعة


كما أن لندن جميلة وتتنوع فيها مباهج الحياة، إلا أنها تعج بالنصابين والأفاقين وبعضهم حرام والله يكونون فيها، فهم يشوهون ديكور لندن الجميل ويسيئون للذوق العام. في أحد الأيام وأنا أتناول إفطار الصباح مع صديق يمني شمالي اسمه قاسم يدرس الطيران الحربي "أيام اليمن يمنين ونص" في محل شاورما بالكوينز واي الموجود بجانب محل التزلج على الثلج، وجلس بركن غير قصي عنا رجل بطيني ضخم يلبس ثوبا بني اللون وشبشب حمام وأنتم الكرامة، شكله كأنه طفل ضاع من أمه فكبر في مكانه ومع الزمن انتفخ حتى شاب شعره. أثناء تناول الشاورما الساخنة الملفوفة بالخبز العربي الحار والطازج ذي العبق الشهي والمحشو بمخلل الفلفل التفاحي اللون، لاحظت وأنا أتحدث مع قاسم عن فوز المنتخب السعودي لأول مرة بكأس آسيا، أن ذلك الشخص الغريب الشكل والأطوار والشبيه بشدة بالممثل الراحل محمد رضا مشغولا باستراق السمع منا ويرقب كل كلمة نتفوه بها، بل أنه عيناه جحظتا عندما قلت بأن شريط فيدو مباراة كأس آسيا والتي فاز فيها منتخبنا عام 84 سوف يصلني غدا من السعودية مع شحنة الطائرة العسكرية التي تأتي تباعاً للملحقية العسكرية في لندن. لم يكن هنالك قنوات فضائية ولا انترنت وكان المتداول في تلك الأيام الغابرة المغبرة هي أشرطة الفيديو من نوعي JVC و VHS، لذا لم يعد مسترق السمع يكتفي بالتلصص بل قفز من منضدته وهو يرفع طرف ثوبه تماما مثل الفنان محمد رضا، ودخل بكل ما أوتي من دفاشة معنا في الحديث وبدأ بتعريف نفسه أخوكم محمد رضا السكرتير الثاني في السفارة السعودية، منورين والله، مبروك فوز المنتخب، أنا وأنا وأنا ...وأخذ يعدد مناقبه وبطولاته التي خاضها في الأحلام لما صدع رأسي. وفي نهاية المطاف سأل عن شريط الفيديو وقال ممكن نشوفه سوا، قلت ممكن جدا، بس أنا أحتاج أن أشتري جهاز فيديو أولا لكي نتفرج عليه، رد قال أنا عندي فيدو، قلت حلو، أتيت بالشريط لاحقا حسب الاتفاق وأخذه مني وقال خلاص تجون في الليل الساعة 8 نتفرج. جات الساعة ثمان وطرقنا عليه باب شقته، كان يسكن العمارة التي فيها محل الشاورما فوق الاسكيتنق، لكن للأسف لم نجد إجابة، وراح اليوم الأول والثاني وما لقينا الأخ، أخيرا رأيته في المطعم وقلت وين يا عمي اختفيت، رد علي بكلام ما له علاقة بموضوعنا أبدا " أنت شفت أحد أطيب مني؟، آذيتك بشئ؟، وأضاف أنا خطيبتي في جدة ردت لي الساعة إلي أرسلتها في البريد هدية لها، وأظهر لي الساعة من جيبه حسبتها شباصة شعر من أبو ريالين،"، والله خلاني أنسى موضوع شريط الفيديو وقلت يا أخي هذي ساعة واحد يرسلها من لندن لخطيبته، المفروض تروح بوند ستريت، وإلا هارودز وتأخذ شيء مميز، وش ذي، نعن أبوك لو جدتي شرتها من سوق الصورايخ في جدة كان ما ركبتها سيارتي، هو ما صدق إنه ضيعني بالكلام، وقال خلاص بسمع نصيحتك وأروح اشتري لها ساعة الآن من بوند ستريت، مع السلامة. لكني استدركت إنه ما رد لي الشريط، وتأكدت انه أفاك أثيم، قلت كلمة واحدة بترد الشريط وإلا لا يا محمد يا رضا، قال "أصله علق في الجهاز والجهاز عند المصلح" ما خليته يكمل، وتركته يذلف وهو رافع ثوبه كأنه كرته ، بس عرفت وش دواه هالخرتيت .

في اليوم الثاني رحت للسفارة السعودية وقابلت السفير وقلت له على حكاية السكرتير الثاني وكيف شلح علينا شريط مباراة المنتخب، وأنه لم يعيد الشريط، تعجب السفير كيف من الممكن لسكرتير السفارة أن ينزل لهذا المستوى من التعامل مع الناس، لكن بحنكته وخبرته قال لي لا تنبس بشفة واتبعني نذهب لمكتبه، دلفنا لمكتب السكرتير الثاني المزعوم ورأيت إنسان يختلف تماما عن محمد رضا المأفون، رأيت إنسان محترم ومهذب اسمه سليمان المتروك، وقدمه السفير لي وقال، هذا الأستاذ سليمان سكرتير السفارة الثاني وهذا نديم ولد أبو نديم، تعارفنا وتبادلنا المجاملات ثم ما لبثنا أن عدنا لمكتب السفير، وقال لي بابتسامة تعلوها الشفقة علي، أكيد ليس الشخص الذي تبحث عنه، قلت طبعا وش جاب الثرى للثريا، هذا شكله محترم هذاك أصالا استغربت يكون سكرتير ثاني أو سكرتير في مدرسة، سألني ما عرفت اسمه أو أي شي يدل عليه، قلت اسمه محمد رضا، رد اش قلت، محمد رضا، الله لا يعطيه العافية، روح يا ابني انزل تحت في القبو وناده لي، نزلت وتحت الدرج لقيت محمد رضا لابس طاقية لها أذنين وفي أعلى الأذنين كرة صوف منتفة كي تقيه من قسوة البرد في القبو، وسرعان ما حاول الهروب مني عندما لمحني قادم إليه واتجه نحو حمام صغير يصنعه الانجليز عادة تحت الدرج أو يستخدم أحيانا كمخزن، تبسمت من شكله وهو يحاول الفرار وقلت تعال يا سكرتير الغفلة وكلم السفير يبيك ضروري، طلع ويقول أنت وش سويت، شكلك خربت بيتي، في ستين داهية المنتخب والشريط ووو، دخل على السفير وقال له جملتين فقط، نقلناك للعمل في غينيا بيساو بعد شهر جهز حالك، بس لا تنس ترجع الشريط لنديم قبل ما تسافر،،، ورجع الشريط لي في نفس اليوم مساءً، وأصبح محمد رضا يلطم ويولول ودعاني للعشاء في مطعم إيراني في أيرلز كورت وهي منطقة يسكن بها ويملكها الكثير من أخواننا من دولة قطر الحبيبة لقلبي، وطلب مني أن اشفع له عند السفير، كسر خاطري الصراحة ما كنت ناوي أسبب له أي أذية بس هو السبب. رحت للسفير بعد يومين وقلت له سامحه عشان خاطري، رد علي إلي سواه انتحال شخصية مهمة في السفارة وأنا ماني رايح أنقلة أنا عندي عجز في الموظفين، بس خليه يخاف شوي عشان يتوب، رحت بسرعة بشرته، وهو ما صدق راح لكبينة تلفونا لندن الحمراء واتصل على أمه الست فتو وقال يا ماما باركيلي، ماني رايح أكون سفير في غنيا، أنا بكمل سكرتير أول في السفارة في لندن !!!!!.

في أحد الأيام الشتوية وأنا أتناول حبات الكستناء التي كانت تشوى فوق عربات منتشرة بكثرة في تلك الأيام خاصة أيام الشتاء في البيكاديلي سيركس، وهي عربيات شبيهة بعربات الذرة في مصر وجدة، والبيكاديلي منطقة مهمة في لندن وتقع في وسطها تماما وتربط أهم الشوارع بعضها البعض، مثل ريجينت ستريت المليء بالمحلات الراقية والمفضلة لدى الملكة إليزابيث الثانية في التسوق، وشارع البيكاديلي العريق المليء بالفنادق الفخمة والمطاعم الراقية، ومنطقة الويسد اند الشهيرة بمتاجرها العتيقة من القرن الثامن عشر، وليستر سكوير الغنية بالمسارح ودور السينما والأوبرا، ومنطقة سوهو المليئة بالمواخير والنوادي الليلية، لمحت أثناء ذلك شخصا أعرفه حق المعرفة اسمه "وسيم مذاكر"، وهو يعمل أجيراً لدى عائلة راقية تمتلك الشركة السعودية للدفاتر والتسويق ومجموعة شركات "تحت السواهي دواهي" المتخصصة ببيع الماركات العالمية من الملابس، وهو مسئول عن الشركة في أحد مناطق المملكة. الولد بدأ العمل من الصفر في بزنس تلك العائلة وكان يذكر لنا أول ما بدأ العمل أنه قام بمرافقة العمال لتوزيع الدفاتر على مدن أحد المناطق وفي عز الحر دون مكيف لمدة ثلاثة أشهر، ينام في القهاوي أو المساجد، حتى أثبت وجوده فأصبح المدير العام بعد سنة واحدة فقط. أما العائلة التي كان يعمل لديها أجيرا فقد أسسها في الأصل صحفيان درجة ثالثة أو رابعة، أحدهم كان أكبر همه هو متابعة أخبار الفنانة شريهان أيام عزها أو كتابة شعر ركيك مهلهل، مثل حبيبتي أحببتها وحبتني، ولما حبتني قلت لها هيا إلى المأذون يا حبيبتي، لو صنفت شعره لجنة نوبل للمصالة والسخافة لأستحق الجائزة الأولى عن جدارة!!!!، لكنهم كانوا من ناحية أخرى أصحاب بزنس مبدعين لأقصى درجة. أصبحوا بعد ذلك من المعارضين أيام الملك فيصل رحمه الله وذهبا للعيش في لبنان، وبعد مدة عندما رجعت الأمور لمجاريها، قام كمال أدهم مدير الاستخبارات السعودية بتوظيفهم وفتح لهم دفتر وجه-ووجه في لندن بمائة مليون دولار ليكون بوقا سعوديا حديثا يعمل على النفط ليخرس جميع الأبواق التي كانت تعمل على الفحم الحجري، وهو ما حصل بالفعل. سلمت على وسيم وقلت وش إلي جابك وسط الشتاء إلى لندن، أخبرني بكل زهو أنه قادم من البرتغال بعد أن دشنوا أكبر مصنع في العالم لتعليب السردين لصالح الشركة الأم، وهو في إجازة هنا لمدة أسبوع. رحبت به ورافقني للشقة وتغدينا سويا، وفي الليل قال نريد أن نذهب ونغير جو باقي لي خمسة أيام فقط في لندن، قلت حلو، الليلة ويكيند سأتحدث مع جاكو صديقتنا اللبنانية الأنيقة، وأبدت موافقتها بعد أن عرفت من هو الضيف، وأن شركة ماكس مارا في السعودية تتبع جزء من الشركة العملاقة التي يعمل بها أجيراً، كما دعوت صديق آخر اسمه مسفر ولد الوادي وصاحبه المغربي. تقابلنا في محطة البيكاديلي سيركس في الساعة العاشرة مساء واتجهنا نحو ملهى هيبودروم في الركن المواجه لمحطة لسترسكوير، والمكان مصمم مثل ملاعب كرة اليد أو الطائرة المغلقة، أي أنه مكون من دورين حيث يمكن لمرتاديه الجلوس في كلا الدورين. دخلنا الهيبدروم وتحلقنا حول المنضدة الأنيقة وطلبنا سندوتشات وعصائر بينما لم يطلب وسيم شيئا، ومن وقت لآخر كنا نتجول في أرجاء الملهى وفي تلك الأيام كان المكان مليء بالبانكس وهم حركة شبابية ظهرت في بداية السبعينات تمثل الشباب الثائر على كل التقاليد وخاصة المتعلقة بالمظهر، فترى وجوههم وقد لطخت بالألوان البراقة والمخيفة وقصات شعورهم كسنام الديناصور ولا يهتمون بالنظافة الشخصية البتة، وقد اندثرت هذه الحركة مع نهاية الثمانينات الميلادية، كنا نقوم بالتصوير معهم والحديث كفضول منا لمعرفة كيف يفكرون ولماذا يلبسون هكذا، وعندما رآها أحد أصحابي في السعودية لاحقا، لم يستسغهم وقال هؤلاء هم حطب جهنم، معه حق. رجعنا لمنضدة الطعام ولم نجد أثر للطعام ولا للعصير فطلبنا المزيد ضنا منا بأنه قد تناولها بعض المساطيل هنا أو بعض البانكس، بالرغم من أن البانكس أناس مسالمون. بعد مدة أخبرتني جاكو بشئ غريب وقالت، دخلك هيدا وسيم مدير كبير زي ما خبرتني، أجبتها نعم وبكل تأكيد، قالة ييي شبه عم ياكل آكلنا ويزط العصير زط، قلت مش معقول يا جاكو تظلمين الرجال، قالت تعا وشوف بعينيك. قطعا لم أصدق ما سمعت لمعرفتي بمن يكون وسيم، لكن جاكو وضعت خطة محكمة لكي أرى بأم عيني، نزلنا للدور الأرضي والذي توجد به منضدتنا وطلبنا أشهى المأكولات والعصائر مرة أخرى وآخر مرة، ولم نأكل أو نشرب سوى القليل منها، وابتعدنا ونحن بين ضحك وحنق عليه للدور الثاني وبدأنا بعملية المراقبة عن كثب، بقينا في الأعلى للحظات، مسفر ولد الوادي يرقب من الميمنة وصديقه المغربي في الميسرة، بينما وقفت جاكو ترقب في المقدمة وأنا أحمي المؤخرة، وشاهدنا وسيما متلبسا وهو ينظر ذات اليمين وذات الشمال قبل أن ينقض كجارح على فريسته ليأتي بزمن قياس على جميع السندوتشات وشفط العصائر ولم يبق لنا سوى قطمير هنا أو قطمير هناك، لا ينفع حتى لذر الرماد في العيون. تأكدنا الآن أن أشعب أو وسيم يستحق العقاب لأنه إنسان مستلطخ من قلب، ولو كان لدي نبال لرميته من أعلى بالسهام، والذي أغاظني أكثر أنه ولد نعمة، لكن ما ذا أعمل الآن وقد خذلني أمام أصحابي وأمام جاكو بالذات. قال مسفر لدي الحل، قلت هات ماهو، قال أنا سوف أؤدب صاحبك المستلطخ بس عطني محفظتك، قلت ليه محفظتي بالذات يعني، قال بقلك بعدين أنت تستحي بس أنا ما بستحي منه، أعطيته المحفظة وبعدين فتشني لقي بعض الباوندات فأخذها. أنهينا الحفل بسرعة واقترح مسفر أن نذهب إلى مطعم فخر الدين الراقي لنتعشى عشاء فاخر وليس سندوتشات لا تسمن ولا تغن من جوع، وافق الجميع وكان أكثر المتحمسين وسيم، لأنه رأى عرضا مغريا جديدا وهو بالتأكيد مجاني حسب اعتقاده. وصلنا فخر الدين في البيكاديلي ستريت ومن زبائنه أكبر أمراء وشيوخ الخليج، وطلبنا مقبلات مما لذ وطاب، كبة نية لأول مرة أذقها في حياتي واستمرت عليها للآن في المحلات الراقية فقط لأنها لا تأكل في المحلات غير النظيفة، وطلبنا جميع أنواع المشوي المحمر والمشمر التي تكفي لعشرة أشخاص وحلى وغيرها ولم نأكل نصف الطعام الذي طلبناه. عند الحساب قال لي مسفر ولد الوادي، نديم هل يوجد لديك مال لدفع الحساب، عندها عرفت مغزى مسفر من أخذ محفظتي حتى لا أشعر بالحرج وأضطر للدفع، قلت والله ليس في جيبي بنسا واحدا، قال يا للخسارة، حتى أنا لم يبق لدي شيء، لقد صرفت جميع ما لدي في الهيبدروم، نظرت لوسيم وكأن أباجورة المطعم قد وقعت فوق رأسه وأخذ يشرب الماء وكأنه يتجرع السم، بعد أن عرف المقلب المرتب بدقة من مسفر، وأخرج بيده التي ترجف رجف المكينة من جيبه بطاقة أمريكان اكسبريس ذهبية تلمع لمعانا شديدا، لأنها والله العالم لم تستخدم أبدا. وعندما سحبت البطاقة على الجهاز أصيب جسمه بقشعريرة شديدة وضحكنا عليه حتى الثمالة. عندما عدنا في التاكسي نحو سكن مسفر كنا نغني ونرقص في التاكسي أغنية محمدعبدو، إبعاد كنتم ولا ولا قريبين المراد إنكم دايم دايم سالمين، ووسيم ضارب بوز لا يشاركنا الأفراح وفي وادي آخر تماما. وعندما توقف التاكسي كان الحساب ستة جنيهات، وقال لنا وسيم الزعلان، يا الله يا نديم ويا مسفر كل واحد 2 باوند عشان ندفع ستة باوند للتاكسي، ضحكنا وقلنا يا حبيبي قلنا لك ما عندنا فلوس، فلوس ماكو، بيسه نهي، أنت ما في معلوم كلام ، قال يا حبيبي خلاص المقلب وأكلتوني إياه، ودفعت أضعاف مضاعفة ،من الحين ورايح الحساب يكون فيفتي فيفتي، انفجرنا من الضحك عندما اعترف بكل صراحة وقلت لمسفر وجاكو يا عمي هذا ولد جدة ما تضحك عليه إلا برضاه، عطيني محفظتي يا مسفر

يتبع

مشاري بن نملان الحبابي 02-04-2010 06:28 PM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
كأني بك أخي نديم قد أعدت طرح هذه الحلقة مرة أخرى ..

نديم الهوى 02-04-2010 07:18 PM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
آسف على إعادة الحلقة السابقة



الحلقة الثامنة



سامح محمد، شاب مصري شبيه بالمخرج الأمريكي وودي آلان (Woody Allen) يعمل في فندق اسمه بارك لودج هوتيل في شارع INVERNESS TERRACE، خلف شارع الكوينز واي، وبينه وبين الهايدبارك أقل من 50 متر. تعرفت عليه في أحد الأيام وأنا أسير من أمام الفندق الصغير الذي يعمل فيه وحيدا كعامل استقبال واستدبار وجامع للغلة وسارقها في نفس الوقت. الفندق كان أقرب منه للشقق المفروشة المنتشرة في كل مكان في السعودية، وهو فندق وضيع وقديم ومتهالك لم تطله يد الصيانة من العصر الفكتوري، والعصر الفكتوري هو الحقبة التاريخية التي حكمت خلالها الملكة فكتوريا من العام 1837 وحتى العام 1901، وتعد بالمقارنة مثل فترة هارون الرشيد بالنسبة للخلافة الاسلامية من حيث الازدهار والتقدم والرقي في شتى المجالات، وأكثر مباني لندن التاريخية الحالية يطلق على تصميمها الطراز الفكتوري نسبة للملكة فكتوريا. والفندق من أملاك سيدة كبيرة في السن دردبيس مقطوعة من شجرة حنظل تمشى على عكاز، وتحتاج نصف نهار لطلوع أعلى الفندق، وعندما ترغب في النزول يقوم سامح محمد البهلواني بزحلقتها فوق قطعة بلاستيكية شبية بالطشت من أعلى الدرج لأسفله، وهو اختراع يسجل لعائلة سامح حيث يقول أن جده الأكبر أول من سن الطريقة في عمارة تابعة لهم موجودة في بولاق الدكرور، وهي أشق مهمة بالنسبة له ويتمنى في أعماق قلبه أن يأتي يوم ويطلق العنان للطشت فلا يقف بها إلا عند الحانوتي. وعندما تنتهي مهمته الشاقة اليومية يجلس طوال النهار، وينام طوال الليل في الرسبشن للاشراف على تأجير الفندق واختلاس مايمكن اختلاسة من الأموال 24 ساعة في اليوم و 7 أيام في الأسبوع. وأكثر ما يختلس الباوندات من الزبائن الذين يطلبون السكن لعدة ساعات فقط ثم يغادرون الفندق، فيساومهم على السعر وفي بعض الأحيان يرضى بسرقة خمسة باوندات فقط، وباوند على باوند يعمل كثير على رأيه.

الفندق يحتوي على 55 غرفة، وبعد أن توطدت صداقتي معه، سألني عما إذا كنت أعرف أحد من التجار السعوديين ليقنع صاحبة الفندق العجوز المخرفة بأن تبيعه "بتلات اربع مليون قنيه انقليزي" وهي صفقة مربحة جدا فيكفي موقع الفندق بجانب حديقة الهايدبارك بالاضافة لدخلة المربح حتى مع سرقاته المتكررة. أخبرته بأن أبي سوف يأتي عن قريب لزيارتنا وسوف أعرض عليه الموضوع. عندما حل علينا شهر رمضان المبارك عرجت على سامح محمد بعد الإفطار وطلبت منه أن يرافقني لنتجول في الليستر سكوير، فقد افتقدت الأجواء الرمضانية والتسلية في الليل الطويل ولم يكن يوجد في لندن مثل الآن محلات معسل وقهاوي عربية ومن غير المعقول أن أذهب لملهى للسهر في هذا الشهر الفضيل ولم يكن هنالك حل سوى التسكع بالليستر سكوير. لكن سامح محمد رد علي وقال "اللهم إني صائم يا عم أنا مستحيل أروح معاك"، قلت يا عم سامح، حيرتنا معاك، تلطش المعلوم كل يوم من العجوز المسكينة بيدك الخفيفة والحين تقول اللهم إني صائم، على راحتك أنا بروح لوحدي. وفعلا لم يرافقني طوال شهر رمضان، وربنا يزيدك ايمان كمان وكمان يا سامح يابن محمد ويتوب عليك من المال الحرام. وبعد العيد، زارنا أبي واهتبلت الفرص وعرضت عليه شراء الفندق من المرأة العجوز، وكنت أتحدث معه وأحاول أن أقنعه بأي طريقة، كان يستمع لي ولا يتكلم لمدة نصف ساعة، بالغت في أهمية المكان والسعر "تلات اربع مليون قنيه" على رأي سامح محمد، وفسرتها لأبي بأنها ثلاثة أو أربعة ملايين جنيه استرلين، ولا زال سعر الاسترليني 4.3 في تلك الأيام. لم يرد علي أبي وكنت أتوقع أنه لا ينصت إلي، لكنه قال أنا لم أرد عليك لأني عارف من البداية ماذا تريد أن تصل إليه في النهاية، تريد أن تتفاخر غدا عند راشد الماجد ونبيل ومحمد وليد بأنا نملك فندق في لندن، بغض النظر عن صحة الاستثمار، أبديت امتعاضي من استنتاجة، بالرغم من اقراري بصحة ما قال في داخلي، بيد أني طلبت منه مرافقتي ليحكم بعينيه ويتعرف على الرجل الأمين (ادعيت لأبي أنه أمين ومصلي، ولم أنس أن أذكر له عندما قال لي "اللهم إني صائم" في رمضان خشية رؤية المعاصي والفتن ما ظهر منها وما بطن في منطقة الليستر سكوير. عندما وصلنا للفندق تفحص أبي الفندق جيدا، وتفحص سامح أكثر من الفندق، وعدنا للغداء في مطعم ايطالي في ركن ادجوررود مقابل مطعم رنوش للوجبات السريعة، الآن حل محله مطعم مروش اللبناني، في المطعم كنت أنتظر رأي أبي وكنت أتمنى أن يكون من أعماق قلبي أنه وافق على شراء الفندق، لكن أبي أصيب بنوبة ضحك لا تنقطع، كل دقيقتين ودون سبب وجيه لي، كلما سالته ها بشر وش رأيك نقول مبروك؟ بتشتري الفندق، عجبك السعر والموقع؟، وكلما حاول أن يبدي رأيه ينفجر من الضحك مجددا، أسأله فيستجمع قواه ويحاول أن يرد علي، ثم يعود للضحك مرة أخرى، تضايقت من تهكمه علي وعدم اعطاء أي اعتبار أو اشراكي في الرأي على الأقل في استثماراته، فأنا ابنه ومن حقي عليه أن اشاركه في إدارة ثروته، وهذه فرصة استثمارية أتيت بها له على طبق من ذهب له وهي فرصة استثمار في بريطانيا كي نتوسع عالميا

. بعد أن قلت نتوسع عالميا لم يعد أبي يطيق أكثر وذهبت عنه نوبة الضحك خاصة أن الكلمة وسيعة شوي وما قدري يصرفها، قال يا ولدي يا نديم يا مفتح اسمعني جيدا ولا تنصدم، أولا صاحبك هذا الي تقول إنه مسلم وأمين "واللهم إني صائم" مسيحي الديانة، مع إحترامي لكل الأديان، قلت نعم شلون مسيحي هذا صاحبي وأنا أعرفه من مده وكيف مسيحي واسمه سامح محمد، رد وهو ينظر إلي بشفقة، يا ولدي اسمه سامح حنا وليس محمد، وهو ما كذب عليك بس أنت طاير بالعجة، بعدين "تلات اربع مليون قنيه" إلي قالها لك بأنها سعر الفندق ما كان يقصد ثلاثة أو أربعة ملايين جنيه، يقصد ثلاثة أرباع المليون، يعني يا فهلوي يعني 750 ألف جنيه استرليني فقط

. أم الحالة، أم الحالة، كم فولط من الكهرباء أحتاج يا عالم الآن بعد هذه الصدمة لأسترجع توازني وثقتي بنفسي، يا دي الفضيحة يا أولاد، كيف بس أتخلص من المأزق الذي وضعت نفسي فيه أمام والدي، والله صارت رقبتي أد السمسمة وانصدمت من سذاجتي وإني مسوي روحي" بزبز مان"، وتوسع دولي أو عالمي، يا حلاوة حلي. تفشلت والله فشيلة صرت بعدها ما أقدر أناقشه بأي موضوع تجاري لمدة سنوات بعد هذي الحادثة والتي كان يحلو له عندما يريد أن يمازحني بكلمة "توسع دولي"ههههه. لم أستطيع تناول شي من الطعام وكان المطعم الايطالي مطعم راقي ويتجول بين الزبائن موسيقي ايطالي يعزف على آلة الأكورديون(accordion) للزبائن، وهي الآلة التي تحمل فوق الصدر ويسحبها العازف للخارج بكلتا يديه ثم يعيد يديه للداخل بتماوج فتصدر ألحانا جميلة، لكني لم أكن رائق له وعندما اقترب مني وأخذ يدق فوق رأسي زجرته وقلت إذا لم تبتعد عني سوف أحشرك داخل آلاتك المزعجة، فهرب لأبعد منضدة مني وجلا من هذا الاعرابي الجلف الذي لا يقدر قيمة الموسيقى. ذهبت من فوري دون أن آكل شيء لسامح حنا، وحييته بتحية ما قبل الاسلام، أي تحية أهل الجاهلية، وقلت له عمت مساء يا هذا، أأنت رجل مسلم أم ماذا أجبني في الحال أيها النكبة، قال مسيحي يا عم فيها حاقة، قلت لا على عيني وراسي، بس كيف تقول ان اسمك سامح محمد، رد قال ما عمري قلتلكش محمد، أنا بأقولك سامح حنا وأنت تسمعها محمد، يبقى المشكلة في وذنيك . طيب، كيف تقول "اللهم إني صائم" قال لا، ذي الجملة بالذات بقى متعلمها منكم يا مسلمين وهي حلوة ومعبرة وإلا إيه رأيك يا هندسة. عدك العيب والله يا واد يا سامح يا بن حنا المعمداني، يا بتاع التلات ورقات أنا الغلطان، والله زين ما عرفتك على أخوي السلفي وقدمتك له على أنك مشروع مجاهد محتمل الذين "نحسبهم كذلك والله حسيبهم". لكن صداقتي مع سامح الطيب استمرت وكأن شيء لم يكن بالرغم من أنه نصاب فقد أحسست أنه لما يتعرف على سعودي أو خليجي جديد يلحن في القول عندما يعرف بنفسة فيجعل اسم سامح حنا أقرب لمحمد، فهو يلحس بعض الحروف كما يلحس الفلوس التي يسرقها...خخخخخخخخ

الفندق اشتراه شخص لبناني ب 750 ألف وباعة بعد عام 1998 ب 12 مليون جنيه ولا أعلم سعره الآن، ولكن قد يصل 18 مليون جنيه، وهذا عنوانه لمن يريد أن يقوقله، أي يبحث عنه في قوقل Park Lodge LONDON INVERNESS TERRACE.


من كثرة جلساتي مع سامح حنا في فندق بارك لودج هوتيل تعرفت على شاب سعودي يدرس في برايتون وكان قادما ليقضي اجازة اسبوعين في لندن وسكن أول يوم في الفندق، وبعد أن توطدت معرفتي به انتقل للسكن معي في الشقة توفيرا للمال وكسبته كصديق جديد فال الدنيا ويحب أن يتمتع بمباهج الحياة، كان أخي المريض قد ادخل المستشفى للتنويم في تلك الفترة. اسم الشخص هذا هو فتى النسيم، تجتمع في الكثير من المفارقات، فهو مرة إعرابي أحمق في تصرفاته، وفي بعض الأحيان انسان سريع البديهة ويعرف من أين تأكل الكتف والرقبة، وهو بالرغم من بداوته الداخلية المتأصلة فهو حليق الذقن والشنب وايطالي الملبس والمظهر إذا حافظ على فمه مغلق، لا يستقر في مكانه كأنه بندول ساعة يتحرك ذات اليمين وذات الشمال ولديه سيارة انجليزية Classic Austin Maxiعتيقة صدئة، يوجد في جانبها الأيسر الخلفي فتحة مصدية أكد لي بجدية أنه يسكن داخلها فأر وحرمه، وليس لديهم أطفال، فهم مصابين بالعقم على حسب كلامه، وموديل السيارة يعود للستينات الميلادية، وهي مليئة بالمخالفات المرورية، لن أبالغ اذا قلت أن لديه أكثر من 800 كرت مخالفة مرورية، وكان يحتفظ بالمخالفات في شنطة سيارته الخلفية كذكريات، فهذه المخالفة يتذكرها بحنين وشوق منقطع النظير، فهذه المخالفة مثلا حصل عليها عندما أوصل صديقه العزيز للمطار ووقف في مواقف التكاسي، والأخرى عندما وقف فوق فتحة المان هول" غطاء البالوعة" بعد أن أزاح من حولها المثلاثات التحذيرية، وقف فوقها وكان يشتغل أحد الانجليز تعيسي الحظ داخلها، وسرعان ما حصل على مخالفة ولحق على سيارته قبل أن تأتي (السطحة) لسحب سيارته وانقاذ الانجليزي تعيس الحظ في الحفرة، عندما رأيت كمية المخالفات في شنطة سيارته هالني كثرتها وكن أعتقدت أنها كوبونات مسابقة شهر رمضان. بعد أن عرفته أكثر أدركت أنه ليس سوى دبوس متنكر بهيئة طالب وهو لا يدرس ولا يعمل ولا يهتم بالقوانين ولا المخالفات، أهم شئ عنده هو السهر والضحك وشرب العصير، وفي الليل اظطر للسياقة بدل منه، فهو لا يستطيع القيادة في الليل بالرغم أنه لم يكن لدي في تلك الأيام حتى رخصة قيادة سعودية. ذكر لي في يوم من الأيام أثناء تجاذبنا أطراف الحديث أن لديه محل يسمى تسجيلات النسيم، على ما أعتقد في شارع الأربعين، بحي النسيم. في أحد الايام وأثناء تجولنا في بالقرب من تريكاديرو وهو محل يوجد في البيكاديلي ويحبه المراهقين من العرب لوجود الألعاب الالكترونية والبلياردو وسيارات التصادم وغيرها ويوجد به مركز غينيس للقياسات العالمية، دخل فتى النسيم على محل شاورما مصري مقابل التريكاديرو وسأل هل يوجد لديك طعام بخمسين بنس فقط، نظر إليه العامل المصري متعجب من هذا العربي المفلس الذي يشحذ الطعام واعطاه سندوتش شاورما مجاني وفلافل وبيتزا وعلبة بيبسي. استأت من طريقته في الطلب، وقلت له يا أخي ليش تشحذ منه بهذي الطريقة، إنت ما عندك فلوس؟ قلي ولا تفشلنا قدام الرجال يحسبنا ألحين شحاذين، لذلك لما عدنا للمنزل طلب مني سلفه يمشي فيها حالة حتى نهاية الشهر، وكنت ذيك الأيام من كثر الفلوس أخفيها في المخزن تحت بطانية نوم عتيقة غير الي في البنك والي يجيبه أبوي وأخوي الكبير لما يزورنا كل شهر من السعودية. وعادة اخفاء الفلوس تحت البلاطه وفي الحمام، وتحت السيفون ومثلي في المخزن، عادة سعودية وخليجية قديمة وتعتبر ماركة مسجلة في الأزمان الغابرة أثناء السفر، لعلها فوبيا السرقة التي يحذرون منها بعضهم بعض قبل الشروع بالسفر، فهم يسمعون دوما بأن الأجانب يسرقون الكحل من العين. كان السعودين وخاصة الحديثي عهد بالسفر عادة يخفون أموالهم المنقولة داخل الشراريب، بل أن بعضهم يتمنى لو أنه كان يمشي على أربع لكي يكون لديه مساحة تخزين أكبر، خخخخخ، وعندما يحاسبون يظطرون للركوع وفتح الشراريب والتي تكون عادة من النوع الرديء والرخيص واخراج القدر المطلوب من الفلوس. آخر مرة رأيت سعودي يخفي الاموال في حوافره، قصدي في رجلية كان في دولة مصر الحبيبة، وهو شخص من سامطه، حشر عشرة آلاف جنيه مصري دفعة واحدة في شرابيه وكان لون شراريبه لون غريب مثل لون العصفر، لا أعلم هل هو زيادة في التمويه مثل ما يفعل المحاربين في الغابات أو أن هذه هو اللون المتوفر في سامطه وأحد المسارحة. الأخ كان رابط الشراريب بسلك مقوى بالبلاستيك، مثل السلك الذي يلف فيه كيس الخبز اللبناني،خخخخخ، وهو يمشي وعيناه لا تبتعد عن كعبيه، فكثير ما يصدم بالمارة، ويقول للرجل آسف يا مزموزيل، يحسب مزموزيل تستخدم للرجال والنساء. ما أطول عليكم، أخرجت ألف جنيه من تحت البطانية وأعطيته فتى النسيم، ثم صحوت من النوم في اليوم التالي ولم أجد أثر لفتى النسيم، كأنه فص ملح وذاب، بحثت عنه في فندق سامح حنا، ولم أجده وبعد مدة ادركت أنه نصب علي وطار بالألف باوند ومن المستحيل أن أجد له أثر بعد ذلك، فلم أكن أعرف عنوانه ولست متأكد ان كان الاسم الذي عرف به نفسه صحيحا أم لا. بيد أني لم أستسلم وقررت أن أصل إليه مهما طال الزمن، وأصبحت أتردد على فندق بارك لودج أكثر من العادة، لأني قرأت مرة في أحد قصص شرلوك هولمز واسمها (مغامرة المشكلة الأخيرة (أنه لا بد للمجرم ومهما كانت ظروف الجريمة أن يعود لسبب أو لآخر لمكان الجريمة. وشرلوك هولمز يا أخوة يا كرام يعد من أعرق وأشهر محققي البوليس والتحري في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين ولديه اسلوب رائع في فك الأحجيات البوليسية أذهلت القراء عندما قدم أول رواية له في العام 1878، واشتهر بمهارته الشديدة في استخدام المنطق والمراقبة لحل القضايا. وقد ألف أربع روايات، وستاً وخمسين قصة قصيرة، ولمن أراد أن يزور بيته الذي انطلقت منه جميع الروايات والقصص المشوقة، فهو على بعد عشر دقائق من ادجوررود إن كنتم فاعلين، والعنوان هو المنـزل رقـم 221 ب، بيكر ستريت بالقرب من المركز الاسلامي.
ولكن للأسف لم تفلح كل خطط شرلوك هولمز في القبض على فتى النسيم، وكيف تفلح الخطط ولم يفلح بوليس لندن ولا الاسكتولانديارد أن يلقي القبض عليه وفي رقبته أكثر من 800 مخالفة مرورية. لكن لأن فكرة القبض عليه واسترجاع اموالي كانت بالنسبة لي مسألة مبدأ، استطعت أن أتغلب حتى على شرلوك هولمز في الكشف عن موقع المجرم وتتبعه بطريقتي الأكثر تعقيدا وحبكة، فقد اقتفيت أثر فتى النسيم ولاحقته خلف البحار والبراري والقفار وقطعت قارة أوربا وأفريقيا وأسيا حتى أصل إليه في حي النسيم في الرياض. وقصة المطاردة المعقدة بدأت عندما عدنا للسعودية لانقضاء فترة العلاج، وبعد سنتين تقريبا من وقوع حادثة النصب، حيث كنت في زيارة خاصة لمدينة الرياض بسيارتي السيلكا موديل 86، فتذكرت خيطا موسيقيا، اقصد خيطا رفيعا سيدلني حتما علي المطلوب فتى النسيم، ألا وهو تسجيلات النسيم، نعم تسجيلات النسيم التي أخبرني بها سابقا وقال أنها تخصه، قد تكون زلة لسان منه أوصلتني له بعد سنتين. اعتصرت ذاكرتي الضعيفة لأقصى حد وتذكرت أن المحل يقع في شارع الأربعين في حي النسيم. وصلت للموقع بعد أن سألت كما هائلا من الملاقيف، كل ماسألت شخص معين أجابني بنفس الوقت سبعة أشخاص فلا أدري لمن أستمع، المهم وصلت الوكر، اقصد التسجيلات ووجدت بائع يمني الجنسية سألته عن فتى النسيم، وأشار بسبابته نحو رجل يختلف تماما عن فتى النسيم يضع شماغ برتقالي اللون على كتفه الأيسر وطاقية زري عتيقة بالية الخيوط ومنتفة وله شنب يقف عليه القنفذ ويعتمر ثوبا كويتينا أصفر مغبر. اقتربت منه وعرفني بسرعة عكسي أنا، وفغر فمه بابتسامة بلهاء، والله لم أعرفه إلا من اسنانه البنية اللون بسبب أنه بطنه قد انتفخ منذ صغره بشرب مياه الآبار الصحراوية المليئة بكمية عالية من الفلور ولم تنفع بعدها مياه ايفيان أو تلميع الأسنان في عيادات لندن لجعلها بيضاء كاسنان خلق الله. رحب بي فتى الوادي أيما ترحيب وأوجب لي ، يعني ذبح لي خروف للي لغته تمشي الحال، حتى أني خجلت أن أفتح معاه موضوع الفلوس، لكني استجمعت قوتي، وكلمة تستحي منها بدها على قولتهم، وسألته وين الفلوس يا فتى النسيم يا نصاب ليه هربت ثاني يوم من غير توديع ولا أحم ولا دستور، والله لو قلت لي ما أقدر اردهم كان سامحتك وأعطيتك زود بعد، قال نعم الفلوس في ذمتي والحمد لله إنك وصلت لي عشان تحللني، بس لازم قبل ما أردهم لك نسأل كم وصل سعر صرف الجنيه الاسترليني عشان تأخذ حقك كامل، يمكن نزل سعر الصرف، قلت يا عمي كان سعر الصرف 4.3 ضرب الف يعني أبي منك الله لا يهينك الحين 4300 ريال، قال لا، لازم نسال البنك أول شيء. رحنا بنك الراجحي القريب من محل التسجلات، وسألنا عن سعر الصرف وطلع السعر 6.2 يعني 6200، وبكذا ربحت منه الفين ريال دفعها عن يد وهو صاغر بعد أن حاول العودة للسعر الأصلي، ولكن أخذت من المبلغ وقلت له يا حبيي هذي أتعاب إدارية، هههه، او خخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخ .

يتبع

مشاري بن نملان الحبابي 03-04-2010 01:54 PM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
ما شاء الله .. ذا المصري مغير يلهط من فلوس العجيّز ..

في انتظار الحلقة القادمة ..

ابن عياف 04-04-2010 11:02 AM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
قد اكون متأخر عن كثير من الاخوان في قراءة هذه المذكرات اللندنية

للكاتب الكبير في طرحه واسلوبه

حيث انني في المذكرة الرابعه

إلا أنني استفدت كثيراً

وسألتحق بالركب المتابع لهذه السلسلة الرائعه

والتي حتى الآن ارى انها :

سيرة ذاتية

وتجربة حياة

ولقاء خاص

ولمحة من الماضي إلى الحاضرة

لمؤلف

كبير

ملاحظ : تمنيت لو انك سميت كل حلقه باسمها ووضعتها في موضوع مستقل لأن هذه العمل جبار
يستحق الاهتمام والمتابعه والرأي لك

فراس سعيد 05-04-2010 05:55 PM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
اسطورة حروفك تتالق لذا استمر لتحلق بنا فوق النوارس

الظور 05-04-2010 08:40 PM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
اخوي نديم الهوا

مساك خير وصباحك نور

لك طرح مبسط ورفيع

لقد قرآت الثمان حلقات حتى احولت عيناي ولم امل من اسلوبك الرائع

عشت تفاصيل هذه الرحله التي لم تترك فيها صغيره ولاكبيره الا اتيت بها في قالب جميل ينم عن ثقافه سلسله تنتهجها اخوي الغالي نديم

اشكرك عدد قطرات السحاب

مشاري بن نملان الحبابي 10-04-2010 10:16 PM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
ما زلنا في انتظار الحلقة التاسعة أخي نديم ..

نحن في انتظارك ..

نديم الهوى 11-04-2010 06:30 AM

رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
 
أخي بن عياف شكراً لك على المشاركة وبالنسبة لتسمية كل حلقة باسم،، قد يكون ذلك فعلاً أمر مطلوب، لكن لأني لا أرتب الحلقات وأكتبها بطريق السرد لم أفكر في ذلك، وقد أقوم بذلك عند القيام بنشر الكتاب الخاص بالمذكرات
فراس سعيد، شكرا لك على المشاركة وأرجو أن تقضي معها وقتاً ممتعاً

مشاري بن نملان شكراً على الإستمرار في المتابعة والتحفيز على الإستمرار



الحلقة التاسعة


كما ذكرت لكم في حلقة سابقة فقد أدخل أخي إلى عيادة هارلي ستريت كلينك لتردي حالته وتم تنويمه في الطابق الثالث في الغرفة رقم 333, وهذا الطابق خاص للمرضى الفي آي بي، واستمر تنويم أخي مدة ستة أشهر متواصلة، وكانت فاتورة المستشفى لوحده 500 ألف جنيه إسترليني دفعها جميعا الأمير سلطان بن عبد العزيز شفاه الله، وجعلها شفيعا له يوم القيامة. وهارلي ستريت عبارة عن شارع يقع في وسط لندن خلف محلات دبنهامز في اكسفورد ستريت ويمتد حتى شارع بيكر ستريت بالقرب متحف الشمع من الجهة المقابلة، وتشير السجلات التاريخية أنه في العام 1860، قبل نحو مئة عام من إنشاء "وزارة الصحة البريطانية إن إتش إس" كان يوجد في الشارع نحو 20 عيادة طبية، والآن وصل عدد الذين يعملون في المجال الطبي في الشارع نحو 3000 شخص. في تلك الأيام كان الشارع مليء بالعرب المحولين للعلاج فترى الكثير من المشاهير العرب وغيرهم من المرضى البسطاء الذين يتلقون العلاج في عيادات الشارع الشهيرة. كان اسم الطبيب الذي يشرف على علاج أخي الدكتور قولد مان، بريطاني الجنسية ويهودي الديانة ويعد أحد أفضل ثلاثة أطباء في العالم في علاج مرض اللوكيميا، أما الممرضات اللاتي يعملن في المستشفى فهن من أطيب وأرق ممرضات عرفتهن في حياتي في طريقة تعاملهن الإنساني مع المرضى، فهن يغدقن الحنان على المريض ويؤدين عملهن باحترافية عالية. أما بالنسبة للميزانية التي كنا نتمتع بها أثناء فترة العلاج في المستشفى فقد كانت مفتوحة على مصرعيها، لدرجة أنا كنا نطلب بجانب العلاج المكلف، ألذ أنواع الطعام من مطاعم لندن الشهيرة الإيطالية واللبنانية والفرنسية والصينية وكله على كله، بس أهم شيء نطلب عن طريق المستشفى، كما لم ننس أن نحلي بعد كل وجبة طعام دسمة بالأيسكريم أو الكيك أو الحلويات اللندنية المترفة وجلها تجلب لنا من سلفردجز لأنها حذفة عصى من المستشفى، وكله من خير الله ثم خير أبو خالد الله يشفيه يا رب. لذا رجعت حليمة إلى عادتها القديمة فازدادت حركة رجل الزوار للمستشفى لزيارة أخي، فلم نفرق بين اللوعى على حالته من الجوعى ، فاتفقت مع العاملين في المستشفى على عدم تقديم أكثر من الشاي للزوار حتى لو طلبنا أمامهم غير ذلك.

في المستشفى كانت هنالك ممرضة دبدوبة جميلة لونها وردي ووجها طفولي بريء وخدودها حمراء قانية، حبوبة تتكلم بصوت خافت جدا لا يكاد يسمع واسمها "دبي" سبحان الله دبة واسمها دبي ، دبي بكسر الداء والباء وليس بضمها أحسن شي بسميها "ديبي" عشان لا تتلخبطون مع مدينة دبي. مع مرور الأيام ومن طيبتها أصبحنا نتعامل وكأننا نعرف بعضنا منذ سنوات عديدة، وصرت أحب أن أمازحها وأخبل فيها وأجننها فأمسك خديها وأشدهما بقسوة، مثل ما عمل حسين الجسمي مع حليمة بولند، لكي أزيد من حمار خديها، كانت تستلطفني كثيرا وتحب بدورها مشاكستي طوال الوقت، وعندما أزور أخي، وبالرغم من أن أنه متشدد دينيا، إلا أن من طيبتها وقبولها لدى كل من عاشرها، كان يخبرني ويقول "ترى ديبي تسأل عنك من الصبح!! شفها في غرفة الممرضات ازعجتني كل شوي داقه الباب علي" كنت أجلب لها معي الكثير من الهدايا والكاكاو الذي تحبه كثيرا من هارودز خاصة كاكو اسمه Mozart-Herz’l.

أمام غرفة أخي توجد صالة منيفة تتوفر فيها العديد من المقاعد الوثيرة، وعندما ينام أخي أجلس فيها طويلاً حتى لا أزعجه وأقوم بقراءة بعض الكتب أو استقبل بعض ضيوفه في الخارج وأصرفهم بعد ما يشربون كاسة الشاي فقط لا غير. في أحد الأيام أخبرتني "ديبي" أن أحد الأمراء سوف يتم تنويمه في الغرفة المقابلة لنا وأنهم سيصلون الساعة الثانية ظهرا، من فضولي أتيت في اليوم التالي مبكرا وعندما دخلت المستشفى وفي الطابق الأرضي لمحت الفنانة سميرة توفيق جالسة وحيده في البهو، فغيرت من اتجاهي وتقدمت نحوها مباشرة وبدت لي جميلة وجذابة كما عهدتها منذ صغري، كانت ريانة العود بشكل يضفي عليها نوعا من الفخامة والوجاهة الملوكية، وترتدي فستانا خلابا زادها أنوثة وروعة اساسه أبيض ومحلى بصور لأوراق شجر برتقالية وصفراء اللون وأخرى وردية جذابة وحذاء بكعب متوسط كأنه مفصل على نفس لون الفستان، لن أتحدث عن نحرها ولا رقبتها لكي لا أقع في المحضور، بل أكتفي بوجهها الوضاح وحبة الخال الشهيرة وشعرها الأسود كسواد الليل المنسدل على عاتقها العريض وكحلها البدوي الذي أجزم أن ألف انجليزي قد بصق على زوجته عندما رآها في ذلك اليوم. أكمام فستانها كانت قصيرة فبدت يداها المكتنزتان جميلتان تأسر الألباب خاصة عند النظر لمعصمها الذي يزينه ساعة براقة ماركة BOUCHERON. حييتها وقلت لها سلامات يا ست الكل أنت تزورين أحد هنا أم تراجعين المستشفى، ردت بابتسامة مفعمة بالأنوثة وممزوجة بعطف الأمومة، الله يسلمك، بعيد عنك معدتي تعبانة بعض الشي، صار لي شي شهر ما بوكل إلا طعام مهروس، وبعمل فحوصات هون والشفا من عند ربنا. قلت سلامات والله، بس بصراحة إلي يشوفك يقول الناس كلهم عليلين وإنت الوحيدة الصحيحة، قالت شايف كيف، أنا بخبي آلامي داخلي، ضحكنا سويا ولم أتمالك نفسي وسألتها لما رأيت بساطتها وانفتاحها في الحديث، أش الذوق الراقي يا ست سميرة!! ساعتك جميلة كثير، قالت مقدمة والله، "بلهجتنا يعني تأمر عليها، أو تفداك"، هي الساعة أخذتها من هارودز أمس، أنت أول واحد تعجبه، قلت أكيد عليك بتطلع حلوة "القالب غالب يا ست الكل"، كانت الساعة مرصعة بالألماس واسمها BOUCHERON. لم ألبث أن ودعتها بعد أن تمنيت لها الشفاء وصعدت نحو غرفة أخي وبعد ما سلمت عليه وجلست معه بعض الوقت رجعت للصالة الخارجية وانتظرت الضيف العزيز إلي بيكون جارنا في المستشفى لمدة اسبوعين قادمين، بعد لحظات سمعت واحد يقول WHATS UP … WHATS UP…... WHATS UP، نظرت لمصدر الصوت واذا بي أرى رجل صعلوك رأسه ممغوط للأعلى ودقيق من الأسفل ويتشكل مثل حبة الفول من الأعلى، لكن عندما ركزت على ما يقول، أدركت أنه لم يكن يقول تلك الكلمة الانجليزية بل كان يقول، "وسع، وسع" يعني "درب، درب"، أي إفسحو الطريق، ويا للجهالة، كان يوجه كلامه للمرضات الانجليزيات إلي في الطريق لكي يفسحوا الطريق لسمو الأمير الذي كان يمشي الهوينا خلفه وبدا لي أنه طويل القامة وفي نهاية الأربعينات من عمره وسيم ومصفف شعره بعناية ويرتدي بدلة أنيقة بنية اللون وكرفته من نوع البوبيون التي تربط كورده في أعلى القميص ويرافقه نحو ثلاثة أشخاص وسرعان ما دلفوا إلى داخل الغرفة المقابلة لنا. جلست بعد ذلك وأنا أقرأ كتاب لعبد الله القصيمي أضن اسمه "العرب ظاهرة صوتية" واضعا قدمي اليمنى على اليسرى ومسترخي آخر استرخاء انتظارا لما ستحبل به الأيام من مفاجاءات من ضيفنا العزيز القادم لتوه ، وفجأة خرج نفس الشخص بتاع "وسع، وسع" ودنى مني إلى أن وقف فوق رأسي وتفرس بي لبعض الوقت ثم حول نظراته الخائبة نحو الكتاب الذي أقرأه، وتفرست فيه بدوري فبدا لي لون بشرته أبهصا كلون البرص (يسمى الوزغ أو أم صالح، حسب التساهيل) ومليئ بالنمش كأنه نمل يمشي على وجه، وحدقتا عيناه قريبتان من وسط أنفه لتزيده دمامة على دمامه، أما شعره فأحمر ومجعد كسلك غسيل الصحون، وبدون مقدمات ولا تحيات، قال نزل رقلك الأمير قاي، لم أرد عليه واحتراما للأمير غيرت من جلستي وعكستها فوضعت اليسرى فوق اليمنى في الاتجاه الآخر، ثم عاد وقال لي نزل رقلك التانية، ما ينفعش كدا، ثم أردف بتمادي، بلاش الكتاب ده دي الوقت، وكان حديثه أثناء خروج الأمير الذي جلس قبالي في المقاعد الموجودة خارج غرفته. عند هذا الحد قلت له يا محترم، ممكن تحل عن سماي "الصراحة قلت له كلمة ما أقدر أكتبها الآن، عشان كذا من هول المفاجأة فتح فمه بابتسامة يائسة وكأني أعطيته كف على قفاه، وسبحان الله، عندما فتح فمه كان أشبه بحمار يستعد للنهيق، ففي البداية فتح فمه فظهرت أسنانه الأمامية المطعجة، ثم ازداد فمه اتساعا فظهرت نواجذه وضحك بصوت متقطع أقرب للنهيق، فرميت الكتاب جانبا ودفعته من منكبه واتجهت لسمو الأمير تركي وحييته وتحمدت على سلامة أحد أفراد أسرته المنوم في المستشفى. كان سموه لطيف للغاية وبادلني السؤال عني وماذا أفعل هنا، فحكيت له الأخبار بالتفصيل، وسأل إن كنت في حاجة لشيء فشكرته على لطفه. كان "بريصه الأصفهاني" يراقب حديثنا وهو يتلون مثل الحرباء كلما نظرت إليه رأيت شكله يختلف عن النظرة الأولى، وانضم إلينا في الحديث وكنت قد وصلت للحديث مع سموه عندما سجلت في الكلية العسكرية بالرياض وكيف أني لم أتمم دراستي بالكلية حتى أرافق أخي، فشاركنا بالموضوع، وقال الحمد لله إنك ما سجلت "اصلو أنا لما كنت في الكلية الحربية بتاعتنا كنت بنط من فوق النار، وأزحف من تحت الرصاص، والطلاب بقى كلهم يغمى عليه من التعب، إلا أنا، دا الوزير كان بيقولي بس يا بريصه، بس يا بريصه، وأنا أقوله سيب يا وزير، سيب يا وزير دنا حكمل المشوار لحد ما أصل سينا" نظرت لسمو الأمير ورأيته يضحك من كل قلبه على الأراجوز بريصه وعرفت الآن وظيفة بريصة بالضبط، فهو لم يعدو سوى أرجوز ومصدر لتوسيع صدر سموه .


حدثت جاكو عن سميرة توفيق وعن ساعتها الجميلة في نفس الليلة، فتحمست جاكو للذهاب إلى هارودز والسؤال عن الساعة BOUCHERON، وفعلا ركبنا اليوم التالي الأندرقراوند من محطة البيزووتر وتوقفنا عند محطة هاي ستريت كنجنستون التي تبعد نحو 500 متر عن هارودز، وبحثنا عن الساعة حتى وجدناها في شباك أحد البوتيكات داخل المتجر العريق. دلفنا للمحل ورحب بنا البائع الأنيق ترحيبا ملوكيا، يحسبنا المسكين من زبائنه المترفين. سألنا عن الساعة فأجلسنا على مقاعد وثيرة وطلب لنا قهوة وكعكا لذيذا وأحضر مخدة سوداء جميلة مخملية بلون القط الشيرازي ولبس قفازات من حرير"لزوم النصب الراقي" ونحن ننظر لبعضنا البعض بزهو وضابطين دور أولاد الأكابر، ثم أتى بالساعة ووضعها بعناية فوق المخدة التي لو نمت عليها من طراوتها لما استفقت بعد مئة عام. بعد ذلك أضاء أربعة أنوار صغيرة موجهة نحو الساعة، وطفق يشرح لنا نحو ربع ساعة عن عدد الألماسات المطعمة بها الساعة ومن صممها وكم من الوقت استغرقت صناعتها ومن هو أباها وجدها وقبيلتها، ونحن نشرب القهوة بكل ثقة وهدوء ولم يبدو علينا الاستعجال أو أننا تورطنا بالسؤال، ثم أخبرنا بالمفاجأة الكبرى وهو سعر الساعة وكان 77 ألف باوند إسترليني فقط لا غير، يعني أكثر من 330 ألف ريال سعودي بسعر تلك الأيام، الآن بالتأكيد السعر أعلى بكثير. زطينا آخر قطعة من الكعك اللذيذ وأخبرناه بأننا سوف نفكر في الأمر "ونكلم دادي" ثم نعود له قريبا جدا وأعطيناه أرقام هواتف المستشفى خخخخخخ لأنها أول أرقام بدت لي عندما طلب المعلومات الخاصة بنا للاتصال للتأكد مما سنقرره لاحقا عندما نشاور داددددددددددددي، هيهيهيههيهيهيه يا دادي إلي بيدفع 330 ألف في ساعة ونص والحسابة بتحسب. يبقى قابلنا يا حبيبي، أنا لاقي أحلق عشان أشتري ساعة ب 330 ألف ريال ، بس والله تستاهلين أكثر يا سميرة توفيق ومثل هالساعة ما صنعت إلا للناس إلي مثلك إلي يستاهلون كل غالي ونفيس.


في يوم لاحق كنت أزور المريض الذي كان مع سمو الأمير وعندما نويت الخروج أعطاني سموه رسالة في ظرف مغلق لا تحمل أي عنوان، فكرت إنه يبغاني أرسلها بطريقي بالبريد، فتساءلت "نسيت تحط العنوان يا طويل العمر؟!"، ضحك وقال لا هذي الرسالة لك حط عليها عنوان بيتك، خخخخخخ.. خرجت وبريصه يراقبني وفشخ فمه فشخة بدون صوت، كتامي هذه المرة وكأنه فقد القدرة على الكلام, وذهبت من فضولي لدورة المياه وفتحت الرسالة وهالني ما رأيت في الرسالة، كانت محشوة برزم جنيهات من فئة الخمسين باوند، حسبتها فطلع المجموع خمسة آلاف باوند ، وأدركت عندئذ بأنها هدية من سمو الأمير، رحت طاير لأخوي وقلت له تعال شوف الأمير أعطانا هديه خمسة آلاف باوند، يا كثر الفلوس إلي عندنا الحين وصرت أقوله مثل سعد الفرج "بسنا فلوس، بسنا فلوس"، البطانية في مخزن الشقة انترست فلوس، والحين خمسة آلاف، يا ساتر، بيد أن أخي لم يكترث للفلوس وأبدا عدم رضاه وأعطاني مثل لم أنسه للأن "أعطى الأمير ما لا يملك إلى من لا يستحق"، قلت شلون يعني نردها له، والله فشيلة ما أقدر، أصلا لو شفته كيف فرحان وهو يعطيني كأنه هو إلي محصل المبلغ، رد علي وقال ماني ما خذ منها شي أنت بكيفك، رجعت وقلت مافيه إلا بريصه الأصفهاني هو إلي بيحلها، استنيته لما طلع وناديته بريصه، بريصه، تعال أبيك بخدمة، تقدر تساعدني وترد الظرف لسمو الأمير وتعتذر منه إنا مقدرين له كرمه بس لو يعطيها أحد يستحق أكثر منا يمكن أفضل، ابتسم بريصه ابتسامته المعهودة لكن بصوت أقرب لفحيح الأفعى هذه المرة، الظاهر لكل حالة عنده نغمة خاصة في الضحك، وقال "برافو عليك يا واد يا نديم، أنت كدا عشرة على عشرة، حتكبر كتير أقوي في عين الأمير، ويعرف إنك مش بتاع فلوس"، قلت الحمد لله طمنتني والله خفت إنه بيزعل منا إذا رديناها. وبينما أنا أتحدث مع بريصه عن ترجيع الفلوس وإذ بمفرزة من قوات الشرطة الخاصة المسماة سكوتلانديارد تسرع نحو الباب الذي يوجد به المريض من عائلة سمو الأمير فتدفع الباب بعنف وأنا وبريصه نرقب المنظر بدهشة كبيرة ، حاول بريصه من هول الصدمة والخوف أن يتسلل بخفة ويلوذ بالفرار وسط الزحمة والربكة فدعست على قدميه حتى لا يتحرك ولاحظت أحدى الشرطيات أنه يحاول الهروب وقالت له YOU ARE GOING NOWHERE ، أي إبق مكانك ولا تغادر البتة. كان يبدو على سمو الأمير الهدوء التام وهو يضع رجلا على رجل ولم يتحرك من مكانه ولم يعلق على الطريقة المشينة التي داهمت بها الشرطة غرفة المريض في المستشفى، وكان في تلك اللحظات السفير المصري متواجدا لزيارة سمو الأمير في نفس الغرفة، فقام من مكانه وعرف بنفسه واستنكر الذي يجري، رد عليه الضابط بأن هذا موضوع لا يخصه من قريب أو بعيد كسفير، وأوضح الضابط بأن هنالك بلاغ بوجود أسلحة خطيرة في هذه الغرفة، ابتسم سمو الأمير وأخرج لهم بهدوء الهدية التي أتى بها لأبنه وهي عبارة عن لعبة رشاش تفحصها البوليس بدقة وهم في غاية الإحراج فأكتشفوا الخطأ الكبير الذي وقعوا فيه واعتذروا بأشد أنواع الاعتذار ولم يسلموا من تقريع السفير المصري الشديد لهم، وعند هذه النقطه هاج وماج بريصه بعدما شعر بالأمان وقال سبهم لي يا سمو الأمير دنا حخرب بيتهم، إزاي يتقرأو يعملوا كدا هي سايبة وإلا سايبة، أنا حا أخذ حقك منهم، دنا هرد لهم الاهانة الي ما ينسكتش عليها، قاله الأمير بكل برود انثبر، رد بريصه "حأنسبر إن شاء الله.

وفي اليوم التالي شرح لي بريصة خلفيات القصة وهي أن الممرضة الخاصة بهم والتي كانت تستلم بخشيشا 200 جنيه كل صباح، لاحظت الهدية التي أحضرها سمو الأمير لابنه فحسبت أنها رشاش حقيقي فبلغت البوليس، وكانت تلك السنة هي السنة التي قتلت فيها الشرطية البريطانية ايفون فليتشر اثناء مظاهرة امام السفارة الليبية في لندن برصاصة قالت السلطات البريطانية وقتها انها اطلقت من داخل السفارة الليبية والتبس الأمر على الممرضة التي كانت تشك في كل العرب ولا تفرق بين ليبي أو سعودي أو مصري.

عرفت بريصه على أخي المريض لعله يسري عنه بنكته المتواصلة وبشلخاته التي تهتز لها الجبال وعندما رأه أخي يضحك بطريقة غريبة وكأنه ينهق وينقطع نفسه شك بأن به مس من الجان وقال له سوف أرقيك لعلك تشفى يا بريصه، ما قولك؟، أجاب بريصه، لك ما شئت يا مولانا وسلم ناصيته لأخي وبدأ يقرأ عليه المعوذات وينفث عليه ضاغطا على ناصيته وقابضا على شوشته الحمراء في نفس الوقت، ويبدو لي أن أخي قد ضغط عليه أكثر من اللازم، فتضايق بريصه وبدأ يتململ ذات اليمين وذات الشمال وتصدر عنه حشرجة وكأنه يريد أن يعض يد أخي التي تسحب شوشته، فحسب أخي أن المارد هو الذي يتململ وأنه سوف يخرج لا محالة، فقال أنطق، تحدث قل من أنت، من أنت، أنطق،،،،أنطق أيها الجان، لماذا تلبست بعبد الله بريصه الأصفهاني، حلفتك بالله أن تنطق فمن أنت، رد بريصه المسكين بصوت يكسر الخاطر، أنا بريصه يا مولانا...خخخخخخ، فضرب أخي صدره بقفا يده ونفث في صدره وقال داوم على الإذكار تشفى باذن الله يا بريصه. عدنا على المقاعد وتمدد بريصه وهو يتنفس الصعداء، وسألني إيه الإذكار يا عم نديم، وشرحت له إذكار الصباح والمساء، قال مش لما نصلي بالأول، قلت له يعني ما تصلي يا بريصه، حسبي الله عليك، الله يهديك بس. نام أخي قرير العين بعد أن قرأ على بريصة وأتت "ديبي وتطمنت على المغذي والأدوية المحقونة بوريده، وغطته بالبطانية وأتت عند قدميه وغطتهما وكان فوق قدمي أخي تلفاز معلق بالسقف يرتفع نحو نصف متر فوق رجليه وبعدما انتهت "ديبي" من تغطية قدميه رفعت جسمها وانتصبت فاصدم رأسها من الخلف بالتلفاز وهوت مغمى عليها فتلقفتها بين يدي ومددت جسمها على الأرض وحاولت أن أعطيها اسعاف سريع CPR، مع تنفس صناعي سريع تعلمته في ثانوية الخليج في الدمام!!! ، نعم شكلي قلت شيء غلط، معقولة في ثانوية الخليج، قصدي في مدرسة اللغة الانجليزية في لندن، ولاحظت بريصه يتسلل بخفة من خلفي وتوقعت أنه يريد الهرب مرة أخرى فحنقت عليه كيف يتركني هذا الأرجوز في هذه اللحظات العصيبة. لكن بينما أنا مشغول بإعطاء "ديبي" قبلة الحياة انفجرت ضاحكة في وجهي وكأنها هي التي خرج منها المارد وليس بريصه، كانت تضحك لأن بريصه الحمار عندما تسلل من خلفي ذهب مباشرة للهاتف ودون احساسي به لهول الموقف واتصل بالطوارئ 999 وطلب سيارة اسعاف ولما سألته الشرطه عن العنوان أعطاهم عنوان المستشفى، يعني بريصه حبيب قلبي كان يطلب اسعاف يجي على عنوان المستشفى عشان نركبه وناخذ لفه على الكورنيش وبعدين نرجع لنفس المستشفى لتلقي العلاج!!!!!! ، لكنه بغباءه الشديد كشف خطة "ديبي" الجهنمية من حيث لايدري، فهي لم تكن مغمى عليها حقيقة، ولكن عملت التمثيلية لحاجة في نفسها، بيد أن حظها العاثر أوقعها مع بريصة المشؤوم وأكلت علقة خفيفة على علباها طلعت أكثر من بيع السوق.


بعد أن أنهى مريض بيت سمو الأمير فترة العلاج في المستشفى خرجوا بالسلامة فودعتهم وحزنت والله لفراقهم لأنهم ملؤوا الجو حركة في المستشفى وآنسوا وحشتنا وبيني وبينكم حبيت بريصة من كل قلبي وحسدت الأمير على وجود رجل مثله معه يسري عنه بعفويته ونصبه وضحكته الحمارية. وعندما غادر الأمير ودعني بكلمات رقيقة ولهول المفاجأة أعطاني رسالة جديدة وهو يضحك وقال إنت عارف العنوان زين المرة هذي صح،،،ترددت وقلت صح يا طويل العمر شكرا لك من أعماق قلبي، وأسرعت إلى نفس التواليت وفتحت الظرف وحسبت الفلوس الموجودة وجدتها 8 آلاف جنيه هذه المرة، أكثر من المرة الأولى، حسبي الله عليك يا بريصة الأصفهاني شكلك لطشت الخمسة ألاف باوند وما رجعتهم للأمير.

يتبع



بعدين بقلكم كيف بريصة استقبلني في مصر في مدينة الشيخ زايد وكيف أكرمني وكيف تحول إلى رجل درويش لا يفارق المسجد وبتاع ربنا على قولة أخوانا المصريين


الساعة الآن 11:52 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق الأدبيه والفكرية محفوظة لشبكة قحطان وعلى من يقتبس من الموقع الأشارة الى المصدر
وجميع المواضيع والمشاركات المطروحه في المجالس لاتمثل على وجه الأساس رأي ووجهة نظر الموقع أو أفراد قبيلة قحطان إنما تمثل وجهة نظر كاتبها .

Copyright ©2003 - 2011, www.qahtaan.com